الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / شيفرة التاريخ و أزرار الحقيبة النووية.3/4

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


نورالدين علاك الاسفي.
[email protected]

لكن "هل تدركون ما فعلتم؟"، هذا السؤال وجهه إلى الغرب، ذات مرة، فلاديمير بوتين، وهو يتحدث من على منبر الأمم المتحدة. لم يكن هناك جواب. يبدو أن السياسيين الغربيين الآن فقط، أو على الأقل بعضهم، بدأوا يدركون عواقب التجاهل المتغطرس لدعوات روسيا إلى أخذ مصالح أمنها في الاعتبار. فالشراكة الإستراتيجية بين روسيا والصين التي أصبحت حقيقة واقعة هي "المشكلة الحقيقية" للولايات المتحدة، كما أفصح جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في مقابلة مع صحيفة تلغراف البريطانية: "يجري تشكيل محور روسي صيني، ستنضم إليه إيران وكوريا الشمالية. انظروا إلى الخريطة، انظروا إلى الجغرافيا. علينا أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد".
ان احتمال توحيد الدول حول محور موسكو- بكين- إيران- كوريا الشمالية- فنزويلا يخيف الأمريكيين. فالدول الإفريقية من وجهة نظر واشنطن بدأت تخرج عن الطاعة، و معضم سكان الكوكب الذين لا يدعمون الغرب الجماعي؛ ويعيشون في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، يشكلون كتلة من العالم مخيفة جدا للولايات المتحدة، و قد شرعت فجأة بالتحول نحو روسيا والصين.
و هذا ما نبه عليه الممثل السامي لشؤون السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في نبذ متداولة من كتابه صدر أخيرا بعنوان "العام الذي عادت فيه الحرب إلى أوروبا"، يصف فيه الحروب التي أطلقها الغرب بـ "الأخطاء". و يتناول فيه السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي عام 2022، حيث اشتكى بوريل من أن الرأي العام في الدول "التي عانت من الاستعمار" مستعد لتقبل ما أسماه "الدعاية الروسية". في عين الوقت، لم يذكر بوريل في كتابه من كان السبب في هذه "الأخطاء" المأساوية ، ولم يحلل الأسباب التي دفعت هذه الدول اليوم للثقة بروسيا أكثر من الثقة في الغرب.
و على رغمه سطر قلمه : "في عدد من البلدان التي مرت بالاستعمار، وكذلك بالأخطاء اللاحقة مثل الحرب في العراق، غالبا ما يكون الرأي العام عرضة لأكاذيب الدعاية الروسية وحملاتها الضخمة للتلاعب بالمعلومات، لا سيما فيما يتعلق بالتأثير المزعوم لعقوباتنا على الطاقة والغذاء، والإمدادات لدول الجنوب". كما أعرب بوريل عن أسفه لأن عددا من البلدان "أكثر حساسية لعواقب الحرب (أزمة الغذاء والطاقة) من أسبابها".وقال بوريل: "على وجه الخصوص، يبدو أن العديد منهم غير راغبين في اتخاذ خطوات فعالة لإجبار روسيا على وقف عدوانها".و لم يفته الاعتراف بأن أوروبا "تظهر أحيانا المركزية الأوروبية"، والتي تتلقى بسببها اتهامات من شركاء دوليين باستخدام معايير مزدوجة عندما تركز على النزاع الأوكراني ولا تولي اهتماما كافيا للنزاعات الأخرى في العالم".وتابع بوريل: "تظهر الحرب في أوكرانيا أنه يجب علينا الاستماع أكثر إلى ما يسمى بالجنوب العالمي، وإظهار مزيد من التعاطف مع هذه البلدان، والتواصل معها بمزيد من الاحترام، وتعزيز العلاقات مع جيراننا الجنوبيين" مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي ودوره في العالم يعتمد على ذلك. و يكاد من غبنه ان يتجاهل ما كرسه قبل ايام حينما صدع جاهرا في كلمته التي ألقاها الأسبوع الماضي خلال افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، قال بوريل إن "أوروبا حديقة، لقد بنينا حديقة، أفضل مزيج من الحرية السياسية والرخاء الاقتصادي والترابط الاجتماعي استطاعت البشرية أن تبنيه، لكن بقية العالم ليس حديقة تماما، بقية العالم.. أغلب بقية العالم هو أدغال".
وأضاف: "الأدغال يمكن أن تغزو الحديقة، وعلى البستانيين أن يتولوا أمرها، لكنهم لن يحموا الحديقة ببناء الأسوار، حديقة صغيرة جميلة محاطة بأسوار عالية لمنع الأدغال لن تكون حلا، لأن الأدغال لديها قدرة هائلة على النمو، والأسوار مهما كانت عالية لن تتمكن من حماية الحديقة، على البستانيين أن يذهبوا للأدغال، على الأوروبيين أن يكونوا أكثر انخراطا مع بقية العالم، وإلا فإن بقية العالم سوف تغزو أوروبا". هذا ما بتنا نراه جليا؛ و نخب الغرب لم تعد تداري نفسها في الإفصاح عنه بحرقة. و لن يكون بوريل آخر من يصدع بما نازعه في مركزيته.
إن إدانة بوتين، للسياسة الأمريكية في الخارج، وحصوله في الوقت نفسه على دعم الدول النامية أثار ضجة في العواصم الغربية وأربكها، فالتقارب بين روسيا والصين يشكل مصدر قلق خطير؛ حيث يعتبرون "هذا الثنائي منافسا محتملا للولايات المتحدة وحلفائها.
الاجتماع الأخير بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والصيني، شي جين بينغ، أدى إلى ظهور نظام عالمي جديد أوراسي، قلب الموازين، وجعل روسيا والصين اللاعبين المهيمنين في الساحة العالمية، وزاد من عزل الولايات المتحد.(6)
هل هي إشارة لعودة الوعي آم أن الآلهة على حد تعبير كيسنجر قد تعمد إلى مقاصصتنا على وقاحتنا. و ذلك بالاستجابة الكاملة لطلباتنا. (7)
لم يعد الأمر يتعلق بحقيقة أن الواقع الجديد الناشئ "يخيف" الولايات المتحدة وأتباعها، إنما يتعلق بعبث محاولة إيقاف هذه التغييرات. لذلك، على الأقل، بدأ شيء ما يصل إلى إدراك بولتون.و كل ا الذين دوختهم المركزية الغربية ردحا و أدمنوا الاستعلاء و الاستلاب.فالنظام الأمريكي نظام استعماري حديث، قائم على سرقة الدول الأخرى، والذي تعيش على حسابه الولايات المتحدة وتحميه، وتقاتل الآن ضد روسيا في أوكرانيا وتحاول إثارة حرب مع الصين من أجله. فالدولار لن يعود العملة الرئيسية للطاقة وستزول هيمنته كما أن هيمنة القطب الواحد التي أصبحت آيلة للزوال لن تعود مقبولة من شعوب الأرض جميعها رغما عن تحالف حكوماتها مع الهيمنة الغربي. (8)
و هو ما جعل مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يجهر بالقول، إن التقارب بين روسيا والصين يعتبر خطأ استراتيجيا من قبل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن. وذكر أن محاولات البيت الأبيض تصوير زيارة الزعيم الصيني شي جين بينغ لموسكو بالأمر قليل الأهمية تشكل "خطأ استراتيجيا فادحا". وأضاف: "لقد فشلت إدارة بايدن، وسمحت للروس والصين بالاتحاد، وهذا يشكل مخاطر كبيرة للولايات المتحدة وكل مواطن فيها". وأشار إلى أن العضوين الدائمين الآن في مجلس الأمن الدولي "توحدا ضد الولايات المتحدة"، الأمر الذي ستكون له عواقب سلبية على واشنطن. "فالتعاون الاقتصادي بين هاتين الدولتين، هام وسيؤثر على الولايات المتحدة، ويجب أن نكون مستعدين تماما للرد والتصدي لذلك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط