الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟)2/2)

عبدالامير الركابي

2023 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اشاع الغرب في العصر الحديث، ومع ادعائيته بما خص الظاهرة المجتمعية، مفهوما تلخيصيا للظاهرة المنوه عنها، قصورية لدرجه استحقاقها توصيف الكذبة الكبرى، تلك التي ارتكزت على اعتبار المجتمعية احادية، وعلى كونها بالاحرى ( التجمع + انتاج الغذاء) جاعلة من الكينونة البشرية مجرد "حاجاتية" وانتاج لمايديم النوع البشري، وهو ماعاد مختصون بجوانب الديناميه الحيوية المجتمعية مثل ماركس، الذي اعاد من جهته تكريس الاحالة الى الماكل والمشرب والماوى، وارضاء الغريزه، كمحركات اساس للكائن البشري.
وواقع الحال، ومع ان الغرب اليوم انتقل الى الانتاجية الاليه، وماواكبها ونتج عنها من تصاعد هائل في الديناميات المجتمعية مقارنه باليدوية، الا انه ظل على الصعيد المتعلق بوعي الظاهرة المجتمعية، متدنيا من حيث الاحاطة، بحيث احال الظاهرة مدار البحث الى ماقبلها، اي الى الفترة الفاصلة بين حضور العقل، مع انتصاب الكائن الحي الحيوان على قائمتين واستعماله يديه، ليظل محكوما لغلبة الاشتراطات الحيوانيه الاحادية، المركزه على تامين الغذاء لاغير، وهو ماظل مستمرا حتى اخر فترة الصيد واللقاط، ليتوقف منقلبا مع تبلور المجتمعية ابتداء، فيدخل من حينه طورالكائن العقل / جسدي ، الانسايوان، متعديا ترقيا طور الحيوان الطويل، يوم كان العقل متواريا تحت وطاة الغلبة الجسدية شبه المطلقة.
تشترط المجتمعية بدءا كطور، توفر اشتراطات "الازدواج"، وهو ماتتكفل به البيئة كما العادة كعامل اساس في وجود وسيرورة الحياة وترقيها، عبر الوحدة بينها وبين الكائن الحي، ومن هنا وجدت بؤرة ابتداء ازدواجي لاارضوي، سماوي/ ارضوي، وهو ماكان تقرر ان بنبثق في ارض مابين النهرين في سومر ابتداء، فكانت اشتراطات "العيش على حافة الفناء" في ارض السواد جنوبا، والتباين التضاريسى مع الجزء الاعلى من الموضع الكوني الارضوي بنية، بجانب اتحاد المجتمعيتن من دون توحدهما، مع خضوعهما لحال من الاصطراعية المستمرة، والمحددة لنوع المجتمعية كازدواج منتج لعملية متعدية للكيانيه، ذاهبة الى الكونية، والى الانغماس بالتفاعلية المجتمعية الشاملة.
ويتوافق نمط الكيانيه المومى اليه، مع مقتضيات غاية في الاستثنائية التصيّرية الناظمه للوجود البشري ومالاته، والمصير المقرر له من قبل الغائية الكونيه العليا، فالخارطة المجتمعية وتوزعاتها، واختلافات تضاريسها ومناخها، مرسومه ومحددة بزمن وغاية موكولة لغرضية، حاكمها منذ المجتمعية الازدواج، المقابل والمتفاعل مع الازدواج التكويني الفردي البشري، بعدما صار هذا وريث الحيوان، الارقى المزدوج (عقل /جسد)، ليظل تحت طائلة الحيوانيه شروطا حياتيه، الى ان يواجه تحدي الوجود واحتمالات الفنائية عند نقطة توجب الاجتماع، والاستنفار الاقصى تحت طائلة نهرين عاتيين مدمرين، واشتراطات حياة كلهامخالفة طاردة، ومصدر تهديد باعث على الاستنفار والتيقظ الدائم، مع الجهد الدؤوب فوق العادي الممتزج بالتفارقية المتجافية مع البيئة، بحثا عن ممكنات "سكن" غيرها، خارجها، بما يتوافق فعليا مع جانب اساس من الكينونه المقاربة للعقلية المتعدية للجسدية، الى ان تحضر المجتمعية الاعلى جغرافيا/ عراق الجزيرة/ وقد اكتمل تبلور الاولى، فيقع التصادم في قلب الوحدة، كما الكائن البشري وتكوينه، ويتكرس الازدواج ابتداء وواقعا في بؤرة ثابته، متصلة الديناميات والتصيّر التاريخي مع محيطها الشرق متوسطي.
من ينظرون للجسدية البشرية على انها لحم وعظم، والى المجتمعات حاجات تكفل الديمومه ـ اضاف يوكوهاما لها ولما قرره ماركس عنصرا اضافيا سماه "طلب المجد" ـ احادية تنتظمها في ارقى الحالات قوانين "المادية التاريخيه"، ما يظل دونيا واحاديا، ليس بوسعه ان يرى ضمن ديناميات التصير التاريخي حضورا، ناهيك عن الفعالية الازدواجية، اللاارضوية مثل الابراهيمه وقراءاتها الكبرى، فيبادر لاحالتها الى "الدين"، متوقفا دون الحقيقة الاصل، وفعل طرفيها غير المكشوف عنه النقاب، وبهذا يرفع عن نفسه مشقة البحث في الاليات والمحركات المجتمعية الفعلية الموافقه للحقيقة المجتمعية، هذا اذا كان يعلم، او هو بصدد التفكير بالمسالة المجتمعية التي تظل خارج الاعقال البشري، لقصور الادراكية، وما متوفر للعقل وقتها من طاقة على الاحاطة ابتداء، الى ان تاتي ساعه مقاربة هذا الجانب من الوعي، ويفتتح باب "علم الاجتماع" المتاخر الاف السنين عن اللازم، والذي يوجد وهو يحبو احاديا، حاملا على جبينه اسم "اخر العلوم"، وهي ذاتها تسمية متجنيه على العلم، كان الاحرى ان تستبدل بالقول:" اخر علوم ماقبل الازدواج " حيث تستمر في الغياب والازاحه، اهم واخطر مايفسر الحياة والوجود، وحركة التاريخ.
كما الحال مثلا في موضع بعينه من المعمورة، او نقطة منها بالذات، حيث الابراهيمية اللاارضوية شكل التجلي المجتمعي اللاارضوي، ببنيته واجمالي تركيبه، وعالمه النبوي الالهامي السماوي، وانغراسه الاختراقي المتمدد كمجتمعية اخرى، في قلب وداخل المجتمعية الاحادية، بين تضاعيف التركيب المعتبراحاديا ظاهرا، والمزدوج حقيقة بحكم كونه نسيجا، تكوينه، ومادة تشكله، اي الكائن البشري، مزدوجة، لااحادية كما يظل الاعتقاد الوهمي الشائع عنه ساريا.
من هنا يصير واجبا الدخول للعالم الاهم المترتب على الازدواجين، الفردي اليشري والمجتمعي، ذلك المتعلق بالديناميات المفترضة لمثل هذا النوع المجتمعي ومادته، فاذا كان المنظور الاحادي يكمل تصوره من زاوية النظر والاعتقاد الذي يقف عنده ليرى التاريخ والمجتمعية، فانه لابد حكما ان يتوقف عند كونها حالة من التصيّر الاحادي بالمفهوم الاول الابتدائي، حتى بلوغ مرحلة الاعتقاد الواهم باكتشاف قوانين التاريخ، وفي مقدمها "المادية التاريخيه" التي تخضع العملية التاريخيه للحتمية.
ومع الانقلاب الالي، وجمله المنجزات الكبرى العلمية والتفكرية، عدا النموذجية بما خص تنظيم الحياة مجتمعيا، تكاد الارضوية تقارب الانتصار على المنظور اللاارضوي، وقراءاته الثلاث كما يبدو توهما، في حين تقع منطقة المنظور اللاارضوي تحت طائلة حالة من الخضوع للنموذج الغربي ومفاهيمه، فلا يخطر على البال اساسا، احتمال من نوع استمرار الاليات الاصل بالعمل، برغم ماهو حاصل من غلبة النموذج والافكار الغربية على مدى قرنين باعتبارهما"النهضة العربية"، وهي فترة تنبثق اصلا من حالة انهيار وترد تاريخي، وانحطاط شامل، لتكون بالاحرى حال " الانحطاط الثاني"، تقع المنطقة ابانه بالانفصام، بين مايقال ويستعمل كمنظور مستجلب ومسقط من خارج المنطقة، وبين واقعها الفعلي باعتبارها منطقة التعبيرية اللاارضوية الكونيه.
تنشا المجتمعات وتتوزع على الكرة الارضيية ازدواجين، ازدواج ارضي/ لاارضوي يشمل منطقة الشرق المتوسطي، تعبيريته متجاوزة للمجتمعية، ذاهبة الى مابعدها، كما مقرر للظاهر المجتمعية، ومكتوب لها. يقابلها ازدواج على الضفة الاخرى المتوسطية، طبقي، يلامس في حالته التعبيرية القصوى، مع الانتقال الى الالة، اطراف نهايات الاحادية المجتمعية، ويهيء ماديا دون قصد منه، اسباب انتقالها التحولي الى مابعد مجتمعية، وهو مايحدث وقتها بانتقال الرؤية والتعبيرية اللاارضوية، من الحدسية النبوية الملائمه لاشتراطات المجتمعية ضمن الفترة المنتهيىة الى اليوم، الى الرؤية والكتاب الرابع، بعد التوراة والانجيل والقران، كتاب الانتقال، من الحدسية الالهامية، الى " العليّة" السببية، ومنظور ها المتجاوز للاوربية الحالية، و"علمويتها" الناقصة.
ولن يكون حضور الغرب وانعكاساته وفعله المقصود، المباشر وغير المباشر، خارج مقتضيات التفاعلية الكونيه بين البؤرتين الازدواجيتين، وتبادلاتهما، ماقد يذكر بانصبابية روما وفارس، كاحاديتين امبراطوريتين، مع تبدل نوع الحضور، وصولا الى الانفصام الاقصى، بين الواقع وآلياته ودينامياته الفعلية المستمرة، والتي لم تتوقف يوما، وبين تلك المفترضة التي تسقط على الواقع، وتفرض عليه التماهي مع النموذج الغالب مؤقتا على مستنوى المعمورة، وهو ماقد بدات علائمه تصير واضحه للعيان، وشاملة على مستوى المنطقة ككل، بحيث تتجاوز الحركة على الارض، ومستويات الحراك المجتمعي، مامتوفر من اشكال الرؤى المستعارة والمنقولة، فتبدو هذه وقتها مشلولة، وان هي استمرت قادرة على الثرثرة الفارغة، طالما البديل لم يظهر بعد، مايزيد من حدة التازم ويعممه.
نحن على موعد اليوم مع "الكتاب الرابع"، كتاب الانتقال التحولي الكوني، والمنطقة ستظل تشهد بعد جولة "الربيع"، ومااعقبها، وماهو متحكم بالاوضاع اليوم، المزيد من اشكال التوترات والانفجارات، ومعها الكوارث البيئية، الى ان يسطع النجم، وتدخل منطقة القراءت اللاارضوية، ومعها الكرة الارضية، الزمن الاخير قبل الانتقال الاعظم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة