الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاسع من نيسان 2003 ..سقوط العقل العربي

شمخي جبر

2023 / 4 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مرت أمس الذكرى السنوية لاحتلال بغداد من قبل القوات الأميركية.. أو قد ينظر البعض لهذا اليوم على انه عملية تحرير من دكتاتور لم يشهد له التاريخ مثيلا..في ذلك اليوم سقط العقل العربي بكل تهويماته ومشاريعه وتلك اللحظة لاتختلف عن لحظة حزيران 1967. فهو ذات العقل الذي واجه التحدي بالخرافة والاكاذيب والانتصارات الوهمية والاغاني الوطنية التي تسعى لشحذ الهمم المهزومة.
في 9 نيسان كانت لحظة سقوط البطل الكارتوني واوهامه وكرنفالاته .بل نستطيع القول أن السقوط كان للعقل الشعري المتمكن من ذهنيتنا والذي درب هذه الذهنية والعقلية على أن أجمل القول أكذبه فتم تغييب العقل بمخدر الحماسة الفارغة..فاندرجنا في أكاذيبنا وأكاذيب نخبنا و شعريتنا المتمرغة في وحل الذل والتبعية للاستبداد الحاكم بأمر الله.
كيف لا وقد قالها قبلهم احد مرجعياتهم الشعرية وهو يمتدح أستاذ الأساتيذ في الإجرام والقتل الحجاج بن يوسف الثقفي:
مِن سَدِّ مُطَّلَعَ النِفاقِ عَلَيهِمِ أَم مَن يَصولُ كَصَولَةِ الحَجّاج ِ
أَم مَن يَغارُ عَلى النِساءِ حَفيظَةً إِذ لا يَثِقنَ بِغَيرَةِ الأَزواجِ
إِنَّ اِبنَ يوسُفَ فَاِعلَموا وَتَيَقَّنوا ماضي البَصيرَةِ واضِحُ المِنهاجِ
هكذا خطاب كان سيف الاستبداد وصولجانه لايهتم لضحايا الممدوح وجرائمه او حال الامة ومعاناتها. وذهب الممدوح الى مزبلة التاريخ وبقى عار المداحين والطبالين.
نعم هي سنة الحياة والدول التي تنتقل من قوم الى اخرين ..
وهكذا سقط هذا العقل والمروجين له ..
في التاسع من نيسان سقطت خرافة البطل الدونكيشوتي وسقط معها العقل الدونكيشوتي ..
لكن للأسف لم نتعلم من هذا الدرس ... لم نستعد وعينا ولم نسترد عقلنا لحد الآن .. مازلنا اسارى الخرافة والجهل .
مازالت تخدعنا أوهام الفارس البدوي صانع البطولات (الوهمية) ،فنفرح بهذا ونغيب عقولنا عن الحقائق المرة الأليمة وننخدع بالأوهام السعيدة ، لأننا نكره المواجهة والمصارحة مع أنفسنا ، نكره مواجهة الواقع وحقائقه .
عقلنا البدوي الماضوي هو سبب ارتكاسنا وانتكاسنا ، فهل نستطيع أن نغير عدتنا العقلية أو نحاول إصلاحها؟ .
وحين أقول العقل العربي فلا اقصد العرب فقط بل جميع من تشرب ثقافتهم وفكرهم وان كان من قومية أخرى.فهذا العقل حكم المنطقة مئات السنين فأصبح مرجعية لكل سلوك.
الهوة تتسع بيننا وبين الآخر ومازلنا نعتز بخطابنا الشعري الكاذب (أجمل الشعر أكذبه) فالقائد مازال يفرح بمن يدغدغ مشاعره وعواطفه بالأكاذيب ويكره من يصارحه بالحقائق والوقائع والأرقام ..ذهنيتنا تكره العقلانية وتبتعد عنها..لهذا يقرب السياسي ويدني في مجالسه (المهوال) والشاعر ويبعد بل يبتعد عن الباحث العلمي والمثقف الصادق الذي يصارحه.
مازال زعاطيط القائد يحكموننا بذات الذهنية..واقصد بزعاطيطه ليس أتباعه ومن تبقى منهم بل حتى من ناصبه العداء وحاربه..فالضحية تتمسك بأخلاق جلادها وخطابه وعقله.
مازلنا نمسك سيفنا الأحدب الذي صنع الأمجاد وقتذاك فنلوح به للأعداء ممن يهددون حاضرنا ومستقبلنا بالبوارج وحاملات الطائرات.
لن نتقدم ولن ننتصر مادمنا نعيش في الماضي و أمجاده ونكره الحاضر ونعادي المستقبل ، فأصبحنا خارج التاريخ .
ما اكتبه ليس جلدا للذات وان فهم بهذا المعنى بل هو مراجعة بسيطة جدا ووقفة أمام لحظة تاريخية..فهل نستطيع مراجعة عقلنا و تنظيفه مما علق فيه من أدران وأوساخ التاريخ..فمن المعيب أن نواجه العالم بهذا العقل وهذا الخطاب.
وبهذا فقد سقط العقل العربي بجميع اسماله واكسسواراته البالية وامجاد الماضي التي مازلنا نتمسك بها ونلوذ خلفها كلما فجعتنا مصيبة او داهمتنا نكبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم