الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العيد الـ 75 لاتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق ومهامه المتجددة

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2023 / 4 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بمناسبة ذكرى تأسيس اتحاد الطلبة العام المصادف في 14 نيسان أبريل 1948 أجدد التحايا والتهاني ورائع الأماني للاتحاد وأعضائه ولطلبة البلاد والعالم وهم جميعا يمضون بطريق الكفاح من أجل بناء الشخصية القادرة على البناء بروح الخلق والابتكار لا تلك التي تجتر معلومات عتيقة لا تغني ولا تسمن بقدر ما تعطل العقول وتشلها... أضع كما في كل عام هذه الكلمات كيما تكون مفردة في ذخيرة السنوات والأعوام واحتفالا بالعيد الـ75 المجيد للاتحاد .. إن المعالجة ليست أكثر من تهنئة متواضعة تجاه قامة الفعل الكفاحي للاتحاد بنضال وطني ومهني أكاديمي ديموقراطي وهي بعض مؤشرات للمسيرة بخاصة مع تجدد المهام في ظروف قاسية يمر بها الوطن والشعب وطلبة البلاد وشبيبته.. فكل الدعم والتضامن معكن ومعكم طلبة العراق وكل عام والجميع برائع القوة في الروح والشخصية من أجل بناء شامخ يمكنه مجابهة التحديات

وُلِدت الحركة الطلابية مع تأسيس المدارس الحديثة وولادة الدولة العراقية في عشرينات القرن المنصرم؛ وتنامت تلك الحركة في أنشطة نجمت عن هوية هذه الفئة المجتمعية وتقدمها في إدراك الحقائق ما منحها أدوات المساهمة في النضال الوطني.. ومع النقلات الكبيرة في مؤسسات التعليم بالعراق وتنامي حجم الطلبة توجهت الفئة الأنشط والأكثر وعياً بأهمية تنظيمهم نحو عقد فعاليات انتخابية هيأت لعقد مؤتمر السباع الخالد بوصفه المؤتمر الأول الذي استطاع التأسيس لاتحاد الطلبة العام..
وهكذا قاد الاتحاد فعاليات الطلبة على الرغم من عدم رضا السلطات التي اندفعت أكثر باتجاه سياسة قمعية وتضييق على الحريات.. وهو الأمر الذي انتهى مع ثورة 14 تموز يوليو التي وفرت فرصة إيجابية مهمة لعقد مؤتمرات الاتحاد من جهة ولاستقبال مؤتمر اتحاد الطلاب العالمي ومنح اتحاد الطلبة العام ما هو أكثر من عضويته باتجاه سكرتارية الاتحاد العالمي ولعب الدور الفاعل المميز فيه..
والقضية اليوم ما عادت مجرد استذكار (تاريخ) الاتحاد الذي سطّر نضالاته المشرقة بأحرف من نور، ولكنها باتت احتفالية وطنية كبرى ورئيسة تجسد وعي الطلبة واتحادهم بأهمية المأسسة والتنظيم من جهة وبإشغال الدور البنيوي للوعي الديموقراطي بأهمية وجود العمل المهني الديموقراطي والدفاع عن مطالب تلكم الفئة العريضة كبيرة الحجم وسط الحراك المجتمعي سواء منه النقابي أم الحزبي؛ الاجتماعي أم السياسي وخطابهما الثقافي الفكري الذي يعني تحمّل مسؤوليات جدية كبرى وتأسيسية في الحراك الشعبي من أجل صنع البنى الديموقراطية في البلاد..
ومن هنا جاء شعار الاتحاد في حينه "في سبيل حياة طلابية حرة ومستقبل أفضل" ليسجل طبيعة عمله من أجل الحقوق المهنية الأكاديمية للطلبة وهي الحقوق التي تدفع لمنح الطلبة أدوات فعلهم المجتمعي الأوسع، أولا باشتغالهم على الطالب ووعيه ومداركه وبناء شخصيته ومنع فرص اختراقه التي يتعرض لها بهجمات قوى الفساد المافيوية التي تروم تحويل هذه الفئة الضخمة إلى سوق للمخدرات وأداة لتشويه مسيرة العمل الوطني بذرائع شتى..
ولقد تابع اتحاد الطلبة العام كفاحه أيضاً من أجل توفير أجواء مناسبة للطلبة في ممارسة مهامهم: العلمية والنقابية وكذلك الاجتماعية بمعانيها الأوسع والأعمق بجانب السعي لتحسين ظروف العيش الحر الكريم وإيصالها لمستويات معيشية متطورة. لائقة..
على أننا نذكر معاً كيف استطاع اتحاد الطلبة العام تعزيز صفوفه التنظيمية حيث توسع مطلع السبعينات ومنتصفها حداً أرعب السلطة آنذاك بخاصة بعد فوزه (الانتخابي) بقرار آزرته قطاعات كبيرة من الطلبة لتتسع مقاطعة انتخابات السلطة التي لم يستطع ممثلوها إلا فرض وجودهم بالتزكية وحصراً بحجم جد هزيل من حجم الطلبة التي ساندت أغلبيتها قرار اتحاد الطلبة العام ووقفت معه..
وأذكر شخصيا تجاريب في مدارس الكاظمية والكرخ وكيف جنَّ جنون أعضاء اتحادهم المعبر عن عناصر (أمنية) قمعية من أثر قادة اتحاد الطلبة العام وسط الطلبة هناك.. وتفاقم نهج السلطة الحاكمة لتساوي بين عقوبة العسكري المنتمي لحزب غير حزب السلطة [كما فعلت ذلك من قبل] وبين عقوبة أعضاء اتحاد الطلبة العام أي عقوبة ((الإعدام))! وهو ما يتنافى وآخر أنفاس الديموقراطية أو ما تبقى منها كما يُفترض في أي مجتمع سليم... وعليه وبسبب الظروف السياسية العامة وتغوّل السلطة الدكتاتورية جاء قرار التجميد الذي سرعان ما تمّ إنهاؤه ومعاودة العمل الطلابي وإن جاء سرّياً في تلك الظروف العاتية!
إن قرار التجميد الذي أعقب حملات قمعية فاشية النهج يظل بحاجة لمراجعة قراءته والحديث بشأن ربطه بالدفاع عن الجبهة السياسية ليكون درسا موضوعيا مهما ومفيدا اليوم وليتم الاستفادة من دروس الكفاح الطلابي المهني الذي يعاني اليوم من أشكال أخرى لمطاردة العمل المهني الديموقراطي ومحاصرته ما يتطلب وعيا أعلى باستراتيجية تتوهم إمكان خنق الحركة الطلابية واتحادها وتمكين أدوات بائسة من التحكم بالطلبة من تلك التي تتبع حركات الإسلام السياسي وأحزابها وهي ليست أكثر من مجموعات تعبر عن وجود طائفي مافيوي تبنى استيلاد طبقة كربتوقراط تلتحف رداء التدين المزيف في ممارساتها لكنها ليست أكثر من أداة نظام كليبتوقراطي يحتمي ببلطجة ميليشياوية ذات نهج فاشي دموي في التعامل مع الحراك لا السياسي المعارض وحده وإنما النقابي المهني كما تشهد ميادين الحياة في عراق ما بعد 2003...
لقد بقيت الحركة الطلابية منذ التأسيس مرتبطة بقوة ثابتة بتجربة جماهير الشعب ونضالها ضد أشكال التدخلات الخارجية سواء منها ما عاد لنهج استعماري مطلع وجود الدولة العراقية الحديثة أم اليوم بانتهاكات أصابع دولية منها أو أخرى إقليمية، وفي ضوء ذلك الموقف الوطني البنَّاء شهدنا العمل المشترك مع الحركات الوطنية وأحزابها الديموقراطية لإلغاء معاهدة بورتسموث، واليوم تؤكد حركة الطلبة واتحادها العام على تبني المهمة الوطنية الديموقراطية في إيجاد منصة وحدة وطنية قادرة على التصدي لمسؤولياتها وفرضها مقابل أذناب التدخل الإقليمي من قوى استمرأت أن تعيد بناء حصان طروادة وإن بصورة أكثر دموية وبشاعة بفظاعات ما ترتكبه من جرائم!
وهكذا كانت ومازالت نضالات الاتحاد تجابهها تعقيدات جمة منها على سبيل ما سبق من فصل طلبة بسبب من نضالات وطنية عالية الصوت، ويومها قاد الاتحاد كفاحا عنيدا لإعادة المفصولين متابعاً كذلك مهامه النقابية بلا تردد ومثل تلك الأيام الماضية ما نجده اليوم حيث فُصِل طلبة في مختلف الجامعات والكليات والمدارس بخلفية استهدافهم من قوى العنف ومن يُطلق عليهم لقب شيوخ وزعامات هي في الحقيقة ليست أكثر من عناصر مرضية محاطة بالبلطجية..
واتحاد الطلبة العام يواصل مشوار الكفاح الوطني والطلابي مستنداً لوحدة الطلبة ووعيهم والتفافهم حوله وإلى التضامن الذي يجده من طلبة المنطقة والعالم واتحاداتهم.. ولابد هنا من تسجيل حجم التراجع الذي نجم عن التراجع الاجتماسياسي العام إذ مع إعدام الصناعة والزراعة والتجارة وتعطيل الدورة الاقتصادية واعتماد الاقتصاد الريعي راجت حالات اجترار علاقات مجتمعية ماضوية من قبيل منظومات القبلية والعشائرية وأسوأ ما فيها في تعارضها والعصر وقيمه فضلا عن بحث من اجتر تلك المنظومة عن المرضي الذي يخدمه في ذاك الاجترار.
ما يلفت النظر هنا يكمن في إهمال شامل للتربية والتعليم وما يتبقى منه من متهالك المنظومة يُحشى حشواً بمنطق الخرافة الأمر الذي رتَّبَ ويرتب على الاتحاد مهاما نضالية جديدة ضد تلك الثقافة ونهجها القائم على التلقين والكتاتيبية بقصد تعطيل العقل ومنعه من بناء وجود إبداعي خلاق لمخرجات التعليم.. بجانب ذلك جاءت مهام الكفاح من أجل مناهج ومقررات علمية لا رتابة معلوماتية منقرضة وإصلاح المباني المتهالكة مع بناء بدائل جديدة حيث الحاجة لآلاف المباني ومرافقها الوافية.. والاتحاد يمضي بمسيرة استعادة منع التمييز في التعليم والفصل الجندري وإعادة افتتاح منصات ترتقي موضوعيا للتوجهات الحداثية في التعليم...
كما يضيف الاتجاد بوعي عمله من أجل ربط المدرسة ومختبراتها ومثلها الجامعة ومراكزها البحثية بالحياة العامة والمجتمع كيما تنهض بالواقع المتخلف وهكذا فإن الاطلاع على وثائق الاتحاد ستضع المتابع أمام طاقات متفتحة بسبب من خزين تجاريبه الغنية الثرة بخلاف بعض تلك التجمعات المصطنعة للدعاية لأحزاب الفساد الحاكمة منها والمؤثرة تخريبا بالمجتمع بسبب ما تحمله من غايات ونوازع ونهج..
واليوم نحن نعيد التوكيد على حقيقة أن الإنسان يطلب العلم من المهد حتى اللحد ما يشير إلى دور رواد الاتحاد من أعضائه يوم كانوا طلبة قبل تخرجهم وهو دور بنيوي يواصل الربط بين تجربة الأمس واليوم ولا يسمح بالتراجع.. والاتحاد يدرك تلك الحقيقة ويواصل احتضان جيل الريادة والاتصال بهم مثلما ممارسة التكريم للطلبة المبدعات والمبدعين منهم تعزيزا لجهود الخلق والابتكار وتمكينا من المعارف والعلوم والاستزادة بها بمختلف الظروف..
إذن، الاتحاد لا يحصر مهامه بمرحلة أو أخرى بل يواجه التحديات بعنفوان الفعل والمنجز ولا يهمل التجاريب التي مر بها ولا وسائل الابتكار ومن هنا فهو يواصل المشوار بتجدد سواء تجاه مهامه وواجباته أم بناه التنظيمية ومناهج اشتغاله... وأبلغ ما يؤكد ذلك استمرار انعقاد مؤتمراته بانتظام ومراجعة وثائقه ومهامه وحجم إنجازه وبحثه الدائب عما يرتقي بكفاحه ونضاله...
هذي تحايا لاتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية ومثلما جميع زميلات الأمس وزملاء المسيرة أشعر بالفخر أنني كنتُ يوما أحد أعضائه الناشطين في إدارة مهامه في بغداد وفي الإعداد لاشتغالاته المشرقة يومها مواصلا اليوم دعمي للاتحاد وأعضائه بظروفه الراهنة..
كل عام وجميع طلبتنا فتيات وفتية، شابات وشباب وأعضاء الاتجاد وسطهم وفي طليعتهم بخير وسلام وسؤدد ومزيد نجاحات تنفيذا لبرامجهم الوطنية والمهنية الديموقراطية كافة..
هذي باقات ورد حمراء تتفتح في الربيع الخامس والسبعين للاتحاد وهو يجدد العهد مع أبطال مؤتمر السباع الخالد وجميع مؤتمرات الاتحاد ومجالسه ومحطات أنشطته كافة..
بلى أستذكر بفرح ومسرة وفخر يوم كنتُ وزميلات وزملاء (الأمس) ونحن على مقاعد الدراسة، نوزع الحلوى على الطلبة على الرغم من القمع الفاشي للنظام وإذا كان ذلك قد عبَّر عن شيء فإنما عبَّر عن التحدي وعن الصلات الوثيقة بطلبتنا وباحتفالات اتحاد الطلبة العام كونها أعياداً لا تمر بلا نشاط مخصوص وها هو الاتحاد اليوم يواصل المشوار، مشوار الفرح والاحتفال بالنجاحات حيث يتمسك طلبتنا وبمقدمهم طلبة الاتحاد باكتناز العلوم وقدرات الخلق لاستعادة بناء مستقبلهم ومستقبل العراق بيتهم وطنهم..
فليكن يوم 14 أبريل نيسان عيداً بهياً كما كان عبر تاريخه بمختلف الظروف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل