الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الواقعية إلى جحيم جنون العظمة: سترندبرغ روائيا..

حكمت الحاج

2023 / 4 / 10
الادب والفن


الغرفة الحمراء هي رواية سويدية من تأليف الكاتب المسرحي الأشهر في العالم، أوغست سترندبرغ August Strindberg تم نشرها لأول مرة في السويد عام 1879.
يقدم المؤلف في روايته هذه أقذع هجاء بحق مجتمع العاصمة السويدية ستوكهولم، وكثيرا ما وصفت "الغرفة الحمراء" بأنها أول رواية سويدية حديثة.
في هذه الرواية، يعكس سترندبرغ تجاربه الخاصة في العيش فقيرا معدما أثناء كتابة هذه الرواية خلال سنة 1879. وفي الوقت الذي لاقت فيه الرواية انتقادات مختلطة في السويد، فقد لاقت استحسانًا في الدانمارك، حيث تم الترحيب بسترندبرغ باعتباره عبقريًا. وبهذه الرواية، اشتهر سترندبرغ في جميع أنحاء اسكندنافيا. وكتب أحد أشهر النقاد عن صاحب "الغرفة الحمراء" إنه "يجعل القارئ يرغب في الانضمام إلى الكفاح ضد النفاق والمشاعر السيئة".
تتحدث الرواية عن أرفيد فالك، وهو موظف مدني شاب مثالي، يترك العمل الشاق البيروقراطي ليصبح صحفيًا ومؤلفًا. وبينما بدأ يكتشف العديد من الأنشطة الاجتماعية -مثل السياسة والنشر والمسرح والعمل الخيري والأعمال- فقد وجد نفاقًا وفسادًا سياسيًا أكثر مما كان يعتقد أنه ممكن الوجود. فلجأ إلى مجموعة من "البوهيميين" الذين يجتمعون في غرفة حمراء بأحد المطاعم لمناقشة هذه الأمور.
الغرفة الحمراء عبارة عن هجاء عن الحياة في ستوكهولم، لكنها تتوسع لتشمل الحديث عن الحياة في كل مكان من هذا العالم، حيث النضال المثير للشفقة للفنانين والأدباء، وحماقاتهم وادعاءاتهم، وحقارة السياسة، وخيانة الأمانة في الصحافة، وخيبة الأمل التي تنتظر الممثل الطموح. لقد وصف اسلوب هجاء سترندبرغ في هذه الرواية بأنه قاس، وأحيانًا صعب، لكنه لم يكن خاليا من الروح الإنسانية. لقد كان لديه التعاطف الكبير مع الزملاء الفقراء الذين يصور تطلعاتهم وإخفاقاتهم وتشتتهم وصداقاتهم. ها هو يقول عن اثنين من النقاد الشباب: "وكتبوا عن الجدارة الإنسانية وعدم استحقاق الإنسان وحطموا القلوب وكأنهم يكسرون قشر البيض".
إن أوغست سترندبرغ في روايته "الغرفة الحمراء" يكتب عن اللاإنسانية والعمى اللاواعي بطريقة تكشف وضوح رؤيته وإنسانيته الأصيلة. إن السخرية المرة والفكاهة المنتقدة الملفعة بالكآبة إنما تخفي في ثنايا السرد المتوهج الجذاب حنينا غامضا للطبائع المرحة.
كان سترندبرغ من اتباع المتصوف والروحاني السويدي المعروف "عمانوئيل سويدنبورغ"، فقد درس واهتم بالكيمياء والتنجيم والسحر والعديد من الاهتمامات الغريبة الأخرى ببعض الحدة لفترات من حياته.
ففي روايته التجريبية "الجحيم" -وهي حكاية مظلمة محفوفة بجنون العظمة ومربكة عن حياته في باريس، وكان كتبها بالفرنسية متوخيا أسلوب السيرة الذاتية- يدعي سترندبرغ، بصفته الراوي الحقيقي داخل الرواية، أنه أجرى بنجاح تجارب كيميائية وجرب أنواعا من جلسات السحر الأسود على ابنته. وفي الرواية الكثير من المعاناة من تداعيات جنون العظمة. كما كتب في رواية "الجحيم" عن ملاحقة ومطاردة قوى الشر له في باريس، واستهدافه بأشعة كهربائية مغيرة للعقل تنبعث من "آلة شيطانية" مثبتة سراً في فندقه. وبالنسبة للنقاد، لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى يمثل الكتاب محاولة حقيقية لكتابة سيرتة الذاتية أو انها مجرد مبالغات الخيال الجامح للتأثير الأدبي.
أوغست سترندبرغ أو كما يلفظ باللغة السويدية سترندبيري (1849- 1912) هو روائي وكاتب مسرحي سويدي، عاش حياة حافلة بالإنتاج الغزير وبالأحداث المثيرة والعجيبة وهو من معاصري هنريك إبسن وأنطوان تشيخوف، وبه يكتمل الثلاثي الرائد الذي قاد حركة المسرح الحديث منذ أواخر القرن الماضي إلى مطلع القرن العشرين، وأعطاه ملامح التجديد فيه.
كتب سترندبرغ، الذي يعتبره الكثيرون أبا للواقعية السويدية، أنواعاً عديدة من المسرحيات، إضافة لرواياته. فهناك مسرحياته التاريخية ومسرحياته الطبيعية، نسبة إلى المذهب الطبيعي، ثم مسرحياته الشعرية التي تميز بها من بين كتاب عصره، ولعل هذا يعود إلى طبيعة العبقرية والجنون في شخصيته مما جعل حياته وتقلباتها مصدراً من أهم مصادر أعماله الأدبية وجعل دراستها من أهم العوامل لفهم مسرحياته، والتي من أشهرها "الأب" و"الآنسة جوليا" و"ثلاثية الطريق الى دمشق".
صدرت رواية "الغرفة الحمراء" لأوغست سترندبرغ، أو أوغست سترندبيري، كما يقترح ذلك الناشر على غلاف الكتاب، عن "دار ميزر" في ستوكهولم عام 2022 في حلة أنيقة بغلاف مقوى، مترجمة إلى العربية بقلم مصطفى قاعود، وصمم غلافها الفنان ستار نعمة، بواقع 340 صفحة من القطع الكبير.
هذا وجدير بالذكر انه ثمة عديد الأعمال الأدبية والفنية التي تحمل عنوان "الغرفة الحمراء"، نذكر منها المسلسل الدرامي التركي بنفس العنوان، وهو أول عمل درامي سايكولوجي تركي من نوع السوب اوبرا أكثر من تسعين حلقة، وتوجد له دبلجة عربية. كذلك رواية "الغرفة الحمراء" للكاتب العالمي أج. جي. ويلز، قام بترجمتها وإعدادها للقارئ العربي الكاتب الشهير الراحل أحمد خالد توفيق. وهناك ايضا رواية الكاتبة الكورية جين جونكوك بعنوان "الغرفة الحمراء"، ورواية "حلم الغرفة الحمراء" للصينية على ما أظن، تساو هوشيه شين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??