الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة : في كامل أنوثتها

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2023 / 4 / 10
الادب والفن


في كامل أنوثتها، دخلت المقهى من بابها الزجاجي المشبع بالأنوار. كانت مشيتها تشبه البطة المبللة. وهي على قدر من الجمال والحسن والحق يقال. ليتكم شاهدتموها وهي تتحسس جيب محفظتها السوداء ببراءة وتسحب قطعا من حلوى الشكولاتة كما لو كانت مربية أطفال.
ثمة عواطف تضطرم في قرارة النفس البشرية حين ترى مثل هذه المشاهد، لا سيما بعد الإفطار في رمضان. كانت العيون كلها مسمرة على شاشات الهواتف والحواسيب ،وبين الفينة والأخرى ،ترشق الفتاة بنظرات طائشة مترادفة بمزاج . وقد برز صدرها مندفعا باشتهاء على نحو لا تخطئه العين .لم تكن الفتاة نحيفة ولا مترهلة كانت ممشوقة القد، بعينين مشرقتين وأنف مسبوك أهلك الله من كان سببا في هدم حياتها ، وردها إلى هذا الدرك الأسفل .

كانت تضع حبات الحلوى على مائدة الزبناء بيدين برونزيتين في أناقة جاذبة للاحتشام. وهي صورة تجعل المرء يفكر في خطبتها على الفور .حتى إذا ما أيقنت أن زبناء المقهى شاهدوها، تواضعت وانصرفت باحترام.
كل مقاهي منطقة حي اولاد وجيه بالقنيطرة سيتعرفون هذا المساء على بائعة الحلوى العشرينية تتبختر برأس يشبه عود ثقاب مغطى بمنديل ،وهي توزع حبات الحلوى دون تسجيل طلب وحسب زبناء الطاولة .

في البداية، تقوم بمسح شامل للفضاء بعد ذلك بثواني معدودة تشرع في تنفيذ خطة السير والجولان بعينين مطرقتين بعناد يخبئ خجلا مصطنعا. هاهي ذي تنطلق من اليمين إلى اليسار مثل حمامة بلا ريش مراعية مشاعر الناس ونظراتهم وهي توزع في دلع رياضي حبات الحلوى التي لا تقترح لها ثمنا رغم أنها تباع في الأكشاك بنصف درهم للقطعة الواحدة ، وما تكاد تنهي جولة التوزيع الأولى حتى تفكر بالعودة مسرعة إلى نقطة الانطلاق. ثم تطوف طواف الوداع وهي تتلقف المحصول. إنها طريقة مبتكرة ومارقة للتسول.

لست أدري لماذا اكتسحني شعور مرن قادني إلى منطقة هادئة من السؤال. كان يهمني معرفة محصول هذه الجولة، بمقهى عصريةصاخبة بالأنوار والشاشات العملاقة المصممة لكرة القدم خصيصا. مقهى امتلأت عن آخرها بالزبناء من كل الأعمار بعد صلاة التراويح من دون أن يقتني أحدهم حبة حلوى واحدة . لكن البعض وكانوا شبابا قدموا دريهمات من دون أن يأخذوا حبات حلوى مقابلها. لتنصرف العشرينية بهدوء على أمل اللقاء مساء الغد في نفس الموعد.
وماهي إلا دقائق ،حتى استقبل زبناء المقهى دون اهتمام سيدة بدون ملامح ،ألقت تحية الإسلام قبل أن تتحسس كيسا شفافا ممتلئا بحلويات " بيمو" لكن خيمة سوداء جعلت الكائن مجرد شبح بلا أنوثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى