الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيّتها التلفزة الوطنية عُودِي...لقد انتهى زمن السّفاهة و التفاهة

كريمة مكي

2023 / 3 / 28
الادب والفن


إنّه زمنُ التِّيهِ في تونس ما بين رحيل بن علي... و قدوم قيس سعيد.
و إنّه لَزَمَنٌ سيئ و تافه و مُنحط أساسه الإثارة الفضّة الغليظة التي تهدف إلى تقويض الإنسان من الدّاخل.
صورة ذاك الزمن تجدونها في ʺفكرة سامي الفهريʺ التي يُكرّرها علينا باستمرار ليُغطّي على سرقاته المفضوحة لأفكار غيره في كلّ أعماله التلفزيونية.
أمّا فكرته الحقيقية و الوحيدة التي يُخفيها فهي سعيه الحثيث في تحطيم الشباب و الأجيال الناشئة عبر الولاء التام للمنوال الغربي الموبوء و الفاشل في النظام الأسري و الاجتماعي فلا يكاد يرى المشاهد لأعماله إلّا الخديعة و الخيانة و القتل و الدّماء و الكلام الفاحش في إطار باذخ، مُلوَّن و بَرّاق.
إنّها فكرة مبنية بدهاء على التلاعب بالغرائز البهيمية للنّاس لجعلهم عبيدا لدى تجّار الجنس و المخدّرات.
ما الفرق بين ما فعلوا و يفعلون و بين ما فعلته داعش؟؟؟
هم تماما مثلها، فالمُدبّر واحد، ها هم يأخذون الجيل الجديد من أُسرهم و مجتمعهم فيستعملونهم حسب ما يُخططون ثم يرمونهم أشباه جثث في مراكز الإدمان أو في المصحّات النّفسية و العقلية.
أذكر أنّي التقيت مع السيّد سامي الفهري سنة 2016 في سهرة رمضانية أقامها لتكريم فريق قناته بمناسبة الانتهاء من تصوير أعمال رمضان لذلك العام. و قد حضرت السّهرة بعد إلحاح كبير من أحدهم و كان قريبا لي، ذلك أنّي عدوّة لدودة للسّهرات من هذا النّوع.
خلال السّهرة و في توقيت بث مسلسله، كانت زوجته التي تجلس بجانبي تتحدّث في الهاتف ثم أغلقت الهاتف و قالت لزوجها، الذي كان في الطرف الآخر من الطاولة، و بصوت مسموع لجميع الحاضرين: يا سامي... الآن ʺصلامبوʺ فارغة تماما: أمّي تقول: لا أحد في الشارع الآن...كل شيء مغلق حتّى المقاهي.
تصوّرته لوهلة انقلاب...اليوم هو الأوّل من رمضان و للنهضة* مع ʺالباجيʺ** مخطّطات...و قد تكون هذه إحداها!!
لم يَطُل تخميني و وجدتها تواصل كلامها في انشراح: الشارع كلُّه فارغ...الكلّ يُتابع المسلسل!!
التفتَ لها و كان مشغولا بالحديث مع السيّد الهادي زعيّم مقدّم برنامجه: ʺفكرة سامي الفهريʺ و قال لها، بملامح متعبة و بابتسامة ماكرة مزهوّة: ʺو هل كان عندك شكّ حضرة الرّئيسة المديرة العامة للقناةʺ!!
إذن هو مسلسله الذي أفرغ ضاحية ʺصلامبوʺ من رُوّادها فَخَلاَ شارعها الرمضاني المزدحم من روّاده و كذلك قد يكون فعل في كلّ شوارع تونس...إنّه والله لَمسلسل بمفعول انقلاب.
عجبي...
لم أكن متابعة لمسلسلاته، تابعتُ شيئا من مسلسله الأوّل ʺمكتوبʺ و لم أجد نفسي فيه فهجرته كما أهجر عادة كلّ الأعمال المزيّفة و المنمٌقة بأحدث الديكورات و السيارات و بِعُري البنات.
و لكني في المقابل كنت أقرأ ما يُكتب عنه و ما يقوله هو عن نفسه لأفهم دوافع هذا الذي جعلته الأيّام البائسة متحكّما في توجيه هذا الجيل المسكين إلى ثنايا و مَطبّات مُهلكة.
أتذكّر أنه في نهاية السّهرة و عندما سلّمت عليه و أنا أهُمّ بالخروج قلت له: إنك أمام مسؤولية عظيمة في توجيه الشباب.
لا أتصوّر أنّه فهم قصدي أو السّبب فيما قلت فهو لم يراني إلاّ يومها.
ابتسم و طاطأ رأسه كالخجلان- و كأنّه ظنّه مدحا- و قال لي: ʺمِرسي مدام...مرسي مدامʺ.
كان شاهدا على الموقف وقتها شخصان أحدهما الصحافي ʺنوفل الورتانيʺ الذي أثق بصدقه. ربّما يتذكّر ذلك الموقف فيؤكّد كلامي و لأني أعتبره الوحيد الصادق من جماعة ʺسامي الفهريʺ سابقا، فإنّي أتمنّى أن ينتبه لموهبته التي خَصَّهُ الله بها فلا يُهدرها في توافه الأمور، و أرجو أن لا يُفكّر فقط في العوائد المالية و نِسَب المشاهدات فهذه مجرّد أرقام تصعد و تنزل في لحظات، أمّا ما يدوم حقّا فهو ما يستقرّ في القلب من كلّ عمل فيه حبّ و صدق و إخلاص.
هل رأيتم اليوم من يُعيد مشاهدة مسلسلات ʺسامي الفهريʺ بعد مرور رمضان من كلّ عام؟؟؟!
إنّها سلعة للإستخدام الواحد و للإلقاء في المزبلة، ذلك أنّها تنبني فقط على الإثارة المفتعلة التي تمّحي بمرور اللّقطة التي يسبقها تشويق و تسويف.
مسلسلات تُشاهدها بقلب خائف من اللقطة الآتية ليست فنّا بل تجارة خبيثة فاسدة و مُفسِدة.
سلعة سامي الفهري موضة و انتهت...
إنّها تتطاول على عمرها الافتراضي فَدَعُوها تختار بنفسها طريق المزبلة و اهجروها فورا إلى الأعمال الحقيقيّة و ساندوا، و بشراسة، القناة الوطنية، ليس فقط لأنّها وطنيّة، بل لأنّها الأمّ التي لا تُؤذي أبناءها.
أتمنّى من كلّ المبدعين الصّادقين، و منهم نوفل الورتاني، أن ينضمّوا إلى القناة الوطنية و التي ستعود قريبا هي البيت لكلّ بيت يفتقد لحنان الأمّ و يشتاق... لِأَمَان البيت.



*النهضة: حركة النهضة الإسلامية.
** الباجي:الرئيس التونسي الرّاحل محمد الباجي قايد السبسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا