الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرارات مزقت نسيجنا الوطني

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 4 / 6
دراسات وابحاث قانونية


على الرغم من ان الموضوع الذي نتحدث عنه له علاقة بالتشريعات القانونية لكنه ينطوي على حكاية مؤلمة يعتصر لها القلب، وقعت في ثمانينات القرن الماضي. .
ففد بدأت ملامح الدولة العراقية الحديثة تكتمل بتتويج الأمير فيصل الأول ملكاً في 23 أب 1921. وبعد ثلاث سنوات صدر قانون الجنسية العراقية رقم 42 لسنة 1924، وعلم الناس ان قانون الخدمة الالزامية سيكون مكملاً لقانون منح الجنسية، وسيخضع المشمولون بالتبعية العثمانية للخدمة الإلزامية، ويعفى منها المشمولون بالتبعية الفارسية، فأختار بعضهم الانتماء للتبعية الفارسية بدلا من العثمانية حتى لا يخضعوا للخدمة الإلزامية، التي كانوا يطلقون عليها (إجبارية). وهكذا ولد هذا التصنيف القومي، وانخرطت بعض القبائل العربية في هذا السياق المربك، من دون ان تدرك عواقبه، ثم شرعت الدولة بدراسة مقترح الخدمة الإلزامية منذ عام 1927، وفي يوم 12 حزيران سنة 1935 نُفذَّ المقترح حينَ صدر قانون الدفاع الوطني. لكن هذا القانون شمل الجميع فيما بعد، وخضع الكل للخدمة بصرف النظر عن نوع التبعية والقومية، وخضع معهم اللاجئون الأرمن، وغيرهم من الاقليات المهاجرة إلى العراق. وتساوى أفراد الشعب في أداء الخدمة. .
وفي عام 1980 اندلعت الحرب العراقية الايرانية، فاستدعت الدولة عشرات المواليد لتعزيز جبهات القتال. وشاءت الاقدار ان يقع احد كبار الضباط للأسر على يد القوات الايرانية في قاطع الفيلق الثالث، وكان من المعروفين بوطنيته وشهامته وشجاعته، وشعرت إيران انها وضعت يدها على صيد ثمين، فعزلته عن الأسرى، واخضعته لسلسلة من التحقيقات للتعرف على أسرار الجيش العراقي، لكنه كان جلداً صلباً على الرغم من كل الطرق والاساليب التي مورست ضده، لكنه اختار الصمت والكتمان ولم ينبس ببنت شفة. .
وفي عام 1984 وقع ما لا يخطر على البال، فقد فوجئ هذا الأسير العنيد بجميع أفراد عائلته يزورونه في سجنه داخل معسكر (تختي) بطهران. كانت مفاجأة من العيار الثقيل، كيف وصلوا الى هنا ؟، وكيف عبروا الحدود ؟، ومن الذين جلبهم ؟، هل هم معتقلون مثله ؟، لكن ملابسهم وهيئتهم لا توحي بذلك. وكانوا برفقة الصليب الأحمر. .
وبعد بكاء أليم وعناق حميم، اخبروه أنهم متواجدون في طهران منذ عام 1983، وانهم أجبروا على مغادرة العراق، بتهمة تبعيتهم الفارسية، فارغمتهم السلطات العراقية على إخلاء منزلهم، وركوب شاحنة قديمة نقلتهم على الفور من مدينة خانقين إلى الحدود الإيرانية، فقطعوا الأرض الحرام (المنطقة الفاصلة بين الجبهتين العراقية والايرانية) قطعوها مشياً على الأقدام وأيديهم مرفوعة فوق رؤسهم، وكانوا يطلقون صيحات الاستغاثة باللغة العربية، حتى وقعوا في قبضة الايرانيين، الذين نقلوهم إلى معسكرات تضم المهجرين القادمين من العراق. .
ضع نفسك مكان هذا الضابط الشهم المعروف بثباته ووطنيته، والذي وجد نفسه في موقف غريب، لا يصدقه العقل، ولا يقبله المنطق. .
اذكر - من نافلة القول - ان عائلة البدر المعروفة في البصرة، وهي عائلة نجدية عربية صحيحة النسب ولها جذور في الكويت ونجد والحجاز، تعرض بيتهم في إبي الخصيب بالبصرة للمداهمة في ثمانينات القرن الماضي، وأجبر بعضهم على التهجير القسري بتهمة تبعيتهم الفارسية. .
وما أكثر العوائل التي هُجرّت وصودرت اموالها وممتلكاتها وضاعت حقوقها المدنية ظلماً وعدواناً. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023