الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش والسياسة والاقتصاد .. فى إسرائيل ( 3 )

أحمد فاروق عباس

2023 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


للعسكريين الإسرائيليين الدور الأبرز فى الحياة السياسية والاقتصادية في إسرائيل منذ قيام الدولة وحتى الآن ، فهم مؤسسيها وبُناتها ، وتسعى الأحزاب الإسرائيلية لضم القادة العسكريين اللامعين إليها ، بهدف الحصول على أكبر عدد من الأصوات فى الإنتخابات ..
وتجرى الإتصالات مع هؤلاء القادة قبل تركهم مناصبهم ، وأغلب من حكم إسرائيل وتولى الوزارات الرئيسية فيها كانوا من المؤسسة العسكرية أو عمل فيها أو قادها لبعض الوقت ..
والقول بأن الجيش الإسرائيلى يمثل القوة التنفيذية بينما تمثل وزارة الدفاع بأقسامها سيطرة السلطة السياسية على الجيش قول غير دقيق وتخطئه الوقائع ..
ومن أبرز العسكريين الذين تولوا مناصب سياسية ومدنية كبري في الدولة الإسرائيلية شخصيات مثل إسحق رابين ، مناحم بيجن ، موشيه دايان ، أريل شارون ، إيهود باراك ، تسيبورا ( تسيبي ) ليفنى ، حاييم بارليف ، عزرا وايزمان رافائيل إيتان ، أمنون شاحاك .... وغيرهم كثيرين .
وقد شغل بعض العسكريين منصب رئيس الدولة مثل حاييم هيرتزوج وعزرا وايزمان ..
وفى إسرائيل يتولى كبار الضباط المتقاعدين المناصب الهامة داخل مؤسسات الدولة المختلفة ، وخاصة فى المجالات الاقتصادية ..
فقد تولى الجنرال ( اللواء ) شارون علي سبيل المثال وزارة الزراعة ( ١٩٧٧ - ١٩٨١ ) ثم تولى حقيبة الدفاع ( ١٩٨٢ - ١٩٨٤ ) ثم وزيرا للتجارة والصناعة ( ١٩٨٤ - ١٩٩٠ ) وبهذه الصفة عقد إتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة عام ١٩٨٥ ..
وفى الفترة ما بين ١٩٩٠ - ١٩٩٢ عمل شارون وزيرا للبناء والإسكان ، ورئيسا للجنة الوزارية لشئون المهاجرين الجدد واستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفيتي ..
ثم تولى حقيبة الإسكان مرة أخرى ( ١٩٩٦ - ١٩٩٨ ) ، ثم رئيسا للحكومة الإسرائيلية ( ٢٠٠١ - ٢٠٠٦ ) .
ومثل شارون كان إسحق رابين - رئيس أركان الجيش الإسرائيلى عام ١٩٦٧ - وزيرا فى عدة وزارات ثم رئيسا للحكومة الإسرائيلية أكثر من مرة ..
كما عمل الجنرال أهارون ياريف - مدير المخابرات الحربية - وزيرا للمواصلات ثم وزيرا للإعلام !!
وللضباط العسكريين المتقاعدين دورا كبيرا في مجالات العمل الاقتصادى ، فقد عمل كثيرين منهم كمدراء للعديد من الشركات والمصانع الكبرى ..
ويبرر الإسرائيليون ذلك بأن لجيش الدفاع الإسرائيلى نظام تناوب سريع ، ونتيجة لذلك فإن معظم كبار ضباطه يتركون الجيش فى منتصف الأربعينات أو أوائل الخمسينات من العمر ..
وهؤلاء يجدون تشجيعا لدخول الحياة المدنية ، سواء في إدارات الحكومة أو فى المجال السياسي أو فى مجال التجارة والأعمال ..
والنتيجة أن هناك عدد كبير من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين يشغلون مناصب رئيسية في الحياة المدنية ..
فحتى عام ١٩٦٧ كان هناك ٦ من أصل ١٣ رئيسا للأركان في الجيش الإسرائيلى دخلوا الحياة السياسية وخدموا كوزراء فى الحكومات الإسرائيلية ..
بينما تولى جنرالات آخرين أعلى المناصب فى شركة الكهرباء الإسرائيلية وفى الصناعات العسكرية وهيئة الآثار القديمة وهيئة المياه الوطنية وسلطة الموانئ وفى هيئة السكك الحديدية ، وفى العديد من المؤسسات والوكالات الحكومية المختلفة ..
وقد ظل عمل العسكريين الإسرائيليين فى الحياة الاقتصادية والمدنية عموما ملمحا مهما فى طبيعة النظام السياسى والاقتصادي فى إسرائيل طوال عمر الدولة الإسرائيلية ..
فقد عمل يعقوب بيرى رئيس الشاباك ( جهاز الأمن الداخلى ) رئيسا لشركة سيلكوم للهواتف النقالة وبعدها رئيسا لبنك مزراحى ..
بينما عمل رئيس الأركان السابق دان حالوتس ( ٢٠٠٥ - ٢٠٠٧ ) مديرا لصندوق استثمار سترلنيك ، وبعدها رئيسا لشركة كمور موتورز وكيل السيارات الفاخرة بى ام دبليو BMW في إسرائيل ..
وقد انضم الاثنان ( يعقوب بيرى ودان حالوتس ) إلى حزب كاديما عام ٢٠١١ ..
ويعترف كثير من الباحثين الإسرائيليين أن جيش الدفاع الإسرائيلى يحتل مكانه في الحياة العامة أهم من مكانة العسكريين فى أى دولة غربية ، وأن هناك مزيد من الأدلة أن الجيش الإسرائيلى يملك - من وراء ستار - الكلمة الأخيرة ..
وللعسكريين أيضا السلطة الأكبر في مجال تصدير الأسلحة الإسرائيلية ، وإسرائيل من أكبر عشر دول فى العالم فى تصدير السلاح ، ووزارة الدفاع لديها دائرة معينة مسؤولة عن هذا المجال ، وتمارس رسميا سلطة تكاد تكون مطلقة على كل أنشطة تصدير الأسلحة ..
وللجيش الإسرائيلى نفوذ قوى فى مجال العلاقات العامة ، حيث يقيم اتصالا وثيقا مع الصحافة المحلية والدولية ، ومع قادة الفكر فى الدولة ، ومع جماعات أخرى عديدة في المجتمع الإسرائيلى ..
وليس لدى الجيش الإسرائيلى متحدث رسمي فحسب ، وإنما هناك أيضا مكتب للأفراد ، وهو عبارة عن مؤسسة كبيرة تقوم بتوظيف عشرات الضباط والأفراد المجندين ..
وللسلطات العسكرية فى الجيش الإسرائيلى السلطة العليا في تحديد ميزانية الجيش ، ودور السلطة المدنية فى ذلك - ممثلة في مجلس الوزراء - يعد دورا هامشيا ، فعلى سبيل المثال أعلن مجلس الوزراء عام ١٩٧٧ تخفيض ميزانية الجيش بنحو ٢٠٠ مليون دولار للحد من تيار التضخم المالى المتزايد ..
عندها اعترض رئيس أركان الجيش الإسرائيلى موردخاى جور بشدة على هذا الإجراء ، وطالب بدراسة الموضوع مرة أخرى ، ووضع قدرا كبيرا من العراقيل والمعوقات ، وفى النهاية فاز جيش الدفاع الإسرائيلى ، وتم إلغاء التخفيضات المقترحة من الحكومة ..
وتحتفظ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بصلات وثيقة بهدف التنسيق والمتابعة مع معظم أجهزة ووزارات الدولة ، مثل وزارات المالية والتجارة والصناعة والعمل والتعليم والزراعة والشئون الدينية ..
كما يتغلغل الجيش الإسرائيلى فى نشاطات مدنية كثيرة مثل تعليم اللغة العبربة للجنود من أبناء المهاجرين الجدد ، ولا تقتصر مشاركة الجيش الإسرائيلى على ذلك فقط ، بل شارك في عمليات استقدام المهاجرين من أماكن وجودهم ، وتحقيق التكامل بينهم ، وتوظيفهم واسكانهم ، وإقامة مشروعات الهياكل الأساسية لهم ..
وللجيش الإسرائيلى محطة إذاعة خاصة به ، وهى تذيع برامجها إلى جميع السكان لفترة تمتد إلى ٢٤ ساعة فى اليوم ، ولديه كذلك مجلة أسبوعية رائجة خاصة به ..
ويقوم الجيش الإسرائيلى بتنفيذ برامج للتدريب العسكرى فى المدارس العليا ، ويدير عددا من المدارس المهنية ، ويقدم سلسلة من البرامج التعليمية للجنود ، ويعد هو المسئول عن الرقابة الأمنية على المطبوعات ..
وقد منح الجيش الإسرائيلى سلطات واسعة النطاق فيما يتعلق بإدارة المناطق العربية التى احتلت عام ١٩٦٧ ، وأصبح مسؤولا بشكل مباشر عن ملايين العرب في الأراضى المحتلة ..
والحاكم العسكرى الإسرائيلى فى تلك المناطق صاحب السيادة الفعلية فى مختلف المجالات ، ومراسيمه لها قوة القانون ..
وإن تغير الأمر بعض الشئ بعد إتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣ وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ..
تلك كانت لمحة شديدة الاختصار عن دور الجيش الإسرائيلى فى الحياة المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل ..
لعل وعسى أحد يقرأ أو يهتم ..
فهى دولة كان لنا معها قصة طويلة ومريرة ، وعلى الرغم من السلام بيننا وبينهم ، لكن هم يعرفون ونحن نعرف أن حقائق التاريخ والجغرافيا لا ينفع فيها قصاصات الورق ، ربما هى هدنة طويلة ، وربما هى فرصة لالتقاط الأنفاس .. وربما هو سلام المضطر لضغط الظروف ، لكن النار - كما يقولون - تحت الرماد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟