الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول التسمية الربيع العربي أم الثورات العربية

فارس إيغو

2023 / 4 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هي ثورات عربية وليست بالربيع العربي، لأن المصطلح الأخير يوحي لنا بأن الأمور ستسير على خير ما يرام، ويخفي عنا كون الانقلابات الكبرى قد تنحرف غالبا نحو الحروب الأهلية وما يحصل فيها من مجازر جماعية. وهو ما حدث في الثورتين الكُبْريتين في العالم: الثورة الفرنسية عام 1789، والثورة البلشفية عام 1917، وانتهت الثورتين بالحروب الأهلية والمجازر الجماعية التي طالت مئات الآلاف من المخالفين والأبرياء.
الثورات العربية منذ أيامها الأولى في تونس رفعت شعار (إسقاط النظام) تحت التسمية الفرنسية الشهيرة (ديغاج أو ارحل)، وهذا أمر ليس باليسير، أقصد ترحيل أنظمة شرشت في مجتمعاتها لمدة خمسين عاما، وخلقت منتفعين، وبالخصوص في أجهزة الأمن والشرطة والقوات المسلحة والتشكيلات العسكرية الموازية (الحرس الجمهوري، سرايا الدفاع، سرايا الصراع، أجهزة مكافحة الإرهاب)، وكل هذه الأجهزة هي الجزء الصلب والأعنف من الدولة العميقة.
لكل ذلك، تأتي تسمية الربيع العربي بالمخاتلة، حتى تونس التي يمكن وصف ثورتها بالثورة البيضاء (أو ثورة الياسمين) حيث تم إسقاط الرئيس زين العابدين بن علي في خلال ثلاثين يوما، ولكن المشاكل مع الدولة العميقة والمحيط العربي والشرق أوسطي الرسمي المعادي للديموقراطية بدأت بعد إسقاط النظام، وانتهت هذه الصراعات مع وصول قيس سعيد إلى السلطة عن طريق الانتخابات، وبعد سنة من وصوله أسقط التجربة الديموقراطية بمساعدة الجيش وأجهزة الأمن والشرطة التونسية، وكذلك بمساعدة الجزائر الجارة التي يتحكم بها الجيش بالسلطة منذ انقلاب هواري بومدين عام 1965 ودول الخليج رأس الحربة العربية في الثورة المضادة التي قادتها روسيا والتحقت بها إيران مع بداية الثورة السورية في الخامس من آذار عام 2011.
في مصر، تبدو الأمور أكثر وضوحا من النموذج التونسي كون الثورة المضادة أرجعت مصر إلى المربع الأول، أي إلى النظام الذي حكم مصر في فترة السادات ومبارك، مع وجود هامش من الحرية الفكرية شرط أن لا تقترب من النظام السياسي وقدسية الجيش المصري، وكذلك نوع من أنواع تأليه الرئيس أو تحويله إلى فرعون.
الأخطاء التي ارتكبت في مصر نتيجة الخلط بين تسمية الحدث التاريخي بالربيع العربي أكبر من أن يتصورها العقل والمنطق السياسي السليم، فالجيش المصري في 11 شباط خرج منتصرا بعد خمسين عاما من التسلط على المجتمع المصري، واكتسب شرعية جديدة في الحفاظ على وحدة مصر أمام الفوضى العارمة التي يمكن أن تقع فيها مصر بالنظر إلى ما يحدث في ليبيا وسورية، وبالرغم من كل ذلك فإن النخبة السياسية المصرية بقيادة الإخوان والسلفيين قدموا ثلاثة مرشحين معروفين لرئاسة الجمهورية أمام المرشح الأكثر توازنا مع المرحلة الانتقالية، ومع فهم طبيعة المرحلة والعلاقة الدقيقة مع الجيش المصري، وهو السيد حمدين صباحي. انتهت الجولة الأولى من الانتخابات المصرية بتقدم مرشح الإخوان محمد مرسي، ونال نسبة 24،78% من الأصوات، أحمد شفيق (مرشح الجيش المصري والدولة العميقة والرأسمالية المصرية والأقباط المصريين) 23،66% من الأصوات، حمدين صباحي 20،72%، وبذلك أصبحت المواجهة في الجولة الثانية بين مرشح الإسلاميين محمد مرسي (وليس الثورة المصرية) ومرشح الجيش المصري الجنرال السابق أحمد شفيق، وانتهت الجولة الثانية بفوز محمد مرسي بفارق ضئيل جدا. هذه النتيجة كان يجب أن يستخلص منها تكليف شخصية متوازنة للقيام بمهمة رئيس وزراء، تكون مهمته السعي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كافة التمثيلات السياسية للشعب المصري، والتخفيف من وطأة الإسلاميين على الحكم الجديد.
أعتقد أن الثورة المصرية على الخصوص، والثورات العربية على العموم، قد انهزمت في تلك اللحظة الحاسمة، أي في مايو/أيار 2012، وأن مصير ما سمي جزافا بـ (الربيع العربي) قد انتهت ليس بالخريف والشتاء الإسلامي، بل بمساعدة الإسلاميين، انتهت نحو تسليم معظم أوراقها للثورة المضادة، التي بدأت عربيا تتجسد مع انقلاب الجيش المصري في الثالث من تموز/يوليو 2013، ملتحقة بالثورة المضادة التي قادتها روسيا منذ اللحظات الأولى في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |