الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والجيش والسياسة .. في إسرائيل ( 1 )

أحمد فاروق عباس

2023 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الاضطرابات والقلاقل السياسية والاجتماعية والدينية تتواصل في إسرائيل ، آخذة معها الدولة العبرية إلى طريق مسدود ، توقعه لها كثيرون منذ إنشاء تلك الدولة غريبة الأطوار ..
فالفرق والأحزاب الدينية تريد السيطرة على الجهاز القضائي في إسرائيل ، ومن ثم صبغ الحياة كلها فى إسرائيل بصبغة دينية متزمتة ، ووراء الفرق والأحزاب الدينية نصف الشعب الإسرائيلى تقريبا !!
والفرق والأحزاب العلمانية تتصدى لتلك المحاولات ، وتتحدث عن الديموقراطية الإسرائيلية التى أصبحت على المحك !!
ووراء تلك الفرق والأحزاب العلمانية النصف الآخر من الشعب الإسرائيلى !!
فما هى أصول المشكلة في إسرائيل ؟!
اليهودية السياسية ( المعروفة بالصهيونية ) أحد منتجات الغرب فى الدمج بين الدين والسياسة ، وقد جربها في كل الأديان الكبرى .. اليهودية والمسيحية والإسلام ..
واليهودية السياسية ( أو الصهيونية ) هى استعادة لمجموعة من الخرافات القديمة ذات الطابع الدينى وإقامة دولة حديثة على أساسها ..
والدول القائمة على اساس دينى دول هشة بطبيعتها ، فهى قائمة على مجموعة من المطلقات والمقدسات غير القابلة للنقاش أو الجدال ، فالنقاش والجدال ممكن أن يمس الأسس التي قامت عليها الدولة ذاتها ..
والأديان لا تناقش ، ولا يتم الإختلاف حولها ، بل يتم الإيمان بها والتسليم لها ..
والدين هنا كما هو عامل وحدة هو أيضا عامل تفرق وتمزق ، فالاراء داخل الدين الواحد متعددة ، ومن الممكن أن تصبح الفرق الدينية فرق سياسية ، تأخذ خلافاتها الدولة الى التمزق أو الحرب الأهلية ..
هنا يكون الجيش - والجيش وحده - هو عامل الوحدة والتماسك في الدولة ، وخصوصا لو كان للدولة اعداء خارجيين يوجه إليهم الانتباه ، وإلى كراهيتهم فائض المشاعر ، وبالتالى يكون الصراع معهم عامل وحدة إضافية في بلد مقسم فى أسس حياته العميقة ..
وهو ما حدث ويحدث فى إسرائيل بالضبط ..
دين قديم تم إخراج بعض نصوصه من الكتب الصفراء القديمة ، والباسها ثوبا سياسيا حديثا ، ليجمع اليهود من أنحاء العالم فى منطقة شديدة الأهمية للغرب ، بحيث تكون الدولة الدينية اليهودية الجديدة أداة الغرب فى السيطرة علي تلك المنطقة وضبط تفاعلاتها ..
وجيش هو عامل الوحدة الوطنية فى بلد يمكن أن تأخذه الاختلافات الدينية والسياسية إلى التمزق والضياع ..
وكمظهر على التمزق الشديد فى الحياة الدينية والسياسية في إسرائيل ، فإن الدولة الصهيونية نظمت خمسة انتخابات منذ ٢٠١٩ .. أى خلال أربع سنوات فقط !!
ويبدو أن السادسة على الأبواب ..
وفى كل مرة لا تحل الإنتخابات المشكلة ، وينشأ عنها ائتلاف حكومى ضعيف !!
فالإنتخابات - والديموقراطية - لا تحل مشاكل الوجود للدول ، مثل دور الدين فى السياسة ، ومكانة الجيوش فى بنية الدول ..
لكن الشعوب - من المفروض - أن تحسم الأمور الكبرى فى حياتها قبل أن تذهب إلى الديموقراطية ..
فالديموقراطية وسيلة لتنظيم الجدل السياسى والاقتصادى في بلاد يتفق سكانها على أسس حياتها ، وليس هناك اختلاف فى هذه الأسس ذاتها ، فهنا من الممكن أن تصبح الديموقراطية أداة تمزق أو انقسام الدولة ..
وما حفظ وحدة إسرائيل - حتى الآن - في ظل كل عوامل التمزق والتفرق في بنية الدولة الإسرائيلية عاملان :
١ - الجيش الإسرائيلى .. ودوره في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل شديد الأهمية ، وسوف نتحدث عنه بالتفصيل ..
٢ - أمريكا وأوروبا .. فهم من أنشأ إسرائيل ، وهم من يمدها بكل أسباب البقاء والحياة ، والحياة السياسية في إسرائيل مربوطة بخيوط قوية بالغرب ..

وليس صحيحا أبدا أن الصهيونية أو اليهود هم من يحكمون أمريكا والغرب كما يروج لذلك كثيرون ، خاصة فى العالم العربى ، فالصهيونية أداة صغيرة من أدوات الغرب فى سياسته ، في منطقة واحدة من مناطق العالم ، هى منطقة الشرق الأوسط ..
وإسرائيل دولة وظيفية ، ليس لها حياة أو مستقبل بدون دعم الغرب المالى والتكنولوجي والعسكرى ..
إسرائيل تواجه أسئلة الوجود ، وهى أسئلة لا ينفع فيها نجدة الغرب لها كما يفعل دائما فى حروب إسرائيل وصراعاتها ..
ربما يؤخرها أو يؤجلها بعض الوقت ، لكن لا يلغيها ..
وربما سيكون ذلك هو مقتل إسرائيل ..
فما تفعله إسرائيل بنفسها - كدولة وظيفية مصطنعة - ربما يثبت أنه أكثر ضررا بمراحل من كل حروبها وصراعاتها مع العرب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا