الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغد صدام

طلال شاكر

2023 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


رغد صدام ...
بين فترة واخرى تظهر ابنة الدكتاتور المقبور صدام حسين رغد المقيمة في الاردن وهي تتفرد بتغريدات مترادفة المضمون مكررة او بتصريح مرئي ضاج ممل تعيد فيه ماطواه الزمن وركنه كقيمة اوتاثير عن ابيها وحكمه, ربما هنالك من يستشعر دفقا معنويا يسكبه هذا الظهور اوتصنعه تلك الايماءات على ايتام ذلك الزمن القبيح وايقونتهم الصدئة صدام حسين.غالبا مدح المرء لابيه ليس به مايثير او يلفت الانتباه الا بحدود ضيقة،. وبالتالي لايوجد في سلوك رغد مايخالف القاعدة اوالارث في الثقافة الشرقية بخاصة في تمجيد الاباء والجدود مهما كان مقامهم وارثهم .لكن عندما تذم ابيك وتنتقده سيكون الامر ملفتا ومثيرا فما بالك اذا كان الاب رئيسا او شخصية رفيعة المقام لنرى ذلك في(مقاربة تأملية ) بين سياقين من القيم ماضيا وحاضرا .في التاريخ البعيد هنالك استثناء غريبا بفرادته وسموه تحديدا في العصر الاموي الاول اثار اعجابي وتوقيري له, عن احد المرشحين لخلافة ابيه وهو الشاب صاحب الاثنين وعشرين عاما واسمه معاوية بن يزيد بن معاوية بن ابي سفيان مؤسس الدولة الاموية برفض الخلافة وانتقاد ابيه يزيد وجده معاوية بوصفهما ظالمين واثمين اغتصبا الحكم بالقوة ومنتقدا المشروع الاموي جملة وتفصيلا ، وربما دفع حياته ثمنا لهذا الموقف الحر الجرئ في اجواء القسوة والتامر السائدة انذاك بين البيت الاموي. هذا ما ذكره الفقيه والمؤرخ ابن حجر الهيثمي في كتابه( الصواعق المحرقة) رغم رواية التاريخ عن هذا الامير النبيل معاوية بن يزيد ضنينة ومبتسرة ,وفي حدود اطلاعاتي لم يقع بصري على حادثة مماثلة ذكرها التاريخ بهذا المعنى والسياق. ذكرت هذه الواقعة التاريخية الفريدة والمثيرة كأضاءة ملهمة تشير بايجاز الى الظواهر الملفتة في مسار بعض بيوتات الاستبداد التي تقوم وتتطور في مجرى صدف وملابسات سياسية محلية وعالمية أو جدارة قيادية موروثة يظهر فيها احد الافراد تميزا بموقف اخلاقي سامي خارج القاعدة .. وبالطبع هذا لاينطبق على عائلة صدام حسين فهي بعيدة عن هذه المثل والقيم, فهذه العائلة التي استأثرت بحكم العراق بشكل مطلق واستبدادي في غفلة وشواذ تاريخي صنعه تضارب وانحطاط سياسي تراكم في اواخر حكم عبد الرحمن عارف الواهن بعد اسقاطه 1968, ومجيئ حزب البعث على راس السلطة حاكما , والذي سرعان ما تغير الوضع جذريأ بعد أن اصبح صدام حسين الحاكم المطلق في العراق لاسيما عام 1979 ليجري تهميش دور حزب البعث وبقائه اسما بلامضمون.. لتبرز العشيرة كاختزال للمنطقة والقرية والمدينة ,ليتلاشى كل ذلك لحساب العائلة الصدامية دون اسقاط الاعراف والتراث والقيم العشائرية كتوظيف انتقائي يخدم حكم العائلة... فمثلا عندما جرى قتل حسين كامل زوج رغد واهله, وهو ابن عم صدام الذي عفى عنه عند عودته مستسلما ليجرى بعد ذلك اهدار دمه وقتله شر قتله بقرار عشائري مزعوم نفذته العائلة طبعا بأمر صدام.. رغد ابنة هذا الارث ونموذجه المتهاوي ببعده الصلف والقاسي, لم تجد في فعلة ابيها بحق زوجها وعائلته مايستوجب الرفض أوالتبرم لتلقي بالمسؤولية على الاخرين .. بل رأت فيه كل ماحوته قيم الفرسان ومثلها دون النظر او الاحساس بأية شائبة او زلة في سلوكه كمستبد مطلق ,وربما تنظر اليه كفارس صرعه غادرون كما جرى لجيفارا اوسلفادور اليندي الرئيس الشيلي الذي أٍستشهد في انقلاب مضاد عام 1973 .. هذا ماعبرت عنه علنا.. لكن القراءة الاخرى تقول ان المراة حسبت الامر من خلال الربح والخسارة عبر موقف براغماتي محكم فاختارت سيف ابيها على حساب دم زوجها واهله بعيدة عن استلهام موقف معاوية بن يزيد والتأسي به في مجاهرة اهله الرفض والانتقاد. فرغد صدام حسين لم تخلق لهذا السمووهي غير جديرة به ولا التسامي جدير بها.....
نشات رغد في بيت تحكمه سلوكيات الغدر والتأمر والقسوة, فهي ابنة طاغية مستبد هو صدام حسين وشقيقة مجرمين فاتكين سافلين عدي وقصي, وزوجة قاتل متخلف هوحسين كامل ( وهي سبط) وحفيدة لأوقح لص رخيص ومتامرومنحط هوخيرالله طلفاح. واخوال فاسقين وقتلة عدنان ولوئ.. واعمام مجرمين برزان و سبعاوي ووطبان وغير ذلك الكثير, فمالذي تنتظره من هذه الخارطة الجينية المتشابكة لاصول وتنشئة هذه البنت المتعجرفة التي نضجت وتربت في ظل بيت اواصره الممتدة وبنيانه الداخلي تلاوين من الانحطاط والدونية والقسوة. بالتأكيد هي لا تتامل مثل هذه التجليات أوتحسها لانها مصابة بعمى الادراك ببعده المركب .والمثير للغرابة ان صدمة الهزيمة ومرارتها لم توقظها او تعيدها الى جادة الواقعية والتفكير العقلاني وهو مرض يلازم مختلف الطغاة او من يسايرهم او ينتمي لمنهجهم . بل تراهم مصرين مغرورين يستمرأون البقاء تحت سكرة الاغتراب والنأي عن الواقع ومنهم هذه البنت الضالة رغد صدام , دون ان يلوح في ذهنها او وجدانها مايستدعي التوقف او التبصر في التاريخ الدامي الذي صنعه والدها والمرارة التي اذاقها للعراقيين والخسائر المدمرة التي الحقها في الارواح والقيم والطبيعة دون امكانية تعويضها, وان التداعيات المريرة التى نعيشها حاليا من فساد وتخلف, وغياب الدولة والمواطنة والهوية, ماهي الا ارث وامتدادات لذلك الزمن القبيح برموزه وقيمه وخرابه ,زادوا عليه من يحكوموننا الان اضعافا من السوء والتردي ...في زمن صدام وبعثه الفاشي خسرنا ارواحا وأمولآ. واراضي.وخسرنا الوقت. الكرامة. خسرنا الحاضر والمستقبل لقد انتهكنا في الصميم.ووو.ومع كل ذلك تطل علينا رغد صدام بعد يوم واخر لتنكأ جراحنا وتوجع قلوبنا لتذكرنا بمأسي أبيها وعائلتها وبعثها وزمنهم التعيس وحضنا العاثربلا خجل. ولامرؤة. ولاقيم. لم اكتب هذا المقال لاهمية رغد صدام أولقيمتها اوتاثيرها المحتمل.بل لاكوام الاوهام والاهداف الفارغة التي غمرت دماغ ابيها صدام حسين وسيجت سلوكه وبلدت وعيه لتلقي به بنهاية الامر في مزبلة التاريخ ذليلا مهزوما, لتسير البنت على خطى والدها العتيد مستلذة بالرشف من ذات ألكأس المترعة بألوان الاوهام ودهاليز سرابه متشبثة بمقبضه هي ومن يصدقها بمواجهة واقع عراقي لم تعد تنتمي اليه أوينتمي اليها مهما كثر زعيقها وصخب الاخرين ..

طلال شاكر كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنتم، ولكن فاتتكم مقالة الحق بحق وطبان
حسين علوان حسين ( 2023 / 3 / 31 - 18:32 )
الاستاذ الفاضل طلال شاكر المحترم
تحية حارة
أحسنتم القول ، ولكنكم تسيتم قول الحق بحق وطبان ابراهيم الحسن الذي أدان بكل شجاعة و تجرد جرائم حزب البعث في المحكمة وذلك في شهادة متافزة شهيرة و متوفرة على الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=Oxmyz1TUExk
وهو الوحيد من أخوة الطاغية صدام الذي قال كلمة الحق من تلقاء نفسه أمام المحكمة وأمام الله و الناس .
ولذا فقد اقتضى التنويه .
مع التقدير .


2 - متابعة
شاكرطلال ( 2023 / 4 / 1 - 17:06 )
نعم وطبان ادان حزب البعث وهذا جزء مبتسر من الحقيقة وهو قول جاء بعد تكامل الجريمة وهو
كوزير في رقبته الكثير من الجرائم وكان وطبان احد اركانها بحكم مسؤوليته ولافائدة أمن ا
اعتراف بالذنب بعد تنفيذ الجريمةا مثلا هو لم يدن صدام راس النظام لكن تبقى ادانته لحزب البعث حاصل تحصيل لموقفه الصعب وليست استفاقة ضمير ,,,مع تقديري لاخي حسين علوان
ويبقى رايه اجتهادا ملفتا في قضية شائكة


3 - ادانة الجريمة عدل وتبريرها جريمة
حسين علوان حسين ( 2023 / 4 / 1 - 22:35 )
الاستاذ الفاضل شاكر طلال المحترم
ت 2
تحية طيبة
أنا معك. محاولات رغد صدام تجميل صورة الطاغية أبيها بعد ادانته واعدامه - وهي التي هربت مع زوجها واطفالها من جحيمه في حياته - مثيرة للتقزز .
لاحظت أنا أن حالة الانكار العلني للجرائم الرهيبة ومساعي تبريرها كان هو موقف صدام وكل اخوته في جلسات المحكمة الجنائية -ومثلهم تفعل رغد- وهو مايؤشر للضمائر الميتة. الشخص الوحيد الذي كانت لديه صحوة الضمير والشجاعة للاعتراف بها وادانتها هو وطبان . الكلام هنا هو عن الاعتراف العلني بالجريمة ، وليس عن أي شيء آخر.
والسياق المعتمد في كل المحاكم الجنائية في العالم هو أن الاقرار بالجريمة للمدان بها هو ظرف مخفف للحكم وهذا مالم تأخذ به المحكمة للأسف.
ومن المفروغ منه أن هول جرائم البعث في العراق منذ 1963 و لغاية 2003 ضد الوطنيين العراقيين كافة هي الاشد بشاعة وحقارة و شمولية عبر كل عصور التاريخ.
.كل التقدير و الاحترم

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة