الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب السياسي ( 1 )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


الخطاب السياسي
( 1 ) – يتبع –
" البوليس السياسي للملك يقطع الكونكسيون عن منزلي اثناء الاشتغال على هذه الدراسة .. بوليس جبان ، مريض ، رديء ، ومجرم لطخ كل واجهة منزلي بالصباغة انتقاما مما انشره . سأرسل هذه الدراسة عبر Cyber " .
يعني الخطاب السياسي ، الخطابات التي كانت تنشد الحكم ، لتنزيل البرنامج العام ، او المشروع العام عند الاستيلاء على الحكم . والقول بالخطاب السياسي ، يعني انّ أي خطاب الذي تختلف مراجعه واصوله ، هو خطاب صراع وتضاد ، لان الوصول الى الحكم لتنزيل المشروع العام ، يقتضي بالضرورة خوض الصراع سواء ضد الحكم القائم ، او ضد مناصري الخطابات المخالفة .. فالهدف من وراء كل خطاب هو السلطة والحكم .. طبعا ان مجرد القول بالخطاب السياسي ، يعني ان حاملي الخطاب هم مثقفون سياسيون ، وليسوا بجهلة أميين . بل ان من سينتمي الى رافعي لواء الخطاب من قاعدة الشعب ، في دولة لها نظم حكم مغايرة للخطابات المعلنة ، يكونون في الغالب ينتمون لطبقة تروج لخطابها السياسي الداعي الى السيطرة على الحكم ، وليسوا بذلك من عامة الشعب الذي سيوظف في معركة تصريف الخطاب فوق الأرض . فالصراع بين الخطابات هو صراع من اجل التنمية الاجتماعية ، وصراع من وراءه التاريخ الذي يحيل الى أسباب التدهور والتخلف ، والذي غالبا ما يكون المسؤول عنها النظام القائم ، فحان الوقت لقلبه بنظام يحمل افقا مغايرة اجتماعيا واقتصاديا ، لانقاد البلد ، ولإنقاد الشعب من جبروت ، وطغيان ، وتسلط الحاكم المستبد ..
ولعل الأستاذ عبدالله العروي من خلال مؤلفه " الأيديولوجية العربية المعاصرة " L’ideologie arabe contemporaine ، يكون قد لامس اصل الخطاب السياسي المتصارع مع بعضه ، ويكون قد حدد اطرافه المتصارعة التي حددها في رجل الدين ، وفي رجل السياسة الليبرالي ، ورجل التقنية الذي يرى العطب تقنيا وليس أيديولوجيا ( المهدي بن بركة في المغرب ، وسلامة موسى في الشرق ) . فالصراع بين نماذج الخطابات هذه ، مرده بالأساس البديل المنتظر عن النظام القائم ، وطرح اشكال وطرق تنمية مخالفة ، حيث ان كل خطاب يعتبر نفسه البديل عن الخطابات الأخرى المستهلكة في الساحة الثقافية ، وانّ في انتصاره انتصار الخروج من الازمة ، ومن التخلف الذي يتحمل المسؤولية فيه النظام القائم ، والخطابات السياسية المقابلة ، التي تروج لبضاعة فقدت بريقها عندما فشلت في طرح البديل المشروع في الساحة السياسية . فرجل الدين يرى سبب التأخر هو تخلينا عن الإسلام ، ومن ثم فهو يدعو الى الدولة الدينية في اشكالها المختلفة نموذج الخلافة ، او نموذج الجمهورية الإسلامية ، ورجل السياسة الليبرالي يرى ان سبب التخلف هو انعدام القيم الديمقراطية الحقيقية ، وانّ الخلاص في الديمقراطية ، لأنه متأثر بأفكار " روسو " و" هوبز " و " مونسيكيوه " و" سانسيمون " .... الخ . ورجل التقنية يرى بديل النظام القائم في الماركسية وفي الديمقراطية الشمولية ..
والسؤال . لماذا فشلت كل الخطابات السياسية ، فلم ينجح رجل الدين من بناء نظام الخلاقة والدولة الاسلامية ، ولم ينجح الليبرالي في بناء الدولة الديمقراطية الحقيقية ، وفشل التقنوي الماركسي في بناء نظام الطبقة ؟
ان مقاربة الواقع بمختلف تجلياته بهدف تمثله وتغييره ، تستوجب مساءلة هذا الواقع بجوانبه الظاهرة منها والخفية . ان هذا المسألة هي في نهاية المطاف مساءلة الفكر للواقع . فمن هذا المنطلق يفرز الواقع العربي مظاهر واحداث تستفز الفكر ، وتضع مقولاته موضع سؤال .
ان محاولة رصد جوانب العلاقة بين الفكر والواقع العربيين ، تعترضها في مرحلة أولى ظاهرة مركزية ، تتجسد في ظاهرة الانقطاع بين مرحلتين أساسيتين : مرحلة الفكر النهضوي التي تتمحور حول التساؤل المركزي : كيف يمكن تجاوز وضعية التأخر والانحطاط ، وتحقيق التقدم والتحديث ، في حين اهتم الفكر العربي المعاصر بمختلف تجلياته الليبرالية ، ، والقومية ، والماركسية ، والإسلامية ، ببلورة مجموعة مهام تتعلق بقضايا الوحدة والديمقراطية ، وتحقيق التنمية . فمن هنا غلبة الفكر السياسي على الفكر النظري . اذن من هذا المنطلق يمكن الافتراض انّ الفكر العربي المعاصر ، ظل في جوهره فكرا سياسيا ، الاّ ان هذا الجوهر السياسي لم يقترن بتأسيس نظري . ذلك انّ المرجعية النظرية لهذا الفكر ، ليبراليا كان ام قوميا ، ماركسيا ، أم إسلامي ، هي مرجعية معطاة سلفاً ، اعتمدت في غالب الأحيان كقوالب جامدة ، وليس كأدوات تستمد صلاحيتها من مدى ملائمتها للواقع ، ويتم اغناءها بفعل الممارسة التي تحقق شرط التجاوز والتجديد .
إن هذا الافتراض الاولي يستوجب مهمة أساسية ، هي في جوهرها مهمة نقدية ، والنقد هنا يتخذ ابعاده السياسية ، والفلسفية ، والأبستمولوجيا ، إضافة الى البعد السسيولوجي ، باعتبارها ابعاداً متداخلة دأب التقليد الفكري العربي على الفصل فيما بينها ، او اختزالها في بُعْد آخر . ذلك ان السؤال السياسي ، يستدعي السؤال الفلسفي – النظري ، وبقدر ما ترتبط الممارسة السياسية بالممارسة النظرية ، وتتأثر احداهما بالأخر ، بقدر ما تطرح أهمية المعالجة الإبستمولوجية ، ذلك انّ الخطابات الفكرية العربية ، تفرز أحيانا مفاهيم ومقولات تدعي العلمية ، وهي غارقة في الميتافيزيقيا . كما تدعي قدرتها على رصد تجليات الواقع ، وهي بعيدة عن ان تكون مفاهيم إجرائية . في حين تتحدد أهمية المقاربة السسيولوجية للخطابات السابقة ، باعتبارها خطابات تنتج مجموعة من التصورات ، بصدد مختلف مستويات الواقع العربي ، وهي تصورات تجْدُر مسائلتها لتبيان مدى إلمامها بتلك المستويات الواقعية ، او الإفصاح عن عجزها عن معرفة الواقع ومتابعة متغيراته ، وبالتالي عن مدى علميتها ، ومدى إجرائية المفاهيم التي تعمل على انتاجها .
ان هذه المهمة النقدية ، مهمة الفكر ، ليس الفكر المتعالي ، بل الفكر الذي يستلهم الواقع من اجل تحديد آلياته وشروط تغييره ، وذلك كما يعتبر ماركس " إن سلاح النقد لا يمكن ان يعوض نقد السلاح " . وإننا سنعمل على مقاربة الخطابات الثلاث القومية ، والماركسية ، والإسلامية ، وهي مقاربة إضافة لأهميتها الابستيمولوجية والمنهجية ، تسعى الى تحديد الثوابت البنيوية التي تميز تلك الخطابات ، وهي ثوابت نوعية أحيانا ، ومشتركة فيما بينها أحيانا أخرى .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط