الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب السياسي ( 3 )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الخطاب السياسي
( 3 ) ( تابع )
الخطاب الماركسي :
قد لا نجازف بالقول ان التقليد الماركسي في العالم العربي تمحور أساسا حول الممارسة السياسية للأحزاب الشيوعية التي تكاد تكون انقرضت اليوم منذ البرسترويكا بالاتحاد السوفياتي المنحل ، هذا من جهة ، والحركات اليسارية التي على يسارها من جهة أخرى ، والتي عملت على تحقيق القطيعة على مستوى التصور والممارسة مع التنظيمات الشيوعية .
ان تمحور العمل " الماركسي " في العالم العربي حول العمل السياسي ، إن كان يجد تبريره بمجموعة من العوامل الموضوعية ، فانه لا يستبعد عمل التصور الذاتي على المستوى الفكري والنظري .
ان النظرية الماركسية الكلاسيكية تقوم على التمييز بين الفلسفة والعلم ، المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية . ويعتبر " لويس ألتوسير " Louis Althusser فيلسوف فرنسي ان الغاء هذا التمايز هو الطريق المؤدي الى التحريفية ، يمينية كانت ام يسارية ، ذلك ان استبعاد الفلسفة غالبا ما يؤدي الى الانحراف اليميني ، في حين ان استبعاد العلم المادي التاريخي ، يؤدي قطعا الى الانحراف اليساري . ان النزعة الأولى تنتهي الى نوع من الوضع Positivisme ، في حين ان النزعة الثانية تنتهي الى نوع من الذاتي Subjectivisme ، وبالتالي ان كلا النزعتين يُعبّران عن التأثير البرجوازي الصغير على النظرية الماركسية .
يمكن القول ، مع بعض الاستثناءات طبعا ، ان الماركسية في العالم العربي ، قد تراوحت بين هذين القطبين ، حيث سيعتمد الاتجاه الشيوعي على مقولات الواقع الموضوعي ، أي موازين القوى – العامل الداخلي والعامل الخارجي -- ، وغيرها من المقولات المحددة للممارسة السياسية التي تنتهي في نهاية المطاف الى نوع من الانتظارية المتقاعسة ، بدعوى عدم نضج الشروط الذاتية والموضوعية اللازمة لعملية التغيير .. في حين ستتميز الخطابات اليسارية لليسار الجديد بمقولات الصراع – الثورة ، واعتبار انجاز الاشتراكية مهمة مستعجلة ، وبالتالي عدم استلهامها لشروط الواقع ، الشيء الذي أدى الى عزلتها وفشل مشروعها اليساري التصحيحي .
يمكن ان نضيف للعناصر السابقة كون معظم الأحزاب الشيوعية العربية ، قد ظل سجين الثوابت المركزية التي شكلت أساسا للعمل الشيوعي ، كما صاغته الأممية الثالثة ، هاته الثوابت التي يمكن تحديدها على ثلاث مستويات :
1 ) إعطاء الأولوية للتضامن الاممي ومع الأممية .
2 ) إعطاء الاسبقية للتحالفات الافقية على التحالفات العمودية .
3 ) اعتبار النضال القومي – الوطني ذو طبيعة برجوازية ، وهنا نسجل الموقف الخياني للحزب الشيوعي المغربي ، حزب التحرر والاشتراكية الذي تحول الى حزب التقدم والاشتراكية من القضية الوطنية ، أي الاحتلال الفرنسي للمغرب .
ان توجيه هذه الشعارات لعمل الأحزاب الشيوعية العربية التي انقرضت اليوم بالكامل خاصة امام الاجتياح الإسلامي وسقوط الاتحاد السوفياتي ، قد انعكس في تبعيتها للمركز الاممي أيديولوجيا ، كما أدى الى عزلتها على المستوى الوطني ، بل وفي بعض الأحيان قصور معظمها على فهم حقيقة طبيعة النضال القومي والوطني .
ان الملاحظات السابقة ، تقترح تفسيرا اوليا لانحصار العمل الماركسي في العالم العربي على المستوى السياسي والنظري . ان فشل التنظيمات الماركسية في تحقيق بديلها التاريخي المرحلي ، إضافة للتحولات عرفتها الأحزاب الشيوعية الحاكمة في اوربة الشرقية ، تجعل من مسائلة تجربة التنظيمات مهمة مستعجلة انطلاقا من المحاور التالية :
ا – مدى تمثل هذه الشعارات الماركسية كنظرية ومنهج ، مقارنة مع اعتبار معظمها ان الماركسية هي صورة هي تصور حول المجتمع والعالم ، ومن هنا اعتمادها على اطر فكرية دوغمائية يتم اسقاطها على مختلف مستويات الواقع . ومن هنا البعد التقريري في مواقفها ، وضعف مستوى تحاليلها .
اذن من هذا المنطلق يجب تأصيل النقاش النظري على اعتبار ان الماركسية هي أساسا أداة لمقاربة الواقع بخصوصياته البنيوية والتاريخية . ذلك ان الابداع النظري والمنهجي الماركسي حول المجتمعات الاوربية ، قد حكمتها خصوصية هذه المجتمعات ، ومن هنا ضرورة اعتبارها في تاريخيتها ونسبيتها .
ب – مدى تجاوز التنظيمات الشيوعية للقيود الأيديولوجية والسياسية التي شكلت افقا للحركة الماركسية والشيوعية العالمية ، ذلك ان الانهيارات التي عرفتها اوربة الشرقية ، قد ابانت عن عقم التصورات السابقة . ومن هنا يستدعي سؤال الفكر محاورة هذه التنظيمات بصدد القضايا التالية :
1 – مدى ملائمة التصور التنظيمي القائم على " المركزية الديمقراطية " للرعبة في تأسيس تنظيمات " طلائعية " و " جماهيرية " انطلاقا من معطى انّ ان تجربة هذه الأحزاب على المستوى التنظيمي ، قد تمحورت أساسا حول المركزية ، وتغييب التعامل الديمقراطي ، الشيء الذي أدى الى اختزال بعض الحركات والتنظيمات في بعض الرموز التي تضع نفسها وصية عن " الحقيقة " التي لا يمكن مخالفتها في شأنها .
2 – ما هي طبيعة التأصيل النظري والسياسي ، لشعار " الثورة الوطنية الديمقراطية " ، وذلك بتجاوز الطروحات اللينينية بهذا الصدد ، واعتبار الوقع العربي في خصوصيته ؟
3 – كيفية التعامل مع المسألة الديمقراطية ، ومدى تجاوزها للتصورات الستالينية . ومن هنا تطرح ضرورات نظرية تستوجب المعالجة الفكرية لعلاقة الاشتراكية بالحرية ، وعلافة الفرد بالطبقة والمجتمع ، وأخيرا علاقة السلطة السياسية بالمجتمع المدني .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط