الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انزلاق نحو الحافة او الحرب العالمية الثالثة

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2023 / 4 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


اوربا ومعها العالم كله في مسار تتعاظم فيه المخاطر التي وصلت نحو الحافة ومعها خطوة واحدة لاشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة وهناك قوى سياسية وشركات راسمالية تعزز هذا الامر وتدفع نحو ذلك الانزلاق حيث الوقوف على الحافة لايلبي طلبها وتوحشها المالي ولا يشبع غيرزتها البدائية بالقتال وما ينجم عنه خاصة وان الأسلحة الراهنة اكثر تطورا واكثر تدميرا ..
قد يتصور البعض ان المخاوف من الانزلاق نحو الحرب العالمية الثالثة يرتبط بحرب روسيا واوكرانيا فقط وفق تداعياتها الكبيرة والخطيرة لكن الممهدات كانت قبل ذلك من العام 90 وقت انهيار الاتحاد السوفيتي كأهم الثنائية القطبية وماترافق معه من متغيرات جيو استراتيجية ،، حاولت امريكا التغلغل إلى كل الدول المستقلة عن ذلك الاتحاد بل وضمها إلى حلف الناتو مع العلم ان هناك اتفاق بين جورباتشوف وبوش الاب قبل الانهيار بعدم توسع الناتو إلى جوار روسيا ..ومع ظهور بوتين وتمكنه من اعاد بناء الدولة الروسية ووقف بيع أصولها الاقتصادية التي بييع بعضها من قبل يلتسين ، ومع تزايد حضور روسيا اقليميا وعالميا تزايد بالمقابل الظهور الامريكي في كل المجالات الاستخباراتية والعسكرية والاقتصادية وغيرها وكانت امريكا ولاتزال لا توافق تمدد روسيا خارج حدودها عبر تواجد قوات عسكرية في اكثر من مكان ومع ذلك حاولت امريكا ان تبقى علاقاتها بروسيا في حدود مقبولة سياسيا ودبلوماسيا خاصة وان امريكا دخلت ازمات كبيرة صنعتها مثل احتلال العراق وافغانستان ولم تكن ترغب في معارضة قوية من روسيا او إثارتها للرأي العام العالمي ..
لكن مع العمليات العسكرية في اوكرانيا التي جاءت بعد ان خرجت امريكا من العراق وافغانستان اصبح الجيش الامريكي دون مهمة كبيرة تستقطب اموال دافعي الضرائب وتوجه الكارتل الصناعي الامريكي...هنا تم إعادة تفعيل وتنشيط حلف الناتو من خلال دعم امريكا لجماعة اوزوف الاكروانية المتطرفة لتكون راس حربة في المواجهة مع روسيا خاصة بعد ان أقدمت رسيا بطريقة دراماتيكية بضم جزيرة القرم الى أراضيها ..وهنا تم اعلان العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا وفق اهداف متعددة اهمها منع تقدم الناتو وامريكا إلى جوار روسيا وإظهار قوة الجيش الروسي واعلان رؤية استراتيجية لروسيا لاتقبل انفراد امريكا بادارة العالم كقطب أوحد.
في هذا السياق كانت امريكا من قبل الازمة تتهم روسيا والصين بأنهما معا يشكلان حاجزا لمنع تفردها بادارة العالم (خاصة وان بوش الاب اعلن في بداية التسعينات بداية مرحلة أحادية القطب وتفرد أمريكا بإدارة العالم ) وان التطور العسكري الروسي والاقتصادي والتكنولوجي الصيني يهدد امريكا وينافسها أيضا ..
وقد أعلن بايدن ومن قبله اكثر من رئيس ان البيت الابيض لن تسمح بأن تكون الصين القوة الاولى اقتصاديا في العالم من هنا نفهم التوحش الامريكي بل الرأسمالي الغربي نحو حصار روسيا ومحاولة هزيمتها ومحاصرة الصين واضعاف تقدمها الاقتصادي ... واليوم تتصاعد الازمات وتتراكم ،،، فهناك الحرب في اوكرانيا التي دخلت عامها الثاني واتسعت مخاطرها في اوربا ذاتها التي بدأت تدرك حجم المخاطر عليها أولا دون امريكا البعيدة جغرافيا ، وهنا تم فتح القمقم العسكري وفق رؤية ألمانية لاعادة بناء جيش كبير ومتطور ورفع ميزانية الجيش لأول مرة منذ خمسة عقود او يزيد ومثلها اليابان التي زادت ميزانية الجيش وعدده وعدته (كلا الدولتين هزمتا في الحرب العالمية الثانية ومنعتا من بناء جيش كبير او امتلاك أسلحة نووية او ارسال جنود خارج حدوها) ... وترافق مع ذلك ازمات الطاقة والتضخم ومعاناة ملايين من الاوربيين اقتصاديا ومعيشيا (ومعاناة ملايين من البشر في مختلف ارجاء المعمورة نظرا لترابط الاقتصاد العالمي ).. ووفقا لها اشتعلت المظاهرات في كل اوربا ولاتزال بعضها مستمرة حول النهج الاقتصادي وضد استمرار الحرب في اوكرانيا .
امريكا من اجل انفرادها بادارة العالم وكي تبقى متفوقة عسكريا وتكنولوجيا لاترغب بمنافسين قادرين على كسب جولة التنافس ، ولاترغب في تعددية قطبية تنهي فرادة الدور الامريكي ، ولاترغب في التقارب الكبير بين روسيا والصين ، ولاترغب بتمدد أدوار الصين وروسيا خارجيا .. مثل دور الصين في المصالحة بين ايران والسعودية الذي كان مفاجئا لامريكا ، و تمدد الاستثمارات الاقتصادية الصينية في افريقيا وهي تلقى قبولا كبيرا ، وحضور الجيش الروسي في سوريا وليبيا وعدد من الدول الافريقية ،، إضافة الى ذلك تدرك امريكا طموح اوربا خاصة المانيا وفرنسا في ان يكون لهما دورا مستقلا عن امريكا ..
في هذا السياق تم تضخيم المخاطر الروسية على اوربا والدفع بالدول الأوربية للبحث عن مصادر طاقة بديلة عن الغاز الروسي واعتماد مئات العقوبات على روسيا بل والاتجاه نحو مكارثية جديدة تقودها امريكا ضد كل الرموز الروسية الثقافية والرياضية والسياسية والمالية والاعلان الرسمي عن تحذير الصين من مسارات التقارب الكبيرة مع روسيا ،، فيهذا الإطار ومع تراكم الازمات الراهنة التي وضعت اوربا ومعها روسيا على الحافة قد تكون الطلقة الاولى قادمة لاشعال الحرب العالمية الثالثة عسكريا ...
اما من حيث المعركة التنافسية في الاقتصاد والتكنولوجيا والاستخبارات فما نشهده اليوم أقوى مما كان في الحرب الباردة في سبعينات القرن الماضي .. ومعنى ذلك ان هناك حرب ثالثة في العالم محورها الاقتصاد والتكنولوجيا والمعلوماتية (الحروب السيبرانية ) والتمدد الاستراتيجي للدول وجيوشها .. كل هذا مسنود بقوات عسكرية يتم اعادة هيكلتها وانتشارها وفق المسارات الجيو ستراتيحية لكل من امريكا وروسيا والصين ومع كل منها حلفاء وأصدقاء في مختلف ارجاء المعمورة ..
الازمة الراهنة مشتعلة في اوكرانيا وفي بحر الصين الجنوبي حدود تايوان وفي المحيط الهندي حيث تجمع عسكري وامني جديد إضافة الى بؤر الازمات المشتعلة في الشرق الأوسط وفي اكثر من بلد اخر .. إضافة إلى محاولات كبيرة لاستقطاب عالمي مع كل طرف من الأطراف الكبيرة التي تعلن نفسها اقطاب في نظام عالمي يتشكل ويعاد بنائه ..
المؤكد ان الحرب في اوكرانيا لن تنتهي سريعا بل قد تستمر حتى نهاية الصيف القادم ، والازمات الاقتصادية ستتفاقم كثيرا خاصة مع دخول امريكا واوربا مرحلة الازمة المالية وافلاس عدد من البنوك الامر الذي يشكل مخاطر كبيرة في السياسات المالية داخل اوربا وداخل امريكا وارتدادها في العالم كله ومؤشرات ذلك باتت واضحة للعيان في اكثر من دولة .. في هذا الصدد كتبت سابقا اكثر من مقال منوها ان الحرب الباردة التي اشتعلت عقب الحرب العالمية الثانية وبلغت ذروتها في سبعينات القرن الماضي لم تنتهي بل لاتزال قاىمة وتتجدد مساراتها واهدافها ولكن الجديد هنا ان هذه الحرب اظهرت بؤر مشتعلة تتجاوز ما كان مسموحا به في فترات سابقة.. اي انه في السابق كانت بؤر الازمات يتم اشعالها خارج حدود اوربا وفق اللعبة السياسية بين الكبار واعوانهم .. اليوم اللعبة تتم داخل اوربا ذاتها وهنا مكمن الخطر الأكبر حيث الأنزلاق نحو الحرب سيكون باسلحة عالية التطور والقدرات التدميرية ..
مع العلم ان اوربا ذاتها قد عاشت تجربة الحرب العالمية مرتين في القرن العشرين وعرفت المخاطر والاهوال المصاحبة لها ..لكن يبدو أن اكثر من سبعين سنة بعد ذلك من التطور والهدوء قد اثمر قوى سياسية متطرفة داخل اوربا وامريكا وان الكارتل الصناعي العسكري والرأسمالية المتوحشة لديهم الرغبة في اشعال ازمات عالمية للخروج من حالة الكساد الراهن او منعا لانتشاره وتمدده لأن هذا وحده يجعل الأرباح والاموال تجري إلى حساباتهم وجيوبهم ويجعل مصانعهم تعمل وتدور اكثر من مسارات الاقتصادي في زمن السلم والتوافق الدولي ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح