الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيس سعيّد ، إنقلاب أم حركة تصحيحيّة؟

نزار فجر بعريني

2023 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


   " إنقلاب" ،ام"  حركة تصحيحيّة"، يباركها الديمقراطيون "!!
أعلن الرئيس التونسي " قيس سعيّد" ، يوم الأحد ، ٢٥ تمّوز ٢٠٢١ ، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، عن " تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة" هشام المشيشي" من مهامه" ، وتوليه  السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة، هو  يعيّن رئيسها!؟
الاسباب المباشرة لتفجّر الصراع  بين " الرئيس " ورئيس الوزراء " هي رفض الرئيس انّ يؤدّي بعض الوزراء الجدد، الذين عيّنهم رئيس الوزراء  ،  القسم الدستوري ، لذرائع تتعلّق بالنزاهة !
الظروف التي يبرر فيها " الرئيس " قراراته هي أيضا  احتجاجات غاضبة، شهدتها عدة محافظات تونسية ، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحيّة خانقة ، يطالبون بتغيير الحكومة !(١)
اوّلا ،
في ردود الأفعال !
    أدان " البرلمان التونسي" المُجَمّد "  قرارات" الرئيس" ، وأكّد استمرار عمله وفقا للدستور ، الذي " علّقه " الرئيس !!
لقد  رفضت معظم احزاب البرلمان قرار الرئيس ،  واعتبرته " إنقلابا على الدستور " ( النهضة ، "٥٣"،من أصل عدد إجمالي  ٢١٧ ،  كتلة " قلب تونس " ٢٩"، التيّار الديمقراطي  " ٢٢"، إئتلاف الكرامة " ١٨"،
بينما أعلنت " حركة الشعب " ١٥ " عن تأييدها لخطوات الرئيس ، وبقيت أحزاب اخرى صامتة، أهمّها " الحزب الدستوري " ، ١٦ " !  (٢).
  الرئيس الأسبق " المنصف المرزوقي "، استنكر  إجراءات الرئيس لما سمّاه سعيه " لضم  السلطات التنفيذيّة والقضائية والتشريعيّة   بين يديه "، واعتبره مشروع ديكتاتور جديد !!
    طالب" الاتحاد العام التونسي للشغل"  بضرورة "اتخاذ ضمانات دستورية ترافق التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد" ، و "ضبط أهدافها ، بعيداً عن التوسع وتحديد مدّة تطبيقها والإسراع بإنهائها".!! ( لانعرف من يقوم بذلك ، طالما تمّ تغييب السلطة القضائية والتشريعيّة !!)

  على المقلب الآخر، كما يقولون ، حصلت خطوات الرئيس على الدعم المباشر من حكّام الخليج، ( ما عدا قطر، لأسباب خاصّة جدّا  ) ، الغيورين على الديمقراطيّة !(٣).
     في ردود الفعل" الحياديّة" ، " حثّ" وزير الخارجية الأمريكية " الرئيس التونسي  " على " احترام الديمقراطيّة"!!
ثانيا ،
بغضّ النظر عن إشكاليات ، ومشاكل العملية الديمقراطية، و ممارسات " النهضة"،(٤)، مجموعة تساؤلات تطرح نفسها بقوّة ، إحاول الاجابة إليها إعتمادا على رؤية الأحداث التونسيّة الحالية في سياق تاريخي أشمل ، شكّلته  احداث صراعات العشر سنوات الأخيرة ، التي اعقبت حراك التونسيين ، وشعوب المنطقة الديمقراطي ، خلال ربيع ٢٠١١ .
١ هل هو إنقلاب على النظام " الديمقراطي البرلماني " أم هي "حركة إصلاحيّة" داخل منظومة النظام الديمقراطي القائم ؟
بغضّ النظر عن موقفنا من" الاخوان"  التونسيين ، لايمكن تقييم " إجراءات " الرئيس التونسي "، وفقا لأدنى معايير وقيم النظام الديمقراطي، إلّا باعتبارها "إنقلابا عسكريّا "، رغمّ الزّي المدني الذي خرّج فيه " قيس سعيّد " المسرحيّة "  !!
من جهة أولى ،
وفي القراءة الاوّليّة لنتائج  القرارات، يبدو بشكل  واضح انّها تؤدّي إلى توقيف عمل السلطات التشريعيّة والقضائيّة ، ووضع السلطة التنفيذيّة في يد شخص واحد ، وهو يعني عمليا  وضع السلطات التشريعيّة  أيضا في قبضته ، طالما اصبح يمثّل "السلطة الشرعية " الوحيدة في البلاد ؛ وهو ما يوفّر جميع شروط  الإنقلاب ، و صناعة " الديكتاتور "  !!
من جهة ثانية ،
بالعودة إلى نصوص الدستور التونسي ، والمادة ٨٠ ، التي يدّعي الرئيس انّه استند إليها لشرعنة حركته الإنقلابيّة ، نجد ما يثبّت العكس : إنتهاك فاضح للدستور :
"لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن التدابير في بيان إلى الشعب".
ووفق الفقرة الثانية من الفصل نفسه ،
"يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعدّ مجلس نواب الشعب (البرلمان) في حالة انعقاد دائم طوال هذه المدة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة".
وتقضي الفقرة الثالثة من الفصل 80  بأنه "بعد مضيّ 30 يومًا على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.
١يبدو جليّا أنّ " الحالة الاستثنائية " التي تحدد ظروفها المادّة غير موجودة في تونس اليوم ! فليس ثمّة" خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها" ،   وما يحدث من صراع رؤى داخل البرلمان ، وحراك شعبي ، مطلبي ، هو أمر طبيعي، في "دولة ديمقراطية "، يتطلّب  ، ويؤكّد  على ضرورة  توحيد  الجهود الوطنيّة ، وتعميق التعاون بين مؤسسات الدولة  ، وتطبيق للقانون ،  وليس العكس ؛ لمواجهة عواقب ازمات خانقة ، و آثار  وضع اقتصادي صعب  يعيشه الشعب التونسي ، لايخرج في سياقه العام ، وأسبابه ، عما تعاني منه جميع شعوب المنطقة ، ومعظم شعوب العالم !
٢الذي ادخل البلاد في خطر داهم ليس هو ظروف ما قبل " الحركة الإنقلابيّة " بل ما ستؤدّي اليه قرارات الرئيس اللادستوريّة  من انقسام داخل المجتمع ، والطبقة السياسية، والعسكريّة ، ربما ، وهو ما يهدد سيادة الدولة ، وإدخال البلاد  في أتون حرب أهلية طاحنة ؛ او ، في أحسن الأحوال، إعادتها لتحت بسطار العسكر !!
٣ التدابير التي أجازتها المادّة لرئيس الجمهورية  لايجب حصولها إلّا بعد " استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية" ، وليس إستشارة ، والتنسيق مع  الأجهزة الأمنية، كما فعل الرئيس !(٢)
٤ الانتهاك الأكثر وضوحا للدستور ، والذي يوجّب مثول " الرئيس " أمام محكمة دستورية ( وَضَع سيادته   جميع العقبات أمام تشكّلها! )، هو ما ورد في الفقرة الثانية، ويؤكّد على إبقاء "مجلس نواب الشعب (البرلمان) في حالة انعقاد دائم طوال هذه المدة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة".  !!
من جهة ثانيّة ،
اذا كان من البديهي أن لايقوم" الرئيس سعيّد "بحركة كهذه ، دون تنسيق مع " الأجهزة " ، التي تنسّق بدورها مع اجهزة إقليميّة وعالمية ، فمن السذاجة السياسيّة إذن أن   نحصر الصراع على السلطة في تونس فقط في  إطار ضيّق ، يرتبط بفساد الأخوان ، كما تبدوا عليه الأحداث ؛ وهو مؤشّر كبير ، وخطير ، على طبيعة أهداف  الحركة التي يقودها " رئيس الجمهورية "  !!
٢
هل هو  إنقلاب ضدّ" الاخوان" ( النهضة )،  حصريّا ، ام يستهدف" التجربة الديمقراطية البرلمانية"  في البلاد ، بذريعة السلوك الأخواني ؛ والفرق شاسع بين الحالتين ؟!
وهل تبقى الديمقراطية ، ديمقراطيّة ، إذا كنّا نشترط لقيامها إقصاء  مكوّن سياسي   من  " الحياة السياسية " !!؟
اعتقد انّه سؤال مهم، يطرح بدوره  تساؤلات لاتقلّ  أهميّة :
لماذا  تصرّ نخب سياسية ثقافية سوريّة  ، ( وأبواق خليجيّة  ومصريّة معروفة)، على إلصاق كامل  صفات "الأخونة"  بالحزب، رغم تأكيد قيادات الصفّ الأوّل في حركة النهضة على سعي الحزب لقطع جميع الصلات السياسيّة و الفكريّة بمنظومات الأخوان ، ونهجهم .
عبّرت عن هذا التوجّه أطروحات المؤتمر العاشر للحركة ، التي أكّدت على ضرورة " تَونَسة "الحزب،  عبر الفصل بين  "الدَّعَوي "  والسياسي"،  لدى الفاعلين النهضاويين، وهي خطوات مهمّة في  صيرورة تغيير شاملة لبناء حزب مدني ، ديمقراطي ، تتضمّن التخلّي عن الصبغة العقائدية للحزب ، عبر توجّه جديد،  يعتمد على ما سمّوه " التفرغ الوظيفي"، بما يعني التخصص بإدارة الشأن العام بالبلاد ، وفي القضايا التي تهمّ الحكم ،وليس القضايا التي تهمّ المجتمع المدني، وهو يعني تخصص الحزب في إدارة شؤون الدولة ، سواء اكان ذلك من موقع المعارضة او السلطة !!
ب- هل حزب النهضة هو الحاكم  الحقيقي في تونس " الديمقراطيّة "  ؟
على مستوى " اللعبة البرلمانيّة " ، وعلى الرغم من رئاسة الغنّوشي ، إذا علمنا أنّ عدد مقاعد النهضة هي فقط " ٥٣" من عدد اعضاء البرلمان الإجمالي "   ٢١٧ " ،  ندرك حجم المبالغة ، واهدافها ، في تضخيم دور " النهضة "،  وبالتالي مسؤولياته عن مخرجات الحكم ؛ ناهيكم عن التأثير الهامشي للسلطات " القضائية والتشريعيّة  والتنفيذيّة" التابعة :للمؤسسات الديمقراطة"    على" السلطة التنفيذية "، السياديّة ، الحقيقيّة ، التي يقبض عليها جنرالات الجيش ، والأجهزة الأمنية، ورئيس الدولة ، بما يجعل من "المؤسسات الديمقراطية "  أضعف ركائز الحكم في تونس؛ وهو ما يؤكّد عليه السهولة التي "محى  " فيها الرئيس " مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية " بقرار " شخصي "  !!
ثالثا  ،
لايمكن لنا،  كمهتمين بمعرفة  حقائق الواقع الموضوعي  ، أنّ ندرك حقيقة الوضع السياسي ، وحقيقة الاهداف التي تعمل على تحقيقها أطراف الصراع  بالاعتماد فقط  على قراءة ما يظهر من احداث، ويطفو من مواقف على السطح . ينبغي النظر الى جوهر علاقات  القوى المحرّكة ، وشبكة المصالح التي ترسم  سياساتها ؛ والتي لا  تظهر غالبا   إلّا تمظهراتها .
في المرحلة الحالية من الصراع على السلطة في تونس اليوم ، او في  مصر ٢٠١٣،  قد يبدو المشهد كما عرضه الصديق العزيز، المهندس والكاتب السوري  " سمير سليمان "  :
" الفارق الأساسي بين حكم العسكر وحكم الإخوان, أن الأول لايغادر السلطة إلا بعد تحطّم البلاد, والثاني لايغادر إلا بعد تعفنها. .."
اذا كان ثمّة دلائل واضحة تؤشّر على "إخراج  "  الأخوان من  السلطة ، بعد تعفّنها " فهل يوجد أدنّى مؤشّرات على استبدالها بمستوى ديمقراطي أرقى ، أم بحكم العسكر ، الذي" أحتلّ أنظمة المنطقة ، بتوكيل خارجي   ، منذ ١٩٥٢ ، وفي جميع " دول " النموذج الناصري؟
وما هي الإستنتاجات التي ينبغي الوصول إليها؟
تساؤلات لاتنتهي :
هل من الموضوعية المساواة  بين العسكر والأخوان ، عند  تقييم نتائج وجودهما في السلطة  ؟
هل حصل الأخوان  في أيّة مرحلة على سلطة حقيقيّة  ، تجعل من تحمّلهم كامل  عواقب الحكم قرارا عادلا ؟!

هل سُمح  للإخوان أن يمتلكوا سلطات  قضائية وتشريعيّة وتنفيذيّة  غير منقوصة لإنجاح عملية ديمقراطية  ،  أم وكّلوا بتشكيل  واجهات سلطويّة " ، في مواجهة  ثورات الربيع العربي ، من أجل تغيير طبيعتها، كثورات شعبية، ديمقراطية، وإجهاض  أهدافها ، وبما يجعل موضعيا من الاخوان بعض أدوات تفتيت وحدة الشارع المنتفض ،  وشريك للعسكر في خندق قوى الثورة المضادة للتغييرالديمقراطي  ، و بما يؤدّي إلى الحفاظ على أركان النظم الرأسمالية التابعة العسكرية ، في مواجهة تحديّات غير مسبوقة ، خلقها حراك الشعوب الديمقراطي، وقوّة إرادة الإصرار على التغيير ؛ وبما يجعل من الاخوان" ادوات غبيّة "  ، وضحايا، لكيد العسكر ؟!
  لمعرفة حقيقة " سلطة " الاخوان ، وزيف الإدعاء بمسؤوليتهم  الحصريّة عن " فشل العمليّة الديمقراطيّة "، وبالتالي سقوط مبررات " عودة الديكتاتوريات " يكفي فقط ان نسأل:
هل تمّت  الانتخابات التي اوصلتهم الى  " واجهة "، السلطة، في تونس ومصر ، في اعقاب ثورتين شعبيتين ، في ظلّ ، وتحت  قيادة " حكومة انتقالية " حياديّة  ، فرضتها فاعليات الثورة ، وشكّل الثوار قوّة أساسية فيها ، واقتصرت مهمتها على تسيير عملية الإنتخابات ، وضمان نزاهتها ، وبما ينقل السلطة إلى  ممثلي  التحالف الشعبي الذي شارك في الثورة ، امّ تمّت بظل هيمنة مطلقة لسلطة الجيش ، وقيادة اركانه ،واجهزته ،  التي وضعت الانتخابات ، ونتائجها ، في سياق خطّة لتفشيل  الحراك الثوري ، واهدافه، وتفتيت جمهوره ،  والحفاظ على أركان النظام القائم ؛ "ديكتاتوريّه العسكر"  ، وبالتالي لم تعط الاخوان من السلطة سوى ما يحقق أهداف التفشيل ، ويعطي مبررات العودة ؟؟!!
من الطبيعي أنّ تكون معالم المشهد في مصر أكثر وضوحا ، لما يحتلّه هذا البلد ، بالمقارنة مع تونس ، من حجر الزاوية في شبكة المصالح والسياسات الأمريكية في المنطقة ، لطبيعة خطط وسياسيات تفشل ثورات الربيع العربي بإستخدام الإخوان والعسكر ، أبرز أدوات السيطرة الإقليمية  الأمريكية.
(١)-
من الجدير بالذكر الإشارة  إلى إنطلاق   الاحتجاجات  التي شهدتها المدن التونسيّة منذ ك٢ الماضي ، من بلدة" سليانة "، شمال غرب تونس، إثر اعتداء شرطة البلدية على راع، وقد تحوّلت إلى سلسلة  من الاحتجاجات ، تخلل بعضها   أعمال شغب و نهب وإحراق ممتلكات وانتشار جماعي للشرطة في عدة مدن، أسفر عن اعتقال مئات الأشخاص.
يُشار أيضا
إلى حدوث تظاهرات لمئات المحتجين،  في العاصمة التونسية وعدة مدن أخرى ، يوم الأحد (25 تموز/يوليو 2021) ، طالب خلالها نشطاء بتنحّي الحكومة ،وبحل البرلمان،وقد أستخدمت الشرطة" رذاذ الفلفل" لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة ورددوا هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحل البرلمان.
-((٢
يقول الخبر :
أعلن الرئيس "سعيّد "  " في خطاب بثه التلفزيون الحكومي إنهاء مهام رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه ، عقب ترؤسه اجتماعا طارئا جمع قيادات عسكرية وأمنية بقصر قرطاج."
في هذا الخبر ، يتأكّد ما هو بديهي ، في مثل هذه الظروف ، وتتضح  ابعاد حركة "الرئيس المدني " الإنقلابيّة !!
أين  يقف اصحاب" السلطة العميقة  " الفعليّة " في تونس، العسكر والأجهزة الأمنية  ، في هذا الصراع بين قوّتين ، يدّعي كلّ منهما " الشرعيّة " الدستوريّه؟ 
على الرغم من عدم تزيّن الرئيس " سعيّد " بنياشين العسكر "، وطالما انّ السلطة الحقيقية هي في قبضة جنرالات الجيش،و"الأجهزة الأمنية " ،  فلايمكن لهذه الحركة " الإنقاذيّة " ، كما تصفها ابواق أنظمة الإستبداد في الخليج ،  ان تحصل، وتنجح ، دون التنسيق ، وتلقّي  الدعم من العسكر، وهو ما يضعها في إطار الحركات الإنقلابيّة " العسكريّة " المباشرة !!
(٣)-
شنّ الأمير السعودي، "سطام بن خالد آل سعود"  هجوما على "حركة النهضة"  التونسية،  قائلا إنهم "خسروا كل شيء لأنهم لا مبدأ لهم ولا قرار"!!.(وهو شيء طبيعي ، طالما انّهم لم يتخرّجوا من المدرسة الوهابية !)
وتحت عنوان "تونس تنتفض وتدفن مشروع الإخوان"، يقول "أحمد عبد العزيز الجارالله " في "السياسة" الكويتية:
"بعد عقد من المعاناة والمحاولات الشعبية المستميتة لإعادة تونس إلى طريق الصواب، دون جدوى، عيل صبر الشعب، فانتفض الرئيس قيس سعيد على سيطرة حركة النهضة الإخوانية التي أدخلت البلاد جحيم عدم الاستقرار، وأحرقت من خرجوا احتجاجا على مقتل محمد البوعزيزي قبل 11 عاما كلهم بنيران الأخونة آخذة تونس الخضراء إلى اليابس والموت البطيء".
رحّب "خالد السليمان"، في "عكاظ" السعودية "بما قام به الرئيس التونسي من إجراءات لوقف حالة التدهور التي أصابت تونس بسبب سوء أداء الحكومة والبرلمان، وأعتبره  "من صميم مسؤولياته كرئيس لإنقاذ البلاد والعباد من عبث السياسيين الرديئين".
كما يصف حمود أبو طالب في الصحيفة ذاتها قرارات سعيد بأنها "تاريخية" مشددا أنها كانت بمثابة "ضربة خاطفة قوية وذكية وشجاعة".
كما تؤكد "الخليج" الإماراتية في افتتاحيتها أن" تونس تعيش ساعات حاسمة، فهي على أبواب (ثورة جديدة) يقودها الرئيس التونسي للتخلص من كل منظومة السلطة التي جثمت على صدر البلاد منذ العام 2011، حيث من المتوقع أن يستتبع قراراته بتعيين رئيس جديد للحكومة، ومباشرة المعركة ضد الفساد".
(٤)-
يتبادل "الديمقراطيون " السوريون "بنشوة المُنتصر " فيديوهات" الناشطة "البرلمانيّة التونسيّة " عبير موسى " ، التي " تفضح " اخطاء " النهضة " ، دون أنّ يكلّفوا أنفسهم عناء الإجابة على تساؤلات عديدة :
أليس من الطبيعي  أن  يحدث  ما " تروّج له ،في حملة شبه منتظمة ،في ظلّ " اللعبة الديمقراطيّة " البرلمانية ؟ ألا  يصبّ جهد  تلك الناشطة " النسويّة " ،"الذكيّة " الشجاعة "، " الديمقراطيّة "،  في جهود " تدمير التجربة الديمقراطية " ، في هذه المرحلة من الصراع على السلطة؟
هل يجب أن  يفقدنا " حقدنا " على " الأخوان " القدرة على رؤية ابعاد مشهد الصراع ، وأخطار مآلاته على التجربة الديمقراطية، لنجد انفسنا في خندق القوى المعادية لمبادئنا ، وقيمنا " الديمقراطيّة "؟!
هل هو قدرنا انّ نبقى " خلف الأحداث " ، وعلى هامش موازين قوى الصراع  ، في عجزنا عن قراءة  طبيعة الصراع ، واهداف قواه ؟!
(٥)-
التي يبقى أدائها ، في أسوا حالاته، لايقارن  ب"برلمانات "، واحزاب انظمة الإستبداد الإقليمية ، التي  تُدين تجربة " الأخوان "،والتي تتخذها ، كما يفعل جهابذة   " الديمقراطية " السوريون ،  ذريعة لتبرير " أقتناص "تجربة ديمقراطية تستحق، على علّاتها ،  إعطائها فرصة لتطوير نفسها ، والإرتقاء بأدائها، وليس " ذبحها" على طريقة العسكر، بذريعة " الاخوان"، وكانّ  لسان حالهم يقول :
"النظام الديمقراطي " حكر " على الاخوان  ، وإذا فشلوا ، يجب وقف التجربة !! ) !!
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل ولا أروع
نبيل السوري ( 2023 / 4 / 9 - 14:53 )
هذا أحد أهم التحليلات السياسية منذ 2011 وهو يلقي الضوء على ما تم تجنب كثيرون ذكره، وأهنىء الأخ الكريم نزار على هذا الوعي السياسي الكبير، وأشكره شخصياً على أنني استفدت كثيراً من مقاله الرائع وتعلمت الكثير

اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا