الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟(1/2)

عبدالامير الركابي

2023 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ي وحالة العقل العربي، بمستوى من البؤس يتعذر وصفه من حيث درجة نكوصه وشلله، خصوصا مع التناقضية المتلازمه للحركية الشامله، المتداخلة مع العجز كما بدت ابان ماعرف ب "الربيع العربي"، التسمية المنحوته من قبل الغرب، والسارية لان اصحاب الحدث، ومرة اخرى وتكرارا،لايستطيعون تسمية ذاتهم، ومن النادر ان حدث في التاريخ حال نهوض، حافزة العجز، في حين اطلقت عليه تعابير تقربه من عالم "الثورة" مع ان الحاصل واقعا هو النكوص المكرس.
ولان ماحصل في عالمنا العربي ينتمي واقعا ودلالة لهزيمه منطق الاستعارة النظرية والمفهومية، تلك التي تخص مرحله امتدت على مدار اكثر من قرنين عمليا، فلقد وجد هنا بالذات، المؤشر على الاستحالة بما هي تكرار لعجز اصلي، ومنذ ان ظهرت عربيا في التاريخ المعتبر "حديثا"، اشارات "النهضة"، او مايدل عليها كتعبير نقلي عن مصدر ونموذج يجعلها ظاهرة زائفه، تجلى النقص الابعد، والقصور المتعدي للحاضر، فلاعقل عربي راهن متصل بالكينونه، او بالديناميات التاريخيه الموصولة بالذاتية، وناتج عنها، ماكان من شانه ان وضع المنطقة في غمرة حال من التفاعلية الواقعية والوجودية غير الناطقة، بازاء طاريء متغلب وكاسح نموذجا وتفكرا، لامهمة يمكن ان تمارس بمواجهته غير الاشارة له، والدعوة للحاق به، والتماهي مع كينونته، بغض النظر عن، ومن دون التدليل على منطقية واحقية دعوة كهذه استدلالا عبر المقايسه، بين الكينونة الخاصة، وتلك الجاري القول بضرورة تقليدها واتباع خطاها، مع اعتبار ذلك من قبيل المطلوب المطلق، وماينتمي لعالم الحاضر بما هو عليه من "نهوض" منقول بصما، مع تجاوز وعبوراي تميز او خصوصية قد تقابله، او تكون لازمة له حتى يتحقق كما ينبغي، وبما يتوافق وحقيقة المكان الملتحق بالآخر.
هذا والامر لهذه الجهه يتعدى ماسبق ذكره من حيث الموروث والمتوفر لمن اراد وحصل له ان كان بموقع التصدي الريادي، فهذا المكان من العالم لم يسبق له ان حاول التعرف على ذاتيته وخصائص حركة تاريخه، وان يكن هو الاعرق تاريخا، والاطول حضورا تصيريا مقارنه بتوارخ الشعوب الاخرى على مستوى المعمورة، هذا عدا عن حضوره الانجازي الكوني وعلى مستوى العالم، في شؤون غير عادية، بل اساسية وجودية عالميه اذا لم نستعمل مفهوم " الحضاروية" الغربي، والناحية المشار لها قد تكون شامله، وتسري على حاله الامم وشعوب الارض حتى حينه، اي مع صعود الغرب الراهن، مع فارق كون منطقة شرق المتوسط العربية مركز فعالية كونيه اساس، وان وجود الظاهرة الغربية الحديثة، يفترض ان لاتلغى كاحتمال، دينامية متعدية للحاصل الراهن. وحتى لوكان مانشير اليه بعيد عن الادراك، ومن شبه المستحيل مقاربته سابقا، الا انه كمنهجية لايمكن تجاوز التلبث عندها، سواء كاحتمال او من باب كمال قواعد النظر في المشهد المعاصر ومكوناته.
واخطر ماكان ميز الهبة في العالم العربي وقتها، هو حجمها بالمقارنه بوجهتها المفترضة بينما الانغلاق مخيم على الحركة ومسيطر عليها، ومع مايضمره البعض من معتقدات بلا فعالية، تكرر كمحفوظات، فان العقل الموكب للاسف، ومرة اخرى، ظل محجوزا، وقد كتب علية اليوم ايضا، ان يصاب بصدع اللانطقية، لقد مرت المنطقة بقرنين من العمل والمشاريع دولا واحزاب وهيئات مجتمعية، وثقافة، ومنتج يوضع بخانة الابداع، كله محكوم تقييما وتاسيسا لمنطلقات وفرضيات اسقاطية تخيليلة، لاتتمتع بالصدقية ب اذا قصدنا علاقتها بالواقع التي هي معنية به، ما يجعلنا امام نمط نخبه لاعضوية، اسقاطية برانيه محورة نفسيا، تقع في محل من البنية المجتمعية التاريخيه، لايمت بصله للاليات الذاتيه الموروثة، تلك التي هي غير مماط عنها اللثام.
وهذا المشهد هو ماظل غير ملاحظ الى الساعة، فالطهطاوي، ومحمد عبده، والافغاني، ومعهم السيد، وسلامه موسى، ومن يشبههم، وجدوا اليوم مع نهوض 2011 كجنازه بدون اعلان، لم يات اوانه بعد، يكاد يمثل حالة من المازق المضاعف، فالمحمولة جثثهم ماتوا بفعل الزمن من دون سجاليه، ولا تفنيديه يمكن ان تكون بابا لبلورة مابعدهم، وهذا بحد ذاته كاف لان يجعل منهم موتى حاضرين، لهم حق الكلام والوجود كاشباح، وهنا تنبثق حالة ماساوية بالمعنى التاريخي الانجازي يصعب تفسيرها من ناحية، لدرجة انها قد تعيد امكان المقايسه على معتاد، واكب الدفعات اليقظوية الكبرى التاريخيه في هذا المدى من العالم، في حال اردنا العودة تحت وطاة المازق، الى القراءات والكتب الالهامية وقراءاتها الكبرى الثلاث.
من حيث الاشتراطات قد يكون الوضع الحالي، مشابها لما كان حدث في الماضي، فالمحمدية والانتقال من القبيلة الى العقيدة في الجزيرة العربية، هو رد على عجز مركب لمجتمعية متازمه تازما اقصى بفعل الاحتلال الفارسي، وقطعه للشريان التجاري النازل للبحر جنوبا وذهابا الى الشمال الى حيث الهلال الخصيب، وهو المتنفس الذي يمنح البنية القبلية المحكومة لاقتصاد الغزو، والى الاحتراب ك "عمل" محتقر للعمل اليدوي، متنفسا ضروريا لابقاء شيء من التوازن المجتمعي الذي اختل بوجود المحتل الفارسي عدا الروماني، وغياب ارض مابين النهرين، عدا عن التهديد المستمر بالاجتياح الذي استمرت تحول دونه التضاريس، والثمن الباهض المتوقع بازاء الاحترابيه الاستثنائية الجزيرية، وكل هذا ومع احتمالية الوصول للفنائية والاحتراب الداخلي المحتدم، كانت القبيلة، الخلية المجتمعية عاجزة عن الاجابه على ماهي ماخوذه به من تدميرية ذاتيه، ماكان بالامكان الخروج منها من داخلها، من دون "كتاب" ياتي من خارجها، يحولها الى مجتمع عقيدة امكان مجتمع القبيله.
وهكذا "تبرهم" العرب، ليصبحوا نسيجا اخر، غير الذي كان، وقبلهم كانت المسيحيه وقراءتها قد كرست من ناحيتها السمات الخاصة المنفصله، الذاتيه، للمجتمعية الشرق متوسطية بازاء الرومانية، بعد حالة من العجز شمل ارض مصر وساحل الشام، بجانب عدم القدرة على المقاومة، وعدم توفر اشتراطاتها تكوينيا بالوسائل المعتادة، عندها يصير تكريس الذاتيه والعمق التكويني بمثابة رسم للحدود بالذاتيه، وجد في الحالة التي نقصدها بما يتجاوز الامتناع والرفض، الى اختراق المقابل المهيمن، فلم تلبث الامبراطورية الرومانيه ان غدت هي بذاتها ابراهيمة، فدخلها العنصر اللازم لكي تصير حالة ازدواج، بدل الاحادية الارضوية، والابراهيمه نفسها كانت حصيلة المازق الاقرب للافنائية البابلية، بعدما شارفت المدينه الامه الامبراطزرية، على مصادرة النمطية والمفهومية السفلى اللاارضوية، باحلال الاله مردوخ مكان ايل، والشريعه الحامورابيه كتلخيص للشرائع المتوالية الثلاث السفلى، ابتداد من شريعة كوراجينا 2355 ق ـ م اول من وردت على لسانه مكتوبة، كلمه "حرية/ امارجي"، وكل حقوق الانسان الحالية، وحقوق المستضعفين.
يبدو التلازم بين المازق النطقي الافصاحي المتعذر، وتعاظم المازق الوجودي طرفا ميكانزم تعبيرية لها سماتها، ومايقف خلفها كمحرك، في غمرته تتحقق النطقية مكتسبه سماتها فوق الارضوية كما وجدت حتى الان، مع الاختلاف المفترض في الاشتراطات والنتائج، فالالهامية الحدسية النبوية ليست شرطا، وبالامكان اخذها من زاوية المؤقت اللازم في وقته، مع الانتباه الى ان النطقية المفصلية هي حالة انتقال، بما يجعل من المازق الذي يقف خلفها بمثابة علامه انتقال نحو طور وزمن اعلى من مسار تشكل وترق تاريخيين، له مشابه ايحاءا على شكل تتابعية مراحليه على المنقلب الاوربي الطبقي.
حين يمتد المازق ليتحول الى تهالك دموي متشرذم، بعد فشل، بينما يستمر شبح الحداثيين يتحدث عن "الديمقراطية" في بلد هو ممر امبراطوريات، لم يعرف التشكل الوطني في تاريخه المديد، ولا الدولة الا من خارجه، وككتلة منفصلة عنه، يقع وقتها الفارق بين بين التماهي مع الاخر، والخرف الخطر، الذي يزيل من الفعالية، استثنائيات واقعية من قبيل تحقق انتشار يصل الى الصين، من موضع لادولة قبلي احادي، لايكاد يحتسب اذا قورن بحجم مصر او حضورها، ليبقي المجال شديد السعه المذكور، ابراهيما، ويتبدل بنية ذاتيه من يومها الى الساعة، الامر الذي لاتجوز مقارنته كفعل مجتمعي تاريخي تغييري، باية نظرية او فلسفة في التاريخ، وكذا الامر للقراءة الاخرى المسيحيه، وامتداداتها الكوكبيه، مايدل بسطوع على حكم ديناميات تغيير مجتمعية مختلفة، اعلى بما لايقاس، علما بانها من منتجات صنف مجتمعية يدوية انتاجا، بمعنى الاختلاف النوعي عما يعد ديناميات "حداثية"، وجدت مع صعود الغرب الالي، وما تسببت به الالة من تبدل انقلابي في مستوى عمل الديناميات المجتمعية هناك.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصابون في قصف من مسيّرة إسرائيلية غرب رفح


.. سحب لقاح أسترازينكا من جميع أنحاء العالم.. والشركة تبرر: الأ




.. اللجنة الدولية للصليب الأحمر: اجتياح رفح سيؤدي لنتائج كارثية


.. نائبة جمهورية تسعى للإطاحة برئيس -النواب الأميركي-.. وديمقرا




.. مشاهد لتصاعد أعمدة الدخان في سماء غزة بعد قصف إسرائيلي صباح