الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم (هم الذين يحيطون بنا ) ذكريات صدمة طفولة في أوكرانيا

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2023 / 3 / 31
الادب والفن


They Who Surround Us

الفيلم الكندي (هم من يحيطون بنا) فيلم روائي طويل كتبه وأخرجه " تروي روبتاش " وشارك في إنتاجه وتمثيل دور البطولة . أحداثه تقع في مدينة ألبرتا الكندية ، رومان مزارع أوكراني المولد وكندي الجنسية في منتصف العمر يعيش في ريف فيجريفيل على بعد حوالي 100 كيلومتر شرق إدمونتون ، في صباه قتلت والدته وشقيقه الأصغر خلال حقبة الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا . بعد خمسين عاما في ألبرتا فجع رومان (روبتاش) برحيل زوجته كالينا (فيرا جرازيادي) في حادث مأساوي ويجب عليه الآن رعاية ابنه الصغير ميكولا (دانيال مازيبا) ، رومان طيب وأب محب لابنه الصغير . هذه الخسارة الأخيرة توقظ الصدمة المكبوتة وتفتح جروح الماضي رغم ما تفعله أخت الزوج ناتاليا (ألي ليبرت) لمنع الأمور من التدهور أكثر . لكن رومان أيضًا ابتلي فجأة بذكريات الماضي للحرب العالمية الثانية ، عندما كان عمه مقاتلًا في المقاومة ، وأرغم وهو صبيًا صغيرًا على الفرار من الجيش الألماني .
"هم من يحيطون بنا " العنوان يستحضر سطرًا من قصيدة الحرب العظمى للورنس بينيون ، "لن يكبروا" وهي رسالة حب صادقة إلى جيل وزمن يمر من الذاكرة الحية . لكن بطء وتيرة عرضه المبسّط للذكريات الصادمة قد يجهد صبر بعض المشاهدين . يبدأ الفيلم في عام 1943 عندما يغزو الجنود الألمان قرية أوكرانية وتهرب والدته من شدة صوت الرصاص وتبادل أطلاق النار حاملة شقيقه الرضيع خلال أستعادة القوات الروسية البلاد من الألمان . وعند الوصول إلى النهر تطلب من الطفل رومان الاختباء وتضع أختة الرضعية في سلة صغيرة لتطفو في النهر بعيدا بينما تلتقي الأم بمصيرها . ينتقل الفيلم سريعًا إلى عام 1987 ونلتقي برومان في جنازة زوجته " كالينا " المتوفاة مؤخرًا في حادث مأساوي ويكون في حالة من الصدمة . "رومان مزارع يعيش في ألبرتا حزنه منهك ويصعب عليه معالجته - إنه بطبيعته هادئ مثل العديد ممن نجوا ولكنهم لم يهربوا من أهوال الحرب ، لديه حاجة ماسة للحفاظ على مشاعره وذكرياته في ذلك الوقت وان يكون في مأمن . كان لدى رومان وكالينا قصة حب وشاركا ابنهما ميكولا البالغ من العمر 8 سنوات الكثير من الذكريات الجميلة . في هذا الوقت العصيب لا يعرف كيف يعتني بالطفل بعد رحيل أمه . تبدأ المأساة بعد موت كالينا في حادث مروع وتاركة الأب وحيداً مفجوعاً مثقلاً بالحزن مع عمل في المزرعة التي يديرها.
ملخص الفيلم الذي تدور أحداثه في مجتمع كندي أوكراني في الثمانينيات في ألبرتا بمروجها الجميلة المترامية الأطراف وتبدو كخلفية لكفاح رجلاً في تجاوز حزنه وذكرياته رومان (تروي روبتاش) الهارب من أوكرانيا في عام 1943 في سن السابعة بعد أن قُتلت والدته وشقيقته بوحشية على يد جنود ألاحتلال الالماني . ساعده عمه أستيفان بالهروب من الموت بأعجوبة والفرار من البلاد . من خلال ذكريات الماضي وحادث مقتل زوجته يدفعانه في الشعور بالذنب والحزن والتحول بأتجاه الاضطراب العاطفي حين يبدأ الواقع والخيال في التشابك وتبنى عليهما أحداث لا يمكن تفسيرها ، بدأ في سماع امرأة تغني تهويدة في الغابة بالقرب من منزله ، و تخيلات لجنود يزحفون على أرض الغابة ويندفعون عبر الطريق . شظايا من واقع جميل تطفو داخل وعيه وخارجه في تجاور غريب مع ظروفه المضطربة تتكشف أيضًا خلال هذه الرواية ومضات من ماضيه تطارده وتقوده الى والدته وشقيقته ومنزل قريتهم الأوكرانية الذي دمره قبل الألمان . يتجول عقل رومان في أعماق الغابة ويواجه الرعب الكامل لطفولته وجهاً لوجه ، شاهد والدته تضع أخته الصغيرة في النهر قبل أن يطلق جندي الماني النار عليها. بعد أن واجه رومان أخيرًا هذا الجرح القديم العميق يتمكن في تجاوزه حتى يصبح قادراً على بدء عملية إعادة تجميع حياته مرة أخرى . يظهر كرجل مستعد للمضي قدمًا من أجل رعاية ابنه والناس المحيطة به مستعدون لدعمه . هذا المزارع الأوكراني الذي فقد زوجته في حادث مأساوي يدفعه الشعور بالذنب والحزن إلى دوامة عاطفية وتجبره الأحداث الغامضة التي لا يمكن تفسيرها على إعادة إحياء الحوادث الصادمة من طفولته في أوكرانيا . وذكرى العم الذي كان عضو المقاومة الأوكرانية الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذهم تزيد من الحزن الذي يغمره . دراسة حساسة ومعقدة عن الحزن الذي يمر عبر الأسرة ويتردد في الذاكرة التاريخية. تتمحور حول أداء مثير للإعجاب من قبل تروي روبتاش الذي قدم أول إخراج له في هذا الفيلم الطموح .
التصوير السينمائي للفيلم يظهر جمال المناظر الطبيعية مع التحكم في الاضاءة وكثافتها تعكس الحالة النفسية لبطل الحكاية . ناطحات سحاب مذهلة تندمج في اللون البرتقالي والأزرق من خلال إضاءة الفيلم. موضوعات الفيلم المتعلقة بالذنب والبقاء في الماضي من السيناريو الفعلي . يلعب المخرج روبتاش دور رومان المزارع في فيجريفيل ، بينما ابنه ميكولا (دانيال مازيبا) يضعه تحت رعاية عمته ناتاليا (ألي ليبيرت) والعم ديمتري (أليكس فيلدمان) . أطلق رومان العنان فجأة لذكرياته التي أمتلأ بها رأسه . من ذلك التاريخ في لبوطن الأم إلى اللحظات السعيدة مع زوجته كالينا (فيرا غراتسيادي) سيكون هذا التنقل عبر الوقت والتحولات على شكل هلوسة وهذا أمرًا مزعجًا. المصور السينمائي ( كمال الدركاوي) أبدع في تصوير مشاهدة أخاذة وساحرة من خلال تلاعبه بالإضاءة ، وأسنطاع أضاء بعض المشاهد للسماح للألوان بالظهور مما يمنح الواقع والخيال اتصالاً سلسًا . من الواضح أن رومان يعاني من نوع من اضطراب ما بعد الصدمة طويل الأمد و يصبح عدوانياً و ُقبض عليه بسبب قيادة سيارته تحت تأثير الكحول . رومان هو صبي صغير (يُفترض) أن والدته وشقيقه الأصغر قُتلا خلال حقبة الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا. بعد قرابة الخمسين عامًا ، في ألبرتا فقد رومان (روبتاش) زوجته كالينا (فيرا غراتسيادي) في حادث مأساوي ، وعليه الآن رعاية ابنه الصغير ميكولا بمفرده . توقظ هذه الخسارة الأخيرة الصدمة المذكورة أعلاه والتي تم قمعها سابقًا من ماضيه . في عام 2019 بدأ تروي كتابة الفيلم وإخراج وإنتاجه ولعب الدور الرئيسي في الفيلم الذي تم تصويره في مسقط رأسه في فيجريفيل في مدينة ألبرتا . وعن الفيلم وفكرته يتحدث تروي قائلاً : "عندما أصبحت مفتونًا بتاريخ عائلتي وأجريت بحثًا عنه ، وتضمن معرفة مصير عم كبير كان جنديًا في أوكرانيا وشقيقته التي هاجرت إلى كندا بعد أن شهدت إعدام والديها ، لقد تأثرت عند سرد القصة وكيف يكون لهذه الأحداث الصادمة تأثير مضاعف عبر الأجيال . ألهمني ذلك لكتابة قصة عن مزارع من ألبرتا في عام 1987 ، فقد زوجته في حادث مأساوي أمام عينيه ولا يستطيع منعه. يثير شعوره بالذنب والحزن ذكريات صدمة طفولته في أوكرانيا " .
يتحدث المخرج عن عمله وذكرياته ويحاول دفنها بعمق في الماضي وفي أعماق ذاته . الطريقة الوحيدة للتعامل مع وفاة زوجته والمضي قدماً في الأستمرار والعيش في هذه الحياة هي الكشف عن هذا الحدث والوقوف وجهاً لوجه مع ماضيه ، ينهار رومان رؤيا الجنود الألمان ي وهم صرخون "ابحث عن الصبي". يسمع طلقات نارية من بعيد ويصور والدته في الغابة. مع تصاعد الأحداث يصبح سلوكه غير منتظم أكثر فأكثر ، يتم وضع ميكولا في رعاية عمته ناتاليا . بمساعدة عائلته وكنيسته ، ينقشع ضباب حزن رومان ببطء ويتمكن من إيجاد طريقة جديدة ليعيش حياته. "سوف يضربوننا ويحاولون تدميرنا" ، يتذكر رومان عمه المفقود منذ فترة طويلة ستيفان (مايكل سيك) وهو يتذكر كلماته " البعض منا سيموت لكننا سنعيد بناء حياتنا " .
"هم الذين يحيطون بنا" فيلم كشف لآثار الصدمة بين الأجيال ويدرس آثار تغيير الحياة و يؤكد أيضا على قوة الشفاء للمجتمع . إنها رسالة مشجعة ربما يتم التقليل من شأنها في بداية احداث الفيلم البطيئة "هم الذين يحيطون بنا" فيلم في وتيرته البطيئة وأدائه المدروس الذي تتحرك فيها الأحداث ببطء شديد بالنسبة لبعض المشاهدين ، لكنه يبدع في صوره السينمائية لريف ألبرتا الجميل ، تميز التصوير السينمائي خاصة في سرد ذكريات الماضي بشكل مؤثر ويذكرنا بأفلام أندريه تاركوفسكي الخالدة. عُرض الفيلم في مهرجان تورنتو في سبتمبر 2021 . هي قصة بسيطة عن تداعيات الموت على الأسرة تتكشف القصة ببطء وببراعة وتنتظر حتى النهاية لربط جميع النقاط في الجداول الزمنية المختلفة هناك مادة جديرة بالثناء في هذا الفيلم . يتجلى هذا بشكل أفضل في أداء تروي بدور المزارع رومان ، الذي يشعر بأنه مصمم في نظراته وانحرافاته وانفجاراته كمحاكاة لتصوير الحزن الذي مرً به وغمر ذاكرته بدلاً من الحساسية الشخصية من جانبه . كان حضوره قوي على الشاشة ويحاول أن يؤسس بشكل فعال كل مشهد يكون جزءاً منه ، على العموم ، أجد أنه من المثير للإعجاب محاولة صياغة شيء بهذا الطموح في في أول تجربة أخراجية وأول ظهور للمخرج والكاتب " تروي روبتاش " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب