الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصاعد موجة الاضرابات في بريطانيا ومحاولات الدولة لاجهاضها! -قانون الحد الادنى من الخدمة- كوسيلة لمحاربة الاضرابات.

شيرين عبدالله
(Shirin Abdulla)

2023 / 4 / 8
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة


9.2.2023
انظم يوم الاربعاء المصادف 1 فبراير 2023، اكثر من نصف مليون عامل يمثلون سبع نقابات وبمشاركة معلمي المدارس واساتذة الجامعات وحراس الامن وسواق القطارات والحافلات وعمال الحدود وموظفي الخدمة المدنية في اكبر اضراب عمالي شهدته بريطانيا في العقد الماضي.
وبالتزامن مع ذلك، نُظمت عدة مظاهرات في جميع انحاء البلاد ضد خطط الحكومة لتمرير قانون جديد لمكافحة الاضراب يسمى بقانون "الحد الادنى من الخدمة" اثناء الاضرابات، وذلك بنداء من مؤتمر النقابات العمالية المعروف ب (تي يو سي) والذي دعى العمال من كافة القطاعات بضمنها القطاع العام والخاص ايضا الى الدفاع عن حق الاضراب.
يعرف عام 2022 بأنه عام تجدد الإضرابات العمالية في المملكة المتحدة، حيث شمل جميع القطاعات، من المعلمين إلى سائقي الحافلات والقطارات، وعمال المطارات، وعمال الحدود والبريد، وفي منتصف ديسمبر انضم اكثر من مئة الف (100000) ممرض وممرضة في خدمة الصحة العامة (اين ايج ايس) تمثلهم الكلية الملكية للتمريض في حشد غير مسبوق، وانضم إليهم لاحقًا عمال خدمة الإسعاف وموظفو مراكز الاتصال وغرف التحكم وأطقم الطوارئ الممثلة من قبل نقابة يونيسون.
وفي يوم الاثنين الموافق 7 فبراير 2023، أضربت عشرات الآلاف من الممرضات وعمال الإسعاف في إنجلترا، وهذه هي المرة الأولى التي ينسحب فيها القطاعان سوية اذ وصفها نقابة يونايت ب "أكبر إضراب لـ (اين ايج ايس) في تاريخنا".
أسباب التصاعد في موجة الإضرابات هذه هي المطالبة بأجور أعلى وظروف عمل أفضل بسبب أزمة تكلفة المعيشة وارتفاع التضخم إلى 10.5٪، وفقًا لآخر التقارير، مما يؤثر على شرائح واسعة جدًا من المجتمع في بريطانيا.

قانون "الحد الأدنى من الخدمة" قانون ضد الإضراب!
في حين أن هناك تعاطفاً شعبياً كبيراً مع هذه الإضرابات (على سبيل المثال، 70٪ من الناس يؤيدون زيادة أجور العاملين الصحيين)، تواصل حكومة المحافظين رفضها للتفاوض مع النقابات، وهي مصرة على الاستمرار في معاقبة العمال عندما يحتجون.
ففي مساعيها من أجل الحد من تأثير الإضرابات ومحاولة قمعها، تريد الحكومة البريطانية الإسراع في تمرير قانون لمحاربة الإضراب وذلك بفرض "الحد الأدنى من الخدمة" أثناء الإضرابات.
يسمح مشروع القانون، الذي استانف مناقشته في البرلمان منذ 16 يناير، كانون الثاني 2023، للوزراء باصدار ظوابط في اي من فروع الخدمة في القطاعات الست (الصحة والتعليم والحريق والطوارئ وقوات الحدود وتعطيل التشغيل النووي والنقل)، تفرض على العمال التواجد في اماكن العمل أيام الإضراب. ويُلزم أرباب العمل أيضاً بإصدار "إشعار عمل" بقائمة أسماء أولئك الذين يستوجب تواجدهم ونوع الواجبات المناطة بهم اثناء الاضراب. هذا وبالاضافة، يُستوجب على النقابات أن تتخذ "خطوات معقولة" لضمان عدم مشاركة جميع الأعضاء المحددين في "إشعار العمل" في الإضراب. وليس هناك تعريف دقيق لهذه ال "خطوات المعقولة".
وعلى هذا الاساس، إذا لم يمتثل العمال للشروط المذكورة أعلاه، فإنهم يواجهون إمكانية الفصل او الطرد من العمل، وبالمثل، قد يُصدر امراً تفرض على النقابة حظر الإضراب، أو تحمل عقوبات مالية ضخمة.
وعليه، يسد إلقانون الطريق امام أي عامل للاحتجاج كي لا يستطيع المطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل، بالاضافة الى الحد بشكل كبير من قدرة النقابات على الدفاع عن أعضائها.
قوبل مشروع هذا القانون باحتجاج واسع من قبل الجماهير والنقابات العمالية. يجادل مؤتمر النقابات العمالية (تي يو سي) بأن القانون "غير ديمقراطي وأن إجبار النقابات على كسر الإضرابات هو انتهاك لحرياتها".
تدّعي الحكومة البريطانية أن مشروع القانون سيضع بريطانيا في تساوي مع أوروبا، ولكن إستر لينش، الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية، تقول: "ان بريطانيا لديها حاليا أشد قمع للحق في الإضراب في أوروبا وان هذه الخطط الحكومية تبعدها اكثر عن الممارسة العادية والديمقراطية". كما واشارت الى انه "في ألمانيا والسويد والعديد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، يتم تحديد الأجور من خلال المفاوضة الجماعية ويتم تسوية معظم النزاعات من خلال التفاوض بين النقابات وأرباب العمل، بما في ذلك في القطاع العام".
ومن جانبه، أصر وزير التجارة البريطاني جرانت شابس قبل اسابيع قليلة على أن الحكومة ماضية في إصدار تشريع جديد لمنع "الإضرابات الصناعية"، قائلا إنه سيتم تقديم القانون الجديد "في الأسابيع المقبلة".

خطوات نحو الخصخصة وإلغاء دولة الرفاهية:
تضمنت سياسات المملكة المتحدة تجاه الخدمات العامة على مدى العقد الماضي، وخاصة منذ عام 2010، استقطاعات ممنهجة في ميزانيات القطاع العام وعدم زيادة الأجور السنوية بما يتماشى مع التضخم. وقد أدى ذلك إلى تدهور معيشة هؤلاء العمال لدرجة أن العديد منهم غير قادرين على توفير ضروريات الحياة الأساسية لأنفسهم وأسرهم. اليوم في المملكة المتحدة نرى بنوك غذائية * (فوود بانك) وتم إنشاء مراكز التدفئة ** (وورم هب) في الكثير من الأحياء الفقيرة، وإذا كان اغلبية مستخدمي هذه الاماكن في الماضي الأشخاص العاطلون عن العمل والعديمي الماوى وذوي الدخل المنخفض، فقد يراوده الآن اعدادًا ملحوظة من المعلمين والشرطة وموظفي الصحة كل يوم أذ يتعين عليهم الاختيار بين الغذاء والتدفئة في منازلهم.
ونسمع عن حالات، يُجبر أطباء العيادات على مغادرة عياداتهم ونقل مرضاهم الحرجين إلى المستشفيات بأنفسهم لأن سيارات الإسعاف لم تصل في الوقت المحدد. تتعرض المستشفيات لضغوط شديدة لدرجة أنه ليس لديها سعة لاستقبال مرضى جدد أو موظفين لاكمال تدابير خروج المتعافين من المستشفى. أصبحت طوابير سيارات الإسعاف التي تقف أمام المستشفيات في انتظار تسليم مرضاها، بالإضافة إلى تواجد المرضى في ممرات المستشفيات وأماكنها العامة، مشاهد يومية تتداول اخبارها وسائل الاعلام. يقول بعض المعلمين إنهم يشترون اللوازم المدرسية والوجبات الغذائية لطلابهم من جيوبهم الخاصة عندما يرون بعض الأطفال يأتون إلى المدرسة وهم جوعى. بسبب نقص الموظفين، يعمل المعلمون والممرضات والأطباء وغيرهم من موظفي القطاع العام لعدة ساعات إضافية اسبوعيا مجانًا لإكمال وضائف عملهم.
منذ تفشي فيروس كوفيد -19 قبل ثلاث سنوات، أصبح الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للعاملين في القطاع العام، خاصة وأن العديد منهم كانوا في مقدمة "الخدمات الأساسية" في مواجهة الجائحة وقد ضاعف جائحة كورونا اعباء العمل والحياة عليهم. على الرغم من ذلك، استمرت الدولة في تجاهل مطالب هذه الفئات من المجتمع ولم تتدهور سبل عيشهم فحسب، بل باتوا يواجهون أيضًا تصاعداَ في التعرض للعنف والاساءة من قبل الناس يوميًا، ففي سئمهم من تدني مستويات الخدمة يصب بعضهم جام غضبه على القائمين بالخدمة بدلا من سياسات دولة الرأسماليين.
ولكن الناس ايضاَ مضطرون وحاجتهم إلى هذه الخدمات مستمرة ولا تختفي باختفاء تمويل الدولة لها، ويلجأ من لديه القدرة المالية الى القطاع الخاص لتلبية احتاجاتهم الطبية والتعليمية وغيرها، وهذا بالاساس هو هدف الدولة، اي خفض ميزانية القطاع العام تدريجياً، يسأم الناس من نقص الخدمات ثم يُمنح العقود للشركات الخاصة. فمن جهة، تكسب هذه الشركات اعداداَ من العمال "الهاربين" من القطاع العام كموظفين لها، ومن جهة اخرى يصبح مستخدمي الخدمات العامة المتقلصة كالطلاب والمرضى وغيرهم، زبائناَ ومورداَ مالياَ ضامناَ لهذه الشركات.
هذه السياسات وقانون مكافحة الإضراب اجزاء مكملة لبعضها ومن ضمن سياسة مهاجمة الحقوق وتمهيد الطريق لخصخصة الخدمات العامة وإلغاء "دولة الرفاهية" وتسريع هذه العملية. كما يقول الفيلسوف والمؤرخ الشهير نعوم تشومسكي "ان هذا هو التكتيك النموذجي للخصخصة: اوقف التمويل لما تريد خصخصته، وعندما تسوء الخدمات، يغضب الناس ويريدون التغيير فتسلمها للراسمال الخاص".
بدأت محاولات الخصخصة في بريطانيا منذ بداية الثمانينات، في عام 1982 بعد أن حاولت رئيسة الوزراء آنذاك مارجريت تاتشر الاقدام على خطة سامة لحل دولة الرفاهية، حصل تمردًا واسعاَ في حكومتها. وشهد الهجوم على دولة الرفاه عام 2010 دفعة أخرى وما نشهده اليوم هو استمرار لهذه الهجمات. ولكن ما يجدر الإشارة اليه هو عدم وجود اية بوادر للتراجع عن الاضرابات..
______________________________________________________________________
* تُدار البنوك الغذائية من قبل المنظمات المجتمعية التي تجمع الأغذية غير القابلة للتلف من متبرعين وتقدمها كمساعدة طارئة لأفراد المجتمع الذين يعانون من ضائقة مالية وانعدام الأمن الغذائي، أو الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الحصول على الدعم العام.
** مراكز التدفئة هي أماكن متوفرة محلية وآمنة ودافئة وترحيبية ترحب بك لقضاء يومك.
*** دولة الرفاهية هي نظام تاسيس القطاع العام في بريطانيا اقترحه ويليام بيفريدج بعد الحرب العالمية الثانية للقضاء على الفقر والمعاناة وقسوة الحياة في المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث