الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة مستقلّة مع وقف التنفيذ

محمد حمد

2023 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لا تبدو الكتابة عن عراق اليوم امرا هيّنا. فثمة أكثر من دليل وبرهان على ان البلد فقد بوصلة العمل السياسي السليم. وانتشرت فيه ،اضافة إلى سرطان الفساد، حالة من التخبّط والارتجال والعشوائية. وراح "اليسوه والما يسوه" يتلاعب في شؤونه الداخلية والخارجية. ويضحك على ذقون حكّامه. وساد مبدأ "غضّ النظر" على مجمل العملية السياسية. ولسان حال الجميع يقول "لا ارى لا اسمع لا اتكلّم. ومالي دخل بالموضوع" .
الى درجة أن كل مسؤول اجنبي، وزير أو سفير أو أي شيء آخر، يستطيع زيارة العراق حتى دون علم الحكومة العراقية. تهبط طائرته وتقلع دون علم احد. لان امريكا هي التي تسيطر على سماء الوطن. وعندما تنتهي زيارته تقول حكومة بغداد أن زيارة الوزير الفلاني (وزير الدفاع الأمريكي مثلا) تمت بالتنسيق مع الحكومة العراقية. وعلى السذج والسفهاء تصديق مثل هذه الاقوال.
من يزور العراق يستطيع لقاء اي شخصية "سياسية" حتى دون أن يكون لها موقع او منصب في الحكومة. وهناك شخصيات "سياسية" أو قادة احزاب لا تتوفر فيهم أدنى معايير الكفاءة والخبرة والثقافة السياسية والإدارية. ولا ادري ما هي حاجة وزير اجنبي أو حتى سفير إلى لقاء السيد عمار الحكيم، على سبيل المثال فقط، الذي لا يُعرف عنه شيئا سوى قلّة الحكمة.
ان الحقيقة المرّة في العمل السياسي في العراق هي أن الاحزاب والميليشيات التابعة لها هي التي تدير شؤون الدولة بموافقة امريكا والدول الأخرى.
ويفترض أن يكون العراق دولة مستقلة ومستقرة نسبيا إلا أن دول العالم ما زالت نعتبره دولة خاضعة للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.. او أن العراق ما زال في حالة حرب أهلية وبالتالي فإن كل مسؤول اجنبي يأتي إلى العراق يقوم بجولة "تفقّدية" على جميع الساسة العراقيين بغض النظر عن "قيمتهم" الحقيقية. وكانّ هدفه هو تقريب وجهات النظر بينهم وترطيب الأجواء. بالضبط كما يحصل الآن في ليبيا أو اليمن اللتان تخوضان حربا أهلية. هناك خلل واضح وضوح الشمس في السياسة الخارجية العراقية. وليس في السياسة الداخلية فقط. والمآخذ عليها كثيرة. اولها أن تصدر اشعارا رسميا الى جميع السفارات والمسؤولين الأجانب الذين يقومون بزيارة العراق، وكذلك الى قادة الأحزاب والكتل. تمنع بموجبه اي لقاء في السر والخفاء ودون علم أو مشاركة ممثل عن الوزارة نفسها.
ما يجري في العراق بهذا الصدد لا ترى أو تسمع عنه شيئا في اية دولة أخرى. فليس مسموحا لسفير اجنبي أن يلتقبي برئيس حزب أو كتلة سياسية على انفراد. بغض النظر عن مكانة الدولة التي يمثلها ذلك السفير. والظاهر أن الأحزاب والكتل السياسية اتفقت على العمل بهذا العرف الشاذ والغريب على الأصول الدبلوماسية. من أجل الظهور الإعلامي والتقاط الصور التذكارية وتسليط الاضواء على شخوصهم الكريهة. وما اثار دهشة واستغراب الكثيرين، في الداخل والخارج، هو أن امين عام الامم المتحدة مقتنع بأن العراق دولة "متنازع" عليها بين ذئاب شرسة. أحزاب وميليشيات وكتل سياسية متعددة. بدليل وقوفه، اي السيد انتونيو غوتيريش في زيارته الاخيرة للعراق، وسط قادة ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون مثل قيس الخزعلي وبافل طلباني وريان الكلداني. وقوفه وسط هؤلاء وهو يضحك ملء شدقيه، حتى بانت نواجذه. وكانه يضحك على عقول العراقيين. وقبل أن انهي هذا المقال تقول اخبار العراق أن السيد حيدر العبادي (طبعا ليس لديه وظيفة أو منصب في الحكومة أو الدولة العراقية) استقبل في مكتبه وعلى انفراد كل من السفير البريطاني والسفير الكندي. وفي خبر آخر يقول إن رئيس مجلس القضاء الأعلى استقبل السفيرة الأمريكية في بغداد. ولو حصل شيء من هذا القبيل في أوروبا لقامت الدنيا ولم تقعد الاّ بطرد رئيس مجلس القضاء من منصبه.
ويبقى السؤال مطروحا بالحاح. هل وزارة الخارجية العراقية على علم بتحركات هؤلاء السفراء وهؤلاء السياسيين، ولديها علم مسبق بما يدور في هذه اللقاءات المشبوهة ام انها تسمع عنها من خلال وسائل الاعلام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا