الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالة الانتقالية، بين الواقع والمطلوب.

سربست مصطفى رشيد اميدي

2023 / 4 / 10
دراسات وابحاث قانونية


العدالة الانتقالية بين الواقع والمطلوب

القسم الثاني:
3- غواتيمالا: بعد قيام انقلاب عسكري مدعوم من الولايات المتحدة سنة ١٩٥٤ ضد الرئيس المنتخب " خاكوبو ارينز "، فقد اندلعت احتجاجات شعبية تحولت بعد قمعها الى اعلان تنظيم ثوري باسم (الوحدة الثورية الوطنية الغواتيمالية) سنة ١٩٦٠ والتي كانت ذات توجه يساري، حيث قادها السكان الاصليين والفلاحون. والتي ازهقت خلال محاربة النظام لهذا التنظيم ارواح عشرات الآلاف من المواطنين وخاصة من السكان الأصليين " المايا " خاصةً خلال الفترة بين عام ١٩٧٨ لغاية ١٩٨٦، حيث اتبعت الحكومة سياسة الارض المحروقة، واقترفت الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين.
لكن بعد انتهاء الحرب نتيجة الجهد الدولي التي قادتها الامم المتحدة، وبعد مفاوضات عسيرة فقد توصل الطرفان سنة ١٩٩٤ الى تشكيل (لجنة للتقصي عن انتهاكات حقوق الإنسان واعمال العنف في غواتيمالا) حيث انتهت بالتوقيع سنة ١٩٩٦ على عقد اتفاق سلام بين الحكومة والمحاربين، ونتيجة ذلك جرت على أساس بنود هذا الاتفاق انتخابات عامة، اعلنت الأمم المتحدة بأنها انتخابات اتسمت بالنزاهة والحيادية.
وقد تمخض عن اتفاقية السلام تشكيل (لجنة الحقيقة التاريخية) حيث اقتصر دورها على كشف الحقيقة لضمان عدم التكرار، لكن افتقار التجربة إلى آلية تحقيق العدالة المتمثلة بالتعويض، وعدم اجراء اصلاحات قانونية ودستورية ادت الى افلات الجناة من العقاب. ونظراً لتفشي الفساد في مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية فلم تنتج عن التجربة سوى حدوث حالات أخرى للانتهاكات، وظهور العصابات للجريمة المنظمة لعدم تمكن الدولة والقضاء من وضع حد لهذه الجرائم، التي كثيراً ما تنتشر وتتلقى الحماية من قبل رجالات الدولة. فازدادت مثلاً بشكل رهيب عمليات العنف والاغتصاب ضد الفتيات دون سن الرابعة عشر، بحيث وصلت حالات الانجاب من قبل الفتيات دون هذا السن على سبيل المثال الى"6120" حالة فقط في سنة ٢٠١٣.
4 - جنوب أفريقيا: كان من أبرز سمات نظام الحكم في جنوب افريقيا هو اتباع سياسة الفصل العنصري (الابارتايد) البغيضة من قبل الأقلية البيضاء، ضد الأغلبية الملونة في البلاد، والتي ادت الى اعلان كفاح مسلح ضد هذه السياسة استمرت لمدة ٣٠ سنة بدأت من ١٩٦٠ لغاية ١٩٩٠، والتي قادها المؤتمر الوطني الأفريقي مع حلفائه. حيث بوصول زعيم الاقلية البيضاء (دي كليرك) للحكم سنة ١٩٩٠ قام برفع الحظر عن نشاط المؤتمر الوطني وأطلق سراح الزعيم نيلسون مانديلا بعد قضائه فترة ٢٧ سنه في السجن. وكان ذلك نتيجة مفاوضات تمخضت عن تبني دستور جديد للدولة سنة ١٩٩٣. وفي عام ١٩٩٤ جرت انتخابات شاركت فيها الآراء والاتجاهات المختلفة في جنوب أفريقيا وانتخب مانديلا رئيساً لجنوب أفريقيا، حيث صادق برلمان المنتخب سنة ١٩٩٥ على (قانون دعم الوحدة الوطنية والمصالحة)، والذي تمخض عنه انشاء (لجنة الحقيقة والمصالحة) التي تكونت من سبعة عشر عضواً عينهم السيد مانديلا رئيس الجمهورية واختير القس (ديزموند توتو) رئيساً للجنة. حيث باشرت اللجنة بالتحقيق في قضايا الانتهاكات العديدة التي امتدت من سنة ١٩٦٠ لغاية ١٩٩٤ وكذلك من اجل معرفة ما يلي:
. تحديد هوية الضحايا ومعرفة مصيرهم ورفاتهم 1-
2 - معرفة طبيعة وحجم الضرر، وهل انه كان لنتيجة سياسة متبعة من قبل الدولة واجهزتها الأمنية، او غيرها من المنظمات والافراد.
3- عمل لجنة العفو كان يلزم الجناة بسرد الحقيقة الكاملة، والرد على الاسئلة الموجهة إليهم في جلسات علنية وبمواجهة الضحايا، ومن ثم امكانية العفو عنهم بعد قبول ذوي الضحايا لذلك.
4- امكانية اللجوء الى القضاء لمحاكمة الجناة من قبل الضحايا وذويهم.
وقد عالجت هذه اللجنة خمسون ألف قضية التي رافقت تطبيق سياسة التفرقة العنصرية خلال فترة اربعة وثلاثين سنة.
أما (لجنة جبر الضرر وعادة التأهيل) فقد عملت على تحقيق ما يلي:
1- تقديم تعويضات مستعجله للضحايا، طبقا لقواعد حددها السيد نيلسون مانديلا، حيث اسس صندوقا لذلك يمول من قبل الدولة والتبرعات المحلية والدولية الخاصة.
2- صياغة التوصيات والاقتراحات لمؤسسات الدولة حول تأهيل الضحايا.
وبخصوص الاصلاح المؤسسي وتطهير مؤسسات الدولة من الجناة ومنفذي سياسات النظام السابق للانتهاكات والاختطاف والقتل والتعذيب، فلم تكن هنالك عمليات لتطهير ممنهجة. وانما قامت بذلك من خلال تحويل مؤسسات الدولة الى الترشيد، وتطبيق معيار الاقامة بالنسبة للموظفين، وتمثيل سياسة الدوران الوظيفي خاصةً في محاكم ومؤسسات القضاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ


.. احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات اعتقال إسرائيل




.. خيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.. موجات الحر تفاقم معا


.. العالم الليلة | ترمب: أتطلع لمناظرة بايدن.. ونتنياهو لعائلات




.. الأمم المتحدة تبدي انزعاجها من إجراءات إنفاذ القانون ضد محتج