الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همسة رمضانية (7): المشاحن (سيء الخلق)

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2023 / 3 / 29
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


لا يوجد شك في أن العالم يحتوي على الكثير من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية وسلوكية، ومن بين هؤلاء الأشخاص هناك من يتعمد التصرف بطريقة سيئة ويستخدم الاستفزاز والوقيعة والتحريض والسب والقذف والسخرية والإساءة للآخرين على الإنترنت وفي الحياة الحقيقية، بشكل يؤدي إلى إيقاع الضرر بالآخرين وتشويه سمعتهم ومكانتهم..ومن بين هؤلاء الأشخاص السيئين الخلق والمشاحنين والفاجرين هناك من يتعمد القيام بكل هذه الأعمال السيئة والخبيثة، ويبدو أن هؤلاء الأشخاص لا يريدون سوى إيقاع الضرر والأذى بالآخرين بسبب اضطرابهم النفسي ونظرتهم السوداوية للحياة وعدم قدرتهم على التكيف مع الناس..

إذا كنت تعرف شخصًا مشاحنًا فاجرًا، فأنت تعلم يقينا أن العيش بجانبه يمكن أن يكون عذابًا حقيقيًا!! إنه يجعل الحياة صعبة (كابوس) لكل من يتعامل معه أو يقترب منه، ويسعى جاهدًا لإثارة الفتنة والتحريض على الناس ضد بعضهم البعض مستخدما حيله القذرة وألاعيبه الشيطانية البغيضة؛ فهو يسخر من الآخرين بشكل طفولي (غير ناضج) وغير متحضر، ولا يهتم بأي شيء سوى إرضاء نفسه وتحقيق أهدافه الشخصية ورغباته المريضة، معتقدا - بسبب نرجسيته البغيضة - أنه مركز الكون وأن كل ما (ومن) حوله يدور في فلكه..

تخيلوا وجود هذا الشخصٌ السخيف (الفاجر) في حياتكم الذي يتعمّد إفساد المزاج وتدمير السلامة النفسية لمن حوله، ونشر مناخ ملوث (غير صحي) يتنفس فيه الناس الهواء الملوث بالنميمة.. شخصٌ (كاره لنفسه) يتحدث بألفاظٍ خارجة وغير لائقة، ويقذف الناس بأبشع الاتهامات، ويتعمّد إثارة الفتنة بينهم وتأجيج الصراعات والسجالات غير المفيدة.. شخصٌ يتصف بالحماقة والسفاهة وعدم النضج وسوء الخلق..يتعمد إيقاع الأذى للآخرين، ويسخر من كل من يتواجد حوله، متعمداً إلحاق الضرر بمن يحيط به. هذا الشخص يعتبر مريض نفسي - وربما يعاني من خلل عقلي - ولكن ذلك لا يبرر أفعاله الشنيعة والمشينة..

هذا الشخص الفاجر يستمتع بالتحريض والتسلية على حساب الآخرين، كما أنه يتحدث عنهم بأسوأ الطرق..فينشر الشائعات والأكاذيب في مواقع التواصل الاجتماعي، مما يضر بسمعتهم ويسبب لهم الأذى.. إنه يسعى جاهداً لتدمير حياة الآخرين - مثلما دمر بيده حياته الإجتماعية والمهنية (سيكوباتي)، مستخدماً كل الوسائل المتاحة لديه لإحداث الفوضى وإثارة الفتن والأحقاد والشرور..إنها شخصية تسعى إلى إثارة الفوضى والاضطراب وتحويل العمل إلى ساحة للمشاحنات والتنمُّر؛ فهو شخصية تستمتع بالإيذاء والإهانة والإساءة إلى الآخرين، وتعتبر هذا السلوك أداة للتفوق والسيطرة على الآخرين، وتُعَدُّ هذه الشخصية خطيرة جدًا وتهدد استقرار العمل والمجتمعات بأكملها.

ولا يوجد أي مبرر لسلوك هذا الشخص الفاجر، إذ إنه يتعمد إلحاق الضرر بالآخرين بدون سبب؛ فهو يعتبر خطراً على المجتمع وعلى صحة الناس النفسية لأنه يتعامل بشكل طفولي (غير متحضر) مع الأشخاص الذين يعتبرهم أفضل منه - بدلا من أن يقوم نفسه ويطور من ذاته ويعالج جوانب النقص والخلل في شخصيته، ويبذل قصارى جهده لإثارة الفتنة والقلاقل.. إذا لم يتم التعامل مع هذا الشخص بشكل صحيح وفعال، فإنه يمكن أن يتسبب في أذى كبير للأفراد وللمجتمع بأكمله.

لا يمكن تبرير تصرفات هذا الشخص، فهو يتعمد إيذاء الآخرين بطريقة غير متحضرة وشاذة؛ فتارة ينشر الشائعات والأكاذيب، وتارة أخرى يتلاعب بمشاعر الآخرين لإيذائهم وجعلهم يشعرون بالذل والاستحقار.. إنه يسعى دوما لنشر الفوضى والانحلال في المجتمع، ويروج للشر والرذيلة ولا يهتم بعواقب أفعاله المدمرة..وهناك الكثير من الأسباب التي قد تدفع هذا الشخص للتصرف بشكل سيئ ومشاحن، من بينها الخجل وعدم الثقة بالنفس، وعدم قدرته على التعامل مع الآخرين بشكل سليم وإيجابي، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية مثل الشخصية النرجسية واضطراب السلوك وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى.

إنه شخص مريض نفسي، ولا يمكن تبرير سلوكه بأي طريقة..ولا يجب أن يسمح لشخص مثل هذا بإفساد حياة الآخرين، ويجب علينا جميعًا التصدي لهذه السلوكيات السيئة المعادية للمجتمع.. ويجب أن نتحلى بالشجاعة والتصميم لإيقاف هذا الشخص عند حده، ووضع نهاية لسلوكه السيئ الذي يؤذي الناس حوله..فلو كان هناك عقابا رادعا له، لما استمر في هذا الطريق ولتوقف عن هذا السلوك..بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نحرص على عدم تشجيع هذه السلوكيات السيئة بأي طريقة؛ وعلينا أن نكون حذرين وواعين، حتى لا نقع في فخ تلك الشخصيات المشاحنة التي تسعى جاهدة لإثارة الفتنة وتدمير العلاقات الاجتماعية الصحية..وعلينا أن ندعوا الله أن يباعد بيننا وبينهم كما باعد بين المشرق والمغرب..

ويحث الإسلام على التعايش السلمي والتعاطف والمروءة والحسنى مع الآخرين، ويعتبر المشاحنة والتحريض والإساءة إلى الآخرين من السلوكيات المذمومة التي يجب تجنبها. ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، وهذا يعني أن عباد الرحمن هم الذين يتعاملون مع الناس بالود والرحمة والتسامح، وإذا خاطبهم الجاهلون والمشاحنون فإنهم يردون عليهم بالسلام والتودد.

كما ينص التعاليم الإسلامية على ضرورة الامتناع عن الغيبة والنميمة والتشهير، وأن يتحلى المسلم بالصبر والعفو والتسامح، وأن يسعى دوماً إلى بذل الخير والإحسان للآخرين، والتعامل معهم بالمحبة والاحترام..

بالتالي، يمكن القول بأن الإسلام يدين بشدة السلوك السيء والمشاحنة والتحريض والإساءة إلى الآخرين، ويحث على تجنب مثل هذه السلوكيات والتعامل مع الآخرين بالود والتسامح والرحمة والمحبة..

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا