الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراد حنبلي، ناشط سياسي يتحدث عن قضية متابعة برلمانيين متورطين في -الفساد الانتخابي- بالمغرب

مصطفى عنترة

2006 / 10 / 21
مقابلات و حوارات


1ـ ما هي قراءتكم للمبادرة التي أقدمت عليها الدولة في محاربتها للفساد الانتخابي من خلال متابعة مجموعة من المستشارين في الانتخابات الجزئية ؟

أود أن أشير في البداية أن الاستحقاقات الانتخابية هي محطة تعبر من خلالها كل أمة على مدى درجة ترسيخ قيم الديمقراطية والشفافية والنزاهة بين أفرادها. فهي بقدر ما تعطي صورة واضحة على التنظيمات السياسية من خلال برامجها ومستوى تواصلها مع الناخبين بقدر ما تعد مرآة لتحديد مستوى نضج هؤلاء ومدى تشبثهم في التعريف بآرائهم وتقديسهم لإرادة التعبير عن مواقفهم.
لذلك أجد أنه من غير المجدي التبجح من خلال الخطابات والتظاهرات سواء منها الرسمية أو الحزبية بالخطوات الجبارة التي تم قطعها في المسار الديمقراطي، حين نجد أنفسنا أمام مهزلة الثامن من شتنبر الأخير الكارثية بكل المقاييس. فلا نبالغ إذا تحدثنا عن انتكاسة شبيهة بأحداث 16 ماي ومخلفاتها السلبية. وأود اغتنام هذه الفرصة لتوجيه التعازي الخالصة لكل الديمقراطيين الذين حلموا وحملوا أمل بناء مغرب ديمقراطي وحداثي أمام هذا التراجع المخيف والذي يصعب التنبؤ بمآله إذا ما استمرت مختلف القوى الحية ومكونات المشهد السياسي (الحكومة،الأحزاب،النقابات...) في الضحك على الدقون.
وهنا يمكننا أن نستفسر أو أن نقرأ على حد تسائلكم السياق الذي جاءت فيه مبادرة الحكومة غير المسبوقة والمفاجئة من خلال الطعن في مجموعة من المستشارين البرلمانيين ؟ والى أي حد يمكن أن تذهب الحكومة في هذا الإجراء؟ ولماذا انتقاء هذا العدد المحدود حين يعلم الجميع أن عملية تجديد ثلث مجلس المستشارين قد عرفت استعمال المال الحرام في جميع الجهات دون استثناء؟ وماهي الاهداف المتوخاة من هذه المبادرة ؟
تلكم مجموعة من الأسئلة التي يصعب الإجابة عليها بشكل مستفيض في عدم وضوح النوايا الحقيقية للدولة من جهة ولكون هذه المتابعة ما زالت في بداية أطوارها، وبالتجربة عشنا أطوارا مماثلة في ملفات أخرى للفساد خيبت آمال المغاربة. لذا وجب توخي الحيطة والحذر وعدم الإفراط في التفاؤل. لكن هذا لا يمنع من تسجيل امتناننا العميق لأصحاب هذه المبادرة الجريئة التي تعتبر منعطفا نوعيا في المشهد السياسي المغربي وفي دور الحكومة خلال الاستحقاقات الانتخابية من خلال ممارستها للحياد الايجابي ولو انه جاء متأخرا شيئا ما.
ومن الأكيد ومهما كانت نتائج هذه المبادرة فلا يسعنا مرة أخرى إلا تثمينها لأن تأثيرها سيكون لا محالة ايجابيا على الاستحقاقات المقبلة.

2 ـ هل تعتقدون أن الإجراءات الزجرية لوحدها كفيلة للحد من عملية إفساد الانتخابات؟

لا اعتقد ذلك، فالإجراءات الزجرية هي جزء فقط من مسلسل الحد من إفساد العملية الانتخابية والذي يأتي فقط في آخر المطاف بعد فشل كل الإجراءات الضرورية الكفيلة بضمان نزاهة الانتخابات.
فنجاح كل مسلسل ديمقراطي رهين بتحمل كل فاعل على حدا لمسؤولياته داخل المشهد السياسي. فأي دور ستلعبه هذه الإجراءات الزجرية حين تتنصل معظم الأحزاب من مسئولياتها الوطنية حيث تلهث وراء المقاعد والمواقع بدل التباري بالبرامج والمشاريع، مما يفرض عليها التخلي عن اختيار من هم أجدر بتحمل أمانة الانتداب النيابي ومحاباة أصحاب رؤوس الأموال والتي تحوم شكوك حول مصادرها ومساراتها. والخطير في الأمر أن العدوى انتقلت إلى صفوف النقابات وانتخابات ممثلي المأجورين التي لم تسلم هي الأخرى من شراء الذمم واستعمال المال الحرام، وهذا ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر مطالبين الأحزاب والنقابات القيام بدورها وتحمل مسئولياتها الدستورية في تأطير المواطنين واختيار من هم أجدر لتمثيلهم، من أجل تشكيل نخبة سياسية مؤهلة وقادرة على تحمل أعباء تسيير الشأن العام، وهو ما نفتقده اليوم وبكل صراحة في النخبة السياسوية. فمن المؤسف أن نرى اليوم القيادات السياسية لمعظم الأحزاب تهمش مختلف الأطر والمناضلين، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، والذين ضحوا من أجل أن يصل المغرب إلى ما ينعم فيه اليوم من منجزات سياسية واجتماعية، وتتهافت، من أجل ضمان أكبر عدد من المقاعد، وراء استقطاب أصحاب الشكارة، الذين يفتقدون للتجربة السياسية الضرورية لتسيير الشأن العام، ولا يهمهم سوى حماية مصالحهم الشخصية، ضاربين بعرض الحائط تاريخ ونضال مختلف القوى الحية لتلك الأحزاب.
في نفس الوقت على الحكومة تحمل مسؤولياتها كاملة وليس انتظار كما يقال" أن تقع الفأس في الرأس "لتلجأ للتدخل عبر طعون منتقاة لا ندري بعد مصيرها ومآلها.
كما نود هنا أن أشير إلى الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في ترسيخ أسس مسار ديمقراطي نزيه وشفاف ومحاربة كل الانحرافات.

3 ـ ما هي طبيعة الإشارات التي تريد الدولة إرسالها إلى الأحزاب السياسية؟

يصعب التكهن في الوقت الحاضر بالإشارات التي تريد الحكومة إرسالها إلى الأحزاب السياسية في انتظار التطورات التي ستعرفها عملية الطعون. فكما أشرت من قبل فنحن في حالة انتظار وترقب، لأن آمال المغاربة قد خابت أكثر من مرة في مجموعة من ملفات مشابهة تهم الفساد المالي والاقتصادي. لكن هذا لا يمنع من تسجيل ارتياح مختلف مكونات المجتمع المغربي لهذه المبادرة غير المسبوقة في المجال السياسي، وهذا في حد ذاته إشارة إلى عزم الحكومة وتأكيدها على نيتها في المضي قدما في الإصلاح الديمقراطي وأن الأمر يتعلق بمسلسل لا رجعة فيه، وتلك إشارة أخرى للأحزاب قصد تحمل مسئوليتها في مجاراة ومواكبة الحكومة في مسيرتها وبتفادي الصراعات الجوفاء والعميقة كما كان الشأن مباشرة بعد انتخابات 2002 حول من له الأحقية في تحمل أعباء الوزارة الأولى، لذا كان على الأحزاب الاستفادة من ذلك الدرس وتلك الإشارة المبكرة لتستعد بشكل جيد لانتخابات 2007. لكن للأسف الشديد ونحن على أبواب تلك الاستحقاقات وأمام المهزلة التي عرفها تجديد ثلث مجلس المستشارين ، اتضح أن الأحزاب ما زالت غارقة في مناقشاتها البيزنطية، و هو ما يجعلنا نعتبر هده المبادرة بمثابة صعقة كهربائية لها من طرف الحكومة لتفيق من سباتها. وأعتقد أن عليها قبل كل شيء تقديم اعتذار جماعي للشعب المغربي لطي صفحة الفساد الانتخابي و المصالحة مع الذات، و تلك خطوة أساسية في تصحيح مسارها.

4 ـ كيف تجاوبتم كناشط سياسي مع هذه الخطوة التي أقدمت عليها الدولة ؟ وكيف تتوقعون انتخابات 2007 ؟
ككل المغاربة لا يمكنني إلا أن أرحب بهذه الخطوة الغير مسبوقة والمفاجئة للجميع خاصة بعد ما عرفته الانتخابات الأخيرة من مهازل يندى لها الجبين و لا تشرف بلدنا بتاتا.
بالمقابل لا يجب أن نفرط في التفاؤل، فكما قلت يجب انتظار مآل هذه الإجراءات و انتظار ردود أفعال الفاعلين في الحقل السياسي. وإذا ما تم توظيف هذا الحدث بشكل جيد فمن الأكيد أنه سيشكل منعطفا حقيقيا وهنا أرد على الشق الثاني من سؤالكم حول التوقعات المنتظرة لانتخابات 2007 و التي تبقى رهينة بشكل وثيق بمصير الأحداث والتطورات التي ستعرفها هذه المبادرة، من خلال التساؤل إلى أي حد ستذهب الحكومة في متابعتها للمتهمين باستعمال المال الحرام ؟ ومن خلال وقع هذه المبادرة على الأحزاب ومدى استيعابها للإشارات التي تريد الحكومة إرسالها.
ولنبقى متفائلين خاصة بعد تأكيد صاحب الجلالة في كلمته أمام البرلمان في افتتاح الدورة الأخيرة بحث الحكومة على " مواصلة العمل على توفير الضمانات لإجراء انتخابات حرة و شفافة و نزيهة و على تأمين شروط المنافسة الشريفة بالتزام الحياد الايجابي في مختلف مراحل العملية الانتحابية و التصدي إلى كل الخروقات".

5 ـ خلفت هذه المبادرة ارتفاع مجموعة من الأصوات المطالبة بإلغاء الغرفة الثانية، كفاعل سياسي و جمعوي ما رأيكم في هذا الطرح؟

ذلكم خطاب ديماغوجي محض تلجأ إليه مجموعة من الأحزاب في ظرفيات معينة كما هو الشأن حين تطالب من حين لآخر بالإصلاح الدستوري. فليس هناك ارتباط بين الفساد الانتخابي ووجود الغرفة الثانية. صحيح أن الغرفة الثانية جاءت في ظروف سياسية معينة وفي سياق تاريخي معين لتؤدي وظائف دستورية معينة. لكن الظروف قد تغيرت و تطورت مما يستوجب معه التفكير في ملائمة وظائف المؤسسات الدستورية لحاجيات و انتظارات المواطنين. وهذا أمر طبيعي من خلال القيام بإصلاح دستوري تتحدد فيه صلاحيات كل من الجهازين التنفيذي والتشريعي فبدل الحديث عن إلغاء الغرفة الثانية، وجب التركيز على مناقشة مراجعة تركيبتها وهيكلتها وكذا إعادة صياغة دورها ووظائفها. فيجب أن لا ننسى أن أعرق الديمقراطيات تتوفر على برلمان بغرفتين. والدول التي اختارت ذلك النظام التشريعي في تزايد مضطرد. لهذا فالمسألة ليست في تواجد الغرفة الثانية من عدمه بقدر ما هو تحمل كل الفاعلين السياسيين لمسؤولياتهم الوطنية ومشاركتهم في بلورة إصلاح دستوري يحدد بوضوح حقوق وواجبات مختلف المؤسسات الدستورية و تفعليها بشكل إيجابي كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي حتى يتسنى للجميع الانخراط في مسلسل ديمقراطي حداثي يسمح للمغاربة التصدي للرهانات الكبرى الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة