الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر على نهر الاردن؛ أسامة العيسة

مهند طلال الاخرس

2023 / 4 / 4
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


جسر على نهر الأردن لاسامة العيسة رواية تقع على متن 288 صفحة من القطع المتوسط وهي من اصدارات مكتبة كل شيء في حيفا سنة 2018.

تتحدث الرواية عن سيرة يوسف الرطاسي[نسبة الى قرية ارطاس قضاء بيت لحم] تلك السيرة التي تدور احداثها حول حرب حزيران[النكسة 1967] فيتناول العيسة عدا عن السيرة الزمانية للحدث، يتناول ايضا السيرة المكانية لبلدة ارطاس والقرى والخرب والبلدات والاثار المحيطة بها، وهذه قد تكون احد اهم ميزات اعمال العيسة الروائية، فهو انسان متيم بحكايا التراث وصفحات التاريخ.

في الرواية يمسك بنا يوسف الارطاسي بشدة ويهزنا حتى يعيدنا لوعينا ولذاتنا حتى تستفيق الحقيقة؛ تلك الحقيقة التي كبدت العيسة كثيرا حتى مُنعت هذه الرواية من الاردن، اما لماذا منعت في الاردن بالذات، فهذا يستقيم مع سيرة بطل الرواية يوسف الارطاسي الذي يخدم مكلفا في الجيش الاردني ابان وحدة الضفتين، رغبة منه في محاربة العدو الاسرائيلي واسترجاع ما تم احتلاله في نكبة 1948.

تقع الحرب [النكسة 1967] ويصاب صاحبنا بالخذلان من دور الجيش المتواطيء، او بالاصح دور الدولة التي خذلت جيشها." في الحروب لا يعلم الجندي كل شيء، وربما هو آخر من يعلم" ص١١٣.

في الصفحة ١٢٦ ينسحب الجيش شرقا ويبقى كثيرا من الكلام في البطون وبقيت تتناقله الاجيال كأمانة في الاعناق اضافة لامانة التحرير وحلم الشهداء.

وفي الصفحة ١٢٧ يبوح بطلنا بشيء من مشاهد المأساة حين يصف المشهد بحرقة وحيرة فيقول:" سرنا في الجبال، وقطعنا الوديان، مررنا عن عيون ماء، ورصدنا ارض الغور التي تودع الربيع....
بعد ساعتين من المشي المرهق، وجدنا انفسنا مرة اخرى في قيادة الكتيبة التي كنا فيها، لقد عدنا الى فص الجمل، لم احب الفص هذه المرة، تشاءمت منه ومن وجوده الذي شهد على اصابتي، وتدمير المدفعية [الريكت لانشر]...
وجدنا في فص الجمل جميع سراياالكتيبة قد سبقتنا والتركات تنتظرنا، والتساؤلات توجعنا وخزاتها،اركبونا في التركات وسرنا في الطريق لاريحا، قفز امامي مشهد الجسر سكنني،وتسارعت دقات قلبي، الى اين المسير حقا؟ هل نحن جيش يتقدم ام يتقهقر؟ ...
مع الوقت اكتشفت انه ليس فقط كتيبتنا التي تسير على الطريق، وانما ايضا جميع اللواء؛ لواء القادسية...
وفي ص ١٣٠ يتابع ذلك المشهد المأساوي فيقول:"حامت طائرات العدو فوقنا ،وقصفت الطريق امامنا، نزلنا من التركات، ولجأنا الى سفوح الجبال،...يفسر يوسف ابو الكواكب هذا الحدث[ رفيق صاحبنا بطل الرواية يوسف ابو النجوم ] فيقول:"
الان بدات افهم، انهم يحددون طريقنا.... ما يطلقونه علينا هو لتخويفنا، وجعلنا نتجه الى هناك، الى الجسر، نغادر، نترك ارض المعركة الى الضفة الاخرى".

ما دار من ارهاصات وماحدث من مؤمرات وخبايا ابان الهزيمة وما تبعها من احداث مخزية في المعسكر شرق النهر ص ٢١٦ وحتى ٢٢٠ وفيها تدور احداث القصة المؤلمة والمبكية حد النحيب [الفلسطينيات على السيل ببريزة] دفعت صاحبنا لنتيجة واحدة؛ الانتساب للفدائيين فتلك الطريقة الوحيدة لاستعادة الذات والكرامة الوطنية المسلوبة، وهذا ما تم بالفعل ص ٢٢٩ ابتداء و يتم فعليا بصفحة ٢٤٣ حتى ٢٤٦، وعند هذه الصفحة بالذات ينتمي صاحبنا الى صفوف الثورة الفلسطينية تحت الاسم الحركي ابو النجوم هو وصاحبه ابو الكواكب ويقسم صاحبنا ابو النجوم على القران ويقسم صاحبه ابو الكواكب على الانجيل ص ٢٤٦.

يتسلم صاحبنا مجموعة اوراق ومناشير تتعلق بالتثقيف الثوري، ويحضر عدة لقاءات مع المفوض السياسي ويدور حوار خصب يتمخض عنه لقاء مع الفدائي قايض وهو ابن الشهيد الاول في الثورة احمد موسى..

وبالنتيجة يسترسل قايض ابن الشهيد الاول احمد موسى[ بطل عملية الانطلاقة الاولى، عملية عيلبون] يسترسل في رواية احداث وتفاصيل العملية التي استشهد فيها والده برصاص الجيش الاردني على اثر عودته سالما بعد تنفيذ العملية... ص ٢٤٩ وحتى ٢٥٥.

يتغمق صاحبنا اكثر واكثر وينغرس في معمة النضال والعمل الفدائي اكثر ويلتحق بقوافل العائدين عبر النهر، لكن كفدائي هذه المرة اخذا بعين الاعتبار " بان الارض لا تحرثها إلا عجولها" متسلحا بواقع مرير ومؤامرات لاحصر لها ارتكبت من قبل الانظمة العربية وجيوشها تجاه فلسطين وشعبها.

ينطلق صاحبنا في الصفحة ٢٧٤ الى النهر عند مخاضة ديرعلا، تلك المخاضة المفضلة لعبور الشريعة، ويصل المنطقة مع منتصف الليل، ويكشف فيها حركة دؤوبة، لنازحين يريدون العودة....

العيسة وهو يكتب ينقش في الذاكرة احرف فلسطين بكل ما فيها من وجع وفرح من قساوة وقهر ومن مجد وتاريخ، وهو بذلك مخلص لفكرته الاولى في الكتابة عن فلسطين الارض والانسان.

عبر حكايا التاريخ والتراث تارة وعبر مسؤرة يوسف الرطاسي نجح العيسة في ان يبقي لنا منارة الامل خفاقة وقادة؛ فهذا هو يوسف الرطاسي، بطل الرواية المرابط على الحدود مع بيسان في حزيران 1967م، بانتظار ساعة الحسم واستردادد مافقدناه... حتى تقوده احلامه ليلتقي ورفاقه مع الجيش المصري في تل أبيب ويطهرها من رجس الصهاينة واذا به يجد نفسه في نكسة ونكبة جديدة، وفي ظروف غير مفهومة له، فيقطع جسر نهر الأردن مع جيشه مهزومًا هروبا إلى الشرق، وبعد فترة، عائدا إلى الأرض المحتلة فدائيا، بعد انضمامه لحركة فتح، والمقاومة الفلسطينية التي طرحت نفسها ردا على هزيمة الأنظمة العربية وجيوشها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله