الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وَجَدْتُهَا

عبد الله خطوري

2023 / 3 / 31
الادب والفن


بَيْنَ آلدِّمَا وحُبَيْبَاتِ آلْكَرَزِ وَحَلمَاتِ حُبِّي آلقديمِ آلْأَوْحَدِ وأحْداق شَقائقِ آلنعمانِ إذْ تَحْدُو حَالمةً في حدائقَ نيسانَ وبَحَّاتِ صَدَى أصواتٍ كانتْ تناديني وحَدوات حوافرِ آلفواجع تتحللُ حَسيرةً في حُمْقِ حَمْحَمَاتِ حِمْلَانٍ ذَبيحَةٍ تَضْبَحُ فِي جَوْفِ حَنَادِيسِ لَيْلِنَا آلْأبْكَمِ .. علاقة..!!..آه.. من أنساغ أرحام طفولتنا آلأولى، كيف حَانَ حَيْنُها ..آه.. كيف كُنَّا كيف صِرْنا كيف صار نهارُنا ليلًا أبْهمَ ..آه.. مِنْ كل هذا آلجحيم...

لَمْ ترحلْ أمي منذ دقيقتيْن (١)، أو منذ لحظة؛ بل منذ عشر سنين ونيف شهقَتْ شهقتَها آلأخيرة تركَتْ لنا الدنيا وما فيها. عبثا جعلتُ أبحثُ عنها.لم أجد في الحياة بعدها ملائكة تُعينني أو أباليسَ تعيقني.كنت وحيدا في لوعتي صامتا في فجيعتي دون بوح أبحث عن سَحَناتها خلسة في آليقظة في آلمنام لا أجدُها ولا أجدُني.

كآلقمر يبدأُ الشوقُ خَجولًا، كذلك كانت أمي، وجهُها آلنحيلُ صورةٌ مِنْ مَفازات قلوبٍ حائرة، نورُها آلأخَّاذُ كلمةُ حُب تنيرُ آلسبيلَ للسالكين العابرين، تَزُفُّ آلفرحَ لعرسان ليالي آلحصاد آللائي ينتظرن دون بَرَمٍ موسمَ قطاف آلغلال .. أبصرُها شفافة ريانة، كَعتق عشق عتيق، كحُلْم سارح يحْبُو طيفيَ آلنافر مني ليل نهار .. إنها تمطرُ آكَامَ في ربيعِ آدَمَ..أماه هنا هناك في كل مقام في لا مكان في زمنها آلمطلق أتملاها تتهادى كيَمام آلبراري يختالُ في مشيته يشدو يصدح يَصْبُو للمعاريج يرتقيها لا يُعاني لا يُبالي بآلأيام بآلليالي..أماه في آلأرض في آلسماوات آلعُلَا في جنة تباريح آلخُيلاء في كل آلدُّنَى هاهنا في قلوبنا آلحسيرة آلمَهيضة آلجناح في آلمطر آلربيعي تعانقُ قطراته أصوات العناديل سقسقاتُ الحَساسين الصغار تُمَرِّغُ أجسامَها الضئيلةَ في بِرك رذاذ آلأمواه آلمتناثرة في آلأرجاء غير مدركة ما يحصل ويقع .. يلفني الجناحُ أطيرُ أرنُو إلى أتربة طالما آنتظرتْ جنائنها القادمة من بعيد وراء السحاب .. أرضنا تعلن ميلاد نشيدها البعثي الجديد تفتحُ بساطها القاحلَ لعرسها الربيعي السنوي فيبتلّ العشبُ، يبسم الزهرُ، يَزْكُو الحَبّ والحُب، تولدُ الحياة من رحم الحياة، تزدهي اليعاسيبُ، يحلو حَبَابُ آلحَلازين المِلاَح، تنتشي النفسُ القانطةُ، يرتوي الصباح، يهدأ الصياح..أغمض عيني .. لَا أَعِي مَا يقع لا أدركْ ما يمور، فقط ألفيْتُني طيفا هائمًا في عَتًهٍ مُلْقًى على قفاه داخل جوف منحدر حاد غارقًا في عُشيبات مُسَنّنَة شائكة من بنات آلشعابِ من حَسَك أدْهَمَ نَدِيٍّ ولبالبَ دُلّب عُليق، والدماء تسيح بسخاء من يديّ وركبتيّ وما بين عينيّ، ورأسي ينضح صائحًا تحت أكوام من الأتربة تُهال على ما يبدو بدني ..هاااا.. وجدتُها وجدتُها.. قطرة من رذاذ كنتُ في فَيْضٍ من آلأنوارِ تَجُولُ، فَيْضٌ من آلأطياف يتجلّى يتلألأ في غسق آلعيون...

☆إحالات:
١_إحالة على إحدى القصص القصيرة الموسومة بعنوان (أمي) لأنطون تشيخوف، هذا نصها:(لقد توفيت منذ دقيقتين..وجدت نفسي هنا وحدي معي مجموعة من الملائكة، وآخرين لا أعرف ما هم، توسلت بهم أن يعيدونني إلى الحياة، من أجل زوجتي التي لا تزال صغيرة وولدي الذي لم يرَ النور بعد،لقد كانت زوجتي حامل في شهرها الثالث، مرت عدة دقائق اخرى،جاء احد الملائكة يحمل شيء يشبه شاشة التلفاز أخبرني ان التوقيت بين الدنيا والآخرة يختلف كثيرا الدقائق هنا تعادل الكثير من الايام هناك" تستطيع ان تطمئن عليهم من هنا "قام بتشغيل الشاشة فظهرت زوجتي مباشرةً تحمل طفلاً صغيراً ! الصورة كانت مسرعة جداً،الزمن كان يتغير كل دقيقه،كان ابني يكبر ويكبر،وكل شيء يتغير،غيرت زوجتي الأثاث،استطاعت أن تحصل على مرتبي التقاعدي،دخل ابني للمدرسة، تزوج اخوتي الواحد تلو الآخر،أصبح للجميع حياته الخاصة،مرت الكثير من الحوادث،وفي زحمة الحركة والصورة المشوشة،لاحظت شيئاً ثابتاً في الخلف، يبدو كالظل الأسود،مرت دقائق كثيرة، ولا يزال الظل ذاته في جميع الصور، كانت تمر هنالك السنوات، كان الظل يصغر،و يخفت، ناديت على أحد الملائكة، توسلته أن يقرب لي هذا الظل حتى اراه جيدا،لقد كان ملاكا عطوفا،لم يقم فقط بتقريب الصورة، بل عرض المشهد بذات التوقيت الأرضي،و لا ازال هنا قابعاً في مكاني،منذ خمسة عشر عام،أشاهد هذا الظل يبكي فأبكي، لم يكن هذا الظل سوى "أمي " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ