الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي و سياسة السماء...

فراس يونس

2023 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


ما يزال الكُثر من المشتغلين بالتأريخ والسياسة يقارنون ويقيمون الأداء السياسي للأمام علي ع خلال فترة خلافته الظاهرية بين عامي 35 هـ و 41 هـ (مدة حكمه 5 سنوات و 3أشهر)،وكيف أدار الدولة، فسجلوا عليه المخالفات السياسية العديدة واجملوها مقارنة بين الخليفة الثاني و معاوية من جهة و بين الامام علي ع من جهة أخرى، وأخذ الباحثون مناحٍ عدة وأسقاطات لسياسات القرن التاسع عشر والقرن العشرين على تلك الحقبة التأريخية العصيبة، بيد أنهم ولشديد الأسف لم يلتفتوا الى معيار البحث الذي يجب ان يعتمده الباحثون في تحليل الأداء للشخص او المؤسسة ، حيث ان السياسة هي مجموعة من المسارات والنظريات التي اوجدها البشر للتعاطي مع مجريات الاحداث بين المجاميع البشرية ثم بين القبائل الى ان تطورت واصبحت منهاج عمل وتعاطي شبه يومي بين الدول، وهذا المعيار لايصح في تقييم اداء شخصية مثل الامام علي ع،ليس بسبب اعتقادنا بعصمته لكن لأسباب عملية موضوعية أهمها: أنه عليه السلام كان صاحب منهج سياسي واضح اعلنه منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ،وعززه بمعاصرته لفترات الخلافة الثلاث، فكان على راس ذلك المنهج التالي:
*حفظ بيضة الأسلام.
*الدفاع عن ثوابت الرسالة المحمدية.
*تمكين القانون وبسط يد الحاكم .
*مداورة السلطة عن طريق الأنتخاب.
* العدالة في توزيع الثروات.
* أختيار الأصلح والأكفأ في أدارة الأقاليم والأمصار.
*حكم المؤسسة وليس العائلة.
وقد ألتزم عليه السلام بهذا المنهج وتلك الرؤية ودعم هذا التوجه أبان خلافة ابو بكر وعمر وعثمان،واكبر دليل مع كثرة الشواهد، دفاعه عن الخليفة عثمان ابن عفان رغم خروج الناس عليه بثورة عارمة هي بمثابة انقلاب عسكري على السلطة الشرعية في ذلك الوقت، وكذلك قبوله ومن دون معارضة مع قدرته على ذلك بشورى الستة،مع أنها كانت أشبه بمكيدة يشوبها الكثير من المكر السياسي الذي يدركه علي ع جيدا، غير انه أتى ضمن سياقات تداول السلطة التي اقرها عليه السلام كمنهجية عمل.
لذلك عند توليه السلطة وجب عليه تطبيق ما هو اولى بتطبيقه من غيره، فكيف يلام على بسط الأمن في البصرة مثلا، او أحباط محاولات تمرد الخوارج، أو صد معاوية وكبح محاولات تقويض سلطة الدولة. فبدأ ببناء اساس حقيقي لأدارة الدولة من خلال مؤسسات نظمها عليه السلام لتكون عاملة وان تغير الحاكم (شرط ان يكون الحاكم قد وصل الى الحكم من خلال القنوات الشرعية وليس بالأنقلاب)، فأسس ديوان الشرطة وشرطة الخميس و اعاد ألية توزيع بيت المال وطريقة جباية الضرائب وغيرها، والأهم من ذلك هي آلية أختيار ومتابعة حكام الولايات الأسلامية التابعة لخلافته، وهذا تطبيق عملي لمنهجه عليه السلام في بناء الدولة العادلة كبرهان ودليل على ان الأسلام قادر على قيادة وتسيير شؤون الناس.
كما ان نقل عاصمة الخلافة من المدينة المنورة الى الكوفة هو بحد ذاته حركة سياسية مجتمعية فذة، حيث تحركت صفيحة مجتمعبة كاملة بأتجاه شمال الجزيزرة العربية (مهد الرسالة المحمدية) لوضع نقطة ثقل الدولة الأسلامية في محور الصراع بين قوتين عظمتين هما دولة فارس و الدولة البيزنطية، وبذلك اراد عليه السلام السيطرة على محور مهم و تحريك نقطة ارتكاز الحكم بعد توسع الدولة الأسلامية، وهي خطوة لايجرأ عليها سوى سياسي محنك عارف بمجريات الأمور وترتيب الأحداث و نوايا الأعداء.
وهنا يجب ان نسأل: هل أنتهى عليه السلام من بناء مشروع الدولة؟ طبعا لا، لأنه أغتيل بعد 5 اعوام فقط من توليه السلطة مقارنة ب 10 سنوات للخليقة الثاني و 12 سنة للخليفة الثالث،وعليه فأن مشروع الدولة الكاملة او العادلة لم يكتمل،لا لقصور في صاحب المشروع لكن لمفارقته الدنيا أغتيالاً على يد من تضرر من مشروعه الانساني العادل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو