الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى يوم الأرض واستمرار احتدام الصراع الجغرافي والديموغرافي مع دولة الاحتلال

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2023 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


أحيا الشعب الفلسطيني يوم الخميس الموافق 30/ 3/ 2023 الذكرى السنوية السابعة والأربعين ليوم الأرض، الذي أصبح عيدا فلسطينيا للأرض والتمسك بها والدفاع عنها؛ وجاءت هذه الذكرى التاريخية التي سميت بيوم الأرض بعد هبة الجماهير الفلسطينية في أراضي ال 48 المحتلة عام 1976احتجاجا على سياسات المصادرة والاقلاع والتهويد التي تنتهجها إسرائيل، وإقدامها على الاستيلاء على نحو 21 الف دونم من أراضي عدد من القرى الفلسطينية في الجليل؛ ففي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضرابا عاما وتصدت لقوات الاحتلال الإسرائيلية التي حاولت كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى اشتباكات بين المواطنين الفلسطينيين وبينها كان أعنفها في قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا، ونتج عنها استشهاد ستة مواطنين وجرح 49 واعتقال ما يزيد عن 300 آخرين.

ذكرى يوم الأرض السنوية تعيد التأكيد بأن معركتنا مع الصهاينة لها وجهان رئيسيان: الأول جغرافي يتمحور حول الأرض والسيطرة عليها، والثاني ديموغرافي يتمحور حول البشر والأغلبية السكانية على أرض فلسطين التاريخية، أي من البحر إلى النهر. ولهذا فإن إسرائيل ومنذ قيامها حتى الآن تبذل كل جهد ممكن لابتلاع الأرض وتهجير الفلسطينيين.

فعلى الصعيد الجغرافي طبقت إسرائيل منذ قيامها قانون خصخصة الأراضي، إلى جانب قانون موفاز الذي ينص على خصخصة الأراضي الفلسطينية المصادرة وأملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة وطنهم عام 1948، وحاصرت إسرائيل فلسطينيي عام 1948 في مناطق محدودة بمدنهم وقراهم ومنعتهم من البناء والتوسع العمراني، وعزلت غزة عن العالم، وحاصرت فلسطينيي الضفة الغربية وسرقت معظم أراضيهم وتغولت في التوسع الاستيطاني؛ فقد أفاد بيان أصدره " مركز أبحاث الأرض " التابع لجمعية الدراسات العربية بمناسبة ذكرى يوم الأرض السابعة والأربعين أن دولة الاحتلال استولت على مليوني وثلاثمائة الف دونم من أراضي الضفة الغربية وخصصتها لترسيخ المشروع الاستيطاني ببناء 572 مستوطنة وبؤرة استيطانية يسكنها حوالي 850 الف مستوطن، وخلال عملية مصادرة الأراضي في الضفة الغربية هدمت 12350 بيتا فلسطينيا واقتطعت أكثر من مليوني شجرة زيتون.

أما على الصعيد الديموغرافي (السكاني) فان الدولة الصهيونية تهتم اهتماما خاصا بالتكاثر السكاني الفلسطيني وتعتبره خطرا يهدد هويتها اليهودية ووجودها؛ ولذلك استمرت محاولاتها في الحفاظ على تفوقها العددي على الجانب الفلسطيني من خلال عملها الدؤوب منذ قيامها بتشجيع ومساعدة يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين، ونجحت خلال العقود الثلاثة الماضية في استغلال انهيار الاتحاد السوفيتي لجلب ما لا يقل عن مليون مهاجر روسي؛ واهتمت اهتماما خاصا بتشجيع الانجاب بتقديم مساعدات للعائلات التي تنتج المزيد من الأطفال.

وعلى الرغم من استمرار جهودها ونجاحها في استقدام المزيد من يهود العالم، إلا إنها تشعر بالرعب لأن الحقائق الديموغرافية تشير إلى أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وأراضي ال 48 يتساوى حاليا مع عدد الإسرائيليين، وإن الفلسطينيين سيصبحون أغلبية خلال السنوات القليلة القادمة. فقد أعلنت دائرة الإحصاء المركزية في تل ابيب أن عدد سكان إسرائيل في نهاية عام 2022 بلغ 9.6 مليون نسمة. وقالت إن 7.1 مليون شخص منهم هم من اليهود، و2 مليون عربي، و 513 ألفا لم يحددوا قومية لهم. وأعلن جهاز الإحصاء الفلسطيني ان عدد الفلسطينيين في نهاية عام 2022 بلغ 14.3 مليون نسمة، ما يقارب 7.1 مليون يعيشون في الضفة الغربية وغزة وأراضي ال 48 و 7.2 مليون يعيشون في الشتات.

تساوي عدد الفلسطينيين مع عدد اليهود في فلسطين المحتلة حاليا له مؤشرات وتداعيات مستقبلية خطيرة على الصراع العربي الصهيوني؛ فهو يشير إلى أن الفلسطينيين سيحققون الأغلبية خلال السنوات القادمة بسبب ارتفاع معدلات الولادة لديهم 27.76 لكل ألف شخص مقارنة مع 19.39 في إسرائيل، إضافة إلى ارتفاع الوفيات لدى الإسرائيليين 5.30 لكل ألف بسبب كبر متوسط عمر السكان مقارنة مع 3.45 لكل ألف فلسطيني.

فلا غرابة إذا في ان هذا التساوي الحالي في عدد السكان الفلسطينيين واليهود يثير رعب وقلق دولة الاحتلال؛ فعلى الرغم من مرور 75 عاما على إقامتها واستمرار جهودها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المهاجرين اليهود، وممارستها لسياسات التهويد ومحاصرة ومضايقة الفلسطينيين والعمل على تسهيل هجرتهم ومنعهم من العودة، إلا ان الفلسطينيين صمدوا في أراضيهم وتمسكوا بها، وتصاعدت مقاومتهم للاحتلال ودولته، وتضاعفت أعدادهم مرات عديدة، واستمروا في التعمير والبناء، ولا أبالغ إذا قلت أن مدن وقرى الضفة الغربية وغزة شهدت تقدما عمرانيا غير مسبوق خلال العقود الماضية مما يدل على صلابة شعب الجبارين واستحالة انكساره وتسليمه للأمر الواقع.

ولمساعدة الشعب الفلسطيني في صموده في وطنه وزيادة عدده، يجب على السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص أن تشجع التكاثر بتقديم حوافز للعائلات التي تنجب المزيد من الأطفال ومساعدات للعائلات المحتاجة، وأن تركز على تطوير الاقتصاد الفلسطيني، وتبذل المزيد من الجهود للحصول على مساعدات اقتصادية من الدول العربية ودول العالم لخلق وظائف جديدة لمنع هجرة الشباب، وتعمل وتنسق مع الدول العربية التي تستضيف الفلسطينيين، خاصة الأردن، لتشجيع وتسهيل عودة فلسطينيي الضفة وغزة الذين يحملون الهوية الإسرائيلية لمدنهم وقراهم المحتلة، والبقاء والاستقرار فيها كوسيلة هامة لإفشال مخططات وسياسات دولة الاحتلال التي تهدف لتهجير الفلسطينيين وتطويق الخطر الديموغرافي الذي يشكلونه على وجودها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا دخلت شرطة نيويورك قاعة هاميلتون بجامعة كولومبيا حيث يت


.. وزير الدفاع الأمريكي يقول إن واشنطن ستعارض اقتحام رفح دون خط




.. وقفات احتجاجية في جامعات الكويت للتضامن مع غزة


.. وزير الخارجية الأمريكي: إسرائيل قدمت مقترحات قوية والكرة الآ




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد قال إنها لتجهيز فرقتين للقتال في