الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايديولوجية و الصراع الايديولوجي الجزء( 3 ) والاخير

أمين أحمد ثابت

2023 / 4 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مما سبق طرحه نعتقد أن هناك ايحاءات لبنية مفهوم مغاير لكل ما هو منقوش في عموم الفكر النظري والمتداول ايضا عنه باستعارات سطحية من الفكر السياسي ، وذلك حسب ما نزعم به أن الايديولوجيا تعد جوهرا اصيلا في طبيعة الانسان الغائي ( دماغيا ) – المدرك ذهنيا ما يريده ويهدف الى تحقيقه بتخطيط وتنفيذ ارادي – أكان الفرد بذاته المفردة او المجموعة الصغيرة او المجموع المجتمعي – وطالما انها ( بزعمنا ) حضورا طبيعيا في أي مرء مفرد بذاته ما نعني ايديولوجيته لا تبنى حسابيا على انتمائه الطبقي او السياسي الحزبي او التحزبي غير العضوي – كما تتلمذنا عليه فكريا - بل أن حتى أولئك الافراد والجماعات التي تعلن عن نفسها مستقلة عن الاحزاب والتأثر الفكري السياسي . . ايديولوجيين رغم انكارهم لذلك – طبعا وفق محدودية فهمهم للأمر .
والذي لا يختلف عليه اثنين من مهتمي الفكر السياسي او الحزبيين والمتأثرين بأي من تلك الاحزاب من خارجها . . أن الايديولوجيا تعني الاعتقاد قناعة بهذا الفكر ( الطبقي او غير الطبقي كما يدعيه المفكرين البرجوازيين ) او ذاك وبهذا الحزب او ذاك ، وتعد منتميا عضويا او لا عضويا بحيث تكون جزء من القاعدة الاجتماعية الحاضنة لهذا التوجه الفكري المجرد او الحزبي هذا او ذاك – بينما ما ندعي به مبطلا لتلك الفهوم لاصطلاح الايديولوجيا .
ووفق تسطح فهمنا الفكري النظري بفعل ما يغيب علينا من حقائق طبيعية في نوع الانسان ( دماغيا ) ، وذلك بإخراجها المهمل الجاهل لمعانيها ودلالاتها ضمن مورث الفكر الانساني وبما يعيد صياغة الفهم الادراكي لبنى افكارنا – ولنطبق ما نذهب إليه لإيضاح ما نذهب إليه . . .
ف . . ( الاعتقاد بفكرة حزب ومبادئه تؤخذ بمعنى ايمانه التصديقي قناعة ب ( عقيدة ) الحزب السياسية ، وذات الامر اعتقاده بذاك الفكر هو الافضل بقناعة ذاتية ( عقليا وعلميا ) والاكثر عدالة او تطويرا للحياة والانسان ، ما يعني تأطر ذلك الفكر بعقيدته كمسيطرة على تفكيره وسلوكه وممارساته ، وذلك لتمحورها على بنية القناعة ، والتي تصبح هي الموجهة للسلوك او الفعل للفرد .
إذا ، فالمشكلة الذهنية الفكرية ( المتصنمة بتكرارية النقل النسخي للمفاهيم ) يعود الى اصل ثلاث مفردات ، ( الاعتقاد ، العقيدة ، المعتقد ) ، واللاتي في فهمنا الفكري عربيا بين السطحية الجاهلة أن ثلاثتها تحمل ذات المعنى او تقود الى ذات الدلالة – فلا عقيدة دون اعتقاد لمعتقدين ، وكل عقيدة لفئة تعد معتقدا لهم – لا أعتقد الان أي كان لن يوافق على ذات الاستدلال السابق المتذرع به – وما يغيب عن المفكرين المعاصرين عالميا وعندنا حيث الغالبية العظمى من العقل العربي المصدق اطلاقا بذلك التعبير ، أن ما يصدقون به ليس إلا ما هو ظاهريا . . أي طافيا على سطح ظاهر العبارة ، بينما ما اثبته العلم في مختلف مناحي المعرفة بأن لا يصدق الظاهر دوما عن حقيقة الاشياء او الظواهر بما يصدر عنها ومسلكها بما يظهر لنا خلال حواسنا ، بل أن العلم أكد ضعف حواسنا مقارنة بغيرنا من الحيوانات واستعيض هذا الضعف ليلم في نشاط ادمغتنا – بينما البقية من المستعرضين بتفاخر فكري ، فإنهم يثبتون مفهوم العقيدة على اساس ديني إلهي ، وعلى الاديان غير الالهية ( الوثنية ) كمعتقدات خاصة ، بينما الاعتقاد فهو امر شائع عند البشر ، ولكن يفرق هناك في مسألة الاعتقاد بين أن يعتقد المرء بشيء او بآخر من الاف الامور التي تتماس معه خلال حياته اليومية – اطلاعا معرفيا او خبرة ممارسيه تأثرية - وهذا الاعتقاد إما يصدق بالنسبة لديه ليكون مؤمنا مقتنعا بما اعتقد به ، او يتكشف له لاحقا خطأ ما كان يعتقد به ، والذي لم يكن سوى افتراض تصوري ثبت له خطل فهمه للأمر او قصور ما كان يحسبه ذهنيا – وبين أن يكون الاعتقاد يقينيا بالنسبة للمرء – ويختلف العقل الفكري العلمي عن غير العلمي او المدعي بالعلمية ، بأن اليقين الاعتقادي يظل نسبيا حتى لو كان مثبتا كحقيقة ، بينما الاخر يقبل مفهوم الاعتقاد يقينا بمعرف ( الايمانية عند الفرد ) والتي تجعل المعتقد مطلقا بغض النظر إذا لم يكن مثبتا ماديا – كالاعتقاد الايماني بالغيبيات .
وبعيدا عن جدليات الدين والعلم ، نجزم بادعائنا الشخصي ، أن كل بشري فرد – متدين او غير متدين ، متعلم او امي – يحتوي دماغه على الاف او عشرات الاف من الاعتقادات ، ومئات من المعتقدات ( الحاضرة والمخفية لديه من ارثه المجتمعي والبشري ) ، كما وتوجد عنده عشرات من العقائد التي يؤمن بها – منها التي يدركها ويعترف بها تصنيفا ( كعقيدة التوحيد الدينية الالهية مطلقة الاعتقاد الايماني ، وعقائد اخرى يؤمن بها وليس مثل الدين ك . . العقيدة الحزبية والفكرية او العسكرية . . الخ ، وغيرها الكثير لا يعلم عنها كإدراك معرفي لديه فيها ولا يقرها )
وخلال تطور عالم الانسان وتعقد منكشفات نشاطه الدماغي الذهني والمعطى السلوكي المنتج تنفيذا لتلك الاوامر الدماغية بتحكم موصفها المعرف بالعقل ، اصبح مثبتا بملموسية واضحة للجميع بأنه ليس من الضرورة تصنيف ايديولوجية امرئ فرد من خلال اعتناقه – دينا ، فكرا ، حزبا او مبدأ – معتقدا جمعيا من مجموعة او فئة ينتمي إليها او يحسب عليها ، حيث اثبت لا وجود لأمرئ واحد مطلقا تحكم عقله ونفسه وافعاله أية عقيدة حتى لو ادعى بإيمانه المطلق بها ، كما وأن الايمان الادعائي القولي والخطابي ذاك لا يغطي حقيقة السلوك الممارس للمؤمنين عقائديا على نحو فردي او بصورة مجموعات تحكم واقع علاقاتها بنى صراعية مشدودة للنزعات الفردية او الشللية حول الحيازة لقوة القرار باسم ( الله او الحزب او التيار الفكري او السياسي او الجهوي ) .
وعلى ما سبق ، فإن ما عرفناه عن مفهوم الايديولوجية ( اعتناق عقائدي ) لمجموعة ليس للفرد إلا أن يعد منتميا بالإلحاق . . لهو ينقض جوهر ما تبنى عليها الايديولوجيا ، فلا تركب مسألة القناعة بعقيدة ما أن تكون نظامية السلوك والممارسة لمنتظمي المعتقد مضادة او منحرفة عن منظومتها النظرية ونهجها النظري المفترض – فأصل الايديولوجيا ( المعتقدية كفكر نظري وقيم روحية ) لا تقوم إلا من خلال السلوك الممارس – للفرد او الافراد – كنهج منضبط موجه بالقيم النظرية المجردة المتخذة معبر التسمية ب ( العقيدة ) ، لا تختل النظامية ( العقائدية ) بلا تماثل الافراد فيما بينهم – فهما نظريا وسلوكيا تطبعي – ولكن يسقط جوهر العقيدة ايديولوجيا بتحكم النزعات المنحرفة قيميا والضيقة للأفراد او الجماعات كحاكمة لطبيعة العلاقة والنظامية التراتبية بين المعتنقين في تنظيمهم الداخلي او مضمون ممارساتهم خارج التنظيم غير المعلن – وهذا ما يعطي معرف الايديولوجيا ب ( الوعي الزائف ) ، ولذا فالإيديولوجيا ب ( الوعي الحقيقي ) لا تستقيم إلا على صعيد الفرد فقط ، وليست من خلال ما يدعيه بعقيدة ايمانية قولا او ما تصبغه عليه صفة الانتماء لتنظيم او موقع فيه او حتى من خلال ظاهر السلوك والتصرف الموحى تمييزا له في الصدق مع ايمانه المعتقدي ، بل تكون منكشفة – أي ايديولوجية الفرد – من خلال ما يطبع عليه من نهج واحد الاتجاه ( قيميا ) في مختلف الامور والمسائل التي يتعامل بها – بغض النظر عما يدعيه او يوصف به او يطلق عليه من التسميات ، فجميعها بين ( عقائد ومعتقدات واعتقادات تصورية او تخيلية – دينية ، فكرية او حزبية ) لا ترتقي لتكون بصفة الايديولوجيا ، كونها لا تمتلك قوة التوجيه الضابط لنهج السلوك والفعل الممارسين بشكل شبه ثابت نسبيا وفق القيم الحاكمة لذلك الفكر المعتقدي – وهنا يظهر الانحراف الواضح بين القول والفعل بين الشعارات والممارسة – بينما يمثل ذلك الرابط المتحكم بشمولية لنهج ممارسة الفرد اصل معبر الايديولوجيا ، ومن استقراء متكرر الممارسة والمواقف المختلفة لذات النهج الواحد للفرد . . نستطيع أن نعرف وبتحديد البنية النظرية الفكرية والاخلاقية لكل فرد - وعليه فالإيديولوجيا تحددها نهج النزعات المتكررة في شموليتها على الصعيد الفردي ، وبقياس افتراضي مجازي عما عرفناه فرديا يمكن اسقاطه تنميطا على الجماعات والتكوينات ، ولذا تكون الايديولوجيا ليست إلا الناظم الايقاعي لنهج الفرد المتكرر – او افراد المجموع – هذا النهج يكون محكوما ب ( المصلحة ) ، بحيث يكون ( زيف الايديولوجيا او الايديولوجيا الزائفة ) موسمه تعريفا ( بالوعي الزائف ) ، حيث تكون العقيدة الفكرية وهما عند معتنقها وتوهيميه للآخرين ، بينما تكون ( الايديولوجيا ) ك ( وعي حقيقي بالمصلحة ) يوجه السلوك والفعل لتحقيق تلك المصلحة – وهنا قد تكون الايديولوجيا شريرة او خيرة ، رفيعة او رخيصة او مبتذلة ، عادلة او ظالمة – منها يتم التعامل على اساس محمول نهجها لصالح الانسان او لضيمه وتحقيره او فنائه – وهو ما يبعدنا عن مفهوم الطبقية والانتماء – ألم يقل ماركس بمعنى : ( أن الفكر الثوري يفقد ثوريته ويصبح رجعيا حين يتحول الى عقيدة ) – وهو ما نذهب إليه بأن الايديولوجيا ليست عقيدة فكرية او اخلاقية بل هي نمطية معتقديه ( تسيطر فكرة وقيمة على عمل العقل وموجهاته للفعل السلوكي ) تطبع المرء سلوكيا على نهج شبه ثابت ( غير معتقدي ايماني ذهني ) وغالبا يكون عفوي واحيانا بإدراك انتهازي – في جانب الشر - في محصلة ناتج السلوك والمواقف على اساس المصلحة ، وقد يطلق المرء فيما يعلنه عن نفسه بما يؤمن به من قناعات فكرية واخلاقية ، لكنها ستعد كذبة لو اردنا تقييمه قيميا ، فإن حكمنا عليه كعنصر ايديولوجي فلن يكون حقيقة إلا ايديولوجيا زائفا وذا وعي زائف – وهنا يعد الصراع الايديولوجي طبيعيا وتاريخيا وازليا مرهون بوجود نوع الانسان او الكائن الغائي وفق منظور فضائي مجرد لاحتماليات وجود كائنات عاقلة او غائية فوق عاقلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يحب لاعبو الغولف ملاعب -لينكس- الصعبة؟


.. دمار كبير في عيتا الشعب وتبادل مستمر للقصف.. كيف يبدو المشه




.. المحكمة العليا الأميركية تحسم الجدل حول -حصانة ترامب-


.. وضع -غير مألوف- في فرنسا.. حكومة يمينية متطرفة تقترب من السل




.. قبل -جولة الحسم- في إيران.. معسكران متباينان وتغيير محدود |