الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصطفافات الحزبية في إسرائيل

محمد السهلي

2006 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تتحرك قيادات الأحزاب الإسرائيلية وفق ميزاني قوة، أحدهما يتمثل بعدد المقاعد البرلمانية التي حصل عليها كل حزب في الانتخابات الأخيرة، والثاني، ميزان قوة افتراضي تطرحه استطلاعات الرأي الإسرائيلي التي نشطت في الآونة الأخيرة وتلعب دوراً كبيراً في فتح شهية أحزاب وإثارة هواجس أحزاب أخرى.
ليبرمان، الذي يتزعم «إسرائيل بيتنا» يجمع (نسبياً) بين القوتين، القائمة والافتراضية. فحزبه يحتل 11 مقعداً في الكنيست الحالي وترشحه استطلاعات الرأي لاحتلال 20 مقعداً في حال جرت الانتخابات وقت إجراء الاستطلاع (15/10/2006). إلى جانب حزب ليبرمان يتقدم الليكود في استطلاعات الرأي على طريق زيادة غلته البرلمانية الحالية (12 مقعداً) فيما تتراجع شعبية معظم الأحزاب الأخرى وعلى نحو خاص حزبا كاديما والعمل.
في هذا السياق، يواصل رئيس حزب كاديما ورئيس الحكومة ايهود أولمرت محاولاته الجمع بين توسعة الائتلاف الحكومي والحفاظ على تماسكه وهذه بنظر المراقبين ثنائية متناقضة لا يمكن الجمع بين طرفيها بالسهولة التي يتوقعها أولمرت. فاللقاء الذي جمعه مع ليبرمان أثار حفيظة الكثيرين وأبرزهم بيرتس رئيس حزب العمل ووزير الدفاع الذي رفض انضمام حزب ليبرمان إلى الائتلاف الحكومي وهدد بالقول «لا أخشى الانسحاب من الحكومة إذا قام أولمرت بضم ليبرمان».
وهنا، تنهض أمام أولمرت معادلة كسب 11 مقعد وخسارة 19 يملكها «العمل». إلا أن عوامل أخرى تبرز هنا في حسابات الأحزاب الإسرائيلية وأصبحت تحكم علاقاتها البينية على نحو لم يحصل بهذا الحجم في تاريخ النظام الحزبي والسياسي الإسرائيلي. فكل حزب ينظر إلى الحزب الآخر على أنه مقدم على انشقاق أو على خسارة عدد من نوابه وهجرتهم إلى حزب آخر قد يجدون فيه فرصاً مضمونة.
فجزء من قيادة حزب العمل تقرأ في رفض بيرتس لانضمام ليبرمان إلى الائتلاف الحكومي على أنه خوف على مقعده في الحكومة كوزير للدفاع، ويؤكد هذا الرأي اللقاء الذي جرى بين ليبرمان وباراك القيادي في حزب العقل ورئيس الوزراء السابق والذي خرج من اللقاء ليقول إن العلاقة التي تجمعه وليبرمان «طيبة» وكان باراك التقى سابقاً رئيس الحكومة أولمرت من وراء ظهر بيرتس الذي توجس من هذا اللقاء واعتبره «مؤامرة» تمس دوره في الحكومة.
مسلسل المؤامرات والمؤامرات المضادة شهد حلقة ملفتة عندما التقى نتنياهو بالمليونير أركادي غايدمك وشجعه على تشكيل حزب سياسي ودخول الانتخابات القادمة. ومع أن نتنياهو نفى أن يكون هذا الأمر هدف الاجتماع إلا أن الجميع يذكر سوابقه في إضعاف الأحزاب والكتل البرلمانية الأخرى من خلال تشجيع أحد المقربين إليه لتشكيل حزب يستولي في الانتخابات على أصوات قسم من جمهور أحد الأحزاب المنافسة.
وهو فعل ذلك مع ليبرمان ذاته الذي كان مديراً لمكتبه عندما كان رئيساً للوزراء (1996ـ 1999) وشجعه على تشكيل حزب «إسرائيل بيتنا» في مواجهة الحزب الأساسي للمهاجرين الروس «إسرائيل بعلياه» الذي كان يقوده ناتان تشارنسكي. واستطاع «الحزب الجديد» أن يضعف حزب تشارنسكي الذي غادر مؤخراً العمل السياسي.
وعلى اعتبار أن ليبرمان أصبح خبيراً في هذا النمط من المؤامرات، فقد التف على محاولة نتنياهو والتقى هو بغايدمك وشجعه على تشكيل الحزب مع إدارة أسهم استهدافاته نحو جمهور الليكود، وهذا ما أثار حفيظة نتنياهو الذي كان يترقب بغضب وتحفز نتائج اللقاء الذي عقده منافسه في الليكود سيلفان شالوم، مع رئيس الحكومة أولمرت.
يلقى هذا الحراك السياسي صدى واسعاً في ظل عاملين متكاملين، الأول: تداعيات العدوان على لبنان، والفشل الذريع في تحقيق أهدافه، والثاني مسلسل الفضائح المسلكية وملفات الفساد التي تعصف برئيسي الدولة والحكومة والمطالبات المتصاعدة باستقالتهما. ويزداد الأمر أهمية مع بدء الكنيست الإسرائيلي دورة اجتماعاته الشتوية وعلى جدول أعماله أجندة حافلة من الملفات التي يختلف حولها الأحزاب بما فيهم أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي وأبرز هذه الملفات مشروع الموازنة للعام 2007.
واللافت أن من يدير الصراعات الداخلية بين الأحزاب غرف عمليات متفرقة لا يمتلك أي من الأحزاب الرئيسية غرفة عمليات موحدة خاصة به في ظل الخلاف في الرأي التي تعصف بهذه الأحزاب.
لهذا السبب، نرى تنسيقاً حول رفض ليبرمان بين بيرتس زعيم العمل والرجل «الثاني» في كاديما شمعون بيريس. ويطلق بيرتس مبادرة «فردية» لضم حزبي يهودت هتواره بزعامة النائب يعقوب ليتسمان وميرتس بزعامة يوسي بيلين في خطوة مضادة لتحركات أولمرت الذي من الواضح أنه يحاول استخدام ليبرمان كفزاعة في وجه حزب العمل، مع الإشارة إلى أن الكثير من المراقبين يقرأ في تصرف أولمرت محاولة تعميق الخلافات داخل حزب العمل وإضعافه وفتح الباب أمام احتمال مغادرة عدد من نوابه إلى حزب كاديما.
واحتل موضوع تغيير النظام السياسي في إسرائيل وتحويله إلى رئاسي بدلاً من البرلماني القائم حيزاً واسعاً من السجالات الدائرة في الأوساط السياسية والحزبية في إسرائيل، إلا أن الأمر المؤكد أنه لن يكون الموضوع الرئيس الملح على جدول أعمال الكنيست، وحتى ليبرمان الذي اقترحته حالياً لا يتوقع نقاشاً حيوياً حوله قبل مضي ستة أشهر على الأقل، مع العلم أن الذي كان ينوي بحث هذا الموضوع وطرحه هو أريئيل شارون (قبل غيابه) في إطار خطته لتفصيل النظام على مقاسه ومقاس برنامجه في خطة الفصل من طرف واحد.
في هذه المرحلة، يجمع كل حزب أوراقه ويقوم بإحصاء مصادر قوته وضعفه على أمل أن ينجو من خطر الاضمحلال والتقاعد السياسي في ظل خريطة حزبية سياسية معقدة خلت من ثنائية الأحزاب الكبيرة والصغيرة حيث كل الاحتمالات أمام الجميع خاضعة للنقاش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث