الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب السياسي ( 2 )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الخطاب السياسي
( 2 ) – تابع –
" بينما كنت بصدد معالجة الجزء الثاني من هذه الدراسة ، البوليس السياسي لمحمد السادس يقطع الكونكسيون عن منزلي . سأضطر للخرج الى Cyber لإرسالها . مملكة الرعب التي يحكمها البوليس السياسي " .
الخطاب القومي :
ان صعوبة أولية تعترض محاولة المعالجة النقدية للفكر القومي بغض النظر عن تنوع خطاباته ، وتتعلق بإمكانية الفصل بين ما هو نظري وما هو سياسي ، ذلك ان الظاهرة القومية بقدر افرازها لمجموعة من التنظيرات بقدر ارتباطها كذلك ببعض التطبيقات التي تجلت أساسا في التجربتين الناصرية والبعثية ، وبالتالي ان شعار " القومية العربية " منذ حركة القوميين العرب التي تمخضت عنها " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " وكان امتدادا لها " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " ، لم يعد مطلبا نظريا فحسب ، بقدر ما تحول لشعار مركزي لبعض الأنظمة العربية التي اسقطها ( الربيع ) العربي الذي صهيونيا ولم يكن قط عربيا ، وشكل تبريرا أيديولوجيا لمجموع ممارساتها والتي تميزت بالنسبة لبعضها بالتقاعس في انجاز المهام التحررية ( فلسطين ) ، واحيانا أخرى بكبت الحريات ومصادرة حقوق المجتمع المدني .ان تجاوز هذه الصعوبة يفترض مساءلة الفكر القومي بصدد المهام المركزية التي عمل على بلورتها ، كما يستوجب كذلك المعالجة النقدية لأهم مفاهيمه ومقولاته ، تلك المهام يمكن اختزالها في شعار مركزي يتمحور حول ثلاثة اهداف : الوحدة – التحرير – الاشتراكية ، والتي تقوم على مرجعية مفاهيمية تقوم على مفاهيم الامة – اللغة – الدين .
ان المطلب القومي المتعلق " بالوحدة العربية الشاملة " يقوم على الإقرار بوحدة اللغة والدين والتاريخ المشترك . وهكذا ان التماثلات العبر – تاريخية ، هي التي تشكل أرضية للوحدة المنشودة . بهذا المعنى يمكن اعتبار الخطاب القومي ، خطابا ماهوياً ، ذلك ان " الامة العربية " هي ماهية واحدة ، واحدة بدينها ولغتها وتاريخها ، وبالتالي انها ماهية متحققة بالإمكان ، ويجب ان تتحقق بالفعل ، ان كان كل خطاب ماهوي يسعى للقبض على الجواهر ، باعتبارها كائنات – واقعية كانت ام فكرية – تتصف بمطلقيتها وتعاليها عن متغيرات الزمان والمكان . فبهذا المعنى يعتبر الخطاب القومي ، اللغة والدين والتاريخ المشترك ، جواهر خالصة ، ومن هنا مصادرته على المستقبل باسم الماضي .
واضافة لما سبق تستوقفنا ملاحظة أساسية ، ذلك ان محورية مفهوم " الامة " في الخطابات القومية ، يقابله غياب له دلالته لمفهوم " الدولة " . فبغض النظر عن الحديث عن الدولة القطرية / الوطنية أحيانا ، وعن الكيانات المصطنعة أحيانا أخرى ، يلاحظ على الفكر القومي عدم تأصيله لمفهوم الدولة على المستويات الفلسفية ، النظرية والحقوقية السياسية مع غياب كامل للتأصيل السسيولوجي .
ان المكونات الثقافية التي يركن اليها الخطاب القومي الذي يسمى في المغرب بالخطاب الوطني ، يجب اعتمادها في نسبيتها وتاريخيتها ، ذلك ان اللغة – أولا كأداة للفكر ، ووسيلة للتواصل ، ترتبط بالممارسة الإنسانية في مرحلة تاريخية محددة ، وبمستوى تطور المعارف وحقل الدلالات ، حيث ان الفكر يعمل على ابداع مقولاته بارتباط مع مستجدات الواقع التاريخي ، وخصوصية مسائلة الذات للعالم . في حين ان الذين – ثانيا – كمعتقد وتشريع ، شكل اطارا عاما سيتلون بخصوصية كل مرحلة على حدة . ان التصورات الاعتقادية في مجال الفكر العربي – الإسلامي ، قد حكتها قوانين التطور التي تقوم على التراكم والقطيعة ، ومن هذا المنطلق تطرح ضرورة إعادة النظر في تمثل الموروث الثقافي . ذلك ان عصر الانحطاط العربي ارتبط اختزال الحضارة العربية – الإسلامية في المعتقد الديني ، ليس كمعتقد مفتوح للتأويل ، ومرتبط بالممارسة الإنسانية . بل كدوغمائية جامدة . وبقدر ما يلح الخطاب القومي على وحدة اللغة والدين ، يؤكد على وحدة التاريخ البشري ، مع العلم ان هذه " الوحدة " إنْ شكلت اطارا حضاريا وثقافيا تميز بالتنوع والاختلاف ، فانها لم تتحقق على مستوى الكيان السياسي الا على المستور الرمزي .
ان مسألة الفكر القومي بصدد الإقرار بوحدة اللغة والدين والتاريخ ، باعتبارها تمظهرات للماهية التي يسعى هذا الفكر تحديدها ، تستوجب كذلك طرح التساؤل بصدد مفهوم الامة ، وذلك بغية الحدود الابستمولوجية في مختلف استعمالات المفهوم . فهل استطاع الخطاب القومي تجاوز الأرضية الثيولوجية Théologique التي يتأسس عليها مفهوم الامة وتأسيس الأرضية الفلسفية النظرية والحقوقية ؟ ، ذلك ان مفهومي الامة والدولة ارتبطا في التقليد الغربي – الأوربي بتاريخ طويل من المرحلة اليونانية الى المرحلة المعاصرة . تقليد اقترن بتأصيل فلسفي ونظري صاحبه ابداع مفاهيم القانون ، والحق ، والحرية وغيرها .
انطلاقا من المعطيات السابقة ، تتوضح الجوانب الميتافيزيقية في الخطاب القومي كخطاب ماهوي ، في حين ان تجليات هذا الخطاب على المستوى السياسي ، والتي تتمحور أساسا حول مفهومي التحرير والاشتراكية ، قد جازفت بإمكانية الغاء المكتسبات النظرية الفلسفية والسياسية في هذا المجال . ومن هنا فقرها النظري الذي تم تبريره باسم الخصوصية والاستقلال الفكري . وبهذا المعنى تتوضح خلفياتها الأيديولوجية باعتبارها تعبيرا عن مطامح فئات اجتماعية وهي الفئات الوسطى أساسا ، تلك المطامح اتي كان ينظر اليها من مطلقيتها باعتبارها " مطامح الشعب – الجماهير – الفئات العاملة " .
ان الخطاب القومي يجد نفسه اليوم امام ضرورة صياغة الإجابات بصدد مجموع تساؤلات أساسية تتعلق باشكالية المشروع – المجتمعي والذي يستوجب تحديد النموذج السياسي ، وطبيعة النظام الاقتصادي ، وكذلك الاستراتيجية العالمية . ذلك ان المجتمع الدولي يقوم على استراتيجيات متنافسة ، تسعى كل واحدة منها لبسط هيمنتها وسطوتها .
ان تحقيق هاته المهمة الثلاثية الابعاد على مستوى التأسيس النظري ، يبرز أهمية العمل الفكري ، ومسألة المشروع الثقافي كأداة لتثوير البنيات المجتمعية والذهنية . ( يتبع ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط