الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات القبّيضة ...

حيان نيوف

2003 / 6 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


     من غرفة مطلة على العالم ، ومن حيث يمتد النظر إلى المدى البعيد ، وضعت صحيفة أمامي وجلست
أطالع سطورها البيضاء ماعدا بعض السطور التي تحتل الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة . وما لفت انتباهي أن كبار الكتاب اصبحوا من كتاب " صفحة بريد القراء " والافتتاحية صارت تكتب بأقلام مجهولة ! ليست المرة الأولى التي تجهش نفسي حزنا على التناقضات التي تتراكض أمام عيني ، لأني في مرات كثيرة قرأت وشاهدت ما يشير إلى أن العالم مبني على التناقض اكثر مما هو مبني على التماثل . وأي تناقض ! عندما ينكسر القلب إلى شظايا محشوة بالحزن ، ويمتلئ الذهن بالغمامة والتشاؤم . كما يحزن الشرفاء على دخول الأجانب لبغداد ، هناك من حزن أكثر منهم ولكن لأسباب مختلفة : من أين يقبضون بعد اليوم بعد رحيل "ممولهم" ؟
      الإعلامي راح يبث سمومه في الجهة الإعلامية التي يعمل فيها : يشوه الحقائق ويدعو من يتفق مع "مموله " لبرامجه ويتناسى الكثيرين ، ويوجه البرامج كما يشاء لخدمة هذا "الممول" ، وهكذا يصبح الإعلام الحقيقي في خبر كان . فيحزن هذا الإعلامي لرحيل مموله أكثر مما يحزن لدخول الأجانب لبغداد ! ناهيك عن محرري الصحف حيث يخلقون أعمدة صحفية تذخر فيها البطولات والأمجاد الأسطورية لهذا الممول ، ولكنهم يحبطون برحيله . وذلك الحقوقي الذي قبض مثل غيره عبر السفارات فراح يتستر على سنين طويلة من حكم الممول لرقاب الناس ، ويشن هجومه على الأجانب الذين حملوا الهياكل العظمية معهم من هوليود وقاموا بدفنها في الرمال قبل الحرب ! معه الحق أن يحزن، فقد ذهب من مول مشاريعه وأحلامه " الحقوقية الفذة " في منظمات أقرب في علاقاتها إلى المافيا وحوانيت الخضرة أكثر منها إلى منظمات حقوقية فاعلة .
      ونتساءل بعد سماع كل هذه الأخبار المؤلمة والمحزنة ، كيف لنا أن نشعر بطعم الحب يوما ؟ كيف لنا   أن نصدق الحرية ولو أتت يوما ؟ كيف لنا أن نرتاح والكل يقبض من الكل تحت شعارات الخير والمحبة والإنسانية والعدالة أيضا ؟ هكذا يتحول رواد الحلم إلى مجموعة من "القبّيضة" باسمنا وباسم الحرية .. هكذا تنكفئ ذاتنا ونشعر بالخذي والعار في هذا العالم العربي حيث يمكن "للقبيضة" أن يتاجروا حتى بحقوق الإنسان ، هذا الشعار النبيل ، ويتعاطفوا مع " رفاقهم " و " زملائهم " و " البشر " في هونغ كونغ أو كينيا أو الأرجنتين ، ولكن آخر شئ يفكرون به هو أن يتعاطفوا مع أبناء وطنهم وجلدتهم ! فهل يأتي ذلك اليوم الذي تنشر فيه حكايات هؤلاء "القبيضة " ومغماراتهم السندبادية ؟ ربما ، ولكن ؛ إذا دخل التفاؤل إلى قلوبنا ، عندما تتساقط أقنعهم لوحدها في ظل غياب من يسقطها عن وجوههم الحقيقية .

حيان نيوف
كاتب سوري   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمير الكويت يأمر بحل البرلمان وتعليق العمل بعدد من مواد الدس


.. كاميرا مراقبة توثق غارات للطيران الحربي الإسرائيلي على شمال




.. مراسلة الجزيرة: طلاب كامبريدج يضغطون على إدارة الجامعة لقطع


.. تشييع شهداء سقطوا في قصف إسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة




.. مظاهرة حاشدة في مدينة نيويورك الأمريكية إحياء لذكرى النكبة