الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكاليات التعليم والديمقراطية في مصر

حسن الشامي

2023 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


تقديم :
يعد التعليم مفتاح التحضر والتقدم لأي مجتمع، وهناك علاقة وثيقة بين التعليم والديمقراطية، ولا يمكن الحديث عن تعليم حقيقي يساهم في بناء إنسان منتج ومشارك في غياب الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والإيمان بالاختلاف والتعدد. كما لا يمكن الحديث عن الديمقراطية مع غياب تعليم حقيقي بناء وهادف يتسم بالجودة ويساعد على الإبداع والابتكار.

إشكاليات التعليم في مصر :
تعدد المشكلات أمام دور المؤسسات التعليمية في بناء الديمقراطية في مصر.. منها أن المناهج الدراسية ما زالت تؤدي دورًا سلبيًا في تعزيز ثقافة الديمقراطية، كما أن تدخل الاعتبارات السياسية في بناء المناهج التعليمية بصورة فاضحة خاصة عام 1979 بعد توقيع اتفاقية السلام حيث تم تغيير مناهج القراءة والتاريخ، بوضع كلمة "النزاع العربي الإسرائيلي" بدلا من "الصراع العربي الإسرائيلي". واعتمد التعليم المصري على الحفظ والتلقين أو ما اسماه باولو فراري "التعليم البنكي" الذي يقوم فيه المعلم بإيداع المعلومات التي تحتويها المقررات "سابقة التجهيز" في أدمغة المتعلمين الذين يقتصر دورهم على التلقي السلبي لتلك الإيداعات.

ويعد التمويل الحكومي هو المصدر الرئيسي لتمويل مختلف الأنشطة الخاصة بالتعليم في مصر، سواء تعلق الأمر بالتعليم الجامعي أو غير الجامعي، وقد شهد التمويل الحكومي للتعليم نمواً مطرداً خلال الفترة الماضية.
ولكن على الرغم من الزيادة الملحوظة في الإنفاق الحكومي على التعليم، فإن هذه الزيادات تظل قاصرة عن مواجهة متطلبات التعليم، إلا أن الزيادة لم تكن كافية لمواجهة متطلبات إصلاح التعليم وظلت عاجزة عن إحداث أي إصلاح حقيقي، ومن ثم تدهورت كفاءة التعليم.

وبالرغم من زيادة جملة الإنفاق الحكومي على قطاع التعليم، إلا أنه مازال يعانى من كثير من نقاط الضعف، فلم تتحقق جودة التعليم لأنه لا يوجد تخصيص جيد لهذه الموارد.. حيث تنفق معظم موازنة التعليم لتغطية الأجور والنفقات الجارية، وخاصة الشرائح العليا في الجهاز الإداري، في صورة مكافآت وبدلات واجتماعات ونحوها على الرغم من حدوث تطور كمي في عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم قبل الجامعي، فإن ذلك مردود بالأساس للزيادة الملحوظة في أعداد السكان، كما أنها تبدو نسبة متواضعة ولا تليق بالمجتمع المصري الذي يعانى ما يزيد على ربع أفراده من عدم معرفة القراءة والكتابة.. وكانت نسبة الإنفاق على التعليم في مصر من الناتج المحلى الإجمالي أقل بكثير إذا ما قورنت بدول أخرى مماثلة لنا.

أهمية التعليم على البناء الديمقراطي :
وللتعليم أهمية كبرى على البناء الديمقراطي في التجارب الدولية سواء التاريخية أو المعاصرة التي أثبتت أن التقدم الديمقراطي الحقيقي يبدأ بإصلاح التعليم.
فكل الدول التي أحرزت شوطاً كبيراً على طريق الديمقراطية، أولت أهمية كبرى للتعليم من خلال دعم وتطوير المناهج الدراسية والإعداد الجيد للمعلمين بعيداً عن الطرق التي تعتمد على الحفظ والتلقين.
ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948 على الكثير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومنها الحق في التعليم على أن يكون بالمجان في مراحله الأولى.
كما نص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مادته الثالثة عشر على تأكيد الحق في التعليم والثقافة، ونص في المادة الرابعة عشرة على مجانية التعليم في مراحله الأولى.
وهناك أسباب جوهرية تحول دون بناء دور حيوي للتعليم في دفع عجلات المسار الديمقراطي منها الطابع السلطوي للمؤسسات التعليمية فضلا عن طابعها التجاري حيث تتحول عملية التربية من رسالة سامية إلى سلعة تجارية. ولا يمكن للمؤسسة التعليمية الإسهام بفاعلية في ترسيخ منظومة القيم الأخلاقية والعلمية والتفكير الواعي، بمعزل عن بيئة تربوية ديمقراطية.

إصلاح التعليم ضرورة لبناء الديمقراطية :
وبناء الديمقراطية يبدأ بإصلاح التعليم، لاسيما وأن التعليم الجيد كان بوابة رئيسة في دعم وترسيخ التجارب الديمقراطية في عديد من المجتمعات في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، فقد التزمت هذه التجارب نظم التعليم الحديثة، واستعانت بعضها ببرامج دولية تتبناها بعض الدول الديمقراطية بغية تحسين التعليم من أجل الديمقراطية.
كما لعب التعليم دوراً في دعم تجارب التحول الديمقراطي عالميا، في برامج التعليم بالبرازيل والإسراع من إيقاع عملية التطور الديمقراطي منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولم تقتصر جهود تطوير التعليم على مؤسسات الدولة الرسمية وحدها، وإنما لعب القطاع الخاص والمجتمع المدني دوراً محوريا في الدفع قدما بالعملية التعليمية.
وكذلك كان للتعليم في ألمانيا دوراً مهماً في تكريس تجربتها الديمقراطية، فالمؤسسات التعليمية في ألمانيا كانت أحد عوامل تنمية الشعور بالانتماء والولاء للوطن.

مداخل إصلاح المنظومة التعليمية :
من المهم تطوير مفاهيم العملية التعليمية وعناصرها في مصر (المناهج – المدرس – الطالب - الإدارة المدرسية) بما يتوافق والمعايير الديمقراطية.
تحفيز التعليم ألابتكاري القائم على الحوار والتفكير بدلا من التعليم التقليدي الذي يعتمد على التلقين والحفظ مع تطوير المنظومة البشرية سواء المدرس أو الطالب أو الإدارة العليا.
ينبغي أن تتم عملية الإصلاح في إطار مجموعة من الثوابت التي تشكل سقف عملية التغيير والتطوير، ومنها اعتبار التعليم حقاً إنسانياً أساسياً يجب ضمانه بالقدر الكافي وبالمستوى اللائق لكل أبناء الوطن.
وأن تتحمل الدولة المسئولية الأولى عن توفير وتطوير الكيانات التعليمية دون أن يعنى ذلك الإنفراد بها، وعلى أن تقدم المؤسسات التعليمية تعليما يليق بالعصر وينمى قيم التسامح وقبول الآخر والمشاركة المجتمعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة