الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رسول النجوم: رؤية كونيّة حولَ الحضارة للكاتب الأمريكي نيل دغراسي تايسون
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
2023 / 4 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
للاستماع للنسخة الصوتية:
https://youtu.be/ASXmKGBIO8c
رسول النجوم: رؤية كونيّة حولَ الحضارة
نيل دغراسي تايسون
ترجمة: سهيل أحمد بهجت
هذا الكتاب هو إهداء لذكرى سيريل دغراسي تايسون –والد المؤلف—وكل أولئك الّذين يريدون العالم كما ينبغي أن يكون، لا كما هو.
"أنت تطوِّر وعياً كونيّاً في اللحظة، ومحيطاً بشرياً، و عَدمَ رضىً من حالِ العالم، و في رغبةٍ مُلزمة لعمل شيءٍ بشأنه.
من هنالك فوق القمر، تبدو السياسة الدولية جميلةً جدّا. ترغب بأن تمسِك برقبة سياسيٍّ وتأخذه مسافة ربع مليون ميل وتقول: "أُنظر إلى هذا، يا ابن العاهرة"!
إدغار د. ميتشل/ رائد فضاء على متن أبولو 14
مقدمة المؤلف
رسول النجوم Starry Messenger هو [كتاب] يدعو لاستيقاظ الحضارة، الناس لم يعودوا يعرفون بمن أو بماذا يثقون. نحن نزرع بذور الكراهية للآخرين معبّئاً بما نعتقد أنّه هو الصواب، أو ما نريده أن يكون صواباً، من غيرِ اهتمامٍ بما هو حقّا صواب. الانقسامات الثقافية والسياسيّة تتصارع لنيلِ أرواح المجتمعات والأُمم. لقد ضيّعنا قابلية التمييز بين ما هو حقيقة وما هو رأي. نحن نسارع في الأعمال العدائية ونبطئ في أعمال الإحسان.
عندما نشر غاليليو غاليلي كتابه Sidereus Nuncius (رسول النجوم) في سنة 1610 م قامَ بإنزال حقائق كونية إلى الأرض والّتي كان يُنتظَر اكتشافها منذ العصر القديم لتهبط على الفكر البشري. كان لمِنظار [تلسكوب] غاليليو الّذي طوِّرَ حديثا دورٌ في الكشف عن كونٍ لم يكن ليماثلَ أي كون افترضوه أن يكون حقيقيا. محتفلا عن أيَّ كونٍ رغب [الناس] أن يكون حقيقيّا، ومختلفاً عن أيّ كونٍ كانت لهم شجاعةٌ في أن يصفوه. كتابه Sidereus Nuncius كان يحوي ملاحظاته عن الشّمس والقمر وكذلك عن النجوم وكواكب مجرّة درب التبّانة The Milky Way. استنتاجان سريعان من كتابه:
1- العيون البشرية بالرؤية المجرّدة هي غير كافية لكشف حقائق أساسيّة حول عمل الطبيعة.
2- الأرض ليست مركز الحركة، إنها تدور حول الشّمس كواحدةٍ من ضمن كواكب أخرى معروفة.
هذه الانطباعات الكونيّة الأوّلية في عالمنا، كانت فحصاً لغرور الأنا – حول أهميّة وجودنا—رسالاتٍ من النجوم مرغمةً الناس على إعادة التفكير في علاقاتنا مع بعضنا البعض، وعلاقتنا بالأرض والكون. بتعبيرٍ آخر، هنالك خطرٌ في الاعتقاد أنّ العالَم يدور حولنا وحول آرائنا. كترياقٍ لهذا الدّاء، يقدّم رسول النجوم طُرقاً لتخصيص طاقاتنا العاطفيّة والعقلية الّتي يمكن أن تتصالَح مع بيولوجيا وكمياء وفيزياء الكون المعروف. رسول النجوم يعيدُ صياغة بعض أكثر المواضيع الّتي يتمّ مناقشتها والمناظرة حولها في زمننا هذا، مواضيع مثل الحرب والسياسة والدين والحقيقة والجمال والهوية الجنسيّة والانتماء العرقي، كلّ واحدةٍ منها تُعتَبر ساحة معركةٍ مفتعلة في مَنظور الحياة، ويقوم [الكتاب] بإعادتها للقارئ بطرقٍ تشجّع حسّ المسئولية والحكمة لخدمة الحضارة.
ربّما أيضا أحاول بشكلٍ متقطّع استكشاف كيف سنبدو لكائنات فضائية تهبط على الأرض حاملين أفكارهم—وأحلامهم—المسبقة عنّا [نحن البشر] أو كيف ينبغي أن نكون. هم سيقدّمون لنا فرصة أن يكونوا كمراقبين محايدين لطرقنا المبهمة، فيضيئوا [لنا] التناقضات، النقاقات، وأحيانا الغباءات في حياتنا. فكّر في رسول النجوم ككنزٍ من التبصّر المستَمَدّ من الكون ويتمّ تقديمه لك بمنهج وأدوات العلِم.
مدخل: العلم والمجتمع
عندما يختلِف الناس في عالمنا المُعقّد في السياسة والدين والثقافة، فإنّ المسبّبات هي بسيطة، حتّى لو كانت الحلول ليست كذلك. نحن جميعا نمسك بملفّات معرفة مختلفة. نحن نملك قيماً مختلفة، أولويّات مختلفة، وفهما مختلِفاً لكلّ ما يتكشّف حولنا. نحن نرى العالم بشكلٍ يختلف بين أحدنا الآخر، وبهذا الفعل نحن ننشئ قبائل قائمة على أولئك الّذين يشبهوننا ويصلّون لنفس الآلهة الّتي نعبدها، ويشاركوننا قانوننا الأخلاقي. كمعطى ومنتَج للعزلة الطويلة في العصر الحجري Paleolithic داخل نوعنا البشري، ربّما علينا ألا نتعجب مما كتبه التطوّر الطبيعي [في نشأتنا].
التفكير الجمعي groupthink حتّى عندما يتناقض مع التحليل العقلاني، ربّما منحت مزايا لبقاء أجدادنا.
لو أنّنا تراجعنا بدلاً من ذلك عن كلّ ما يفرّق بيننا، يمكن أن تجد بعض الانطباعات العامة الجامعة للعالم. إذا كان الأمر كذلك، انتبه لخطواتك. هذا المنظَر الجديد لا هو بالشمالي ولا هو بالجنوبي ولا بالشّرقي أو بالغربي من حيث تنظر. في الواقع، هذا المكان لا يوجد قطّ على مؤشّر البوصلة. على المرء أن يصعد من سطحِ الأرض لكي يصل هناك، ليرى الأرض وكلُّ من عليها بشكلٍ يعطيكَ مناعةً ضدّ كلّ التفسيرات المناطقية للعالم.
نتحدّث عن هذا التحوّل الّذي هو "تأثير النظرة الإجمالية" الّتي عاشها روّاد الفضاء الّذين داروا حول الأرض. أضف إلى هذا اكتشافات الفيزياء الفلكية الحديثة إلى جانب الرّياضيات والعِلم [الطبيعي] والتقنيّة الّتي ولّدت استكشاف الفضاء، ونعم ولّدت منظوراً كونياً يفوقها جميعا.
تقريبا كلّ فكرة، كلّ رأيٍ، وكل رؤية أكوّنها عن شؤون العالَم قد مُسَّت –تمَّ تعليمها وتنويرها—عبر علمنا بموقعنا على الأرض وموقعنا في الكون. بعيدا عن أن يكونَ مشروعاً بارداً بلا مشاعر هنالك، ربّما، لا شيء أكثر إنسانيّة من مناهج وأدوات واكتشافات العِلم فهي تشكّل الحضارة الحديثة. ما هي الحضارة إن لم تكن تلك الأشياء الّتي بناها البشر لأنفسهم كوسيلة للتعالي على الدّوافع البدائية وليكون المنظر الّذي نعيش ونعمل ونلعب عليه.
ماذا إذن عن خلافاتنا ونزاعاتنا المستمرة؟ كلّ ما أستطيع أن أعِدَ به هو أنّه أيّا كانت الآراء الّتي تملكها الآن، فإنّ تشرّبَ العِلم والفكر العقلاني أن يقدّم ما هو محيطٌ بالمعلومات بشكل أعمق لم يسبق له مثيل. هذا المنهاج يمكن أن يعرّي أي منظورٍ قائم على غيرِ أساس أو على عواطف غير مبرّرة قد تكون في داخلك. الواحد منّا لا يمكن له أن يتوقّع، على أسسٍ واقعية، أن يفكّر الناس كما يفكّر العلماء [الطبيعيون] مع بعضهم البعض، لأنّ العلماء لا يبحثون عن آراء بعضهم البعض، وإنّما نبحث عن معطيات وبيانات بعضنا البعض. حتى الآراء المجادلة، قد تفاجئكَ، بإمكانية قوّة الرؤية العقلانية. عندما تتم الإضاءة بها [بالعقلانية]، تكتشف سريعاً أن الأرض لا ترعى قبائل متعدّدة –لكن فقط قبيلةً واحدة—القبيلة الإنسانية. هنا حيثُ تَخِفّ كثيرٌ من الخلافات، بينما تتبخّر أخرى بكلّ بساطة، لتتركك من غيرِ موضوعٍ تجادل حوله أصلا.
العلم يميِّز نفسه من كلّ فروع السعي الإنساني الأخرى من خلال قدرته على سَبر وفهم سلوك الطبيعة على مستوىً يسمح لنا أن نتوقّع وبدِقّة، هذا إن لم يكن بسيطرة، نتائج الأحداث في العالَم الطبيعي. الاكتشاف العلمي كثيرا ما يحمِل قوة توسيع وتعميق الانطباعات حول كلّ شيء. العلم يعزّز بالخصوص صحتنا، غنانا وأمننا والّتي هي متوفرة لناسٍ أكثر على الأرض أكثر من أيّ وقتٍ آخر في التاريخ البشري.
المنهج العلمي، الّذي يدعم هذه الإنجازات، كثيرا ما يُضمّ إلى مصطلحات رسمية، الّتي تحيل إلى الاستقراء والاستنتاج والفرضية والتجربة. لكن يمكن اختصارها في جملة واحدة، والّتي تتمحور حول الموضوعيّة:
"افعل كلّ ما يتطلّب لتجَنّب خداعِ نفسك أنَّ شيئا ما هو صوابٌ حينما يكون خطئا، أو أنّ شيئا ما هو خطأٌ في حينِ أنّه صواب."
هذه المقاربة للمعرفة تتمتع بجذورها في القرن الحادي عشر الميلادي، كما تمّ التعبير عنها من قِبَل العالِم العربي ابن الهيثم (965-1040 م) المعروف أيضاً باسم "الخازن"، و هو حذّر العالِم ضدّ التحيّز: "عليه [أي العالِم] أن يشتبه في نفسه أيضا إذ هو يقوم بتفحصّه الشيء حتّى يتجَنّبَ الوقوع إمّا في التحيّز أو التهاون." بعد ذلك بقرون، خلال النهضة الأوروبية، ليوناردو دا فينشي سيتّفق مع ذلك الكلام تماما: "الخداع الأكبر الّذي يعانيه البشر هي من آرائهم أنفسهم." بحلول القرن السابع عشر، بعد الاختراع الشبه متزامن للتلسكوب و للميكروسكوب –المجهر—فإنّ المنهج العلمي سيزدهر بدفعٍ من أبحاث الفلكي غاليليو و عالم الطبيعة سير فرانسيس بيكون (أيضاً يعرَف بـ"لورد فيرولام").
باختصار، قُم بالتجارب لاختبار نظريتك وتخصيص ثقتك بالتناسب مع قوة دليلك.
منذ ذلك الحين، نحن سنتعلّم أكثر ألاّ نعلن عن معرفتنا بحقائق مكتشفة حديثا حتى يحصل غالبية الباحثين على نتائج توافق بعضهم مع بعض، وهذا النظام العملي يحمل معه عواقب متميزة. ليس هناك قانونٌ يمنع من أن تنشر نتائج بحوث خاطئة أو متحيزة، لكنّها ستكلّفك غاليا. إذا تمّ فحص بحثك عبر الأقران ولا أحد يستطيع استنساخ استنتاجاتك، فإن نزاهة أبحاثك المستقبلية ستصبح محطّ شبهة. إذا قمتَ بعمل تزويرٍ مباشر –إذا قمتَ عن علمٍ بوضع معطيات كاذبة—وقام علماءٌ عاملون على الموضوع لاحقا باكتشاف ذلك—هذه النتائج ستنهي حياتك البحثية.
هذا النظام الدّاخلي المصحِّح ذاتيّا داخل العلم ربّما يكون مميّزا بين الاحترافات ولا يتطلّب تدخّل القطاع العام أو الصحافة أو السياسيين لجعله يعمل، لكن مراقبة كيفية عمل الماكنة قد يُبهرك. فقط راقب تدفّق الأوراق البحثية الّتي تبارِك صفحات المجلاّت البحثية قبل نقد الأقران لها، هذه الأرضية المتكاثرة في الاكتشاف العلمي، أحيانا، تتحوّل لساحة معركةٍ للخلافات.
لكن إذا التقطتَ أبحاثا من تلك الّتي لم يتمّ الإجماع عليها علميّا في سبيل تحقيق أهدافٍ ثقافية، أو اقتصادية، أو دينيّة، أو سياسية فإنّك تضعِف أسُس ديمقراطية متعلّمة. ليس هذا فقط، فالتطابق في العلم هو لعنةٌ على التقدّم [التطور]. الاتّهام المتواصل لنا [كعلماء طبيعة] أنّنا نرتاح إلى التوافق مع بعضنا البعض يأتي من أولئك الّذين لم يرتادوا قطّ أيّ مؤتمراتٍ علميّة. فكِّر في هكذا تجمّعات على أنّها "موسمٌ مفتوح" لتقديم أفكار أيّ شخص، أيّاً كان عمرهم، وهذا جيدٌ لحقل البحث، لأنّ الأفكار الناجحة تنجو من المراقبة، بينما الأفكار السيئة يتمّ رميها جانباً. انسجام الأفكار هو أيضا مثيرٌ للضحك بالنسبة للعلماء الّذين يحاولون التميّز في حياتهم المهنية.
أفضلُ طريقة لكي تصبح مشهورا خلال حياتك هو أن تطرح فكرةً معاكسة لبحثٍ ناجح وهو ما يحوز على مراقبة وتجربة مستمرة، فالاختلاف الصحّي هو حالة طبيعية على الحافّة النازفة للاستكشاف.
في عام 1660 م، مجرد ثمانية عشرة سنة بعد وفاة غاليليو، تمَّ تأسيس المجتمع الملكي the Royal Society في لندن، ولا زالت مستمرة بقوّة كأقدم مؤسسة أكاديميّة بحثية مستقلّة في العالم، فنجد الأفكار العلميّة الأحدث يتنازَع معها هناك منذ ذلك الحين، ملهمةً بشعارها الجريء: "لا تثق بكلمة أحد Take nobody’s word for it". وفي عام 1743 م أسّس بنجامين فرانكلين المجتمع الفلسفي الأمريكي لترقية "المعرفة العملية"، وهم مستمرّون اليوم تماماً بنفس السِعة مع أعضاء يمثّلون كلّ حقول البحث المعرفي الأكاديمي في العلوم الطبيعيّة وفي الإنسانيّات.
وفي العام 1863 م، في عامٍ كانت ملفّات أكثر أهميّة تضغط عليه، فإنّ الرئيس إبراهام لنكولن –أول رئيس جمهوري للولايات المتحدة—قام بتأسيس الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم (NSA) منطلقاً من قانون للكونغرس. هذه المؤسّسة الفخمة سوف تقدّم للأمّة نصيحة مستقلة، تأسّست في ذاكرة حيّة، في مسائل تتعلّق بالعلم والتكنولوجيا.
وداخل القرن العشرين، تكاثرت أعداد المؤسّسات التي تسعى لمهامٍّ علميّة تخدم أغراضاً مماثلة، وهذه تتضمّن مؤسّسات مثلَ الأكاديمية الوطنية للهندسة (NAE) والأكاديمية الوطنية للطب (NAM) والمؤسّسة الوطنية للعلوم (NSF) والمعاهد الوطنية للصّحّة (NIH) وتتضمّن أيضاً الأدارة الوطنية للطيران والفضاء (NASA) والّتي تستكشف الطّيران والفضاء، إلى جانب المؤسّسة الوطنيّة للمعايير والتكنولوجيا (NIST) والّتي تستكشف معايير البحث العلمي والّتي هي معايير تستند عليها كلّ المعايير الأخرى. أيضا وزارة الطاقة (DOE) والّتي تبحث في كلّ أنواع الطاقة القابلة والمفيدة للاستعمال. وأخيراً، إدارة المحيطات والأجواء (NOAA) الّتي تستكشف جوّ ومناخ الأرض وكيف يؤثّران على التجارة.
هذه المراكز البحثيّة، وأيضا مصادر أخرى موثوقة للنشر في البحوث العلميّة، يمكن أن تقوّي السياسيين بطرق تؤدّي لحكمٍ متنوّر ومطَّلِع. لكنّ هذا لن يحدث حتّى يعرِف المصوِّتون ومن يتمُّ التصويت لهم [في إنتخاباتٍ حرّة] كيف ولماذا العِلم عمليٌّ. الإنجاز العلمي بين معاهد البحث العلمي للأمم تكون هي التربة الخصبة لمستقبل هذه الشعوب وهي تتغذّى على أنفاس وعمق الدعم العلمي الّذي تتلقاه المؤسسات البحث العلمي من المؤسسات الإداريّة الّتي تحكمها. بعد تفكيرٍ عميق في كيف يرى عالِمٌ طبيعيٌ العالم، حول كيف يبدو كوكب الأرض من الفضاء وضخامة عمر الكون والفضاء الأزلي، كلّ الأفكار الأرضية تتغيّر. عقلك يعيد معايرة أولويات الحياة ويعيد تقييم ردّات الفعل الّتي يمكن للشخص اتخاذها. لا نظرة تتعلق بالثقافة، بالمجتمع أو بالحضارة تبقى دون أن تتأثّر، وفي حالة العقل هذه، فإنّ العالَم يبدوا مختلفا، فقد تمّ تحوّلك في هذا العالَم.
أنت تختبر الحياة من خلال عدسات المنظور الكوني.
الفصل الأول
الحقّ والجمال
علم الجمال في الحياة والكون
منذ القدم احتلت أفكار الحقِّ والجمال عقول أكثر مفكّرينا عمقاً –خصوصا عقول الفلاسفة واللاهوتيين وأحيانا بعض الشعراء من أمثال جون كيتس الّذي راقب من خلال قصيدته " Ode on a Grecian Urn " أوده أون أ غريشان:
"الجمال هو الحق، والحقّ هو الجمال—هذا هو كلّ شيء"
فلنخمّن كيف ستبدو هذه المواضيع لزائرين غرباء عابرين للمجرّة في سبيل زيارتنا؟ لن تكون لديهم أيّ من تحيزاتنا، أو تفضيلاتنا، ولا أيٌّ من أحكامنا المسبقة، وسيقدّمون رؤية يانعة لقيمنا الإنسانية.
ربّما، هؤلاء الفضائيون، سيلاحظون حتّى أن مفهوم الحق ذاته على الأرض مفعم بمفاهيم آيدولوجياتٍ متناقضة، متعطّشة للموضوعية العلمية. العلماء، مع امتلاكهم للمناهج والأدوات البحثية الّتي تمّ شحذها عبر قرون، ربّما هم المكتشفون الحصريون لما هو موضوعيّ حقّا في الكون. الحقائق الموضوعية تنطبق على كلّ الناس والأماكن والأشياء، كذلك على كلّ الحيوانات أيضا والخضروات والمعادن، وبعض هذه الحقائق يمتدّ عبر كلّ المسافة والزمن، فهي حقيقةٌ، حتّى لو لم تكن تؤمن بها.
الحقيقة الموضوعية لا تأتي من أي سلطة قائمة، ولا من أيّ ورقة بحثية واحدة، والإعلام لكي يكشف خبراً ما ربّما يُضلّل الوعي العام حول كيفية عمل المنهج العلمي عبر تحويل مقالةٍ علمية واحدة منشورة للتوّ إلى عنوانٍ عريض على أنّها هي الحقيقة، وربما الترويج للأصول الأكاديمية للمؤلّفين، وعندما يؤخذ من أطراف الفكر، فإنّ الحقيقة تبقى تتمخّض. البحث قد يستمرّ في التساؤل إلى أن تقوم التجارب بالدّفع باتجاهٍ معيّن أو آخر –أو من دون اتجاه—كعلم تحذيرٍ من غير ظاهرة بتاتاً. هذه الفحوصات والتوازنات كما هو متعارف يستغرق سنيناً، والّتي حقّا يصعب وصفها بـ “الخبر العاجل."
الحقيقة الموضوعية المثبتة بالتّجارب المتكررة المعطية لنتائج متّسقة، لا يُكتَشَف لاحقاً أنّها خاطئة. لا نحتاج أنّ نذهب للسؤال ما إذا كانت الأرض كرويّة أو أنّ الشّمس حارّة، أو أن البشر وقردة الشمبانزي يتشاركون 98% بالمائة من حمضٍ نووي متطابق، أو السؤال ما إذا كان الهواء الّذي نستنشقه هو 78% بالمائة نيتروجين.
إنّ عصر "الفيزياء الحديثة" الّذي ولِد مع الثوّرة الكمّية الّتي بدأت في بدايات القرن العشرين وثورة [النظرية] النّسبيّة الّتي بدأت في وقتٍ متزامن، لَم تُسقِط قوانين نيوتن في الحركة والجاذبية. بدلاً من ذلك، قامَت بوصِفٍ لحقائق أعمق للطبيعة، والّتي تمّ إظهارها بمناهج عظيمة-أكثر وبأدوات البحث.
مثل حاويات "ماتريوشكا" فإنّ الفيزياء الحديثة قد حوت داخلها الفيزياء الكلاسيكية داخل هذه الحقائق الأكبر، المرات الوحيدة الّتي يعجز العلم فيها عن ضمان الحقائق الموضوعية هي عند حدود الما-قبل الإجماع في البحث العلمي. الفترة التاريخية الوحيدة الّتي لم يستطع فيها العلم تحديد الحقائق الموضوعية كانت القرن السابع عشر، حينما كانت حواسّنا –غير متناسبة ومتحيّزة—كانت هي الأدوات الوحيدة المتاحة لنا لتعرّفنا عن العالَم الطبيعي، فالحقائق الموضوعية موجودة بشكلٍ مستقل عن مفهوم الحواسّ الخمس عن الواقع. مع الأدواة المناسبة يمكن التأكّد منها من قِبَل أيّ شخص وفي أيّ وقت وفي أي مكان.
الحقائق الموضوعية للعلم لا يمكن العثور عليها في الأنظمة الإيمانيّة، إذ لا يتم إثباتها عبر سلطة القادة أو عبر الإقناع ولا هي يمكن تعلّمها من خلال التكرار أو يستوحى من التفكير السحري. إنكار الحقائق الموضوعية يعني أن يكون المرء أمّيّاً بالعلم، وألا يكون أيديولوجياً ذا مبادئ. بعد كلّ هذا فإنّك ستعتقد أنّ تعريفاً واحداً لا غير للحقيقة في هذا العالم، لكنّ الجواب هو لا. على الأقل، هناك نوعان إثنانِ آخران شائعان الّتي تسوق بعض أجمل وأكثر التعابير عنفاً في السلوك البشري.
الحقائق ذات الطابع الشخصي لها القوة في أن تتحكّم في عقلك وفي جسمك وروحك، لكنّها ليست ذات أساسٍ مبنيٍّ على الدليل. الحقائق الشخصيّة هي تلك الّتي أنت متأكد أنها الصواب، حتى لو لم تستطع –خصوصاً إذا لم تستطع—إثبات صحّتها، وبعض هذه الأفكار مستمدّة ممّا تريده أنت أن يكون صواباً. هنالك حقائق أخرى تتشكّل من شخصيّة قادةٍ أقوياء الشخصيّة أو من مذاهب مقدّسة، سواءٌ كانت قديمة أو معاصرة. بالنسبة للبعض، خصوصا في التقاليد التّوحيديّة، فإنّ الحقّ والله هما مترادفان، وهذا ما يقوله الكتاب المقدّس المسيحي: "قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي"
الحقائق الشخصية هي ما تعتبره أنت شيئا عزيزا لكن لا يمكنك بطريقةٍ حقيقية إقناع أؤلئك المخالفين لرأيك، إلا عبر جدالٍ ساخِن أو بالإجبار وبالقوّة. هذه أسس غالبيّة آراء الناس وهي عادةً بلا ضرر طالما احتفظتَ بها لنفسك أو ناقشتها في جلسة شرب البيرة. هل المسيح مخلّصك؟ هل خدم محمّد الله كرسوله الخاتم على الأرض؟ هل يجب على الحكومة إعانة الفقراء؟ هل قوانين الهجرة الحاليّة غاية في الصرامة أم أنها غاية التساهل؟ هل [المطربة] بيونس هي ملكتك؟ في عالم [مسلسل] ستار تريك أي قبطان أنت؟ كيرك أو بيكارد—أو جينواي؟
التعدّد في الآراء يثري التنوع في أيّ أمة كانت، والمفترض هو أن يحتفى به ويُحترَم في أي مجتمعٍ حرّ، مع الإقرار بأنّ الجميع يبقون أحراراً في أن يختلفوا مع بعضهم البعض وأيضا، وهذا مهمٌّ جدّا، أن يبقى الجميع منفتحين على الجدالات العقلانية الّتي يمكن أن تغيّر قناعتك. من المحزن، أنّ سلوك كثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي أدّت لما هو نقيض هذا. وصفتهم الجاهزة هي: البحث عن رأيٍ يختلف عن رأيهم، وإطلاق موجاتٍ من الغضب والهيجان لأن آرائك لا تتفق مع آرائهم. محاولة فرض أن يتفق الجميع مع حقائقك الشخصية عبر المجتمع والسياسة والتشريع هي تأسيس دكتاتوريات في المحصلة.
هناك تعبير لاتيني رائج بين هواة تذوق النبيذ يقول: "In vino, veritas," وترجمته: "في النبيذ توجد الحقيقة"، تصريح جريء لمشروبٍ يحوي من 12 إلى 14% من الإثانول [إثيلي] الّذي يتسبّب في تقطّع النشاط الدماغي و (بشكلٍ منفصل) هو شائعٌ في الفضاء بين-النجمي. السخرية، مع ذلك، تكمن في أنّ مجموعةً من شاربي الخمر، وبشكلٍ عفوي، سيجدون أنفسهم وبشكلٍ هادئ صرحاء ويعبّرون لبعضهم البعض حقيقتهم، وربّما هذا يحدث على مستوىً آخر ما مع مشروباتٍ كحولية أخرى. مع ذلك، يكاد لا يوجد سوى قلّة منا قد شاهدوا عراكاً ينشب في حانة بين شخصين يحتسيان النبيذ. [شراب] الجن، ربّما! [شراب] الويسكي، بالتأكيد. [شراب] شاردونيي، لا.
تخيّل سخافة هذه العبارة في سيناريو درامي: "سوف أركل مؤخّرتك، لكن فقط بعد أن أنهي احتساء [شراب] مارلوت!" ونفس التعبير المرتاب يمكن أن يقال عن [نبات] الماريجوانا، وأماكن تجمّع التدخين ليست حيث تندلع العركات. الأدلّة الداعمة، ما إذا حصلت سينمائيّاً، فإنّ الصّراحة يمكن أن تولّد التفاهم والتّصالح، ربّما لأنّ الصّراحة أفضل من اللا-صراحة والحقائق أجمل من اللا-حقائق.
فيما وراء حقائق النبيذ، وأبناء عمّها الحقائق الشخصيّة، هنالك الحقائق السياسيّة. هذه الخواطر والأفكار هي لها مُقدَّماً صدىً في مشاعرك لكنّها تُصبِح حقائق محصّنة من خلال تكرارٍ مستمر من قبل قوى الإعلام الّتي تريدك أن تصدّقها—وهي صفة أساسية للبروباغاندا. هكذا نظام فكري يلمّح، تقريبا دائما، أو يعلن بصراحة من تكونُ أنت، أو ما الّذي تفعله، أو بالطريقة الّتي تفعلها هي مهيمنة [أو أفضل] على أؤلئك الّذين تريد أن تخضعهم أو تغزوهم. إنّه ليس سرّاً، أن هناك من الناس من سيضحّي بحياته، أو ينتزع حياة الآخرين، في سبيل أن يدعم ما يؤمن به. في الغالب. كلّما كانت الحجّة [الدليل] أقّل واقعية في دعمها لآيدلوجية معيّنة، كلّما زاد الاحتمال أن يضحّي شخصٌ ما في سبيل هذه الفكرة. الآريون الألمان الّذين عاشوا في ثلاثينيات القرن العشرين لم يكونوا قد ولِدوا معتقدين أنّهم العِرق المتسيّد على جميع الشعوب الأخرى في العالم، بل كان يجب تلقينهم أنّهم كذلك. وهذا ما حصل لهم عبر مكانة مشحومةٍ كفوءةٍ سياسيّا. بحلول سنة 1939 وبداية الحرب العالمية الثانية، كان الملايين قد أصبحوا مستعدين للموت في سبيل هذه الفكرة—وقد فعلوا.
البحث في جماليات ما هو جميل ومرغوب في الثقافة يتبدّل من موسمٍ إلى آخر وسنة إلى سنة ومن جيلٍ إلى آخر، خصوصا فيما يتعلّق بالموضة، الفن، المِعمار، والجسد الإنساني. بناءاً على حجم صناعة موادّ التجميل، وصناعة التجميل الأضخم والأعقد، فإنّ زائرين غرباء من الفضاء سيعتقدون أنّنا نعتقد أنّنا قبيحون بشكلٍ غير قابل للإصلاح، وبحاجة مستمرّة لـ “التحسينات." قمنا بوضع أدواتٍ منزلية تسرّح الشّعر الجَعد، وتجعّد الشّعر السَرح. قمنا باختراع أساليب لإعادة زرع الشّعر المفقود، وإزالة الشّعر غير المرغوب فيه. نحن نقوم باستعمال أصباغٍ كيميائية لجعل الشّعر الفاتح أغمَق ولجعل الشّعر الغامق أفتَحَ لوناً. نحن لا نتسامح مع حبّ الشّباب أو أي بقعةٍ جلدية كانت. نحنُ نرتدي أحذيةً تجعلنا نبدو أطول وعطوراً تجعلنا نُشَمُّ أفضل. نستعمل المكياج لإبراز الجيد وإخفاء العناصر السيئة في مظهرنا، في المُحَصّلة، ليس هناك الكثير مما هو حقيقي في مظهرنا. الجمال الّذي خلقناه لا يذهب حتّى أعمق في الجِلد. إنّه يزول بمجرّد حمّام.
ذلك الشّئ الّذي يميل إلى كونه حقيقةً موضوعيّة أو أصليّاً بصراحة—خصوصا على الأرض أو في الأفلاك—يميل إلى أن يمتلك جمالاً قائماً بذاته متجاوزاً الزمن، المكان والثقافة. منظر غياب الشّمس يبقى فاتناً، رغم أنّك تحصل على غيابٍ واحد فقط كلّ يوم. رغم علمنا بأنّ الإنفجارات النووية الحرارية تحدث داخل الشمس، نراها جميلة، ونحن نعلم عن الرحلة المعذّبة الّتي تحتاجها الفوتونات للخروج من الشّمس. نحن نعلم عن رحلة [الفوتونات] السريعة خلال الفضاء، ويتمّ انكسارها عبر الغلاف الجّوّي للأرض، في طريقها إلى شبكيّة عيني. ثمّ يقوم الدماغ بمعالجة الضوء و "يرى" المغيب. هذه الوقائع المضافة –هذه الحقائق العلميّة—تمتلك القوة لتعميق المعنى الّذي ننسبه بطريقة أخرى إلى الطبيعة.
من الصعب أن تجد أحداً منا يملّ من الشلالات أو اكتمال البدر من فوق منطقة جبليّة أو أفقِ مدينة. نقف باستمرار عاجزين عن الكلام أمام منظر أوحد الّذي هو الكسوف الكامل للشمس. من يستطيع أن يشيح بوجهه عن هلال القمر وكوكب [فينوس] الزهرة معلّقين معاً في سماء الغروب، الإسلام لم يستطع أن يفعل وبقي وضع نجمٍ إلى جانب هلال رمزاً مقدّساً لهذا الدّين. كذلك لم يستطع فينسنت فان كوخ، في الحادي والعشرين من يوليو 1889 حينما أمسك بتلك اللحظة على سماوات قبيل الفجر في ساينت ريمي في فرنسا لينتج لوحته الأفضل—ربّما—المعنونة "ليلة النجوم". ويبدو أنّنا لا نشبع أبداً من رؤية مناظر بانوراما من الكويكبات الجوّالة أو صورٍ فلكية جميلة تمّ أرسالها عبر تلسكوب الفضاء هابل ومنافِذ أخرى للكون. حقائق الطبيعة تستشري مع حِسّ الجمال والذهول، خارجاً إلى أضخم مقاسات المسافات والزّمن.
لذلك لا عجب في أنّ الله أو الآلهة الّتي نعبدها تميل إلى أن تقيم في الأماكن العليا، إن لم تكن السماء نفسها. أو أنّنا نفهم الأماكن العليا على أنّها أقرب لله—من قمم الجبال إلى الغيوم الثخينة إلى السماوات. سفينة نوح رست على قمّة جبل آرارات وليس على حافّة بحيرة أو ضفّة نهر. موسى لم يتلقّ الوصايا العشرة في واديٍ أو سهل، بل نزلت عليه من قمّة جبل سيناء. جبل صهيون وجبل الزيتون هما مكانان مقدّسان في الشرق الأوسط، كما هو جبل التطويبات، المكان المحتمل لعظة الجبل المشهورة. جبل أوليمبوس كان مكاناً عالياً فوق الغيوم، حيث يعجّ بآلهة الأغريق. ليس هذا فحسب، المحاريب كانت غالبا تبنى في أماكن عالية غير منخفضة، وكان الأزتيك يقدّمون ذبائح بشرية، على سبيل المثال، على قمّة أهرامات بلاد ما بين الأمريكيتين Mesoamerica.
كم من مرّاتٍ كثيرة قد رأينا ملصقات، أو حتّى فنوناً جميلة، تصور لنا أسودا مجنحة Cherubs وملائكة وقدّيسين، بل وحتى الله الملتحي يطوف على غيمةٍ مكفهرة—الأعظم من نوعها. تصنيف الغيوم [كأنواع] حازت على إعجاب عالِم الأنواء الجويّة الأسكتلندي رالف آبركرمبي والّذي وثّق سنة 1896 م أكبر عددٍ أمكنه منها حول العالَم، ليصنع جدولاً مرقّماً لها. تخمينك صحيح لأن الغيم المكفهر cumulonimbus حلّت في الرقم 9 لیزرع عن غیر قصد بذور المفهوم الأبدي أن يكون على "الغيمة التاسعة" في حالة النّعمة. قم بدمج الغيمة التاسعة مع حُزَم أشعّة الشّمس الّتي تبلغ جميع أركان صورةٍ معيّنة، ولن تستطيع أن تبعد فكرة الجمال الرّبّاني.
أديان الروح animist الشائعة بين السكّان الأصليين حول العالَم من آلاسكا وحتّى أستراليا، تميل إلى التأكيد أنّ الطبيعة ذاتها—جدول الماء، الأشجار، الرّيح، المطر والجبال—مشبعة بطاقة روحية. لو كان للناس القدماء منفذٌ إلى الصورة الكونية المعاصِرة، لكانت آلهتهم تمتّعت حتّى بأماكن أكثر جمالاً لتتروح بينما هي تلقي نظرةً على الأرض. واحدة من السّدُم السّديم (PSR B1509-58) الّذي تمّ تصويره بالأشعة السينية عبر التلسكوب الطيفي المداري الّذي يعمل بالطاقة النوويّة آرّاي (نوستار) الّذي يشبه يداً لمّاعة في الفضاء مع مِعصمٍ وكفٍّ، وإبهامٍ مبسوطة وأصابِع. على الرّغم من أنّ السّديم هو بقايا لمّاعة لنجمٍ مُتَفَجّرٍ ميّت، إلاّ أنّ هذا لم يمنع النّاس من نعتها بـ “يد الله".
إلى جانب تعريفاتها الفهرسية، نحن عادة في الفيزياء الفلكية نطلق الأسماء على السُّدُم (nebulae) بما تشبه من أشكال، مستخدمين كلّ أنواع الإحالات الأرضية المرحة، بما فيها سديم عين القطّة (NGC 6543) و سديم السلطعون (NGC 1952) و سديم الدمبيل [الأثقال] (NGC 6853) و سديم النَّسر (NGC 6611) و سديم اللولب (NGC 7293) و سديم رأس الحصان (IC 434) و سديم البحيرة المالحة (NGC 6523) و سديم قطعة الليمون (IC 3568) و سديم أمريكا الشماليّة (NGC 7000) و سديم البومة (NGC 3587) و سديم الخاتَم (NGC 6720) و سديم عنكبوت الرتيلاء (NGC 2070). نعم هي جميعاً حقيقة تبدو مثلَ أو تُثير فينا ما نسمّيها. وأخيراً سديم باكمان (NGC 281) سُمّيت تيمّناً بشخصية اللعبة المعروفة.
العظمة لا تتوقف هناك، في مجموعتنا نحن الشّمسية، لدينا مُذَنّبات وكواكب وكويكبات وأقمار، كلّ منها يزيح عن فرادةٍ في الشكل والهيئة. بالنسبة لكثيرٍ منها، فقد قمنا بجمع مادّة حميمةٍ ذات موضوعية علمية حقّة حول ماهيّة مكوّناتها، ومن أين جاءت، وأين هي ذاهبة. هذا خلال دورانها وسيرانها معاً خلال فراغ الفضاء، مِثل راقصاتِ تدور في رقصة الباليه الكوني، في خطواتِ رقصٍ مصمّمة من قِبَل قوى الجاذبيّة.
في البيت الأبيض في التسعينيات من القرن العشرين، احتفظَ الرئيس بيل كلينتون على منضدة القهوة الخاصّة به بين قطعتي أرائك متقابلتين، بعيّنة حجر تمّ إحضارها إلى الأرض من مسافة تبعد ربع مليون ميل بواسطة روّاد المركبة أبولو. أخبرني [الرئيس كلينتون] أنّه أيّما وقتٍ كان هناك ما يشبه إندلاع جدالٍ بين المتخاصمين العنيدين جيوسياسياً في الكونغرس [مجلس الشّيوخ الأمريكي] كان هو يشير إلى العيّنة الحجرية ويذكّر الناس أنها أتت من القمر. هذه الإيماءة عادةً ما كانت تعيد معايرة الحوار، لتخدُم كتذكيرٍ أنّ الرؤى الكونيّة قد تجبرك على التوقّف وتعيد التدقيق في معنى الحياة، وقيمة السّلام الّتي تقوم بحفظ [الحياة].
لكن الطّبيعة لا تقصّر جمالها على الأشياء. الأفكار ذات الحقيقة الموضوعية يمكن أن تحمل جمالها الذّاتي. إسمح لي أن أختار بعض الأمثلة المفضلة:
واحدة من أبسط المعادلات في كلّ العلم [الطبيعي] هي أيضاً الأكثر عمقاً: معادلة أينشتاين الطاقة (E) زائدا الكتلة (M): E = mc2 حرف الـ(c) الصغير يرمز إلى سرعة الضّوء—الشّئ المستمر الّذي يظهر فيما لا يُعَدّ من الأماكن كما نكتشف الشيفرات الكونية الّتي تسيِّر الكون. من ضمن زليونات الأماكن الأخرى الّتي تظهر، هذه المعادلة البسيطة تدعم كيف أنّ كلّ النجوم في الكون تطلِق الطّاقة منذ بدء الزمن.
ببساطة مماثلة، وبشكلٍ لا يقلّ عمقاً، هو قانون إسحاق نيوتن الثاني للحركة الّذي يصف تحديداً كيف سيسرع شئ متحرّك (a) عندما تضيف قوة (f) إليها: F = ma. M يرمز لكتلة الشئ الّذي يتمّ دفعه. هذه المعادلة الصغيرة، والتفريع اللاحق لها من نظريته النّسبيّة، تدعم شرح كلّ حركة وجِدَت أو سوف توجَد لكل الأجسام في الكون.
الفيزياء لديها إمكانيّة أن تكون جميلة.
من المحتمل أنّك سمعت برقم pi رقمٌ بين 3 و4 الّذي هو على ضِفّة عددٍ لا متناهي من الكسور، رغمَ أنّه يقطّع أحياناً كثيرةً إلى 3.14 وإليك عدد pi مع عددٍ كافٍ من الأرقام لكي ترى كل الأرقام العشرة من 0 إلى 9:
3.14159265358979323846264338327950.
تحصل على رقم pi ببساطة عبر تقسيم محيط الدائرة على قطر الدائرة نفسها. هذه النسبة تبقى هي هي مهما تغيّر حجم الدائرة. وجود رقم pi بحدّ ذاته هو حقيقة عميقة للهندسة الأقليدية [نسبة للعالم اليوناني إقليدس]، الّذي يُحتَفَل به سنويّاً من قبل جميع حاملي البطاقات من مهووسي العالَم في مارس 14 وهو تاريخ يمكن كتابته بالصيغة التالية 3.14.
الرياضيّات يمكنها أن تكون جميلة.
الأوكسجين يساعِد على الإحتراق. الهيدروجين غازٌ إنفجاري. إجمع الإثنين واحصل على الماء (H2O)، سائلٌ يطفئ النيران. الكلورين هو غازٌ سامٌّ وكاوٍ. الصوديوم هو معدن أملس إلى درجة أنّه يمكن تقطيعه بسكّين زبدة، وخفيف لدرجة أنّه يمكنه أن يطوف على الماء. لكن لا تحاول عمل هذه التجربة في البيت لأنّ ردّ فعله هو إنفجاري في الماء. أمزج بينهما واحصل على صوديوم-الكلورايد (NaC1)، المتعارَف عليه بملح الطاولة.
الكيمياء يمكن أن تكون جميلة
الأرض تحوي ما يقارب ثمانية فاصلة سبعة ملايين نوع من الأحياء ، والّتي غالبيّتها حشرات. هذا التنوع الصاعِق في الحياة نَبَع قُدُماً من الأحياء الأحادية الخليّة قبل 4 مليارات سنة مضت. في هذه اللحظة الآن، تلاؤمُ تربة الأرض والبحر والجو تساعد كلّ واحد من هذه الأنواع. نحن جميعاً في هذا معاً. عائلة جينيّة واحدة على مركبة فضائية اسمها الأرض.
البيولوجيا يمكن أن تكون جميلة.
ماذا إذن من كلّ هذا هو حقيقةٌ لكن قبيحٌ في هذا العالم؟ هنالك اعتقادٌ شائع أنّ الأرض هي ملاذٌ للحياة—تتمّ رعايتها عبر الغرائز الأمومية لأمّنا الطبيعة. هذا صحيحٌ لحدٍّ ما. الأرض تتعاون مع الحياة منذ أن استطاعت دعم الحياة. مع ذلك، فالأرض ماكينة قتلٍ ضخمة. أكثر من 99 بالمائة الّتي عاشت على الأرض قد انقرضت عبر قوىً مثل التغيُّر المناخي المناطقي والعالمي إلى جانِب هجماتٍ بيئية مثلَ البراكين والأعاصير والعواصف الدّوّارة والزلازل، وأمواج التسونامي، والأمراض، والأوبئة. الكون هو آلة قتلٍ أيضاً مسئولة عن وقوع الكويكبات والمذنّبات الّتي أحد أشهرها ضرب الأرض قبل 66 مليون سنة مضت جاعلة كلّ الديناصورات الهائلة الحجم في عداد المنقرضين، إلى جانب 70 بالمائة من أنواع الأحياء البرّية والبحريّة من على كوكب الأرض. لا حيوان برّي أكبر من حقيبة المعدّات نجى.
ما هو حقيقة ويصعُب الإعتراف بها هو إعجابنا المهووس مع الكوارث الجيولوجية العملاقة وكذلك أنظمة الطّقس المدمّرة. كلها أشياء جميلة—ربّما حتّى لها تصنيفها الخاص بها: شئ ما مثيرٌ للعجب والإعجاب، لكن فقط من مسافةٍ آمنة، على الرّغم من أنّ بعض النّاس يتجاهل قاعدة الآمان في النّظر عن بُعْد. أو كيف تُنجِب "مطاردي الأعاصير" وعلماء الأرصاد الجوية المتمنّين للموت الّذين يكتبون تقارير على الهواء من على متون السفن بينما العواصِف الكارثيّة تضرب خطوط الساحل، غامرين أنفسهم وأيّاً كان المتطوّع للإمساك بالكاميرا لتصوير الفيديو ذلك اليوم.
أيّ بركانٍ كان هو مدهش عند النظر إليه من جميع الزوايا، السائل الأحمر الحارّ الّذي ينضح من فوهته الكالديرا ويسيل على منحدراته، من خلال روافد وأنهار هو متكوّنٌ من صخورٍ ذائبة. [هذه الصخور] في حرارة الغرفة، هي تلك الأشياء الّتي نجلس عليها، ونبني بيوتاً عليها، ونجعلها مصدر تشبيه لكلِّ ما هو مُستَقِرٌّ في العالم. البركان بني نفسه من صخورٍ سائلة، في تلكَ البقعة، وحسب جدوله الخاصّ به، كبوّابةٍ إلى العالم السفلي للأرض، حرفيّاً.
وهل هناكَ ما هو أجملُ من إعصارٍ تبلغ سعته 300 ميل ، تتمّ رؤيته من علوٍّ أو يشاهَد من الفضاء، دائراً ببطءٍ مِثَل المروحة الغازيّة للسحب العاصفة؟ ماذا عن العواصِف الرّعدية القويّة مع رعدٍ يضرب باستمرار وبشكلٍ صاخب ومرعب صواعقه من سحابة إلى سحابة ومن أرضٍ إلى سحابة. (ملاحظة الكاتب: "من الأرض إلى السحابة": هذا ليس خطأ مطبعياً. إنها حقيقة غير معروفة وهي أن الضربة المرئية لصاعقة البرق تتحرك من الأرض إلى الغيوم وليس العكس."
ورغم أنّ كويكباً قضى على الديناصورات ذواتِ الأسنان القويّة والمشاكسة، فإنّ غيابها فتح فجوةً بيئية أتاحت لأسلافنا الثدييات الصغيرة للتتطوّر إلى شئٍ أكثرَ من كونه مقبلاتٍ شهية لـديناصور التي ريكس [المعروف بالمفترس]. هذا شئٌ جميلٌ غير قابلٍ للإنكار—على الأقل في الجذع في شجرة الحياة الّتي أصبحت [من صنف] الرئيسيات، الّتي تعود أصولنا إليها.
التأثيرات الكونيّة يمكنها أن تكون مدمّرة ومميتة أينما تحدث. عندما اكتشف مراقبوا السماء كارولين ويوجين شوماكر مع دافيد ليفي المذنّب المدعو (Shoemaker-Levy 9)، وهو واحدٌ من كثيرٍ يحملن أسماءهم، فأنّ المهووسين بالفضاء من كل أرجاء العالم صاروا يتعاركون لإلقاء نظرة خلال عدسات تلسكوباتهم. لماذا؟ بعد اكتشافه، تمّ تحديد مدار المذنّب على أنّه في طريقه للإصطدام مع كوكب المشتري. قام علماء الفيزياء الفلكيّة في جميع أرجاء العالم بتحشيد أكبر وأقوى التلسكوبات، بما في ذلك تلسكوب هابل. سابقاً تمّ جدولته لمراقبة منافذ [فضائية] تُرِكَت عن عمد. بل وحتّى إنتدبنا غاليليو، مسبارٌ كان موجّهاً للمشتري، لم يكن قد وصَل بعدُ، لينضمّ للمراقبات. في زيارةٍ سابقة، قام المدّ والجزران القويّان على المشتري بتفتيت المذنّب بحيث خلق منه موكباً من قِطَعٍ أصغر بقيت دائرة في المدار. في 16 يوليو 1994 م شهدنا أوّل واحدٍ مما يقارب 24 انفجاراً –القطع A إلى W—على كوكب المشتري. أكبر هذه، القطعة G، اصطدمت بطاقةٍ تبلغ ستة تيراطن (ستة ملايين ميغاطن) من مادّة الـTNT، أي ما يعادل أكثر من كلّ الأسلحة النوويّة على كوكب الأرض بستّة مرات. هذه الاصطدامات خلّفت أثاراً مرئية على أجواء كوكب المشتري أكبر من حجم الأرض نفسها.
وكانت غاية الجمال.
المنظور الكوني يخفي الضرر القريب والفوضى التي تسببها هذه الكوارث. جمالها يحوي كل ما هو مدمر. كل هذا مميت. لا شيء مات على كوكب المشتري في ذلك اليوم. لو اصطدمت شظايا المذنب بالأرض، لكان ذلك حدثًا على مستوى الانقراض.
ربما يعتمد الخط المرسوم بين الجميل والقبيح على ما إذا كان الشّئ سيضر بنا. قد تتضمن بعض الأشياء القبيحة من الناحية الموضوعية في الطبيعة لقطة مقرّبة لبطن الرتيلاء - ربما يكون محبوبًا لعلماء العنكبوت فقط. الرتيلاء يمكن أن يؤذيك من لدغته، وربما نعرف ذلك بشكل حدسي. ماذا عن تنين كومودو يطاردك ببطء؟ أم سرب من القراد الماص للدماء أم العلق؟ ماذا عن الملاريا؟ أم البكتيريا التي تسبب الطاعون الدبلي؟ أم الفيروس المسبب للجدري أم الإيدز؟ ماذا عن كل الطفرات الخلوية العفوية التي تسبب تشوهات خلقية وأمراض سرطانية وأمراض أخرى تقصر حياتنا في اليانصيب الجيني؟ كلها جزء من نفس الطبيعة التي تحتوي على عدد لا يحصى من الأشياء ومشاهد نُعجَب بها.
لكن لا تظهر أي من هذه الطفيليات أو الأمراض أو المخلوقات المخيفة في ملصقات عليها اقتباسات من الكتاب المقدس. لقد قتل الجدري والملاريا والطاعون الدبلي معًا ما يزيد عن 1.5 مليار شخص على مدار الوقت، في جميع أنحاء العالم. يتجاوز هذا العدد بكثير جميع الوفيات الناجمة عن جميع النزاعات المسلحة في تاريخ جنسنا البشري. لقد قتلت الطبيعة منا أكثر مما قتلنا أنفسنا. نادرًا ما تظهر هذه الأفكار (على الأرجح أبدًا) عندما نعلن جمال الطبيعة.
ربما يجب عليهم ذلك. إذا فعلوا ذلك، فسنكون أكثر صدقًا مع أنفسنا بشأن مكانتنا في الكون. تشير الأدلة إلى أن الطبيعة لا تهتم حقًا بصحتنا أو طول أعمارنا. نحن مجهزون بالغرائز الطبيعية لفرز بعض ما قد يؤذينا وبعض ما قد يجلب لنا الراحة. ومع ذلك، لا يوجد أي تلميح من الفضاء إلى أن أي شخص أو أي شيء في الكون سيصل لإنقاذنا من الأرض أو من أنفسنا.
نحن وحدنا من يهتم بنا.
يطور الباحثون الطبيون لقاحات لحمايتنا من الفيروسات القاتلة، وأدوية لدرء البكتيريا والطفيليات. ينشئ المهندسون المعماريون والبناؤون منازل وملاجئ لحمايتنا من الطقس الكارثي. في المستقبل، سيطور علماء الديناميكا الفلكية أنظمة فضائية تحرف مسارات الكويكبات القاتلة التي تتجه نحونا. على عكس المبادئ الضمنية للحركة الخضراء، ليس كل ما هو طبيعي جميلًا، وليس كل ما هو جميل طبيعيًا.
ربما لهذا السبب يحتاج العالم إلى الشعراء. ليس لتفسير ما هو واضح وبيّن، ولكن لمساعدتنا على التوقف والتفكير في جمال الأشخاص والأماكن وأفكار - أشياء قد نأخذها كأمر مسلم به. جمال بسيط ينبع من حقائق بسيطة. بعد قراءة أشهر قصيدة لجويس كيلمر، هل ستمشي مرة أخرى عبر شجرة دون التفكير في جلالتها الصامتة؟
أعتقد أنّني سوف لن أرى أبدا
قصيدة محبوبةً كشجرة.
شجرةٌ فمها الجائع يضغط
مقابل صدر الأرضِ المنحدر
شجرةٌ تنظرُ للهِ طولَ اليومِ
وترفع يديها المورقتين بالصّلاة
شجرةٌ قد تأتزرُ في الصيف
عُشّاً لطيورِ أبو الحنّاء في شعرها
الّتي على صدرها الثلج رقد
الّذي يعيش مع المطر بشكلٍ حميم
الأشعار تُصنَع عبر أغبياء مثلي
لكن فقط الله يصنع شجرة.
قُتل كيلمر، وهو مواطن أمريكي من ولاية نيوجيرسي، برصاصة قناص على الجبهة الغربية في عام 1918، خلال الحرب العالمية الأولى. شخص مات على يد إنسان آخر وليس بأيدي الطبيعة الأم.
إلى أين سيقودنا هذا الأمر!؟ ربما لا مكان. ربما في كل مكان. شخصيا، كإنسان، كعالم، وكمقيم على الأرض، فإن أجمل شيء هو قد يكون الكون أنه معروف على الإطلاق. لا توجد رسالة مكتوبة على الأجهزة اللوحية في السماء تتطلب ذلك مسبقًا. انها مجرد. بالنسبة لي، قمة الحقيقة الموضوعية هذه تجعل الكون نفسه أجمل شيء في الكون.
الفصل الثّاني
الإستكشاف والإكتشاف
قيمة الإثنين عند تشكيل حضارة
غالبًا ما يعتقد المشككون أن استكشاف الفضاء يمثل رفاهية باهظة الثمن، ويفضلون بدلاً من ذلك حل مشاكلنا أولاً هنا على الأرض. قائمة التحديات المجتمعية لم تتغير كثيرًا على مدى العقود وتتضمن أهدافًا تقدمية لحل مشاكل الجوع والفقر، وتحسين التعليم العام، والحد من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وإنهاء الحرب. تصنع هذه العناوين الرئيسية في أي دورة إخبارية، ولكن بشكل خاص عندما تتناقض مع عشرات المليارات من الدولارات التي تنفقها حكومة الولايات المتحدة سنويًا في الفضاء. هذا الموضوع محل نقاش ساخن في الهند، الدولة التي ضاعفت مؤخرًا جهودها لاستكشاف الفضاء، بينما يعيش ثمانمائة مليون من مواطنيها في فقر. نصف أولئك الذين يعيشون في فقر يعيشون في ظروف مزرية—أكثر من مجموع سكان الولايات المتحدة. الغريب أن هؤلاء المشككون أنفسهم لا يكادون يتساءلون عما إذا كان يجب علينا القيام بالأمرين معًا: استكشاف الفضاء وإصلاح مشاكل المجتمع. إن قائمة المشاكل الصعبة في العالم تسبق فترة طويلة أي شخص ينفق سنتًا واحدًا على الفضاء.
لاكتساب نظرة ثاقبة، دعنا نرجع ثلاثين ألف سنة ونتنصت على أسلافنا من سكان الكهوف. أولئك الذين لديهم الرغبة في الاستكشاف قرروا استشارة كبار السن، قائلين، "نريد أن نرى ما وراء باب الكهف." الشيوخ حكيمون. يتجمعون فيما بينهم، ويزنون ما يعتقدون أنه المخاطر والمكافآت، ويردون، "لا. يجب علينا أولا حل مشاكل الكهف قبل أن يغامر أي شخص بالخروج منه."
إنه تبادل سخيف مثير للضحك بالفعل، ولكن بالنسبة إلى مستكشف الفضاء، هذا ما يبدو عليه الأمر عندما يتطلب الأمر حل مشاكل الأرض قبل أن يستطيع أي شخص في أي مكان الذهاب إلى مكانٍ آخر في الكون. ملاحظة أخيرة عن ساكني الكهوف لدينا: لقد تنفسوا الهواء النقي. شربوا الماء النظيف. لقد أكلوا نباتات عضوية وحيوانات برّية—مع ذلك تركت معدلات وفيات الرضع المرتفعة لديهم بشكل مذهل، متوسط عمر متوقع بالكاد يبلغ الثلاثين عامًا. العلم مهم.
يذكرك المنظور الكوني بأن الأرض عبارة عن ذرة معزولة في كون واسع وغني. هل يختلف الكهف عن الأرض نفسها؟ ومع ذلك، فقد عرفنا المزيد عن القمر قبل زيارتنا للمرة الأولى أكثر مما عرفه أي مستكشف من القرن الخامس عشر أو السادس عشر عن سطحه. لقد عرفنا المزيد عن سطح المريخ وأين تهبط مركباتنا الجوالة أكثر مما عرفه باحثو الطريق البولينيزيون في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عن جزر المحيط الهادئ التي كانت تنتظرهم، بعيدًا عن آفاقهم المحيطية. لقد أمضينا قرونًا في استكشاف سطح الأرض ورسم خرائط له، وبلغت ذروتها مع اكتشاف القارة القطبية الجنوبية في عام 1820. ومع ذلك، فقد اكتشفنا الفضاء لعقود قليلة ثمينة فقط.
إذا سافرت إلى ما وراء باب الكهف، فقد تكتشف أشياء تساعد في حل مشكلات كهفك. حتى الشك في أن هذا صحيح، يتطلب بصيرة مستنيرة. يمكنك أن تجد مجموعة متنوعة من النباتات التي تستخدم كدواء. يمكنك اكتشاف مجموعة متنوعة من المواد –الخشب والحجر والعظام—مفيدة في صناعة الأدوات. يمكنك الكشف عن مصادر إضافية للمياه والغذاء والمأوى. الأهم من ذلك، أن المنظور يتربص خلف باب الكهف. هذه الأماكن ليست مجرد وجهات، ولكنها طرق جديدة لرؤية الأشياء. لست بحاجة إلى عالم ليخبرك بذلك. تأمل الكاتب الشهير ت.س. إيليوت ذات مرة، قائلا:
سوف لن نتوقف عن الاستكشاف
ونهاية كلّ اكتشافنا
سيكون للوصول إلى حيث بدأنا
ونعرفَ المكانَ لأوّل مرة.
هذا أقرب منظورٍ للمنظور الكوني صاغه شاعر في أي وقت مضى.
جزء من المشكلة هو أننا جميعًا مرتبطون بعقول خطية، مما يجعلنا عرضة للتفكير على نطاق صغير. هذا ليس ذنبنا. نحن نفكر في المضافات والمضاعفات، مع عدم وجود ضغط تطوري للتفكير في الأسي [النمو المتضاعف مضروباً في نفسه]. الأسي هو رقم مرفوع إلى قوة رقم آخر. عندما تفعل ذلك، ترتفع (أو تتقلص) الكميات والمعدلات الموصوفة من قبلنا بشكل أسرع من قدرتنا العادية على الاستيعاب. ضع في اعتبارك هذا المثال البسيط: يمكنك اختيار أن تتلقّى 5 ملايين دولار الآن أو بدلاً من ذلك الحصول على بنس واحد يوميًا مضاعفًا لمدة شهر. معظم الناس سيأخذون 5 ملايين دولار ويركضون متجنبين البنسات كلّيّاً. دعونا نفكر أولاً في الأمر. هذا بنس واحد اليوم. ثم بنسين غدا. أربع بنسات في اليوم التالي. ثماني بنسات في اليوم التالي، وهكذا. كم أنت ثري في النهاية؟ إذا قمت بالحسابات، فستحصل في اليوم الحادي والثلاثين على 10.737.418.24 دولارًا. ومجموع البنسات من الثلاثين يومًا السابقة يجعل إجمالي المبلغ 21474.836.47 دولارًا. هذه هي قوة الأسي.
في مثال آخر، ستتعلم أن نوعًا من الطحالب غير المرغوب فيها ينتشر على سطح البركة المفضلة لديك. النمو مستمر ويتضاعف في المنطقة كل يوم. بعد شهر، أصبحت البحيرة نصف مغطاة بالطحالب. على هذا المعدل، ما هي المدة حتى تغطي الطحالب البحيرة بأكملها؟ يحسب دماغنا الخطي البدائي، "شهر واحد".
لكن الجواب الفعلي هو "يوم واحد". لا يهم حتى كم من الوقت استغرقت البركة لتصبح نصف مغطاة. إذا تضاعف معدل التغطية كل يوم، فيمكنك التأكد من أنه عندما تكون نصف مغطاة، لم يتبق لك سوى يوم واحد.
كان الانهيار المدمر لنظامنا الاقتصادي في عام 2008 نتيجة لمقرضين لقروضٍ منخفضة الفائدة وذات معدل فائدة عائم، والتي منحت قروضًا عقارية لأشخاص غير مؤهلين. من يدري ما إذا كان من الممكن تخفيف هذه الحلقة الاقتصادية، أو تجنبها تمامًا، لو كان الأشخاص الذين تمت الموافقة على قروضهم يجيدون أيضًا الحسابات الأسية. كانوا سيدركون في لحظة أن أي زيادة في أسعار الفائدة المركبة ستجعلهم مفلسين، ويمكّنهم من رفض القرض في المقام الأول.
ضع في اعتبارك عدد المرات التي نجري فيها حسابات خطية بسيطة في عقولنا: لقد كنا نقود السيارة لمدة ساعة ونحن في منتصف الطريق، لذلك هناك ساعة أخرى قبل أن نصل إلى المنزل. هذا هو التفكير الخطي المباشر. ولكن بروح "هل وصلنا بعد؟" إليك هذه الجملة الّتي لم يتم نطقها مطلقًا في تاريخ النقل:
لقد كنّا نَسوقُ في الألف جزء في الثّانية
نحن على واحد في ثلاثة ملايين للوصول هناك، إذا فقط
2،999،999 ثواني أكثر للوصول للبيت
ومع ذلك، فإن العوامل الرياضية الخاصة بالملايين والمليارات والتريليونات شائعة في الكون. كرة الأرض، وهي كبيرة جدًا لدرجة أن بعض الناس (لا يزالون) يعتقدون أنها مسطحة، تتضاءل أمام الشمس. إذا كانت الشمس جوفاء، يمكنك صب مليون من الأرض في حجمها ولا يزال لديك مساحة متبقية. دعونا لا نتوقف عند هذا الحد. في غضون خمس مليارات سنة، عندما تموت الشمس، سوف تمر بمرحلة تسمى Red Giant [العملاق الأحمر]، حيث تتضخم بشكل هائل، وتبتلع مدارات عطارد والزهرة والأرض أيضًا. عند ذلك بهذا الحجم، تكون قد تضخمت الشمس إلى عشرة ملايين مرة أكبر مما هي عليه الآن.
النظام الشمسي، خارج حزام كايبر للمذنبات خارج نبتون، أكبر مليون مرة. تنبع روح المنظور الكوني - طاقته الروحية - من احتضان هذه المقاييس الفلكية. يمكن أن يؤدي عدم القدرة على القيام بذلك إلى إحباط محاولات فهم أعماق الزمن الذي نعيش فيه، والفضاء الذي نتحرك خلاله.
تحتاج أيضًا إلى قياس moxie لاحتضان علم الأحياء والجيولوجيا الحديثين. نعتقد أن التطور الدارويني بطيء بشكل غير محسوس. هذا لأننا نعيش، على الأكثر، 100 عام، وتقاوم أسلاك دماغنا حقيقة أن تنويع الأصناف قد يستغرق آلافًا من السنين، بل وملايين المرات أكثر من حياتنا لتتكشف. هذه هي الطريقة التي تنتقل بها من قوارض أجدادنا من الثدييات التي كانت تعيش تحت أقدام ديناصور التي ريكس إلى البشر في 66 مليون سنة - وهي فترة زمنية تبلغ 1.5 بالمائة فقط من 3.8 مليار سنة خلال استضافة الأرض للحياة. لا يزال الشعور به وكأنه منذ فترة طويلة؟ تعرف ما الذي يستغرق وقتًا طويلاً أيضًا؟ النحت الجيولوجي للتضاريس مثل الأخاديد العظيمة [غراند كانيون] في ولاية أريزونا [في أمريكا]، والانجراف القاري، حيث تتحرك أكبر كتل وكتل الأرض عبر السطح بنفس معدل نمو أظافرك تقريبًا. ماذا عن المفضلة لدي. إذا كانت شبكة ملعب كرة القدم عبارة عن جدول زمني للكون، مع الانفجار العظيم في أحد طرفيه وهذه اللحظة في الطرف الآخر، فإن كل التاريخ البشري المسجل سيمتد بسمك عُشبةٍ في منطقة النهاية.
لطالما ارتبط استكشاف الأرض واكتشافها بالاستيلاء على الأراضي من قبل القوى العسكرية أو الاستعمارية، والتي لخصها يوليوس قيصر في عبارته الساخرة اللاتينية سيئة السمعة (حوالي 45 قبل الميلاد):
Veni, vidi, vici جِئتُ فرأيتُ فغزوتُ
تضمن النشاط أيضًا رفع العلم في أماكن مجهولة لم يسبق زيارتها من قبل، مثل القطب الجنوبي أو قمة جبل إيفرست. كما حدث زرع الأعلام حيث كان السكان المحليون هناك موجودين أصلا للترحيب بك، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما كتبه كريستوفر كولومبوس إلى الملك فرديناند والملكة إيزابيلا في عام 1493 بعد رحلته الأولى إلى منطقة البحر الكاريبي:
اكتشفت العديد من الجزر التي يسكنها العديد من الناس. لقد استحوذت عليها جميعًا من أجل ملكنا الأكثر حظًا من خلال إصدار إعلان علني ورفع [علمه]
حتى مهمة أبولو 11 إلى القمر رفعت علمًا - العلم الأمريكي. رغم أن اللوحة التي رافقتها لم تكن مثل أي لوحة أخرى في تاريخ الهيمنة:
هنا رجال من كوكب الأرض أول من هبطوا على القمر يوليو 1969 م، جئنا في سلام لجميع البشر
مع رسم الأرض وزيارة القمر، يجب أن يمتد مفهومنا الجماعي للاستكشاف والاكتشاف إلى أبعد من ذلك في النظام الشمسي وما وراءه. يشمل التمرين أيضًا اكتشاف الأفكار والاختراعات والطرق الجديدة لعمل الأشياء. مع وجود أنظمة لنشر الفكر، مثل المؤتمرات العلمية، والمجلات التي راجعها النظراء، وإيداع براءات الاختراع، يمكن لكل جيل تالي استخدام اكتشافات الجيل السابق كنقاط انطلاق جديدة. لا إعادة اختراع العجلة. لا تضييع للجهود. هذه الحقيقة الصريحة والواضحة تحمل عواقب عميقة. هذا يعني أن المعرفة تنمو بشكل أسي، وليس خطيًا، مما يجعل أدمغتنا ميئوساً منها في محاولاتنا للتنبؤ بالمستقبل بناءً على الماضي. كما أنه يجعلك تفكر في أن جميع الاكتشافات والاختراعات المذهلة - تلك التي حدثت في حياتك - تعني أنك تعيش في أوقات مميّزة. ومع ذلك، فهذه سمة أساسية للنمو الأسي: يعتقد الجميع أنهم يعيشون في أوقات خاصة، بغض النظر عن مكان وجودهم في المنحنى [البياني]. كم مرة سمعنا جميعًا عبارة "معجزات الطب الحديث"؟ انظر الآن إلى ماضي خمسين عامًا في حقيبة الطبيب التي تحتوي على أدوات مخيفة وعلاجات مشكوك فيها وأنت تسعد بكونك على قيد الحياة اليوم بدلاً من أي وقت مضى. في ذلك الوقت، أشاد الناس أيضًا بحالة التقدم التي حققوها مقارنةً بما كان عليه الحال قبل خمسين عامًا. لم يقل أي شخص في أي وقت من الأوقات على منحنى النمو الأسي، "يا للهول، نحن بالتأكيد نعيش في أوقات متخلفة"، بغض النظر عن مدى تخلفها عن الأجيال اللاحقة.
فلنقم باستعارة الرياضيات من البنسات والطحالب، ما هو "الوقت المضاعف" للاستكشاف والاكتشاف؟ في عام 1995، عندما كنت باحثًا في مرحلة ما بعد الدكتوراة في جامعة برينستون، قررت أنه قد يكون من الممتع قياس جدار من المجلات البحثية على رفوف مكتبة بيتون هول للفيزياء الفلكية. نشرة واحدة، The Astrophysical Journal، لها مكانة بارزة في مجالي واحتلت معظم الرفوف. الإعداد المثالي لتجربتي المضاعفة. يعود تاريخ افتتاح الجريدة إلى عام 1895. كل ما فعلته هو العثور على منتصف الجدار وتسجيل عام المجلات في ذلك الموقع. كان ذلك عام 1980. وهذا يعني أنه كان هناك الكثير من أبحاث الفيزياء الفلكية المنشورة في الخمسة عشر عامًا من 1980 إلى 1995 كما تم نشرها سابقًا منذ عام 1895. هذا هو خمسة عشر عامًا من الوقت المضاعف، ولكن هل سيستمر حتى البداية؟ ثم وجدت نقطة المنتصف بين عامي 1895 و1980. كان ذلك في عام 1965. كانت نقطة المنتصف التالية عام 1950، تلتها عام 1935، ثم عام 1920. قد أكون غفلت عن عام أو عامين لأن المجلة زادت حجم صفحتها بمرور الوقت. كنت أقيس مساحة الرف عندما، على وجه الدقة، كان يجب أن ألخص مساحات الصفحات المطبوعة، لكن الدرس المستفاد من هذا التمرين واضح رغم ذلك.
قد تعتقد أن ثقافة "النشر أو الفناء" الناشئة في الأوساط الأكاديمية زادت من الضغط [على الباحثين] لتوليد أوراق بحثية تافهة، مما أدى إلى زيادة إنتاجية الباحث بشكل مصطنع. لا [طبعا]. فهي مدفوعة بالزيادة الهائلة في عدد الباحثين والإنتاجية التي تأتي من عمليات التعاون الكبيرة. أود أن أتعلم أن مضاعفة الوقت لمدة خمسة عشر عامًا تتماشى مع وتيرة المجالات النشطة الأخرى للبحث العلمي.
ماذا عن الاختراعات؟ سجل مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي 3.5 مليون براءة اختراع من عام 2010 إلى عام 2020، وهو أكثر مما تم تسجيله في فترة الأربعين عامًا تقريبًا من عام 1963 إلى عام 2000. لذا فهم في طريقهم إلى النجاح أيضًا.
كل هذا جعلني أتساءل: ماذا يمكن أن يكون الوقت المضاعف للمجتمع الحديث؟ وكيف تقيسه؟ لا أعرف ولا أعلم، لكني سعيد بالمحاولة. دعونا نلقي نظرة على ثلاثين عامًا من العالم الصناعي منذ عام 1870، مع التركيز على الولايات المتحدة، ومقارنة الحياة في البداية بالحياة في نهاية كل فترة. كيف شكل الاستكشاف والاكتشاف، محركات العلم، حياتنا؟
من عام 1870 إلى عام 1900، حدثت تطورات كبيرة في النقل. تعبر السفن البخارية المحيطات في أوقات قياسية. في عام 1869، تم التوصل إلى آخر "ارتفاع ذهبي"، لتكمل خط السكة الحديد العابر للقارات الذي يبلغ طوله 2000 ميل عبر الولايات المتحدة. وهذا يتيح عقودًا من التنقل والتوسع للسكان. في عام 1893، بدأ قطار الشرق الأسطوري، من بين العديد من خطوط السكك الحديدية في القارة، مساره بطول 1400 ميل بين باريس وإسطنبول. أدى السفر بالسكك الحديدية إلى تقادم وسائل النقل بالعربة على طول العديد من الطرق. أيضًا، في ثمانينيات القرن التاسع عشر، قام المهندس الألماني كارل بنز بتحسين محرك الاحتراق الداخلي وولد أول سيارة عملية. المخترع الإنجليزي جون كيمب ستارلي يتقن [دراجة] -فيلوسبيد- ينسب إليه الفضل في "دراجة الأمان" المألوفة الآن، والتي تستخدم عجلتين متساويتين في الحجم وسلسلة تربط العجلة الخلفية بالدواسات. وبمرور ذلك الوقت، أصبحت المناطيد التي تعمل بالطاقة والتي تتيح النقل عبر الهواء هي الإثارة.
لو كان تمّ نقل شخصٍ ما من سنة 1870 إلى الحياة اليوميّة في عام 1900 لما تعرّف على شيء منها.
حان الوقت لإلقاء نظرة على التنبؤات المنشورة في عام 1900 حول العام 2000. هذا ما يفعله الناس عندما يبدأ قرن جديد. مع العنوان الفرعي الذكي "تاريخ المستقبل"، يتخصص موقع paleofuture.com في ذلك بالضبط. تتفشى التنبؤات، مثل ما ظهر في منشورات Punch وThe Atlantic الشهرية و Collier’s، وهي عبارة عن استقراء خطي بسيط لما كان يحدث في عام 1900. إنهم يرون وعدًا بالإضاءة الكهربائية، ولكنهم يتخيلونها للمناسبات الخاصة فقط. إنهم يحبون السفر على متن المنطاد ويتخيلون أن الجميع في المستقبل يتنقلون عبر منطادهم الخاص، بما في ذلك سانتا [بابا نويل] - لأن من يحتاج إلى حيوان الرنة السحري عندما يكون لديك مناطيد. مرة أخرى، البشر مفكرون خطيون، لذا لا يمكنك إلقاء اللوم على أي منهم من أجل هذه التصورات الغريبة عن مستقبلهم.
تضمنت صحيفة "بروكلين ديلي إيجل" التي صدرت يوم الأحد الأخير في القرن التاسع عشر ملحقًا من ستة عشر صفحة من المقالات والرسوم التوضيحية بعنوان "ستكون الأمور مختلفة تمامًا بعد مئة عام". ال
المساهمون - رجال الأعمال والقادة العسكريون، القساوسة، السياسيون، وغيرهم من الخبراء في مجالاتهم - أبدوا آرائهم حول الأعمال المنزلية، والفقر، والدين، والصرف الصحي، والحرب في عام 2000. لقد تحمسوا لإمكانيات الكهرباء والسيارات. حتى أن هناك خريطة للعالم، تُظهر اتحادًا أمريكيًا يضم معظم نصف الكرة الغربي من الأراضي الواقعة فوق الدائرة القطبية الشمالية وصولاً إلى أرخبيل تييرا ديل فويغو، بالإضافة إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، النصف الجنوبي من أستراليا ونيوزيلندا.
يصور معظم الكتاب مستقبلًا غنيًا بامتدادات خيالية لتقنيات اليوم، على الرغم من أن أحداً من المتكهنين بالمستقبل لم يستطع رؤية المستقبل على الإطلاق. جورج هـ. دانيلز، الذي عمل في سكة حديد نيويورك سنترال ونهر هدسون، أطل على كرة بلورية خاصة به وتوقع،
من النادر أن يشهد القرن العشرون تحسينات في النقل ستكون كبيرة مثل تلك التي حدثت في القرن التاسع عشر.
تمت كتابته قبل ثلاث سنوات فقط من اختراع الطيران، ويجب أن يكون هذا هو التنبؤ الأكثر غباءاً على الإطلاق. بدلاً من مجرد التنبؤ بالمستقبل، مثل أي شخص آخر، ينكر بنشاط مستقبل الابتكارات - في مجاله الخاص. في مكان آخر من مقالته، يتصور دانيلز سياحة عالمية ميسورة التكلفة وانتشار الخبز الأبيض في الصين واليابان. ومع ذلك، فهو ببساطة لا يستطيع تخيل ما يمكن أن يحل محل البخار كمصدر للطاقة للنقل البري، ناهيك عن مركبة أثقل من الهواء تطير في الهواء. على الرغم من وقوفه على عتبة القرن العشرين، إلا أن مدير أكبر نظام للسكك الحديدية للركاب في العالم لم يستطع رؤية ما وراء السيارة والقاطرة والباخرة. ضحية أخرى للتفكير الخطي مندمجة عن غير قصد في النمو الأسي.
بين عامي 1900 و1930 تأكد وجود الذرات. تم اختراع طائرات "هوائية" تعمل بالطاقة، ويمتد نطاق الرحلة من مسافة 120 قدمًا (36 مترًا) التي قطعها الأخوان رايت في عام 1903 في رايت فلاير الأصلي، إلى 5218 ميلًا في دائرة مغلقة في عام 1930، تم تسجيلها من قبل الطيارين الإيطاليين الرائد أومبرتو مادالينا والملازم فاوستو سيكوني. بالعودة إلى الأرض، نتعلم استغلال موجات الراديو كمصدر أساسي للمعلومات والترفيه. ينتقل النقل الحضري بالكامل تقريبًا من الاقتصاد الذي يحركه الحصان، العمود الفقري للحضارة لآلاف السنين، إلى اقتصاد السيارات، حيث لا يمكنك التخلي عن حصان. تشهد هذه الفترة أيضًا حربًا عالمية تستخدم فيها الطائرات في القتال لأول مرة. أورفيل رايت، الّذي كان كاتبًا من دايتون، أوهايو، يأسف لهذه الحقيقة في رسالة مؤرخة في 19 ديسمبر 1918، إلى آلٍن آر. هاولي، رئيس نادي إيرو الأمريكية، مدينة نيويورك:
شكرًا جزيلاً على برقية تتذكر فيها الذكرى الخامسة عشرة لأول رحلة لنا في كيتي هوك.
على الرغم من أن ويلبر، مثلي، كنا نفضل أن نرى الطائرة تتطور بشكل أكثر سلمية، إلا أنني أعتقد أن استخدامها في هذه الحرب العظيمة سيشجع استخدامها بطرق أخرى.
وفي الوقت نفسه، المدن مكهربة. للقراءة بالليل، لم تعد تحرق الشمع أو زيت الحوت أو أي مصدر آخر للهب. وبمرور هذا الوقت، أصبحت السينما، الصامتة وبالأبيض والأسود، مصدرًا رئيسيًا للترفيه.
لو كان تمّ نقل شخصٍ ما من سنة 1900 إلى الحياة اليوميّة في عام 1930 لما تعرّف على شيء منها.
من عام 1930 إلى عام 1960، ننتقل من الطائرات التي تحلق بسرعة بضع مئات من الأميال في الساعة، إلى كسر حاجز الصوت في عام 1947، إلى فجر عصر الفضاء، مستوحاة جزئيًا من الصواريخ الباليستية التي تم تطويرها كأسلحة في زمن الحرب. في عام 1957 أطلق الاتحاد السوفيتي سبوتنيك، أول قمر صناعي للأرض، والذي يسافر بسرعة 17500 ميل في الساعة في مدار أرضي منخفض. في عام 1958، تمتعت أول طائرة نفاثة تجارية في العالم - بوينج 707، عبر شركة طيران بان أمريكان إيرويز - بجناحين أطول من المسافة التي قطعتها أول رحلة طيران للأخوين رايت في عام 1903. شهدت هذه الفترة أيضًا حربًا عالمية أخرى بالتزامن مع اختراع الليزر. الأسلحة النووية، منذ اختراعها في عام 1945 حتى عام 1960 (خمسة عشر عامًا فقط)، زادت من قدرتها التدميرية بما يقرب من 4000 ضعفاً، مصحوبة بتقنيات الصواريخ والصواريخ دون المدارية لتوصيل قوتها التدميرية في أي مكان على سطح الأرض في غضون 45 دقيقة. نحن نرى ظهور التلفزيون كمصدر فعال للمعلومات والترفيه الفوري، فضلاً عن الارتفاع الإضافي للسينما، الآن بالألوان والصوت.
لو كان تمّ نقل شخصٍ ما من سنة 1930 إلى الحياة اليوميّة في عام 1960 لما تعرّف على شيء منها.
من عام 1960 إلى عام 1990، كان سباق التسلح النووي في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي يهدد بقاء الحضارة. على الرغم من أن مخزون الولايات المتحدة من الرؤوس الحربية النووية بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي، فقد بلغ ذروته في الستينيات، حيث بلغ مخزون السوفييت ذروته في الثمانينيات. أصبح جدار برلين، الذي تم تشييده عام 1962، أعظم رمز لـ "الستار الحديدي" التعبير المجازي لونستون تشرشل، الذي يفصل شرق أوروبا عن غرب أوروبا. ومع ذلك، تم تفكيك [الستار الحديدي] بحلول عام 1989، مع اندلاع السلام في أوروبا. يسمح تسويق الترانزستور للإلكترونيات الاستهلاكية بأن تكون ذات حجمٍ أصغر، وتحويل المعدات السمعية والبصرية من أثاث غرفة المعيشة الثقيل المثبت على الأرض إلى ما تحمله في جيبك. ينتقل الليزر من كونه قطعة متخصصة من المعدات المختبرية الّتي تكلف عشرات الآلاف من الدولارات إلى قطعة مؤشر ليزر بقيمة 5.99 دولارًا يتم شراؤها عند خط الخروج في أسواق وولمارت. ويتمّ دخول النساء في القوى العاملة بأعداد كبيرة، لا سيما في المجالات المهنية التي كان يشغلها الرجال تقليديا. كما أعادت صحف الأحد تسمية "قسم المرأة" باسم "قسم المنزل". كما تجذب حركة حقوق المثليين الحديثة الاهتمام العام عبر وباء الإيدز الذي يجتاح العالم. لم يتم إزالة المثلية الجنسية بالكامل من القائمة الرسمية "للاضطرابات" العقلية التي تمّ تجميعها من قِبَل الجمعية الأمريكية للطب النفسي حتى عام 1987. تتحول أجهزة الحاسوب من كونها آلات باهظة الثمن، بحجم الغرفة، وذات أغراض خاصة يستخدمها الجيش والعلماء حصريًا إلى مستلزمات سطح المكتب. الحاسوب الشخصي، الذي تم تقديمه في الثمانينيات من قبل IBM وApple Computer، يغير بشكل دائم العادات اليومية لكيفية عمل الناس ولعبهم. شهدت المستشفيات في الثمانينيات استخدامًا واسع النطاق لأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وهي أداة فعالة في ترسانة الأطباء المحترفين عند تشخيص حالة جسم الإنسان دون أن يقوم بجرحك.
في فلم العودة إلى المستقبل (1989)، يتخيل صانعو الفلم الحياة في المستقبل البعيد لعام 2015. السيارات الطائرة موجودة هناك. الكل يريد سيارات طائرة في المستقبل. لكن في أحد المشاهد، أغضبت الشخصية الرئيسية مارتي ماكفلي رئيسه أثناء مكالمة فيديو في المنزل، وتم طرده من وظيفته. يتم تسليم هذه الأخبار السيئة في تلك اللحظة عبر الفاكس. ليس عبر جهاز فاكس واحد فقط. يحتوي مكان إقامته المستقبلي على ثلاثة، لأنه إذا كان كل شخص يمتلك جهاز فاكس واحدًا في عام 1989، فعندئذٍ في المستقبل، بعد ستة وعشرين عامًا، سيمتلك الجميع بالتأكيد ثلاثة منها. بكل إنصاف لهوليوود، لم تكن الأفلام فقط. في عام 1993، أطلقت AT&T حملة إعلانية حول المستقبل، تحت عنوان "ستفعل". لقد حصلت على معظم الأشياء بشكل صحيح، ولكنها تضمنت بقعة تليفزيونية مع شخص على كرسي متكئ على شاطئ البحر، خربشة على جهاز لوحي، على وشك القيام بشيء لم أرغب في القيام به، ولم أحتاج إلى القيام به، ولم أفعله أبدًا، ولن أفعله قطّ. يتفاخر التعليق الصوتي: "هل سبق لك أن أرسلت فاكسًا لشخص ما ... من الشاطئ؟ سوف تفعلها. والشركة التي ستقدمها لك: AT&T ".
شيء واحد آخر فقط. بين عامي 1960 و1990، قمنا ببناء أقوى صاروخ تم إطلاقه على الإطلاق، وسافر معه تسع مرات إلى القمر. وأثناء وجودنا هناك، ندور ونهبط ونمشي ونقفز ونلعب الجولف ونقود ثلاث عربات كهربائية عبر تضاريسها الترابية القاحلة. نقوم أيضًا بتطوير مكوك فضائي قابل لإعادة الاستخدام ونخصص الأموال لبناء محطة فضائية دولية تدور في حجم ملعب كرة قدم. معذرة، هذه ثلاثة أشياء أخرى.
لو كان تمّ نقل شخصٍ ما من سنة 1960 إلى الحياة اليوميّة في عام 1990 لما تعرّف على شيء منها.
من عام 1990 إلى عام 2020، قمنا بوضع خارطة الجينوم البشري. تصبح أجهزة الحاسوب محمولة - صغيرة بما يكفي لحملها في حقيبة الظهر. أصبحت شبكة الويب العالمية، التي اخترعها عالم الحاسوب البريطاني تيم بيرنرز في عام 1989 في المنظمة الأوروبية السويسرية للأبحاث النووية (CERN)، منتشرة في كل مكان في التسعينيات. بحلول عام 2000، أصبحت مواقع الويب القابلة للبحث والتجارة الإلكترونية أمرًا شائعًا، وكل شخص أصبح لديه جهاز حاسوب والوصول إلى الإنترنت ويحصل على عنوان بريد إلكتروني. في وقت مبكر من هذه الفترة، أصبحت الهواتف المحمولة معيارًا لأي شخص يغادر المنزل، ولكن بدءًا من عام 2007 تم استبداله بسرعة بهاتف ذكي بحجم الجيب، مما يتيح الوصول الكامل إلى الموسيقى والوسائط والإنترنت. تستضيف الهواتف الذكية أيضًا عددًا لا يحصى من الأدوات المساعدة التي تعزز الحياة اليومية، بما في ذلك الكاميرا التي تلتقط صورًا ومقاطع فيديو عالية الجودة. أوه، كما أنه يقوم بإجراء مكالمات هاتفية. قد يكون الهاتف الذكي أعظم اختراع في تاريخ الاختراعات. في عام 2020، يوجد ثلاث مليارات منها في عالم يبلغ تعداد سكانه ثماني مليارات نسمة. قبل عام 2007 كان هناك صفر. قُم بإظهار هاتفٍ ذكيٍّ لأي شخص في عام 1990، وقد يقوموا بإحياء قوانين حرق الساحرات للقضاء على سحرك.
في عام 1996، تم فتح Global Position Satellites (GPS) [أقمار التوجيه المكاني العالمي]، وهي أداة ملاحية أنشأها الجيش الأمريكي حصريًا للأمن القومي، رسميًا للمصالح التجارية. كان ذلك عندما أصدر الرئيس بيل كلينتون توجيهاً سياسياً يعلن أن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) هو نظام ثنائي الاستخدام. يتم تسويق أدوات التنقل بسرعة لخدمة كل شيء بدءًا من تتبع الحزم إلى استدعاء خدمة السيارات إلى اختيار شريك جنسي مهتم بشكل متبادل ضمن أربع مجمعات سكنيّة من موقعك. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، غيّرت منصات وسائل التواصل الاجتماعي مشهد الاتصالات للعائلة والأصدقاء، وخاصة في السياسة. يمكنك الآن القيادة عبر الولايات المتحدة في سيارة كهربائية، وشحنها في أي من أربعين ألف محطة طاقة على طول الطريق، كل ذلك بينما نلمح فجر السيارات الكهربائية ذاتية القيادة. أشياء أخرى قليلة للإضافة. بعد أن أصبحت منتشرة في كل مكان بين واجهات المتاجر، اختفت متاجر الفيديو. الأقراص المدمجة وأقراص DVD تأتي وتذهب. أصبحت أجهزة الحاسوب الآن ذكية بما يكفي للتغلب على جميع البشر في ألعاب الطاولة Chess and Go، برنامج الألعاب التلفزيونية Jeopardy! وهذه الجملة بمعنى واضح وحاضر في عام 2020:
ابحث في Google عن مقطع فيديو لصورة ذاتية للهاتف الذكي تم نشره على YouTube بدقة 4K وانتشر بسرعة.
... مليء بالأسماء والأفعال الغامضة التي لا معنى لها لأي شخص في عام 1990.
أنت تعلم أنك تعيش في المستقبل عندما يمكنك ركوب أنبوب من الألمنيوم المضغوط بأجنحة مئة طن، والطيران بسلاسة على كرسي مبطن بسرعة 500 ميل في الساعة، و31000 قدم فوق سطح الأرض، وأثناء عبور القارة، احصل على خدمة عشاء باستا ومشروب مختلط من قبل شخص وظيفتها، جزئيًا، أن تجعلك مرتاحًا. وفي معظم الرحلة، تتصفح الإنترنت، وتشاهد أي فيلم من بين مئة فيلم، فقط لتهبط بأمان وسلاسة بعد بضع ساعات وتشكو من أن صلصة المارينارا لم تكن مُرضية.
مع هذا التقدم المجتمعي، لا عجب في أنه في أماكن مثل الولايات المتحدة، لا تحمل حكمة كبار السن سوى تأثيراً هامشياً، وهو ما يمثل الكثير من التوتر الذي يثير عشاء عيد الشكر متعدد الأجيال. من المتوقع أن تكون نصيحتهم بعيدة كل البعد عن التخصص الذي يجب أن تكون عليه كليتك، والوظائف التي يجب أن تبحث عنها، والسيارات التي يجب أن تشتريها، والأدوية التي يجب أن تتناولها، والنكات التي يجب أن تقولها، والأطعمة التي يجب أن تأكلها. إلا إذا كنت تعيش في إحدى "المناطق الزرقاء" المرغوبة في العالم حيث يعيش الناس بشكل روتيني حتى 100 عام. إذا كان الأمر كذلك، فما عليك سوى فعل كل ما يخبرك به كبار السن بفعله، خاصة وأنهم (على الأرجح) لا يعيشون في الكهوف. على أي حال، قد يحمل شيوخك حكمة أكثر منك في التعامل مع المشاعر الإنسانية مثل الحب واللطف والنزاهة والشرف، والتي تظل من بين الثوابت القليلة في العالم.
اليوم حشود مع تنبؤات متفشية لما يمكن أن نتوقعه في منتصف القرن - عام 2050. إذا استمرت الأمور على ما هي عليه خلال الـ 150 عامًا الماضية، يمكنك ضمان فشل كل واحد منها. ربما يكون هذا جيدًا لأن معظم التوقعات مؤخرًا هي قاتمة. تنبأ الكثير بنهاية العالم بسبب تغير المناخ. يخشى البعض حدوث كارثة فيروسية ذات معدل فتك أكبر بكثير من ستة ملايين حالة وفاة ناجمة عن جائحة COVID-19 كوفيد 19 لعام 2020. يخشى آخرون من أن الذكاء الاصطناعي سوف يفلت من صندوقه الافتراضي ويصبحون في النهاية أسيادنا. على التلفزيون وفي الأفلام، تبدو نهاية العالم على يد الزومبي حقيقية. سأل أحد المعجبين ذات مرة روائي الخيال العلمي في القرن العشرين راي برادبري عن سبب تخيله لمستقبل قاتم. هل الحضارة محكوم عليها بالفشل؟ فأجاب: لا. أكتب عن هذه العقود الآجلة حتى تعرف كيف تتجنبها ".
لذلك عندما يلمح شخص ما أو يعلن أن لديه أي فكرة عما ستكون عليه حالة العالم في عام 2050 - ثلاثون عامًا من عام فصاعداً 2020 - أفكر في استعراضنا المكون من ثلاثين عامًا حول الشؤون الإنسانية. لا يوجد شيء خطّي حول أي منها. ينمو نهر الاكتشافات في العالم الطبيعي بشكل كبير، يتغذى من روافد ناشئة من البصيرة والمعرفة، مما يضمن إحراج أي متكهّنٍ مستقبلي. لكن هذا لن يمنعني من المحاولة - مع التحذير بأنه عندما شاهدت سلسلة Star Trek التلفزيونية لأول مرة في الستينيات، احتضنت تمامًا مستقبل محركات الاعوجاج، وطوربيدات الفوتون، والفايزرز، والناقلات، والأجانب، لكنني أتذكر التفكير، "لا، لا يمكن أن يعرف الباب أنه يفتح لك عندما تقترب منه." لذا، حان الوقت لأجعل نفسي أضحوكة في المستقبل: بحلول عام 2050 ...
• سيصبح علم الأعصاب وفهمنا للعقل البشري متقدمين للغاية بحيث يتم علاج المرض العقلي، مما يترك علماء النفس والأطباء النفسيين بدون وظائف.
• في تحول يعكس التحول السريع من الخيول إلى السيارات في أوائل القرن العشرين، ستحل المركبات الكهربائية ذاتية القيادة محل جميع السيارات والشاحنات على الطريق بالكامل. إذا كنت تريد أن تشعر بالحنين إلى سيارتك الرياضية الفاخرة ذات محرك الاحتراق، فيمكنك القيادة على مسارات مصممة خصيصًا، على غرار اسطبلات ركوب الخيل اليوم.
• سينتقل برنامج الفضاء البشري بالكامل إلى صناعة الفضاء، مدعومة ليس بدولارات الضرائب، ولكن بالسياحة وأي شيء آخر يحلم به الناس في الفضاء.
• نقوم بتطوير مصل مضاد للفيروسات مثالي وعلاج السرطان.
• الأدوية سوف تتناسب مع الحمض النووي الخاص بك، دون ترك أي أعراض جانبية ضارة.
• سنقاوم الرغبة في دمج دوائر أجهزة الحاسوب مع دوائر أدمغتنا.
• سوف نتعلم كيفية إعادة إنماء الأطراف المفقودة والأعضاء الفاشلة، مما يرفعنا إلى مستوى الحيوانات الأخرى التي تتجدد على الأرض، مثل السمندل ونجم البحر وسرطان البحر.
• بدلاً من أن يصبح سيدنا واستعبادنا جميعًا، سيكون الذكاء الاصطناعي مجرد ميزة مفيدة أخرى للبنى التحتية التقنية التي تخدم حياتنا اليومية.
ما الذي يدفع كل ذلك؟ عندما نفكر في الحضارة، فإننا عادة ما نفكر في كيفية تشكيل الهندسة والتكنولوجيا لحياتنا. أحفر أعمق قليلا وستعثر على الاكتشافات العلمية المستمرة التي تمكن وتمكن هذا التقدم. أعطت التطورات في الديناميكا الحرارية في القرن التاسع عشر للمهندسين الفهم اللازم للطاقة والحرارة لتصميم محركاتهم وإتقانها. في نفس الوقت تقريبًا، أطلعت الاكتشافات في الكهرومغناطيسية جميع الأفكار حول كيفية إنشاء وتوزيع الطاقة الكهربائية. نظرية النسبية لأينشتاين، التي نُشرت في عامي 1905 و1916، ستوفر في النهاية الدقة التي يتطلبها توقيت القمر الصناعي لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، من بين عدد لا يحصى من الاكتشافات غير العادية الأخرى حول كوننا، من كيفية إنتاج الشمس للطاقة إلى الانفجار العظيم نفسه. أصبحت ميكانيكا الكم في عشرينيات القرن الماضي هي المشهد الذي ستبنى عليه جميع الإلكترونيات الحديثة، وخاصة إنشاء وتخزين واسترجاع المعلومات الرقمية. لقد حول علم المواد، وهو مشروع مستمر يستكشف السبائك الجديدة والمركبات وتركيبات الأسطح، كل شيء نراه ونلمسه ونرتديه ونستخدمه في عالمنا الصناعي. يمثل كل مجال من هذه المجالات فروعًا كاملة من العلوم الفيزيائية مع الاكتشافات التي أبلغ عنها العلماء في أوراق بحثية ظهرت ذات مرة في المجلات على الرفوف، ولكنها الآن معروضة على الإنترنت الّذي لم يكن موجوداً في عام 1990.
نعم، نحن نعيش في أوقات خاصة، فقط لأنها كلها خاصة، مما يعيد إلى الأذهان هذه الآية التي كثيرًا ما يتم الاستشهاد بها على الرغم من قصر نظرها من سفر الجامعة [الفصل 1 آية 9]، والتي كتبت منذ آلاف السنين:
مَا هُوَ كَائِنٌ هُوَ الَّذِي سَيَظَلُّ كَائِناً، وَمَا صُنِعَ هُوَ الَّذِي يَظَلُّ يُصْنَعُ، وَلا شَيْءَ جَدِيدٌ تَحْتَ الشَّمْسِ
لا يمكنك تصور هذه الجملة إلا في عصر ما قبل العلم - قبل أن يتم تخيل الأعداد الأسّيّة، وقبل أن يخرج أي شخص من عتمة الكهف للاستكشاف. اليوم، كل شيء جديد تحت الشمس - والقمر والنجوم. الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو المعدل الأسي للتغيير نفسه.
الفصل الثالث
الأرض والقمر
رؤى كونيّة
غادر سبعة وعشرون رائد فضاء، عبر صواريخ ساتورن 5 القوية التابعة لبرنامج أبولو، الأرض من أجل القمر - على بعد ربع مليون ميل. باستثناء أولئك القلائل الذين خدموا تلسكوب هابل الفضائي، وبعض بعثات سبيس إكس السياحية، فإن الخمسمائة من رواد الفضاء الباقين الذين داروا حول الأرض لم يصعدوا أعلى بكثير من حوالي 250 ميلًا فوق مستوى سطح البحر. مسافة أبعد قليلاً من المسافة بين باريس ولندن. أو من إسلام أباد إلى كابول. أو من كيوتو إلى طوكيو. او من القاهرة الى أورشليم. أو من سيول إلى بيونغ يانغ. إذا كنت مواطنًا أمريكيًا يواجه تحديات جغرافية، فأنت أبعد قليلاً من مدينة نيويورك إلى واشنطن العاصمة. في المرة القادمة التي تحمل فيها كرة أرضية في حجرة الدراسة في يدك، ألق نظرة على المسافات بين أي من هذه الأزواج من المدن. أنها على بعد حوالي سنتيمتر واحد من بعضها البعض. مما يعني، ما كنا نطلق عليه "السفر إلى الفضاء" طوال هذه السنوات كان رواد الفضاء يدورون في مدار سنتيمتر واحد فوق كرة مدرسية، ويذهبون بجرأة إلى حيث ذهب المئات من قبل، على مسافة يمكنك القيادة في أقل من أربع ساعات إذا توجهت مباشرة تصل إذا اتّبعتَ حدود السرعة الأرضية.
على الرغم من اصطدام المدار الأرضي المنخفض الخاص بي، فإن الصعود حتى هذه المسافات المتواضعة يمكن أن يقدم منظورات مستنيرة. عند عدم مشاهدتها من خلال مناظير أو كاميرات عالية الدقة، يمكن التعرف على القليل جدًا من الحضارة الإنسانية من منظور المدار. نعم، يمكن لأضواء المدن في الليل أن تكون مُدهشة من أعلى، على الرغم من أنها ليست أكثر إثارة من الطائرات. لا، لن ترى سور الصين العظيم، ولا نظام المواصلات بين الولايات الأمريكية، الذي هو بحد ذاته أوسع من سور الصين العظيم، وبالكاد ستشاهد سد هوفر والهرم الأكبر في مصر. تبلغ دقة تركيبة الدماغ البشري حوالي دقيقة قوسية واحدة. كانت شاشة "الشبكية" التي تم الترويج لها من Apple هي محاولتهم الناجحة لإنشاء وحدات بكسل أصغر مما يمكن لعينك حلها - أصغر من دقيقة قوسية واحدة في مجال رؤيتك عند المسافة النموذجية التي ستستخدمها للشاشة. مع هذه الدقة، لا يرى نظام الدماغ والعين وحدات بكسل، مما يوفر صفاءاً ووضوحًا غير مسبوقين للصور. مع رؤية 20/20، هذا يعادل حجم حبة جوزٍ على طول ملعب لكرة القدم. تلسكوب هابل، الذي يتمتع برؤية أفضل من 20/20، والذي يحتوي على نسخ عسكرية من نفسه ينظر إلى الأسفل بدلاً من أسفل إلى الأعلى، يمكنه توضيح رؤية حبة الجوز على مسافة مئة ميل.
مع وجود واحد أو اثنين فقط من الهياكل المبنيّة التي صنعها الإنسان والتي يمكن رؤيتها من مدار الأرض، فإن كل شيء آخر يفرقنا - الحدود الوطنية، والسياسة، واللغات، ولون البشرة، ومن نعبده - يكون غير مرئي بالنسبة لك. تقدم البلدان ذات الرموز الملونة المرسومة على خرائطنا تذكيرًا صارخًا بمن ليس نحن، مما يساعد على تحديد حلفائنا وكذلك أعدائنا. كتب رائد الفضاء مايك ماسيمينو، المهندس الذي تضمنت مهماته المكوك الفضائي خدمة تلسكوب هابل الفضائي، بشكل مؤثر في مذكراته حول عرض الأرض من الفضاء.
كانت الفكرة التي خطرت في ذهني عندما مشيت في الفضاء ونظرت إلى الأرض هي أن هذا المشهد يجب أن يكون من السماء. ثم تم استبدالها بفكرة أخرى: "لا، هذا ما يجب أن تكون ما تبدو عليه السماء."
تتشوش عيون مايك في كل مرة يشارك فيها تلك التجربة. ذهب أعلى بقليل من محطة الفضاء الدولية. يدور هابل على ارتفاع 340 ميلاً، الأمر الذي أوصله إلى 1.3 سم (نصف بوصة) فوق الكرة الأرضية في حجرة الدراسة. ومع ذلك، كان مايك بعيدًا بما يكفي لتكشف الأرض عن نفسها من خلال عدسة الكون وليس من خلال عدسة الجغرافيا السياسية - القوة الكاملة للتأثير العام. كم من الناس على وجه الأرض، من بين أولئك المضطهدين، أو في حالة حرب مع جيرانهم، أو الذين يتوقون للطعام، قد يفكرون في الأرض نفسها على أنها جنة؟ إن اكتساب هذا المنظور في المدار والعودة إلى الأرض يغير علاقتك بكوكبنا ومع زملائك من البشر.
لقد اتضح أنّه توجد منطقتان من العالم حيث يمكنك بالفعل تحديد حدود وطنية من الفضاء، كما لو أن صانعي الخرائط رسموها بأنفسهم. في منطقة واحدة، حقول خضراء، وعلى الجانب الآخر من حدود حادة، صحراء بنية. في منطقة أخرى، تتوهج المناظر الطبيعية الليلية بأضواء المدينة، ولكن عبر حدود حادة نجد أعماق الظلام. يمكن أن يحدث هذا بشكل طبيعي في سلسلة جبال أو بعض الحواجز الطبيعية الواسعة الأخرى. ليس هنا. هذه الحدود حادة ورقيقة. إنها تكشف عن موارد مشتركة بشكل غير متساو عبر الحدود، حيث يتحكم أحد الجانبين في المنظر الخاص بهم بينما لا يتحكم الجانب الآخر بما لديهم.
ماذا يحدث هنا؟
تقع الحدود المروية / الصحراوية في الشرق الأوسط، بين إسرائيل وقطاع غزة، وبين إسرائيل ومساحات واسعة من الضفة الغربية - مناطق التوتر السياسي المستمر. نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل أكبر باثني عشر مرة من نصيب الفرد في فلسطين.
تقع الحدود المضيئة / المظلمة في شرق آسيا، بين كوريا الجنوبية (جمهورية كوريا) وكوريا الشمالية (جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية). نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية أكبر بخمس وعشرين مرة من نصيب الفرد في كوريا الشمالية. منطقة أخرى من التوتر السياسي المستمر.
لا يجب أن تكون هذه الاختلافات المرئية الصارخة من الأعلى حدودًا وطنية للجغرافيا السياسية المتباينة. يمكنهم أيضًا تحديد مناطق القهر. في عام 1992، خلال زياراتي الأولى من عدة زيارات لجنوب إفريقيا - قبل عامين من انتخاب نيلسون مانديلا رئيساً - سافرت إلى جوهانسبرج ليلاً ولاحظت عند الاقتراب الطويل من المدينة منطقة أرضية كبيرة ذات حدود حادة ولا أضواء داخلية. من الواضح أنها بحيرة. هذا ما تبدو عليه البحيرات من طائرة في الليل. خلال العودة إلى المنزل بعد أسبوع، والعودة للخارج في النهار مع إضاءة الأرض بالكامل، ما رأيته لم يكن بحيرة. كان الجزء الأكبر من سويتو، مدينة الصفيح السوداء بالكامل في جوهانسبرج بدون كهرباء. لا توجد إضاءة في الليل أو في أي وقت آخر من اليوم. لا توجد أجهزة. لا ثلاجات. أستطيع أن أعرف كل هذا فكريا لأنني قرأت عنه، لكن عندما أواجهه من الأعلى، بتفاصيل مجردة، لا أرى السياسة، والتاريخ، وألوان البشرة، واللغات، والتعصب الأعمى، والعنصرية، الاحتجاجات. بدلاً من ذلك، ابتليت بفكرة أبسط مفادها أننا، كنوع، قد لا نمتلك النضج أو الحكمة التي يتطلبها المستقبل لضمان بقاء الحضارة.
***
دعونا نصعد أكثر. في الواقع، لنذهب إلى القمر. إليك مزحة يتم مشاركتها بين الحين والآخر بين عشاق الفضاء:
لو كان الله أرادَ أن يكون لدينا برنامج فضائي، لكان قد أعطى الأرض قمرًا.
تعليق ثاقب مقلوب حول ما يدفع استكشاف الفضاء. لاحظ أن كوكب الزهرة، أقرب جيراننا من الكواكب، ليس له قمر على الإطلاق. المريخ، أقرب جار لنا، لديه القمران فوبوس ودييموس، عذران مؤسفان للأقمار. كلاهما على شكل بطاطس أيداهو وصغيران بما يكفي ليلائم بسهولة الحدود البلدية لمعظم المدن. من ناحية أخرى، فإن قمرنا أكبر بنسبة 50 في المئة من بلوتو ويحتل المرتبة الخامسة في النظام الشمسي. لذلك كان أداء الأرض جيدًا في يانصيب القمر - حيث منحها وجهة أحلام المستكشفين الجريئين.
إذا كان مكوك الفضاء ومحطة الفضاء الدولية يدوران بين 1 و1.3 سم فوق نموذج الكرة الأرضية في حجرة الدراسة، فابحث عن القمر في الفصل الدراسي التالي، على بعد عشرة أمتار. هذا هو السبب في أن الصاروخ يستغرق ثماني دقائق فقط للوصول إلى مدار الأرض، ولكن ثلاثة أيام كاملة حتى تصل صواريخ أبولو إلى القمر.
وصلت الصورة الأساسية لكوكب الأرض وهو يرتفع فوق المناظر الطبيعية للقمر - كما تعلمون - في ديسمبر 1968 من أبولو 8، وهي أول مهمة على الإطلاق تغادر المنزل إلى وجهة أخرى. من الفضاء السحيق، الأرض بأكملها مكشوفة. كما يريدك الكون أن تراها: تجاورٌ هشٌ للأرض والمحيطات والسحب؛ معزولين وتائهين في فراغ من الفضاء، دون أي تلميح لأي شخص أو أي شيء قادم لإنقاذنا من أنفسنا. هذه النظرة تصعد بضعة عوالم أعلى من تأثير النظرة العامة وتمثل البدايات الحقيقية للمنظور الكوني.
الأرض في سماء القمر أكبر بنحو 14 مرة من القمر في سماء الأرض. تعد الأرض أيضًا أكثر انعكاسًا بمقدار 2.5 مرة عن القمر، على الرغم من أن القيمة الدقيقة من لحظة إلى أخرى تختلف باختلاف الغطاء السحابي. لذا فإن مشاهدة الأرض الكاملة من القمر تكون أكثر سطوعًا بحوالي 35 مرة من اكتمال القمر عند رؤيتها من الأرض. على عكس ما توحي به صورة Earthrise [شروق الأرض] التابعة لناسا، والتي تم التقاطها من وحدة قيادة أبولو 8 المدارية، فإن الأرض لا تشرق ولا تغرب على القمر. إذا نظرنا إليها من الجانب القريب للقمر، فإن الأرض لا تترك السماء أبدًا. من الجانب البعيد للقمر، قد لا تعرف أبدًا أن الأرض موجودة على الإطلاق.
لم يهبط أبولو 8 على سطح القمر، مما تركها منسية في ظل نيل أرمسترونج من أبولو 11 وباز ألدرين ومايكل كولينز. بدلاً من ذلك، دار أبولو 8 "فقط" حول القمر عشر مرات قبل أن يعود. ومع ذلك، لم يرَ أحد الأرض بهذا البعد من قبل. استمرت مهمتهم من الإطلاق إلى الهبوط من 21 ديسمبر إلى 27 ديسمبر، والتي أنهت العام الأكثر دموية في أكثر العقود اضطرابا في الولايات المتحدة منذ الحرب الأهلية، قبل قرن من الزمان. خلال حرب فيتنام، مات عدد من الأمريكيين والفيتناميين في عام 1968 أكثر من أي عام آخر. عام شمل هجوم تيت في فبراير ومذبحة ماي لاي الشائنة في مارس. بالعودة إلى الوطن، أضف الآن اغتيال مارتن لوثر كينغ الإبن في أبريل، وبوبي كينيدي في يونيو، تليها احتجاجات عنيفة مستمرة في المدن وفي حرم الجامعات الأمريكيّة.
يقول البعض إن أبولو 8 حفظ عام 1968. أفضل أن أقول إن أبولو 8 أنقذها.
لاحظ أن رحلة أبولو 8 تضمنت عطلة عيد الميلاد. عشية عيد الميلاد، وبينما كانوا لا يزالون في مدار حول القمر، تناوب رواد الفضاء الثلاثة - بيل أندرس وجيمس لوفيل وفرانك بورمان - في قراءة أول عشرة آيات من كتاب التكوين من نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس. قد تكون على معرفةٍ ببعض، إن لم يكن كل، هذه السطور. بدأ أندرس ...
نحن الآن نقترب من شروق الشمس على سطح القمر، وبالنسبة لجميع الأشخاص الذين عادوا إلى الأرض، فإن طاقم أبولو 8 لديه رسالة نود إرسالها إليكم.
في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: «ليكن نور»، فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة.
وأكمل لوفيل...
ودعا الله النور نهارا، والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح يوما واحدا. وقال الله: «ليكن جلد في وسط المياه. وليكن فاصلا بين مياه ومياه». فعمل الله الجلد، وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك. ودعا الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا.
بورمان أنهى القراءة بالآيات...
وقال الله: «لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد، ولتظهر اليابسة». وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضا، ومجتمع المياه دعاه بحارا. ورأى الله ذلك أنه حسن.
ومن طاقم أبولو 8، نختتم بليلة سعيدة، ونتمنى لكم التوفيق، وعيد ميلاد سعيد - وبارك الله فيكم جميعًا، جميعكم على الأرض الطيبة.
يمكن للمنظور الكوني أن يفعل ذلك بك، خاصة إذا كنت متدينًا. بالعودة إلى الأرض، رداً على هذه القراءة التوراتية المنبعثة من القمر، رفعت الملحدة مادالين موراي أوهير، مؤسسة منظمة الملحدين الأمريكيين المتحمسين، دعوى على الحكومة الفيدرالية متهمة إياها بانتهاك التعديل الأول - الجزء الذي يقول "الكونجرس لن يسن أي قانون يحترم إقامة تأسيس أيّ دين". تم رفض الدعوى من جميع درجات المحكمة التي تم رفعها إليها. مع عدم وجود خبرة قانونية، لا يمكنني التعليق على شرعية دعواها القضائية، لكن لدي أفكار حول وجود الدعوى نفسها. في ذلك الوقت، كنت في العاشرة من عمري فقط، ولكن لو قابلت أنا إبن هذا اليوم مادالين بنت آنذاك، فإليك كيف كانت هذه المحادثة كانت ستنتهي:
نيل: هل كنتي مربوطًةً بصاروخ ساتيرن 5، الذي يبلغ وزنه تسعة ملايين رطل، وأرسلتِ ربع مليون ميل إلى الفضاء السحيق لتشهدي شروق الأرض من مدار حول القمر عشية عيد الميلاد؟
مادلين: لا.
نيل: إذن أغلقي فمكي.
في تلك المهمات التسعة الأولى من هذا القبيل، كان هدفنا هو استكشاف القمر، ولكن أثناء القيام بذلك، نظرنا إلى الوراء من فوق أكتافنا واكتشفنا الأرض لأول مرة. بعد أن تم التقاط صورة شروق الأرض [على القمر]، تغير الناس. كوكب الأرض مهم كما لم يحدث من قبل. إذا تلوث النهر أو البحيرة المحلية العائدة لمنطقتك بمخلفات المصنع السائلة، فستغضب وتحاول أن تفعل شيئًا حيال ذلك. لكن التفكير في الأرض كلها كنظام بيئي شامل، وليس فقط قسمك الخاص منها، لم يصبح بعد أولوية، أو حتى فكرة.
في الولايات المتحدة، تم زرع بذور مهمة في وقت مبكر من عام 1872، مع تصنيف الكونغرس لـ يلوستون في وايومنغ كأول حديقة وطنية، تلاها إقرار الرئيس تيدي روزفلت قانون الآثار لعام 1906 للحفاظ على الآثار الطبيعية والتاريخية، وإقرار الرئيس وودرو ويلسون لخدمة الحدائق الوطنيّة لعام 1916. الآن لنتقدم سريعًا إلى عام 1962 حيث نشر كتاب لعالمة الأحياء البحرية راشيل كارسون الأكثر مبيعًا بعنوان (الربيع الصّامت)، وهو في حد ذاته دعوة للاستيقاظ لعواقب استخدام مبيدات الآفات المتفشية في الزراعة، وخاصة التأثير البيئي لثاني كلورو ثنائي الفينيل ثلاثي كلورو الإيثان، يصطلح بشكل شائع (وبشكل منطقي) ويختصر إلى DDT. دفع محتوى الكتاب ونجاحه الرئيس جون كينيدي إلى مطالبة لجنته الاستشارية العلمية بدراسة المشكلة. وفي أوائل عام 1969، شهدت الولايات المتحدة تسربًا نفطيًا سيئًا، حيث أدى إلى ما يصل إلى 16000 متر مكعب من النفط الخام إلى تلويث مياه وشواطئ مقاطعة سانتا باربرا الثرية في كاليفورنيا.
بحلول عام 1970، نكون مستعدين ومهيئين لإنقاذ الكوكب. امتدت المجموعة الكاملة لتسع بعثات أبولو القمرية من ديسمبر 1968 حتى ديسمبر 1972. خلال ذلك الوقت، كنا لا نزال نخوض الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي وحرباً ساخنة في فيتنام. استمرت الاضطرابات في الحرم الجامعي، وبلغت ذروتها في حادث إطلاق النار في جامعة ولاية كينت عام 1970 حيث قتل الحرس الوطني في أوهايو متظاهرين غير مسلحين مناهضين للحرب بالرصاص، مما أدى إلى إصابة تسعة أشخاص وقتل أربعة. من الواضح أن الولايات المتحدة كان لديها مشاكل ملحة يجب حلها. ومع ذلك، فقد توقفنا للتفكير في علاقتنا بالأرض. ما يلي هو قائمة الإجراءات، غير المسبوقة في سرعتها ونطاقها ورسالتها، وكلها حدثت بين عامي 1968 و1973، قبل وقت طويل من تمرير التشريعات المقابلة في الدول الصناعية الأخرى في العالم.
أبولو 11 (أول من يمشي على القمر) 1969
قانون الهواء النظيف الشامل 1970 (نسخٌ أسبق: 1963, 1967)
أول يوم وطني للإحتفال بالأرض 1970
تشكيل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) 1970
تم نشر كتالوج الأرض بالكامل 1968-1972 (بشكل متقطع بعد ذلك)
تشكيل وكالة حماية البيئة (EPA) 1970
إعلان تلفزيوني للخدمة العامة "الهندي الباكي"" 1971
تأسيس منظمة أطباء بلا حدود في باريس 1971
حضر مادّة DDT 1972
صدور قانون الماء النظيف 1972
أبولو 17 (آخر مهمة إلى القمر) 1972
قانون الأنواع المهددة بالانقراض 1973 (نُسَخ أسبق: 1966, 1969)
أول محول حفاز للسيارات 1973
أول معايير انبعاث البنزين الخالي من الرصاص 1973
بعض الملاحظات: كان "الهنديّ الباكي" نداءً عاطفيًا لعدم إلقاء القمامة من نافذة سيارتك وأصبح أحد أكثر إعلانات الخدمة العامة شهرة في تلك الحقبة، على الرغم من أن الممثل كان يرتدي زيًا أمريكيًا أصليًا بينما يذرف دمعه كان في الواقع من أصل إيطالي. أدرجت تأسيس المنظمة الإنسانية "أطباء بلا حدود" على افتراض أنه بدون رؤية الأرض من الفضاء، ربما لم يكن مفهوم "بلا حدود" قد ظهر، وبدلاً من ذلك ربما يشير إلى أطباء "دوليين" أو أطباء "يعبرون الحدود." مجرد فكرة. أيضا، صفحة التاريخ الرسمية ليوم الأرض لم يأت على ذكرٍ لأبولو أو صور الأرض من الفضاء، معلنًا ببساطة أن كتاب راشيل كارسون لعام 1962 كان هو ما مهد المضخات للاحتفال الافتتاحي للأرض في عام 1970. في هذه الأثناء، أصبحت صور الأرض من الفضاء رمزًا محببًا ودائمًا لكتالوج الأرض بالكامل وعلمًا غير رسمي ليوم الأرض ، عرض صورة أبولو 17 لكامل الأرض التي تم التقاطها عند عودتهم من القمر في ديسمبر 1972.
لا يمكن للمرء أن يعرف على وجه اليقين الأسباب والتأثيرات الدقيقة أو غير الدقيقة للأفعال البشرية. من وجهة نظري المتحيزة بشكل مفهوم، كان من الممكن أن تحدث حركة "أنا أهتم بالأرض"، من حيث المبدأ، في عام 1950 أو 1960. لم تكن البيئة أقل مشكلة في ذلك الوقت. على سبيل المثال، أدى تلوث الهواء في حوض لوس أنجلوس، الناتج عن صعود السيارات إلى جانب الانقلابات الحرارية المؤسفة بسبب الجغرافيا المحلية، إلى جعل لوس أنجلوس خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي واحدة من أكثر المدن تلوثًا على وجه الأرض. أو كان من الممكن أن يحدث ذلك عندما كان كتاب راشيل كارسون لا يزال مدرجًا في قائمة أفضل الكتب مبيعاً على قائمة نيويورك تايمز، حيث استمر لمدة 31 أسبوعًا من عام 1962 إلى عام 1963. كان من الممكن أن يكون ذلك مثاليًا، لكن جاء اغتيال كينيدي في عام 1963، وتوفيت كارسون للأسف بسبب السرطان في عام 1964. بين عامي 1963 و1969، سيتم تقديم ما مجموعه أربعة تقارير حكومية تغطي ثلاثة رؤساء، كل منها يستكشف تأثير مبيدات الآفات على المحاصيل وصحة الإنسان، ويدعو كل منها إلى التخلص التدريجي من الـ دي.دي.تي. لم يتم اتخاذ أي إجراء تشريعي خلال ذلك الوقت. قبل انسكاب النفط في سانتا باربرا عام 1969، وقع اثنان آخران، في الفترة من ديسمبر 1962 إلى يناير 1963، مما أثر على ضفتي نهر المسيسيبي ومينيسوتا. ومع ذلك، كنا جميعًا منشغلين بأشياء أخرى. كان من الممكن أن ينتظر الوعي البيئي الشامل حتى عام 1975، بعد نهاية حرب فيتنام. أو حتى عام 1990، بعد سقوط جدار برلين. الجواب: لا. لقد حدث كل ذلك في منتصف مهمات أبولو إلى القمر - بينما كانت الرسالة المرصعة بالنجوم تنزل برفق من الفضاء، مما دفعنا جميعًا إلى ترقية حقيقية للبرامج الثابتة لقدرتنا الجماعية على الاهتمام.
***
بصرف النظر عن كونه وجهتنا الأولى في الفضاء، يتمتع القمر بقيمة غير عادية عبر ثقافات العالم. تُعلم دورة المراحل القمرية حساب الوقت للتقويمات الصينية والإسلامية والعبرية. أيضًا، تشرق الأقمار الكاملة عند غروب الشمس وتغيب عند شروق الشمس، كما أن فيزياء الانعكاس تجعلها أكثر سطوعًا بست مرات (!) من نصف القمر، لذا فهي توفر ضوءًا إرشاديًا ممتازًا طوال الليل. يغذي القمر أيضًا خرافاتنا، التي يعتقد البعض أنها تمارس قوى غامضة للتأثير على السلوك البشري، خاصة أثناء اكتمال القمر.
يمثل فن طرح الأسئلة بُعدًا مهمًا في الأدب العلمي. كيفية تفكيرك وكيفية تساؤلك هو أكثر أهميّة مما تعلم. غالبًا ما تكشف الإجابات عن نفسها بمجرد طرح الأسئلة الصحيحة بالترتيب الصحيح.
يعلم الجميع أن البدر يحول البعض منا إلى ذئاب ضارية، ولكن كيف لا يحدث ذلك عندما تكون في الطابق السفلي، أو إذا كان هناك جوٌّ غائم بالكامل؟ فقط لأنك لا تستطيع رؤية البدر من خلال الغيوم لا يعني أن القمر ليس هناك. لذلك يجب أن يكون الضوء هو الذي يحول مؤقتًا ملف التعريف الجيني الخاص بك إلى ملف تعريف الكلاب البرية. بغض النظر عن اللامعقولية البيولوجية والفسيولوجية لهذا الادعاء، هل تعلم أن ضوء القمر هو مجرد انعكاس لأشعة الشمس؟ احصل على طيف من ضوء القمر وستجِد أنّه مطابقٌ لضوء الشمس. (حقيقة أوضحتها لمشروع science fair [معرض العلوم] للصف الثامن الخاص بي باستخدام مطياف كنت قد صنعته من الصفر. جاء في المركز الثاني.) إذا كان القمر يحولك إلى ذئب في الليل، فيجب أن تكون الشمس كذلك في النهار.
يرى البعض أن المزيد من الأطفال يولدون عند اكتمال البدر أكثر من أي مرحلة أخرى للقمر. يحدث ذلك لأنه لا يوجد دليل إحصائي يدعم هذا الادعاء، فقط حكايات، ولا يمارس البدر أي جاذبية إضافية على الأرض (أو علينا) بالنسبة لمراحله الأخرى. دعونا نتظاهر بأننا لسنا على دراية بهذه الحقائق البارزة. في الوقت الحالي، نحن نطرح الأسئلة فقط. هل كانت طاولة الولادة في مواجهة البدر في السماء عندما ولد الطفل؟ إذا كان الأمر كذلك، فربما ساعد القمر في إخراج الطفل من الرحم. من المفترض أن طاولات الولادة تتجه بشكل عشوائي عبر جميع غرف الولادة في المستشفى. نتوقع بعد ذلك أن تواجه بعض هذه الطاولات بعيدا عن ضوء البدر أثناء الولادة. في هذه الحالات، فإن أي جاذبية قمرية إضافية ستسحب الآن في الاتجاه المعاكس، مما يبقي الطفل في رحم أمه ويؤخر الولادة، وليس تسريعها.
إذا لم تكن الجاذبية، فربما كانت هناك قوة أخرى غامضة تعمل. ماذا عن شيء لم تكتشفه أساليب وأدوات العلم بعد. دائمًا ما يكون العلم الجديد ممتعًا، وعادة ما يؤدي إلى الحصول على جوائز نوبل في كل مكان، ولكن دعونا لا نسبِق أنفسنا. ما زلنا نطرح الأسئلة فقط. ما هي مدة الحمل البشري؟ سيخبرك الأطباء بـ 280 يومًا (40 أسبوعًا)، وهذا ليس صحيحًا تمامًا. هذا هو عدد الأيام من آخر دورة شهرية. بالكاد يحمل أي شخص بعد ذلك. من المحتمل أنكِ حملتي عند التبويض بعد أسبوعين. لذا فإن الوقت الفعلي لإنجاب طفل كامل المدة يصل إلى 280 يومًا ناقص 14 يومًا = 266 يومًا. دعنا الآن نسأل عن الوقت الذي يستغرقه القمر للدوران خلال مراحله - من اكتمال القمر إلى اكتمال القمر. يمكنك البحث عن ذلك: بمتوسط 29.53 يومًا. تسعة من هذه الدورات تصل إلى 266 يومًا. ذلك مثير للاهتمام. يستغرق الطفل الناضج حوالي تسع دورات من القمر لينمو في الرحم. لذا، فإن ولادتك تحت القمر الكامل، كما هو الحال في الرومانسيات، يعني ببساطة أنك من المحتمل أن تكون قد تمّ حملك تحت قمر كاملٍ رومانسي كما كان. لا حاجة لاستئناف الفيزياء الجديدة أو القوى الغامضة أو الأحداث الخارقة لشرح عدمية النتيجة. أوصلك التحقيق العقلاني إلى هناك.
يؤثر القمر على مياه الأرض، خاصة مع المد والجزر المحيطية المرتفعة أثناء اكتمال القمر. يخبرنا علماء الأحياء أننا في الغالب ماء، وكذلك المحيطات. من المؤكد إذن أن قوى المد والجزر في البدر تؤثر علينا بطريقة ما، إن لم يكن لتحولنا إلى مجنانين. في نظام الأرض والقمر، يكون جانب الأرض المواجه للقمر أقرب، لذلك يشعر بقوة جاذبية أقوى قليلاً من الجانب المواجه بعيدًا. هذا يخلق قوة شد عبر قطر الأرض، أكثر وضوحًا في المد المحيطي لدينا، لكن الأرض الصلبة تختبرها أيضًا. لاحظ أن هذا الوصف للمد والجزر على سطح القمر لا يذكر شيئا عن طور القمر. ذلك لأن قوة المد والجزر على القمر لا علاقة لها بطوْر القمر. يحصل البدر على أعلى مد وجزر ليس بسبب القمر، ولكن بسبب الشمس. تبلغ قوة المد والجزر بفعل الشمس على الأرض حوالي ثلث قوة المد والجزر بفعل القمر، ومع ذلك لا يكاد أحد يتحدث عنها. أثناء اكتمال القمر، تضيف موجات الشمس المرتفعة مباشرة إلى ارتفاع المد والجزر عند القمر، مما يعطي انطباعًا خاطئًا بأن البدر يضفي تأثيرًا جاذبيًا إضافيًا. علاوة على ذلك، بغض النظر عن تأثير الجاذبية الخاطئ الذي تنسبه إلى البدر، يجب عليك أيضًا منح القمر الجديد لأن تيارات الشمس تتماشى تمامًا هناك أيضًا.
طريقة أخرى للتفكير في الأمر: كيف تقارن قوة المد والجزر للقمر عبر قطر رأسك مع قوة المد والجزر للقمر عبر قطر الأرض؟ مثل الأرض، في أي لحظة، هناك جانب واحد من رأسك أقرب إلى القمر، ويشعر بجاذبية أقوى من الجانب الآخر. تخيل الآن أن رأسك كانت مجرد كرة طولها سبع بوصات من مياه المحيط. ما مقدار التشويه الذي يمكن أن نتوقعه من قوى المد والجزر بفعل القمر؟ عندما تقوم بالحسابات، تحصل على واحد على عشرة آلاف من المليمتر. هذا أقل بكثير من تشويه جمجمتك من وزن رأسك البالغ عشرة أرطال، وأنت تنام على الوسائد في الليل. ومع ذلك، لا أحد يكتب قصصًا تحوّلية [إلى ذئب أو حيوانٍ آخر] عن نوع الوسادة التي تستخدمها، أو مدى اتساع رأسك. إذا كان مثال وقت النوم هذا تجريديّاً للغاية، فتخيل فقط أن تغرس رأسك في ملزمة وأن تجعل صديقك يشدها بقوة عشرة أرطال - كل ليلة.
***
تتمثل إحدى مكافآت الأداء الجيد في يانصيب القمر في أن الشمس أكبر بأربعمائة مرة من القمر، ويصادف أنها أبعد بأربعمائة مرة. هذه المصادفة الخالصة تجعل الشمس والقمر بنفس الحجم في السماء، مما يسمح بخسوف الشمس المذهل. لم يكن هذا هو الحال دائمًا، ولن يكون كذلك في المستقبل البعيد. يتصاعد القمر بعيدًا عن الأرض بمعدل 1.5 بوصة تقريبًا في السنة. لذلك دعونا نستمتع بهذه المباراة المصنوعة في السماء حينما نستطيع. كل بضع سنوات، يمر القمر بالضبط بين الأرض والشمس، ويغطي الشمس على وجه التحديد، ويظلم السماء، ويظهر لفترة وجيزة الغلاف الجوي الخارجي الرائع للشمس، والذي يسمى الهالة. لا توجد مجموعة أخرى من الكواكب والقمر في النظام الشمسي يمكنها أن تضاهيها.
يقودنا الكسوف إلى قائمة طويلة من ظواهر السماء التي تجذبنا وتشوشنا بشكل لا يقاوم. فكرة أن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تؤثر علينا شخصيًا تسمى علم التنجيم وتعود إلى الماضي السحيق. يسميها البعض ثاني أقدم مهنة. كيف يمكن لأي منا أن يفكر بطريقة مختلفة ونحن نشاهد السماء تدور حولنا يوميًا. على سبيل المثال، ترتفع بعض الأبراج قبل الفجر كل خريف، عندما تكون محاصيلك جاهزة للحصاد. دليل واضح على أن قبة السماء بأكملها، ليلا ونهارا، تهتم بمحبة باحتياجاتك ورغباتك.
مع هذه العقلية، تنذر السماء أيضًا بأحداث قد ترغب فيها أو تخشى ثقافتك أو دينك منها. قبل بضع سنوات، تلقيت مكالمة هاتفية في مكتبي في قبّتي الفلكية في هايدن من امرأة كانت تبحث في الأمتعة الشخصية لوالدها المتوفى، والتي تضمنت مذكرات من أحد أسلافها البعيدين - وهو مستوطن في نيو إنجلاند وصف هجرة عائلته عبر عربة إلى منزل جديد. تصف المذكرات بقلق إنغماقاً سريعاً للسماء في منتصف النهار. كان بطريرك العائلة قلقًا للغاية من أن الختم السادس قد تم فتحه دون سابق إنذار، وكانت نبوءة كتابية من سفر الرؤيا (فصل 6 آية 12) جارية:
ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم،
أوقف العربة ودفع جميع أفراد عائلته إلى الركوع والصلاة والتوبة والاستعداد للقاء خالِقهم. تساءلت المتصلة بمكتبي عما إذا كان سلفها قد وصف دون قصد كسوفًا كليًا للشمس. سألتها عن تاريخ إدخال اليوميات. لم تكن متأكدة، لكنها كانت تعلم أن الرحلة كانت في أوائل القرن التاسع عشر. من البرامج المتخصصة التي أحتفظ بها فقط لحالات الطوارئ مثل هذه، قمت بترجمة اللحظة إلى منتصف النهار، 16 يونيو 1806، وأكدت أنها كانت في ماساتشوستس. في أوائل القرن التاسع عشر، تم فهم الكسوف الكلي للشمس بشكل كامل من قبل أي شخص متعلم معتدل وكان شاهِداً لها. لذا فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها إساءة تفسير الحدث هي ما إذا كان موقع العربة تحت غطاء سحابة كلي. الآن اجمع بين سماء مظلمة بشكل لا يمكن تفسيره مع مسيحي شديد التدين ومتقن للكتاب المقدس، وأنت تطلب رحمة الله. بدون الغيوم، يصبح كسوف الشمس مشهدًا تعليميًا لجميع أفراد الأسرة.
بعد سبعة وعشرين عامًا، في ساعات ما قبل فجر يوم 13 نوفمبر 1833، كان دش نيزك ليونيد السنوي لا يُنسى بشكل خاص. يمكن رؤيتها في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، حيث قدمت ما يزيد عن مئة ألف [ممّا يسمّى اصطلاحا) "نجم ساقط" في الساعة. هذا يصل إلى ثلاثين في الثانية. للمقارنة، قد يكون متوسط زخة نيزك جيدة هو واحد في كلّ دقيقة، لذلك كان هذا عرضًا صادمًا. نطلق على زخات النيازك هذه "العواصف النيزكية" الشديدة، والتي تنتج عن حرث الأرض عبر جيب أكثر كثافة من المعتاد من حطام المذنبات أثناء دوراننا حول الشمس. إن أجزاء المذنب تمبل- تاتل التي تتكون من ليونيدات ليست أكبر من البازلاء. ولكن عند اصطدامها بالغلاف الجوي للأرض بسرعة 160 ألف ميل في الساعة، فإنها تحترق على شكل خطوط من الضوء، مرئية في السماء المظلمة. في ذلك الوقت، كان الرئيس المستقبلي أبراهام لنكولن، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك أربعة وعشرين عامًا، يعيش في إلينوي مع شماس من الكنيسة المشيخية المحلية. عند مشاهدة هذا العرض الكوني الذي لا يُنسى، أثار الشماس بسرعة لنكولن، قائلاً له، "قم، إبراهيم، لقد حان يوم الدين!" استنتاج مأخوذ من آية أخرى - الآية التالية - نهاية العالم في سفر الرؤيا فصل 6 آية 13:
ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة.
لنكولن الصّريح، المتعلم ذاتيّاً، المتعلم مدى الحياة، ذهب بإخلاص إلى الخارج لينظر إلى السماء ليلاً. استدعى معرفته بعلم الفلك، ولاحظ أن جميع الأبراج الكبرى كانت لا تزال موجودة وسليمة – الدّب الأكبر، برج ليو، وبرج الثور، وبرج الجوزاء. أيا كان ما كان يسقط، لم يكن النجوم، ولذلك استنتج بعقلانية أن نبوءة كتابية عن الهلاك لم تكن جارية ، وسرعان ما عاد إلى الفراش.
معرفة الكون - المنظورات الكونية على وجه الخصوص - تفصل غرورنا في نفس الوقت عن كل ما يحدث في السماء، لكنها تعزز المساءلة عن كل ما نقوم به، مما يمنعنا من إلقاء اللوم على السماء أو إلقاء اللوم عليها في شؤوننا الأرضية. بعبارة أخرى، نقتبس من أعمال شكسبير يوليوس قيصر (1509):
العيب يا عزيزي بروتوس ليس في نجومنا، بل في أنفسنا.
في عام 1994 نشر كارل ساغان كتابه (نقطة زرقاء شاحبة: رؤية في مستقبل البشرية في الفضاء) مستوحى من صورة الأرض عام 1990 التي التقطها المسبار الفضائي فوييجر 1 بعد عبوره مدار نبتون. تم اختيار تلك اللحظة كأول لقاء للزائر الخارجي مع كواكب مجموعتنا الشمسية، في الاتجاه المعاكس. بالكاد تحتل الأرض بكسلًا واحدًا في تلك الصورة، مما يوفر صورة صارخة تذكير بمدى صغر حجمنا في الكون. في كتابه، يشع كارل بالكلام الشعري حول كيفية ظهور الأرض الضعيفة والثمينة عندما يُنظر إليها على أنها نقطة زرقاء شاحبة. هذه الصورة هي الأقرب إلى الجيل التالي من إعادة تعيين بيان مهمتنا المجتمعية، حتى لو كانت تخجل من تأثير صورة Earthrise شروق الأرض. على أي حال، قد يظن المرء أنها أول صورة ذاتية للأرض.
تتضمن الاكتشافات الكونية الأخرى التي يمكن أن تنافس شروق الأرض اكتشاف أننا لسنا وحدنا في الكون. قد يشير هذا إلى تغيير في حالة الإنسان بما لا يمكننا توقعها أو تخيلها. لو نؤخَذ لحدودٍ مغريةٍ لكنها مخيفة، فقد نكون موجودين في محاكاة حاسوب تمت برمجته بواسطة كائنات فضائية ذكية لا تزال تعيش في قبو والديهم. أو قد نكتشف أن كوكب الأرض هو عبارة عن حديقة حيوانات - أرض لحيوانات بر-مائية - تم بناؤها لتسلية علماء الأنثروبولوجيا الفضائيين. يمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك، فربما يكون كوننا، مكتملًا بمئات المليارات من النجوم في كل مجرة منها ومئات المليارات من المجرات في الكون المرئي، هو ليس أكثر من كرة ثلجية على رف بعض المخلوقات الغريبة.
في كل هذه السيناريوهات، سيكون المنظور الكوني قد تحول من الكون ليذكرنا بأن نعتني بشكل أفضل بمصيرنا للكون، معلنين أننا ألعاب لأشكال حياة رفيعة المستوى. احتمال مرعب، ربما. لكننا نعتني بقططنا وكلابنا بشكل أفضل من رعاية البشر المشردين في الشارع. إذا عملنا كحيوانات أليفة للأجانب، فهل سيهتمون بنا بشكل أفضل مما نفعله بأنفسنا؟
الفصل الرّابع
الصِّراع والحل:
القوى القبليّة داخلنا جميعاً
إن إحدى السمات العظيمة للديمقراطية العاملة هي أننا نختلف دون أن نقتل بعضنا البعض. ماذا يحدث عندما تفشل الديمقراطية؟ ماذا يحدث عندما لا نتسامح مع وجهات نظر تختلف عن وجهات نظرنا؟ هل نرغب بدلاً من ذلك في دكتاتورية تتفق فيها جميع وجهات نظر الأرض مع آراء الديكتاتور؟ هل نتوق إلى نظام يتم فيه قمع الآراء المخالفة أو دفنها أو حرقها؟ هل نتوق إلى عالم حيث يتم اعتبار القواعد الأخلاقية وقيمنا وأحكامنا - كل ما نعتقد أنه صواب وخطأ - صحيحًا ولا يمكن تعويضه؟
قم برفع ستائر الصراع الشامل وابحث عن محرّكي السياسة والدين. موضوعان، يتمّ تحذيرنا من أنّه لا ينبغي أبدًا مناقشتهما في لقاءٍ مهذب. موضوعان بهما الكثير من القواسم المشتركة لمعرفة مدى عمقهما الشخصي. موضوعان، عندما تكون الخلافات فيهما شديدة، يمكن أن يؤديا إلى إراقة الدماء وحرب شاملة.
إذا عددنا جميع الضحايا بين جميع الدول المتحاربة على مدى ست سنوات من الحرب العالمية الثانية (1939 حتى 1945)، فسيكون قد قُتل أكثر من ألف شخص - في الساعة. نتيجة مروِّعة وحتمية لفرض حقائقك الشخصية على الآخرين في عالم تعددي في الأساس. تتمثل المهمة الكاملة للعالم في الحياة في اكتشاف ميزات الطبيعة الحقيقية، حتى لو كانت تتعارض مع فلسفاتك. لهذا السبب لن ترى أبدًا كتائب من علماء الفيزياء الفلكية تقتحم تلة. لا شك أن العلماء وأعمالهم العسكرية كانت بمثابة بيادق للأيديولوجيات العسكريّة منذ البداية. ومع ذلك، فإن معظم العلماء ليس لديهم دافع أو وكالة للقيام بكل هذا بأنفسهم - بمحض إرادتهم. حتى فيرنر فون براون، مهندس صواريخ أبولو إلى القمر، علق بشكل مشهور على نجاح الصاروخ الباليستي V2، الذي كان رائدًا لألمانيا النازية وأطلقه بشكل أساسي ضد لندن وأنتويرب،
عمل الصاروخ على أكمل وجه، باستثناء الهبوط على الكوكب الخطأ.
السلوك داخل المجموعة / خارج المجموعة للبشر عبر الحضارة هو أمرٌ مثير للقلق بشكل خاص، حتى لو كان مفهومًا تطوريًا. إذا لم نتمكن من التغلب على الحمض النووي الخاص بنا بشكل كامل، فربما يمكن لِضخِّ التفكير القائم على الأدلة أن يخترق المواقف الخالية من الأدلة. فكر فيما يحدث عندما يختلف العلماء. نحن نبحث عن إحدى النتائج الثلاث: إما أن أكون أنا على صواب وأنت مخطئ، أو أنك أنت على صواب وأنا مخطئ، أو أنّ كلانا مخطئ. هذا عقد ضمني نحمله في جميع الحجج على حدود الاكتشاف. من الذي يقرر النتيجة؟ لا أحد يفعل. الجدال بصوت أعلى أو أقوى أو أكثر وضوحًا من خصمك يكشف ببساطة عن مدى إنزعاجك وعنادك. تأتي الدقة دائمًا تقريبًا عند وصول المزيد من البيانات أو أفضل منها.
في حالات نادرة، يمكن أن يكون كلا طرفي الحجة صحيحين، ولكن فقط عندما يصفان دون قصد سمات متباينة لنفس الشيء أو لنفس الظاهرة - مثل الرجال المكفوفين الذين يصف كل منهم لقاءه مع فيل - الناب والذيل، والأذنين، والساقين، والجذع. يمكن أن يتجادلوا طوال اليوم حول من هو على حق ومن هو على خطأ. أو يمكنهم الاستمرار في الاستكشاف، وفي النهاية اكتشاف أن هذه أجزاء مميزة من حيوان واحد. يتطلب هذا أيضًا المزيد من التجارب والملاحظات - المزيد من البيانات - لتحديد ما هو صحيح من الناحية الموضوعية.
بصرف النظر عن النزاعات حول السياسة أو حول ما قد تعبده من الله أو الآلهة، يشن البشر باستمرار حربًا في سبيل الوصول إلى الموارد المحدودة، مثل الطاقة (النفط والغاز)، والمياه النظيفة، والرواسب المعدنية، والمعادن الثمينة. في الفناء الخلفي الكوني لدينا، الطاقة الشمسية موجودة في كل مكان، كما هي مذنبات المياه العذبة. الكويكبات المعدنية موجودة أيضًا، تدور بهدوء حول الشمس بوفرة. تحتوي كل واحدة منها على ذهب ومعادن أرضية نادرة أكثر من أي وقت مضى في تاريخ العالم. لم نصل إلى هناك بعد، لكن تخيل اليوم الذي تصبح فيه الحضارات كلها في الفضاء. سيؤدي الوصول الروتيني إلى الفضاء إلى تحويل النظام الشمسي إلى فناء خلفي للأرض. مع هذا الوصول تأتي موارد غير محدودة محمولة من الفضاء، مما يجعل فئة كاملة من الصراع البشري قد عفا عليها الزمن. قد يكون الوصول إلى الفضاء أكثر من مجرد حدود تالية لاستكشافها؛ يمكن أن يكون أفضل أمل لبقاء الحضارة.
من بين جميع المهن، قد يكون العلماء قادرين بشكل فريد على خلق السلام والحفاظ عليه بين الأمم. نحن [كعلماء طبيعة] كلنا نتحدث نفس اللغة الأساسية. على سبيل المثال، لا تتغير القيمة الحسابية لـ pi عندما تعبر مراقبة جواز السفر عند حدود الدولة [يعني أنّ هذا القانون العلمي هو هو في كلّ مكان]. تظل قوانين الأحياء والكيمياء والفيزياء كما هي أيضًا. ونشترك في بيان مهمة مشترك - لاستكشاف العالم الطبيعي وفك تشفير عمليات الطبيعة على طول الطريق. إليك كيف يمكن أن يحدث ذلك: تخيل أنك في مهمة فضائية في نقطة استيطانية على القمر، وتتعاون في إجراء تجارب علمية مع رائد فضاء زميل من جنسية مختلفة عن جنسيتك. بالعودة إلى الأرض، لأي سبب من الأسباب، تتصاعد التوترات الجيوسياسية بين بلديكما. ساءت العلاقات لدرجة أن كلا البلدين يسحبان سفرائهما من سفارات بعضهما البعض. هذا ينتج عن نزاعٍ مسلح، مما أدى إلى وقوع إصابات جماعية في صفوف الجنود والمدنيين. أنت في الفضاء - أنت على القمر - ماذا تفعل؟ هل تصارع زميلك المتعاون في الفضاء على الأرض، وتستهلكك مشاعر وغضب وأفعال سياسيي الأرض على بعد 238000 ميل؟ أو ربما قام رؤساء دولتك ببساطة بإرسال تعليمات لكما بقطع الاتصال مع بعضهما البعض. هل بامكانك؟ هل يجب عليك؟ أو هل تستمر في سلام يوم القمر الخاص بك، وإجراء التجارب، حتى لو كنت تشعر بالفزع والخجل لأنكما عضوان في عرقٍ صنع لآلاف السنين فنًا وعلمًا لقتل بعضكما البعض على الأرض.
***
لا تستطيع جميع البلدان الاستكشاف. أولئك الذين يقومون [بالاستكشاف] في رابطة تعلو فوق كل شيء قد يفرقنا. في مهمة حكومية، أثناء خدمتي في أول لَجنةٍ لي في البيت الأبيض، هذه اللجنة حول "مستقبل صناعة الطيران الأمريكية" ، أتيحت لي الفرصة للقاء وتحية نظرائي في العديد من البلدان أثناء استكشافنا للمناظر الطبيعية في عالم الفضاء كمزود للنقل والتجارة والأمن. في جميع أنحاء أوروبا وروسيا وشرق آسيا، قمنا بتقييم التحديات والفرص التي قد تنتظرنا في مستقبلنا. طوال الوقت، استمتعت بصداقة حميمية ممتازة مع زملائي العلماء والمهندسين. كما شعر السياسيون ورجال الأعمال في هذه اللجنة بترحيب حار. لكن الأجواء كانت مرتفعة بشكل غريب مع الممثلين الروس. في ستار سيتي، مركز تدريب رواد الفضاء خارج موسكو مباشرة، كانت الأجواء متسامية. أنا لا أتحدث الروسية. لا أستطيع نطق كلماتهم لأنني لا أعرف الأبجدية السيريلية. وأنا لا أستمتع بالفودكا، التي تم تقديمها لنا بعد وقت قصير من وصولنا - حوالي الساعة 10:00 صباحًا - من قبل رئيس المنشأة، من باب سري خلف مكتبه. بعد أن دعوا طاقم أبولو 11 مشاة القمر وزميله المفوض باز آلدرين للتوقيع على كتابهم الكبير عن رواد الفضاء، بدأنا جميعًا نتحدث عن سباق الفضاء في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ومستقبل استكشاف الفضاء. كان ذلك عندما تبخرت جميع الحواجز، وشعرت أنني كنت أعرف كل روسي في الغرفة طوال حياتي - كما لو كنا أصدقاء طفولة لعبنا معًا بنفس الألعاب في نفس صندوق الرمل.
كانت الولايات المتحدة وروسيا (اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية) هما الدولتان الوحيدتان اللتان تملكان القدرة على وضع إنسان في المدار لمدة اثنين وأربعين عامًا، حتى انضمت الصين إلى النادي وأطلقت أول رائد فضاء لها في عام 2003. بيننا وخلالنا، كانت الروابط العاطفية عميقة، ورفعت الصداقات إلى مستوى أعلى بكثير من السياسة الأرضية. لقد تشاركنا في رابطة تمت صياغتها في الفضاء.
لقد نشأت خلال الحرب الباردة، ومثل غيري من الأمريكيين ذوي الدم الأحمر، كنت أرى الروس على أنهم أشرار وملاحدة شيوعيون. ألم ... نكره بعضنا البعض؟ ألم نكن... أعداء لدودين؟ في الواقع لا. كان السياسيون كل ذلك. بدلاً من ذلك، كانت أنظارنا تدور حول النجوم طوال الوقت - كمستكشفين - لتمكين منظور عالمي يتجاوز صراعات الدول في كل مرة.
العرضان الأكثر تكلفة للتعاون الدولي، بالترتيب، هما شن الحرب وبناء وتشغيل محطة الفضاء الدولية. والثالث والرابع على مسافة بعيدة هما الأولمبياد وكأس العالم. ثلاثة من هؤلاء الأربعة ينخرطون في منافسة، يتسبب أحدها في خسارة الأرواح البشرية. أما بالنسبة لمحطة الفضاء، فإن قائمة الدول التي أرسلت رواد فضاء إلى هناك تشمل بلجيكا والبرازيل والدنمارك وبريطانيا العظمى وكازاخستان وماليزيا وهولندا وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية وإسبانيا والسويد والإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن الولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا. هذا عدد أقل من الأعلام مقارنة بكأس العالم أو الأولمبياد، لكن استعراضًا موجزًا للجغرافيا السياسية للقرن العشرين، لا يزال محفورًا في ذكرى الناس الذين يعيشون اليوم، يذكرنا بعدد تلك الدول التي قاتلت بعضها البعض في حرب شاملة، مع عدد القتلى من الجنود والمدنيين بالملايين.
خلال أوائل السبعينيات، كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لا يزالان يحتجزان العالم كرهينة عند نقطة انطلاق الأسلحة النووية الحرارية، ولن تنتهي الحرب الباردة لمدة عقدين آخرين. في غضون ذلك، في عام 1972، وقع الرئيس ريتشارد نيكسون ورئيس الوزراء السوفيتي أليكسي كوسيجين - في موسكو - اتفاقية لإطلاق مشروع اختبار أبولو سويوز. بعد ثلاث سنوات، في يوليو 1975، نفذ رواد الفضاء الروس ورواد الفضاء الأمريكيون أول موعد فضاء على الإطلاق في مناورة لرسو السفن بين وحدة قيادة أبولو وكبسولة سويوز الخاصة بهم. القاعدة الوحيدة المتّبعة عندما تمّ فتح الكوة؟ كان الأمريكيون يتحدثون الروسية فقط، والروس يتحدثون الإنجليزية فقط.
كما نقول للطلاب الذين قد يعانون من مشكلة مع أسترو 101 [الدّرس التحضيري لدراسة الفلك]، "الكون فوق رأس الجميع." وكذلك قد تكون أكثر الاحتمالات خصوبة للسلام العالمي.
***
أنا أميل إلى الليبرالية في جميع الآراء ذات الصلة تقريبًا التي لدي. ومع ذلك، كان الرئيس جورج دبليو بوش [الجمهوري المحافظ] هو الذي عينني مرتين للخدمة في لجان البيت الأبيض. لقد سعى للحصول على خبرتي العلمية، ولا يبدو أن سياستي مهمة. آرائي هي رأيي الشخصي، و (صدق أو لا تصدق) أبذل مجهودًا ضئيلًا نسبيًا لجعل الناس يتفقون مع هذه الآراء، لذلك ربما خففت سياساتي الصامتة في الغالب من أي مخاوف كامنة قد تكون لديه من خلال عبور الخلاف ليشملني.
كان هذا التعيين بمثابة معمودية سياسية بالنسبة لي. التقيت وصارت لي صداقات مع خبراء السياسة المحافظين المخلصين وكذلك قادة العمل التقدميين [اللبراليين]. في هذه المجموعة القوية والمتنوعة سياسياً المكونة من اثني عشر مفوضاً، كانت المحادثات الناجحة هي تلك التي جرت في وسط الطيف السياسي. كان هذا يعني أنني اضطررت للهجرة من الزاوية اليسارية الخاصّة بي وجعل وجهات نظري أقرب إلى أولئك الذين أختلف معهم باستمرار. كانت خطواتي مؤقتة، ولكنها منعشة. كل شبر أقرب إلى النظرة المحافظة للعالم التي خطوتها أخذتني بعيدًا جدًا عن النظرة الليبرالية للعالم التي كنت أعرفها. استمر هذا حتى اللحظة التي أدركت فيها، لأول مرة في حياتي، أنني كنت أفكر حقًا بنفسي - لم أعد أتأثر بالإيديولوجيات التي ولدت فيها واعتمدتها على أنها خاصة بي دون سؤال. رأيت المحافظين لأول مرة على أنهم شيء آخر غير وحدة متراصة. رأيت أيضًا الليبراليين لأول مرة – بمساعدة وتمكين من هذه النظرة غير المألوفة، ولكنها مضيئة من المركز. أثناء وجودي هناك، استاءت من جميع أنواع التسميات. ما هي، إن لم تكن طرقًا كسولة فكريا لتأكيد أنك تعرف كل شيء عن شخص لم تقابله من قبل؟
هل يمكن للعقلانية العلمية المتضمنة في منظور كوني أن تجعل الجميع يتفقون على جميع الآراء؟ لا، من غير المحتمل. على الرغم من أنه يمكن أن يجعل الجميع يختلفون بشكل أقل حدة - ليس من التسوية، ولكن من الفصل الحتمي لعواطفك عن قدرتك على التفكير، وانخفاض التحيز في قدرتك على التفكير. في بعض الأحيان، كل ما تحتاجه هو بيانات أكثر أو أفضل.
فكر في أربع مجازات سياسية باللونين الأحمر والأزرق [يرمزان للحزبين الجمهوري والديمقراطي] في الولايات المتحدة، وكيف تبدو لعالم فضولي:
العبارة المجازية 1: المحافظون يقدرون الأسرة كنواة والاستقرار الذي تجلبه للحضارة، على عكس الليبراليين، الذين يعيشون في ظل قوانين أخلاقية مشكوك فيها.
دعونا نلقي نظرة على القيم العائلية من خلال القضايا المعتادة التي تخضع للتدقيق: المواليد خارج إطار الزواج ومعدلات الطلاق. إذا قمت بتحليل إحصاءات الولادة لكل ولاية على حدة، ستجد أن ما يقرب من نصف جميع الأطفال المولودين في ولايات لويزيانا وألاباما وميسيسيبي وتكساس وأوكلاهوما وأركنساس وتينيسي وكنتاكي ووست فرجينيا وساوث كارولينا يولدون لنساء غير متزوّجات. ومع ذلك، صوتت كل من هذه الولايات للون الأحمر [للحزب الجمهوري المحافظ] في كل انتخابات عامة هذا القرن. المعدلات المقابلة للولايات الزرقاء [يرمز للحزب الديمقراطي اللبرالي] الشهيرة مثل كاليفورنيا ومينيسوتا وماساتشوستس ونيويورك هي نصف ذلك. يمكن للأطفال المولودين خارج إطار الزواج أن يسلطوا الضوء، على سبيل المثال، على مشهد من النساء المتحررات اللائي لا يحتجن إلى الرجال أو يتجنبن نماذج الأسرة على نمط خمسينيات القرن الماضي. أو يمكن أن تشير إلى الاختلافات الإقليمية في معدلات الإجهاض. على أي حال، هذا ليس دليلاً على القيم العائلية التقليدية.
ماذا عن معدلات الطلاق في جميع أنحاء البلاد؟ قد تشير الولايات ذات المعدل الأدنى إلى ثقافة الحياة الأسرية المستقرة. عندما تقوم بترتيب جميع الولايات الخمسين (لعام 2019)، تجد أن ست ولايات من أفضل عشر ولايات لديها أدنى معدلات طلاق هي زرقاء [لبرالية]. أربعة حمراء [محافظة]. تمام. لا توجد حالة [جدل] هناك. لكن دعونا ننظر عن كثب: الولايات ذات المعدلين الأدنى، إلى حد بعيد، هما إلينوي وماساتشوستس، وكلاهما زرقاء [لبرالية] باستمرار. بالإضافة إلى ذلك، صوتت تسع ولايات من أصل عشر ولايات ذات أعلى معدلات طلاق لصالح اللون الأحمر [المحافظ] في انتخابات 2020. أيضًا، كان الرئيسان الأمريكيان الوحيدان اللذان كانا في منصبهما مع طلاق سابق في سجلهما هما الجمهوريان رونالد ريغان ودونالد ترامب. طلق الرئيس ترامب مرتين. ميلانيا هي زوجته الثالثة. زوجته الثانية هي التي خان معها على زوجته الأولى. ولديه أطفال من النساء الثلاث.
ماذا يفعل المرء بهذه الحقائق؟ أيمسحها تحت السجادة؟ أم هل ينزع فتيل أي حجج مشحونة عاطفياً حول أي حزب سياسي هو المعيار للأخلاق؟
لكن انتظر. في عام 2015، أدى خرقٌ لبيانات لخدمة موقع المواعدة عبر الإنترنت المشهور باسم آشلي ماديسون إلى إنتاج إحصائية عرضية لإلقاء الضوء بشكل أكبر على هذا المشهد من المفاهيم الخاطئة. تم تصميم هذا الموقع للأشخاص المتزوجين للتواصل مع أشخاص متزوجين آخرين يريد كلاهما خداع الأزواج. عندما تم الكشف عن الولايات الأكثر نشاطًا على الموقع، هبطت الولايات ذات الاتجاه اليساري مثل نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت وماساتشوستس وإلينوي وواشنطن وكاليفورنيا في المراكز الخمسة عشر الأولى بين الخائنين [زوجيا]. لذلك ربما تكون الحقيقة أكثر دقة وتعقيدًا مما قد يعترف به اليمين أو اليسار. ربما يكون الطلاق حلاً أكثر صدقًا لعلاقة فاشلة من البحث عن علاقات سرية غير مشروعة أثناء الزواج. في كلتا الحالتين، نتعلم من البحث العقلاني أنه لا يجوز لأي جزء من الطيف السياسي إدعاء قيم عائلية متفوقة أخلاقياً.
العبارة المجازية 2: يحتل الليبراليون مكانة عالية في العلوم بينما يحتضن المحافظون منكري العلم.
أين أبدأ؟ يشكل إنكار تغير المناخ تهديدًا وجوديًا لاستقرار الحضارة - وهو موقف يهبط بشكل مباشر وسط منصات محافظة، على الرغم من حدوث بعض التقدم على مر السنين. في البداية، كانت صرخة معركة المحافظين هي الإنكار، والذي تحول لاحقًا إلى اعتراف بأن تغير المناخ أمر حقيقي، لكن البشر لا يتسببون به. بالنسبة للبعض، أصبح هذا في النهاية اعترافًا بأن البشر هم من يتسببون فيه، ولكن لا يوجد شيء يمكننا أو يجب أن نفعله حيال ذلك. فيما يلي جملة فعلية من المنصة الجمهورية الرسمية لعام 2018 لولاية تكساس المعتمدة على النفط:
تغير المناخ هو أجندة سياسية يتم الترويج لها للسيطرة على كل جانب من جوانب حياتنا.
حالة كلاسيكية من الفكر الرغائبي حيث تطغى القناعات السياسية على الحقائق الموضوعية. يتم تحديثه كل عامين، وبحلول عام 2020، تمت إزالة هذه العبارة، تاركًين وراءها فقط:
نحن ندعم إلغاء تمويل مبادرات "العدالة المناخية".
لقد رأينا جميعًا الأرقام. يتفق ما يزيد عن 97 في المئة من علماء المناخ على أن حضارتنا الصناعية، المنحوتة من وقود أحفوري عالي الكثافة وسهل النقل، تعمل على تعزيز تأثير الاحتباس الحراري على الأرض، والذي يؤدي إلى ذوبان الثلج الجليدي وسيؤدي في النهاية إلى إغراق جميع المدن الساحلية في العالم. يأتي هذا الاستنتاج أكثر من كونه تصويت الأغلبية. إنه مستمد من مجموعة من الأبحاث مدعومة بملاحظات وتجارب متكررة عبر تخصصات متعددة، وهو ما نحتاجه ونريده بالضبط قبل أن نعلن عن حقيقة موضوعية جديدة في العالم. الرفض هنا هو العيش في نسبة 3 في المئة من الأوراق البحثية التي تتعارض مع النتائج السائدة أو تنكرها بشكل قاطع.
للمساعدة في تقديم منظور للإجماع العلمي، دعنا نستدعي "تجربة فكرية". هذه تكتيكات مجربة عبر الزمن استخدمها العديد من العلماء، ومن أشهرهم ألبرت أينشتاين، كطريقة لشخص مفكر لتخيل تجربة ليس لديك الوقت أو المال لإجرائها. ماذا عن: أنّ هناك جسراً على وشك الانهيار ويخبرك 97 بالمائة من المهندسين الإنشائيين أنّه "سوف يسقط الجسر إذا كنت تقود شاحنتك عبره. خذ النفق بدلا من ذلك ". بينما قال لكَ 3 في المئة الباقون، "لا تستمع إليهم؛ الجسر بخير! " ماذا كنت ستفعل؟ أو ماذا عن: أنّه تم اختراع حبة انتحار غير مختبرة حيثُ يقول لك 97 في المئة من المهنيين الطبيين إنها ستقتلك بجرعة واحدة. على الرغم من أن 3 في المئة يقولون لك إنك ستكون على ما يرام، وقد يؤدي ذلك إلى تحسين صحتك. إذا كنت ترغب في تحسين صحتك، فهل تتناول الدواء؟ يمكن لتجارب الفكر، عندما يتم تصورها لتغيير سياق السؤال في الزمان والمكان والنطاق، اكتشاف التحيز الخفي، مما يدفعك إلى مواجهة أسس التفكير الخاصة بك، ربما لأول مرة.
استمرت الانتقادات ذات الميول اليمينية لتغير المناخ في التحوّر. يقبل أحدث تنوع من هؤلاء فرضية أن البشر يسخنون كوكب الأرض، لكنهم يجادلون بقوة مع الأشخاص ذوي الميول اليسارية حول الجدوى الاقتصادية من كل ذلك. على وجه الخصوص، فهم قلقون من أن منصات مثل Green New Deal [الإتفاقية الجديدة الخضراء] ستؤدي إلى كارثة مالية. هوراي [صيحة انتصار]! لقد وصلنا أخيرًا: محادثة مشحونة سياسيًا حول السياسات التي يجب أن تُسن ردًا على الحقائق العلمية. هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تعمل بها ديمقراطية مستنيرة.
في بؤرة أخرى لإنكار العلم، يشك بعض المسيحيين المحافظين في التطور الدارويني لأن نصوصهم المقدسة التي يبلغ عمرها 3500 عام تضع فكرة مختلفة عن كيفية ظهور جميع الحيوانات وبقية الحياة على الأرض. هؤلاء الأصوليون يعرضون ببساطة تعبيرهم الحر عن الدين المحمي دستوريًا. إنهم أقلية من المسيحيين ، ولست مهتمًا بتغيير وجهات نظرهم ما لم يحاولوا الإطاحة بمنهج العلوم في البلاد أو ممارسة الضغط ليصبحوا رئيسًا لوكالة علوم حكومية. يوجد الكثير من الوظائف ذات الأجور المرتفعة (والمنخفضة) والتي لا تتطلب منك قبول مبادئ علم الأحياء الحديث.
ليس كل ما هو محافظ ضد نظريّة التطور. لنأخذ في الاعتبار قضية المحكمة التاريخية لعام 2005 كيتزميلر ضدّ مدرسة منطقة دوفر في ولاية بينسلفانيا، والتي حكم فيها القاضي الفيدرالي جون جونز الثالث بأن تدريس النظرية المستلهمة من الإله المسماة "التصميم الذكي" في المدارس العامة كان قراراً غير دستوري. تم تعيين القاضي جونز لهذا المنصب من قبل الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش [الّذي يُعتبر محافِظا].
بخلاف تغير المناخ وعلم الأحياء الحديث، هناك القليل جدًا من العلوم الأخرى في أمريكا التي ينكرها المحافظون، على الرغم من أن الليبراليين يوجهون إليهم اتهامات واسعة بإنكار العلم. تمام. ثم ماذا عن الليبراليين أنفسهم؟ تبين أن القائمة التالية من المعتقدات والممارسات تهبط بشكل مباشر في حظائرها: الشفاء البلوري، واللمسة العلاجية، وطاقة الريش، والعلاج المغناطيسي، والمعالجة المثلية [علاج الدّاء بالدّاء]، وعلم التنجيم، ومكافحة الكائنات المعدلة وراثيًا، وضدّ-الصناعة-الصّيدلية. ما تشترك فيه كل هذه الأفكار والحركات هو الرفض القاطع لبعض أو كل العلوم السائدة ذات الصلة بكل موضوع. قبل إدارة ترامب ومقاومة المحافظين في عام 2020 للقاح COVID-19 الذي تم تطويره بسرعة، كانت الحركة المناهضة للقاحات (منصة أخرى لرفض العلم) تقودها المجتمعات ذات الميول الليبرالية في المقام الأول. لقد اخترعوا العلامة التجارية عمليا. على سبيل المثال، أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 2000 "القضاء" على الحصبة في الولايات المتحدة بناءً على نجاح برامج اللقاح الجارية. ومع ذلك، سجلت الولايات المتحدة في عام 2019 ما يقرب من 1300 حالة منها. من الذي استضاف معظم تلك التفشيات؟ الولايات الزرقاء دائماً في واشنطن وأوريغون وكاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي، حيث رفض العديد من الآباء تلقيح أطفالهم. الآن، مع تحول الحركة المناهضة للتطعيم إلى اللون الأرجواني [يعني مناطق تتقارب فيها أصوات اللبراليين والمحافظين] - حيث تتسرب إلى جيوب محافظة - قد يمثل المجموع الكلي لمناهضي التطعيم ما يصل إلى ربع الأمة.
في منشور نشر في أغسطس 2021، في وقت لاحق، كان يجب أن يظل في ملف "تويتر الممنوع"، نظرت إلى عدد المواطنين الأمريكيين الذين كانوا يموتون يوميًا بسبب متغير دلتا COVID-19 - البالغ حوالي 1000 شخص. لقد لاحظت في ذلك الوقت أن 98 بالمائة على الأقل من كل من تم نقلهم إلى المستشفى وماتوا بسبب COVID-19 لم يتم تلقيحهم. من خلال استطلاعات الرأي المختلفة، رأيت أن خمسة أضعاف عدد الأشخاص الذين يصوتون للجمهوريين لا يزالون غير ملقّحين مقارنة بأولئك الذين يصوتون للديمقراطيين. إذا قمت بالحسابات، فستصل إلى منشوري القائل:
في الوقت الحالي في الولايات المتحدة، كل عشرة أيام، يموت أكثر من 8000 ناخب جمهوري (غير مُلقّح) بسبب COVID-19. هذا هو خمسة أضعاف معدل [وفيات] الديمقراطيين.
لذلك، قمت بلصق ميمي أظهر عنوان كتاب وهمي بخط گوتي:
الملصق أعلاه يقول: وُلِدَ لِيَموتَ كَفلاّحٍ من القُرونِ الوُسْطى بالرّغْم مِنْ وُجودِ العِلْم
في غضون ثوان، اندلعت جميع أنواع المعارك على موقع تويتر. تمسك العديد من مناهضي التطعيم المحافظين بموقفهم وضاعفوا من قرارهم بالبقاء غير ملقّحين - من أجل الحرية. اختار آخرون إلغاء المتابعة، واتهموني بتسييس مرض كوفيد. شكك البعض الآخر في بيانات المصدر. اشتكى آخرون من أنني لا يجب أن أستهين بوفاة الناس. حتى ابنتي "المستيقظة" [مصطلح سياسي يصف اللبراليين الأكثر تطرّفا] اتصلت لتخبرني أنّ المنشور كان قاسياً. لم أتوقع أيًا من ردود الفعل هذه، معتقدًا أن الناس، وخاصة الجمهوريين منهم، سيقولون، "همم! حسنًا. هذا سيء. هذا سيء. نحن بحاجة إلى عدد أكبر وليس أقل من الناخبين في انتخابات التجديد النصفي. دعونا نحصل على اللقاح." عندما أخطئ بهذه الطريقة، فهذا يعني أنني فشلت كمعلم في فهم وتوجيه مستقبلات الناس لاستيعاب منشوري. لقد حذفت التغريدة واستبدلت بها رابطًا إلى أحد التدوينات الصوتيّة الخاصة بي حول علم اللقاحات مع أخصائي طبي.
على الرغم من هذه الحقائق الفاسدة بين المحافظين، فإن معظم المعتقدات ذات الميول الليبرالية لن تعجل بنهاية الحضارة. إن إنكار العلم الليبرالي كما هو معبر عنه حاليًا لن يزعزع استقرار العالم أبدًا بقدر ما ينكر العلم المحافظ لتغيُّر المناخ. لذلك يمكن لليبراليين اليوم أن يزعموا أن أنشطتهم أفضل لكوكب الأرض، لكنهم لا يستطيعون تصنيف أنفسهم بشكل متعجرف على أنهم مؤيدون للعلم.
في السنوات الأخيرة، تسلل مروجو المكملات الغذائية المشكوك فيها إلى رعاة البرامج الإذاعية المتطرفة واليمينية ومدوّناتهم الصوتيّة. تعد Brain Force Plus وSuper Male Vitality وAlpha Power وDNA Force Plus كلها أمثلة على حبوب ومستخلصات غير معتمدة من إدارة الغذاء والدواء المعروفة بـ(FDA) معروضة للبيع على منصة Infowars التابعة لشركة الصحفي اليميني أليكس جونز. وجد مقدمو هذه المنتجات قبول الجماهير هناك. كانت مثل هذه المكملات وغيرها من العلاجات الطبية "البديلة" في السابق مجالًا شبه حصري للتفكير اليساري. مثل حركة مناهضة التلقيح، تحول هذا السوق الآن إلى اللون الأرجواني، مما أعطى شيئين يمكن أن يتفق عليهما المجتمعات الزرقاء الراديكالية والأحمر الراديكالي.
بغض النظر عما يقوله السياسي أو يعد به خلال الحملة الإنتخابيّة أو حتى أثناء وجوده في منصبه، فإن المقياس الأساسي للدعم السياسي هو مقدار الأموال التي يتم تخصيصها من الميزانية الفيدرالية للقضية. حدث ذلك أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، عندما أصبحت الاستثمارات العلمية أولوية معززة ، جمع تمويل مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا - فرع الحكومة الأمريكية الذي يشرف عليه المستشار العلمي للرئيس (وزير العلوم حاليًا) – مع زيادة أنشطة البحث والتطوير غير العسكرية الأخرى ، بما في ذلك الزراعة والنقل ، بشكل طفيف في ظل الجمهوريين عنها في ظل الرؤساء الديمقراطيين. تجدر الإشارة إلى أن أعلى مكاسب الميزانية ذهبت إلى الجمهوري أيزنهاور (زيادة قدرها 46 في المائة سنويًا خلال فترة ولايته الرئاسية). المركز الثاني يذهب إلى البيت الأبيض الديمقراطي كينيدي - جونسون (زيادة بنسبة 39 في المئة سنويًا؛ سنوات أبولو في الستينيات). خلال ولاية ترامب، زادت الميزانية بنسبة 2.4 في المئة سنويًا. ويذهب أدنى مركزين للديمقراطيين كلينتون (زيادة بنسبة 2.2 في المئة سنويًا) وأوباما (زيادة بنسبة 1.2 في المئة سنويًا) عبر كل من إداراتهما التي تتكون من فترتين.
حسب هذا المقياس فإن "منكري العلم" السياسي، يحبون العلم في الواقع.
العبارة المجازية 3: الجمهوريون كارهون للمثليين عنصريين ومتحيزين جنسياً ومعادين للمهاجرين. الديموقراطيون يحتضنون كل النّاس.
هذا المجاز المليء بالمعاني هو كيف يرى الديمقراطيون الجمهوريين مقارنة بأنفسهم. في الماضي كان يسود العكس. كان أبراهام لنكولن أول رئيس جمهوري - وهو حزب ولد جزئيًا لإلغاء العبودية في أمريكا. من خلال إعادة الإعمار وما بعده، قاد الجمهوريون حركات الكونجرس لتمويل ودعم ظهور كليات وجامعات السود تاريخيًا، خاصة عبر قانون موريل الثاني لعام 1890، في وقت رفضت فيه كليات النخبة الخاصة قبول جميع الأشخاص الملونين. صفحة إنترنت موجزة عن تاريخ HBCUs من قبل مؤسسة سميثسونيان لا تذكر الجمهوريين في تأمين هذه الفرص خلال تاريخ أمريكا ما بعد الحرب الأهلية. ربما يحاولون أن يكونوا غير حزبيين. من خلال القيام بذلك، فإنهم يخفون الحقيقة الفظة وغير العادية التي مفادها أن الحزب السياسي الأكثر عنصرية على مدار 100 عام كان حزب الديمقراطيين. لقد أشرفوا على قانون جيم كرو العنصري في ولايات الجنوب وتجاهلوا الآلاف من عمليات الإعدام خارج نطاق القانون التي حدثت هناك. كان المحافظون، ورؤساء البلديات، ورؤساء الشرطة، والجماهير الغاضبة [من البيض] في جميع أنحاء المنطقة، كما رأينا في أبشع لقطات حركة الحقوق المدنية، جميعهم من الديمقراطيين.
اليوم، تم عكس هذه الاستعارات تقريبًا، مع إعادة ترتيب 180 درجة لمن هو داخل ومن ليس كذلك. باستثناء أنها ليست 180 درجة بالكامل. منذ عام 1990، تم تعيين أول وزيرين من وزراء الخارجية السود، كولين باول وكوندوليزا رايس، من قبل رؤساء جمهوريين. كما تم تعيين ثاني قاضٍ في المحكمة العليا السوداء، كلارنس توماس، من قبل رئيس جمهوري. ومع ذلك، لم يكن أي من الأربعة الذين عينهم الرؤساء الديمقراطيون كلينتون وأوباما من السود. إذا كنت لا تحب سياساتهم، فعندئذٍ اعترف أنك تسعى بدلاً من ذلك إلى البحث عن شخص أسود رفيع المستوى يتماشى مع آراء حزبك السياسي، وليس مجرد شخص أسود رفيع المستوى. أضف إلى ذلك القضية المميزة وايت ضدّ وولف في ولاية بنسلفانيا لعام 2014، الذي أعلن أن منع ولاية بنسلفانيا لزواج المثليين هو قانون غير دستوري. من حكم في هذه القضية؟ إنّه صديقنا القديم الّذي عيّنه الرئيس بوش الإبن، جون إي جونز الثالث. استمرارًا لهذه الجولة، في أبريل 2022، أصبحت القاضية كيتانجي براون جاكسون أول امرأة سوداء في المحكمة العليا للولايات المتحدة، حيث صوت خمسون من بين خمسين عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ لصالحها وسبعة وأربعين من أصل خمسين عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ صوتوا ضدها. كل هذا يجعلني أتساءل عما يعنيه أن تكون متحالفًا مع أيِّ حزب سياسي على الإطلاق. هل يقومون بالتفكير بالنيابة عنك الّذي تحتاجه؟ هل يحددون مواقفكم تجاه القضايا التي تواجه البلاد؟ إذاً فأنت مجرّد بيدق من البيادق لخدمة من في السلطة. شعور يتردد مع إحدى القصائد الغنائية المفضلة من "أغنية السير جوزيف بورتر"، أميرال بحرية جلالة الملكة، في أوبرا جيلبرت وسوليفان الكوميدية الخفيفة إتش إم إس. بينافور (1878):
I always voted at my party’s call, And I never thought
of thinking for myself at all.
كنت أصوت دائمًا في دعوة حزبي، ولم يخطر لي أبدًا
أن بنفسي على الإطلاق.
لكن في جمهورية فيها ممثّلون للشعب، يجب أن يكون من في السلطة بيادق للشعب: حكومة الشعب، بالشعب، وللشعب.
إن المشاهدات من أعلى حول الأرض من الفضاء تغير وجهات النظر العالمية نحو الأفضل، كنت لأقول. لكن تقييم الأفراد والحكم عليهم من مسافة بعيدة يصعب أن ينتهي بشكل جيد. تميل ضربات الفرشاة التي نرسم بها آراء الآخرين ونميزها إلى أن تكون واسعة وخالية من الفروق الدقيقة، مما يجعلنا عرضة للتعصب الأعمى والتحيز. من بعيد، العشب في الضواحي هو مجرد سجادة خضراء. عند النظر إليها عن قرب، تتحول السجادة إلى شفرات منفردة من العشب. وبالقرب أكثر، فإن شفرات العشب تتحلل إلى خلايا نباتية تخضع لعملية التمثيل الضوئي. من أي مسافة ستختار صياغة آرائك ووجهات نظرك حول العشب الذي يقع تحت أقدامنا؟
تم تقديم موسم 1980 من "برنامج الكون Cosmos)، الذي استضافه كارل ساغان، بواسطة محطة PBS في لوس أنجلوس لقناة KCET. كوزموس (Cosmos) هو فيلم وثائقي علمي متعدد الأجزاء، لذلك من الطبيعي أن يتم عرضه على PBS. بالنسبة لموسم لبرنامج كوزموس 2014، تشرفت بالعمل كمضيف. هذه المرة حيث تم عرضه لأول مرة على شبكة Fox، والتي منحنا الحرية والموارد لإنشاء القصص والموضوعات التي دفعتنا. يميل أصدقائي الأكثر القريبين إلى اليسار إلى رؤية أخبار فوكس بالكامل على أنها كتلة متراصة من نفس الآراء. عندما علموا أن كوزموس لن يظهر فقط على PBS ولكن بدلاً من ذلك سيعرض على قناة Fox، افترضوا أن فوكس سوف يملي علينا جداول أعمال الحزب المحافظ، مما يجبرنا على أن نكون لسان حال أيديولوجيات Fox أخبار المثيرة للانقسام. كان لدى أصدقائي الأقل ليبرالية عددًا أقل من هذه الأفكار، في حين أن أولئك الذين هم في منتصف الطيف السياسي هنأنا على تأمين منصة بث للعلوم أكبر بكثير من نسبة مشاهدي قناة PBS.
لماذا هذا النطاق من ردود الفعل؟
لقد أعمى هؤلاء في أقصى اليسار انحيازهم، مما شوه قدرتهم على رؤية العالم بعقلانية. إن سياسة معلقي أخبار فوكس تثير غضبهم. وتثير غضبي أيضًا. لكن من وجهة نظرهم اليسارية المتطرفة، كان كل شيء مرادفًا لـ أخبار فوكس. لم يلاحظوا أبدًا أن قطاعات كاملة من ملف فوكس هي نماذج من البرمجة التقدمية. من خلال تسليط الضوء على بعض الأمثلة، فإن فوكس هي شركة 20th Century Fox، التي جلبت فلم Avatar (2009) إلى الشاشة - فيلم خيال علمي (الفيلم الوحيد الأكثر ربحًا على الإطلاق) الذي يروي محنة الشعوب الأصلية في نظام نجمي آخر، حيث إنهم يسخّرون القوى الغامضة للنباتات ومخلوقات الغابات للدفاع عن كوكبهم الأصلي ضد مستعمري الشركات الجشعين. ربما كان يمكن عنونتها بوكاهونتاس في الفضاء.
Searchlight Pictures ستوديوهات سيرش لايت هي استوديوهات الإنتاج المستقلة لـ Fox ، والتي جلبت Slumdog Millionaire المليونير المتشرد (2008) ، و 12 سنة كعبد (2013) ، والفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار Summer of Soul (2021) على الشاشة ، كل منها استكشاف لمحنة المحرومين. Fox هي Fox الرياضية ، التي تحظى بتقدير كبير في جميع أنحاء العالم لتغطيتها الخبيرة والشاملة والذكية تقنيّا والمتنوعة. Fox هي قناة Fox الاقتصادية التي تحمل بعض الحمض النووي لـ Fox أخبار ، لكنها خفيفة بالمقارنة.
الأهم من ذلك، أن Fox هي أيضًا قناة Fox الرئيسية. موطن عائلة سيمبسونس [مسلسل كارتوني معروف] وFamily Guy الليبرالية اللاذعة بالإضافة إلى مفضلتي الشخصية In Living Color [مسلسل حيّ بالألوان]، والتي كانت ترسم الكوميديا بضمير اجتماعي. هذه العروض، وغيرها الكثير، فتحت أرضية جديدة لتعليقاتهم الاجتماعية التقدمية. على سبيل المثال، Glee، دراما كوميدية موسيقية استمرت لمدة ستة مواسم، تضمنت المآثر الاجتماعية لنادي الغبطة في المدرسة الثانوية. في أحد المشاهد، قام اثنان من أعضاء فريق التمثيل بغناء أغنية مفضلة للعطلة مخصصة لرجل وامرأة. لكن هذا الثنائي غناه رجلان في حالة حب - مع بعضهما البعض.
يمكنك أن ترى مدى خيبة أملي التي شعرت بها من خلال الرثاء الليبرالي الصالح على الزوال المفترض لـ Cosmos لظهوره على شبكة Fox.
يمكن أن يسبب التحيز الخفي الرغبة المستمرة في رؤية كل ما يتفق معك وتجاهل كل ما لا يتفق معك، حتى عندما تكثر الأمثلة المضادة. من بين الفئات العديدة لكيفية خداع النفس، فإن أكثر الفئات ضررًا هو التحيز التأكيدي: تتذكر الضربات وتنسى الأخطاء. إنه يؤثر علينا جميعًا، على مستوى أو آخر. ما هو العلاج؟ تحليل عقلاني غير عاطفي.
العبارة المجازية 4: الجمهوريون وطنيون حقيقيون. الليبراليون معادون لأمريكا، وكل ما يريدون فعله هو رفع الضرائب والعيش من البرامج الاجتماعية الحكومية.
بالعودة إلى عام 1781 م، كانت ولاية ماساتشوستس أول من اعترف بيوم 4 يوليو، كيوم الاستقلال، باعتباره عطلة. قبل ذلك بست سنوات فقط، كانت ماساتشوستس قد استضافت المعارك الأولى للحرب الثورية التي أوجدت الولايات المتحدة الأمريكية. كان ذلك منذ فترة طويلة، ولكنه يستحق الصراخ لهذه الولاية الأكثر زرقة [لبرالية] من الولايات الزرقاء.
خطط الليبراليون والتقدميون وقادوا جميع المسيرات المناهضة للحرب تقريبًا بعد الحرب العالمية الثانية. هل من العداء لأمريكا أن تكون ضد الحرب؟ يحب الليبراليون حظر الأشياء، دائمًا تقريبًا على أساس أن ما يجب حظره يضر بك أو بالبيئة. لذلك ربما لا يحاولون تقييد حرياتك؛ بدلاً من ذلك، يحاولون فقط إنقاذ حياتك.
ماذا عن الضرائب؟ قبل أن تضع نفسك سياسياً على هذه المنصة، فكر في الواقع الفعلي المستنير بالبيانات بدلاً من الواقع المتخيل الذي يغذيه التكرار المستمر. رتب الخمسين ولاية حسب إيرادات الضرائب الفيدرالية التي يدفعها الفرد في أي سنة معينة. يمكن أن يرتبط هذا بالصحة الاقتصادية للدولة، ولكن هذا وحده ليس هو المهم هنا. بعد ذلك، قم بتضمين إجمالي النفقات الفيدرالية التي تتلقاها تلك الولاية للفرد. يقيس الفرق بين هاتين الكميتين بشكل مباشر مدى اعتماد الولاية على البرامج الحكومية لتعمل، ومدى اعتماد الحكومة على الولاية لتديرها.
عند إجراء هذا التمرين، تجد أن ثماني ولايات من أصل عشر ولايات تدفع لكل فرد واحد للحكومة الفيدرالية أكثر مما تتلقاه، هي ولايات زرقاء. على الطرف الآخر، باستثناء ولاية فرجينيا (موطن وزارة الدفاع الأمريكية ذات الميزانية المرتفعة)، فإن ست ولايات من أصل عشرة تتلقى دعمًا من الحكومة الفيدرالية أكثر مما تدفع هي ولايات حمراء. بالنظر إلى الخطاب السياسي السائد، ربما كنت تتوقع صفرًا من كل الولايات العشرة. ومع ذلك، في ظل رئاسات الديمقراطيين الليبراليين، زادت الضرائب المفروضة أكثر مما كانت عليه في ظل الرئاسات الجمهورية المحافظة. إن اتهام "الضرائب والإنفاق" حقيقي: إذا كنت لا ترغب في دفع ضرائب إضافية فلا تصوت للديمقراطيين، على الرغم من أن الولايات الحمراء المناهضة للضرائب تستفيد بشكل كبير من زيادة عائدات الضرائب. لا تزال صحة وثروة الأمة تعتمد بشكل كبير على القوة الاقتصادية للولايات الزرقاء، مع قيادة نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت وإلينوي.
***
هل يوجد عالَم بلا ديمقراطيين أو جمهوريين؟ عالم ليس فيه متعصبون يساريون أو يمينيون؟ هل يمكننا أن نخلق عالمًا يسوده السلام، بلا حرب ولا سفك دماء، يتخلله أشخاص يجادلون بشكل معتدل، والذين ما زالوا يريدون تناول البيرة مع بعضهم البعض عندما ينتهون من الاختلاف حول مواضيع ليس لها أساس في الحقيقة الموضوعية؟ في مشهد من الصراع السياسي الذي لا نهاية له، إذا هبط كائنٌ فضائي محب للسلام على الأرض وسار إليك وطلب، "خذني إلى زعيمك!" هل سترافقه إلى البيت الأبيض أم إلى الأكاديمية الوطنية للعلوم؟
في خطر المبالغة حول تحليل الخيال، اسمح لي بتقديم تقرير عن ثقافة ComicCon [تجمّع محبّي القصص المصورة]. في سان دييغو، كاليفورنيا، وفي مدينة نيويورك، تنزل حشود من الناس سنويًا إلى مراكز مؤتمرات تلك المدن للاحتفال بعالم الكوسبلاي [أزياء التنكّر]، والكوميديا، والرسوم المتحركة، ورواية القصص الخيالية، والأبطال الخارقيين، وألعاب الحاسوب، وزوّار الفضاء، وخاصة الخيال العلمي على التلفزيون وفي الأفلام. إنهم يحبون البناء والعيش في عوالم اصطناعية بقواعد متسقة مع ذاتها. ثم يحبون التفكير بعقلانية داخل تلك العوالم. يجتذب هذان التجمعان الكوميكون المنظمان بشكل مستقل، وهما أكبر اثنين على وجه الأرض، أكثر من 300000 شخص. في جميع أنحاء العالم، قد يصل إجمالي الحضور في مؤتمرات مماثلة إلى الملايين. الحضور متنوعون في كل شيء. طويل، قصير، نحيف، ممتلئ، ذو إعاقة، غامض بين الجنسين، في طيف التوحد، يرتدي نظارة طبية، غير مهذب. لم يفز الكثيرون منهم في مسابقة شعبية ولن يكونوا أبدًا منافسين لملك أو ملكة في العودة للوطن، على الرغم من أنهم ربما حصلوا على درجات أعلى من الأطفال الآخرين في مدرستهم. أظن (ولكن لا يمكنني إثبات) أن مخطط Venn الخاص بـ مرتادي مهرجانات الكوميكون يحتوي بالكامل على دائرة كل شخص سبق له أن تم ربطه من قبل المتنمرين في المدرسة الثانوية في تاريخ الكون.
يجتمع الكل معًا من منطلق حب مشترك للخيال - يمكن القول إنه شيء يتغلغل بعمق في حمضنا النووي الجماعي. ومع ذلك، لا توجد أحكام مسبقة.
لا هذا ليس صحيحا. بالطبع هناك أحكام مسبقة.
على سبيل المثال، تكون العقوبة قاسية، ولكنها مؤقتة إذا كان زي R2D2 الخاص بك من فلم Star Wars حروب النجم يفتقد منفذ المثمن الخاص به. هل يمكن تصديق التنورة الجلدية ذات الثنيات والسيف في زي Xena Warrior Princess الأميرة المحاربة زينا الخاص بك؟ هل تقليدك لزومبي يجر قدماً هو مقنع؟ هل يقوم جهاز اليد في Star Trek الخاص بك بإصدار الضوضاء؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيتحدث الناس عنك. أبعد من ذلك، لا توجد أحكام مسبقة. بناءً على كل ما أعرفه عن المجتمع، لكوني شخصًا مهووسًا حاملاً للبطاقات، وبعد أن حضرت العديد من تجمعات الكوميكون على كلا الساحلين، يمكنني أن أؤكد بثقة أن الحاضرين يعرفون القراءة والكتابة علميًا إلى حد كبير. إنهم يتوقون إلى كل الطرق التي يمكن بها لمستقبل العلم والتكنولوجيا أن يحول العالم (الكون) إلى مكان أفضل. يمكنهم التمييز بين الخيال والواقع - في معظم الأوقات. إنهم يعرفون دائمًا الفرق بين الخير والشر، والأهم من ذلك أنهم يعيشون ويتركون الناس تعيش. إذا كانت مرتادوا الكوميكون يديرون العالم، فإن أسوأ المعارك الجيوسياسية ستكون معارك السيف الخفيف الوهمية بعد مأدبة غداء يوم الجمعة في مفوض الأمم المتحدة.
بدلاً من البيت الأبيض، لماذا لا تأخذ زائرنا الفضائي إلى مهرجان الكوميكون؟ سيكون لدينا مخاوف مشروعة من أن لا أحد سيلاحظ وجود كائنٍ فضائي فعلي مموه بين أولئك الذين يتظاهرون بأنهم فضائيون. في كوكب الفضائي؟ هواتف الزائر الفضائي في المنزل ترن ليقول - "إنهم مثلنا تمامًا!"
الفصل الخامس
خطر ومكافئة
الحسابات التي نجريها يوميا مع حياتنا الخاصة و
حياة الاخرين
لكي نفهم الاحتمالات والإحصاءات علينا فهم المخاطرة - وهي شيء لم يكن الدماغ البشري موصلاً باحتضانه بشكل غريزي. ضع في اعتبارك أن الحساب والجبر والهندسة وعلم المثلثات والرسوم البيانية للصيغ واللوغاريتمات والأرقام التخيلية ونظرية الأعداد وحساب التفاضل والتكامل كانت تعمل قبل أن يثبت أي شخص أنه قد يكون من الجيد أخذ المعدّل [مصطلح رياضيات]. بدأ علماء الرياضيات العرب من العصر الذهبي للإسلام، وخاصة ابن عدلان [الموصلّي (1187 - 1268 م) منذ أكثر من ألف عام، في التفكير في حجم العينة وتحليل التردد، ووضع المفاهيم الأولى لنظرية الاحتمالات، لكن المعالجة الكاملة لهذا المجال من شأنها ألا تصل حتى القرن التاسع عشر.
يعتبر البعض (بمن فيهم أنا) عالم الرياضيات الألماني في القرن التاسع عشر كارل فريدريش غاوس أعظم عالم رياضيات منذ العصور القديمة. بعد وقت قصير من اكتشاف أول كويكب على الإطلاق، سيريس، في عام 1801، تم تتبع مساره المداري بملاحظات متقطعة قبل أن يضيع في وهج الشمس. كيف نجده مرة أخرى عندما يظهر على الجانب الآخر؟ قرر غاوس مساعدة وتطوير الطريقة الإحصائية لـ "المربعات الصغرى" - أفضل طريقة رياضية لملاءمة خط عبر البيانات، مما يسمح لك بالتنبؤ بما قد تفعله البيانات مستقبلا. سمحت هذه الأداة لغاوس بالتنبؤ بالمكان الذي سيظهر فيه سيريس في السماء. كما فعلت بالفعل. في الوقت المناسب. تماما في المكان المتوقع.
بحلول عام 1809، اشتق غاوس بالكامل "منحنى الجرس" الشهير، والذي ربما يكون أقوى وأعمق أداة إحصائية في كل العلوم. يُعرف أيضًا باسم "التوزيع الاعتيادي"، وهو يكشف أنه بالنسبة لكل شيء تقريبًا تقيسه في العالم، فإن معظم القيم التي تبلغ أنت عنها ستقع في منتصف النطاق. عند القيم الأعلى أو الأدنى، تظهر أمثلة أقل وأقل من هذه القيم. تنطبق هذه الميزة بشكل خاص على حالات عدم اليقين التي تنشأ من القياسات نفسها، ولكن أيضًا بالنسبة للكميات التي قد يكون لها تغير فعلي. على سبيل المثال، قلة من الناس قصار القامة جدًا. قلة من الناس طوال القامة جدا. يهبط معظم الناس في مكان ما بينهما في الطول. المفهوم ليس أكثر تعقيدًا من ذلك، لكن التعبير الرياضي الدقيق لمنحنى الجرس جعل الرجال الأقوياء يبكون:
نعم، تحتوي على ثلاثة أحرف يونانية صغيرة - احسبها: سيغما، وپاي، ومو. كما أنه يحتوي على حرف f مائل وفاعلية أسية [تحت رمز] e، وكل ذلك في معادلة واحدة مع x كمتغير. عند الرسم، يأخذ المنحنى شكل جرس. ليس جرس الزلاجة. ليس جرس البقرة. لكن أشبه بجرس الحرية [الموجود في فيلاديلفيا الولايات المتحدة].
قبل ظهور هذه المعادلة بوقت طويل، كانت الفيزياء الأساسية للهبوط على القمر قد أُنشئت بالفعل، وكانت الثورة الصناعية على قدم وساق. مزيد من الاستدلال على أن التفكير الإحصائي في العالم ليس فقط أمرًا غير طبيعي، فقد تطلب التقدم في هذا المجال بعضًا من أذكى الأشخاص الذين عاشوا على الإطلاق. نواجه أيضًا حقيقة حديثة غريبة مفادها أن العديد من الجامعات الرائدة لديها قسم إحصائي منفصل ومتميز عن قسم الرياضيات. ومع ذلك، لا تجد أقسامًا منفصلة لفروع الرياضيات الأخرى. لا يوجد قسم لعلم المثلثات. لا يوجد قسم لحساب التفاضل والتكامل. الدليل على أن علم الإحصاء مختلف، ويتطلب بطريقة ما مساحة تفكير خاصة به.
عندما تحدث أحداث غير محتملة إحصائيًا - بشكل عشوائي - عادةً ما يستمد البالغون من خزان ضخم من المعاني لتفسيرها. الحاجة إلى القيام بذلك، إلى جانب الغياب العام للفضول لما هو حقيقي، قد يكون لها جذور تطورية عقلانية. على سبيل المثال، هل هذا أسد يهزّ العشب الطويل أمامك، أم مجرد آثار رياح لطيفة؟ ضع في اعتبارك النتائج في مخطط انسيابي للأسد الجائع:
1. تعتقد أنك ترى أسدا. أنت فضولي وتريد التأكد، لذلك تقترب وتكتشف أنه أسد بالفعل. ثم يأكلك الأسد، ويخرجك بإيجاز من مجموعة الجينات.
2. تعتقد أنك ترى أسد. أنت فضولي وتريد التأكد، لذلك تقترب، فقط لتكتشف أنه مجرد نسيم هواء. أنت تعيش يوماً آخر. لكن استمر في هذا السلوك وستعاني في النهاية من النتيجة رقم 1.
3. تعتقد أنك ترى أسد. إنه في الواقع أسد. لقد هربت قبل أن تتمكن من تأكيد ذلك. أنت تعيش يوما آخر.
4. تعتقد أنك ترى أسد. إنه ليس أسدًا. كان مجرد نسيم. لقد هربت قبل أن تتمكن من تأكيد ذلك. أنت تعيش يوما آخر.
لاحظ من الذي يكافأ هنا: أولئك الذين رأوا الأنماط، سواء كانت حقيقية أم لا، وأولئك الذين لم يكن لديهم فضول.
كان أسلافنا أيضًا يعتمدون بشكل كبير على افتراضات السبب والنتيجة لاستكشاف كيفية البقاء على قيد الحياة. إذا كنت تأكل بعض التوت في لحظة واحدة ومرضت بشدة في الساعات التالية، فربما كان السبب هو التوت. أثرت مصادفة هذين الحدثين بشكل كبير على فهمنا للعالم. أولئك الذين لم يجروا العلاقة السببية استمروا في المرض وتلاشوا من حوض الجينات. على الرغم من عدم وجود أسود كامنة خلف السيارات المتوقفة وعدم وجود ثمار سامة تنتظرنا في بقال الزاوية، فإن هذه السلوكيات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، عندما يتم توجيهها إلى الحضارة الحديثة، تظل معنا وتتجلى عبر طيف واسع من السلوك غير العقلاني.
على سبيل المثال، في لقاء صدفة مع صديق ضاع منذ فترة طويلة في مكان بعيد، غالبًا ما نعتقد أنه كان مقدراً، وربما نعلن، "لا توجد مصادفات!" إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد نقوم بالأدعاء المشكوك فيه جغرافيًا، "إنّه عالم صغير!" لكن حاول الاقتراب من كل شخص تراه في الشارع واسأله، "هل أعرفك؟" عندما يجيبون بـ "لا!" قم بالإعلان بصوت عالٍ "إنه عالم كبير!" اقض يومًا واحدًا في القيام بذلك ولن تدّعي أبدًا أنه "عالم صغير!" مجددا. في مثال آخر، كم منا يرتدي الجوارب أو الملابس الداخلية المحظوظة في الأيام المهمة؟ لقد أصبحت ثيابا محظوظة لأن هذا ما تصادف أنك ترتديه عندما حدث شيء جيد بشكل غير متوقع في حياتك.
في مثال آخر، هو ما يقدمه لك المعلنون، فهم يعلمون مقدمًا أن تقديم إحصاءات لك عن فعالية منتجهم سيكون غير فعال. لذا فهم يغمرون إعلاناتهم بشهادات مقنعة لأشخاص يشبهونك تمامًا، والذين يعلنون مدى روعة المنتج الذي خدم احتياجاتهم. من المرجح أن نتأثر بشخص واحد يشهد بشغف أكثر من تأثير الرسم البياني الشريطي الذي يحتوي على بيانات تم جمعها من آلاف الأشخاص.
الحوافز على التفكير بهذه الطرق قوية وغير ضارة في العادة. لكن عيوبنا معروفة جيدًا ويتم استغلالها بذكاء - تم الاستيلاء عليها - لتحقيق مكاسب اقتصادية من قبل الكازينوهات ومراكز المقامرة الأخرى. تخيل مدى اختلاف العالم لو كان التفكير بطريقة الرياضيات في الشؤون الإنسانية أمرًا عاديا وطبيعيًا. قد تؤثر قوى التحليل هذه على كل قرار نتخذه في يوم واحد تقريبًا - خاصة القرارات التي قد تؤثر على مستقبلنا غير المؤكد. لا يوجد تحليل للبيانات العلمية، لا سيما في العلوم الفيزيائية، بدون دورات ترادفية وشاملة متعددة السنوات للطلاب الجامعيين والخريجين في نظرية الاحتمالات والإحصاءات لدعمها. لهذه الأسباب قبل كل شيء، يبدو العالم مختلفًا تمامًا في عيون العلماء [الطبيعيين].
***
العلماء بشر أيضًا، لكن التدريب الرياضي المكثف يعيد الأسلاك ببطء لهذه الأجزاء غير المنطقية من الدماغ، مما يجعلنا أقل عرضة للاستغلال. في أحد الأمثلة الساطعة، ضع في اعتبارك الجمعية الفيزيائية الأمريكية (APS)، وهي المنظمة المهنية الأساسية لعلماء الفيزياء في البلاد. في عام 1986، بسبب تضارب جداول مواعيد الفنادق، اضطروا إلى إلغاء الخطط في اللحظة الأخيرة لسان دييغو لاستضافة اجتماع الربيع السنوي. في غضون أشهر قليلة فقط، أصبحت لاس فيجاس بديلاً سريعًا وسهلاً، وأصبحت MGM Grand Marina [منتجع إم جي إم الكبير] المضيف المحظوظ لـ 4000 عالم فيزيائي. هذا الفندق، الموجود الآن في موقع جديد يضم ما يقرب من 7000 غرفة، كان ولا يزال أكبر فندق منفرد في الولايات المتحدة. مع وجود أكثر من ثلاثة أفدنة من الكازينو في العقار ، فإن نموذجهم التجاري ليس مخفياً.
خمن ماذا جرى.
في ذلك الأسبوع المشؤوم، ربح فندق MGM أموالًا أقل من أي أسبوع سابق على الإطلاق. هل يمكن أن يعرف الفيزيائيون الاحتمالات جيدًا لدرجة أنهم عززوا احتمالاتهم ضد الكازينو في البوكر والروليت والكرابس وآلات القمار وخرجوا من الفائزين؟ لا. هم ببساطة لم يلعبوا.
تم تلقيح الفيزيائيين من القمار بفضل الرياضيات.
[في الصورة: علماء فيزياء في المدينة، أقل إرتياد لكازينو على الإطلاق. 1986 عنوان صحيفة في لاس فيغاس. ملاحظة: كحصيلة، لاس فيغاس طالبت الجمعية الفيزيائية الأمريكية (APS) بأن لا يعودوا أبدا إلى مدينتهم.]
بالمقارنة مع التطبيقات الأخرى الأرضية-الطابع من الاحتمالات والإحصاءات، تستهدف الكازينوهات على وجه التحديد وبشكل ضار نقاط ضعفنا. فقط لأن رقمك المفضل، لنقل 27، لم يظهر منذ فترة على عجلة الروليت لا يعني أن الرقم 27 هو "متوقّع". كل دورة [لعجلة الروليت] لا تملك أيّ ذاكرة لأي دورة سابقة، مما يترك لك نفس الاحتمالات في كل دورة. ومع ذلك، تسرد كل طاولة روليت نتائج العشرات من الدورات السابقة أو نحو ذلك، فقط لتغذية جهلنا بكيفية عمل الاحتمالات. ببساطة، لا تستطيع أدمغتنا -وهي ضمن الرئيسيات- التعامل مع هذه الحقيقة.
عدد قليل من هؤلاء. دائمًا ما يكون مجموع جوانب النرد المناسب هو سبعة. ستة وواحد. خمسة وإثنان. أربعة وثلاثة. السبعة هي أيضًا الناتج على الأرجح على زوج من النرد. السبعة المحظوظ. لكن دحرجة السبعة لا يزال غير محتمل. في المتوسط، خمسة من ست محاولات [نرد] لن تعطيك سبعة. ماذا عن أحد عشر؟ هذا هو 1 في 18 إلقاءاً من النرد. أشياء يجب معرفتها قبل أن تسمح لكازينو بأخذ أموالك عن طيب خاطر، إذا كان ذلك عن غير قصد.
إذا كنت في سلسلة انتصارات نادرة - الفوز بشكل متقطع هو بالضبط ما يغذي الإدمان - يأخذ الكازينو ملاحظات ويرسل عبر خادم لطيف ليقدم لك مشروبات كحولية على حساب الكازينو. فقط ما تحتاجه في تلك اللحظة، وسيلة لزيادة تشويه قدرتك على التفكير.
لا شيء من هذا ينقص من أولئك الذين يحبون المقامرة بين الحين والآخر. عندما أكون في فيغاس، أحب المراهنة على مجموعات مختلفة من 2، 3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 23، 29، 31 على طاولة الروليت. هذا هو التموين الكامل للعجلة من الأعداد الأولية الرياضية. إحصائيًا، إنها جيدة (أو سيئة) مثل أي مجموعة أخرى من أحد عشر رقمًا قد تختارها. إذا كنت سأقوم بتسليم أموالي إلى كازينو، فسوف أتراجع أثناء إجراء بعض العمليات الحسابية. عادةً ما أخصص حوالي 300 دولار وأجعلها تدوم عدة ساعات. عند عودتي من الكازينو، عندما يسأل الناس كم خسرت، أجبت أنني ربحت 300 دولار من الترفيه - عن تكلفة العشاء والنبيذ والأوبرا في مسقط رأسي. من الغريب إذن أن لا أحد يسأل، عند عودتك من المسرح، "كم خسرت؟"
في الولايات المتحدة، المقامرة المنظمة منتشرة في كل مكان. بلغت إيرادات الكازينوهات لعام 2021 أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 45 مليار دولار. هذا ما يقرب من ضعف الميزانية السنوية لوكالة ناسا لاستكشاف الكون. تقدم 45 ولاية من أصل خمسين نوعًا من lottery اليانصيب ، بما في ذلك Powerball، حيث ينفق الجمهور ما يقرب من 100 مليار دولار سنويًا على أمل الفوز بالجائزة الكبرى - أو على الأقل الفوز بأكثر مما أنفقوه على تذاكرهم. كما تتوقع، كلما زادت الجائزة الكبرى، تم بيع المزيد من تذاكر اليانصيب. إن شراء المزيد من التذاكر يزيد بالفعل من فرصك في الفوز، ولكن عادةً ما يتم تقاسم الجوائز الكبرى بين الفائزين، لذا من الناحية الإحصائية، فإن ربحك يتضاءل مع زيادة عدد مشتري التذاكر.
في مسابقة حديثة، كانت احتمالات الفوز بالجائزة الكبرى للعبة Powerball في ولاية تينيسي 1 من 292.2 مليون. كثير من الناس يقبلون هذه الاحتمالات، على أمل - بل يتوقعون - الفوز. على الرغم من أنك أكثر احتمالا 300 مرة أن يضربك وتقتل بسبب البرق. نعم، هذا يعني أن شاهد قبرك سيقول على الأرجح "قتل بواسطة البرق" بدلاً من "ربح يانصيب تينيسي باوربول". الولايات التي حظرت الكازينوهات بخلاف ذلك، باركت المقامرة عندما تديرها تشريعاتها الخاصة.
أثناء تواجدنا في تينيسي، تخيل أن شخصًا ما تدعى كلير تفوز بالجائزة الكبرى. تقول إنها جيدة في التنبؤ بالأحداث المستقبلية. على الرغم من أن اسمها الأخير هو Voyant [فويانت]، فإليك عنوانًا رئيسيًا من غير المحتمل أن تراه:
كلاير فويانت، عارفة النصيب في المدينة، تفوز باليانصيب ... مرة أخرى.
احتمال فوزها مرتين هو 1 في 292.2 مليون مرة مضروبا في1 من 292.2 مليون. هذا هو 1 من 85 كوادريليون. أنا فقط أقول. [ألف مرفوع إلى أس خمسة (1015).]
أفضل تبرير سمعته للعب اليانصيب كان من والدة زميل في الفيزياء الفلكية. تشتري أحيانًا تذكرة أسبوعية واحدة، وخلال تلك الأيام السبعة، في انتظار سحب الأرقام، تتصفح كتيبات العقارات الفاخرة التي تعرض منازل جميلة لا يستطيع أي شخص تحمل تكلفتها. تتخيل أن تعيش في منزل تختاره، وهذا الشوق يجلب لها فرحة مؤقتة، تستحق ثمن التذكرة. من أنا لأوقفها.
تعتبر الأرباح التي تجنيها الولاية، بعد الدفع للفائزين وتجار التذاكر، مصدرًا رئيسيًا للدخل الذي غالبًا ما يتحول إلى البرامج الاجتماعية، وخاصة رياض الأطفال من خلال التعليم الثانوي، مما يخلق معضلة أخلاقية للتصويت ضد هذا الشكل من المقامرة القانونية في ولايتك. هذا جعلني أفكر. هل يتم تدريس الاحتمالات والإحصاءات في المدارس الحكومية الأمريكية؟ تظهر الاستطلاعات الأخيرة أن الإجابة في الغالب هي لا. في الأماكن القليلة التي تقوم بتدريسها، يتم تدريس الفصول الدراسية [لمادّة الأحصاء] على أنها اختيارية جديدة أو كجزء من دورة تدريبية متقدمة في الكلية. إذا كانت الاحتمالية والإحصاءات بدلاً من ذلك جزءًا أساسيًا من منهج K-12 [المعادل للصف الأول ابتدائي]، يتم تدريسها لكل طالب، عبر صفوف متعددة، وإذا تم تخصيص إيرادات يانصيب الولاية لتحقيق ذلك، فقد يؤدي اليانصيب إلى إيقاف العمل عن طريق تلقيح مواطنيها ضد اليانصيب نفسه.
***
قبل بضع سنوات، أثناء تجوالي في مطار ماكاران في لاس فيغاس، قمت بخطيئة الكتّاب الكبرى وتوقفت عند محل بيع الكتب لمعرفة ما إذا كان أحد كتبي المنشورة مؤخرًا معروضًا هناك. ثم أتطوع بعد ذلك للتوقيع على نسخهم، مما يزيد من فرص إجراء عملية بيع.
[في الصورة منشور لنيل دغراسي تايسون على تويتر: لا تحتوي كتب الحدود في مطار فيغاس على قسم علمي. لن ترغب في تعزيز التفكير النقدي قبل المقامرة، 3:46 مساءً • 9 فبراير 2010 * عميل ويب Twitter.
لم أتمكن من العثور على الكتاب، لكني ألقيت نظرة خاطفة على الرفوف وربما فاتني. بالإضافة إلى ذلك، المكتبات في المطارات صغيرة جدًا. ولم يكن الكتاب من أكثر الكتب مبيعًا، لذلك ليس هناك توقع لهم أن يحملوا كتابي. ومع ذلك سألت بلباقة الكاشير، "أين قسم العلوم لديك؟" كان الرد بسيطًا ومباشرًا، "معذرة، ليس لدينا قسم علمي". أصبحت ردة فعلي الصامتة في تلك اللحظة هي تغريدتي الافتتاحية من بين الآلاف التي يجب متابعتها والتي من شأنها أن تلتقط أفكاري اليومية العشوائية كمعلم وكعالم - العالم من خلال عدسة عالم فيزياء فلكية.
إذا قام الأجانب الزائرون من الفضاء بتحليل ما يحدث هنا، فقد يتساءلون عن نوع الأنواع التي ستستغل نقاط الضعف من نوعها عن قصد، مما يؤدي إلى تحويل منهجي للثروة من المقامر إلى مالكي الكازينو، سواء كانوا في فيغاس أو في الحكومة.
دليل جيد على عدم وجود علامة على وجود حياة ذكية على الأرض. تنبع بعض هذه اللاعقلانية من الرغبة في الشعور بالخصوصية - قوة حميدة تعتني بك، وتجعل الأشياء غير المحتملة تحدث لصالحك. تجربة فكرية أخرى: قم بصفّ 1000 شخص واجعلهم جميعًا يقلبون عملة معدنية. بالنسبة لعملة عادية، مع وجود فرصة بنسبة 50 في المئة لوجه أو كتابة، سيحصل نصف الألف تقريبًا على كتابة. اطلب منهم الجلوس واطلب من الـ 500 شخص الباقين مواصلة التجربة. أخبر 250 شخصًا ممن حصلوا على كتابة أن يجلسوا، تمامًا كما فعل أول 500 شخص. ستختلف الأرقام قليلاً من تجربة إلى أخرى، ولكن في المتوسط، سيقطع أولئك الذين تركوا واقفين طريقهم إلى النصف من 1000 إلى 500 إلى 250 إلى 125 إلى 62 إلى 31 إلى 16 إلى 8 إلى 4 إلى 2 إلى 1. هذه النتيجة واضحة، لكن دعونا ننظر عن كثب. بعد خمس رميات للقطع النقدية، سيكون حوالي 30 شخصًا قد حصلوا على صورة خمس مرات متتالية، مما أدى إلى خسارة 970 شخصًا. ماذا عن آخر واحد يقف فائزا؟ حصل ذلك الشخص على صورة [على القطعة النقدية] عشر مرات متتالية. لم يحدث هذا أبدًا في حياتك، ومع ذلك سيحدث لشخص ما في معظم الأوقات التي تكرر فيها هذه التجربة. من الذي تتعجل الصحافة للتحدث معه؟ ليس الخاسرون الـ 999، ولكن الـ 1 من 1000 الذين حصلوا على عشرة صورة [نقود] متتالية. يمكنك تخيل المحادثة:
المراسل المتلهف: هل كنت تعتقد أنك ستفوز؟
فائز سعيد: نعم. هذا الصباح شعرت ببعض الطاقة الذهنية في الغرفة. في منتصف الطريق، زاد هذا الشعور. بعد قليل من التقلبات المتبقية، علمت أنني سأفوز.
خلال هذا التبادل الموجز، حول متسابقنا الخيالي هذا نتيجة إحصائية عشوائية تمامًا إلى مصير إيماني. إذا كنت تعتقد أن هذه التجربة غير واقعية للغاية بحيث لا تكون ذات صلة، ففكر في سوق الأسهم. في نهاية يوم التداول (أو الأسبوع أو الشهر)، يمكنك توقع نتيجتين حقيقيتين فقط لأي مؤشر سوق أو أداة استثمار تهتم بها. يمكن أن يكون مؤشر داو جونز الصناعي، ومركّب ناسداك، وأسهم التكنولوجيا، والعملات المشفرة، والسندات البلدية، وبطون لحم الخنزير، لا يهم أيّها تختار. سينتهي الاستثمار في يوم التداول أقل أو أعلى من اليوم السابق. يمكن أن تظل أيضًا دون تغيير، ولكن هذا نادر الحدوث في هذا المثال. جزء آخر من الحقيقة الفظة: عند توقع انخفاض السعر، فإنك تبيع الأوراق المالية لشخص يشتريها على أمل أن يرتفع السعر.
بغض النظر عما يفعله السوق في يوم واحد، فإن الأخبار توضح أسباب ذلك. حتى التغييرات اليومية الجزئية الصغيرة تحصل على تفسيرات لحسابها. من حين لآخر، لا يقدمون أي سبب على الإطلاق، ولا حتى الارتباك الضمني. ضع في اعتبارك هذا العنوان النموذجي للغاية لعالم الاستثمار الذي غرّدته شبكة التلفزيون المالية CNBC [على موقع تويتر] في 10 ديسمبر 2021:
ارتفعت المعدلات الرئيسية يوم الجمعة، مما أدى إلى توسيع شارع وول ستريت القوي هذا الأسبوع، على الرغم من التضخم الذي بلغ 39 عامًا
لو كانوا صادقين، فإليك ما كان سيقوله هذا العنوان:
ارتفع السوق اليوم. ليس لدينا أي فكرة عن السبب وما زلنا مذهولين.
لمزيد من التحقيق في هذا الأمر، اصطف في صفٍّ ألف محلل [اقتصادي] في وول ستريت. هناك أكثر من ذلك بكثير ، ولكن دعونا نلتزم برقم 1000. ربما يكون البعض أفضل في كسب المال من آخرين. دعونا لا نأخذ ذلك بعيدًا منهم. قد يكونون جيدين في التنبؤ بالاتجاهات الثقافية والتنقل بين المتغيرات المتزامنة التي لا حصر لها والتي يمكن أن تؤثر على محفظاتهم. هذا غالبا ما يؤتي ثماره. لكن لنتظاهر للحظة أن سوق الاستثمار عشوائي تمامًا. إذا كان الأمر كذلك، حتى إذا استخدموا السهام [سهام الرشق على لوحٍ صغير] لتوجيه استراتيجيات الاستثمار الخاصة بهم، فإن واحدًا من بين ألف محلل سيتوقع بشكل صحيح نتائج كل يوم على مدار عشرة أيام متتالية. تمامًا كما في تجربتنا "رمي النقد للصورة أو الكتابة"، قبل خمسة أيام فقط، كان حوالي 30 محللاً في السوق قد توقعوا بشكل صحيح نتائج السوق لمدة خمسة أيام متتالية. هذا 30 فقط من بين 1000. إذا تمت مقابلته، فإن 30 شخصًا ناجحًا وخاصة آخر منهم سيتباهى بالتأكيد برؤى السوق الخاصة. سنصدقهم، لأن الأداء يبدو مثيرًا للإعجاب لكل من المستثمر والمحلل، وكل ذلك من أجل شيء عشوائي تمامًا.
هل أنجح متداول في البلاد في عام واحد هو أيضًا أنجح متداول في العام التالي، والسنة التي تلي ذلك؟ هذا نادرا ما يحدث. في واحد من العديد من المواقع التي تصنف المتداولين ، 12 استجابة لطلبي للحصول على البيانات السابقة، أعلنوا: "لا توجد طريقة يمكنك من خلالها الاطلاع على الترتيب التاريخي للخبراء على الموقع." لذلك قمت بتدوين الملاحظات، وانتظرت خمسة أشهر فقط، وراجعت قائمتهم مرة أخرى. من بين المحللين العشرة الأوائل في يوليو / تموز 2021، لم يكن أي منهم في المراكز العشرة الأولى. تعرف شركات الاستثمار هذا القصور وتنبهك قانونيًا في النص الصغير إلى أن "الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية".
إذا كان آخر شخص ينجح هو نفسه في كل مرة، فإن شيئًا غير عادي يحدث. نريد مثل هؤلاء الناس أن يوجدوا. نحن بحاجة إلى وجود مثل هؤلاء الناس. إنها دليل على أن العالم معروف وليس عشوائيًا. هذا جيد لأننا لا نفهم العشوائية. كان أداء شركة بيركشاير هاثاواي التابعة لوارن بافيت جيدًا خلال نصف القرن الماضي، على الرغم من أنه منذ عام 1965 أنهت الشركة أحد عشر عامًا في درجة سلبية، اثنان منها سيئان. في عام 1974 انخفضت قيمتها بنحو 50 في المئة وفي عام 2008 بأكثر من 30 في المئة. ما نريده حقًا هو فائز ثابت. ذلك الّذي لا يثير قلق السوق من سنة إلى أخرى. مثل هذا الشخص موجود بالفعل. كان اسمه بيرني مادوف، مع سلسلة انتصارات استمرت لعقود تحدت كل الصعاب. لا بدّ أن يكون جيدًا. أو لابد أنه يغش. أو لابد أنه كان بارعا في الغش. حقق مادوف ما يقرب من 65 مليار دولار من مدخرات الأشخاص في أكبر مخطط استثماري في بونزي تم فرضه على جمهور مطمئن. أدين في مارس / آذار 2009، وتوفي أثناء سجنه في أبريل / نيسان 2021، قبل وقت طويل من تنفيذ حكمه بالسجن لمدة 150 عامًا. يقول البعض أن سوق الأسهم هو أكبر كازينو في العالم. أوافق إلى حد كبير، إلا أنه لا أحد يجلب لك مشروبات مجانية هناك.
***
حتى عندما لا نزور لاس فيغاس، هناك احتمالية في القرارات اليومية التي نتخذها. ضع في اعتبارك شعور الجمهور تجاه الكائنات المعدلة وراثيًا - الـ GMO. تميل ردود الفعل إلى أن تكون ثنائية النسق، اعتمادًا على سياستك، وهي بحد ذاتها علامة تحذير. يجب ألا ترتبط حقيقة وفعالية العلم بآرائك السياسية. يميل الأشخاص ذوو الميول اليسارية إلى اعتبار الكائنات المعدلة وراثيًا آفة شريرة وغير صحية على الصحة والحضارة. يميل العلماء والأشخاص الذين يميلون إلى اليمين إلى أن يكونوا على ما يرام معها. تقع مناقشة كاملة للموضوع خارج نطاق هذا الكتاب، على الرغم من أنني قد رويت فيلمًا وثائقيًا يستكشف علم الكائنات المعدلة وراثيًا وكذلك الانقسام الثقافي والسياسي الذي تسببت فيها. هنا، بدلاً من ذلك، أقدم حكاية إحصائية لإثارة شهيتك.
طورت شركة المواد الكيميائية الغذائية مونسانتو، المملوكة الآن لشركة باير، نوعًا معدلاً وراثيًا من الذرة كان مقاومًا تمامًا للغليفوسات، وهو مبيد أعشاب لقتل الأعشاب الضارة يتم تسويقه تحت اسم Roundup، والتي طوروها أيضًا. أزال علماء مونسانتو وراثيًا قابلية الذرة لديهم تجاه المادة الكيميائية. هذا المزيج الفعال - ذرة مونسانتو المعدلة وراثيًا إلى جانب مبيد الحشائش من شركة مونسانتو - مكّن المزارعين من رش محاصيلهم بالكامل وجعل مبيدات الأعشاب تقتل كل شيء ما عدا الذرة. تستخدم شركة بين وجيري Ben & Jerry للمثلجات في فيرمونت شراب الذرة كمادّة تحلية لبعض منتجاتها. (نعم، لقد فوجئت أيضًا بمعرفة ذلك.) أدت الأخبار التي تفيد بأن بعض أنواع الآيس كريم الخاصة بهم تحتوي على كميات ضئيلة من الغليفوسات من الذرة المستخدمة في شرابهم إلى انتشار عواصف في وسائل الإعلام. رداً على ذلك، قررت شركة بين وجيري التوقف عن استخدام شراب الذرة المعدّل وراثيًا تمامًا ، على الرغم من أن مستويات الكشف عن جزء واحد لكل مليار من الغليفوسات كانت أقل بكثير من المعايير الأمريكية والأوروبية. نظرًا لأن العديد من الأشخاص الذين يشترون آيس كريم من بين وجيري يميلون إلى اليسار - بما يتماشى مع وجهات نظر الشركة التقدمية عمومًا بشأن كل الأشياء - اعتبرت شركة بين وجيري للمنتجات المنزلية هذا الحظر قرارًا تجاريًا حكيمًا.
دعونا نلقي نظرة فاحصة على ما حدث هناك. كل مادة يمكن أن تتناولها، سواء كانت طعامًا أو غير ذلك، لها جرعة مميتة محسوبة مرتبطة بها، وتقاس بما يسمى LD50. هذه هي الجرعة لكل كيلوغرام من وزن الجسم حيث يموت 50 في المئة من الأشخاص الذين يستهلكون هذه الكمية بسرعة. غالبًا ما تأتي هذه البيانات من الاختبارات التي أجريت على الثدييات المختبرية مثل الفئران. هناك مقياس آخر، يسمى مستوى التأثير غير الملحوظ - الضار (NOAEL)، والذي يعالج التأثير طويل المدى لأيّ مادة كانت على صحتك ويكون أكثر منطقية عند التفكير في سلامة الغذاء. يساعد LD50 على توضيح نقطة مختلفة. كلما قلت قيمته بالنسبة لمادة ما، كانت أكثر فتكًا. على هذا النحو، يمكن أن تكون جداول LD50s مضيئة تمامًا. إليك عينة:
30 جرام لكل كيلوجرام السكروز (سكر المائدة)
7 جرام لكل كيلوجرام الإيثانول (كحول شائع)
5 جرام لكل كيلوجرام غليفوسات (Roundup)
3 جرام لكل كيلوجرام ملح الطعام
0.2 جرام لكل كيلوجرام الكافايين (موجود في القهوة والشاي)
0.0065 جرام لكل كيلوغرام النيكوتين
المادة الأكثر فتكًا في هذه القائمة المختارة يدويًا هي النيكوتين. يبدو الكافيين قويًا جدًا أيضًا. فقط اشرب حوالي ثمانين كوبًا من ديمتاس من الإسبريسو إذا كنت تريد أن تموت بسبب ذلك. يأتي بعد ذلك الملح. من الواضح إذن أن الثناء على أنك "ملح الأرض" [تعبير مسيحي عن المؤمنين] لا يمكن أن يكون دائمًا شيئًا جيدًا. هذا الخط الشهير من The Rime of the Ancient Mariner [رواية سجع البحّار القديم] يلتقط ضمنيًا LD50 للملح، الذي يتأمله الملاح العطشان، وتحيط به مياه المحيط المالحة:
"الماء، الماء في كل مكان، ولا أي قطرة للشرب."
الأقل فتكًا في القائمة هو السكر، كما قد تتوقع. لاحظ كذلك أن الغليفوسات أقل فتكًا من ملح الطعام، ولكن ليس كثيرًا. في الواقع لا شيء من هذا يعنينا هنا. ما يهم هو ما يحدث لشخص يبلغ وزنه 150 رطلاً (70 كجم) يأكل آيس كريم بين وجيري - وهي حقيقة حسبتها، ولكنني أزلتها إلى حساب تويتر المحظور الخاص بي، حيث بقي، لمجرد أنه سيكون مزعجًا. في وسائل التواصل الاجتماعي، لا أنوي أبدًا أن أكون مزعجا:
ستحتاج إلى استهلاك أربعمائة مليون باينت من آيس كريم بين وجيري مقابل كميات ضئيلة من الغليفوسات لقتلك. ولكن بعد 20 مكيال فقط ستموت من محتواها من السكر.
اتخذت شركة بين وجيري القرار الصائب للشركة إذا كان يحمي أرباحها. على الرغم من أنه كان بإمكانهم أيضًا استخدام المناسبة كلحظة تعليمية - درس مذهل حول المخاطر المقارنة. لكن هذا لا ينجح إلا إذا كان الناس منفتحين على التعلم. في العصر الحديث، لا يستوفي الكثير منا هذا المعيار، ربما لأنه وفقًا لكاتب المقالات البريطاني في القرن التاسع عشر والتر باجهوت،
من أعظم آلام الطبيعة البشرية هو ألم فكرة جديدة.
لكن المزيد من اقتباسه يروي كل شيء:
إنه، كما يقول عامة الناس، "مزعج للغاية؛" يجعلك تعتقد أنه، بعد كل شيء، قد تكون مفاهيمك المفضلة خاطئة، وأقوى معتقداتك لا أساس لها من الصحة ... بطبيعة الحال، لذلك، يكره الرجال العاديون كل فكرة جديدة، ويميلون أكثر أو أقل إلى إساءة معاملة الرجل المتأصّل الذي يجلبها.
هناك بُعد آخر للمخاطر يتم تجاهله وهو رغبتنا في تبني الدراسات التي تخبرنا أن عاداتنا أو نظامنا الغذائي قد يزيد من فرصنا في الإصابة بالسرطان. في كثير من الأحيان، عندما يتم الإبلاغ عن مثل هذه الدراسات، فإنها تخبرك كيف يزيد خطر إصابتك بالسرطان عندما تنخرط في نوع أو آخر من الأنشطة. إن معرفة الخطورة الأساسية لهذا السرطان بعينه أمر بالغ الأهمية، ومع ذلك فإننا نادرًا ما نولي اهتمامًا لهذه الإحصائية. على سبيل المثال، دعنا نحلل هذه الجملة من صفحة الويب لجمعية السرطان الأمريكية حول سرطان القولون: "إن طهي اللحوم في درجات حرارة عالية جدًا (القلي أو الشواء أو المحمّر) ينتج مواد كيميائية قد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان." تظهر كلمة "قَد" لأن بعض الدراسات تظهر عدم وجود أخطار متزايدة على الإطلاق. على أي حال، أنا أحب تقليب اللحوم في درجات حرارة عالية جدًا، لكنني أيضًا لا أريد أن أصاب بالسرطان. تقدم صفحة الويب مناقشة كاملة لعوامل الخطر المتعددة، ولكنها لا تحدد خطورتي الأساسية ولا تحدد مقدار زيادة هذا الخطر. ومع ذلك، من خلال الحفر في مكان آخر، علمت أن خطر إصابتي بسرطان القولون والمستقيم يبلغ 4.3 في المئة. ومن خلال دراسة-بعدية منفصلة لمقالات بحثية ، علمت أن خطر إصابتي بسرطان القولون والمستقيم على خط الأساس هذا يبلغ حوالي 15 بالمائة، مع تباين كبير من دراسة إلى أخرى. لا أحد يريد أن تزداد فرصته في الإصابة بسرطان القولون والمستقيم على الإطلاق، ناهيك عن 15 في المئة. ما هو واضح رياضيًا، ولكنه خادع من ناحية المحادثة (خاصةً إذا كنت قد قرأت للتو العناوين الرئيسية) هو أن فرصة حياتك للإصابة بسرطان القولون والمستقيم لم تزداد بنسبة 15 بالمائة. ما زاد بنسبة 15 في المئة هو الخطر على خط الأساس الخاص بك. إذا كنت تأكل اللحوم المشوية في درجات حرارة عالية، فإن أخطار حياتك تزيد بنسبة 0.6 فقط، من 4.3 في المئة إلى 4.9 في المئة، وهي بالفعل زيادة بنسبة 15 في المئة.
إذا كنت خبيرًا في شواء اللحوم، يمكنك اختيار قبول أو رفض هذا الخطر المتزايد للسرطان في حياتك. نحتاج ببساطة إلى الصدق والشفافية عند الإبلاغ عن هذه الإحصائيات إذا أردنا اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن نمط الحياة.
التحدي الآخر الذي يواجهه الدماغ البشري هو التهديدات الوجودية البطيئة. من السهل إنكارها، غالبًا لأن الخطر ليس واضحًا ولا حاضرا. إذا كنت تدخن بشدة، على سبيل المثال، فأنت بالتأكيد تدرك أنك تواجه خطرًا متزايدًا للوفاة من سرطان الرئة أو أمراض القلب ذات الصلة. لكن هذا هو جسدك. إنها سيجارتك. اللعنة، إنها دولة الحريّة. لذا فأنت تقبل المخاطرة المتمثلة في احتمال أن يكون هناك احتمال 1 من 8 أن يُكتَب على شاهد قبرك "مات من التدخين".
فقط للتوضيح، أنت تراهن على نتيجة تحمل احتمالات أفضل من معظم رهانات الكازينو على النتائج التي تسعى إليها.
بمساعدة تجربة فكرية أخرى، دعنا نسرع الأمور قليلاً. نفس المخاطر كما في السابق باستثناء تسريع الجدول الزمني وإضافة بعض الدماء غير المبررة. [تخيّل السيناريو] تحدد جميع السلطات الإقليمية الثلاثاء المقبل "يوم مدخني السجائر". ستؤدي النفخة الأولى التي يسحبها واحد من كل ثمانية مدخنين، بشكل عشوائي، إلى انفجار جماجمهم، تاركًا إياهم جثثًا منهارة، مقطوعة الرأس، ملطخة بالدماء على الرصيف. إذا صادف أنك بقيت على قيد الحياة في ذلك اليوم، فقد تدخن لبقية حياتك وتموت بسبب آخر.
في ذلك الثلاثاء المشؤوم، كانت الشوارع وصالات التدخين في أمريكا لتصبح مليئة بأربعة ملايين جثة مقطوعة الرأس - ثلاثة أضعاف عدد القتلى الذي تكبدتها الولايات المتحدة في جميع نزاعاتها المسلحة مجتمعة، بما في ذلك الحروب العالمية وكوريا وفيتنام والحرب الأهلية. كان ليكون يوما دمويا بالفعل، لكن سيناريو الرؤوس المنفجرة سيكون أقل تكلفة بكثير على المجتمع لأن نمط الموت هذا لا يتحمل فواتير طبية طويلة الأمد من محاولة إبقاء مرضى السرطان على قيد الحياة.
إذا كنت تحب التدخين، فهل ستخاطر بذلك؟
عندما تستكشف نفس المعلومات الأساسية - نفس البيانات - من العديد من وجهات النظر المختلفة، خاصةً عندما تقارن خطرًا تتقبله بينما ترفضه لآخر، تتألق التفاصيل ذات الصلة بشكل ساطع بينما تتلاشى التفاصيل غير ذات الصلة. هذه هي بدايات منظور مستنير ومثقف علميًا.
***
ماذا عن السلامة؟ كلنا نريد أن نعيش طويلا ونزدهر. ماذا عن الخطر العام للموت المبكر من جميع الأسباب إذا كنت تعيش في المدينة مقارنة بالضواحي؟ لطالما كانت المدن الكبيرة بؤرة للجريمة والقتل، ولكن هذا هو المكان الذي توجد فيه الشركات. فلماذا لا تعيش في المدينة في الوقت الحالي، وتتزوج، وتجني الكثير من المال، ثم تنتقل إلى الضواحي الآمنة لتربية أسرة. هذا هو الغرض من الضواحي: وسيلة للهروب من كل شيء سيء في حياة المدينة.
مثال رئيسي على التمني والتفكير الانتقائي.
إذا كان هذا هو السبب، فإن خيالك قد تجاوز بحثك عن البيانات المتضاربة. بغض النظر عن أن جميع عمليات إطلاق النار الجماعية تقريبًا في المدارس تحدث في الضواحي ، إذا أضفت المخاطر المميتة على الحياة في المدينة مقابل الحياة في أي مكان آخر، فقد تبين أنك أكثر أمانًا في المدينة. أسباب الضرر المحتمل مختلفة، لكن المقارنة مفيدة. في الضواحي، تكون الوفيات الناجمة عن حوادث المرور أعلى بكثير مما هي عليه في المدينة، وكذلك الحوادث الإجمالية (بما في ذلك الغرق) والانتحار والجرعات الزائدة من المخدرات. مجتمعة، في المتوسط، فإن فرصتك في الوفاة المبكرة في الضواحي أعلى بنسبة 22 بالمائة مما هي عليه في المدينة الكبيرة.
يتطلب هذا التحليل ببساطة أن تتراجع عن الحقائق المفترضة، وأن تكتسب منظورًا أوسع، وأن تستفسر عن البيانات بطرق مختلفة، وليس أي منها ممكنًا في الرؤية النفقية للتحيز.
فيما يتعلق بإطلاق النار الجماعي، نشرت مرة تغريدة كان من المفترض أن تُنزل إلى ملف تويتر الممنوع الخاص بي، لكنني اعتقدت خطأً أن الناس سيشعرون بالارتياح لمعرفة أن عمليات إطلاق النار الجماعية هي جزء ضئيل من جميع الوفيات التي يمكن الوقاية منها في البلاد. تُعد عمليات إطلاق النار الجماعية جزءًا صغيرًا جدًا من جميع الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية، والعواطف أكثر من البيانات هي التي تحرك ردود أفعالنا تجاهها. تم نشر تغريدتي في غضون أيام من إطلاق النار عام 2019 في إل باسو، تكساس ، حيث تعرّض 46 شخصًا في سوق وول مارت لإطلاق نار، قُتل 23 منهم. تعرضت للتشهير على الفور في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب عدم حساسيتي تجاه الضحايا وأحبائهم.
قبل ذلك بسنوات، ولكن بعد الأحداث بفترة طويلة، كنت قد أوضحت نقطة مماثلة بشأن عدد القتلى الأمريكيين من أربع طائرات من جراء الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر / أيلول 2001. توفي ما يقرب من 3000 شخص في ذلك اليوم، وكان من المتوقع أن يعود جميعهم إلى المنزل لتناول العشاء. أشرت إلى أننا نفقد حوالي 100 شخص يوميًا بسبب حوادث المرور، مما يعني أنه بحلول 11 أكتوبر 2001، بعد شهر واحد، فقدنا عددًا أكبر من الأشخاص الذين ماتوا في 11 سبتمبر. تستمر هذه الإحصائية في التراكم، شهرًا بعد شهر، ولن تنحسر حتى نفعل شيئًا حيالها. في كل عام نستمر في خسارة ما يزيد عن 35000 شخص على طرقنا، ومع ذلك فقد أنفق الجيش الأمريكي 2 تريليون دولار على حربنا بعد 11 سبتمبر على الإرهاب، ومعظمها في العراق، والتي عجلت بسبب جريمة واحدة في 11 سبتمبر. كانت أمريكا غاضبة ولا تريد أن تعيش في حالة رهاب. لم يكن هذا حساب التكلفة والعائد فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح. لقد كان حساب التكلفة والفائدة حول ما نشعر به.
في مثال آخر على الحقائق مقابل المشاعر، ضع في اعتبارك الحلول المقترحة للارتفاع النيزكي في أعداد الغزلان التي تتجول في المناطق السكنية في شمال شرق الولايات المتحدة. أحسب عدد الغزلان ودورها في حوادث السيارات التي لا تنتهي والتي تؤدي إلى إصابة بشرية ووفيات، ناهيك عن تكاليف التأمين الفلكي. أحد الاقتراحات لمكافحة هذا الخطر يعيد تقديم الأنواع المحلية من الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة التي تأكل الغزلان والتي كانت تجوب المنطقة ذات يوم.
ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث؟
قامت دراسة من عام 2016، كتبها تسعة علماء مختصون في الحياة البرية، بنمذجة العلاقة بين المفترس والفريسة بين الكوجر والغزلان ذات الذيل الأبيض. لقد أفادوا أنه في غضون ثلاثين عامًا، يمكن لمجموعات مفترسة نابضة بالحياة تتغذى على الغزلان غير المرغوب فيها تجنب 21400 إصابة، ومنع 155 حالة وفاة بشرية، وتوفير 2.1 مليار دولار، وكلها من حوادث السيارات التي لن تحدث. بطبيعة الحال، يأكل الكوجر أيضًا الناس أحيانًا، وخاصة الأطفال الضالين الصغار - يتوقع النموذج حوالي ثلاثين منهم. لذلك لدينا خياران: 1) تقديم القطط الجائعة التي تأكل ثلاثين شخصًا في ثلاثين عامًا، أو 2) لا تقدم القطط الجائعة، ونترك حوادث الغزلان مع السيارات تستمر والتي بلا هوادة تصيب الآلاف وتقتل المئات وتكلف المليارات.
إذا كانت الأولوية المجتمعية هي إنقاذ الأرواح، ولكن الأولوية الشخصية هي تقدير عواطفنا، فكيف نوازن بين هذه العوامل في حياتنا اليومية؟ ترتكز القوانين والتشريعات والتوجيهات الوطنية بهذا الخصوص. يمكن اعتبار الموت في حادث سيارة مع غزال، حتى بأعداد كبيرة، على أنه خطأ لا أحد مسؤول عنه. ومع ذلك، فأن تؤكل من قبل قطة كبيرة وضعتها الحكومة هناك، سيعتبر أنّه أمر بغيض. هل نُقِرّ (نعترف؟) لأنفسنا أننا لسنا مخلوقات رياضية باردة، ثم نحتفل بمشاعرنا، مدركين أنها تمتلك القوة لتجاوز تفكيرنا العقلاني؟ أم نقمع كل ما قد يربك قرارًا عقلانيًا؟ هل يمكننا أو هل ينبغي أن نسمح للعواطف بالتأثير على التشريعات استجابةً للبيانات؟
مع اكتساب السيارات ذاتية القيادة وغيرها من التقنيات المستقبلية الشبيهة بجيتسون حضورًا في عالمنا، سنواجه معضلة مماثلة. يتسبب الخطأ البشري في أكثر من 97 بالمائة من جميع حوادث المرور حول العالم. وفي الوقت نفسه، فإن السيارات ذاتية القيادة لا تُسكر أبدًا. إنها لا تشعر بالنعاس أبدًا ولا هي عرضة للهيجان على الطرق. ردود أفعالها تكاد تكون فورية. ويمكنها رؤية عقبات غير مضاءة في الليل يمكنها الرؤية من خلال الضباب. إنها لا تكتب الرسائل النصية أبدًا أثناء القيادة، وحتى لو كانت تفعل ذلك، فلن يهم. علاوة على ذلك، على طريق به سيارات ذاتية القيادة فقط، إذا أرادت أي مركبة تغيير المسارات - مصدر العديد من الحوادث الطفيفة - فإن سيارتك تشارك هذه المعلومات مع السيارات المحيطة، وتسمح بحدوث ذلك بأدب. خلال هذا الانتقال الحتمي عن السيارات التي يتحكم فيها إنسان، ستؤدي أخطاء البرامج والأجهزة غير المتوقعة بالتأكيد إلى وفيات مرورية. من المحتمل أن يحدث كل سبب لمرة واحدة فقط، حيث سيقوم المهندسون بتحديث البرامج لمنع حدوث نفس الموقف مرة أخرى. سيؤدي هذا بشكل منهجي إلى خفض معدل وفيات القيادة الذاتية إلى ما يقرب من الصفر سنويًا.
قد تنقذ السيارات ذاتية القيادة في النهاية حياة 36000 شخصًا سنويًا في الولايات المتحدة. ماذا تفعل عاطفيًا، قانونيًا، اجتماعيًا، إذا كانت السيارات ذاتية القيادة لا تزال قادرة على قتل 1000 شخص سنويًا، على سبيل المثال؟ لن يقوم أي صحفي بملف تعريف واحتفال كل من ال 35000 رجل وامرأة وطفل العشوائيين الذين لم يموتوا في ذلك العام من حوادث السيارات. حتى لو تمكنوا من كتابة مثل هذه القطعة، فلا عزاء لأحباء أولئك الذين ماتوا. هذا ما يولد عناوين نيويورك تايمز مثل:
تقول شركة تيسلا إن السائق الآلي يجعل سياراتها أكثر أمانًا. الضحايا المحطمون يقولون إنها تقتل.
كلا الجزأين من العنوان صحيحان، لكننا نفتقر إلى القدرة على احتضانهما في وقت واحد.
شهدت صناعة الطيران الأمريكية هذا الاتجاه بالضبط على مدى عقود. على سبيل المثال، في التسعينيات، توفي أكثر من 1000 شخص في حوادث الطائرات. العقد الذي تلاه، باستثناء حوادث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، شهد نصف هذا العدد من القتلى. خلال فترة العشر سنوات من 2010 إلى 2019 (باستثناء الرحلات المستأجرة والبضائع والرحلات الخاصة)، طار ثماني مليارات مسافر على متن طائرات تجارية دون وقوع حادث واحد ، على الرغم من وفاة اثنين لأسباب أخرى. يدرس المجلس الوطني لسلامة النقل NTSB كل حادث، مميتًا أو غير ذلك، ويقدم بشكل عام نتائج تعمل على تحسين لوائح السلامة للسفر الجوي. الأمر الأكثر إثارة للإعجاب هو أنه على مدى عقود، كان السفر الجوي ينمو. بحلول نهاية عام 2019 (قبل COVID-19)، ارتفع سفر الركاب على الخطوط الجوية المحلية بنسبة 35 في المئة عن عام 2000. لو ظل معدل الحوادث المميتة لكل إقلاع وهبوط على حاله، لكان إجمالي الوفيات سيرتفع كل عام مع زيادة سفر الركاب. نظرًا لأن الناس يميلون إلى الاستجابة للأرقام الصافية بدلاً من الإحصاءات البحتة، فقد كان ينظر إلى صناعة الطيران من قبل الكثيرين على أنها أصبحت أقل أمانًا، حتى لو كان العكس صحيحًا.
***
في رواية المغامرة الكلاسيكية لجوناثان سويفت عام 1726، رحلات غاليفر، تأخذه إحدى رحلات جاليفر الاستكشافية إلى جزيرة خيالية قبالة الساحل الجنوبي لأستراليا، يسكنها جنس من الخيول الذكية والعقلانية بشكل رائع تسمى هوهنمات Houyhnms - نعم، تم تهجئتها بشكل صحيح. في الغابة المحيطة، يتجول نوع مشعر، كريه الرائحة، غير عقلاني، من القرد البشري يسمى ياهو. أدرك غاليفر في حديثه مع هذه الخيول أنه بالنسبة لهم، كان هو أشبه بياهو أكثر من كونه شبيهاً بهم.
كطفل غريب الأطوار، أتذكر عندما قرأت هذه القصة لأول مرة كم كنت أتوق إلى أن أكون مثل الخيول العقلانية. أفكارهم: نقية وواضحة. قراراتهم: منطقية وعقلانية. عندما كبرت، اكتشفت بنفسي أن العواطف هي التي تحرك المشاعر. الهوهنمات باردون وعديموا المشاعر. ومع ذلك، فإن المشاعر هي سمة وليست عيبًا لما يجب أن يكون عليه الإنسان. لذا يمكن للمشاعر وربما ينبغي أن تؤثر على معادلاتنا الشخصية للمخاطرة مقابل المكافأة، حتى لو كان القيام بذلك قد يتركنا مرتبكين أحيانًا حول ما إذا كنا قد اتخذنا القرار الصحيح. شيء عرفته جوني ميتشل [مغنية وملحّنة] جيدًا في عام 1967:
I’ve looked at life from both sides now
From win and lose and still somehow
It’s life’s illusions I recall
I really don’t know life at all.
لقد نظرت إلى الحياة من كلا الجانبين الآن
من الفوز والخسارة ولا يزال بطريقة ما
أتذكر أنها أوهام الحياة
أنا حقا لا أعرف الحياة على الإطلاق.
كل ما أطلبه هو رؤية بيانات دقيقة وأصلية، يتم تحليلها من جميع الاتجاهات - خالية من التحيز والرؤية النفقية - قبل أن أضع مشاعري عليها. في النهاية، يجب أن نتعايش مع عواقب قراراتنا. بعد كل مدخلات الحقائق والتحليل الإحصائي، قد تتحدى عواطفنا المصالحة مع البيانات. هذا جيد أيضًا.
الفصل السادس
أكلة اللحوم والنباتيون
نحن لسنا تماما ما نأكله
في الثقافة الغربية، لا يميل آكلو اللحوم إلى أن يكون لديهم أسباب أو فلسفات وراء اختياراتهم الغذائية. إنهم ببساطة يستمتعون بطعم الحيوانات النافقة - مخبوزة، مقلية، مشوية، محمّرة، مشوية، مدخنة. بالنسبة للبعض، أكل اللحوم هو كل ما عرفوه، ولا يمكنهم تخيل الحياة بأي طريقة أخرى. من ناحية أخرى، يقدم النباتيون، وخاصة أولئك الذين تحولوا، كل أنواع الأسباب لتفضيلاتهم الغذائية. الأكثر شيوعًا من بينها تحسين الصحة وحماية البيئة. بالنسبة للآخرين، إنها رجسٌ مقيتٌ أن تقوم بتربية وقتل وأكل كائنات حية. أو كحد أدنى، الحاجة إلى تجنب تناول أشكال الحياة التي يمكن أن تعاني من الألم. حتى الديدان سوف تتلوى رداً على وخزها بشكل مزعج.
في حين أن معظمهم صامتون بشأن هذه المسألة، هناك دائمًا إنجيلي نباتي يحاول إغراء آكلي اللحوم لتركها. إن نظراءهم آكلي اللحوم نادرون، لكن لا يمكن إنكار الصورة النمطية الثقافية للرجل الرجولي الذي يأكل اللحوم. ما يتبادر إلى الذهن هو حملة إعلانية من قبل مجلس صناعة اللحوم يظهر فيها الممثل جيمس غارنر في أحذية رعاة البقر، مصحوبة بشعار معبر بصوت عميق: "لحم بقري. غذاء حقيقي لأناس حقيقيين ". في واحد من عدة إعلانات تلفزيونية، يرفض رفضًا قاطعًا الخضار على شيش كبوب، ويشتكي من أنها تسقط دائمًا على الشواية، بينما يظل اللحم ثابتًا على السيخ. في المرة التالية، فقط تجاوز الخضار. عانى جيمس غارنر لاحقًا من سكتة دماغية وتوفي في النهاية بمرض القلب التاجي - في سن السادسة والثمانين. إذا لم يستطع جيمس غارنر العودة إلى الحظيرة آكلة اللحوم، فربما يستطيع يسوع ذلك. هل تريد دحض الادعاءات المتعددة بأن يسوع كان نباتيًا؟ ما عليك سوى قراءة كتاب ماذا سيأكل يسوع حقًا: الأدلة التوراتية لأكل اللحوم، الذي تمت مراجعته، بالطبع، في مجلة Beef.
أكبر أنواع الحيوانات على وجه الأرض ما زالت على قيد الحياة اليوم: الحوت الأزرق، وهو حيوان ثديي آكل للحوم يأكل بشكل أساسي على قشريات بحجم السنتيمتر تسمى الكريل - يأكل طناً منها في اليوم. أكبر الحيوانات البرية اليوم هي أيضًا ثدييات وتشمل الفيل وفرس النهر ووحيد القرن والزرافة وجاموس الماء والبيسون. كلها من الحيوانات العاشبة. الدببة القطبية مدرجة في القائمة أيضًا، لكنها بالطبع حيوانات آكلة للحوم. الدببة الرمادية هي حيوانات آكلة للحوم انتهازية وستأكل أي شيء تريده، بما في ذلك البشر.
حيوانات العالم عبارة عن مزيج من الحيوانات آكلة اللحوم carnivores والحيوانات آكلة اللحوم مع العواشب omnivores والحيوانات العاشبة herbivores، مع استبدالها بالكلمات لحمي meatarian وvegetarian عند الإشارة إلى الحيوانات البشرية. وذلك لأن الحيوانات آكلة اللحوم تأكل فقط الحيوانات الميتة (أو الحية) والحيوانات العاشبة تأكل فقط النباتات الحية (أو الميتة). وفي الوقت نفسه، يأكل البشر اللحميون عادة أشياء أخرى غير اللحوم، مثل منتجات الألبان. كما يفعل النباتيون. يوجد في الهند أكبر نسبة وإجمالي عدد السكان من النباتيين في العالم بحوالي 40 في المئة، ويرجع ذلك أساسًا إلى التقاليد الدينية الهندوسية التي تشمل قدسية الأبقار. حوالي 10 بالمائة نباتيون في المملكة المتحدة. وفي الولايات المتحدة 5 بالمائة. استنادًا إلى النمو السريع لبدائل اللحوم النباتية في الولايات المتحدة وظهور الخيارات النباتية الأصيلة في قوائم المطاعم، قد تعتقد أن الرقم في الولايات المتحدة سيكون أعلى. ظل هذا الرقم 5 في المئة منخفضًا ومستقرًا لأكثر من عقد من الزمان. حتى الأرجنتين نباتية بنسبة 12 في المئة، وهم مشهورون بتناول جميع شرائح اللحم طوال الوقت.
إذا كنت تستهلك الخضراوات، ولكنك تزيل كل الجبن والبيض من نظامك الغذائي، وكذلك الحليب والعسل، فأنت نباتي. في الولايات المتحدة، يشكلون حوالي 3 في المئة من السكان ، بزيادة كبيرة عن أقل من 1 في المئة قبل بضعة عقود، لكنهم ما زالوا يحومون في خانة الآحاد المنخفضة. أضف ذلك إلى عدد النباتيين، وستجد أن 8 بالمائة من سكان الولايات المتحدة لا يأكلون اللحوم.
معظم الناس على وجه الأرض، مثل الدببة الرمادية، يأكلون كل ما يتم تقديمه على العشاء. على مدار الخمسين عامًا الماضية، تضاعف عدد سكان العالم، ومع ذلك فقد تضاعف استهلاك اللحوم ثلاث مرات ، وهو ما يتتبع عن كثب ارتفاع الثروة بين الدول التي لم يكن لديها سابقًا إمكانية الوصول إلى هذا البروتين الباهظ الثمن. على الرغم من النداءات المنتشرة من النباتيين، فإن أبناء الأرض يأكلون اللحوم أكثر من أي وقت مضى.
ربما كان الذئب أكثر الحيوانات آكلة اللحوم شهرة. ظهر "الذئب الكبير السيئ" في القصص الخيالية الخنازير الثلاثة الصغار The Three Little Pigs وذات القبعة الحمراء Little Red Riding Hood، وكذلك في الحكاية الروسية بيتر والذئب Peter and the Wolf. عندما يريد الذئب آكل اللحوم أن يأكل الخنازير أو يأكل الفتاة ذات القبعة الحمراء أو بيتر، أو في العالم الحقيقي عندما تسقط مجموعات الذئب الأيائل المهيبة، فإنهم ليسوا ذئابًا شريرة. إنهم مجرد ذئاب بطبيعتهم إنهم يقتلون دون قلق على ألم ومعاناة فرائسهم. وينطبق الشيء نفسه على الأسماك - كل الأسماك. إجابة السؤال "ماذا تأكل الأسماك في المحيط؟" يتضمن "أسماك أخرى". بصرف النظر عن أصغر الأسماك التي تأكل العوالق، لا أحد منها من الحيوانات العاشبة. هذا هو ما يفسر التركيز المستمر والمنتظم للعناصر الثقيلة مثل الزئبق والملوثات الصناعية السامة الأخرى في أسماك المارلين وسمك أبو سيف، التي تقع في الجزء العلوي من السلسلة الغذائية للأسماك.
عند مشاهدة الأفلام الوثائقية عن الطبيعة، أنا بالتأكيد لست وحدي حيث أبتهج للحيوانات التي تأكل النباتات التي لا حول لها ولا قوة والتي تطاردها الحيوانات آكلة اللحوم ذات الأسنان الحادة. ليس من السهل ان تكون نباتياً. نحن نكون سعداء لرؤية غزال إمبالا يستدير بشكل حاد إلى الجانب بينما ينهار الفهد الأقل ذكاءً بسرعة 75 ميلاً في الساعة في محاولة فاشلة لتأمين العشاء. ومع ذلك، يجب أن تأكل الفهود أيضًا.
على الرغم من الحالة الطبيعية لعلاقات المفترس والفريسة بين الحيوانات على الأرض، تظل الحجة أن الحيوانات واعية وأننا، كبشر عقلانيين، لدينا الذكاء والموارد اللازمة لتجنب أكلها، وبالتالي نحترم ثرواتها العصبية على أشكال الحياة الأخرى. هذا ادعاء قوي، حتى لو كانت جميع الحيوانات المذبوحة سعيدة طوال حياتها.
***
بغض النظر عمّا تأكله، إذا كنت مصدِّر الأطعمة محليًا، فإنك تقلل من أثر النقل، والذي قد يكون أفضل للبيئة من اتباع نظام غذائي نباتي بسيط لا يهتم بمكان حصاد النباتات. على الرغم من أن هذه النتيجة تعتمد على العديد من العوامل التي تكون كفاءتها في حالة تغير مستمر: هل يُنقل الطعام بالقارب، أو القطار، أو الشاحنة، أو الطائرة؟ كم من الطعام فسد على طول الطريق؟ هل محركات الشاحنات كهربائية أم تعمل بالاحتراق الداخلي؟ كيف تولد شركة الكهرباء المحلية طاقتها؟ وكيف تكون منطقتك من العالم صالحة للزراعة؟
بصرف النظر عن هذه القضايا، فإن إنتاج اللحوم في الولايات المتحدة فعال بشكل مذهل. في جميع الولايات الخمسين، على سبيل المثال، نستهلك تسع مليارات دجاج كل عام - معدل أعلى بثلاث مرات من المتوسط العالمي. إذا قمت بالحسابات، فستحصل على مليون دجاجة في الساعة، حيث تعيش كل دجاجة في أي مكان من ستة إلى اثني عشر أسبوعًا قبل الذبح. نعم، في كل ساعة من كل يوم تفقس الولايات المتحدة وتربي وتقتل وتوزع وتأكل مليون دجاجة. عند بضع دولارات للرطل في بعض منافذ البيع بالتجزئة، يشكل الدجاج بعضًا من أرخص البروتينات التي يمكنك تناولها في السوق. نحن نتمتع بكفاءة عالية في تربية الماشية أيضًا، على الرغم من أنها تأخذ مزيدا من الوقت - من عام إلى عامين - قبل أن يتم ذبحها. كما أنها تشغل مساحة أكبر بكثير من الدجاج، ليس فقط جسديًا، ولكن في المزرعة. اعتمادًا على التضاريس، سيتطلب بقرة واحدة تتغذى على الحشائش العديد من الأفدنة من الأرض للرعي. ألا تريدهم أن يرعوا؟ بدلاً من ذلك، أحشرها في حظائر التسمين حيث يصنعون تلالًا من الروث وأنهارًا من البول. أكبرها في الولايات المتحدة يعبئ 150.000 رأس من الماشية في 800 فدان. عندما تكون جاهزة للذبح، فإن حيوانًا واحدًا يزن 1200 رطل سيوفر ما يقرب من 500 رطل [يعادل 226.796 كيلو] من اللحوم.
تم تدجين الماشية بالكامل. لا توجد قطعان برية من هولستين تتجول في الريف. لا توجد عصابات برية من واغيو تتجول في التلال. اخترع البشر الماشية الحديثة وراثيًا عن طريق التكاثر الانتقائي للأرخي الأوراسي المنقرض الآن، الشبيه بالثور. الهدف؟ لتصميم آلة بيولوجية رائعة تحول العشب إلى شرائح لحم - أو إلى حليب، إذا كنت تفضل ذلك.
لقد نشرت نسخة من هذه الجملة على تويتر، وكاد بعض الناس يفقدون عقولهم. أبرزها الموسيقي الأمريكي والناشط في مجال حقوق الحيوان موبي. وبخني في إحدى مشاركاته على إنستاغرام:
عندما يكسر أحد أبطالك قلبك. نيل ديغراسي تايسون، حقاً؟ يمكنك أن تغرد ذلك وتلقي الضوء على المعاناة التي لا توصف والتي يعاني منها مئات المليارات من الحيوانات التي يقتلها البشر كل عام؟ ... بالنسبة للفيزيائي الذكي، نيل ديغراسي تايسون، تبدو وكأنك مختل اجتماعي جاهل.
مشاركة موبي الكاملة وإجابتي الكاملة موجودة في مكان آخر. كل ما يهم هنا هو أن بياني كان تعبيرًا بسيطًا عن الحقيقة، ولا يقدم أي رأي على الإطلاق، مع الصور المضافة لـ "آلة بيولوجية". اعتقد بعض الناس أن تغريدتي كانت مؤيدة لذبح الحيوانات بينما اعتقد البعض الآخر أنها نداء فظًّ لتحويل الجميع إلى نباتيين. المزيد من الأدلة نحملها مرشحات تحيز كيفية معالجتنا للمعلومات المحايدة. منذ ذلك الحين، اعتذر موبي عن أسلوبه، ولكن ما لا يُنسى هنا هو كثافة نشاطه الراسخ.
يعتبر إنتاج الأغذية الحيوانية مصدر فخر لخطوط التجميع في العالم الصناعي. هل تعيش في مكان آخر؟ يتم أخذ عينات من شجرة الحياة جيدًا لتناول العشاء، وتشمل العديد من الوجبات كلّا من الخيول والنعام والإيمو والكنغر والكلب، بالإضافة إلى الزواحف والحشرات. دعونا لا ننسى القوارض. في تكساس، أكلت مرة سنجابًا مشويًا. لا يزال بها بعض كريات الرصاص بسبب إطلاق النار عليها. اضطررت لسحب هذه من فمي الواحدة تلو الآخرى. بعد كل ذلك، ليس هناك الكثير من اللحوم. بالطبع، طعمه [السنجاب] مثل طعم الدجاج.
***
السمك لا يئن ولا يصرخ. كما أنها لا تنزف ليترات من الدم عند قطعها. ربما لهذا السبب تسمع القليل عن محنتها في الطريق إلى طبق العشاء الخاص بك. عدد أنواع الحيوانات الفقارية واللافقارية التي نخرجها من المحيطات والبحيرات والأنهار ومزارع الأسماك لا يعرف حدودًا. تجربتها هي بالتأكيد سريالية - تهتم بشؤونها الخاصة وهي تسبح بحرية في حجم ثلاثي الأبعاد من الماء. مفهوم الطيران غير موجود لأنها إذا أرادت الصعود من عمقها الحالي، فإنها تسبح هناك فقط. هذا هو عالمها بالكامل. الوجود الوحيد الذي تعرفه. ثم، فجأة، ينزلق المرء من الأعلى وينجذب إلى عالم موازٍ. لا شيء مألوف. السماء، الغيوم، دفء الشمس يتساقط. كان سطح الماء هو حافة كونها المحيطي - أفقها الكوني. لم تر عالمها من قبل من الخارج. فقط من الداخل. بعد لحظات تبدأ في الاختناق، وبعد أن تم رميها في كومة من الجليد المجروش، تتجمّد حتى الموت. تلك هي المحظوظة. تعاد تلك غير المحظوظة إلى المحيط حيث تحاول جاهدة في إقناع أصدقائها الأسماك بما مروا به. مجرد قصة سمكة أخرى لاختطاف من قبل فضائيين.
تتجلى كفاءة إنتاج اللحوم في الولايات المتحدة وحول العالم على حساب سعادة الحيوانات وكرامتها، عادةً دون اعتبار لألمهم ومعاناتهم. موقف يمكن تتبعه بالكامل، بالنظر إلى غرورنا والتأثير الواسع لهذه الآية في سفر التكوين فصل 1 آية 26:
وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».
مع استثناءات نادرة ، حيث أعاد شكل من أشكال اللاهوت النباتي صياغة كلمة "سيادة" على أنها "وكالة" ، وقد قدم هذا المقطع لآلاف السنين تفويضًا إلهيًا مطلقًا للبشر للقيام بما يحلو لنا مع جميع الحيوانات الأخرى على الأرض - الأرض والبحر والجو. ولكن منذ سبعينيات القرن الماضي، ولّدت أخلاقيات معاملة الحيوانات حقلاً فرعياً كاملاً من الفلسفة الأكاديمية وأصبحت موضوع نشاط مستمر. حتى لو لم تهتم بالبيئة، يمكنك بسهولة تبرير عدم تناول اللحوم لهذه الأسباب وحدها.
كما نقول في الرياضيات، هناك متغيرات قابلة للفصل في تلك الحجة. لنفترض أن جميع الحيوانات التي يستهلكها البشر قد تم تربيتها ومعالجتها بطريقة إنسانية. افترض كذلك أنها عاشت حياة كاملة وذبِّحت دون ألم. قد يعيد ذلك بعض الناس من بلاد النباتيين، خاصة عندما تفكر في أن قتل الحيوانات وأكلها ليس مجالًا فريدًا للبشر. الفروع الكاملة للمملكة الحيوانية هي حيوانات آكلة للحوم بشكل خالص: فالأسود لا تشتاق لسلطات اللفت أثناء التهامها الحمر الوحشية؛ الثعابين لا تتغذى على التوت. البوم لا يقرب من البروكلي في حديقتك.
إذا كنا نقدر الإحساس، فيمكننا تصنيف الحيوانات حسب درجة تعقيد نظامها العصبي، وإما ألا نأكل أيًا منها، أو نستدعي نوعًا من القطع. الرخويات مقبولة؟ ماذا عن المحار؟ السمك العادي هل هو جيد؟ ربما ليس الثدييات. نحن ثدييات. الثدييات لديها أدمغة كبيرة وترضع صغارها. ماذا عن الحشرات؟ لقد قيل لي إنها مصدر جيد للبروتين. هل سبق ورأيت واحدة منها تحت المجهر؟ الطاقة المنخفضة ستفعل. مستوى التفاصيل ووظيفة جميع أجزاء الجسم مذهل. نعم، لديهم عقول أيضًا. المزيد من الأرجل أكثر مما نفعل، يطير الكثير منها أيضًا. كما أنها تعرف جيدًا كيفية التواصل مع الآخرين من نوعها. علاوة على ذلك، في معظم الأوقات عندما تلقي نظرة خاطفة عليهم، فإنهم يذهبون إلى مكان ما بسرعة أو يفعلون شيئًا يبدو مهمًا.
بالحديث عن الرخويات، في سبعينيات القرن الماضي، اشترت إنغريد نيوكيرك، المقيمة في ولاية ماريلاند، حلزونات حيًة في إحدى الأمسيات عند سماعها مدى سهولة طهيها لتناول العشاء. يتطلب الإعداد الأساسي بعض الثوم والنبيذ الأبيض، الذي كان في متناولها، ولوهلة، لقد حصلت على القواقع. بينما كانت تقود سيارتها إلى المنزل، انفتحت الحقيبة الورقية التي كانت تحتوي على الحلزون على مقعد الراكب في سيارتها وكانت مفتوحة للضوء. الحلزون يعاني من ضعف في الرؤية، لكن يمكنه رؤية الضوء الذي يجذبها. بعد فترة، نظرت إنغريد إلى أسفل ولاحظت أن القواقع قد زحفت إلى حافة الكيس وكانت جميعها على التوالي، تنظر إليها بمقل العيون البريئة والحزينة والخرزية فوق زوج من اللوامس المتعرجة على رؤوسها. في تلك اللحظة أوقفت إنغريد السيارة، وأطلقت سراحهم مرة أخرى إلى البرية، ولم تأكل القواقع مرة أخرى. في عام 1980، شاركت إنغريد نيوكيرك في تأسيس PETA (الأشخاص المعنيون بالمعاملة الأخلاقية للحيوانات)، وهي أكبر منظمة رعاية للحيوانات في العالم. لذلك على الأقل بالنسبة لبعض الناس، الرخويات: ليست مقبولة [للأكل].
لقد رأيت كل أنواع التبريرات لتناول أو عدم تناول فرع من الحيوانات مقابل أنواعٍ أخرى في شجرة الحياة. ضع في اعتبارك أيضًا الاحتجاج الضخم ضد صيد سمك التونة التي يتم صيدها بالشبكة لأن الدلفين وهو حيوان ثديي يتنفس الهواء في بعض الأحيان يُعلق في الشبكة، ويختنق لأنه لا يستطيع السباحة مرة أخرى إلى السطح والتقاط أنفاسه. مأساوي بالفعل. أنا شخصياً أبحث عن تفادي أسماك التونة لهذا السبب. وسط فيض من التعاطف مع الدلفين الميت وجميع جماعات الضغط لإنقاذهم، أين قلقنا الجماعي بشأن التونة النافقة؟ ليس لدينا أي شيء من هذا التعاطف. لأنها مخصصة لشريط السوشي أو علب الصفيح الصغيرة على أرفف السوبر ماركت. تخيل لو أن أحد الأطعمة المعلبة بدأ في تقديم شطائر سلطة الدلافين لعروض الغداء التي يقدمها. من المؤكد أن الاحتجاجات سوف تتجمع في الواجهة. ليس لأن مطعما يقدم شطائر تحتوي على دجاج ميت، وديك رومي ميت، وخنازير ميتة، وماشية ميتة، وسمك سلمون ميت، ونعم، تونة ميتة، ولكن لأنها تقدِّم الدلافين الميتة.
الرغبة في معاملة نوع واحد من الحيوانات بشكل مختلف بأي طريقة تسمى النوعيّة [المعتقد أن النوع البشري له السيادة فيؤدي لاستغلال الحيوان]. فكر في العنصرية أو التحيز الجنسي، ولكن في هذه الحالة، أنت متحيز ضد بعض الحيوانات لمجرد بعدها الوراثي عن البشر في شجرة الحياة، أو لأن النظر إليها أمر مثير للاشمئزاز. كم عدد محبي الحيوانات الذين ساروا حاملين لافتات تطالب بإنقاذ العلق والبعوض، والقراد، والديدان الشريطية، والقمل؟ أو ماذا عن دودة غينيا، التي يكون مضيفها الأساسي البشر؟ سنراهم جميعًا ينقرضون قريبًا. لا يكاد أحد يصنع ألعابًا من القطيفة لهذه الطفيليات، ومع ذلك فهم جميعًا مخلوقات على أرض الله الخضراء، يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة مثل أي شخص آخر. لا يمكن إلقاء اللوم عليهم لعدم كونهم ثدييات محبوبة بعينين رائعتين وذيل كثيف.
بعد هذه الحجة، يمكن للمرء أن يختار ألا يأكل الحيوانات على الإطلاق، وأن يعيش الحياة كنباتي، ولكن عندما تفكر في الأمر، فهذا يعني كون هذا الشخص متحيزا ضد الحياة النباتية. على سبيل المثال، ربما تعيش في ضاحية فخمة. يمكنك التقاط فأر في الطابق السفلي الخاص بك باستخدام فخ إنساني. ثم تقوم بإعادة تحرير الفأر إلى البرية. فتشعر بالرضا لأنك ضد قتل الحيوانات. ومع ذلك، فإن ما فعلته هو إضافة إلى صينية الوجبات الخفيفة اللذيذة للبوم، والصقور، والثعابين، والثعالب، والحيوانات المفترسة الأخرى من الفقاريات، مما يؤدي عن غير قصد إلى موت مبكر للفأر التعيس. متوسط العمر المتوقع للفأر أكبر بكثير في أن يعيش في دفء وأمان منزلك. في هذه الأثناء، تم بناء منزلك مما يصل إلى خمسين شجرة كاملة النمو ، منها عاشت نصف قرن. تم قطعها وطحنها جميعًا لعمل المسامير التي تؤطر منزلك، والعوارض الهيكلية التي تدعمه، والأرضيات الصلبة التي تمشي عليها. هذا ما يعادل 250 طنًا مما كان في السابق حياة نباتية منتجة للأكسجين. يزن الفأر السمين أونصة [يعادل 0.028 من الكيلو]. في يوم واحد، أنتجت كل شجرة ما يصل إلى خمسة عشر ضعف كتلة الفأر من الأكسجين الذي يحافظ على الحياة.
ما الذي تهتم به الطبيعة أكثر، الفأر أو الشجرة؟ عندما تقطع شجرة ألا تنزف؟ (ما هو شراب الفطيرة pancake الأصلي، إن لم يكن 30 مرة مركزة من دم شجرة القيقب؟ ) عندما تغلف شجرة، ألا تختنق؟ عندما تحرم الشجرة من الماء والعناصر الغذائية، ألا تذبل وتموت؟ ماذا لو كانت النباتات بلا عقل واعية سرا؟ قد يكون من الصعب تبني هذا المفهوم لأننا متحيزون من قبل شوفينية الدماغ. يواجه علماء الحاسوب الحديثون تحديات مماثلة عندما يقومون بتقييم ما إذا كانت الروبوتات التي تمت برمجتها من قبل البشر يمكن أن تكون واعية على الإطلاق. عبر غربلة العلم من العلوم الزائفة في البحث عن وعي النبات، نعلم الآن أن شبكة اتصالات من الإشارات الكهروكيميائية تربط بين الميكروبات، والنباتات المنخفضة، والحيوانات، والأشجار. يزدهر تحت الأقدام في نظام جذر فطري للغابة يسمى الفطريات. يعتقد الكثير من الناس أنها شبكة شجرية واسعة. تم تشبيه السلوكيات التي تعبر عنها أشكال الحياة المشاركة من قبل علماء النبات إلى حالات عاطفية بشرية مختلفة مثل الألم، والفرح، والخوف، والغضب.
كان النظام البيئي لعالم الخيال العلمي الخيالي في فيلم Avatar أفاتار (2009) المستوحى جزئيًا من هذه الاكتشافات - كوكب خارج المجموعة الشمسية يعج بالحياة النباتية والحيوانية المترابطة التي تشارك المشاعر والأفكار. تشمل الحياة النباتية الواعية الشهيرة في عالم الخيال أشجار التفاح المخيفة في The حكيم أوز Wizard of Oz؛ الأشجار القديمة والحكيمة والتأملية المسماة Ents في فلم سيّد الخواتم؛ وقطعة الأخشاب الطافية المحبوبة بالكاد المتعلمة من Planet X المسمى Groot، والتي اشتهرت من ظهوره في سلسلة أفلام وكتاب Guardians of the Galaxy حماة المجرّة الهزلية. كان للكائن الفضائي ئي تي اللطيف في فيلم ET: The Extraterrestrial (1982) طريقة مع الغطاء النباتي. في عدة مناسبات، يقوم ET بتمديد إصبع السبابة المتوهج وعلاج النباتات المحتضرة بطريقة سحرية. موهبة طبيعية ربما. لدي سلطة جيدة بأن ET ئي تي كان، في الواقع، يُنظر إليه على أنه نبات واعي وليس حيوانًا.
هذه الأمثلة كلها من صنع هوليود. دعونا بدلاً من ذلك نجري تجربة فكرية خارج كوكب الأرض. تخيل مجموعة من الفضائيين يأتون للزيارة وهم من الذين يستمدون كل طاقتهم وتغذيتهم من ضوء النجوم والمعادن. ماذا سيكون رأيهم في الحياة على الأرض؟ سيرون أبناء عمومتهم - كل ما يميزهم ضوئيًا - ويسعدون بتنوعهم التصنيفي، من البكتيريا الزرقاء المجهرية في البحيرات والبرك إلى أشجار السيكويا القوية في الشمال الغربي الأمريكي والتي تعيش لآلاف السنين. سوف يرون كل أشكال الحياة الأخرى على أنها بربريّة ميؤوس منها، تقتل كل أنواع الكائنات الحية من أجل بقائها على قيد الحياة. كانوا سيرون البشر كحيوانات مفترسة - دعاة دائمين للعنف - يقسمون أنفسهم إلى أولئك الذين يقتلون الحيوانات ويأكلونها وأولئك الذين يقتلون النباتات ويأكلونها.
حتى عندما نكون مرحين، فنحن بربريون. من الخمسينيات حتى التسعينيات، نشأ ملايين الأطفال وهم يشاهدون على شاشات التلفزيون المتحدثة من بطنها شاري لويس وهي تتحدث مع دمية جورب رائعة، تدعى لام تشوب [الذي يعني قطع لحم الضأن]. في عام 1993، أدلى لامب تشوب بشهادته أمام الكونغرس الأمريكي حول الضغط من أجل تلفزيون الأطفال عالي الجودة. [لام تشوب] قطع لحم الضأن. اسم لطيف تمامًا حتى تفكر فيه لمدة خمس ثوانٍ. الدمية هي خروف. اسم الدمية هو ما يحدث للحمل - شاة صغيرة - عندما تذبحها وتقطع قفصها الصدري الصغير وتشويها. إذا كان لديك خنزير أليف، فهل تسميه هامبون [عظم الخنزير]؟ إذا كان لديك بقرة أليف، فهل تسميها ريب آي [الضلع المشلوع]؟ الرسالة اللاشعورية: لام تشوب لم يكن دمية. كان لام تشوب هو العشاء.
على هذا النحو، فإن الكائنات الفضائية الزائرة التي تعمل على التمثيل الغذائي للضوء سيكونون غاضبين بشكل خاص على نباتيي الأرض لذبحهم إخوانهم من النباتات. ليس ذلك فحسب، فإن آكلي النباتات البشرية يهتمون بشكل خاص بالأعضاء التناسلية للنباتات - الزهور، والبذور، والمكسرات، والتوت - ويأكلونها، مما يعطل دورة حياة النبات.
الكثير من الثدييات الآكلة للفاكهة الأخرى تبتهج بمثل هذه الوجبات الخفيفة، وغالبًا ما تبتلع البذور الصلبة المغلفة بالكامل، والتي تمر بعد ذلك عبر الجهاز الهضمي سالمة [من غير أذى]. بحلول ذلك الوقت، كان الحيوان قد تجول في أماكن جديدة حيث تظهر البذور، مدمجة في الأسمدة المجانية. انتشر النبات بشكل غير إرادي في جميع أنحاء الريف من خلال علاقة تكافلية مع الثدييات الجائعة. أليست الطبيعة جميلة؟ ومع ذلك، نحن البشر، نطحن بذور الفاكهة والتوت إلى عجينة بأضراسنا. تلك الّتي نبتلعها بالكامل لا تنشر دورة حياة النبات لأننا (بشكل عام) لا نتغوط في المروج المفتوحة.
لا ينتهي الأمر عند هذا الحد. يسعى البشر البربريون أيضًا إلى الحصول على النسخ الأكثر شبابا من النباتات لحصادها. وإلا لماذا يحتوي ممر الإنتاج في متاجر البقالة على عبوات قاتلة للأطفال من براعم الجزر وبراعم السبانخ وبراعم الجرجير وبراعم الخرشوف وبراعم القرع وبراعم الفاصوليا. والقائمة تطول.
حقيقة صريحة عن الوجود البشري: مصادرنا الثلاثة للطاقة - البروتين والكربوهيدرات والدهون - تأتي جميعها من قتل وتناول أشكال أخرى من الحياة في نظامنا البيئي. يمكننا الحصول على بعض المعادن الضرورية، مثل الملح، من البيئة، لكن لا يمكنك العيش على المعادن. هناك نوعان من الأطعمة يتفوقان على طريقة الحياة التي تقول "يجب أن أقتلها من أجل البقاء": الحليب والعسل. معًا، الاثنان غنيان بالبروتينات والكربوهيدرات والدهون ولا يتطلبان موت أي كائن حي لتغذيتك. إذا كنت لا تقوم بعملية التمثيل الغذائي لأشعة الشمس بطريقة أخرى، فإن اتباع نظام غذائي يحتوي على الحليب والعسل سيكون أقل الطرق عنفًا التي يمكن أن تعيشها على الأرض.
لاحظ أن الحليب والعسل مستبعدان على وجه التحديد من النظام الغذائي للنباتيين، على أساس أنك تتناول طعامًا مخصصًا للعجول والنحل. أتخيل أن الأبقار والنحل المرضع لا يريدون أن يتمّ الإستحواذ على غذائهم الثمين، على الرغم من أنهم ربما يمكنهم فقط صنع المزيد منه. على أي حال، تفضل الفلسفة النباتية قتل النباتات لتغذيتك، بدلاً من سرقة الحليب من البقرة والعسل من النحل.
***
بالنظر إلى وتيرة الابتكارات الغذائية، قد ننتج قريبًا مطبخًا كاملاً من اللحوم المزروعة في المختبر. تبدو هذه البروتينات المزروعة مثل اللحوم وطعمها مثل اللحوم لأنها ... لحم. خط الإنتاج ببساطة لا يتطلب منك تربية وقتل أي كائن حي. يمكن غرس هذه المنتجات بالفيتامينات والمعادن والمواد الغذائية النزرة وحتى النكهات المصممة خصيصًا للطهاة والتي لا تتطلب توابلًا في المنزل. العديد من الشركات التي تحاول ذلك يتم تداولها علنًا. لذا فإن السوق يهيئ نفسه لهذه الصناعة للازدهار. ألقِ الحليب والعسل مرة أخرى في هذا المزيج، وإذا عاد النباتيون عبر الانقسام، فقد نرى مستقبلًا للحضارة حيث لا تُقتل النباتات ولا الحيوانات لدعم حياة البشر. بعد ذلك سنكون محميين خلال الزيارة القادمة لزوار الفضاء الغاضبين الذين لا يأكلون النباتات وزوار الفضاء الغاضبين الذين لا يأكلون اللحوم. بصرف النظر عن كل عمليات القتل التي نقوم بها لبعضنا البعض، قد ينظر إلينا زوار الفضاء على أننا أكثر الأنواع المحبة للطبيعة في المجرة.
هناك فرق هزلي آخر حقيقي بين أكل النباتات وأكل الحيوانات. ينشر المنتج التلفزيوني الناجح تشاك لوري، الذي اشتهر على الأرجح بالمشاركة في إنشاء المسلسل الكوميدي الناجح The Big Bang Theory [نظرية الإنفجار الكبير]، ما يسميه "بِطاقات الغرور" في نهاية كل حلقة. يستخدمها للتعبير بإيجاز عن موضوع أو آخر، وتكون مرئية لمدة ثانية أو ثانيتين فقط على الشاشة. إنها تحتوي على نصوص أكثر بكثير مما يمكن قراءته في ذلك الوقت، لذلك يجب على المرء أن يجدها على الإنترنت. بعد الاعتذار مقدمًا لمن قد يثير غضبه، بطاقة لوري رقم 536 يحتوي على الهجوم التالي:
النباتيون والنباتيون الحصريون متعصبون للحركة. إنهم يعتقدون أنه إذا لم يتحرك شكل من أشكال الحياة، فهذه طريدة عادلة أن تُقتل وتؤكل... هذه الفلسفة البغيضة مبنية على فكرة أن الحركة تساوي الوعي، أو، إذا صح التعبير، مستوى معين من القداسة. ... بالطبع عندما تسأل النباتيين والنباتيين الحصريين، فإنهم يقولون لا، إنهم يعارضون فقط أكل اللحم. ولكن ما الذي يمكن أن يكون أكثر لحمية من الفطر؟ أو أفوكادو؟ أو الباذنجان الأسود؟ الحقيقة القبيحة أنهم جبناء يقتلون ويأكلون كل ما لا يقدر على الهرب.
يستمر في القلق بشأن عمه موراي، الذي غالبًا ما يجلس بلا حراك لساعات أمام التلفزيون. مثل الحياة النباتية، نادرًا ما يتحرك العم موراي، لذلك قد يكتشفه النباتيون ويأكلوه. أحتاج إلى تذكير القارئ بأن لوري يكتب مسلسلات كوميدية ناجحة. لذلك ينبغي النظر إلى هذا الجزء من السخرية على أنه ترفيه. إنه جيد جدًا فيما يفعله إذا كتبت The Big Bang Theory في محرك البحث Google غوغل، فإن أفضل النتائج هي جميع برنامجه التلفزيوني. يجب عليك التمرير لأسفل صفحة البحث أكثر قبل أن تجد أي مناقشات حول أصل الكون. بصفتي عالِمًا ومعلمًا للفيزياء الفلكية، ما زلت أحاول معرفة ما إذا كان هذا شيئًا جيدًا أم سيئًا.
إن قدسية الحياة الحيوانية، التي تناولها تشاك لور بإيجاز باعتبارها مرسومًا نباتيًا، لها جذور عميقة، على الرغم من أن العالم الهولندي كريستيان هيغنز في القرن السابع عشر قد ذهب خطوة أبعد إلى الأمام. جمع النباتات والحيوانات معًا وقدم مقارنة إلهية بينها وبين بقية الطبيعة.
أفترض أن لا أحد ينكر، لكن هناك قدرًا أكبر من التناقض، إلى حد ما أكثر من المعجزة في إنتاج ونمو النباتات والحيوانات مقارنة بأكوام الجماد الميتة.… لأن إصبع الله، وحكمة العناية الإلهية، هي يتجلى فيها بوضوح أكثر من الآخر.
ربما كل هذا مقدس. ربما في يوم من الأيام، ستواجه منظمة PETA [منظمة حماية الحيوانات] منظمة منافسة باسم PETP (الأشخاص من أجل المعالجة الأخلاقية للنباتات). أو ربما يكون البشر انحرافًا غريبًا عن النظام الطبيعي للكون. ماذا نحن بالنسبة للدب الأشيب أو الدب القطبي؟ هل نحن كائنات واعية قادرة على الفن، والفلسفة، والعلم، والحضارة؟ الجواب هو كلاّ. نحن لحوم مجانية. كل جزء منا. استحوذ رسام الكاريكاتير غاري لارسون وحس الفكاهة الذي يتمتع به على هذا ببراعة في قصة كوميدية مصورة يجسّد دبًا قطبيًا جائعًا الّذي يعض ويفتح حفرة في الجزء العلوي من كوخ الإسكيمو ويصف الوجبة بحماس لزميله الدب بأنه "مقرمش من الخارج وقابل للمضغ داخله!"
هل تريد المزيد؟ في قصة قصيرة صدرت عام 1990 لأول مرة في مجلة أومني بعنوان "إنهم مصنوعون من اللحم"، يجعلك مؤلف الخيال العلمي تيري بيسون تندم على كونك إنسانًا. مصنوع بالكامل من اللحوم. مقتطف من حوارهم البليغ يجسد الدهشة:
إنهم مصنوعون من اللحم.
لحم؟
لحم. إنهم مصنوعون من اللحم.
لحم؟
ليس هناك شك في ذلك. اخترنا العديد منهم من أجزاء مختلفة من الكوكب، وأخذناهم على متن سفن الاستطلاع الخاصة بنا، واستكشفناهم طوال الطريق. إنهم لحوم تمامًا.
هذا مستحيل. ماذا عن إشارات الراديو؟ الرسائل الى النجوم.
يستخدمون موجات الراديو للتحدث، لكن الإشارات لا تأتي منهم. تأتي الإشارات من الآلات.
إذن من صنع الآلات؟ هذا هو من نريد الاتصال به.
هم صنعوا الآلات. هذا ما أحاول إخباركم به. صنعت اللحوم الآلات.
هذا كلام سخيف. كيف يمكن أن يصنع اللحم آلة؟ أنت تطلب مني أن أؤمن باللحوم الواعية.
يحاول الفضائي الأول فيما بعد أن يصف كيف يتواصل البشر:
هل تعلم كيف عندما تصفع أو ترفرف اللحم يصدر ضوضاء؟ يتحدثون عن طريق خفقان لحومهم بعضهم على بعض. يمكنهم حتى الغناء عن طريق رش الهواء من خلال لحومهم.
لتقديم منظور أكثر، ضع في اعتبارك أن جميع الأنواع الكبيرة والصغيرة في شجرة الحياة هي لاعبون معاصرون في النظام البيئي للأرض والبحر والجو. أكبر كائن حي معروف في العالم هو حصيرة مفردة من الفطر تزن 35000 طن (ما يقرب من ثلثي وزن سفينة التايتانيك. يتربص هذا الفطر العملاق تحت الأرض ويبلغ طوله أميالاً في الجبال الزرقاء في ولاية أوريغون. إذا كنت تفضل أسماء مكتوبة بالخطّ المائل ويصعب لفظها ويصعب جنسها ونوعها، فإنها تسمى Armillaria ostoyae أرميلاريا أوستوياي. يحتل الفطر مملكة الحياة الخاصة به، والتي انقسمت عن الحيوانات في التاريخ التطوري في وقت متأخر عن سلفنا المشترك الذي انفصل عن النباتات الخضراء. لذلك فإن البشر والفطر متشابهان وراثيًا أكثر مما نحن عليه أو عليه الفطر مع أي شيء ينمو في المملكة النباتية.
ربما لهذا السبب نقول عادة أن الفطر طعمه "لحمي" - وهي صفة لم تقدم أبدًا للكرنب. بطريقة أسلافنا البعيدة، نحن نعضّ أنفسنا.
الفصل السابع
الهوية الجنسية
الناس متشابهون أكثر من كونهم مختلفين
تبدو خطوط الانقسام في الحضارة الحديثة بلا نهاية. نحن نرتب أنفسنا عن طيب خاطر حسب لون الشعر، ولون البشرة، وما نأكله، وما نرتديه، ومن نعبد، ومع من ننام، واللغة التي نتحدث بها، وأي جانب من الحدود نعيش عليه، وما إلى ذلك. في الكون، علماء الفيزياء الفلكية ليسوا غرباء عن هذا التمرين. تعبّر المادة والطاقة عن نفسها عبر نطاق مذهل من الخصائص التي تشمل مقاييس الحجم ودرجة الحرارة والكثافة، والموقع، والسرعة، والدوران. في بعض الحالات، تنقسم الطبيعة بشكل واضح إلى فئات يمكننا تحديدها بشكل لا لبس فيه، مثل ما إذا كانت المادة صلبة أو سائلة أو غازية. ربما لم تكن مرتبكًا أبدًا في حياتك بشأن أيّ واحد منها.
على الرغم من أن هذه الفروق لها مشاكل.
ربما سمعت، حتى لو لم تكن من سكان المنطقة الزمنية الجبلية في الولايات المتحدة، أنه في المرتفعات العالية يجب عليك زيادة أوقات الطهي للتعويض عن انخفاض ضغط الهواء هناك. لكن نادرا ما يخبرك أي شخص لماذا. درجة حرارة غليان السائل ليست ثابتة عامة. يعتمد ذلك على ضغط الهواء الذي يضغط على سطح السائل. إذا قللت من ضغط الهواء على الماء، فسوف يغلي بدرجة حرارة منخفضة، مما يجبرك على طهي الطعام لفترة أطول لمجرد التعويض. استمر في خفض ضغط الهواء وستستمر في خفض درجة الغليان. إذا خفضت ضغط الهواء إلى ما دون المستوى الذي ستختنق فيه وتموت، فهناك ضغط ودرجة حرارة يغلي الماء بسببهما أثناء تجميده. في ظل هذه الظروف السحرية، تتعايش جميع أشكال الماء الصلبة والسائلة والغازية بسعادة فيما يسمى بشكل معقول بالنقطة الثلاثية للماء. يحدث أن تلبي مساحات شاسعة من سطح المريخ هذه الشروط. لذا فإن السؤال "ما هي حالة الماء عند النقطة الثلاثية؟ هل هي صلبة أم سائلة أم غازية؟ " لديه إجابة بسيطة: "نعم". الثلاثة في وقت واحد. رد غريب، ولكن دقيق يكون منطقيًا تمامًا إذا خففت الرغبة في تجزئة كل شيء من حولك.
من الواضح أن المطالبة باحتواء الأجسام والأشياء والأفكار في فئات مرتبة عميقة وتنبع من عدم القدرة على التعامل مع الغموض. هل انت معنا ام ضدنا؟ ربما تكون الإجابة في مكان ما بينهما - أو في كل مكان بينهما. نحن نحاربها بكل قوتنا.
ازدواجية المادة الموجية السيئة السمعة هي مزعجة للكثير من الناس. لم ينتشر مصطلح wavicle "الموج-جزيئي" أبدًا. ربما كان ينبغي أن تكون كذلك. يأخذ النحيب شكل: أيهما؟ يجب أن يكون هذا أو ذاك. يجب أن اعلم!" الجواب البسيط هو أن المادة تتجلى في صورة موجات وجسيمات. أنت، تجاوز الصدمة!
هل قط شرودنغر سيئ السمعة ميتٌ أم حيٌ في الصندوق المغلق؟ إذا فتحت الصندوق، فستكتشف أن القطة إما ميتة أو حية. ومع ذلك، تخبرنا فيزياء الكم أنه إذا لم تفتح الصندوق، فإن القطة ستظل حية وميتة في نفس الوقت. تجاوز هذا أيضا. الطبيعة لا تحمل أي التزام لاستيعاب قدرتنا المحدودة على تفسير الواقع. قطة في صندوق هي مجرد البداية. بينما تقرأ هذا، يتم اختراع الحوسبة الكمومية. نوع جديد من الدوائر يحتضن الشكوك الإحصائية والغموض الثنائي لمشاكل الحياة الحقيقية في هذا العالم. في الحوسبة الكلاسيكية، تستغل جميع العمليات الحسابية - وجميع البيانات - ما إذا كانت قيمة "البت" تساوي 0 أو 1. نعم، كلها إما 0ـار أو 1ـدات. إن كوننا في تقنية المعلومات هو ثنائي.
تستخدم الحوسبة الكمومية بدلاً من ذلك qubits "الكيوبتات". يمكن أن يكون الكيوبت 0 أو 1، تمامًا مثل ابن عمه الكلاسيكي. ولكن يمكن أن يكون الكيوبت أيضًا مزيجًا مستمرًا من 0 أو 1: القليل من 0 والكثير من 1؛ الكثير من 0 وقليلاً من 1؛ كميات متساوية من كليهما؛ وكل شيء بينهما. في الحديث الكمي نسمي هذا تراكب الحالتين. إن عدم معرفة ما إذا كان الكيوبت هو 0 أو 1 ليس عيبًا في الحوسبة الكمومية؛ إنها ميزة مرغوبة تتحدى أدمغتنا الثنائية لاحتضانها.
في الكون، يمكن أن تكون حقيقتان أو أكثر متناقضتين ظاهريًا صحيحتين في وقت واحد. ماذا عن الأرض؟ هل يمكنك أن تكون ذكرا وأنثى؟ أو لا تكون أيّا منهما؟ هل يمكنك التنقل بسلاسة بين كونك رجلاً وامرأة؟ هل تفضيلك الجنسي سائلٌ أيضًا؟ ربما نحن جميعًا كيوبتات ذكر-أنثوية. يصعب على بعض الناس استيعاب مثل هذه الأسئلة، وهي جزء لا يتجزأ من ثقافة ترى العالم كمشهد من الفئات الجامدة، حيث يجب أن تكون الأشياء واحدة أو أخرى، ولا تقع في سلسلة متصلة.
يقدم تحليل الألوان نظرة ثاقبة. من أجل البساطة والراحة، نتحدث عن ألوان قوس قزح السبعة - الألوان السبعة للطيف الشمسي المرئي: الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر، والأزرق، والنيلي، والبنفسجي. يمكنك تذكر التسلسل لأن أحرفهم الأولية تجعل الاسم المختصر لشخص يسمى “Roy G. Biv.” "روي جي بيف". نحن نحتضن هذه الألوان السبعة، وأحيانًا نتجاهل اللون النيلي غير المستحق - ونترك ستة - كما هو الحال في طاووس قناة NBC الحديث والمنمق وفي علم مجتمع المثليين LGBT التقليدي. ما لا يكاد أي شخص يتحدث عنه، ولكن ما يعرفه علماء الفيزياء الفلكية بعمق، هو أن الألوان من الأحمر إلى البنفسجي تقع في سلسلة متصلة. إذا امتلكنا حدة البصر والمفردات المصاحبة لوصفها، فيمكننا تحديد آلاف الألوان ودرجاتها، ومزجها بسلاسة. لا توجد حدود واضحة يمكن العثور عليها في أي مكان. تشكل ألوان الضوء سلسلة مستمرة من الأطوال الموجية، والتي تتعقب أيضًا الطاقة والتردد. عندما يتحدث علماء الفيزياء الفلكية عن لون جسم ما، يمكننا القيام بذلك بدقة عالية، بالإشارة إلى أطوال موجية محددة من الضوء دون استدعاء فئات الألوان الخشنة التي يشيع استخدامها.
قائمة الحروف التي يمثلها علم قوس قزح حاليًا هي LGBTQ +: المثليات والمثليون ومزدوجو الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا والمثليين وغيرهم ممن لديهم هويات جنسية وجنسية غير مطابقة. من بين هذه الكلمات، كانت "مثلي" و "شاذ" في وقت من الأوقات تحقيرًا. استعاد المجتمع والحركة المرتبطة به الكلمتين، وإزال القوة التي كان يمارسها الظالمون عندما يتسلحون بهذه الكلمات على ألسنتهم. في آخر إحصاء، هناك ما لا يقل عن سبعة عشر تعيينًا غير مطابق ، كل منها يحدد زملائه البشر الذين ليسوا من جنسين مختلفين، ويشير بحد ذاته إلى الشخص الذي تتوافق هويته الداخلية وجنسه مع الجنس المحدد له ويفضل التزاوج من الجنس "المعاكس". هذه الصورة هي في الأساس كل ما رأيناه في سرد القصص في الأفلام والتلفزيون لمعظم القرن العشرين. أولئك الذين لم يتناسبوا مع القالب لم يكونوا مجرد شخصيات أخرى تصادف وجودها في القصة. وبدلاً من ذلك، تم التمييز ضدّهم بطرق الإساءة الكوميدية أو اللفظية أو الجسدية. في نسخة عام 1961 من فيلم West Side Story ، يريد طفل اسمه Anybodys أن يكون جزءًا من عصابة Jets للأولاد. لديها شعر قصير. لديها وجه قذر. إنها شجاعة. إنها مستعدة للقتال. ترتدي البنطال. لا يوجد شيء لذيذ في هذا النموذج البدائي Tomboy للفتاة الغلامية. لا، لن يسمحوا لها بالانضمام إلى عصابة الجيتس لأنها ... فتاة. إذا لم تكن فتى، فأنت فتاة. حوار قصير مع Riff ريف، زعيم عصابة الجيتس، إلى جانب A-Rab آيراب وأعضاء العصابة الآخرين تحوي صيغة الرفض:
ريف: ليس أنتي، أنيبوديس. أخرجي من هنا.
أنيبوديس: آه، ريف، يجب أن تدعني في العصابة ... أنا قاتل. اريد القتال.
أيراب: وإلا كيف ستجعل الرجل يلمسها؟
ريف: تعالي، الطريق، أيتها الفتاة الصغيرة! الطريق!
عصابة الجيتس: غادري!
كان العالم ثنائيًا تمامًا في ذلك الوقت، على الرغم من أننا جميعًا عرفنا ورأينا أشخاصًا من حولنا، إن لم يكن أنفسنا، من لم ينسجم؟
هذا الشيء المتعلق بماهية الصبي والفتاة له جذور عميقة. ربما تكون قد خمنت أن الكتاب المقدس لديه آية حول هذا الموضوع (سفر التثنية فصل 22 آية 5):
"لاَ يَكُنْ مَتَاعُ رَجُل عَلَى امْرَأَةٍ، وَلاَ يَلْبَسْ رَجُلٌ ثَوْبَ امْرَأَةٍ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ."
من الواضح أن خالق الكون يهتم باختياراتك في خزانة الملابس. أدينت جان دارك، وهي روح شبيهة بأنيبوديس، في عام 1431 خلال محاكمة تم تداولها بارتكابها وإصرارها على ارتداء ملابس الرجال كإحدى الجرائم البدعية التي أدت إلى حرقها على الخازوق.
إن الرغبة في تصنيف وإنشاء "الآخر" قوية، ربما لأنه من الصعب التفكير فيما إذا كانت سلسلة متصلة تربطك بهذا الشخص، أو بأي شخص آخر تعتبره مختلفًا عنك. علم الأحياء نفسه لن ينقذك من هذا. إن ثنائية الجنس المفترضة في الطبيعة مبالغ فيها وتنتشر مع استثناءات، ليس فقط في أنفسنا، ولكن أيضًا في بقية المملكة الحيوانية.
***
في أحد أيام الشتاء الباردة في مترو أنفاق مدينة نيويورك، لاحظت أن كل من كان جالسًا - مجموعة متنوعة نموذجية تذهب إلى العمل في الصباح. كنا جميعًا نرتدي ملابس خارجية منتفخة ودافئة ومظلمة، لذلك لم يكن شكل جسم أي شخص واضحًا تحت معاطفهم. كل ما يمكن أن تراه من أي شخص هو رأسه. لاحظ أيضًا أن طول أرجلنا يحمل تقريبًا كل فرق الارتفاع بين البشر. عند الجلوس، نكون جميعًا على نفس الارتفاع تقريبًا، وهذا هو سبب ضبط مقاعد السائق في السيارة للأمام والخلف بمدى أكبر بكثير مما يمكن ضبطه لأعلى ولأسفل، لو أصلا وجِد. ثم أعطيت نفسي اختبارًا جنسانيًا. هل يمكنني تحديد من قدِّم على أنه ذكر ومن قدِّم على أنه أنثى فقط من وجوههم؟ لقد كان سهلا. حتى بعد إزالة تلك الرؤوس الواضحة بشعر الوجه والصلع الذكوري من العينة. ما أشرت إليه هو المعايير المجتمعية لما يجب أن يبدو عليه الذكور والإناث من الرقبة إلى أعلى. بالنسبة لتلك العينة، كانت البيانات ثنائية. كانت النساء، في المتوسط، يرتدين شعرًا أطول. كانوا أكثر عرضة لارتداء الأقراط، وإذا فعلوا، كانت الأقراط أكبر. حواجبهن ملوية. كانوا أكثر عرضة لارتداء مكياج مرئي مثل محدد العيون ومستحضرات التجميل والحمرة وأحمر الشفاه. كانوا أكثر عرضة لارتداء المجوهرات المرئية مثل القلائد وخواتم الأصابع التعبيرية والأساور. كانت أيديهن أكثر عرضة لطلاء الأظافر.
بالطبع أظهر بعض الرجال بعض هذه الميزات. لكن بالنظر إلى جميع العوامل، كان من الواضح من هم الأولاد ومن هن الفتيات. كان ذلك عندما أدركت: 100 في المئة من تلميحي كان على الميزات الثانوية والثالثية - جميع التركيبات المجتمعية. ثم تخيلت بعناية كل شخص في مترو الأنفاق بدون مثل هذه الزينة. مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة. عند القيام بذلك، لم أتمكن من التمييز بين ميولهم الجنسية. هل كان هناك وجه أنثوي عادي أو وجه على شكل رجل يكشف عن جنسهم لي؟ الأنف، الجبين، عظام الوجنتين، خط الفك، الشفتين، الفم؟ لا توجد اتجاهات يمكن العثور عليها. عند قراءة الأدبيات ذات الصلة، وجدت تعليقات مفادها أن الرجال يمتلكون فكًا وحاجبًا ذكوريًا مميزًا مقارنة بالنساء. مع الملاحظات المصاحبة مثل، إذا كانت المرأة تتمتع بهذه الميزات، فهي ببساطة ذات وجه ذكوري، وإذا كان الرجل لديه ملامح وجه ناعمة، فهو أنثوي. كان بإمكانهم بدلاً من ذلك أن يعلنوا أن نطاق وجوه جميع الأشخاص يشتمل على سمات ناعمة ومميزة على حد سواء، دون تحديد جنسهم.
كان ذلك عندما حسبت الاستثمارات الهائلة التي نقوم بها جميعًا في التعبير عن تصنيف الجنس. هل تريد أن تبدو أكثر كرجل؟ ربما تربّي شاربا أو لحية. لكن بالتأكيد قم بزيارة صالة الألعاب الرياضية وقم ببناء بعض العضلات. اشترِ الملابس فقط من قسم الرجال في المتاجر الكبرى. لقد فكر مصممو الأزياء بالفعل في هذا الأمر من أجلك. اختر الملابس التي تكشف عن لياقتك البدنية الجديدة. تريد أن تبدو أكثر كامرأة؟ قم بإزالة الشعر من فوق شفتك، وبين حاجبيك، وأعلى وأسفل ساقيك، والأماكن الأخرى التي قد تحددها. لأن الجميع يعرف أن الرجال مشعرون والنساء لسن كذلك. الصدور ليست كبيرة بما يكفي؟ هذه مهمة لأن الرجال ليس لديهم أثداء والنساء لديهن ثديان. فلماذا لا تعزز هذه السمات؟ ارتدي حمالات الصدر التي تبرز ما لديك، أو تزيد من حجمها جراحيًا، كما تفعل أكثر من 200,000 امرأة سنويًا في الولايات المتحدة. اشترِ الملابس فقط من القسم النسائي في المتجر متعدد الأقسام. إنهم يعرفون بالتأكيد الشكل الذي من المفترض أن تبدو عليه.
بدون هذه الأدوات والمعايير الاجتماعية المتاحة لنا وبدون استثمارنا اليومي في التعبير عن النوع الاجتماعي، ما مدى اختلافنا حقًا عن بعضنا البعض؟ إلى أي مدى سنصبح جميعا ثنائيي الجنس؟ مع أو بدون معطف؟ صدق أو لا تصدق، حيوان الرنة التابع لبابا نويل يبسّط المشكلة. على عكس أنواع الغزلان الأخرى، تنمو قرونٌ لدى ذكور وإناث الرنة. لذا في نظرة خاطفة تبدو جميعها متشابهة. لكن من الناحية المتعلّقة بعلم الحيوان، تفقد كل ذكور الرنة قرونها في أواخر الخريف، قبل عيد الميلاد بفترة طويلة. على الرغم من أسمائها، بعضها فقط أنثوي، و جميع حيوانات الرنة الخاصة ببابا نويل لها قرون. لذا فكلهن إناث. مما يعني أن رودولف قد تمّ تذكيره خطئا.
نحن نميل إلى تصنيف المعلومات حتى عندما يتم منحنا وعيًا مسبقًا كاملًا بأن الميزات المهمة مستمرة ولا تصلح للفرز البسيط. فكر في مقياس Saffir-Simpson سفير-سمبسون، الذي يقسم الأعاصير إلى خمس فئات. ليس ثلاثة. ليس تسعة. لا عشرين. مع وجود حدود حادة بينهما، تقاس بسرعة الرياح المستمرة.
الفئة 1 من 74 إلى 95 ميلاً في الساعة
الفئة 2 96 إلى 110 ميلا في الساعة
الفئة 3 111 إلى 129 ميلا في الساعة
الفئة 4 130 إلى 156 ميلا في الساعة
الفئة 5 تتجاوز 157 ميلا في الساعة
أي شيء سحري حول هذه الحدود؟ ليس بالتّمام. فهي ليست حتى أرقامًا مقربة عند تحويلها إلى مقياس. نفذ هربرت سافير، مهندس إنشائي، وروبرت سيمبسون، عالم الأرصاد الجوية، المقياس في عام 1973. ربطوا بين سرعة الرياح والأضرار الهيكلية التي لحقت بالمنازل والمباني في ذلك الوقت. حتى يومنا هذا، ينتظر المتنبئون بالطقس بترقب كبير عندما تزداد شدة الإعصار (أو تتقلص) من فئة إلى أخرى. تعتبر هذه الترقية بمثابة أخبار عاجلة. سيقدم خبراء الأرصاد الجوية على النحو الواجب، "قوة إعصار هيلدا من تصنيف 3 إلى تصنيف 4". ولكن نادرًا ما يقول، "لقد تعزز إعصار هيلدا من المستوى المنخفض من المستوى 3 إلى المستوى المرتفع من المستوى 3". هناك فرق بين الإعصار الضعيف والقوي من الفئة 3 أكثر من الفرق بين الإعصار القوي من الفئة 3 والإعصار الضعيف من الفئة 4. ومع ذلك، فقدنا هذا التمييز لأننا ألقينا بقوة الإعصار في خمسة صناديق فقط. لا ضرر هنا، بخلاف تقديم المزيد من الأدلة على أن أدمغتنا لا تعمل بشكل جيد في سلسلة متصلة، مفضلين بدلاً من ذلك تصنيع فئات لا توفرها الطبيعة نفسها.
كم عدد من الفئات هو الرقم الصحيح؟ هل هذا هو السؤال الصحيح؟
الكون واسع ومتنوع، مما يجبر العلماء يوميًا على مواجهة واستيعاب وقياس وتحليل تنوع كل ما هو موجود. بصفتي عالم فيزياء فلكية، اعتنقت بسهولة علم قوس قزح ذي الستة ألوان كرمز كامل للطيف الممثل لجميع البشر. تحتوي الإصدارات الجديدة من العلم على ألوان أكثر ، تستدعي الانتباه الصريح إلى مجموعات إضافية غير معترف بها سابقًا وغير متوافقة. هذا يحول العلم من رمز الطيف المستمر إلى تمثيل المجموعات المنفصلة. في يوم من الأيام، قد نكتشف أو نؤكد عدم وجود فئات منفصلة على الإطلاق، حيث يتكشف الكون الجنساني متعدد الأبعاد على طول سلسلة متصلة، مثل الألوان الموجودة في ضوء الشمس. سيخفف هذا بشكل كبير من قوة المتعصبين المعادين للمثليين والمتحولين جنسيا لإعلان أنهم منفصلون ومتميزون بطريقة ما عن الأعضاء الآخرين من جنسهم.
كثير من الناس، الذين يدافعون عن حرياتنا العزيزة كمواطنين في الولايات المتحدة، سوف يجادلون ضد الأقنعة الإلزامية، وقوانين الخوذات، وقوانين الأسلحة، وأحزمة الأمان، وضد أي شيء آخر يقيد الشخص من عيش الحياة بالطريقة التي يريدها. من الغريب أن العديد من هؤلاء الأشخاص أنفسهم سيحتفظون أو يسعون إلى قوانين لتقييد التعبير الحر لشخص آخر عن هويتهم الجنسية. ومع ذلك، قرأت في مكان ما أن الحياة والحرية كانتا أساسيتين لأمريكا - تجربة أساسية، بدأت عام 1776، في كيف تكون دولة. قرأت في مكان ما أن السعي وراء السعادة أمر يستحق القتال من أجله. قرأت في مكان ما أن الولايات المتحدة كانت أرض الحرية. لا يمكن أن يكون أي من هذا صحيحًا ما لم يتبنَّ اللاعبون في هذه التجربة التفكير العقلاني بالارتقاء فوق أنفسهم والنظر إلى الوراء ليروا النفاق الذي يصيب أفكارهم وقراراتهم. تخيل مدى حرية العالم إذا أقسمنا جميعًا قسم "المنافق" [استخدم المؤلف كلمة hypocritic التي تعني نفاق وتشبه كلمة Hippocratic oath الّتي تعني قَسَم أبقراط كتورية لغوية]:
لن أدعي أبدًا أن لدي معايير أو معتقدات أخلاقية لا يتوافق سلوكي معها.
الفصل الثّامن
اللون والعرق
مرة أخرى، الناس متشابهون أكثر من اختلافهم
في أوائل القرن العشرين، اكتشفنا أن النجوم نفسها يمكن أن تبدو مختلفة تمامًا عن بعضها البعض عند تحليل أطيافها. في ذلك الوقت، صنفت غرفة مليئة بالحواسيب عشرات الآلاف من النجوم حسب "نوعها الطيفي"، وربطتها في خمسة عشر فئة من الحروف: A إلى O. مع بيانات أفضل وفهم ناشئ لفيزياء الكم، سيتم استبعاد هذه الفئات وتقسيمها إلى عشر فئات فرعية مرقمة بالإضافة إلى تسع فئات أخرى ممثلة في الغالب بالأرقام الرومانية التي تتبع الحالة التطورية للنجم. في العقود الأخيرة، كان من الممكن أن تستوعب عدة أنواع طيفية إضافية نجومًا باهتة للغاية لم يتم اكتشافها بعد عند تجميع البيانات الأصلية. إن نظامًا مشفرًا مكونًا من ثلاثين رمزًا إضافيًا من شأنه أن يستوعب أيضًا ميزات غير عادية أو غريبة للغاية في قمة نجم يفترَض أنه عادي.
كانت تلك الغرفة المليئة بأجهزة الحاسوب مؤلفة من حياة واعية قائمة على الكربون - ونساء متقنات حسابيًا ومثقفات علميًا وظفهن رجال مرصد كلية هارفارد للقيام بالقياسات المملة وحفظ دفاتر جميع البيانات. لم يعرف الرجال أن التصنيف الطيفي لم يكن مجرد عملية فهرسة للبيانات، بل سيؤسس الحقل الفرعي الكامل للتطور النجمي. على الرغم من الثقافة الجنسية المتحيزة للذكور، فإننا ندرك أن النجوم في المجرة وعبر الكون تمثل سلسلة متصلة من الخصائص التي نقسمها إلى مئات الصناديق في سبيل الإختلاف والمعرفة المريحين. الشمس، إذا كنت فضوليًا، فهي فئة طيفية تسمى G2V. بولاريس، نجم الشمال تصنيفه F7I.
بالعودة إلى الأرض، هناك أماكن كثيرة تسمي لون بشرتك بالأسود أو الأبيض أو البني. هذا هو. عندما تقوم بإبلاغ الشرطة عن شخص لمحت بارتكابه جريمة، فإنهم يتوقعون منك تمامًا أن تسحب من فئة واحدة فقط من هذه الفئات الثلاث. تم تقليل النطاق المذهل في العالم حول تنوع لون بشرة الإنسان إلى ثلاث درجات، وبطريقة ما الجميع على ما يرام مع ذلك. ربما أضفت اللونين الأحمر والأصفر لتشمل الأمريكيين الأصليين والآسيويين، على الرغم من عدم وجود أي من تطابق لون بشرتهم مع هذه الألوان. لا يختفي ذووا البشرة البيضاء عندما يمشون أمام ضفاف الجليد. وبينما يمكن أن يصبح لون البشرة داكنًا جدًا، لا يوجد أحد أسود بشكل نقي. من المؤكد أنك لم تقابل أبدًا أيًا لونه أحمر كمحرك محترق، أو أصفر ليموني. لذا فإن فئات الألوان لدينا هي ببساطة كسولة وتغذي أي ميول عنصرية قد نمتلكها بخلاف ذلك. ضع في اعتبارك أن والدة الرئيس باراك أوباما كانت أمريكية بيضاء من أصول أوروبية. كان والده المولود في كينيا أمريكيًا من أصل أفريقي حرفيًا. وصل أوباما إلى هذا العالم بلون بشرته في منتصف المسافة بين الاثنين - رجل أسود ببشرة فاتحة. في الولايات المتحدة، كان أوباما أول رئيس أسود لأمريكا. تخيلوا الآن أن أوباما هو زعيم ذو بشرة فاتحة لدولة أفريقية. إذا استدعينا التفكير المتماثل، يمكن أن يراه هؤلاء السكان على أنه أول رئيس أبيض لهم على نحو مبرر.
في الفيزياء الفلكية، لدينا كلمة تشير إلى انعكاس السطح: "البياض [الإنعكاسي]". غالبًا ما نستدعي ذلك عند تحليل كمية الطاقة الشمسية التي يمتصها سطح الكوكب مقارنةً بما ينعكس بواسطة قمم السحب أو التضاريس اللامعة. السطح ذو البياض 0 يمتص كل الطاقة الواردة. يعكس البياض 1 كل شيء بعيدًا. يبلغ متوسط البياض الأرضي في جميع المناطق وجميع الفصول حوالي 0.3، مما يعني أننا نعكس 30 في المئة من طاقة الشمس ونمتص 70 في المئة. الطاقة التي يمتصها كوكب ما هي محرّك المناخ. يريد بعض الناس حل مشكلة الاحتباس الحراري، ليس عن طريق تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكن عن طريق حقن جزيئات عاكسة عالية في طبقة الستراتوسفير. سيؤدي هذا إلى زيادة البياض للأرض وتقليل كمية ضوء الشمس المتاحة للأرض لامتصاصها.
إذا كنت تريد حقًا توثيق سطوع أو عتمة بشرة الأشخاص، فيمكنك قياس البياض لدى الجميع. سيؤدي القيام بذلك إلى الكشف من الناحية الكمية عن حقيقة واضحة مفادها أن سلسلة متصلة من الانعكاسية تظهر بين البشر في العالم. كشفت دراسة أجريت على السكان الأصليين في العالم، والمجتمعات التي عاشت في مواقعها لآلاف السنين، عن وجود ترابط قوي بين خط العرض على الأرض ومدى قتامة بشرتك. كلما اقتربنا من خط الاستواء، حيث تكون أشعة الشمس أكثر كثافة، زادت قتامة بشرتك. كلما ابتعدت عن خط الاستواء، كلما اقتربت من القطبين، كلما كانت بشرتك أفتح. وفقًا لهذا المقياس، إذا كان بابا نويل من السكان الأصليين للقطب الشمالي، فسيكون الشخص الأكثر بياضًا على الإطلاق. إن الجهود العرضية لتصوير شخصية بابا نويل الأسود، بدافع السعي النبيل للإدماج، مع ذلك تبدو غير صحيحة. ينطبق نفس المنطق على صور يسوع الأبيض. المسيح كشخصٍ جاء من الناصرة المشمسة (خط عرض 33 درجة شمالًا)، كان من المحتمل أن يكون يسوع أغمق بعدة درجات من الظلال التي تصوره باستمرار في اللوحات الجدارية لعصر النهضة وأفلام هوليوود.
ترتبط خريطة لون البشرة الأصلية للعالم بكمية الضوء فوق البنفسجي الضار القادم من الشمس الذي يصل إلى سطح الأرض عند خط العرض هذا. نحن نعلم أن صبغة الميلانين الجزيئية - المكون النشط للبشرة الداكنة - يمكنها تبديد 99.9 بالمائة من ضوء الأشعة فوق البنفسجية. نعلم أيضًا أن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تدمر خلايا الجلد بطرق تؤدي إلى حروق الشمس وفي النهاية الإصابة بسرطان الجلد. نشأت أصباغ الجلد كميزة تكيفية رائعة للتطور البشري يمكن، في الواقع، تحقيقها من خلال العديد من المسارات الجينية المختلفة. ومع ذلك، يصر الناس على تصنيف جنسنا البشري إلى عدد قليل من الألوان.
غريب، لأن ممر منتجات الشعر في الصيدلية المحلية يعرض ما لا يقل عن مئة لون شعر، لكل منها أسماء فريدة، مثل الزنجفر، وعصا القرفة، والنحاس، والكاكاو الساخن، وجوزة الطيب، والغسق البرازيلي، والفلفل، والكستناء المحمص، والشقراء الصحراوية، وشقراء الكثبان الساحلية. هذه مجرد مجموعة فرعية من سطر واحد من لون الشعر داخل العلامة التجارية. علاوة على ذلك، يحاول ممر المكياج جاهدًا مطابقة لون بشرتك بدقة. نظرًا لأن معظم المكياج يندمج مع بشرتك الطبيعية، تضطر شركات مستحضرات التجميل إلى التفكير في البشرة بشكل مستمر. سيقوم فنان الماكياج المحترف - فنان حرفي - بمزج مجموعة من الألوان الأساسية لتتناسب مع لونك. فكر في الأمر على أنه تراكب للحالات، لاستعارة لغة كمومية. لا تشير منتجات المكياج عادةً إلى الكلمات، بل تشير إلى أرقام أو أكواد، مما يجعلها أكثر دقة وتفصيلا، تمامًا مثل التصنيف الطيفي للنجوم. من جلسات المكياج التي سبقت ظهوري على التلفزيون، عرفت أنه في خط مستحضرات التجميل MAC، فإن مخفي العيوب الأقرب إلى لون بشرة وجهي هو NW43. بالإضافة إلى المكياج، فإن ملوك الألوان الفعليين هم مصممون داخليون. هل تتساءل ما هو أفضل لون لطلاء جدرانك؟ يسرد بنيامين مور آلافًا وآلافًا من درجات الألوان للاختيار من بينها، ناهيك عن مئة لون لكل من الأبيض والأسود - وكلها بأسماء مبتكرة مصحوبة برمز رقمي. كدليل إضافي على أننا إذا أردنا ذلك، وحاولنا بجد، يمكننا احتضان أكثر من بضع فئات من الألوان لوصف بشرة الأشخاص للشرطة.
لماذا تصنف حسب لون البشرة على الإطلاق، إلا إذا كنت تخطط لاستدعائه بطريقة ما. إذا قامت إحدى المجموعات بقمع مجموعة أخرى، عن غير قصد أو عن قصد، فأنت تريد بيانات جيدة حول من يضطهد من؟ حتى تتمكن من معالجة المشكلة. ومع ذلك، باستخدام نفس البيانات، قد يرغب الأشخاص الشائنون في السلطة في تضخيم عدم المساواة، وهو ما حدث تمامًا في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. قام قانون تسجيل السكان لعام 1950 بتدوين لون البشرة إلى الأبيض والأسود، مع فئات فرعية متعددة من الملونين، والتي تضمنت العرق المختلط والآسيوي، مما مكّن الأقلية البيضاء في السلطة من وضع قوانين تحدد وتقسيم الحريات الاجتماعية والسياسية والتعليمية والاقتصادية إلى طبقات. كل مجموعة بشكل مختلف.
هل الكراهية خارج المجموعة تتعلق حقًا بوجود لون مختلف للبشرة؟ الجواب على ما يبدو هو لا. كانت كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية في أوروبا بين من هم من ذوي البشرة الفاتحة للغاية، مما أدى إلى مقتل أشخاص آخرين من ذوي البشرة الفاتحة للغاية، مما أدى إلى حصيلة مجموع قتلى بلغ أكثر من ثمانين مليونًا. يبدو أن الاختلافات في اللغة والعرق والسياسة والقيم الثقافية غذت النزاعات أكثر من لون البشرة. أين تتوقف المسألة؟ كانت السنوات الثلاثين من إراقة الدماء داخل أيرلندا الشمالية، والتي أطلق عليها بأدب الاضطرابات، معركة سياسية للسيطرة على المنطقة. حدث انقسام بين الفصائل المتحاربة بين الكاثوليك الأيرلنديين والبروتستانت الأيرلنديين. ولكن عند النظر إليها من بعيد، إما عرقيًا، أو جغرافيًا، أو وطنيًا أو ستراتوسفيريا [من وجهة نظر بيئية]، كان المسيحيون البيض يجدون أسبابًا لذبح المسيحيين البيض الآخرين. مات أكثر من 3500 شخص خلال ذلك الوقت - وهذا تذكير صارخ بأنه في حين أن لون البشرة يمكن أن يجعل الشخص هدفًا سهلاً للكراهية، إلا أنه ليس شرطًا أساسيًا للرغبة في القتل.
وصلت الحركة السائدة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى لتطهير الأماكن العامة من تماثيل لأشخاص ذوي ماضي عنصري إلى ذروتها بعد مقتل جورج فلويد في 25 مايو 2020 على يد ضابط شرطة في مينيابوليس. في عام 2020 تمت إزالة أكثر من مئة نصب تذكاري، معظمها لقادة الحرب الأهلية الكونفدرالية - جميعهم يرتدون الزي العسكري الكامل، والعديد منهم على الخيول. مثل هذه التماثيل، وخاصة تلك التي وقفت بصمت على شارع مونيومينت في ريتشموند، فيرجينيا، كلها تذكرني بالعبودية. لقد قطعنا شوطا طويلا منذ الحرب الأهلية. لقد حصلت حتى على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة ريتشموند. خلال حياتي، حققت ما لم يكن من الممكن تصوره بالتأكيد لكل من هؤلاء القادة الكونفدراليين - وتشرفت بذلك في مهد الجنوب الأمريكي ومسقط رأس الجنرال روبرت إي لي [الّذي حارب للاحتفاظ بالعبودية].
نعم، هذا تقدم، لكن هذه التماثيل مع ذلك تستحضر لي أحلك حقبة في تاريخ البلد. هذه الأفكار لا تضعفني، لكنها تمثل نوعًا من الضرائب الاجتماعية والعاطفية التي أدفعها. ربما كان كل هؤلاء الرجال أعضاء طيبين ونبلاء في مجتمعهم. ربما كانوا مسيحيين أتقياء وكانوا يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد. ربما ساعدوا في إنقاذ القطط من على الأشجار. يمكن أن يكون كل شيء صحيحا. هذا ليس السبب وراء نصب تماثيل الفروسية على شرفهم. يتم تخليد ذكرى الجنود لدفاعهم عن أسلوب الحياة الجنوبي من توغل المعتدين الشماليين. ولكن لا توجد طريقة حياة جنوبية غير مرتبطة اقتصاديًا وثقافيًا بمصير أربعة ملايين من الأفارقة المستعبدين - ثلث سكان جنوب الولايات المتحدة بالكامل. يتطلب الحفاظ على التسلسل الهرمي نظامًا معتقدًا مستوطنًا للدونية العرقية، مع استكمال القوانين التي حالت دون تعليم الزنوج. خطوة أساسية عندما تريد أن تشعر بالتفوق: لا يمكن أن يكون لديك أشخاص سود أدنى وأقل شأنا يتجولون وهم أكثر تعليما منك.
الجمل القليلة أدناه تقول كل شيء، تم التحدث به في عام 1836 خلال خطبة استغرقت ساعتين أمام الكونغرس، دفاعًا عن العبودية، من قبل ممثل كارولينا الجنوبية جيمس هنري هاموند. بالنسبة له، كانت العبودية:
... أعظم البركات التي منحتها العناية الإلهية لمنطقتنا المجيدة. لأنه بدون [العبودية]، كانت تربتنا الخصبة ومناخنا المثمر قد أعطيت لنا عبثًا. كما هو، فإن تاريخ الفترة القصيرة التي استمتعنا بها جعل بلدنا الجنوبي مثالًا على ثروته وعبقريته وأخلاقه.
تمنعني هذه المعرفة من رؤية التماثيل العسكرية الكونفدرالية على أنها تذكير غريب بالماضي الريفي الزراعي. كما أنها لا تولد التعاطف مع قضية نبيلة خاسرة. بدون تجارة الرقيق الأفريقية، لا توجد مزارع رومانسية لإطعام ذكرى الجنوب ذات اللون الوردي. اختلطت هذه الحركة لتفكيك أو نقل التماثيل وكانت الدعوة الناجحة للمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي لإزالة التمثال الضخم لجيمس إيرل فريزر لثيودور روزفلت القائم أمام المدخل الرئيسي. شغل روزفلت بالتتابع مكاتب مفوض شرطة مدينة نيويورك، وحاكم ولاية نيويورك، ونائب رئيس الولايات المتحدة، وبالطبع الرئيس، من عام 1901 إلى عام 1909. بعد تمثال الحرية، يعد تمثال روزفلت بالمتحف أحد أكبر تمثال في مدينة نيويورك بأكملها. إنه يمتطي حصانًا مهيبًا بحافر واحد مرفوع - رمز الفروسية للإشارة إلى أنه خدم في الجيش. على الرغم من أنه كان كولونيلًا بالجيش الأمريكي، إلا أنه في التمثال لا يرتدي زيًا رسميًا ولا يرتدي بدلة وسترة الرئيس، بل يرتدي ملابس غير رسمية مع أكمام ملفوفة. فلماذا الجدل؟ هل يمكن أن تكون أشياء قالها؟ إليكم اقتباس لا يُنسى، يتحدث إلى نادي نيويورك الجمهوري في عام 1905، حول موضوع أولئك المؤسفين بما يكفي لأن يولدوا ببشرة داكنة:
تكمن المشكلة في تعديل العلاقات بين عرقين من نوع عرقي مختلف بحيث لا تختصر حقوقهما ولا تتعرض للخطر؛ أن يتدرب العرق المتخلف حتى يدخل في حيازة الحرية الحقيقية بينما يتم تمكين السباق إلى الأمام للحفاظ على الحضارة العالية التي أحدثها أجداده دون أن يصاب بأذى.
تذكر أن الجمهوريين في ذلك الوقت كان لديهم آراء تقدمية نسبيًا عن المجتمع والعالم. هنا، لا يريد روزفلت إعادة استعباد السود. يريدهم أن يشاركوا في الحلم الأمريكي، إلى أي مستوى تسمح به أخلاقهم وفكرهم المتخلف.
كان روزفلت رجلاً مثقفًا. في حين أنه كان من المؤكد أنه كان بإمكانه تعزيز مثل هذه الأفكار بمفرده، إلا أن هذه الأفكار كانت مغروسة بعمق من خلال البحث السائد لعلم تحسين النسل - الدراسة الأكاديمية لكيفية خلق جنس أفضل من البشر من خلال تربية السمات الجيدة وقمع السيئة. كيف؟ فقط قم بثني الأشخاص غير المرغوب فيهم عن إنجاب الأطفال، أو في حالة التشخيص "للشخص الضعيف الذهن" من قبل اختصاصي تحسين النسل، قم بتعقيمهم لمنع التكاثر على الإطلاق. أثر هذا الفرع من علم الأحياء الاجتماعي - مع دعاة بارزين في مؤسسات مرموقة مثل هارفارد وحتى المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي - على السياسة والقوانين وقواعد الهجرة والنظام الاجتماعي لأمريكا لعقود. حتى أن الحركة وفرت انتعاشًا للسياسات الاجتماعية لألمانيا النازية. نظرًا لأن روزفلت كان في عصره، فسأمنح تيدي تصريحًا بمغادرة قاعة المحاضرة وألقي الكثير، إن لم يكن كل اللوم، على زملائي العلماء من مجال آخر - من جيل آخر.
على أي حال، لم تكن اقتباسات روزفلت عن [نظرية] العرق هي ما ألهم التمثال. بصرف النظر عن توليه مناصب رفيعة، كتب على نطاق واسع عن حنكة الدولة والحفظ والاستكشاف وقيمة الحياة البرية. خلال فترة رئاسته، خصص 230 مليون فدان من الأراضي العامة، وتأسيسه دائرة الغابات في الولايات المتحدة. هذه المبادئ وغيرها هي سبب كونه راعي المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، مع قاعة مستديرة ضخمة عند المدخل الرئيسي تصطف عليها اقتباسات مثيرة منه - لم يكن أي منها يمدح تفوق العِرق الأبيض.
كما يخلد التمثال شخصين آخرين. أفريقي أسود وأمريكي من السكان الأصليين، يقفان بثبات في الزي الأصلي - واحد على كل جانب من روزفلت وحصانه. إذا نظرنا إليها بأعين وأحاسيس حديثة، فإن هذا التصوير مكروه. لا أحد يحلم اليوم بإلقاء رجل أبيض على حصان يحيط به أناس مضطهدون ومحرومون من حقوقهم. ما الذي كان من الممكن أن يكونوا يفكرون فيه؟
لا داعي للتساؤل. نحن نعلم بالضبط ما كان يدور في ذهن النحات والمجتمع في ذلك الوقت. تم تكليفه في عام 1925 وكشف عنه في عام 1940، لذلك ضع في اعتبارك بعض الحقائق:
1- يقف كل من الأفارقة السود والأمريكيين الأصليين فخورين ومتميزين في موقفهم وتعبيرات الوجه. كلاهما عضلي وملكي تقريبًا.
2- يتطلع الأفريقي الأسود والأمريكي الأصلي للأمام إلى مكان بعيد. نفس اتجاه روزفلت.
3- في ذلك الوقت، من العشرينيات حتى الأربعينيات من القرن الماضي، كانت جميع التمثيلات الأخرى للزنوج والهنود تقريبًا رسومًا كاريكاتورية محرجة - في الكتب والأفلام والرسوم الهزلية والرسوم المتحركة - تهدف إلى جعل البيض يضحكون ويشعرون بالتفوق.
4- في ذلك الوقت، بالكاد تم نصب أي تماثيل للسود أو الأمريكيين الأصليين في أي مكان، باستثناء الفرسان الأسود النحاسي الضئيل خارج النوادي والمطاعم الحصرية والهنود الخشبيين الذين يتدحرجون إلى مقدمة متاجر التدخين خلال ساعات العمل.
5- هل رأيت أي تمثال آخر لرئيس أمريكي بداخله أشخاص عامّيّون؟ هي نادرة. يتبادر إلى الذهن ثلاثة: (أولا) النصب التذكاري لفرانكلين ديلانو روزفلت لعام 1997 في واشنطن العاصمة، حيث تم تصوير فرانكلين روزفلت مع كلبه، جروٌ أسكتلندي اسمه فالا، في تمثال لنيل إستيرن. إذا استبعدنا الكلاب كأشخاص، إذن (ثانياً) روزفلت مرة أخرى، في منحوتة عام 1995 من قبل لورانس هولوفسينر بعنوان الحلفاء، جالسًا بجوار تشرشل على مقعد في لندن على طول شارع بوند ، على الرغم من أن ونستون ليس شخصًا عامّياً آخر. آخر (ثالثاً) تمثال لتوماس بول عام 1876 في لينكولن بارك، في واشنطن العاصمة، بعنوان التحرر، حيث تمد يد أبراهام لنكولن اليسرى على غرار يسوع، على رأس رجل أفريقي راكع، مكبل بالأغلال، مستعبد. ربما بدا الأمر وكأنه الشيء الصحيح الذي يجب تشييده في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية، ولكن من منظور حديث، فإنه أمر محرج.
6- في عام 1940، إذا نظرت إلى الزنوج والهنود على أنهم أقل شأناً منك وإذا كان تيدي روزفلت هو بطلك، فسترى بالتأكيد الشخصيتين الواقفتين للنحات على أنهما فعل تشويه لا يغتفر. كيف يجرؤ على تلطيخ سمعة روزفلت بهذه الصورة مع من هم أدنى إنسانية منه.
7- وصف جون راسل بوب، مهندس مبنى المتحف الجديد خلف روزفلت، الرجال الثلاثة المنحوتين بأنهم "مجموعة بطولية".
8- ماذا عما قاله النحات جيمس إيرل فريزر بنفسه: [صورة التمثال]
الشخصان الموجودان في جانب [روزفلت] هما مرشدان يرمزان إلى قارات إفريقيا وأمريكا، وإذا اخترت، فقد ترمز إلى صداقة روزفلت مع جميع الأجناس.
بصفتي عالمًا ومعلمًا، فأنا لا أهتم بالآراء أكثر مما أهتم بقدرة الفرد على التفكير المنطقي والعقلاني في جميع البيانات ذات الصلة التي قد تساعد في إبلاغ هذه الآراء. تذكر أيضًا أن آراءنا تتشكل على مشهد دائم التغير للأعراف الاجتماعية والثقافية. إن المنظور الكامل للتمثال يجعلني سعيدًا برؤيته وقد أزيل، فقط لأن لا أحد قد يتصور مثل هذا التمثال اليوم، وهو الاختبار الحقيقي لأي لائحة اتهام أطلبها. سيعيش التمثال في ميدورا، داكوتا الشمالية، موقع مكتبة تيدي روزفلت الرئاسية الجديدة. إن حافزي هو تشجيع إيماءة متسامحة للماضي بينما أعرض جبينًا مجعدًا للمستقبل، أتساءل كيف يمكن أن تظهر أكثر إبداعات اليوم تقدمية لأحفادنا المستنيرين بعد مئة عام من الآن.
***
لماذا يريد أي شخص أن يشعر بالتفوق على الآخرين؟ من المؤكد أن المناسبة الوحيدة لتبرير النظر إلى شخص ما باستخفاف هي أثناء مساعدته. لكوني لست طبيبا نفسيا، فأنا لا أطالب برؤية خاصة سوى مشاركة الملاحظة نفسها. ما هو واضح هو أن بعض الناس يشعرون بتحسن عندما يعتقدون أن الآخرين أقل مما هم عليه، بأي طريقة يقدرونها، والتي يمكن أن تشمل الثروة، أو الذكاء، أو الموهبة، أو الجمال، أو التعليم. أضف القوة والسرعة والرشاقة والمهارة والتحمل وقمت بتجميع معظم الطرق التي يقارن بها الأشخاص أنفسهم باستمرار مع الآخرين، إما بشكل غير رسمي أو في إعدادات منظمة. يعود الفضل في وجود الألعاب الأولمبية إلى البحث عن الأشخاص الذين يؤدون أداءً أسرع وأعلى وأقوى بيننا. الامتحانات الموحدة، وعروض الألعاب، ومسابقات الجمال، واختبارات المواهب، وفوربس 400 تحفّز جميع البشر ضد البشر، بالترتيب. يقدم المجتمع المئات، إن لم يكن الآلاف من الطرق لإظهار أنك أفضل من الآخرين.
ماذا يحدث عندما لا ينطبق إحساسك بالتفوق على فرد تهزمه للتو في لعبة شطرنج، على سبيل المثال، ولكن على مجموعة سكانية بأكملها؟ معظم هؤلاء الأشخاص الذين لم تقابلهم أبدًا ولن تقابلهم أبدًا. تشعر أنك متفوق لأن شخصًا ما أخبرك أنه من الجيد أن تشعر بهذه الطريقة - والديك، أو بعض السلطات السياسية أو الاجتماعية. قد تتوقع أن ينتقل التحيز الثقافي من جيل إلى آخر، أو قد تتوقع الأوهام القومية أن تطغى على الفكر العقلاني. قد تقتنع أيضا بكلام المتحدث باسم الله أيضًا أن دينك أفضل من أي دين آخر. ولكن ماذا يحدث إذا أخبرك عالم [فيزيائي] حسن النية أنك متفوق؟ هل ستقبل الاستنتاج، وتتبع الشعور، أم ستستكشف المصادر المحتملة للانحياز؟
كما قد تشك، من بين فروع البحث العلمي، فإن تلك الأكثر عرضة للتحيز البشري هي المجالات التي تدرس وتحكم على مظهر وسلوك وعادات البشر الآخرين. على رأس تلك القائمة، ابحث عن علم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا [علم معرفة الإنسان] على وجه الخصوص. إذا أرادت [هذه المجالات] إثبات سلامتها والحفاظ عليها، يجب أن تشارك هذه الحقول في مستويات إضافية من مراجعة النظراء والكشف، بهدف صريح هو اكتشاف التحيز.
نظرًا لأن البشر ليسوا موضوعًا للدراسة في الرياضيات والعلوم الفيزيائية، تميل هذه المجالات إلى مقاومة هذه الآفة. هذا لا يعني أن الباحثين أنفسهم لا يمكن أن يكونوا عنصريين أو كارهين للجنس البشري misanthropes. ولا يعني أن هذه المجالات خالية من التحيز. إنه يعني فقط الاكتشاف الكوني، وما يقع في الكتب البحثية، أقل عرضة لمشاعر التفوق.
أقرب شيء يمكن أن أجده لمفهوم غير شامل في تدريبي للرياضيات والفيزياء هو نظرية "الكرة المشعرة" من الطوبولوجيا الجبرية، التي أثبتها عالم الرياضيات والفيزياء النظري الفرنسي هنري بوانكاريه عام 1885. تتمتع بالعديد من عمليات إعادة الصياغة العامية، مثل "لا يمكنك تمشيط الشعر على كرة البولينج". تمت الترجمة بمزيد من الدقة: إذا قمت بتمشيط كرة مشعرة، بغض النظر عن كيفية تمشيطها، فستبقى بقعة واحدة على الأقل حيث لا يعرف الشعر أي اتجاه يتكئ - سيكون هناك دائمًا نقرة واحدة على الأقل على الكرة.
النظرية صحيحة، لكن الإشارة إلى تمشيط الشعر منحازة ببراءة. أمشّط شعر كرة البولينج الخاصة بي كل يوم. أقوم بذلك من خلال اختيار مشط أفريقي [Afro Pick]، الذي يسحب جذع الشعر بعيدًا عن فروة رأسي. إذا لم يكن لدي وجه أو رقبة، وكان رأسي مجرد كرة، فيمكنني بسهولة تمشيط شعري دون القلق من ظهور نفرة في شعري. كل شيء [شعر] نافر. لو كان بوانكاريه وجميع الآخرين يستخدمون المشط الأفريقي [Afro Pick]، فلا شك أنه كان سيثبت النظرية، ربما ناقص أي إشارة إلى تسريحات الشعر.
في مثال آخر، سرعان ما لاحظت زوجتي، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الفيزياء الرياضية، أن العديد من علماء الكونيات تمسّكوا بفكرة أننا قد نعيش في كون مستقر، بعد فترة طويلة من توضيح البيانات من التلسكوبات الرائدة أننا لا نعيش في هكذا كون. في ذلك الوقت، علمنا أن كوننا المتوسع، المولود من الانفجار العظيم، قد يتراجع يومًا ما وينقبض ويكرر نفس السلسلة للأبد. وتساءلت زوجتي عما إذا كان علماء الكونيات في الحالة المستقرة، ومعظمهم لم يسبق لهم الحيض، يجدون صعوبة في التفكير في الدورات واحتضانها - وهو شيء يعيش معه نصف سكان العالم طوال معظم حياتهم البالغة.
بالنسبة لأحد فصول الكهرومغناطيسية في كليتي من أواخر السبعينيات، عند تعلم الصيغة المتعلقة بالشحنة (Q) والجهد (V) والسعة (C) في الدوائر الكهربائية، قدم مساعد التدريس للخريجين، مع ذاكرة خضراء من فيتنام، مساعدة للذاكرة بسيط لتذكر المعادلة: Q = V × C. "محجرنا هو VietCong [الفييت كونغ هو اسم القوات الشيوعية التي حاربت الأمريكيين في فييتنام]." للأسف، ما زلت أتذكر هذا منذ ذلك الحين.
مع الأخذ في الاعتبار أن المقاوم هو عنصر دائرة شائع يتم ترميزه بألوان قوس قزح لقيمة مقاومته بوحدات "أوم". (لماذا لم يطبعوا أبدًا المقاومة العددية على المقاوم نفسه يحيرني حتى يومنا هذا). هناك هم. خطوط ألوان: أسود - بني - أحمر - برتقالي - أصفر - أخضر - أزرق - بنفسجي - رمادي - أبيض. مجموعات مختلفة من هذه الألوان تشير إلى قيم مقاومة مختلفة. لا شيء يمكن أن يكون أكثر نضجًا ليكون ذاكرًا من ذلك. تسرد ويكيبيديا العشرات منها في مدخل خاص بهذا الموضوع فقط. على سبيل المثال:
Big Beautiful Roses Occupy Your Garden But Violets Grow Wild
[ترجمة أعلاه: الورود الجميلة الكبيرة تحتل حديقتك، ولكن البنفسج ينمو بتوحّش.]
بسيطة وتستحضر صورًا جميلة. لكن هذا ليس ذاكري الذي سمعته لأول مرة. في معمل فيزياء الإلكترونيات الخاص بي، تعلمت بدلاً من ذلك:
Black Boys Rape Our Young Girls But Violet Gives Willingly.
[ترجمة أعلاه: الفتيان السود يغتصبون بناتنا الصغار، ولكن البنفسج يعطي عن طيب خاطر.]
بعد أن اكتشفني، وأدرك أنني الطالب الأسود الوحيد في الغرفة، هز المعلم كتفيه بخجل وسرعان ما قام بتغيير ذاكري ليبدأ:
“Bad Boys…” [ترجمته: الأولاد السيئون]
وبالتالي مغيّرا ذاكري العنصري الكاره للنساء إلى مجرد كاره للنساء. لحسن الحظ، لا يؤثر أي من هذا على ما تفعله الإلكترونات في دوائرها.
***
يمكن القول إن كتابات علماء الأنثروبولوجيا [علم دراسة الإنسان] في القرن التاسع عشر تعكس أكثر العصور عنصرية في تاريخ العلم، والتي امتدت إلى القرن العشرين. شغل الانبهار بـ "أجناس الإنسان" أعمال حياة العديد من الباحثين. يأتي المثال المفضل لدي من دراسة نشرت عام 1870 "العبقرية الوراثية: تحقيق في قوانينها ونتائجها"، من قبل عالم اللغة الإنجليزية الموسوعي فرانسيس غالتون، مؤسس حركة تحسين النسل، من بين فروع أخرى من البحث التجريبي. يلاحظ في الفصل المعنون "القيمة المقارنة للأجناس المختلفة" قائلا:
عدد الزنوج الذين يجب أن نسميهم أنصاف الرجال الأذكاء كبير جدًا. كل كتاب يشير إلى الخدم الزنوج في أمريكا مليء بالأمثلة. لقد تأثرت كثيرًا بهذه الحقيقة أثناء رحلاتي في إفريقيا. كانت الأخطاء التي ارتكبها الزنوج في شؤونهم طفولية وغبية وشبيهة بالغباء، لدرجة تجعلني أخجل من نوعي.
حصل غالتون على لقب فارس عام 1909 من قبل إدوارد السابع.
لكن التمرين بدأ في وقت سابق. فقط قم بتقسيم كل البشر حسب لون البشرة، نسيج الشعر، وملامح الوجه، وأنت في منتصف الطريق لبلوغ النتيجة. مجهزين ببيانات أولية مثل هذه، كانت الرغبة في ترتيب الأعراق لا يقاوم. على سبيل المثال، كان يعيش في الولايات المتحدة الجديدة مليون أفريقي أسود، 90 في المائة منهم كانوا مستعبدين. كتب عنهم توماس جيفرسون من فرجينيا في عام 1785، قبل أن يصبح رئيسًا،
بمقارنتهم بملكات الذاكرة والعقل والخيال، يبدو لي أنهم في الذاكرة متساوون مع البيض؛ في العقل أقل شأناً، كما أعتقد، بالكاد يمكن العثور على شخص قادر على تتبع وفهم تحقيقات إقليدس؛ وأنّهم في الخيال مملون، لا طعم لأفكارهم، وغير أسوياء.
أنا بصراحة لا أعرف عدد الأشخاص البيض الذين كانوا يتقنون إقليدس والذين عرفهم جيفرسون في المستعمرات الأمريكية الأصلية، ولكن مهما كانت ملاحظاته واعتراضاته على السود، لم يتردد في التزاوج المستمر مع واحدة منهم على الأقل، مما أدى إلى إنجابه ستة أطفال. بعد أن نشر داروين كتابه الأساسي عام 1859، حول أصل الأنواع، وخاصة بعد كتابه إنحدار الإنسان عام 1871، كان بإمكاننا جميعًا المضي قدمًا في إدراك أن البشر جزء من عائلة واحدة، ولدينا سلالة جينية مشتركة مع القردة الأخرى. لكنّنا لم نفعل. وبدلاً من ذلك، أكد العديد من العلماء في ذلك الوقت أن الأفارقة السود أقل تطورًا من الأوروبيين البيض. استمر هذا في أعماق القرن العشرين إلى حين نشر كتاب واسع الإقتباس منه في عام 1962 للكاتب كارلتون إس. كون، أصل الأعراق ، حيث نجد:
"إذا كانت أفريقيا مهد البشرية، فهي مجرد روضة أطفال غير مبالية. كانت أوروبا وآسيا مدارسنا الرئيسية ".
تقدم السبعمائة صفحة من النصوص والرسوم التوضيحية في كتابه مقارنات متفشية بين الأفارقة السود والقردة. يكفي لإقناع البيض بأن يكونوا سعداء لأنهم ولدوا بيضًا، مما يتركهم منفتحين تمامًا على أي قواعد وقوانين وتشريعات تفصل عنصريا أو تُخضع السود.
عند طرح فرضية علمية، يجب أن تكون أعظم ناقد لنفسك. أنت لا تريد أن يجد الزملاء ثغرات في تفكيرك قبل أن تجدها بنفسك. يبدو سيئًا ويكشف أنك لم تقم بأداء واجبك. تتمثل إحدى الطرق الجيدة لمهاجمة عمل الفرد في التراجع واستكشاف ما إذا كان من الممكن إنشاء تفسير معاكس تمامًا من نفس البيانات أو من البيانات التي ربما تكون قد أغفلتها. إذا نجحت في تفكيك فرضيتك الخاصة، فقد حان الوقت للانتقال إلى مشروع بحث آخر.
فلنجربها.
إقلب الطاولات: لو كان علماء الأنثروبولوجيا في القرنين التاسع عشر والعشرين من دعاة تفوق السود بدلاً من أنصار تفوق البيض، فماذا كانوا ليكتبوا عن الأشخاص البيض عند فحصهم؟ يجب أن تهبط مجموعتك الخاصة دائمًا في قمة نظام التصنيف الخاص بك أو بالقرب منه، فما هي الملاحظات التي قد تدعم نظرية أن الأشخاص البيض أقل شأنا وأشبه بالقردة؟ وإذا كنت من البيض، فكيف ستشعر بقراءتها؟
الشمبانزي هم أقرب الأقارب الجينيين للبشر. نحتاج فقط إلى إيجاد أوجه تشابه بين الشمبانزي والبيض، وسيكون ذلك دليلًا أكيدًا على حالتهم الأقل تطورًا.
• الشمبانزي والقردة الأخرى ينمو الشعر لديهم في جميع أنحاء أجسادهم. أكثر الناس شعرًا الذين رأيتهم على الإطلاق هم الأشخاص البيض، مع حصائر من الشعر على صدورهم وصاعدا لظهورهم. يمكن لشعر أجسامهم أن يصل إلى أعلى ويخرج من ياقة قميصهم. لا يقترب السود عن بعد هذا المستوى من الشعر.
• متميزا عن وجوههم، الأيدي والأرجل، الشعر لدي غالبية الشمبانزي- بالطريقة التي يتعاملون بها مع بعضهم البعض عند التحقق من وجود قمل - ولون بشرتهم أبيض، وليس لديهم أي ظل أسود أو بني.
• تميل الشمبانزي إلى امتلاك آذان كبيرة بالنسبة لحجم رأسها. بعد عقود من مراقبة الأذن، يمكنني أن أشهد أن أكبر آذان رأيتها على البشر كانت على الأشخاص البيض. ألق نظرة بنفسك، في المرة القادمة التي تكون فيها في مكان عام مزدحم. لا شك في أن هناك تداخلًا قويًا، ولكن حجم آذان السود يمكن أن يصل إلى نصف حجم آذان البيض. قد تسأل الآن عن آذان الرئيس باراك أوباما الكبيرة المشهورة، لكنه بالضبط نصفه أبيض - بنفس القدر من الأبيض مثل الأسود. لذلك ربما تأتي أذناه الكبيرتان من النصف الأبيض من تراثه.
• بالنسبة لمعظم القرن العشرين، تم تصوير إنسان نياندرتال على أنه غبي ووحشي. تبين أنه في بداية التسعينيات، كشفت الأبحاث الجينية أن الأوروبيين هم ما بين 1 و3 في المئة من إنسان النياندرتال. الأفارقة لديهم صفر في المئة. لا يمكن أن يكون ذلك جيدًا بالنسبة للأوروبيين - حان الوقت لتنظيف تلك الصورة البدائية المتخلفة. منذ ذلك الحين، تعلق المراجع المنشورة عن إنسان نياندرتال بدلاً من ذلك على ما يجب أن يكون طرقهم الإبداعية والفنية والمبتكرة والمفصلة، وصياغة أدوات وتقنيات متطورة لتشكيل عالمهم.
انظر كم هو سهل أن تكون عنصريًا. فلنكمل.
• يستثمر الشمبانزي وقتًا عائليًا جيدًا في تنظيف شعر بعضهم البعض. لقد شاهدناهم جميعًا يفعلون ذلك، إن لم يكن في حديقة الحيوانات، إذن في الأفلام الوثائقية التلفزيونية. على ما يبدو، يجب أن يكون القمل الذي يعثرون عليه لذيذًا لأن من ينتفهم من رأس الشمبانزي الآخر يأكلها أيضًا. هل سمعت يومًا بتفشي قمل بين الأطفال السود؟ على الاغلب لا. الأطفال البيض أكثر عرضة للإصابة بالقمل 30 مرة من الأطفال السود. يحب الطفيلي ببساطة أن يضع البيض على شعر الشمبانزي والأشخاص البيض أكثر من شعر السود.
ماذا عن التفوق الأسود القديم البسيط على البيض دون الرجوع إلى القردة؟ ماذا عن:
• الأشخاص البيض أكثر عرضة 25 مرة من السود للإصابة بسرطان الجلد. يمكنني أن أحصي عشرات الأشخاص البيض المتعلمين تعليماً كاملاً في حياتي الذين جادلوا بقوة بأنهم وأنا معرضون للخطر بشكل متساوٍ عند التعرض لأشعة الشمس. من الصعب التنازل عن التفوق عندما تكون في ذهنك أنت الأفضل.
• المرض الجلدي الحاك والمتقشر الناتج عن الصدفية المتوسطة إلى الشديدة ينتشر أكثر مرتين بين الأشخاص البيض مقارنة بالسود.
• هل رأيت أطفالًا سودًا يعانون من الكثير من حب الشباب في الوجه لدرجة أن معذبيهم من زملائهم يطلقون عليهم اسم وجه البيتزا؟ على الاغلب لا.
• هل سمعت من قبل عبارة "Black don’t crack الأسود لا يكسر"؟ يشير إلى الشيخوخة الرشيقة للبشرة الداكنة بالنسبة للبشرة الفاتحة، مع تقليل التجاعيد والعيوب الأخرى. الشكر لصبغة الميلانين لذلك.
• خلال سنين بلوغي، كنت في العديد من رحلات المشي لمسافات طويلة خلال المعسكر الصيفي حيث أصيب معظم الأطفال البيض بطفح جلدي من اللبلاب السام، ولم يكن الأطفال السود كذلك. يمكن أن تكون مجرد بيانات غير كاملة. يمكن لشخص ما أن ينظر في ذلك.
• ضعف السيدات البيض المسنات أسطوري ومأساوي. مع تقدمهن في السن، فإن واحدة من كل اثنتين منهن سوف يكسر لها عظم في النهاية بسبب انخفاض كثافة الكالسيوم وظهور هشاشة العظام. العظام المسنّة السوداء تبقى جيدة وقوية. إذا كسرت إمرأة سوداء عظمة ورك فإن هذا بسبب سقوطها من نافذة وليس لأنها تزحلقت على الأرضية.
• على الرغم من الارتفاع الأخير في معدل انتحار المراهقين السود ، فإن معدل الانتحار بين البيض أعلى بمقدار 2.5 مرة من انتحار السود.
• كما أن المعدلات أعلى من 2 إلى 3 مرات في حالات اضطرابات الأكل التي تسبب فقدان الشهية بين النساء البيض مقارنة بالنساء السود. واحد آخر من قبو الشمبانزي:
• يحب الشمبانزي التأرجح في الأشجار. على ما يبدو، وكذلك يفعل الأطفال البيض في الضواحي. عادة لا يمكنهم الانتظار لبناء منزل الشجرة في الفناء الخلفي والعيش فيه. من المحتمل أنك لم ترَ أطفالًا سودًا حتى يفكروا في الفكرة. من الواضح أن الأشخاص البيض يريدون العودة إلى حالتهم البدائية الكاملة.
من المؤكد أن هذا التشدق العنصري كان محرجًا بالنسبة للبعض لقراءته، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن البيانات التي تدعمه كلها حقيقية. ما يهم هو ما يحفزك. هل تهدف إلى إعلان التفوق ثم التصرف على أساسه بطريقة شائنة، أم أنك ببساطة مفتون بتنوع الجنس البشري؟ على أي حال، فإن علماء الأنثروبولوجيا البيض العنصريين قد أغفلوا الأمر برمته.
ماذا عن بعض الأساطير العنصرية الأصيلة للسود؟ لون بشرة الإثيوبيين ليست بيضاء ولا داكنة كما يمكن للأفارقة السود. من هذه الحقيقة انبثقت قصة أصولهم، والتي أعيد صياغتها:
الله، عندما كان يخبز كتل الصلصال التي ستصبح بشرًا، أخرجها من الفرن مبكرًا. هؤلاء هم البيض - وصفة فاشلة في محاولته الأولى.
لمحاولة الله التالية ترك الصلصال في الفرن لفترة طويلة. أصبح هؤلاء كل السود ذوي البشرة الداكنة. وصفة أخرى فاشلة.
في محاولة الله الثالثة، أخرج الدفعة من الفرن في الوقت المناسب، جاعلاً جلد الإثيوبيين البني الذهبي المثالي.
يمكننا أن نضحك، إن لم يكن لسبب آخر غير تخيلهم لخالقٍ كلي العلم وقدير ما زال يتعلم كيف يخبز، لكنها قصتهم. يضعون أنفسهم في قمة خيالاتهم الخاصة، تمامًا مثل أي شعبٍ آخر. في هذه الأثناء، بجوار الإثيوبيين، على الساحل الشرقي لأفريقيا، هناك الصوماليون. لون بشرتهم أغمق بكثير من الأثيوبيين، لكن ملامح وجوههم أوروبية بشكل واضح. أو بالأحرى، ملامح وجوه الأوروبيين صومالية بوضوح. ماذا يفعل الشخص العنصري حيالهم؟
إذا أعطينا عنصريينا السود الافتراضيين سيطرة على التشريع، فقد يفعلون فقط ما فعله العنصريون البيض ضد السود - سن قوانين تمنع البيض من التعليم ثم تبرر إخضاعهم واستعبادهم لكونهم أغبياء وأقل من البشر.
***
أفريقيا هي بالفعل "مهد البشرية". قبل بضع مئات الآلاف من السنين، تجول البشر الأوائل شمالًا ثم غربًا وشرقًا، وسكنوا أوروبا وآسيا والأمريكتين في النهاية. حمل أسلافنا المتجولون الجينوم الأفريقي الأساسي إلى جميع أنحاء العالم. استغرقت هذه الرحلات وقتًا أقل مما تعتقد. لنقم بالحسابات. إذا قمت بالسير لمسافة 25000 ميل (محيط الأرض) بسرعة 2 ميل في الساعة - بوتيرة بطيئة - وقمت بذلك لمدة ثماني ساعات في اليوم، فسوف تبحر حول الكرة الأرضية في 4.3 سنوات. بالطبع لا يوجد مسار أو طريق فعلي يدور حول الأرض، وهناك صحاري ومسطحات مائية وجبال وأشياء أخرى في الطريق. ومع ذلك، قبل الزراعة، كان لدى أجيال وأجيال من الأفارقة، واحدًا تلو الآخر، متسعٌ من الوقت للوصول إلى كل زاوية متجاورة من سطح الأرض - مدفوعًا بالبحث عن الطعام أو الشعور بالتساؤل عما يكمن وراء الآفاق أمامهم.
اليوم، يعيش واحد من كل ستة أشخاص في العالم في إفريقيا. قارة أكبر بخمس مرات من أوروبا وموطن لأربعة وخمسين دولة، أي أكثر من ربع الإجمالي العالمي. عند رؤية سكانها، إذا كان كل ما تلاحظه هو البشرة الداكنة، فأنت تفتقد أهم ميزات من يعيش هناك. كمصدر للأصول البشرية، تظهر القارة الأفريقية أكبر تنوع جيني من أي مكان على وجه الأرض، بشرط أن تتخطى لون البشرة. مع هذا التنوع يأتي التباين التصنيفي. في أي مكان في العالم تتوقع أن تجد بعضًا من أقصر وأطول الناس؟ في أفريقيا طبعا. يبلغ متوسط طول قبيلة مبوتسي الأقزام من جمهورية الكونغو الديمقراطية ما يزيد قليلاً عن أربعة أقدام. ومن بين واتوسي في رواندا وبوروندي، وكلاهما دولتان متجاورتان مع الكونغو في وسط إفريقيا، يبلغ متوسط طول الرجل ستة أقدام.
جينات وراثة القصر والطول موجودة في مكان آخر من العالم، لكنهما لا يشغلان نفس المنطقة الجغرافية. يبلغ متوسط ارتفاع السكان الأصليين في هولندا سبع إلى ثماني بوصات أطول من متوسط ارتفاع الإندونيسيين ، لكن يفصل بينهم ما يقرب من ثلث محيط الأرض.
أين قد تجد بعضًا من أبطأ وأسرع العدائين في العالم؟ المسابقات الرياضية عمومًا لا تبحث عن ضربات بطيئة. من بين العدائين السريعين، سيطرت إفريقيا وأحفادها المهاجرون على الساحة الدولية لسباقات المضمار والميدان في كل من سباقات السرعة والمسافات الطويلة لمعظم القرن الماضي.
ماذا عن الناس الأغبياء جدا والأذكياء جدا؟ من المحتمل أن تجدهما في إفريقيا أيضًا. دعونا نركز على الأذكى في الوقت الحالي. حان الوقت للتذكير بأن مصر وحضارتها الشاهقة في الهندسة والعمارة والزراعة سبقت أوروبا بآلاف السنين. آخر فحص قام به شخص ما، فإنّ مصر في أفريقيا. كانت الحضارة متقدمة جدًا لدرجة أن الإنكار بين البيض عميق ، بما في ذلك قصة Stargate، وهو فيلم خيال علمي عام 1994 تم في قصّته تصور وتصميم الأهرامات العظيمة ليس من قبل الأفارقة، ولكن من قبل مخلوقات بشرية تشبه البشر الذين أخضعوا الإنسان المصريين. حتى أن رائد الأعمال في مجال الفضاء إيلون ماسك (وهو أفريقي نفسه) عبَّر على تويتر على هذا النحو في 31 يوليو 2020: "بنى الفضائيون الأهرامات." منذ القرن الخامس عشر فصاعدًا، لم يبحث المستكشفون الأوروبيون والمستعمرون وتجار الرقيق والأنثروبولوجيون المتجولون عن أشخاص أكثر ذكاءً منهم في إفريقيا، على الرغم من أنه من المحتمل ألا تعاني القارة من نقص فيهم. عليك أن تنظر فحسب. نيل توروك، زميل فيزياء لي من جنوب إفريقيا من البيض، أسس في عام 2003 المعهد الأفريقي للعلوم الرياضية (AIMS). إنه معهد يقدم تعليمًا ملهمًا ومتقدم المستوى ودعمًا لشهادات الدراسات العليا في الرياضيات والهندسة والفيزياء. على الرغم من وجود مقر المنظمة في جنوب إفريقيا، فإنها تخدم جميع البلدان في القارة. بدءًا من عام 2008، توسعت مهمة AIMS لتشمل بحثًا مستهدفًا "لإطلاق العنان للمواهب العلمية ورعايتها في جميع أنحاء إفريقيا، بحيث نحتفل خلال حياتنا بآينشتاين أفريقي". يفعلون ذلك من خلال متابعة قصص من معلمي المدارس والأساتذة والشيوخ في جميع أنحاء الأرض، حول أي طلاب في مجتمعاتهم يجدون أنهم أذكياء بشكل غير مألوف والذين قد يستفيدون من هذه الفرصة.
لا أحد ينكر ذكاء الأشخاص الرائعين في لعبة الشطرنج. مع هذا العائق المالي المنخفض للدخول، يتم لعب الشطرنج والتنافس فيه في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن ثروة البلاد. حان الوقت لملاحظة أن متوسط تصنيف أفضل عشرة لاعبين في الشطرنج في زامبيا، قلب إفريقيا، أعلى من نظيره في لوكسمبورغ واليابان والإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية. دعونا نلقي نظرة خاطفة على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 لكل من هذه البلدان: لوكسمبورغ 116 ألف دولار، اليابان 40 ألف دولار، الإمارات العربية المتحدة 36 ألف دولار، كوريا الجنوبية 32 ألف دولار، زامبيا 1000 دولار.
في 1 مايو 2021، وصل لاعب شطرنج موهوب إلى لقب National Master الأستاذ الوطني بعد أن حقق تصنيفًا في اتحاد الشطرنج الأمريكي أعلى من 2200، وهبط بين أفضل 4٪ من إجمالي 350.000 لاعب مصنف في العالم. حصل على تقييم أعلى بخمسمائة نقطة من مدربه في الشطرنج، بعد سنوات قليلة من تعلم كيفية لعب اللعبة. هذا الطفل المعجزة هو صبي يبلغ من العمر عشر سنوات يُدعى تانيتولوا أديومي، ابن لاجئين نيجيريين إلى الولايات المتحدة في عام 2017. أمضت عائلته وقتًا قصيرًا في العيش في ملاجئ للمشردين في مدينة نيويورك قبل أن يؤسس والداه عملًا ثابتًا وإقامة دائمة. لعبت مباراة شطرنج قصيرة ضد الزميل الصغير في مارس 2021 على منصة Twitch للماجستير موريس آشلي، وهي واجهة وسائط اجتماعية مباشرة. كانت اللعبة قصيرة بالفعل.
عند الحديث عن النيجيريين، يتمتع المهاجرون إلى الولايات المتحدة بدخل عائلي أعلى بنسبة 8 في المئة من المتوسط الوطني. والأطفال النيجيريون في المملكة المتحدة، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى قبيلة الإيغبو، يحصلون باستمرار على درجات اختبار أعلى في المتوسط من نظرائهم البيض في المملكة المتحدة.
مناسبات للتوقف والتساؤل عن أعماق رأس المال الفكري في الرياضيات، أو العلوم، أو الهندسة، أو أي مجال مختبئ في أعماق القارة الأفريقية، أو في أي مكان آخر على الأرض - فقده الآن أو ضاع إلى الأبد - بسبب عدم وجود فرصة للازدهار.
***
تأمل كذلك فيما يحدث داخل شجرة أسلاف الإنسان. سمعت شخصًا ما في مدينة نيويورك يقول إنه إيطالي، فسألت عن مكان ولادته فكان جوابه "بروكلين" [نيويورك]. أين ولد والداه؟ نفس المكان "بروكلين". أين ولد والديهم؟ الجواب: "إيطاليا، أنا إيطالي." في محادثة مع شخص آخر أعلنت عن أنها سويدية، سألتها أين ولدت. أجابت: "مدينة نيويورك". واصلت السؤال. اين ولد والداك؟ أجابت "مينيسوتا." أين ولد والداهم؟ الجواب "مينيسوتا." وآبائهم؟ أجابت "السويد - كما قلت، أنا سويدية." يمكنك أن ترى ما يحدث هنا. في هاتين الحالتين، كان من الممكن أن يقول كلاهما، "أنا أمريكي-ية"، لكن بدلاً من ذلك، سافروا عبر شجرة العائلة - عبر مغالطة انتقاء الكرز- لاختيار المكان الذي يرضيهم أكثر. كانت نقطة توقفهم تعسفية، لذلك دعوتهم لمواصلة صعود أشجار عائلاتهم حتى يصلوا إلى إفريقيا. لأنه في النهاية - أو بالأحرى في البداية [بداية الإنسان] - نحن جميعًا أفارقة.
أسلاف الإنسان متقاربون بشكل مذهل. من بين 8 مليارات شخص في العالم، كل شخص لديه نفس الوالدين البيولوجيين. تخيل لو أن الأزواج أنجبوا طفلًا واحدًا فقط. إذن كان سيبلغ عدد جيل والدي هذا الطفل 16 مليار شخص. لو كان آباؤهم البيولوجيون قد أنجبوا أيضًا طفلًا واحدًا فقط، فإن جيلهم كان سيبلغ 32 مليار شخص. إذا كان لدى والديهم البيولوجيين طفل واحد فقط، فإن جيلهم سيضم 64 مليار شخص. نمتد الآن أربعة أجيال، ونعود إلى عام 1900. لا نتوقع أن يعيش أكثر من ثلاثة أجيال في نفس الوقت. لذلك في عام 1900 م، كان الناتج 64 + 32 + 16 = 112 مليار شخص. كان عدد سكان الأرض الفعلي في عام 1900 أقل من 2 مليار.
ماذا يحصل هنا؟ بالعودة إلى الوراء عبر الزمن، تقلّص عدد 112 مليار شخص بطريقة ما إلى 2 مليار شخص. بالعودة إلى الوراء، في عام 1800 م، كان عدد سكان الأرض مليار نسمة. في عام 1600 م، 500 مليون فقط. في زمن الأهرامات المصرية [3200 ق.م]، لم يكن هناك أكثر من 20 مليون شخص في العالم. وهذا يساوي عدد سكان منطقة نيويورك الحضرية اليوم. الطريقة الوحيدة للتوفيق بين هذه الأرقام هي التحويل السريع للأشخاص "غير المرتبطين" إلى عائلات أقل وأقل. ناهيك عن أن الكثير من الناس في أي جيل هم أشقاء، وما يزيد عن 20 في المئة من الناس ليس لديهم أحفاد على الإطلاق. يكشف هذا التمرين أن أي شخصين على الأرض يشتركان في سلف مشترك يجلس عند عقدة شجرة عائلة سريعة التقارب. في علم الأنساب، هذه الظاهرة تسمى انهيار النسب. هذه أيضًا هي الطريقة التي يمكن لمئات الملايين من البيض أن يزعموا بفخر وشرعية أنهم من نسل الملك شارلمان (حوالي 800 م). لو كان تم الاحتفاظ بسجلات ذات حالة أفضل للأطفال واليتامى من الفلاحين، فكنا سنجد بالتأكيد أسلافًا مشتركين هناك أيضًا، وإلا تم التغاضي عنها في مغالطة انتقاء الكرز لشجرة عائلتك.
عندما أتخيل ما أستطيع تحقيقه، لا أشير إلى مهن الأجداد التي أبلغتني بها في مجموعة فحص الأنساب. بدلاً من ذلك، أنظر إلى كل البشر الذين عاشوا على الإطلاق. نحن عائلة واحدة. نحن عرق واحد. الجنس البشري. على الرغم من أنني أعتقد أننا جميعًا أقرباء.
سواء شعرت يومًا بعد يوم بهذه الطريقة أم لا، فقد حققت الحضارة تقدمًا اجتماعيًا كبيرًا على مر العقود والقرون. أدت التغييرات التدريجية التقدميّة في القوانين والتشريعات والمواقف في جميع أنحاء العالم، في بعض المناطق، إلى تنوع العرق والجنس إلى المستويات الاجتماعية التي تقارب العبارة الشهيرة لمارتن لوثر كينغ جونيور من خطابه عام 1963 "I have a dream لدي حلم ":
لدي حلم أن أطفالي الأربعة الصغار سيعيشون يومًا ما في أمة لن يتم الحكم عليهم فيها من خلال لون بشرتهم، ولكن من خلال محتوى شخصيتهم.
تجربة فكرية أخيرة تحمل هذه الحقيقة. تخيل أنك قد أتيحت لك الفرصة للدخول إلى آلة الزمن والعودة إلى أي لحظة سابقة في تاريخ البشرية. أين ومتى تختار؟ الرجل الأبيض، المتعايش مع هويته كذكر، والمغايري الجنس لديه اختياره للجدول الزمني - سيتم الترحيب بهذا المسافر إلى الماضي في كل مكان وفي كل وقت. إذا لم تكن أنت، فمن الأفضل أن تفكر مليًا في الوقت والمكان اللذين ترغب في الوصول إليهما. هل أنت أنثى، أو شخص ملون، أو معاق، أو لك هوية جنسية فريدة، أو أي مزيج من هؤلاء؟ متى كان ذلك أفضل بالنسبة لك؟ منذ ألف عام؟ خمسمائة؟ مئة؟ قبل خمسين عاما؟ عشرة؟ خمسة؟ بالنسبة لي، أنا جيد مع الحاضر. أفضِّل عدم رفض كراكب سيارة أجرة، أو حرماني من فرص العمل، أو يتم رفض قرضي من مصرف، أو يوضع خط أحمر تحت اسمي في قائمة السكن. مع طموحات الطفولة في أن أصبح عالِمًا، لا أريد أن أكون خادمًا لشخص ما، ولا أتخيل أن يشتريني ويمتلكني إنسان آخر يعتقد أنني لست إنسانًا بالكامل. تعال إلى التفكير في الأمر، أفضِّل زيارة المستقبل، حيث أفترض أن القسّ الموحّد التقدمي الخارق-للطبيعة ثيودور باركر سيفعل ذلك أيضًا، كما كتب عام 1853:
أنا لا أتظاهر بفهم الكون الأخلاقي. القوس طويل، تصل عيني لكن إلى طرق قليلة؛ لا أستطيع حساب المنحنى وإكمال الشكل بتجربة البصر؛ أستطيع أن أتخيلها بالضمير. ومما أراه أنا متأكد من أنه ينحني نحو العدالة.
هل ندرك التنوع ونبرزه ونتقبله؟ أم نطمح ألا نلاحظه على الإطلاق؟ تخيل لو كان العرق، والتعبير الجنسي، والعرق غير ذي صلة بأحكامنا على الناس مثل ما إذا كانوا يرتدون النظارات، وما نوع معجون الأسنان الذي يستخدمونه، أو ما إذا كانوا يفضّلون بسكوت الوافل على الفطائر.
تتماشى مشاعري مع الزائر من الفضاء في هذا الشأن. ضع في اعتبارك كائنات فضائية مختلفة تمامًا عنا في كل شيء بحيث لا يمكنهم تمييز أي من البشر عن بعضهم البعض، بغض النظر عن مدى تمييزنا لأنفسنا. كل ما يرونه منا هو أربعة أطراف وجذع ورأس. يبدو أنها غير حساسة لهم، لكننا لسنا أفضل. بالنسبة لمعظم الحيوانات على الأرض، ليس لدينا أي فكرة عن بعد، وربما لا نقرب حتى عن ماهية جنسها أو ما إذا كان هناك بعض الاختلاف الدقيق بين اللون أو الريش على أحد أفراد النوع بالنسبة إلى الآخر. نحن نفكر بصمت بهذه الطريقة في الحمام الحضري، وخاصة الأسماك الذهبية في الضواحي. يُستبدل الآباء الأحياء سرًا بأمواتهم الذين قتلوا للتو. يحدث هذا عادةً عندما يكون أطفالهم بعيدًا في المخيم حيث يحاولون إخفاء أنهم قد أفرطوا في إطعامهم (أو لم يتغذوا أبدًا) على السمك الذهبي أو الفقاعات. بالنسبة لمعظمنا، رأينا سمكة ذهبية واحدة، وكأنما رأيناها جميعًا.
يرى فضائينا الزائر أننا نفصل بيننا، ونقسم، ونخضع الآخرين على أساس الميزات التي لا يكادون يلاحظونها. إن الشهادة على طرقنا المنقسمة - ردًا على كل ما يجب أن يكون غير ذي صلة بمحتوى شخصيتنا - من المؤكد أن زائرنا الفضائي سوف يتصل هاتفًيا بالمنزل ويبلغ عن المزيد من الأدلة على عدم وجود أي حياة ذكية على الأرض.
الفصل التاسع
القانون والنظام
أساس الحضارة سواء أحببنا ذلك أم كرهنا
إذا قتلت كائنا فضائياً، فهل هي جريمة قتل؟ هل يجب أن يكون الكائن الفضائي أكثر ذكاء منك حتى يتم تصنيف موته كجريمة قتل؟ من يملك القمر، أم الحقوق المعدنية للكويكبات، أم الحقوق المائية للمذنبات؟ ما هي قوانين الأمة التي تحكم رقعة واحدة من سطح كوكب ما بالنسبة إلى أخرى؟ يظل قانون الفضاء جزءًا مثل الغرب المتوحش [كما كان غرب الولايات المتحدة يسمى قبل منتصف القرن ال 19] بالنسبة إلى المذاهب الراسخة على الأرض. إذا أردنا ألا يكون سلوكنا في الفضاء أسوأ من سلوكنا على الأرض، فسيتطلب ذلك قوانين قابلة للتنفيذ، وربما إطلاق أنظمة عدالة غامضة تطارد الماضي. لكل هذه الأسباب، يعد قانون الفضاء بحد ذاته أحد حدود الفلسفة القانونية.
الأنظمة القانونية في أفضل حالاتها هي متطلبات مسبقة لأي شيء نسميه الحضارة، لأنها تحمينا من دوافع غرائزنا الأساسية المزعزعة للاستقرار. اسأل نفسك، كيف سيتصرف الناس إذا لم يكن هناك تهديد باتخاذ إجراء قانوني في هذا العالم؟ انظر إلى عدد الأشخاص الذين ينتهكون القوانين المعمول بها حتى مع وجود نظام قانوني. بدونها، لا يوجد أمل كبير للحضارة.
إذا كان مرسوم أرسطو مهمًا: "القانون هو عقل خالٍ من العاطفة"، وإذا كانت سيدة العدل المجازية، معصوبة العينين، وتمسك سيفًا بيد وميزانا في اليد الأخرى، ترمز حقًا إلى كيفية عملها، فستحتوي هيئة المحلفين الخاصة بك في كل مرة على بيانات وخبراء المعلومات الذين، بحثًا عن الحقيقة، عزز كل منهم الحصانة تجاه شغف المحامين، ومشاعر الشهود، وقوة المشاعر العامة. إذا كانت المحاكمات القانونية تدور حول قول الحقيقة، فإن جذرها اللاتيني هو "الحكم"، والأحكام هي العقوبة أو المكافآت، فلماذا يكون بعض المحامين يتلقون أجوراً أعلى من غيرهم؟ هل هم أفضل في العثور على الحقيقة؟ أم أن أساليبهم وتكتيكاتهم أفضل ببساطة في إقناع هيئة المحلفين بشغف بكل ما يريدون، بغض النظر عما هو حقيقي؟
في محكمة القانون، إذا لم يتم السعي وراء الحقيقة والموضوعية ولا مرغوباً فيهما، فيجب علينا أن نُقِرّ (نعترف؟) لأنفسنا أن بعض أجزاء نظام العدالة على الأقل هي عكس قاعدة أرسطو، وبدلاً من ذلك تتعلق كلها بالمشاعر والعواطف. السعي لتحويل العاطفة إلى رحمة. العاقبة؟ في جزء صغير من الوقت، يصل حكم لا يمثل الحقيقة بقدر ما يمثل ما يحتاجه المحامون ذوو الأجور المرتفعة ليكون حقيقة.
ضع في اعتبارك تطور المحاكمات، المبسطة هنا من أجل سرد القصص. نبدأ بالشخص المسؤول عن أن يعلن، مع أو بدون أدلة، ما إذا كنت مذنبًا كمتهم. يستخدمون حكمهم الخاص - ما يشعرون بأنه صحيح - ويعلنون الحكم. لا توجد تعديلات بسبب التحيز أو الحالة المزاجية السيئة أو المعلومات الخاطئة.
بالتأكيد، يمكننا تحسين ذلك.
في الثقافات الدينية، يرى الآلهة عادةً كل شيء ويعرفونه. كلمات سانتا كلوز [بابا نويل] هي صيغة حديثة: "إنه يعرف متى كنت سيئًا أو جيدًا، لذا كن جيدًا من أجل الخير بحدّ ذاته." فلماذا لا ندع الله يقرر الحكم. في المحاكمات عن طريق المحنة، قد تضطر إلى الانخراط في قتال فردي، أو الغمر في الماء، أو السير في النار، أو سكب الزيت المغلي على صدرك، أو شرب السم. إذا نجوت من هذه المحن بأقل قدر من الإصابات، فيجب أن تكون بريئًا لأن الله يحميك. تمتد أمثلة هذه التجارب على الثقافات وتعود إلى زمن مبكر مثل قانون حمورابي في بابل القديمة، 1750 قبل الميلاد. على سبيل المثال، يصف الرقم 2، من أصل 283 قانونًا، المحاكمة عن طريق الماء:
إذا وجه أحد اتهامًا لرجل، وذهب المتهم إلى النهر وقفز في النهر، إذا غرق في النهر، فيستولي ملقي التهمة على منزله. أما إذا أثبت النهر أن المتهم غير مذنب، وهرب سالماً، فيُقتل من وجه الاتهام، بينما يستحوذ من قفز إلى النهر على المنزل الذي كان ملك من اتهمه.
لا شيء في هذا القانون يبدو جيدًا. في شكل مختلف عن هذا الموضوع، دعنا نلقي بجثتك في المحيط. إذا طُفتَ ووجهك لأعلى، فهذا دليل على أن الله أخذ روحك، وبراءتك تكافأ في السماء. إذا طُفتَ ووجهك للأسفل، فأنت مذنب بالتهم الموجهة إليك، والسماء لا تريدك.
لا يمكنك اختلاق هذه الأشياء. في الفصل 48 من رواية شاهد عيان أنطونيو بيجافيتا لرحلة ماجلان حول العالم ، يروي شهرين قاسيين بشكل خاص في البحر بدون طعام أو ماء عذب. كما هو معتاد، يتم التخلص من أفراد الطاقم القتلى في البحر. يصف بيجافيتا مشهدًا يذكرنا بالتجربة عن طريق الماء:
أبحرنا إلى الشمال الغربي لمدة شهرين باستمرار، دون أن نتناول أي إنعاش أو راحة. وفي تلك الفترة الزمنية القصيرة، مات واحد وعشرون رجلاً من رجالنا. وعندما ألقينا بالمسيحيين في البحر، غرقوا ووجههم نحو السماء. والهنود دائما وجوههم للأسفل.
إما أن هذا حدث بالفعل كما هو موصوف، أو استسلم أنطونيو لحالة سيئة من التحيز التأكيدي. في كلتا النتيجتين، إذا كنت ستستخدم دليل المواجهة أثناء الوفاة في الماء لإثبات الجرم في المحكمة، فيجب على الجميع أن يكونوا مسيحيين حتى يعمل على النحو المنشود. ماذا لو لم يكونوا مسيحيين؟ عندها ينتهي الأمر بالمتهم ببساطة، سواء أكانوا مذنبين أم أبرياء، دون الوصول إلى الجنة.
لماذا لا تدع الأدلة تقرر؟ يقدم المتهمون البينة لإقناع القاضي. مرة أخرى، افترض أن من يحكم لا يحبك. لنفترض أنك بريء، ولكن لا أحد يجادل نيابة عنك. لا ينجح الدليل إلا إذا كان الأشخاص الذين يفحصون الدليل يعرفون كيفية القيام بذلك ويهتمون بما هو حقيقي.
بكل إنصاف، كان الأب بيجافيتا رجل نبيل من القرن الخامس عشر - عصر ما-قبل-العلم. كما ذكرنا سابقًا، لم يصبح اختبار الفرضيات كما يُمارس اليوم شيئًا روتينيًا في العلم حتى القرن السابع عشر. قبل ذلك، كان الفلاسفة الطبيعيون - من نسميهم اليوم علماء - راضين تمامًا عن التصريح بأشياء تبدو صحيحة، جاهلين بزمن لاحق عندما تحل التجارب والملاحظات محل الافتراضات. ليس البشر، ولكن الطبيعة - الكون نفسه - سيصبح الحكم النهائي وهيئة المحلفين والجلاد في العلم. أعرب عالم الطبيعة في القرن التاسع عشر توماس هنري هكسلي عن نفس الشيء بصراحة أكبر:
مأساة العلم العظيمة - ذبح فرضية جميلة بحقيقة قبيحة.
لماذا لا يقرر الجمهور - حكمة الجماهير؟ لن يصبح الحكم حينها خاضعًا لمزاج القاضي الجالس. لكن انتظر، يمكن أن تكون الحشود غير عقلانية بشكل صادم. يمكن أن يتحولوا إلى غوغاء حيث يضعف مجموع قوتهم العقلية الجماعية مع نمو حجم الغوغاء. هل هناك حقًا أي مناسبة أخرى في الحياة عندما تهتف بغضب أثناء استخدام مذراة وشعلة؟ عدالة الجماهير هي الوصفة الدقيقة لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون. اليوم، الحشود تلغي الناس على الإنترنت؛ أهلا وسهلا بك إلى محكمة الرأي العام وليس محكمة القانون. إحصاء للأصوات صعودًا وهبوطًا، حيث يمكن للناس أن يفكروا فيما يريدون أن يكون صحيحًا، أو ما يجب أن يكون صحيحًا، وليس على ما هو حقيقي بالفعل. لمعرفة ما هو صحيح فعليًا يتطلب تحقيقات دقيقة وشاملة وليس مجرد قراءة حسابات وسائل الإعلام وتشكيل رأيك بناءً عليها.
هذه فكرة أفضل. دعونا نجمع مجموعة من الناس العاديين، ليس عددًا كبيرًا جدًا، وليس قليلًا جدًا. عرّضهم للأدلة المؤيدة والمضادة للمتهم وامنحهم سلطة تقرير الذنب أو البراءة. هذا يتجنب نزوات المستبد، وانحياز القاضي المنفرد، وعبور المحاكمة عن طريق المحنة، وغموض الغوغاء. افترض أن هيئة المحلفين [طريقة محاكمة غير معمول بها في الشرق الأوسط] تضم أشخاصًا يكرهونك لأي سبب من الأسباب. أو افترض، بسبب مكانتهم في الحياة بالنسبة لك، أنهم لا يفهمون ظروفك. لذلك ربما لا يكرهونك - هم فقط لا يهتمون بك. هذا سيء أيضا.
هذه فكرة أفضل. دعونا نشكل هيئة محلفين، ليس فقط من أي شخص، ولكن من أقرانك. يمنحك هذا أفضل فرصة للحصول على محاكمة عادلة، وتقليل أو القضاء على التحيز المحتمل ضدك، على الرغم من أنه قد يكون هناك تحيز لصالحك إذا كنت مذنبًا بالفعل. هذه مخاطرة مقبولة، كما تعلن نسبة بلاكستون الشهيرة:
من الأفضل أن يهرب عشرة مذنبين من أن يعاني بريء واحد
والتي تم التعبير عنها لأول مرة في ستينيات القرن الثامن عشر بواسطة فقيه القانون الإنجليزي السير ويليام بلاكستون.
نصل الآن إلى ما هو في الأساس نظام العدالة الحديث في العالم الغربي: المحاكمة أمام هيئة محلفين من أقرانك. بغض النظر عن أكثر من قرن من عمليات الإعدام خارج نطاق القانون في الولايات المتحدة التي بدأت في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، فإن التعديل السادس لدستور الولايات المتحدة، الذي تمت المصادقة عليه بالكامل بحلول عام 1791، يلخص هذا الدافع لحماية المتهم:
في جميع الدعاوى الجنائية، يتمتع المتهم بالحق في محاكمة سريعة وعلنية، من قبل هيئة محلفين محايدة ... لإبلاغه بطبيعة الاتهام وسببه؛ أن يواجه مع الشهود ضده؛ أن تكون لديه إجراءات إلزامية للحصول على شهود لصالحه، والاستعانة بمحام للدفاع عنه.
تعود هذه الأفكار إلى الوراء، حتى قبل ماغنا كارتا للملك جون عام 1215، والتي تحتوي على إعلان أنه لا يجوز لأي رجل حر أن يتعرض للعقاب بدون "الحكم الشرعي من أقرانه". اليوم، لا يزال نظام العدالة لدينا يدور حول هذه المبادئ. من الناحية النظرية، يجب أن يحصل الجميع على محاكمة عادلة، ولكن في الممارسة العملية، يمكن للمحامي رفيع المستوى التأثير على هيئة المحلفين ليشعر بطريقة أو بأخرى، على المستوى الذي يؤثر على تفسيرهم للبيانات، وبالتالي، في لحظة الاختيار، يزرع التحيز في قاعة المحكمة - تحيز لم يكن موجودًا عند بدء المحاكمة.
في الواقع، نحن ننشئ محاميي المستقبل لممارسة صلاحيات الإقناع هذه. تشمل المغذيات الخصبة لمهنة القانون نوادي المناظرة في المدارس الثانوية والكليات في جميع أنحاء البلاد. لم أكن مهتمًا كثيرًا، أنا نفسي، على الرغم من أن مدرستي الثانوية قدمت فريقًا تنافسيًا وناجحًا بشكل خاص. كانت خزانات المدخل مليئة بجوائز الانتصارات. ليس كثيرا لفرقنا الرياضية. بغض النظر، كنت شخصًا بالغًا قبل أن أتعلم ما يحدث بالفعل في هذه البطولات. يتم إعطاء المتحاورين الموضوعات التي سيتم تغطيتها، إلا أنهم لا يعرفون أي جانب من المناظرة سيتم تكليفهم به بالمناقشة حتى يوم المسابقة. الفائز هو الشخص أو الفريق الذي يجعل قضيته أكثر إقناعًا للحكّام. الهدف ليس اكتشاف ما هو صحيح موضوعيا في أي شيء. بدلاً من ذلك، يقوم النظام بأكمله بتدريبك على الجدال — على جانبي أي موضوع. تفترض القواعد أيضًا أن جميع موضوعات النقاش لها جانبان فقط [مع أو ضد]. ليس ثلاثة. ليس خمسة. ليست سلسلة متصلة. بتعلم هذا، بصفتي عالمًا ناشئًا، لم يكن بإمكاني التفكير في أي شيء أكثر تعطيلًا للبحث عن الحقيقة من هذه الأرض الخصبة للجدل.
ربما أبالغ هنا. التحقت بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم في مدينة نيويورك، وهي مصدر لثماني جوائز نوبل بين خريجيها - سبعة في الفيزياء وواحدة في الكيمياء. لا يمكن لثقافة المناظرة أن تضر بشدة بثقافتنا العلمية. ومع ذلك فإنه يتركك تتساءل. ممثلونا السياسيون، منذ البداية، تم اختيارهم بشكل كبير من مهنة المحاماة. يطلق عليهم بشكل جماعي "المشرعين lawmakers". هل المآزق المستمرة في مداولات الكونغرس تدين بأصولها لفن الجدل بدلاً من علم تقصي الحقيقة؟
ومع ذلك، فقد تطورت محاولة تحديد الذنب أو البراءة بشكل تدريجي على مر العصور. هذا شيء جيد، يمكننا أن نتفق جميعًا. هل هناك مجال لمزيد من التحسين؟ هل يريد النظام المزيد من التحسين؟ يبدو أن الجواب على هذا السؤال هو لا.
خلال أول دعوة لي على الإطلاق لوظيفة هيئة محلفين، كنت أيضًا عضوًا في هيئة التدريس بجامعة برينستون، حيث صممت ندوة جامعية حول ماهية العلم وكيف ولماذا يعمل العلم. خلال جلسة الأسئلة والأجوبة التي يتعامل معها المحامون مع المحلفين المحتملين - أطلقوا عليّ اسم voir ---dir---e بشكل غير مفيد - سُئلت عن المجلات التي أقرأها، والبرامج التلفزيونية التي أشاهدها، وأين أحصل على أخباري. ثم سئلت عما أعمله للعيش. "أنا عالم." مع العلم من الاستبيان المكتوب الذي أقوم بتدريسه في جامعة برينستون، سألوا عما أقوم بتدريسه. "أقوم بتدريس فصل دراسي حول تقييم الأدلة وعدم الموثوقية النسبية لشهادة شهود العيان." لم أنج من تلك الجولة وكنت في طريقي إلى المنزل خلال ساعة.
عندما يسمع العلماء نداء قاعة المحكمة الدرامي "أنا بحاجة إلى شاهد!" نفكر في أنفسنا، "من أجل ماذا؟" يتفهم علماء النفس تمامًا هذا الاستهتار بشهادة شهود العيان. يمكن لشخصين عاقلين ملاحظة الأحداث أو الظواهر نفسها والإبلاغ عنها بشكل مختلف بنفس الصدق والثقة في روايتهما الشخصية. كلما كان الحدث غير عادي أو صادمًا - مثل مشاهدة جريمة عنيفة أو تحية كائن فضائي - قل احتمال تطابق الروايات المختلفة للتجربة. لهذا السبب تم اختراع أساليب وأدوات العلم في المقام الأول - لإزالة الضعف الحسي البشري من الحصول على البيانات. قد تكون شهادة شهود العيان ذات قيمة عالية في محكمة القانون، لكنها ذات قيمة منخفضة في محكمة العلم. إذا حضرت مؤتمرًا علميا وكان أفضل دليل على بحثك هو أنك رأيت ذلك يحدث، فسندلّك على باب الخروج.
في دعوتي الثانية إلى هيئة المحلفين، قرأ القاضي أساسيات القضية؛ الرجل الذي وجهت إليه تهمة كان هناك في الغرفة. حيازة المخدرات، كوكايين. في مانهاتن نيويورك. ووجهت للمدعى عليه تهمة حيازة 1700 ملليغرام من الكوكايين، بيعت إلى مُتعاطي سري. وصلنا إلى قسم استجواب المُحلف، وسُئلت إن كنت أعرف أي محامين. في ذلك الوقت، لم يكن لدي أصدقاء محامون. عندما وصلنا إلى النهاية، تدخل القاضي وسأل، "هل هناك أي أسئلة تود طرحها على المحكمة حول هذا الإجراء؟" رفعت يدي وقلت: نعم، سعادة القاضي، لماذا قلت إن المتهم كان بحوزته 1700 ملليغرام من الكوكايين؟ الألف تلغى بـ "ملي" لتحصل على 1.7 جرام، وهو أقل من وزن البنس [قطعة نقدية صغيرة]". عندما قلت هذا، نظر كل من في قاعة المحكمة باتجاهي وأومأوا برؤوسهم. تابعت، "... لذا يبدو أنك تجعل كمية المخدرات تبدو أكثر مما كانت عليه في الواقع."
عدت إلى الشارع مرة أخرى خلال ساعة.
كنت أتساءل فيما بعد عما إذا كان سؤالي قد أفسد المحلفين المحتملين الآخرين في القاعة. بغض النظر، هل قال أي منا، "سأراك في ستين مليار نانوثانية"؟ لا. نقول بدلاً من ذلك، "سأراك بعد دقيقة."
في دعوتي الثالثة لواجب هيئة المحلفين، كانت القضية عبارة عن جريمة سرقة. قضية "قال وقالت" حرفيّا. اتُهم رجل بسرقة بقالة امرأة ومحفظة نقودها. عندما عثرت الشرطة على المعتدي بعد فترة وجيزة، تم التعرف عليه بالإيجاب من قبل الضحية، لكن لم يكن بحوزته ما زُعم أنه سُرق. لذا فإن هذا عقّد الأمور جدا. في هذه الجولة من اختيار هيئة المحلفين، وصلت إلى الخمسة عشر الأخيرة - وهي أقرب فرصة عمل في هيئة محلفين من اثني عشر شخصًا. ثم سألنا القاضي، واحدًا تلو الآخر، هل سنواجه مشكلة في الوصول إلى حكم بشأن نوع الأدلة المقدمة. أجبته، "بناءً على كل ما أعرفه عن عدم موثوقية روايات شهود العيان، إذا كان الدليل الوحيد هو شهادة شهود عيان، مع عدم وجود دليل مادي يدعمها، فلا يمكنني التصويت للإدانة". ثم قدم القاضي اعتراضي إلى بقية المجموعة، قائلاً: "هل يشعر أي شخص آخر بالطريقة التي يشعر هو بها، وأنك بحاجة إلى أكثر من شاهد عيان قبل أن تتمكن من الوصول إلى حكم؟" على الفور، أعلن محلف محتمل جلس أمامي، "هذا ليس ما قاله!" في تلك اللحظة، (بنجاح) قاومت رغبتي بكل قوتي من أن أقول، "حضرة القاضي، كنت أنت شاهد عيان على كلماتي قبل بضع مليارات من النانو ثانية، ومع ذلك قد فهمتها بشكل خاطئ." ومع ذلك، عدت مرة أخرى إلى الشارع خلال ساعة.
***
إذا كان تفويض المحامي للتأثير على هيئة المحلفين من خلال الحجج العاطفية، بغض النظر عن البيانات، هو بالضبط النظام القانوني الذي تريده، فلن تريدني أبدًا أو أيًا من زملائي العلماء في هيئة المحلفين. لن ترغب أبدًا في أي خبير في تحليل البيانات أو الإحصائيات أو الاحتمالات. من المحتمل أنك لن ترغب في المهندسين أيضًا. إذا كان نظام العدالة الحالي هو ما حصلنا عليه، في طريقنا إلى نظام أفضل، فهناك بالفعل مجال للتحسين هنا. ربما لا ينبغي لنا أن نكتفي بـ "نظام معيب، لكنه أفضل ما لدينا"، على الرغم من أن استغلال هذه العيوب يجعل رواية القصص ممتازة في قاعة المحكمة للمسرح والتلفزيون والسينما. على سبيل المثال، في دراما عام 1954 بعنوان 12 Angry Men التي كتبها للتلفزيون ولاحقًا للسينما من قبل ريجينلد روز Reginald Rose، في الفلم فإنّ المحلف الوحيد، الذي لا يقفز إلى استنتاجات من الأدلة المقدمة، يكشف ببطء وعقلانية طبقات التحيز التي تشمل التفرقة العمرية، وتحيّز القدرة، و والعنصرية في كل واحد من زملائه المحلفين الأحد عشر. إنها محاكمة جريمة قتل. لذلك يجب على المرء أن يأخذ بعض الوقت الإضافي للتوصل إلى حكم. بحلول نهاية القصة، التي تتكشف بالكامل في غرفة المداولات، قام كل من المحلفين الأحد عشر بتغيير تصويته إلى غير مذنب. لو كان المحلفون عقلانيين وأشخاصًا تحليليين مع حد أدنى من التحيز أو عدم التحيز، لما تم تصور القصة أبدًا. أو أنها ستدوم عشر دقائق لا غير.
نتيجة أخرى للنظام القانوني الحديث هي مجرد وجود مشروع البراءة Innocence Project، الذي تأسس في عام 1992. بيان مهمتهم يقول كل ما تحتاج إلى معرفته:
إن مهمة مشروع البراءة ليست أقل من تحرير الأعداد الهائلة من الأبرياء الذين ما زالوا مسجونين، وإجراء إصلاح جوهري للنظام المسؤول عن سجنهم الجائر.
منذ عام 1973، تمت تبرئة أكثر من 186 شخصًا حُكم عليهم بالإعدام في الولايات المتحدة. ما كان يمكن أن يُضاف إلى إجمالي عدد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وعددهم 1543 سجينًا والذين تم إعدامهم خلال ذلك الوقت. ومنذ عام 1989، حرر دليل الحمض النووي وحده 375 سجينًا متهمًا ظلماً عبر 37 ولاية قضوا ما مجموعه 5284 عامًا خلف القضبان. باستخدام حساب 10: 1 لنسبة بلاكستون، وتطبيقها على الوقت المستغرق، يمكننا أن نسأل عما إذا كان 52840 عامًا من السجن غير المقيَّد من قبل المذنبين الذين أطلقوا سراحهم يبرر 5284 عامًا من الوقت الذي قضاها الأبرياء؟
مع الحمض النووي ومجال الطب الشرعي المزدهر، يبدو أن العلم قد أتى للإنقاذ. تكمن المشكلة في أن تقديم الأدلة لا يزال جزءًا لا يتجزأ من نظام يحتفظ بسلطة التلاعب بتحيزات المحلفين، بغض النظر عما هو حقيقي. أدى هذا إلى دراسة أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم حول الانتهاكات المتفشية للعلم في قاعة المحكمة. تقرير من 348 صفحة لعام 2009، بعنوان تعزيز علم الطب الشرعي في الولايات المتحدة: مسار إلى الأمام، يحتوي على الفقرة التالية في ملخصه:
في بعض الحالات، قد تكون المعلومات الموضوعية والشهادات المستندة إلى تحليلات علوم الطب الشرعي الخاطئة قد ساهمت في إدانات خاطئة لأشخاص أبرياء. لقد أثبتت هذه الحقيقة الخطر المحتمل المتمثل في إعطاء وزن لا داعي له للأدلة والشهادات المستمدة من الاختبار والتحليل غير الكاملين. علاوة على ذلك، فإن شهادات الخبراء غير الدقيقة أو المبالغ فيها قد أسهمت في بعض الأحيان في قبول أدلة خاطئة أو مضللة.
كتتويج لكل هذا، كتبت الكاتبة الأكثر مبيعًا أليس سيبولد مذكرات عام 1999 بعنوان محظوظ Lucky، حيث تعرفت على الرجل الأسود الذي قالت إنه اغتصبها في عام 1981 وهي في سن الثامنة عشرة. تم اعتقاله لاحقًا وإدانته وسجنه لمدة ستة عشر عامًا - حتى نهاية نوفمبر 2021، عندما تمت تبرئته بعد إعادة مراجعة الأدلة ضده. بعد أسبوع، تم سحب كتاب سيبولد من قبل سكريبنر، ناشرها. وقد اعتذرت منذ ذلك الحين لضحيتها عن خطأ في التعرف عليه.
أفاد مشروع البراءة أن 69 في المئة من القضايا التي تمت تبرئتها تضمنت خطأ في التعرف على الشهود، بما في ذلك الاصطفافات الشخصية، والمثول أمام المحكمة، وصور الاتهام، ورسومات فنان الشرطة، وإساءة التعرف على الصوت.
بغض النظر عن جميع العوامل الديموغرافية التي يمكن الاستشهاد بها لمعدلات السجن، مثل العرق والعمر والدين والفقر والتوظيف وتفكك الأسرة، وما إلى ذلك، 93 في المئة من جميع السجناء في الولايات المتحدة ، وفي جميع أنحاء العالم ، لديهم سمة مشتركة. كشفت دراسات مستفيضة عن ملفهم الجيني أنهم يحملون كروموسوم Y. يحمل جميع البشر الذين بدأوا الحروب تقريبًا هذه السمة الاجتماعية الانحدارية. نعم، إنها مشكلة الرجال. إذا تمكنا بطريقة ما من إصلاح العيوب في شفرتهم الجينية، فسيكون العالم مكانًا أكثر أمانًا لنا جميعًا. قد نلوم التستوستيرون بدلاً من ذلك، لكن العديد من أعظم رموز اللاعنف، بما فيهم [بوذا] ويسوع، والمهاتما غاندي، ومارتن لوثر كينغ جونيور، كانوا رجالًا. علاوة على ذلك، لن يرتكب معظم رجال العالم جناية طوال حياتهم، تاركين لنا لغزًا آخر غير محلول في الكون.
***
ربما ما تحتاجه الأرض هو دولة افتراضية عقلانية - حل للسلوك غير العقلاني الذي يقود حاليًا الجريمة والعقاب والسياسة العالمية. هذا ما اقترحه رجل الأعمال والمدير التنفيذي للتسويق في وادي السيليكون، تايلور ميلسال، في حفل استقبال بمهرجان ستارموس للعلوم 2016 في جزر الكناري الإسبانية. جذب مفهوم "الأرض العقلانية"، كما أطلقت عليه، انتباه الجميع. حفنة منا في هذا المهرجان، بما في ذلك العلماء والمعلمين البارزين برايان كوكس (فيزيائي الجسيمات) وجيل تارتر (باحث SETI البحث عن ذكاء خارج الأرض) وريتشارد دوكينز (عالم الأحياء التطوري) وجيم الخليلي (فيزيائي نظري) وكارولين بوركو (عالمة كواكب)، ناقشوا البلديات المستأجرة المحتملة بناءً على الأماكن التي قد تقفز في هذه الفرصة. تتبنى الدول الأعضاء التفكير العقلاني في سلوكها وسياساتها. ومن بين المرشحين الواضحين مدن لندن وباريس ونيويورك. دول سويسرا والدنمارك. ولايات ماساتشوستس ومينيسوتا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة. انتشر الحديث بسرعة من خلال حفل الكوكتيل. يضيف كل شخص القليل هنا وهناك إلى ما بدأه تايلور.
بالنسبة لي، فإن اسم Rational Land لم يتدحرج على لسانه، لذلك أنا اقترحت العقلانية Rationalia. شعرت أيضًا أن ضم سكان البلديات بأكملها سيتجاهل الفصائل غير العقلانية التي قد تعمل داخلها، فضلاً عن حذف الفصائل العقلانية للغاية التي قد تعمل خارجها. وهكذا، بعد مناقشة مستفيضة، في المقام الأول مع براين وجيم، تبنينا بدلاً من ذلك اختيار الفرد للمواطنة الافتراضية، والتي تصادف أنها مثالية لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي أدت إلى تغريدة بسيطة قمت بنشرها خلال المؤتمر:
[ترجمة تغريدة نيل دغراسي تايسون: تحتاج الأرض إلى دولة افتراضية: #Rationalia، بدستور من سطر واحد: يجب أن تستند جميع السياسات إلى وزن الأدلة
10:12 صباحًا • 29 يونيو 2016 * TweetPeek]
.........
لن تكون هناك اختبارات الجنسية. لا توجد قواعد للهجرة. لا تعهدات بالولاء لحمل السلاح ضد الأعداء. فقط صدى مع هذا الدستور ذو الخط الواحد.
بعد فترة وجيزة من نشر هذا إلى متابعي، أصيب بعض المستجيبين بسكتة دماغية. لقد أذهلني عدد المنظمات ووسائل الإعلام التي كرهت الفكرة، والتأكد من أن الدولة القائمة على الأدلة والتفكير العقلاني لن تنجح. إليك بعض العناوين:
يو إس نيوز آند وورلد ريبورت
المغالطة العقلانية
سليت
أمة يحكمها العلم هي فكرة رهيبة
ذا فيديراليست:
ستكون "راشناليا" نيل دغراسي تايسون بلدًا رهيبًا
آرتس جورنال
معذرة نيل دغراسي تايسون، تأسيس حكم بلد حصرا على "وزن الدليل" لن ينفع
يا للهول. استخدمت اثنتان من هذه الوسائل الإعلامية الأربعة كلمة "فظيع" في عناوينها، مع التأكد مقدمًا من أن رأيهم يصبح هو رأيك قبل حتّى أن تقرأ مقالهم. يبدأ عنوان "آرتس جورنال" بكلمة "آسف"، وهو كيف يتحدث الكبار إلى الأطفال الذين قدموا للتو فكرة مجنونة، ولكن عليك، بصفتك شخصًا بالغًا في الغرفة، أن تخبرهم بأدب أنها لن تنجح. مع هذا القدر الكبير من قوة الرأي التي تتماشى وتتصاعد ليس فقط ضدي، ولكن مع المفهوم، وبالجمع بين زملائي العلماء والمعلمين وتايلور ميلسال، يجب أن نكون جميعًا جاهلين تمامًا، إن لم نكن مجانين.
أو ربما يستغرق الجدل ضد الأشخاص الذين لا تتفق معهم جهدًا أقل من استكشاف سبب اختلاف تفكيرهم عنك. لم تتصل بي أي من وسائل الإعلام هذه مسبقًا للحصول على تعليقات لتضمينها في مقالاتها. لم يكونوا مهتمين بالحوار. تصادف أن وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي كانت كبيرة بما يكفي لأتمكن من نشر رد يعالج جميع مخاوفهم وجعله يصل إلى جمهور أكبر من جمهورهم المشتركين. مجرد قول .
لقد تراجعت من النغمة المستمرة القائلة بأنه لا ينبغي للعلماء تشكيل الجيوسياسي. كان الاعتراض الأكثر ضراوة هو السؤال عن المكان الذي سيحصل فيه مثل هذا البلد على أخلاقه وكيف يمكن إنشاء أو حل القضايا الأخلاقية الأخرى.
في المرة الأخيرة التي راجعت فيها وثيقة الحقوق الأمريكية، لم يكن هناك أيضًا نقاش حول الأخلاق. لم تذكر في أي مكان عبارة "لا تقتل". ومع ذلك، هناك تعديل كامل - رقم 3 - يمنع الجيش من الإقامة في منزلك دون إذنك.
وإذا كانت أحكام المحكمة تستند بالكامل إلى الأدلة، إذن، بإلهام من نظام العدالة الأسكتلندي، فإننا مطالبون بإعادة تعريف "غير مذنب" وإضافة حكم ثالث بـ "بريء":
مذنب: الأدلة تظهر أنك ارتكبت الجرائم كمتهم.
غير مذنب: نعتقد أنك مذنب، ولكن لا يمكن إثبات ذنبك أو براءتك.
بريء: الأدلة تظهر أنك لم ترتكب الجرائم كمتهم.
ضع في اعتبارك أيضًا أن الأخلاق تتطور عبر الزمن والثقافة، عادةً عن طريق التحليل العقلاني لتأثيرات وعواقب الأخلاق السابقة، في ضوء المعرفة والحكمة والبصيرة الناشئة. الكتاب المقدس، على سبيل المثال، غالبًا ما يُنظر إليه على أنه مصدر أخلاقي، وليس مكانًا خصبًا للعثور على التعليقات المناهضة للعبودية، ولا مناقشات حول المساواة بين الجنسين.
أشارت تغريدتي عن أرض العقل [أعلاه] على وجه التحديد إلى السياسة، والتي يمكن أن تضع على نطاق أوسع أطرًا للتفكير في القوانين. من أمثلة السياسة اختيار الحكومة للاستثمار في البحث والتطوير، وإذا كان الأمر كذلك، فكم هي. أو ما إذا كان ينبغي للحكومة أن تساعد الفقراء، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي طرق. أو إلى أي مدى يجب أن تدعم البلدية المساواة في الحصول على التعليم. أو ما إذا كان ينبغي فرض الرسوم الجمركية على السلع والخدمات من دولة مقابل دولة أخرى. أو ما هو معدل الضريبة الذي يجب تحديده، وعلى أيّ أنواع من الدخل. أو ما إذا كان ينبغي تنفيذ "أرصدة الكربون" لإدارة وتثبيط استخدام الوقود الأحفوري في نهاية المطاف. غالبًا ما تتعطل هذه السياسات بين الفصائل السياسية التي تجادل بصوت عالٍ بأنها على حق وأن خصمها على خطأ. وهو ما يستدعي إلى الذهن القول المأثور في الغالب، "إذا استمر الجدل لأكثر من خمس دقائق، فإن كلا الجانبين على خطأ".
علاوة على ذلك ، ينص دستور العقلانية على ضرورة وجود مجموعة من الأدلة المقنعة لدعم الفكرة قبل وضع أي سياسة تستند إليها. يمكن أن يكون أي غياب للبيانات في حد ذاته مصدرًا للتحيز. في مثل هذا البلد ، سيتمّ جمع البيانات والملاحظات الدقيقة والتجريب طوال الوقت ، مما يؤثر عمليًا على كل جانب من جوانب حياتنا الحديثة. نتيجة لذلك ، ستقود أرض العقل Rationalia العالم إلى الاكتشاف لأن الاكتشاف سيتم بناؤه في الحمض النووي لكيفية عمل الحكومة وكيف يفكر مواطنوها. سيكون عدم وجود البيانات ذات الصلة مصدرًا معروفًا للتحيز.
في Rationalia ، سيتم تمويل العلوم التي تدرس السلوك البشري (علم النفس ، علم الاجتماع ، علم الأعصاب ، الأنثروبولوجيا ، الاقتصاد ، إلخ) بشكل كبير لأن الكثير من فهمنا لكيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض مستمد من البحث في الحقول الفرعية لهذه التخصصات. نظرًا لأن أهداف دراستهم من البشر ، فإن هذه المجالات معرضة بشكل خاص للتحيز الاجتماعي والثقافي. لذلك بالنسبة لهم على وجه الخصوص ، ستكون إمكانية التحقق من الأدلة ذات أهمية قصوى وأولوية.
في Rationalia ، إذا كنت ترغب في تمويل الفن في المدارس ، فأنت ببساطة تقترح سببًا لذلك. هل يزيد الإبداع لدى المواطنين؟ هل يساهم الإبداع في الثقافة والمجتمع ككل؟ هل الإبداع مهم في حياتك ، بغض النظر عن المهنة التي اخترتها؟ هذه أسئلة قابلة للاختبار. إنهم فقط يحتاجون إلى بحث يمكن التحقق منه للتوصل إلى إجابات. ينتهي النقاش بسرعة في مواجهة الأدلة ، وننتقل إلى أسئلة أخرى.
في أرض العقلانية Rationalia ، نظرًا لأن ثقل الأدلة مدمج في الدستور ، سيتم تدريب الجميع منذ سن مبكرة على كيفية الحصول على الأدلة وتحليلها وكيفية استخلاص النتائج من البيانات.
في Rationalia ، سيكون لديك الحرية الكاملة في أن تكون غير عقلاني. ليس لك مطلق الحرية في بناء السياسة على أفكارك إذا كان ثقل الأدلة لا يدعمها. لهذا السبب ، قد تكون Rationalia هي الدولة الأكثر حرية في العالم.
في أرض العقلانية Rationalia ، يشفق المواطنون على مذيعي الأخبار لتقديم آرائهم كحقائق. سيكون لدى الجميع قدرة عالية على شم رائحة الهراء أينما ومتى ظهرت.
في Rationalia ، على سبيل المثال ، إذا كنت تريد تطبيق عقوبة الإعدام ، فعليك اقتراح سبب لها. إذا كان السبب هو ردع القتل ، فسيتم وضع آلة بحث كاملة (إذا لم تكن موجودة بالفعل) لمعرفة ما إذا كانت عقوبة الإعدام تمنع القتل في الواقع. إذا لم يحدث ذلك ، فستفشل سياستك المقترحة ، وننتقل إلى مقترحات أخرى. إذا كانت عقوبة الإعدام تمنع القتل ، فعليك أن تتبعه بالسؤال التالي: إذا مُنحت الدولة سلطة قتل مواطنيها ، ولم تمارس أيضًا قوى سحرية لإعادتهم إلى الحياة ، فماذا إذن؟ يحدث إذا اكتشفت لاحقًا أن الشخص الذي أعدمته بريء من الجريمة؟
في Rationalia ، أرض متنوعة ومتعددة ، أنت حر في ممارسة الدين. سيكون لديك فقط صعوبة في بناء سياسة على ذلك. السياسات ، بمعظم المعاني المقصودة للكلمة ، هي قواعد تنطبق على الجميع ، لكن معظم الديانات لديها قواعد لا تنطبق إلا على أتباعها.
في Rationalia ، سيحدد البحث في علم النفس وعلم الأعصاب مستوى المخاطر التي نرغب جميعًا في تحملها ، ومقدار الحرية التي قد نحتاج إلى التنازل عنها ، مقابل الراحة والصحة والثروة والأمن.
في أرض العقلانية Rationalia ، يمكنك إنشاء مكتب للأخلاق ، حيث يتم اقتراح ومناقشة القواعد الأخلاقية. ما هي القواعد الأخلاقية التي سيتبناها مواطنو أرض العقلانية؟ هذا ، في حد ذاته ، مشروع بحثي. الدول لا تفهمها دائما بالشكل الصحيح. ولا أرض العقلانية Rationalia ستفعل. هل استعباد ذوي البشرة الداكنة أمر مقبول؟ قبل دستور الولايات المتحدة ذلك لمدة 76 عامًا. هل يجب على النساء التصويت؟ قال دستور الولايات المتحدة لا لمدة 131 عاما.
وإذا علمنا لاحقًا أن دستور Rationalia يحتاج إلى تعديلات إضافية ، فيمكنك التأكد من أنه سيكون هناك دليل علمي يدعم ذلك. في مثل هذا العالم ، سيظل الناس بالتأكيد يتجادلون ، لكن من غير المحتمل أن يخوضوا حربًا بسبب خلافاتهم في الرأي. ستكون المحاكم بمثابة معاقل للخطاب العقلاني ، مما يجعل الدراما الدرامية في قاعة المحكمة هي النوع الأكثر مللًا في التلفزيون على الإطلاق. قد تكون هذه أسس العدل الأبدي والسلام الأبدي. أو ربما لن تكون مثالية لأسباب لم يتم استخلاصها بعد ، لكنها ستكون أفضل ما لدينا حتى الآن.
في النهاية ، يتعلق الأمر بإقرار وطاعة القوانين التي نحترمها جميعًا. القوانين التي تتطلب أدلة يمكن التحقق منها بشكل موضوعي لملاحقة الجناة. القوانين التي نعتقد جميعًا أنها عادلة. قوانين نتمنى أن تنهض بمصالح الحضارة. والقوانين التي تعزز الانسجام بين السكان بدلا من الخلاف. أيضًا ، إذا ارتكبت سوء تصرف مخالفة بسيطة ، فأنت تريد أن تفهم السبب حتى يمكن تقييم الأسباب وتصحيحها ، والالتفاف على التجاوزات المستقبلية. هذا لا ينطوي دائما على عقاب. يتطلب نجاح مثل هذه الأهداف نظامًا من القوانين يقوم على الحقائق الموضوعية التي تنطبق على الجميع ، وليس على الحقائق السياسية أو الشخصية التي تنطبق على البعض فقط.
دعونا نأمل جميعًا للناس في المستقبل غير البعيد أن ينظروا إلى نظام العدالة اليوم كما تبدو لنا المحاكمة عبر اختبار الغرق غير عادلة.
الفصل العاشر
الجسم والعقل
قد يكون علم وظائف الأعضاء البشرية مبالغا فيه
بعض من أعز أصدقائي مصنوعون من مواد كيميائية. في الواقع، كل أصدقائي المقربين مصنوعون من مواد كيميائية. نحن نريد بشدة أن يكون جسم الإنسان، وربما الحياة بشكل عام، أكثر من مجموع تفاعلاته الكهرو-كيميائية. سواء كنت متدينًا أم لا، فإن الإشارات إلى "روح" بشرية أو "طاقة روح" أو "قوة حياة" تمثل أمثلة شائعة لما يغذي هذه الرغبات. بغض النظر، يبقى جزء الكيمياء منا على قدم وساق. مرجع مكتب الطبيب السنوي (PDR)عبارة عن خلاصة وافية ضخمة لجميع الأدوية المتاحة - أكثر من ألف - كاملة مع قوائم منتجي الأدوية، والصور الملونة للأدوية، والجرعات الموصي بها، والآثار الجانبية، وموانع الاستعمال، والصيغ الكيميائية، وأي معلومات أخرى ذات صلة للطبيب. أضف ذلك إلى العدد الذي لا يُحصى على ما يبدو من العقاقير غير الموصوفة والمكملات الغذائية والعلاجات العشبية، وستحصل على قطاع كامل من الاقتصاد العالمي الّذي ينتج المواد الكيميائية ويزودها لرفاهيتك. العلاجات العشبية، سواء كانت قديمة أو حديثة وسواء كانت فعالة أم لا، لا تزال تشكل ضخًا للمواد الكيميائية في جسمك. الفارق فقط هو أنّه لم يتم صنعها في المختبر. لكي نعيش حياة خالية من الآلام، يجب أن نعترف للطبيعة بأننا كيس من المواد الكيميائية أحيانًا (أو بشكل متكرر) نحتاج إلى مساعدة من مواد كيميائية أخرى لنعيش حياتنا الكاملة. بالنظر إلى عدد المرات التي تصيبنا بالمرض، من الطفولة حتى الشيخوخة، وبالنظر إلى عدد مرات تعطل أجزاء أجسامنا، ربما ينبغي علينا بدلاً من ذلك أن ندهش أن جسم الإنسان يعمل على الإطلاق.
إذا كان الأمر كذلك، فكيف يجب أن نكون مندهشين؟
كان مدرس العلوم في الصف السابع من أشد المعجبين بجسم الإنسان. لقد كان مغرمًا بشكل خاص بالقلب، الذي يمكنه ضخ الدم لمدة ثمانين عامًا وأطول دون أن ينغلق: "لا توجد آلة قمنا ببنائها صمدت هذه المدة الطويلة دون إصلاح." كما أثنى على أيدينا وأقدامنا، ووصفها بأنها ذروة التصميم التطوري، بالعظام والعضلات والأوتار والأربطة، وكلها في الأماكن الصحيحة. ساعد رجل فيتروفيان، الذي اشتهر برسمه ليوناردو دافنشي عام 1490، في ترسيخ هذا المثل الأعلى. إنه يُظهر شكلاً بشريًا، بأذرع ممدودة، ومضمنة في دائرة مثالية، ويلتقط أبعادًا هندسية مثالية بداخله. مركز الدائرة بالضبط؟ سرة الإنسان. بدت هذه الحجج قوية في ذلك الوقت - كنت في الثانية عشرة من عمري - لكنني علمت لاحقًا أن موقع أزرار بطن الإنسان يتمتع بتباين كبير، وستكون ميتًا في غضون أسبوع إذا لم تستهلك الماء. يؤدي فشل العضو الكارثي إلى توقف قلبك النابض. لذا لا، فالقلب يحتاج بالفعل إلى صيانة مستمرة. نحن فقط لا نفكر في الأمر بهذه الطريقة.
أما بالنسبة لأعجوبة قدمينا، كل منها يحتوي على ثمانية وعشرين عظمة وأربطة وأوتارًا مصاحبة لها، فإن عدائين منافسين ليس لديهم أقدام يستخدمون شفرات منحنية متصلة بأرجلهم. لقد رأيتهم بالتأكيد في دورة الألعاب الأولمبية للمعاقين Paralympics. إنها لا تشبه قدم الإنسان، لكنها مصممة بشكل أفضل وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة للمشي والجري. لهذه الأسباب ولأسباب أخرى لا حصر لها، هناك القليل من الحافز لابتكار روبوتات ذكية تشبهنا تمامًا، نظرًا لعيوب ونواقص الشكل البشري.
على الرغم من أن الروبوتات قد تحتوي على فيروسات حاسوب غير مرحب بها، إلا أننا نؤوي ميكروبات مرحب بها. الكثير منها. يعيش ويعمل عدد من البكتيريا في كل سنتيمتر من أسفل القولون لدينا أكثر من مجموع كل البشر الذين عاشوا على الإطلاق. بالنسبة لها [البكتريا]، لسنا أكثر من وعاء لاهوائي دافئ من البراز. من المسؤول؟ نحن في الغالب. ما لم تزعج الميكروبات - تطردهم من التوازن. ثم يصبحون مسؤولين، مما يضمن أنك تعرف في جميع الأوقات المسافة التي تبعدك عن أقرب مرحاض. احسبها جميعًا، الّتي يعيشون بتآزر وتكافل في أمعائنا وعلى بشرتنا، وستحصل على كائنات حية أكثر من خلايا أجسامنا. قد يصل العدد إلى 100،000،000،000،000 (مئة تريليون) ميكروب. قد يؤثر بعضها حتى على الأطعمة التي نتوق إليها، مثل الشوكولاتة، لأنها تحطم الجزيئات الأكبر إلى جزيئات أصغر تنتقل بسهولة إلى مجرى دمك. تعتقد أن رغباتك الشديدة هي ملكك. بدلاً من ذلك، فإن بكتيريا chocoholic إدمان الشكولاتة في أمعائك هي التي تستدعي حلويات البونبون.
ماذا عن حواسنا؟ إن جسم الإنسان، مكتمل بمساراته البيولوجية والكهروكيميائية المعقدة، هو كل ما لدينا لفك تشفير البيئة. الحواس الخمس التقليدية - البصر، والسمع، واللمس، والتذوق، والشم - نعتز بها بحق لقدرتها على اكتشاف المحفزات الخارجية. هذه المجسات الخاصة بعالمنا تحظى بتقدير كبير لدرجة أنك إذا فقدت أيًا منها، فأنت تعتبر معاقًا.
مرتّبة حسب المسافة، يأتي البصر في المقام الأول. أبعد شيء يمكن رؤيته للعين البشرية هو توأم مجرتنا Milky Way درب التبانة، مجرة Andromeda Galaxy المرأة المسلسلة، التي تقع على بعد مليوني سنة ضوئية، بعيدًا عن نجوم سماء الليل. التالي هو إحساسنا بالسمع. إذا بدأ صوت مرتفعًا، مثل قصف الرعد، يمكنك سماعه على طول الطريق من أفقك، على بعد عدة أميال. بالنسبة لحاسة الشم لدينا، يمكنك عادة أن تعرف من أي مكان في المنزل ما إذا كان شخص ما قد أحرق العشاء للتو، على الرغم من أن أجهزة الكشف عن الدخان قد انتزعت هذا الدور بشكل مثير للإعجاب. أخيرًا، يتطلب تذوق الأشياء أو لمسها أن تكون على اتصال مباشر بجسمك.
لم يصل العلم نفسه إلى مرحلة النضج التجريبي حتى طور المهندسون أدوات لصقل، وتوسيع، وحتى استبدال كل حواس من حواسنا الخمسة، وهي نفسها كحواس معرّضة بشدة للحالات العقلية المصاحبة لنا. ليس هذا فقط، لقد اكتشفنا حواسّا تكمن بعيدا وراء فسيولوجيا الإنسان. في الواقع، تتضاءل حواسنا البيولوجية الخمس عند مقارنتها بعشرات "الحواس" التي يستخدمها العلم الآن، حيث يوفر كل منها وصولاً غير عادي إلى عمليات الطبيعة. نكتشف نحن المجالات الكهرومغناطيسية غير المرئية بشكل كامل، بما في ذلك موجات الراديو، والميكروويف، والأشعة تحت الحمراء، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة السينية، وأشعة غاما. نقيس شذوذ الجاذبية، واستقطاب الضوء، والتحلل الطيفي للضوء، والتركيزات الكيميائية للأجزاء في المليار، والضغط الجوي، وتكوين الغلاف الجوي. في المستشفى، لدينا أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي MRI. يرمز الاختصار إلى التصوير بالرنين المغناطيسي - وهو تطبيق رائع لظاهرة في الفيزياء تُعرف بالرنين المغناطيسي النووي، والتي تتيح لك تحديد كتلة النوى الذرية المختلفة في الحجم ورسم خريطة لها. كانت الآلة تسمى في الأصل NMRI، لكن كلمة "النووية" هي إحدى كلمتين تبدأ بحرف "N" محضورتين في عصرنا. لذلك تم حذفه من الاختصار، خشية أن يعتقد الناس أنهم تعرضوا للإشعاع المميت أثناء القياسات. تقاسم الفيزيائيان Felix Bloch فيليكس بلوخ وEdward Purcell إدوارد بورسيل جائزة نوبل لعام 1952 عن هذا الاكتشاف. تصادف أن يكون بورسيل أحد أساتذة الفيزياء في كليتي. كان مهتمًا بالفيزياء الفلكية وقام باكتشافات جوهرية تتعلق بسلوك ذرات الهيدروجين ، مما مكن أولئك الذين يستخدمون التلسكوبات الراديوية من اكتشاف وتتبع وجود سحب ضخمة من غاز الهيدروجين في مجرة درب التبانة.
آلة التصوير بالرنين المغناطيسي هي آلة ذات قيمة عالية في المستشفيات، وليس لها جذور أساسية في المهنة. لم يكن أي مبلغ من المال يُمنح للباحثين الطبيين ليغذي اكتشاف المبادئ الأساسية للآلة. ذلك لأن التصوير بالرنين المغناطيسي يعتمد على قوانين الفيزياء، التي اكتشفها عالم الفيزياء، مراقب النجوم، الذي لم يكن مهتمًا بالطب. وينطبق الشيء نفسه على قسم الأشعة بأكمله بالمستشفى (بما في ذلك الأشعة السينية، والتصوير المقطعي المحوسب، ومسح التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني)، ومخطط كهربية الدماغ، ومخطط كهربية القلب، ومقاييس التأكسج، والموجات فوق الصوتية، أو أيّ جهازٍ يخطر على بالك. إذا كانت آلة المستشفى تحتوي على مفتاح تشغيل / إيقاف، فمن المحتمل أن تعتمد وظيفتها على مبدأ الفيزياء. هذه الطريقة الّتي تعمل بها. هكذا كان الأمر دائمًا. يتطلب وجود الجهاز على الإطلاق مهندسين طبيين يرون فائدة مثل هذا الاكتشاف. إن الدعوة الواضحة لتمويل البحث العملي على الأبحاث الأساسية، والنداء المستمر لعدم إنفاق الأموال في الفضاء عندما يمكننا إنفاقها على الأرض، يمثلان رغبات نبيلة، ولكنها غير مدروسة. تريد تطوير الحضارة؟ قم بتمويل كل شيء. أنت لا تعرف أبدًا ما هي الاكتشافات التي ستغير مجالك، حيث وُلدت في مهن لا تخصك.
ساهمت تقنية الموجات فوق الصوتية على وجه الخصوص في موضوع نقاش دائم يتعلق بجسم الإنسان. لما يقرب من خمسة أشهر من تسعة أشهر من الحمل، لا يمكن للجنين البشري أن يعيش خارج الرحم، حتى مع العناية الطبية المكثفة. ربما سنعرف يومًا ما كيفية إحضار البويضة المخصبة إلى مرحلة النضج في وعاء طبي، لكن في الوقت الحالي، يبدو هذا الوقت بعيد المنال في مستقبلنا. في الولايات المتحدة، يحتدم الجدل حول مدى السيطرة التي نمنحها لمشرعي الولايات والمشرعين الفيدراليين على أرحام مواطنيها. تشعر بعض الديموغرافيات بشدة أنه لا ينبغي أن يكون للحوامل الحق في إنهاء حملهن بعد الأسابيع الستة الأولى، في الوقت الذي يمكنك فيه اكتشاف ضربات القلب لأول مرة عبر الموجات فوق الصوتية. يسمّونها جريمة قتل.
لكي نكون واضحين، سيكون هذا قتل جنين بشري غير قابل للحياة لا يزن أكثر من مشبك ورق. افصل ستائر هذا المجتمع وستجد تأثيرًا قويًا من الجماعات المسيحية الأصولية والمحافظة. من بين الدول الخمس عشرة الأكثر تديناً، كان لدى أحد عشر منها قوانين في الكتب جاهزة لحظر الإجهاض أو تقييده بشكل كبير في اللحظة التي ألغت فيها المحكمة العليا قضية Roe v. Wade رو ضد وايد، وهي القضية التاريخية لعام 1973 التي ألغت تجريم الإجهاض. من الواضح أن الإيمان بإله مسيحي محب ورحيم وبقدسية كل حياة بشرية (سواء أكانت قابلة للحياة أم لا) يحفز بقوة هذه الآراء. إنهم ليسوا مواطنين سيئين، إنهم مسيحيون صالحون - على الرغم من أن عشر ولايات من نفس تلك الولايات الإحدى عشرة تتبنى أيضًا عقوبة الإعدام.
بشكل عام، ثلاثة من كل أربعة ناخبين جمهوريين يؤيدون نوعًا من المواقف المناهضة للإجهاض / المؤيدة للحياة، والتي يتم فرضها بصرامة بموجب القوانين، على الرغم من رغبة الجمهوريين بخلاف ذلك في تدخّل حكومي أقل، وليس أكثر، في حياتنا. من الناحية الطبية، في الأسابيع الثمانية أو التسعة الأولى بعد الحمل، يكون الإنسان الذي لم يولد بعد هو embryo رشيم، وfetus الجنين بعد ذلك حتى الولادة. من واقع خبرتي، فإن أولئك اللواتي يرحبن بحملهن سيفكرن بدلاً من ذلك في "الطفل" في أرحامهن. هذا التغيير البسيط في المفردات يشجع الناشطين المحافظين على تصوير الكاريكاتير الليبرالي المؤيدين للحمل الاختياري على أنهم يريدون في نفس الوقت "إنقاذ الحيتان" و "إجهاض الأطفال".
دعونا نلقي نظرة على معدلات الإجهاض الأخيرة في الولايات المتحدة. من بين أكثر من 5 ملايين حالة حمل سنويًا بين عامي 1990 و2019 ، تم إجهاض ما يقرب من 13 في المئة من الناحية الطبية. ومع ذلك، فإن الرحم في حد ذاته يُجهض تلقائيًا ما يصل إلى 15 في المائة من جميع حالات الحمل المعروفة خلال العشرين أسبوعًا الأولى. تمر العديد من حالات الإجهاض دون أن يلاحظها أحد لأنها تحدث في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وغالبًا قبل أن تعرفي أنكِ حامل. مجتمعة، قد يتجاوز عدد حالات الإجهاض التلقائي 30 في المئة من جميع حالات الحمل. إن كان الله هو المسؤول فإن الله يُجهض الأجنة أكثر مما يفعل الأطباء.
فقط بعض وجهات النظر التي يجب مراعاتها لأننا جميعًا ننحاز إلى من يتحكم في أجسادنا.
***
ما مدى أهمية physiology علم وظائف الأعضاء لدينا لمعيشتنا ورفاهيتنا؟ هل ستكون محرومًا إذا تعطلت بعض وظائف أعضاء الجسم أو لم تعمل أبدًا؟ ماذا يعني أن تكون معاقًا أو غير قادر على الإطلاق؟ تخبرنا القواميس أن حالتك تحد بشكل ملحوظ من قدرتك على العمل جسديًا أو عقليًا أو اجتماعيًا. ربما يوجد البشر النموذجيون في مكان ما - مثل المنازل النموذجية - وكل شيء يتعلق بهم يعمل بشكل مثالي. يمكننا أن نصطف، وننتظر، بدورنا، لنقارن أنفسنا ونقرر ما إذا كان أي واحد منا ينقصه. تحتوي هذه العينات الجسدية على أصابع وأيدي وأذرع وأرجل وأقدام بالإضافة إلى الحواس الحادة. إنهم متوسطو الطول، وجميع أعضائهم تعمل تمامًا كما تصف كتبنا الطبية. ولا شيء يغيب عن حالتهم العقلية أو يقلل منها. هذا التمرين ينم عن شوفينية حسية وفسيولوجية. مهما كانت المثالية، فأنت لست ذلك. توجد صناعات كاملة لتجعلك تشعر بعدم الكفاءة، مما يتطلب منك استثمار وقت أو أموال غير محدودة أو كليهما لتحقيق الوضع الطبيعي. إنه يتغلغل بعمق. عميق جدًا بحيث لا يمكننا التفكير بأي طريقة أخرى، ولكن دعونا نحاول.
يمكن القول إن أشهر تأليف في قانون الموسيقى الكلاسيكية هي السيمفونية التاسعة للودفيغ فان بيتهوفن، التي أتمّها في عام 1824، عندما كان أصمًا تمامًا. هل كان بيتهوفن ذا إعاقة؟ كان يسمع معظم حياته - إلى حين الأربعينيات من عمره - لذا ربما لا يكون هذا مثالًا جيدًا. ماذا عن رسالة مكتوبة في 10 أبريل 1930، إلى الكابتن فون بيك من قبطان ال (إس إس روزفلت من بحرية الولايات المتحدة. قام القبطان بجولة على الجسر لأحد الركاب، والذي قام في وقت لاحق من ذلك اليوم يتغنى بالشعر حول التجربة:
Again, I stood with the Captain on the bridge, and he
was quiet and composed in the presence of “a million
universes”—a man with the power of a god.… In
imagination I saw the Captain standing on the bridge,
gazing into the wide-canopied heavens and seeing the
darkness sprinkled with stars, systems, and galaxies.
[الترجمة: مرة أخرى، وقفت مع القبطان على الجسر، وهو
كان هادئا ومكونا بحضور “مليون
الأكوان "- رجل بقوة الإله ... في
خيال رأيت القبطان واقفًا على الجسر،
محدقا في السماوات ذات المظلات الواسعة ورؤية
تناثر الظلام بالنجوم والأنظمة والمجرات.]
كان ذلك الراكب هيلين كيلر، خريجة كلية رادكليف عام 1904، صمّاء وعمياء منذ كانت طفلة ذات تسعة عشر شهرًا.
هل كانت هيلين كيلر معاقة؟
مات ستوتزمان هو رامي سهام في البطولة يمكنه التفوق على معظم الأشخاص الذين استخدموا القوس والسهم في المنافسة. إنه أيضًا من عشاق السيارات. أوه، وقد ولد بلا ذراعين. يطلق سهامه (ويصلح سياراته) باستخدام رجليه وقدميه وأصابع قدميه الرشيقة بشكل غير مألوف.
هل مات ستوتزمان معاق؟
جهماني سوانسون يحب كرة السلة، لكنه لم يكن طويل القامة بما يكفي للعب في NBA الدوري الاميركي للمحترفين، حيث يبلغ متوسط طول اللاعبين ستة أقدام وست بوصات. ومع ذلك، واصل الجهماني العمل الجاد في اللعب، حيث أصبح أفضل وأفضل. في عام 2017، تم اكتشافه من قبل فريق Harlem Globetrotters هارلم غلوبيلتروترز المشهور عالميًا - وهو الفريق الذي لعب من أجله منذ ذلك الحين. لقبه معهم هو سوانسون "الضربة الحارّة." Hot Shot الضربة الحارّة هو رجل نما بالكامل ، طوله أربعة أقدام وخمس بوصات ، ولد مع التقزم ، وهي حالة وراثية تعيق نمو عظامك الطويلة. إنه أحد أشهر اللاعبين في Harlem Globetrotters.
هل الضربة الحارّة معاق؟
لا تفكر تيمبل غراندين مثل معظم البشر الآخرين. في الواقع، إنها تفكر بالطريقة التي تعمل بها حيوانات المزرعة أكثر من مزارعيها. أدت هذه الحقيقة الغريبة إلى حياة في تربية الحيوانات، وبلغت ذروتها في الحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحيوان من جامعة إلينوي. مؤلفة لأكثر من ستين ورقة بحثية وعشرات الكتب، في عام 2010 كانت واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم "تايم 100". في سن الثانية، أدى تأخر نموها إلى تشخيص رسمي لـ "تلف الدماغ". تعاني تيمبل غراندين من مرض التوحد، وهي حالة عصبية، في حالتها، تُعلم وتغذي رؤيتها الفريدة في أذهان حيوانات المزرعة.
هل تيمبل غراندن معاقة؟
في معظم حياته المهنية، لم يكن الفيزيائي ستيفن هوكينغ يستخدم جسده. أصيب بالشلل من نسخة بطيئة وبدايات مبكرة من التصلب الجانبي الضموري - المعروف باسم ALS أو مرض Lou Gehrig لو غيريغ. في هذه الأثناء، كان دماغه لا يزال يعمل، وقام باكتشافات كبيرة في فيزياء الكم للثقوب السوداء وعلم الكونيات. في عام 1988 كتب أيضًا A Brief History of Time موجز تاريخ الزمن، وهو الكتاب العلمي الأكثر مبيعًا في كل العصور. بمساعدة الآلات لمساعدته في القراءة والكتابة، استمر هوكينغ في النشر واستخدام روح الدعابة الشديدة طوال حياته، حتى وفاته في عام 2018.
هل كان ستيفن هوكينغ معاقاً؟
كان أوليفر ساكس طبيب أعصاب مشهورًا، وكان رائدًا في الحقول الفرعية بأكملها في مهنته. لقد كان أيضًا المؤلف الأكثر مبيعًا، حيث وصف الدماغ البشري بأنه "أكثر شيء لا يُصدق في الكون." لقد عاش حياة متنوعة بشكل ملحوظ بينما كان يعاني من اضطراب عصبي يسمى عمى التعرف على الوجوه، والمعروف أكثر باسم "عمى الوجه". ساهمت هذه الحالة في خجله الشديد لأنه لم يستطع التعرف على الوجوه، حتى لو عرف كل شيء عنك. في بعض الأحيان لم يكن يتعرف حتى على وجهه في المرآة. في عام 2012، بعد محاضرة عن الهلوسة في كلية كوبر يونيون في مدينة نيويورك، سألته، "إذا كان بإمكانك العودة بالزمن إلى الوراء، هل ستأخذ حبة سحرية في شبابك لعلاج اضطراب الجهاز العصبي؟" أجاب بلا تردد "لا". كان كل اهتمامه المهني بالعقل البشري مستوحى من الاضطرابات نفسها في دماغه. لن يكون لديه بأي طريقة أخرى.
هل كان أوليفر ساكس معاقاً؟
أراد جيم أبوت أن يصبح لاعب بيسبول محترفًا طوال حياته - وهو حلم يتقاسمه العديد من الأولاد الأمريكيين. أراد جيم أن يكون راميًا في البطولات الكبرى. لقد نجح ولعب مع العديد من الفرق، وحقق سجلاً مختلطًا من الانتصارات والخسائر. ولكن في 4 سبتمبر 1993، أثناء اللعب مع فريق ذا ستوريد نيويورك يانكيز، قدم لاعبًا بلا ضارب - وذلك عندما لا يحصل أي ضارب على ضربة في اللعبة بأكملها. كان هناك ما يقرب من 320 لاعبا في تاريخ الدوري الرئيسي من بين 220 ألف مباراة تم لعبها. بسبب عيب خلقي ولد جيم أبوت بدون يده اليمنى.
هل جيم أبوت معاق؟
لكل من لودفيغ فان بيتهوفن وهيلين كيلر وتيمبل غراندين وستيفن هوكينغ وأوليفر ساكس عُمِلت أفلام طويلة مستوحاة من حياتهم، مع ممثلين بارزين يصورونها. من المؤكد أن مات ستوتزمان وهوت شوت وجيم أبوت هم اللاحقون بهذا النوع من الأفلام. كل واحد منهم (أو كان) أفضل فيما فعلوه مهنيًا تقريبًا أكثر من جميع البشر الآخرين على الأرض.
ربما حققوا جميعًا، ليس على الرغم من إعاقتهم، ولكن بسبب إعاقتهم.
هذا المفهوم لا يعرف حدودًا. على سبيل المثال، إذا كنت لا تحتاج إلى قطع في الرصيف للوصول إلى الرصيف من الشارع، ولكن الشخص الذي على كرسي متحرك يفعل ذلك، ومع ذلك فإن الشخص على الكرسي المتحرك يعرف حساب التفاضل والتكامل المتجه وأنت لا تعرفه، فهل نصنف أميتك الرياضية على أنها إعاقة؟ هل يتأخر نمو الطالب، أم أن المعلم ببساطة غير كفء؟
[ترجمة التغريدة أعلاه: بعض المعلمين الذين يسارعون في القول، "هؤلاء الطلاب لا يريدون التعلم" يجب أن يقولوا لأنفسهم، "ربما أكون فاشلا في وظيفتي.": تغريدة المؤلف في 22 مارس 2022]
هل غير الفنانين معاقين لأنهم لا يستطيعون الرسم؟ عندما لا تكون جيدًا في شيء ما، فعادة ما تحاول شيئًا آخر. في المجتمع الحر، هناك الكثير من "الأشياء الأخرى" هناك. والأفضل من ذلك، أن تفعل ما تحب، بغض النظر عن جهود الآخرين لثنيك عن ذلك. قد تنجح فقط بشكل مشهور في مواجهة الرافضين الذين يسعون إلى توحيد من يجب أو لا يجب أن ينجح على الإطلاق. وهو ما يجلب إلى الذهن مثلًا حديثًا، يُنسب غالبًا إلى الفيلسوف الألماني في القرن التاسع عشر فريدريك نيتشه:
أولئك الذين شُوهِدوا يرقصون كان يعتقد أنهم مجانين من قِبَل أولئك الذين لا يستطيعون سماع الموسيقى.
ربما كل شخص معاق بطريقة ما. إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أنه ليس هناك أيّ معاقين.
***
كنوع، كيف تقاس أذهاننا؟ يتبنى معظمنا فكرة أننا نستخدم 10 في المئة فقط من أدمغتنا. يعود هذا إلى أكثر من قرن من الزمان، لكنه لم يكن صحيحًا أبدًا. ومع ذلك فهو مستمر لأنه في أعماقه يخدم أشواقنا. يريد الوسطاء أن يكون ذلك صحيحًا حتى يتمكنوا من المطالبة بقوى ذهنية غير مستغلة تنتظرنا جميعًا. يريد المعلمون أن يكون ذلك صحيحًا حتى يتمكنوا من تحفيز الطلاب ذوي الأداء الضعيف. يريد البقية منا أن يكون ذلك صحيحًا لأنه يمنحنا الأمل لأنفسنا. تكشف عمليات مسح الدماغ أننا نشغل أكثر من 10 في المئة، لكن جزءًا من دماغنا لا يضيء على الإطلاق، بغض النظر عن المنبه - المكافئ العصبي للمادة المظلمة الكونية.
لا شك أن البشر هم أذكى مخلوقات على الإطلاق في شجرة الحياة على الأرض. يستهلك دماغنا 20 بالمائة من طاقة أجسامنا ، لذلك حتى وضعنا العضوي يقدّر الدماغ. في بحثنا عن ذكاء خارج الأرض، نفترض أنهم على الأقل أذكياء مثلنا. ومع ذلك، فإن بعض الحقائق البسيطة يجب أن تجبرنا جميعًا على التوقف. من الّذي قيم البشر على أنهم أذكياء؟ إنهم البشر. هناك تلك الغطرسة مرة أخرى - الأنا تعزز نفسها. فلنكمل. نحن أكثر ذكاءً بكثير من أقرب أذكى أنواع الحياة على الأرض - الشمبانزي. ومع ذلك، فإننا نتشارك معهم حمضا نوويا متطابقا بنسبة 98+ في المئة. ما الفارق الّذي يحدثه 2 في المئة! لدينا الشعر والفلسفة والفن والتلسكوبات الفضائية. في حين أن أذكى الشمبانزي قد يكدس الصناديق للوصول إلى موزة معلقة من الأعلى - وهو شيء يمكن للأطفال الصغار القيام به. أو قد يختارون النوع المناسب من الغصين لاستخراج النمل الأبيض اللذيذ من كومة. إذن كيف يمكن لهذا الاختلاف (الصغير) البالغ 2 في المئة أن يفسر ما نعلن أنه ذكاءنا الواسع مقارنة بالشمبانزي؟
ربما يكون الاختلاف في ذكاء كل منا صغيرًا بقدر ما يشير إليه الاختلاف البالغ 2 في المئة في الحمض النووي. هذا الفكر لا يخطر ببال أي منا بسبب مدى استثمارنا في تمييز مكانتنا في مملكة الحيوان. إن شجرة الحياة مليئة بالحيوانات التي تفعل أشياء أفضل منا. بمعنى آخر، إذا كانت الألعاب الأولمبية الصيفية مفتوحة لجميع أنواع الحيوانات، فسنخسر كل حدث تقريبًا. إن شعار "أسرع وأعلى وأقوى" يترك البشر متخلفين عن الركب في مملكة الحيوان.
هناك شيء واحد نتفوق فيه جسديًا على جميع الحيوانات الأخرى. يمكننا مطاردة أي حيوان بري حتى الإرهاق. عادة ما تصور لوحات الكهوف للإنسان الأوائل صيادي الغزلان والبيسون وثدييات الرعي الكبيرة الأخرى، بما في ذلك الماموث. كل نوع أقوى منا ويمكنه أن يتفوق علينا، لكن لا يمكنهم الجري إلى الأبد. تسمح لنا أجسادنا الخالية من الشعر في الغالب بالتعرق بكفاءة وبرودة بينما نتابع العشاء، في حين أن فريستنا ذات الفراء ترتفع درجة حرارتها وتنهار في النهاية. سوف تساعد الرماح أيضًا في تقصير المطاردة. يعمل هذا التكتيك بشكل رائع، طالما أن فريستك من الحيوانات العاشبة. إذا كنت تلاحق أحد آكلات اللحوم، فيمكنها فقط أن تستدير، وتطاردك، وتأكلك بدلاً من ذلك. قد يشك المرء في أن أي رجل كهف كان يشتهي لحم الأسد تم سحبه بسرعة من حوض الجينات.
على الرغم من الأجسام المتعرقة، فإن أفضل ما لدينا هو دماغنا. نعم، لدينا أدمغة ضخمة مثل الثدييات، لكنها ليست أضخمها. تمتلك كل من الحيتان والفيلة والدلافين أدمغة أكبر من أدمغتنا. هذا ليس جيدًا لغرورنا. فلنستمرّ في المحاولة. ماذا عن تقسيم وزن الدماغ على وزن الجسم، وتشكيل نسبة الدماغ إلى وزن الجسم. آه. هذا أفضل. تصنيف جميع الثدييات حسب هذا المقياس لا يضع أي شيء أعلى منا، مما يسمح لنا بالشعور بالرضا عن شيء ما.
مع كل هذا التلاعب بالدماغ، تنشأ حالات شاذة غير مرحب بها. على سبيل المثال، نسبة وزن الدماغ إلى الجسم في الفئران تنافس نسبة البشر، لذلك نحن لا نسيطر على هذه القائمة. إذا فتحنا الترتيب ليشمل جميع الفقاريات، وليس الثدييات فقط، فإننا نخسر أمام الطيور الصغيرة مثل الببغاوات والطيور المتوسطة مثل الغربان. حتى أن هناك مقطع فيديو على YouTube يوتيوب يُظهر العقعق يشرب الماء من زجاجة في الشارع ، ولكن مع وصول محدود لمنقاره إلى مستوى الماء. بعد كل رشفة، ينخفض المستوى ويبحث العقعق عن صخرة تلائم عنق الزجاجة وتجدها. يسقطه الطائر في الداخل، وبالتالي يرفع منسوب المياه ليظل يشرب. في الفيديو، يكرر العقعق هذا العمل الفذ الأرخميدسي سبع مرات. على مدى قرون وآلاف السنين، هناك شيء واحد مؤكد، لقد قللنا باستمرار من ذكاء إخواننا الحيوانات - دليل إضافي على الأنا الهشة - فقط لنشعر بالصدمة عندما يفعلون شيئًا ذكيًا.
إذا فتحنا مسابقة وزن الدماغ إلى الجسم لجميع الحيوانات، وليس فقط الفقاريات، فإن النمل يفوز بشكل مذهل. في المتوسط، يشكل دماغ الإنسان 2.5 في المئة من وزن الجسم، ولكن بالنسبة لبعض أنواع النمل، فإن أدمغتهم أقرب إلى 15 في المئة من وزن أجسامهم. بالتفكير مليًا في الأمر، اضطررنا إلى استنتاج أن زيارة الأجانب الفضائيين الذين يعطون الأولوية للأدمغة قد تحاول أولاً الدردشة مع النمل، ثم الطيور، ثم ربما الحيتان، والفيلة، والدلافين. ثم الفئران. وبعد ذلك ربما - فقط ربما - البشر.
هذا محرِج.
لكن يمكننا اكتشاف الأشياء بذكائنا المثير للإعجاب، وبناء الأشياء باستخدام إبهامينا المتعاكسين. لا شك أننا نتصدر قائمة تلك الفئات، مما يعيدنا إلى المقارنة بين الشمبانزي والبشر. تخيل حياة فضائية مع حمض نووي مختلف بنسبة 2 في المئة منا على طول ناقل الذكاء نفسه الذي يميزنا عن الشمبانزي. على هذا النطاق، إذا كان بإمكان أذكى الشمبانزي أن يفعل ما يمكن للأطفال البشر الصغار القيام به، فعندئذ يمكن لأذكى البشر أن يفعلوا ما يمكن أن يفعله الأطفال الصغار لهذا الكائن الفضائي. قد لا يكون لدى الكائنات الفضائية الفعلية حمض نووي على الإطلاق، لكن هذا لا يغير التجربة الفكرية. ماذا لو بحثت نسختهم من علماء الرئيسيات الشبيهة بما لدينا عن أذكى إنسان على وجه الأرض؟ ربما وجدوا ستيفن هوكينغ قبل وفاته. إذا كان الأمر كذلك، فسيقومون فقط بدفعه إلى الأمام في مؤتمرهم العلمي ويعلنون أن الأستاذ الجيد يمكنه إجراء حسابات الفيزياء الفلكية في رأسه، تمامًا مثل زادوك جونيور الصغير [اسم الطفل الفضائي في تجربة المؤلف الفكرية] إلى المنزل من مرحلة ما قبل المدرسة. يشرع زادوك في إظهار اشتقاق النظرية الأساسية لحساب التفاضل والتكامل لوالديه. يجيبون، "أووو، هذا لطيف. دعونا نحصل على مغناطيس ونعرضه على باب الثلاجة! "
إن أبسط أفكار هؤلاء الفضائيين البالغين ستصل إلى ما هو أبعد من الفهم البشري. تحتوي هذه الجملة وحدها، "دعونا نجتمع في الساعة 10:30 صباحًا لتناول فنجان من القهوة ونناقش التقرير ربع السنوي قبل طرحه للجمهور في الصحافة"، على ستة مفاهيم غير مفهومة بالنسبة للشمبانزي. ضع في اعتبارك أيضًا أنه مهما كنت سيئًا في القسمة الطويلة، فقد كنت أفضل بكثير في ذلك من أي قرد شمبانزي. بالنظر إلى هذه الحقائق الصارخة، قد لا يصنف الفضائيون البالغ عددهم الجيني 2 في المئة كأذكى منا، البشر على أنهم أذكياء على الإطلاق. فقط تخيل الأفكار والاكتشافات والاختراعات التي سيكونون قادرين عليها. في الواقع، لا نستطيع أن نتصوّر. حرفيّا لا نستطيع. بالنسبة لهم، لا يوجد سوى اختلاف طفيف بين تكديس الصناديق للوصول إلى الموز وتصميم وإطلاق التلسكوبات الفضائية. أما بالنسبة لأشكال الحياة التي تمتلك 5 أو 10 في المئة من الذكاء أكثر من البشر، فكلما زادت هذه النسبة، كلما ظهرنا لها كما تظهر لنا الديدان.
الوضع يزداد سوءا.
بخلاف إيماءات اليد البسيطة، لا نعرف كيف نتواصل بشكل هادف مع الشمبانزي. لا يمكننا حتى أن نقول لهم، "تعالوا بعد ظهر الغد. لدّي شحنة جديدة من الموز وصلت للتوّ لك". بتقييم الجهد الذي نستثمره في محاولة جعل الثدييات ذات الأدمغة الكبيرة تفعل ما نقوله، فإننا نميل إلى قياس ذكائها من خلال القدرة على فهمنا، بدلاً من قياس ذكائنا من خلال القدرة على فهمها. نظرًا لأننا لا نستطيع التواصل بشكل هادف مع أي أنواع أخرى من الحياة على الأرض - ولا حتى تلك الأقرب إلينا من الناحية الجينية - فما مدى جرأتنا على التفكير في أنه يمكننا التحدث على الإطلاق مع الحياة الغريبة الذكية [الفضائيين] عند لقائهم لأول مرة.
تتمتع المنظورات الكونية بالقدرة على تواضع غطرستنا البشرية، مع تبرير كامل للقيام بذلك. لكن يبقى السؤال، هل لدينا مقعد على الطاولة بين أشكال الحياة الذكية للكون؟ هل نمتلك ما يكفي من الذكاء للإجابة على الأسئلة الكونية التي طرحناها؟ هل نمتلك ذكاءً كافياً حتى نعرف أصلا ما هي الأسئلة التي يجب طرحها؟
***
أين يتركنا ذلك؟ هل يمكن للعقل أن يفهم يوماً كيف يعمل الدماغ؟ بالمقياس نفسه، هل يمكن للكون أن يخلق شيئًا أكثر تعقيدًا وأكثر قدرة وأفضل من الكون نفسه؟ أفقد النوم على هذه الفكرة، وهي ليست بسبب القواعد اللغوية المشكوك فيها. ربما، بسبب المثال التالي. غالبًا ما نعجب بتعقيد دماغنا البشري: أن عدد الخلايا العصبية التي تحتويها أدمغتنا ينافس عدد النجوم في مجرة درب التبانة ؛ أننا نمتلك قوى مذهلة من العقلانية والفكر؛ أن الفص الجبهي لدينا يمكننا من الفكر التجريدي عالي المستوى. ومع ذلك فقد قمنا ببناء أجهزة حاسوب تفوقنا في التفكير عمليًا في كل مسابقة دماغية تصورناها لأنفسنا. أنتم تعرفون هذه القائمة. إنّها قائمةٌ طويلة ومذلّة [لنا كبشر]. أضف الآن إليها جهاز حاسوب ميكانيكي يمكنه حل مكعب روبيك الشهير في 0.25 ثانية. لا أعني بذلك أنني مقياسٌ لهذا، ولكن، لأنني لم أقرأ أي حلول، فإن أفضل ما لدي منذ زمن طويل هو 76 ثانية. هذا أبطأ بثلاث مئة مرة من الحاسوب. ستقود أجهزة الحاسوب جميع سياراتنا قريبًا - بشكل أسرع وأكثر كفاءة، ومع عدد أقل من الوفيات المرورية، بدلاً من ستة وثلاثين ألف حالة وفاة نتعرض لها حاليًا سنويًا في الولايات المتحدة و1.3 مليون في جميع أنحاء العالم. لذا، سواء كان الكون قادرًا على صنع شيء أكثر تعقيدًا منه أم لا، فقد تمكنا من صنع شيء أكثر قدرة منا، وقد بدأنا للتو.
إذا كانت رقاقة من السيليكون تمر عبرها بعض التيار الكهربائي قادرة على التفوق على أدمغتنا من نواح كثيرة، فربما نكون قد بالغنا في تقدير قدرتنا على التفكير. ليست بمفاجئة. نحن نحب التفكير في أنفسنا بشكل متعالي. ضع في اعتبارك أيضًا أن الأشخاص الناضجين والمتعلمين يسيرون بيننا ويخشون الرقم 13، والذين هم على يقين من أن الأرض مسطحة، والذين يلقون باللوم على الأحداث المؤسفة في حياتهم على كوكب عطارد كونه في تراجع. ليس ذلك فحسب، فإن المواد الكيميائية البسيطة التي يتم إدخالها (أو إزالتها من) الدماغ تعطل بشكل كبير تصوراتنا للواقع الموضوعي. إذا لم يكن الأمر كذلك الآن، فعندئذٍ قريبًا، مع استمرار تحسن قوة الحوسبة، سنقوم بالتأكيد بمحاكاة نسخة أكثر عقلانية من أنفسنا في عالم الفيديو أكثر مما يمكننا أن نرتقي إليه - كل الميزات الجيدة وغير السيئة لكوننا بشرًا.
قد يتساءل المرء عما إذا كنا نعيش في مثل هذه المحاكاة الآن؟ يقول المنطق: إن الحياة الذكية في الكون الحقيقي الواحد تتطور وتبتكر أجهزة حاسوب قوية لبرمجة حياة ذكية حقيقية جدًا، وأشكال الحياة نفسها تشعر بإحساس بالإرادة الحرة وليس لديها أي دليل على محاكاتها. إنهم يتطورون بدرجة كافية لاختراع أجهزة حاسوب قوية خاصة بهم، وبرمجة الحياة الواقعية جدًا، ولا يعرفون أنه تمت محاكاتها أيضًا. استمر في هذا التمرين للمدة التي تريدها. إذا غطيت عينيك ورميت سهمًا، فمن المرجح أن تصطدم بكون محاكاة أكثر من الكون الأصلي الحقيقي الذي بدأ كل شيء. ومن ثم، فمن المحتمل أننا نعيش في محاكاة. نعم، هكذا يسير المنطق. ومع ذلك، عند التفكير، من المحتمل ألا يكون الحاسوب المصمم عن قصد قادرًا على كل السلوك غير العقلاني وغير العقلاني الذي أظهرناه في تاريخ جنسنا البشري. أجهزة الحاسوب أفضل من ذلك. لذلك قد يكون هذا أفضل دليل حتى الآن على أننا لا نعيش في محاكاة. نسميها دفاع الجنون.
الكودا CODA
حياة وموت
إذا نظرنا إليها بعيون ساذجة، فإن مشاهدة جنين ينمو داخل رحم وينتشر من حقوي إنسان آخر هو حدث يوازي الفضائيين في الفضاء وعلم وظائف الأعضاء المتخيل لهم. ما لم تكن طبيبة توليد أو قابلة، فإن الولادة البشرية هي واحدة من أندر الأشياء التي ستشهدها على الإطلاق - في جميع أنحاء العالم، في المتوسط، يولد أربعة أطفال كل ثانية. مع كل ولادة، يدخل وعي جديد إلى العالم بمتوسط عمر متوقع متزايد باستمرار، وذلك بفضل تطور الطب الحديث. شيء نادر آخر، شائع هو الموت. ما لم تكن ممرضًا في غرفة الطوارئ أو الفاحص الطبي أو جنديًا في الخدمة الفعلية في نزاع مسلح، فقد تشهد موت ثلاثة أو أربعة أشخاص فقط طوال حياتك. ومع ذلك، يموت 60 مليون شخص كل عام في جميع أنحاء العالم. هذا حوالي اثنين في الثانية، في المتوسط.
يمكننا أن نتوقع أن نعيش اليوم ضعف طول حياة الناس في عام 1900. امش في صفوف أي مقبرة قديمة وقم بالحساب. إن تواريخ الولادة والموت المحفورة على كل شاهد قبر شاهد صامت على متوسط العمر المتوقع للعصور الماضية. ستكون سعيدًا لأنك تعيش اليوم وليس في أي وقت في الماضي. ولكن في غضون مئة عام أو مائتي عام، هل سيفكر أولئك الذين يتجولون في المقابر التي تحتوي على جميع رفاتنا بنفس الشيء عنّا، لأنهم يشفقون على متوسط عمرنا المتوقع الذي يبلغ ثمانين عامًا؟ هل سيكونون هم الذين يعيشون طويلا بما يكفي للسفر بين الكواكب البعيدة والنجوم نفسها؟
افترض أننا نستطيع أن نعيش إلى الأبد.
من الأفضل أن تكون حياً بدلاً من أن تكون ميتاً. على الرغم من أننا في كثير من الأحيان نعتبر أن الوجود على قيد الحياة أمر مفروغ منه. يبقى السؤال، إذا كنت تستطيع العيش إلى الأبد، أليس كذلك؟ العيش إلى الأبد هو أن يكون لديك كل الوقت في العالم لفعل أي شيء تريده. يمكنك حتى أن تتمرد على مركبة فضائية من جيل ستارشيب والعودة إلى الأرض إذا أردت ذلك. تبدو فكرة جذابة، ولكن ربما تخلق معرفة الموت التركيز الذي نجعله في أن نكون على قيد الحياة. إذا كنت تعيش إلى الأبد، فلما العجلة؟ لماذا تفعل اليوم ما يمكنك تأجيله حتى الغد. ربما لا توجد قوة مثبطة أكبر للدافع من المعرفة أنّك ستعيش إلى الأبد. إذا كان هذا صحيحًا، فقد تكون معرفة فناءك أيضًا قوة في حد ذاتها - الرغبة في الإنجاز، والحاجة إلى التعبير عن الحب والعاطفة الآن، وليس لاحقًا. رياضيا، إذا كان الموت يعطي معنى للحياة، فإن العيش إلى الأبد يعني أن تعيش حياة بلا معنى على الإطلاق.
لهذه الأسباب، قد يكون الموت أكثر أهمية لحالتنا الذهنية مما نحن على استعداد لأن ندركه. إذا كنت ستحضر باقة زهور ملونة إلى أحد أفراد أسرتك، وكانت تلك الزهور مصنوعة من البلاستيك، أو حتى من الحرير، فمن المؤكد أنها ستكون أقل تقديرًا مما لو كانت حقيقية. الزهور التي تعيش إلى الأبد تفوت المقصَد. نسعى إلى زيادة جمال كل زهرة في باقة، حيث تتفتح واحدة تلو الأخرى في ضوء النهار. نحن منغمسون في عبيرها الذي لا يقاوم. نحن نقبل على النحو الواجب الرعاية والتغذية التي يحتاجونها. نحن نحتضن شيخوختها حيث تضعف السيقان، ولا تعود تحافظ على وزن البتلات الباهتة. يظل باعة الزهور في العمل لأن موت الأزهار - عادة في غضون أسبوع من استلامها - هو بالضبط ما يمنحها معنى لمن تحب. قارن ذلك بالزهور التي لا تحتاج إلى صيانة إلى الأبد، ولا تموت أبدًا، ولا رائحة لها، لكنها تظل جميلة بنفس القدر بعد أسبوع أو شهر أو بعد عام. حتى أنها تجمع الغبار.
الكلاب ليست زهورًا، لكنها تنقل قصة مماثلة. هل لاحظت من قبل كيف يمكن أن يكونوا متحمسين؟ إذا سمحت لهم، فإن الكلاب ستقفز فوقك وتلعق وجهك. سيقومون بمطاردة واسترداد الأشياء التي ترميها. يشعرون بالسعادة عندما تعود إلى المنزل، حتى لو خرجت للتو إلى صندوق البريد وعدت مباشرة. إنهم يحبون كل دقيقة تقضيها معهم. بالنسبة لمعظم الكلاب، كل يوم مهم. يعيش البشر حوالي سبع مرات أطول من الكلاب. متوسط العمر المتوقع للكلاب: 11-13 سنة. متوسط العمر المتوقع للإنسان: 75-90 سنة. هذا هو أصل حساب "سنوات الكلاب" الشهير. اضرب العمر الفعلي لكلبك في سبعة، وستحصل على عمر معادل للإنسان. مع الحفاظ على نسبة سبعة إلى واحد، فإن اليوم للكلب هو أسبوع للبشر. ربما لهذا السبب يجعلون كل يوم مهمًا. مثل الزهور على الرف، لا يمر يوم إلا ويجبروك فيه على الانتباه والابتسام. إذا أحضرت عائلتك جرواً صغيرًا إلى المنزل خلال سنوات طفولتك، فقد رأيته ينمو ويكبر في النهاية ويموت أثناء وجودك في المدرسة الثانوية أو الكلية. أنت بالتأكيد تتذكر تلك السنوات.
***
لا يموت كل شيء بسبب تقدمه في السن. على عكس الوهم الجماعي بأن الطبيعة الأم هي كيان مغذي وراعٍ يهتم بجميع أشكال الحياة ويحميها، فإن الأرض هي بدلاً من ذلك آلة قتل عملاقة. بغض النظر عن جميع القوى المناخية والجيولوجية التي من شأنها أن تميتك في أقرب وقت، مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير والعواصف والزلازل وأمواج التسونامي والبراكين، لا نهاية للمخلوقات التي تريد أن تمتص دمك وتحقنك بالسم أو تصيب وظائف الأعضاء الخاصة بك، أو ببساطة تأكلك.
الكون أيضًا يريد قتلك.
واحدة على الأقل من حلقات الانقراض الست في الجدول الزمني للحياة على الأرض - حدث العصر الطباشيري-الثالث (K-T) ("حدث العصر الطباشيري الثلاثي (K-T)": أشار إليه علماء الحفريات مؤخرًا على أنه حدث العصر الطباشيري-الباليوسيني (K-Pg).) منذ 66 مليون سنة - نتجت جزئيًا أو كليًا عن تأثير كويكب مارق بحجم جبل إيفرست.
مع عدم وجود برنامج فضائي في ذلك الوقت لإبعاد المسبار، كان يومًا سيئًا للديناصورات. كان أيضًا يومًا سيئًا بالنسبة لـ 70 في المئة من جميع الأنواع على اليابسة وفي المحيطات. هم أيضا انقرضوا. وإذا كنت تعتقد أن هذا كان سيئًا، خلال ما يسمى بالانقراض البرمي-الترياسي قبل 250 مليون سنة، انتهت الحياة على الأرض بالكامل تقريبًا.
البشر المعاصرون متواطئون في غضب الطبيعة الأم. إن تعدّينا على النظم البيئية البكر يجعل الأنواع تنقرض بمعدل يصل إلى ألف مرة عن المستوى المستمر الذي يحدث بشكل طبيعي. حدد الجيولوجيون فترة زمنية لتحديد الاضطرابات التي نشهدها في الغلاف الحيوي للأرض: منذ فجر الزراعة قبل 11700 عام وحتى اليوم، يطلقون عليه عصر الهولوسين.
من بين جميع الأنواع التي عاشت على الأرض، انقرض 99.9 في المئة منها. من يدري ما هي عجائب التنوع البيولوجي التي ماتت من العالم بسبب نقص الحظ أو القوة أو الإرادة للبقاء؟
***
لنفترض أننا عشنا إلى الأبد. مشكلة عملية واحدة: إذا كان كلّ مولود ولِد ليعيش أبداً، وإذا استمر الناس في إنجاب الأطفال، فسوف يفوق سكان الأرض بسرعة الموارد اللازمة لدعم الحياة. لذلك يجب أن يكون اليوم الذي نتوقف فيه عن الموت هو اليوم الذي نجد فيه مساحة أخرى لاستيعاب الإنتاج المفرط للبشر الذين يتنفسون الهواء. هذه الحاجة إلى كواكب إضافية لن تتوقف أبدًا. لكن الكون شاسع، وفقط في قطاعنا الصغير من المجرة، ترتفع الكتالوجات الآن عبر خمسة آلاف من الكواكب الخارجية المعروفة. نحتاج فقط إلى ابتكار تقنيات الاستصلاح وإما محركات الاعوجاج أو أنظمة النقل عبر الثقب الدودي، وسيكون كل شيء على ما يرام.
نريد أن نعيش إلى الأبد لأننا نخشى الموت. نخشى الموت لأننا نولد لنعرف الحياة فقط. ومع ذلك فنحن لا نخشى ألا نولد قط. في حين أنه من الأفضل بالتأكيد أن تكون على قيد الحياة على أن تكون ميتًا، فمن الأفضل أن تكون على قيد الحياة على الإطلاق من ألا تكون موجودًا على الإطلاق. قدم الدين عبر العصور روايات مفصلة لما يحدث بعد الموت. بالنسبة للبعض، يتضمن ما حدث قبل ولادتك - وهو مبدأ أساسي لإعادة التجسّد. ليس لدى العلم الكثير ليقوله عن فالهالا أو الإليزيوم أو هايديس أو الجنة أو الجحيم أو أرواح أسلافك. ومع ذلك، فإن أساليب وأدوات العلم تدلي ببيانات باردة وملموسة حول ما يحدث عندما تموت. أنت تقضي حياتك في تناول الطعام، والذي، من بين أمور أخرى، يوفر السعرات الحرارية لجسمك. السعرات الحرارية هي ببساطة وحدة للطاقة. ينتج جسمك الحرارة من هذه السعرات الحرارية، مما يحافظ على درجة حرارة جسمك عند حوالي 100 درجة فهرنهايت [تعادل 37,7 سلزية] على الرغم من أن لا شيء آخر من حولك يصبح بهذه السخونة. من الناحية البيولوجية، يحتاج البشر إلى أن يكونوا في درجة الحرارة تلك ليعملوا. أنت أيضًا بحاجة إلى الطاقة للمشي والتحدث والقيام بالأشياء أثناء استيقاظك. أنت أيضًا بحاجة إلى الطاقة عندما لا تفعل شيئًا. هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعلنا نأكل على الإطلاق.
في اللحظة التي تموت فيها، تتوقف عن استقلاب السعرات الحرارية، وينخفض جسمك ببطء إلى درجة حرارة الغرفة. في الجنازة، إذا لمست الشخص الموجود في النعش، عادةً اليد المكشوفة لذراع مطوية، ستدرك على الفور أن الجسد بارد. حتى في درجة حرارة الغرفة، يشعر الجسم بالبرودة عند مقارنته بيد شخص حي لا يزال يحرق الطاقة.
تحتوي معظم الجزيئات البيولوجية على طاقة. عندما تُحرَق جثة شخص ما - عندما تحترق الجزيئات - تتسرب هذه الطاقة على شكل حرارة، والتي تسخن هواء مدخنة محرقة الجثث، والتي تشع بعد ذلك كفوتونات الأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي للأرض وفي النهاية إلى الفضاء، وتنتقل بسرعة الضوء. يبدو الأمر رومانسيًا إلى حد مزعج، لكن عندما أموت، أفضل أن أدفن. طاقة الأشعة تحت الحمراء الخاصة بي التي تعبر فراغ الفضاء لن تفيد أي شخص أو أي شيء في أي وقت. ادفنني داخل الأرض، على عُمق ستة أقدام تحت، ودع الديدان والميكروبات تزحف داخل وخارج جثتي بينما تتغذى على جسدي. دع أنظمة جذر النبات وممالك الحياة الفطرية [نسبة إلى الفطريات] تستخرج العناصر الغذائية من جسدي. سيعود محتوى الطاقة في جزيئاتي، التي جمعتها طوال حياتي من خلال استهلاك النباتات والحيوانات في هذه الأرض، لمواصلة دورة حياة المحيط الحيوي.
عند الموت، لا يوجد دليل على أنك تشعر بالوعي الذي كنت تتمتع به وأنت على قيد الحياة. يصبح المصدر الكهروكيميائي لجميع أفكارك ومشاعرك وإدراكك الحسي للكون - دماغك، الذي عادةً ما يضيء التصوير بالرنين المغناطيسي - جائعًا إلى الأكسجين. نحن نعلم أنك تختفي لأن الأشخاص الذين يعانون من سلسلة من السكتات الدماغية القاتلة في نهاية المطاف بشكل مأساوي ومنهجي يفقدون وظيفة عقولهم وأجسادهم عندما ينزلون إلى حالة من عدم الوجود. هذا ليس غريباً كما يبدو. هل كنت واعيا قبل الحمل بك؟ هل اشتكيت، "أين أنا؟ لماذا أنا لست على الأرض؟ " لا، أنت ببساطة لم تكن موجودًا، وإذا كنت محظوظًا لأنك ولدت، فإن عدم وجودك قبل الحياة يقضي على عدم وجودك بعد الموت.
***
بصرف النظر عن أي قيمة لا تقدر بثمن قد تخصصها الأديان للحياة، فإن الاقتصاديين ليس لديهم أي تردد أخلاقي في حساب قيمتك كشيء ميّت. كانت محاكم قانون الضرر تفعل ذلك منذ سنوات، باستخدام العديد من الأساليب. تُقدِّر أبسط طريقة حسابية دخلك المستقبلي إذا فقدت حياتك أو أصبحت معاقًا دائمًا بسبب إهمال الآخرين ولم يعد بإمكانك الحفاظ على رزقك.
عينة أخرى من الحسابات تأتي من إغراء الناس للعمل في وظيفة خطرة من خلال دفع أجور لهم أكثر من وظيفة مماثلة لا تنطوي على أخطار على الحياة. إذا كنت تريد 400 دولارًا إضافيًا سنويًا لتولي وظيفة حيث توجد فرصة واحدة من كل 25000 للموت في ذلك العام، فسواء كنت تعرف ذلك أم لا، فقد قدرت حياتك شخصيًا بمبلغ 400 دولار × 25000 = 10 ملايين دولار.
في نوع مختلف من الحسابات، يمكننا بدلاً من ذلك تقييم دينك للحضارة. منذ الولادة وحتى أول وظيفة بدوام كامل لك، سواء بعد المدرسة الثانوية أو الكلية، فقد استثمرت عائلتك ومدينتك وولايتك وبلدك فيك. يحتاج كل طفل إلى طعام وحفاضات ومأوى. اعتمادًا على مدى امتيازك - إذا كان لديك رعاية نهارية باهظة الثمن، أو رعاية مربية، أو دروس خصوصية، أو مدارس خاصة - يمكن أن يصل هذا إلى ما يزيد عن مليون دولار لكل طفل. لذلك دعونا نلقي نظرة على تقدير لعائلة متوسطة الدخل لديها طفلان. هذا 233،000 دولار لتربية طفل من الولادة حتى سن الثامنة عشرة. لحضور أربع سنوات من الكلية الحكومية قم بإضافة 100،000 دولار أخرى. كلية قطاع خاص، ضاعف المبلغ. في تلك اللحظة، إذا متت، مئات الآلاف من الدولارات التي استثمرها الآخرون فيك وفي مستقبلك ستتبخّر على الفور. لقد ولت جميع الفرص لتحقيق عائد على هذا الاستثمار. ومع ذلك، هذا هو بالضبط العمر الذي يتم فيه تجنيدك في القوات المسلحة. من بين 58000 حالة وفاة أمريكية في حرب فيتنام، الحرب الأخيرة لتجنيد الجنود، كان 61 في المئة في سن 21 أو أقل. هذا هو 35،000 شخص، قُتلوا في اللحظة المحددة التي كانت ستبدأ في مردودهم الاقتصادي للاقتصاد. قد يقول الصقور العسكريون إن حياتهم في المعركة هي الثمن النهائي للبلاد. إذا كان من الأفضل أن تكون على قيد الحياة بدلاً من الموت، فسيكون المردود النهائي بدلاً من ذلك هو القيام بكل ما يلزم لعدم قتل بعضنا البعض لتبنّي وجهات نظر مختلفة للعالم، مما يضمن حياة طويلة وصحية للجميع.
ضع في اعتبارك أن البشر عادة ما يتم تصورهم في فعل واحد أكثر حميمية في المودة البشرية. ثم نُحمل في الرحم لمدة تسعة أشهر، ونرضع لمدة اثني عشر شهرًا أخرى، ونحتاج إلى رعاية مستمرة خلال سنوات طفولتنا كصغار. بعد ذلك، يذهب البشر إلى المدرسة الابتدائية لتعلم القراءة والكتابة والحساب. في المدرسة الإعدادية والثانوية نتعلم أيضًا علم الأحياء والكيمياء وربما الفيزياء. نقرأ الأعمال الأدبيّة. نتعلم التاريخ والفنون وربما نلعب حتّى الرياضة. تنبت صداقات مدى الحياة من هذه الأنشطة. قد نتعلم أيضًا اللغات التي يتحدث بها البشر الآخرون حول العالم. نشارك في جميع الطقوس الموسمية التي نحتفظ بها في المجتمع الحديث كقوة ملزمة تجمعنا معًا. ثمَّ يأتي سنّ البلوغ. واحد وعشرون عاما قد مرّت. بسرعة 30 كيلومترًا في الثانية، أكملت الأرض 21 دورة حول الشمس - أي ما مجموعه 20 مليار كيلومتر عبر الفضاء.
طوال الوقت، يبتكر البشر الأسلحة المضادة للأفراد ويصقلونها ويحسنونها، مثل الألغام الأرضية، والبنادق الهجومية، والصواريخ، والقنابل، ويمكن لأي منها إنهاء الحياة في لحظة. ما هو طول لحظة؟ رصاصة من بندقية عالية السرعة كاتم صوت، تتحرك بثلاثة أضعاف سرعة الصوت، يمكنها أن تمر عبر صدرك، وتحدث ثقبًا في قلبك، وتخرج من ظهرك في أقل من أربعة عشرة آلاف من الثانية - قبل حتى أن تسمع السّلاح يطلق النار. بالنسبة لقنبلة من أي حجم، تسبب موجة الصدمة معظم الضرر. يمكن لقوة الهواء المتسع بسرعة، عند الوصول إلى المكان الذي تقف فيه، أن تفكك جسمك في جزء من الألف من الثانية. يمكن للمرء أيضًا أن يموت مبكرًا عن طريق الصدفة أو بسبب مرض مؤسف، لكننا اخترعنا هذه الأسلحة لغرض وحيد هو قتل البشر الآخرين - من نوعنا - في لحظة. لقد تسببت الحروب في خسائر فادحة ومأساوية في الأرواح البشرية منذ ما قبل الحضارة. حتى مع استبعاد النزاع المسلح المنظم، يجد البشر أسبابًا لقتل البشر الآخرين بمعدل يتجاوز 400،000 في السنة - نعم، يرتكب البشر في جميع أنحاء العالم جرائم القتل أكثر من ألف مرة في اليوم.
على الرغم من كل هذه المذبحة، فإن البشر ليسوا الحيوان الأكثر فتكًا ضد البشر. لا ينطبق هذا التمييز على الأسود أو النمور أو الدببة. ولا الثعابين أو أسماك القرش. يذهب إلى البعوض، حاملي العدوى الفيروسية زيكا وحمى الضنك، وخاصة الملاريا الطفيلية، التي تقتل أكثر من نصف مليون شخص سنويًا، معظمهم من الأطفال الصغار. الطبيعة الأم القاتلة، في ذلك مرة أخرى.
***
هل تعلم - هل تعرف حقًا - كم هي ثمينة الحياة؟
العدد الإجمالي للأشخاص الذين ولدوا في أي وقت هو حوالي 100 مليار. ومع ذلك، فإن الشفرة الجينية التي تولد نسخًا قابلة للحياة منا قادرة على 1030 اختلافًا على الأقل. هذا الرقم الهائل بشكل فلكي هو واحد متبوع بـ 30 صفراً، مما يوفر مليون تريليون تريليون روح محتملة. مررهم جميعًا وننتهي معك مرة أخرى - أو على الأقل توأمك. لكن هذا لن يحدث في أي وقت قريب. حتى الآن، أنتج فرعنا من شجرة الحياة ما لا يزيد عن 0.00000000000000001 في المئة من جميع البشر المحتملين، مما يفرض الاستنتاج بأن معظم الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا على قيد الحياة لن يتم تصورهم أبدًا. كل واحد منا، لجميع الأغراض العملية، فريد من نوعه في الكون - الآن وإلى الأبد.
أن تكون على قيد الحياة هو الوقت المناسب للاحتفال بكونك على قيد الحياة - كل لحظة يقظة. على طول الطريق، لماذا لا نسعى جاهدين لجعل العالم مكانًا أفضل اليوم من الأمس، لمجرد امتياز العيش فيه. على فراش الموت، سأكون حزينًا لفقد الاختراعات والاكتشافات الذكية التي تنشأ من براعتنا البشرية الجماعية، على افتراض أن الأنظمة التي تعزز مثل هذه التطورات لم تُمَسّ بسوء. هذا ما غذى النمو الهائل للعلوم والتكنولوجيا في حياتي. كما أنني أتساءل عما إذا كان قوس التقدم الاجتماعي للحضارة سيستمر - بكل نوباته وبداياته - وبالتالي يكافئ أي مسافر عبر الزمن من الطيف المضطهد من الإنسانية الذي اختار زيارة المستقبل بدلاً من الماضي.
عند الموت، سأفتقد حياة أطفالي الراشدين. لكن لا مأساة هناك. مجرد توق أناني ضد شيء مُعتاد وطبيعي. من المفترض أن أموت قبلهم. المآسي الحقيقية هي عندما يموت أطفالك قبل أن تموت. شيء تعرفه عائلات النجمة الذهبية [العسكريون الحاصلون على أنواط شجاعة] جيدًا، حيث خسروا الأبناء والبنات والإخوة والأخوات في الحروب.
***
على العموم، لا أخشى الموت. بدلاً من ذلك، أخشى حياة كان بإمكاني أن أنجز فيها المزيد. نقش جدير بشاهدة قبر مأخوذ من معلم القرن التاسع عشر هوراس مان:
أتوسل إليكم أن تحتفظوا بهذه الأشياء في قلوبكم
كلمات فراق.
كن خجلاً من أن تموت حتى تفوز ببعض النصر للبشرية.
إن دافعنا الأساسي لمواصلة البحث هو بالتأكيد أكبر من دافعنا الأساسي لمواصلة قتل بعضنا البعض. إذا كان الأمر كذلك، فإن فضول الإنسان وعجبه، المركبات المزدوجة للاكتشاف الكوني، سيضمن استمرار وصول الرسائل النجمية. تجبرنا هذه الأفكار، في وقتنا القصير على الأرض، على أن نصبح رعاة أفضل لحضارتنا. نعم الحياة أفضل من الموت. الحياة أفضل أيضًا من أن لم تكن قد وُلِدتَ. لكن كل واحد منا على قيد الحياة في مواجهة الصعاب الهائلة. لقد فزنا باليانصيب - مرة واحدة فقط. علينا استدعاء كليات العقل لدينا لمعرفة كيف يعمل العالم. لكننا علينا أن نشمّ أيضًا رائحة الزهور. نتشمس في غروب الشمس وشروقها الإلهي، وننظر بعمق في سماء الليل التي يهدونها. علينا أن نعيش، ونموت في النهاية، في هذا الكون المجيد.
[بدأت بترجمة هذا الكتاب الرّائع في سبتمر 22 سنة 2022 وأنهيت ترجمته في ديسمبر 30 سنة 2022]
والد المؤلف عالم اجتماعي وناشط حقوقي كان ناشطا في مدينة نيويورك توفي 2016.
العنوان باللاتينية
“survival advantages”: Michael Shermer, The Believing Brain (New York, Times Books, 2011)
الإستقراء أو الإستنباط induction منطقيا يصل للحقائق العامّة من أمثلة خاصة أو فردية.
“prejudice´-or-leniency”: A. I. Sabra, ed., The Optics of Ibn Al-Haytham, Books I-III: On ---dir---ect Vision, Arabic text, edited and with introduction, Arabic-Latin glossaries, and concordance tables (Kuwait: National Council for Culture, Arts and Letters, 1983).
“their own opinion”: The Note Book of Leonardo da Vinci, vol. 2, trans. John Paul Richter, chapter XIX: Philosophical Maxims. Morals. Polemics and speculations. II. Morals On Foolishness and Ignorance. Maxim. no. 1180 (New York: Dover, 1970), 283-311, accessed March 19, 2022, https://en.m.wikisource.org/wiki/The_Notebooks_of_Leonardo_Da_Vinci/XIX
“Ode on a Grecian Urn,”: accessed March 1, 2022, https://www.poetryfoundation.org/poems/44477/ode-on-a-grecian-urn
وهي حاويات على شكل أمّ كل واحدة داخلها مشابهة لها تستخدم لحفظ السكّر أو الملح وغير ذلك. (المترجم)
وفي القرآن سورة الحجّ آية 62: "اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ" (المترجم)
الضمير به يعود إلى التعدّد في أوّل الجملة. (المترجم)
المؤلف استخدم كلمة aesthetics والّتي تعني فلسفة الجمال. (المترجم)
من الملاحظ أنّ زقورات السومريين و معابد البابليين كانت تضع قدس الأقداس، حيث يوضع صنم الإله غالبا، في قمّة الزقورة، كما أن الفراعنة أيضا كانوا يؤمنون تواصل مع الآلهة عبر قمة الهرم. (المترجم)
“Sermon on the Mount”: Clifford M. Yearly, “God Speaks to Us on Tops of Mountains/’ Catholic Diocese of Little Rock (website), April 26, 2014, accessed October 30, 2021, https://www.dolr.org/article/god-speaks-us-tops-mountains
“cloud nine”: Paul Simons, “The Origin of Cloud 9,” The Times (London), September 6, 2016,
accessed October 30, 2021, https://www.thetimes.co.uk/article/weather-eye-7ftq5tvd2
“catalog IDs”: The field of astrophysics contains many catalogs of many things. Here we reference: PSR: Pulsating Source of Radio (pulsars) NGC: New General Catalogue of Nebulae and Clusters of Stars IC: Index Catalogue of Nebulae and Clusters of Stars—an extension of the NGC.
“it came from the Moon”: StarTalk Radio, “Decoding Science and Politics with Bill Clinton/’ November 6, 2015, accessed October 30, 2021, https://www.startalkradio.net/show/
الزليون Zillion هو رقم غاية في الضخامة. (المترجم)
أو ملح المنزل أو ملح الطعام. (المترجم)
“8.7 million species": National Geographic Society Resource Library, “Biodiversity/’ accessed October 30, 2021, https://www.nationalgeographic.org/encyclopedia/biodiversity/.
“extinct": Hannah Ritchie and Max Roser, “Extinctions,” Our World in Data, accessed October 30, 2021, https://ourworldindata.org/extinctions.
ما يعادل 482.8032 كيلومتر.
هذه الملاحظة للمؤلف هي هامش في النّص الأصلي. (المترجم)
“Kilmer’s most famous poem”: Joyce Kilmer, “Trees,” Oatridge, accessed November 2, 2021, https://www.oatridge.co.uk/poems/j/joyce-kilmer-trees.php .
الجبهة الغربية تعني الحدود الغربية لألمانيا القيصرية مع فرنسا ودول أخرى.
“debated in India”: Simon Mundy, “India Critics Push Back Against Modi’s Space Programme Plans/’ Financial Times, August 27, 2018, accessed July 11, 2021, https://www.ft.com/ content/edeb 1846-a691-1 Ie8-8ecf-a7aelbeff35b.
“live in squalor": “Poverty in India: Facts and Figures on the Daily Struggle for Survival/’ SOS Children’s Villages, accessed July 11, 2021, https://www.soschildrensvillages.ca/news/ poverty-in-india-602.
"T. S. Eliot once mused”: T. S. Eliot, “Little Gidding,” Four Quartets, 1942, accessed July 8, 2020, http://www.columbia.edu/itc/history/winter/w3206/edit/tseliotlittlegidding.html.
“voyage to the Caribbean”: “Columbus Reports on His First Voyage, 1493,” Gilder Lehrman
Institute of American History, accessed July 9, 2021, https://www.gilderlehrman.org/historyresources/
spotlight-primary-source/columbus-reports-his-first-voyage-1493.
“discovery of ideas”: Neil deGrasse Tyson, “Paths to Discovery,” in The Columbia History of
the 20th Century, edited by Richard Bulliet (New York: Columbia University Press, 2000),
461.
“large collaborations”: Daniele Fanelli and Vincent Larivière, “Researchers’ Individual
Publication Rate Has Not Increased in a Century,” PLOS ONE 11, no. 3 (March 9, 2016),
accessed July 10, 2021, https://journals.plos.org/plosone/article?
id=10.1371/journal.pone.0149504.
“Patent and Trademark Office”: “US Patent Statistics Chart Calendar Years 1963–2020,” US
Patent and Trademark Office, accessed July 19, 2021,
https://www.uspto.gov/web/offices/ac/ido/oeip/taf/us_stat.htm.
“velocipede”: “History of the Bicycle: A Timeline,” Joukowsky Institute for Archaeology and
the Ancient World, Brown University, accessed July 8, 2021,
https://www.brown.edu/Departments/Joukowsky_Institute/courses/13things/7083.html.
“closed-circuit trip”: “Italians Establish Two Flight Marks,” New York Times, June 3, 1930.
“Aero Club of America”: Original letter from the library of the author.
“nuclear warheads”: Hans M. Kristensen and Matt Korda, “Status of World Nuclear Forces,”
Federation of American Scientists, accessed July 9, 2021, https://fas.org/issues/nuclearweapons/
status-world-nuclear-forces/.
“American Psychiatric Association”: Neel Burton, “When Homosexuality Stopped Being a
Mental Disorder,” Psychology Today, September 18, 2015, accessed September 8, 2021,
https://www.psychologytoday.com/us/blog/hide-and-seek/201509/when-homosexualitystopped-
being-mental-disorder.
“civilization doomed”: Recounted from personal communication at the Planetary Society’s 25th
Anniversary Gala, Los Angeles, 2005.
“Earth from space”: Mike Massimino, Spaceman: An Astronaut’s Unlikely Journey to Unlock
the Secrets of the Universe (New York: Crown/Archetype, 2016).
“GDP per capita”: Worldometer, “GDP per Capita,” accessed July 8, 2021,
https://www.worldometers.info/gdp/gdp-per-capita/.
“Apollo 8 saved 1968”: Alice George, “How Apollo 8 ‘Saved 1968,’” Smithsonian, December
11, 2018, accessed July 6, 2021, https://www.smithsonianmag.com/smithsonianinstitution/
how-apollo-8-saved-1968–180970991/ Kelli Mars, ed., “Dec. 27, 1968: Apollo 8
Returns from the Moon,” NASA, last updated December 27, 2019, accessed July 6, 2021,
https://www.nasa.gov/feature/50-years-ago-apollo-8-returns-from-the-moon.
“Santa Barbara County”: Christine Mai-Duc, “The 1969 Santa Barbara Oil Spill That Changed
Oil and Gas Exploration Forever,” Los Angeles Times, May 20, 2015, accessed March 28,
2022, https://www.latimes.com/local/lanow/la-me-ln-santa-barbara-oil-spill-1969–20150520-
htmlstory.html.
“Ohio National Guard”: Jerry M. Lewis and Thomas R. Hensley, “The May 4 Shootings at
Kent State University: The Search for Historical Accuracy,” Kent State University, accessed
July 6, 2021, https://www.kent.edu/may-4-historical-accuracy.
“Earth Day history”: “About Us: The History of Earth Day,” Earth Day (website), accessed
July 6, 2021, https://www.earthday.org/history/.
“flag for Earth Day”: “Earth Day,” Wikipedia, accessed July 6, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Earth_Day.
“polluted cities”: Water and Power Associates, “Smog in Early Los Angeles,” accessed July 6,
2021, https://waterandpower.org/museum/Smog_in_Early_Los_Angeles.html.
“DDT”: (1) Use of Pesticides: A Report of the President’s Science Advisory Committee,
President’s Science Advisory Committee, May 1963.
(2) Restoring the Quality of Our Environment: A Report of the Environmental Pollution Panel
President’s Science Advisory Committee, President’s Science Advisory Committee, November
1965.
(3) Report of the Committee on Persistent Pesticides: Division of Biology and Agriculture,
National Research Council to the Agriculture Department, National Research Council, May
1969.
(4) Report of the Secretary’s Commission on Pesticides and Their Relationship to
Environmental Health, US Department of Health, Education, and Welfare, December 1969.
“riverbanks”: “Mississippi River Oil Spill (1962–63),” Wikipedia, accessed September 16,
2021, https://en.wikipedia.org/wiki/Mississippi_River_oil_spill_(1962–63).
“prophecy of doom”: Story recounted by Lincoln’s friend Walt Whitman, and discussed by
Donald W. Olson and Laurie E. Jasinski, “Abe Lincoln and the Leonids,” Sky & Telescope
(November 1999): 34–35.
“Pale Blue Dot”: Carl Sagan, Pale Blue Dot: A Vision of the Human Future in Space (New
York: Random House, 1994).
“no tolerance”: For an academic analysis: Eli J. Finkel et al., “Political Sectarianism in
America,” Science 370, no. 6516 (October 30, 2020): 533, accessed December 19, 2021,
https://pcl.sites.stanford.edu/sites/g/files/sbiybj22066/files/media/file/finkel-sciencepolitical.
pdf.
“military ideologues”: See, e.g., Neil deGrasse Tyson and Avis Lang, Accessory to War: The
Unspoken Alliance Between Astrophysics and the Military (New York: W. W. Norton, 2018).
“V2 ballistic missile”: See “Did We Hit the Wrong Planet?,” JF Ptak Science Books (blog),
accessed July 2, 2021, https://longstreet.typepad.com/thesciencebookstore/2013/08/did-we-hitthe-
wrong-planet-w-von-braun-1956.html.
“London and Antwerp”: “V-2 Rocket,” Wikipedia, accessed July 2, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/V-2_rocket#Targets.
“evolutionarily understandable”: See, e.g., K. Jun Tong and William von Hippel, “Sexual
Selection, History, and the Evolution of Tribalism,” Psychological Inquiry 31, no. 1 (2020):
23–25.
“Aerospace Industry”: Final Report of the Commission on the Future of the United States
Aerospace Industry, Commission on the Future of the United States, accessed September 16,
2021, https://www.haydenplanetarium.org/tyson/media/pdf/AeroCommissionFinalReport.pdf.
“speak only English”: “The Flight of Apollo-Soyuz,” NASA, accessed July 20, 2021,
https://history.nasa.gov/apollo/apsoyhist.html.
“unmarried women”: National Center for Health Statistics, “Percent of Babies Born to
Unmarried Mothers by State,” Centers for Disease Control and Prevention, accessed June 30,
2021, https://www.cdc.gov/nchs/pressroom/sosmap/unmarried/unmarried.htm.
“general election”: “2000 Presidential Election, 270 to Win,” accessed June 30, 2021,
https://www.270towin.com/2000_Election/.
“among the cheaters”: Nathan McAlone, “A Chart Made from the Leaked Ashley Madison
Data Reveals Which States in the US Like to Cheat the Most,” Insider, August 20, 2015,
accessed June 30, 2021, https://www.businessinsider.com/ashley-madison-leak-reveals-whichstates-
like-to-cheat-the-most-2015-8.
“Republican Platform”: Report of 2018 Permanent Platform & Resolutions Committee,
Republican Party of Texas, accessed December 18, 2021, https://www.texasgop.org/wpcontent/
uploads/2018/06/PLATFORM-for-voting.pdf.
“oil-dependent”: More than a third of the Texas economy derives from oil revenues see
Brandon Mulder, “Fact-Check: Is the Texas Oil and Gas Industry 35% of the State Economy?,”
Austin American-Statesman, accessed December 18, 2021,
https://www.statesman.com/story/news/politics/politifact/2020/12/22/fact-check-texas-oil-andgas-
industry-35-state-economy/4009134001/.
“climate scientists agree”: FYI: this figure has increased to 100 percent of research papers on
climate change published since 2019 see James Powell, “Scientists Reach 100% Consensus on
Anthropogenic Global Warming,” Bulletin of Science, Technology & Society 37, no. 4
(November 20, 2019), accessed July 16, 2021,
https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0270467619886266.
“minority of Christians”: Cary Funk, Greg Smith, and David Masci, “How Many Creationists
Are There in America?,” Observations (Scientific American blog), February 12, 2019, accessed
June 29, 2021, https://blogs.scientificamerican.com/observations/how-many-creationists-arethere-
in-america/.
“ongoing vaccine programs”: Pan American Health Organization, “Measles Elimination in the
Americas,” accessed June 30, 2021, https://www3.paho.org/hq/index.php?
option=com_content&view=article&id=12526:measles-elimination-in-the-americas.
“parents refuse”: “Measles Resurgence in the United States,” Wikipedia, accessed June 30,
2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Measles_resurgence_in_the_United_States#Local_outbreaks.
ملاحظة مهمة ربما غفل عنها الكاتب وهي أن كون ولايات معينة تصوّت في الغالبية للبراليين، أو العكس، لا يعني أن عددا لا بأس به من ساكني الولاية هم من الحزب أو فكر قريب للحزب المخالف. (المترجم)
“conservative enclaves”: Jan Hoffman, “Faith, Freedom, Fear: Rural America’s Covid Vaccine
Skeptics,” New York Times, April 30, 2021, accessed June 30, 2021,
https://www.nytimes.com/2021/04/30/health/covid-vaccine-hesitancy-white-republican.html.
“one-fourth of the nation”: Monmouth University Polling Institute, “Public Satisfied with
Vaccine Rollout, but 1 in 4 Still Unwilling to Get It,” March 8, 2021, accessed June 30, 2021,
https://www.monmouth.edu/polling-institute/reports/monmouthpoll_US_030821/.
“vaccine science”: StarTalk Radio, “Vaccine Science,” accessed September 8, 2021,
https://www.youtube.com/watch?v=fOOBUixiiac.
“accepting audiences”: Seth Brown, “Alex Jones’s Media Empire Is a Machine Built to Sell
Snake-Oil Diet Supplements,” Intelligencer, May 4, 2017, accessed September 16, 2021,
https://nymag.com/intelligencer/2017/05/how-does-alex-jones-make-money.html.
“Democratic presidents”: Historical Tables, Budget of the United States Government, Fiscal
Year 2022, Table 9.8, “Composition of Outlays for the Conduct of Research and Development:
1949–2022,” accessed January 2, 2022, https://www.whitehouse.gov/wpcontent/
uploads/2021/05/hist09z8_fy22.xlsx.
ملاحظة مهمة هنا هي أنّ المؤلّف تجاهل حقيقة تحوّل الجمهوريين إلى "ضدّ العلم" هي ظاهرة حديثة ومرتبطة ببعض المصالح الاقتصادية للحزب. (المترجم)
“Smithsonian Institution”: National Museum of African American History and Culture, “5
Things to Know: HBCU Edition,” October 1, 2019, accessed June 2, 2022,
https://nmaahc.si.edu/explore/stories/5-things-know-hbcu-edition.
“thousands of lynchings”: Charles Seguin and David Rigby, “National Crimes: A New National
Data Set of Lynchings in the United States, 1883 to 1941,” Socius: Sociological Research for a
Dynamic World 5 (January 1, 2019), accessed September 16, 2021,
https://journals.sagepub.com/doi/full/10.1177/2378023119841780.
“Clinton and Obama were Black”: United States Senate, “Supreme Court Nominations (1789–
Present),” United States Senate, accessed April 3, 2022,
https://www.senate.gov/legislative/nominations/SupremeCourtNominations1789present.htm.
التعبير الأخير مستعار من كلمة للرئيس إبراهام لنكولن. (المترجم)
بوكاهانتاس كانت من سكان أمريكا الأصليين وإبنة زعيم للهنود وقد تزوجت مرتين من مستعمرين بريطانيين أبيضين وساعدت المهاجرين على التأقلم في أرض أمريكا-الساحل الشرقي لما يسمى الآن الولايات المتحدة الأمريكية في بدايات القرن ال 17. (المترجم)
“bluest of blue states”: 100 percent of counties in Massachusetts voted blue in the 2020 general
election. Politico, “Massachusetts Presidential Results,” accessed April 11, 2022,
https://www.politico.com/2020-election/results/massachusetts/.
“federal government”: “Federal Spending by State 2022,” World Population Review, accessed
January 3, 2022, https://worldpopulationreview.com/state-rankings/federal-spending-by-state.
“red states”: In the 2020 general election.
“300,000 people”: Rob Salkowitz, “Fans Turn Up for New York Comic Con Even if Big
Names Don’t,” Forbes, October 9, 2021, accessed December 17, 2021,
https://www.forbes.com/sites/robsalkowitz/2021/10/09/fans-turn-up-for-new-york-comic-coneven-
if-big-names-dont.
“millions”: “Convention Schedule,” FanCons, accessed December 17, 2021,
https://fancons.com/events/schedule.php?type=all&year=2022&loc=eu.
“take an average”: Thomas Simpson, “A Letter […] on the Advantage of Taking the Mean of a
Number of Observations, in Practical Astronomy,” Philosophical Transactions (1683–1775) 49
(1755–1756), 82–93.
“rational evolutionary roots”: Michael Shermer, Conspiracy: Why the Rational Believe the
Irrational (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 2022).
“4,000 physicists”: Stephen Skolnick, “How 4,000 Physicists Gave a Vegas Casino Its Worst
Week Ever,” Physics Buzz (blog), September 10, 2015, accessed June 5, 2022,
http://physicsbuzz.physicscentral.com/2015/09/one-winning-move.html.
“casino on property”: Steve Beauregard, “Biggest Casino in Las Vegas & List of the Top 20
Largest Casinos in Sin City,” Gamboool, accessed July 15, 2021,
https://gamboool.com/biggest-casinos-in-las-vegas-list-of-the-top-20-largest-casinos-in-sincity.
“---$---45 billion”: Will Yakowicz, “U.S. Gambling Revenue to Break ---$---44 Billion Record in 2021,”
Forbes, August 10, 2021, accessed January 1, 2022,
https://www.forbes.com/sites/willyakowicz/2021/08/10/us-gambling-revenue-to—break-44-
billion-record-in-2021.
“lottery”: “Lotteries in the United States,” Wikipedia, accessed July 15, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Lotteries_in_the_United_States#States_with_no_lotteries.
“1 in 292.2 million”: Investopedia, “The Lottery: Is It Ever Worth Playing?,” accessed July 15,
2021, https://www.investopedia.com/managing-wealth/worth-playing-lottery/.
“Recent surveys”: Erin Richards, “Math Scores Stink in America. Other Countries Teach It
Differently—and See Higher Achievement,” USA Today, February 28, 2020, accessed January
5, 2022, https://www.usatoday.com/story/news/education/2020/02/28/math-scores-high-schoollessons-
freakonomics-pisa-algebra-geometry/4835742002/.
“inaugural Tweet”: Neil deGrasse Tyson (@neiltyson), Twitter, February 9, 2010, 3:46 p.m.,
accessed July 15, 2021, https://twitter.com/neiltyson/status/8870114781.
“major averages rose”: CNBC (@CNBC), Twitter, December 10, 2021, 4:03 p.m., accessed
May 17, 2022, https://twitter.com/CNBC/status/1469412512357568521.
“many more than that”: TipRanks, “2 ‘Strong Buy’ Stocks from a Top Wall Street Analyst,”
July 13, 2021, accessed July 15, 2021, https://www.yahoo.com/now/2-strong-buy-stocks-top-
091615572.html.
“sites that rank traders”: TipRanks, “Top Wall Street Analysts,” accessed July 23, 2021,
https://www.tipranks.com/analysts/top.
“more than 30 percent”: Sam Ro, “The Truth About Warren Buffett’s Investment Track
Record,” Yahoo! Finance, March 1, 2021, accessed December 21, 2021,
https://www.yahoo.com/now/the-truth-about-warren-buffetts-investment-track-record-morningbrief-
113829049.html.
“Scientists and right-leaning people”: National Academies of Sciences, Engineering, and
Medicine, Genetically Engineered Crops: Experiences and Prospects (Washington, DC:
National Academies Press, 2016), accessed July 15, 2021,
https://www.nationalacademies.org/our-work/genetically-engineered-crops-past-experienceand-
future-prospects.
“narrate a documentary”: Food Evolution, ---dir---ected by Scott Hamilton Kennedy, narrated by
Neil deGrasse Tyson (Black Valley Films, 2016).
“GMO corn syrup”: “Ben & Jerry’s Statement on Glyphosate,” Ben & Jerry’s (website),
accessed July 15, 2021, https://www.benjerry.com/about-us/media-center/glyphosate-statement.
“salty ocean water”: Samuel Taylor Coleridge, Rime of the Ancient Mariner, part 2, stanza 9
(1817).
“pains to human nature”: WBagehot, Physics and Politics, No. V: “The Age of
Discussion” (Westport, CT: Greenwood Press, 1872).
“American Cancer Society’s web page”: American Cancer Society, “Colorectal Cancer Risk
Factors,” accessed July 16, 2021, https://www.cancer.org/cancer/colon-rectal-cancer/causesrisks-
prevention/risk-factors.html.
“colorectal cancer”: American Cancer Society, “Key Statistics for Colorectal Cancer,” accessed
July 16, 2021, https://www.cancer.org/cancer/colon-rectal-cancer/about/key-statistics.html.
“meta-study of research”: Manuela Chiavarini et al., “Dietary Intake of Meat Cooking-Related
Mutagens (HCAs) and Risk of Colorectal Adenoma and Cancer: A Systematic Review and
Meta-Analysis,” Nutrients 9, no. 5 (May 18, 2017): 515, accessed June 7, 2022,
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5452244/.
“1-in-8 likelihood”: Hannah Ritchie and Max Roser, “Smoking,” Our World in Data, May
2013, revised November 2019, accessed June 30, 2021, https://ourworldindata.org/smoking
see also Lynne Eldridge, “What Percentage of Smokers Get Lung Cancer?,” Verywell Health,
accessed June 28, 2021, https://www.verywellhealth.com/what-percentage-of-smokers-getlung-
cancer-2248868.
“the suburbs”: John Woodrow Cox and Steven Rich, “Scarred by School Shootings,”
Washington Post, updated March 25, 2018, accessed July 15, 2021,
https://www.washingtonpost.com/graphics/2018/local/us-school-shootings-history/.
“safer in the city”: William H. Lucy, “Mortality Risk Associated with Leaving Home:
Recognizing the Relevance of the Built Environment,” American Journal of Public Health 93,
no. 9 (September 2003): 1564–69, accessed July 16, 2021,
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1448011/ Bryan Walsh, “In Town vs.
Country, It Turns Out That Cities Are the Safest Places to Live,” Time, July 23, 2013, accessed
July 16, 2021, https://science.time.com/2013/07/23/in-town-versus-country-it-turns-out-thatcities-
are-the-safest-places-to-live/.
“22 percent higher”: Sage R. Meyers et al., “Safety in Numbers: Are Major Cities the Safest
Places in the United States?” Injury Prevention 62, no. 4 (October 1, 2013): 408–18.E3,
accessed June 8, 2022, https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3993997/.
“Texas, shooting”: “2019 El Paso Shooting,” Wikipedia, accessed July 16, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/2019_El_Paso_shooting.
“white-tailed deer”: Sophie L. Gilbert et al., “Socioeconomic Benefits of Large Carnivore
Recolonization Through Reduced Wildlife-Vehicle Collisions,” Conservation Letters 10, no. 4
(July/August 2017): 431–39, accessed August 1, 2021,
https://conbio.onlinelibrary.wiley.com/doi/epdf/10.1111/conl.12280.
“crashes around the world”: Murat Karacasu and Arzu Er, “An Analysis on Distribution of
Traffic Faults in Accidents, Based on Driver’s Age and Gender: Eskisehir Case” Procedia—
Social and Behavioral Sciences 20 (2011), 776–785, accessed June 8, 2022,
https://www.science---dir---ect.com/science/article/pii/S1877042811014662.
“more than 1,000”: “List of Fatal Accidents and Incidents Involving Commercial Aircraft in the
United States,” Wikipedia, accessed July 27, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_fatal_accidents_and_incidents_involving_commercial_ai
rcraft_in_the_United_States.
“without a single crash”: Highly publicized crashes of the Boeing 737 MAX in 2018 and 2019
involved non-US-based carriers, and so don’t contribute to this statistic.
“died from other causes”: Leslie Josephs, “The Last Fatal US Airline Crash Was a Decade Ago
Here’s Why Our Skies Are Safer,” CNBC, February 13, 2019, updated March 8, 2019,
accessed July 27, 2021, https://www.cnbc.com/2019/02/13/colgan-air-crash-10-years-agoreshaped-
us-aviation-safety.html.
“risen 35 percent from 2000”: Bureau of Transportation Statistics, United States Department of
Transportation, “U.S. Air Carrier Traffic Statistics Through November 2021,” accessed August
1, 2021, https://www.transtats.bts.gov/TRAFFIC/.
“both sides now”: Joni Mitchell, stanza from the song “Both Sides Now” (Detroit: Gandalf
Publishing, 1967).
“Beef magazine”: Paul Copan, Wes Jamison, and WKaiser, What Would Jesus Really Eat:
The Biblical Case for Eating Meat (Burlington, ON: Castle Quay Books, 2019) see also
Amanda Radke, “Yes, Jesus Would Eat Meat & You Can, Too,” Beef magazine, June 9, 2022,
accessed April 14, 2022, https://www.beefmagazine.com/beef/yes-jesus-would-eat-meat-youcan-
too.
“vegetarians in the world”: “Vegetarianism by Country,” Wikipedia, accessed August 7, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Vegetarianism_by_country.
“3 percent of the population”: RJ Reinhart, “Snapshot: Few Americans Vegetarian´-or-Vegan,”
Gallup, August 1, 2018, accessed August 7, 2021,
https://news.gallup.com/poll/238328/snapshot-few-americans-vegetarian-vegan.aspx.
“meat consumption has tripled”: Hannah Ritchie and Max Roser, “Meat and Dairy Production,”
Our World in Data, August 2017, revised November 2019, accessed August 11, 2021,
https://ourworldindata.org/meat-production.
“brought to slaughter”: “What Is the Age Range for Butchering Steers? I Am Trying for
Prime,” Beef Cattle, September 3, 2019, accessed August 7, 2021, https://beefcattle.
extension.org/what-is-the-age-range-for-butchering-steers-i-am-trying-for-prime.
“acres of land”: University of California Cooperative Extension, “Sample Costs for a Cow-
Calf/Grass-Fed Beef Operation,” 2004, accessed February 25, 2022,
https://coststudyfiles.ucdavis.edu/uploads/cs_public/83/84/838417e7-bdad-40e6-bcaac3d80ccdcd71/
beefgfnc2004.pdf.
“cattle into 800 acres”: “The Biggest CAFO in the United State,” Wickersham’s Conscience,
March 20, 2020, accessed April 14, 2022,
https://wickershamsconscience.wordpress.com/2020/03/20/the-biggest-cafo-in-the-unitedstates/.
“500 pounds of meat”: South Dakota State University Extension, “How Much Meat Can You
Expect from a Fed Steer?,” updated August 6, 2020, accessed June 9, 2022,
https://extension.sdstate.edu/how-much-meat-can-you-expect-fed-steer.
“reply are elsewhere”: Neil deGrasse Tyson, Letters from an Astrophysicist (New York: W. W.
Norton, 2019).
“With rare exceptions”: See, e.g., Ryan Patrick McLaughlin, “A Meatless Dominion: Genesis 1
and the Ideal of Vegetarianism,” Biblical Theology Bulletin 47, no. 3 (August 2, 2017): 144–54,
accessed August 7, 2021, https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0146107917715587.
“stewardship”: Eric O’Grey, “Vegan Theology for Christians,” PETA Prime, January 30, 2018,
accessed August 7, 2021, https://prime.peta.org/2018/01/vegan-theology-christians/.
“subfield of academic philosophy”: Peter Singer, Animal Liberation (New York: Harper
Collins, 1975).
“subject of persistent activism”: PETA (website), accessed August 7, 2021,
https://www.peta.org.
“snails one evening”: Story recounted live on StarTalk, August 22, 2011,
https://www.startalkradio.net/show/making-the-fur-fly/.
“light, which attracts them”: “Do Snails Have Eyes?,” Facts About Snails, accessed August 9,
2021, https://factsaboutsnails.com/snail-facts/do-snails-have-eyes/.
“caught in the net”: Rene Ebersole, “How ‘Dolphin Safe’ Is Canned Tuna, Really?,” National
Geographic, March 10, 2021, accessed August 8, 2021,
https://www.nationalgeographic.com/animals/article/how-dolphin-safe-is-canned-tuna.
“safety of your home”: Animal Diversity Web, University of Michigan, Museum of Zoology,
“Mus musculus house mouse,” accessed April 24, 2022,
https://animaldiversity.org/accounts/Mus_musculus/.
“fifty full-grown trees”: “Learn How Many Trees It Takes to Build a House?,” Home
Preservation Manual, accessed August 9, 2021,
https://www.homepreservationmanual.com/how-many-trees-to-build-a-house/.
“lived a half century”: Michael H. Ramage et al., “The Wood from the Trees: The Use of
Timber in Construction,” Renewable and Sustainable Energy Reviews 68 (February 2017): 333,
accessed January 20, 2022,
https://www.science---dir---ect.com/science/article/pii/S1364032116306050.
“oxygen-producing plant life”: Kyle Cunningham, “Landowner’s Guide to Determining Weight
of Standing Hardwood Trees,” University of Arkansas Division of Agriculture, Cooperative
Extension Service, accessed August 9, 2021, https://www.uaex.uada.edu/publications/pdf/FSA-
5021.pdf.
“concentrated maple tree blood”: “Maple Syrup Concentration,” Synder Filtration, accessed
January 30, 2021, https://synderfiltration.com/2014/wp-content/uploads/2014/07/Maple-Syrup-
Concentration-Case-Study.pdf.
“root system of the forest”: Britt Holewinski, “Underground Networking: The Amazing
Connections Beneath Your Feet,” National Forest Foundation, accessed January 30, 2022,
https://www.nationalforests.org/blog/underground-mycorrhizal-network.
“good authority”: Steven Spielberg, private communication, April 2004, Hayden Planetarium,
New York City.
“quality children’s television”: Associated Press, “Lewis Throws Voice to Push for Quality
TV,” Deseret News, March 11, 1993, accessed September 8, 2021,
https://www.deseret.com/1993/3/11/19036574/lewis-throws-voice-to-push-for-quality-tv.
“publicly traded”: Mitch Zinck, “Top 10 Stocks to Invest in Lab-Grown Meat,” Lab Grown
Meat, June 29, 2021, accessed August 11, 2021, https://labgrownmeat.com/top-10-stocks/.
“contains the following attack”: Chuck Lorre, “Card #536,” Chuck Lorre Productions, Official
Vanity Card Archives, September 26, 2016, accessed September 16, 2021,
http://chucklorre.com/?e=980.
“I suppose no body”: Christiaan Huygens, The Celestial Worlds Discover’d: or, Conjectures
Concerning the Inhabitants, Plants and Productions of the Worlds in the Planets (London:
Timothy Childe, 1698), accessed June 10, 2022, https://galileo.ou.edu/exhibits/celestialworlds-
discoverd-or-conjectures-concerning-inhabitants-plants-and-productions.
“dialogue captures the astonishment”: Terry Bisson, They’re Made out of Meat, and 5 Other
All-Talk Tales (Amazon.com, Kindle edition, 2019).
“Schrödinger’s cat”: “Schrödinger’s Cat,” Wikipedia, accessed July 6, 2022,
https://en.wikipedia.org/wiki/Schrödinger’s_cat.
“nonconforming designations”: “What Does LGBTQ+ Mean?,” OK2BME, accessed August
22, 2021, https://ok2bme.ca/resources/kids-teens/what-does-lgbtq-mean/.
"West Side Story": أنتج لأول مرة لبرودواي في عام 1957.
“burned at the stake”: “Trial of Joan of Arc,” Wikipedia, accessed April 24, 2022,
https://en.wikipedia.org/wiki/Trial_of_Joan_of_Arc.
“rest of the animal kingdom”: Joan Roughgarden, Evolution’s Rainbow: Diversity, Gender, and
Sexuality in Nature and People, 10th anniversary ed. (Berkeley: University of California Press,
2013)
“jaw and brow relative to women”: Anthony C. Little, Benedict C. Jones, and Lisa M.
DeBruine, “Facial Attractiveness: Evolutionary Based Research,” Philosophical Transactions
of the Royal Society B: Biological Sciences 366, no. 1571 (June 12, 2011): 1638–59, accessed
March 18, 2022, https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3130383/.
“women do annually”: American Society of Plastic Surgeons, Plastic Surgery Statistics Report,
2020, accessed November 28, 2021,
https://www.plasticsurgery.org/documents/News/Statistics/2020/plastic-surgery-statistics-fullreport-
2020.pdf.
“well before Christmas”: US Food and Drug Administration, “Fun Facts About Reindeer and
Caribou,” content current as of February 13, 2020, accessed December 21, 2021,
https://www.fda.gov/animal-veterinary/animal-health-literacy/fun-facts-about-reindeer-andcaribou.
“some of which are feminine”: “What Are the Names of Santa’s Reindeer?,” Iglu Ski, accessed
December 21, 2021, https://www.igluski.com/lapland-holidays/what-are-the-names-of-santasreindeer.
“five categories”: Saffir-Simpson Hurricane Wind Scale, National Hurricane Center and Central
Pacific Hurricane Center, accessed January 5, 2022,
https://www.nhc.noaa.gov/aboutsshws.php.
“sport even more colors”: Ariane Resnick, “What Do the Colors of the New Pride Flag
Mean?,” Verywell Mind, updated June 21, 2021, accessed August 22, 2021,
https://www.verywellmind.com/what-the-colors-of-the-new-pride-flag-mean-5189173.
“expression of their gender identity”: Tom Dart, “Texas Clings to Unconstitutional
Homophobic Laws—and It’s Not Alone,” Guardian, June 1, 2019, accessed September 17,
2021, https://www.theguardian.com/world/2019/jun/01/texas-homophobic-laws-lgbtunconstitutional.
“bookkeeping of all the data”: For a full history of this period, see Dava Sobel, The Glass
Universe: How the Ladies of the Harvard Observatory Took the Measure of the Stars (New
York: Viking, 2016).
“high in the stratosphere”: Jennifer Chu, “Study: Reflecting Sunlight to Cool the Planet Will
Cause Other Global Changes,” MIT News, June 2, 2020, accessed August 20, 2021,
https://news.mit.edu/2020/reflecting-sunlight-cool-planet-storm-0602.
“your skin happens to be”: Nina Jablonski and George Chaplin, “The Colours of Humanity:
The Evolution of Pigmentation in the Human Lineage,” Philosophical Transactions of the
Royal Society B 372 (May 22, 2017), accessed August 22, 2021,
https://royalsocietypublishing.org/doi/pdf/10.1098/rstb.2016.0349.
“Earth’s surface at that latitude”: Nina Jablonski and George Chaplin, “Human Skin
Pigmentation as an Adaptation to UV Radiation,” Proceedings of the National Academy of
Sciences 107, Suppl. 2 (May 5, 2010), accessed August 22, 2021,
https://doi.org/10.1073/pnas.0914628107.
“genomic pathways”: Nicholas G. Crawford et al., “Loci Associated with Skin Pigmentation
Identified in African Populations,” Science 358, no. 6365 (October 12, 2017), accessed January
31, 2022, https://www.science.org/doi/10.1126/science.aan8433.
“hair color within a brand”: Clairol, “Natural Instincts” semi-permanent hair color.
“thousands of hues”: Benjamin Moore (website), accessed July 6, 2022,
https://www.benjaminmoore.com/en-us/color-overview/find-your-color/color-families.
“the South’s population”: “1860 United States Census,” Wikipedia, accessed September 24,
2021, https://en.wikipedia.org/wiki/1860_United_States_census.
“The greatest of all”: James Henry Hammond, “On the Question of Receiving Petitions on the
Abolition of Slavery in the District of Columbia,” Address to Congress, February 1, 1836,
accessed March 19, 2022, https://babel.hathitrust.org/cgi/pt?id=hvd.hx4q2m.
“American Museum of Natural History”: Where I’ve served as the Frederick P. Rose ---dir---ector
of the Hayden Planetarium since 1996.
“The problem is”: Theodore Roosevelt, “Lincoln and the Race Problem,” speech to the New
York Republican Club, February 13, 1905, accessed September 8, 2021,
https://www.blackpast.org/african-american-history/1905-theodore-roosevelt-lincoln-and-raceproblem-
3/.
“America for decades”: American Museum of Natural History, “Museum Statement on
Eugenics,” September 2021, accessed July 6, 2022, https://www.amnh.org/about/eugenicsstatement.
“bench along Bond Street”: “Allies Sculpture,” Atlas Obscura, accessed September 8, 2021,
https://www.atlasobscura.com/places/allies.
“embarrassingly patronizing”: In 2020, a long-standing replica of Emancipation was removed
from Park Square in Boston, Massachusetts, to the sculptor’s hometown after protests.
“The two figures”: American Museum of Natural History, “What Did the Artists and Planners
Intend?,” accessed July 6, 2022, https://www.amnh.org/exhibitions/addressing-the-statue/artistintent
“new presidential library”: In-house memo to museum staff, accessed July 6, 2022,
https://en.wikipedia.org/wiki/Theodore_Rosevelt_Presidential_Library.
“feelings of superiority”: Meilan Solly, “DNA Pioneer James Watson Loses Honorary Titles over Racist Comments,” Smithsonian, January 15, 2019, accessed September 19, 2021, https://www.smithsonianmag.com/smart-news/dna-pioneer-james-watson-loses-honorary-titlesover-racist-comments-180971266/.
“hairy ball”: “Hairy Ball Theorem,” Wikipedia, accessed September 8, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Hairy_ball_theorem.
“exclusive entry on just this topic”: “List of Electronic Color Code Mnemonics,” Wikipedia,
accessed January 5, 2022,
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_electronic_color_code_mnemonics.
“Worth of Different Races”: Francis Galton, Hereditary Genius: An Inquiry into Its Laws and
Consequences (New York: D. Appleton, 1870), 339.
“90 percent were enslaved”: Aaron O’Neill, “Black and Slave Population of the United States
from 1790 to 1880,” Statista, March 19, 2021, accessed September 12, 2021,
https://www.statista.com/statistics/1010169/black-and-slave-population-us-1790–1880/.
“Comparing them by their faculties”: Thomas Jefferson, Notes on the State of Virginia
(Baltimore: W. Pechin, 1800), 151.
“producing six children”: Monticello, “The Life of Sally Hemings,” accessed September 12,
2021, https://www.monticello.org/sallyhemings/.
“The Origin of Races”: Carleton S. Coon, The Origin of Races (New York: Alfred A. Knopf,
1962), 656.
“ascending their backs”: “Men with Hairy Chest,” DC Urban Moms and Dads, December 23,
2014, accessed September 12, 2021,
https://www.dcurbanmom.com/jforum/posts/list/435718.page.
“shade of black´-or-brown”: Toshisada Nishida, “Chimpanzee,” Encyclopedia Britannica,
accessed September 12, 2021, https://www.britannica.com/animal/chimpanzee.
“Africans, 0 percent”: Medline Plus, “What Does It Mean to Have Neanderthal´-or-Denisovan
DNA?,” accessed September 12, 2021,
https://medlineplus.gov/genetics/understanding/dtcgenetictesting/neanderthaldna/.
“technologies to shape their world”: Angela Saini, Superior: The Return of Race Science
(Boston: Beacon Press, 2019), 18–20.
“Probably not”: “Can African Americans Get Head Lice?,” Lice Aunties, April 14, 2021,
accessed September 12, 2021, https://liceaunties.com/can-african-americans-get-head-lice/ see
also W. Wayne Price and Amparo Benitez, “Infestation and Epidemiology of Head Lice in
Elementary Schools in Hillsborough Country, Florida,” Florida Scientist 52, no. 4 (1989): 278–
88.
“hair of Black people”: Robin A. Weiss, “Apes, Lice and Prehistory,” Journal of Biology 8, no.
20 (2009), accessed September 21, 2021,
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2687769/.
“contract skin cancer”: United States Cancer Statistics, “Leading Cancers by Age, Sex, Race
and Ethnicity 2019,” Centers for Disease Control and Prevention, accessed July 6, 2022,
https://gis.cdc.gov/Cancer/USCS/#/Demographics/ see also: Healthline, “Yes, Black People
Can Get Skin Cancer. Here’s What to Look For,” accessed April 11, 2022,
https://www.healthline.com/health/skin-cancer/can-black-people-get-skin-cancer.
“White people as among Black people”: Joel M. Gelfand et al., “The Prevalence of Psoriasis in
African Americans: Results from a Population-Based Study,” Journal of the American
Academy of Dermatology 52, no. 1 (2005): 23, accessed September 18, 2021,
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/15627076/.
“onset of osteoporosis”: Bone Health and Osteoporosis Foundation, “What Is Osteoporosis and
What Causes It?,” accessed July 6, 2022,
https://www.bonehealthandosteoporosis.org/patients/what-is-osteoporosis/.
“bones remain good and strong”: J. F. Aloia et al., “Risk for Osteoporosis in Black Women,”
Calcified Tissue International 59 (1996): 415–23, accessed September 18, 2021,
https://link.springer.com/article/10.1007%2FBF00369203.
“suicide rate of Black teens”: Jeffrey A. Bridge et al., “Suicide Trends Among Elementary
School-Aged Children in the United States from 1993 to 2012,” JAMA Pediatrics 169, no. 7
(2015): 673–77, accessed July 6, 2022,
https://jamanetwork.com/journals/jamapediatrics/fullarticle/2293169.
“higher than for Black people”: Suicide Prevention Resource Center, “Racial and Ethnic
Disparities,” accessed September 18, 2021, https://sprc.org/scope/racial-ethnic-disparities.
“anorexic eating disorders”: Many studies, for example: Jacquelyn Y. Taylor et al., “Prevalence
of Eating Disorders Among Blacks in the National Survey of American Life,” International
Journal of Eating Disorders 40 (2007 Suppl.): S10–S14, accessed July 6, 2022,
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2882704 see also Ruth H. Striegel-Moore et
al., “Eating Disorders in White and Black Women,” American Journal of Psychiatry 160
(2003): 1326–31, accessed July 6, 2022, https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/12832249/.
“origins story, which I paraphrase”: Keb Meh, “Mythologies of Skin Color and Race in
Ethiopia,” Japan Sociology, December 2, 2014, accessed September 12, 2021,
https://japansociology.com/2014/12/02/mythologies-of-skin-color-and-race-in-ethiopia/.
“just over four feet tall”: Guinness World Records, “Shortest Tribe,” accessed September 12,
2021, https://www.guinnessworldrecords.com/world-records/shortest-tribe.
“stands six feet tall”: Guinness World Records, “Tallest Tribe,” accessed September 12, 2021,
https://www.guinnessworldrecords.com/world-records/67503-tallest-tribe.
“taller than that of Indonesians”: “Average Human Height by Country,” Wikipedia, accessed
July 6, 2022, https://en.wikipedia.org/wiki/Average_human_height_by_country
“denial among White people”: Ben McGrath, “Did Spacemen,´-or-People with Ramps, Build the
Pyramids?,” New Yorker, August 23, 2021, accessed February 26, 2022,
https://www.newyorker.com/magazine/2021/08/30/did-spacemen-or-people-with-ramps-buildthe-
pyramids.
“an African himself”: Elon Musk is from South Africa, a place where native-born White people
hardly ever refer to themselves as Africans, but of course they all are. Elon Musk
(@elonmusk), Twitter, June 31, 2021, 12:14 a.m., accessed April 11, 2022,
https://twitter.com/elonmusk/status/1289051795763769345?lang=en.
“African Institute for Mathematical Sciences”: https://nexteinstein.org see also “Neil Turok
Bets the Next Einstein Will Be from Africa,” TED Prize-Winning Wishes, 2008, accessed
September 12, 2021, https://www.ted.com/participate/ted-prize/prize-winning-wishes/aimsnext-
einstein-initiative.
“African Einstein”: Neil Turok, “Africa AIMS High,” Nature 474 (2011): 567, accessed
September 12, 2021, https://www.nature.com/articles/474567a.
“United Arab Emirates”: International Chess Federation, “Top Chess Federations,” accessed
December 28, 2021, https://ratings.fide.com/top_federations.phtml.
“Zambia ---$---1,000”: World Bank, “GDP per Capita,” accessed December 28, 2021,
https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD.
“among the top 4 percent”: International Chess Federation, “Rating Analytics: The Number of
Rated Chess Players Goes Up,” accessed December 28, 2021, https://www.fide.com/news/288
see also “FIDE Titles,” Wikipedia, accessed December 28, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/FIDE_titles.
“White UK counterparts”: Jill Rutter, “Back to Basics: Towards a Successful and Cost-
Effective Integration Policy,” Report: Institute for Public Policy Research, UK, March 2013
see also “GCSE English and Math’s Results March 2022,” Department of Education, UK,
accessed April 7, 2022, https://www.ethnicity-facts-figures.service.gov.uk/education-skills-andtraining/
11-to-16-years-old/a-to-c-in-english-and-maths-gcse-attainment-for-children-aged-14-
to-16-key-stage-4/latest.
“people existed in the world”: Statista, “Estimated Global Population from 10,000 BCE to
2100,” accessed September 12, 2021, https://www.statista.com/statistics/1006502/globalpopulation-
ten-thousand-bc-to-2050/.
“New York metropolitan area”: Statista, “Population of the New York-Newark-Jersey City
Metro Area in the United States from 2010 to 2020,” accessed January 4, 2022,
https://www.statista.com/statistics/815095/new-york-metro-area-population/.
“no descendants at all”: Dr. Yan Wong, “Family Trees: Tracing the World’s Ancestor,” BBC,
August 22, 2012, accessed September 12, 2021, https://www.bbc.com/news/magazine-
19331938.
“I Have a Dream”: “Read Martin Luther King Jr.’s ‘I Have a Dream’ Speech in Its Entirety,”
NPR, accessed January 4, 2022, https://www.npr.org/2010/01/18/122701268/i-have-a-dreamspeech-
in-its-entirety.
“I do not pretend”: Reverend Theodore Parker, “Of Justice and the Conscience,” in Ten
Sermons of Religion (Boston: Crosby, Nichols, 1853), 85, accessed July 6, 2022,
http://www.fusw.org/uploads/1/3/0/4/13041662/of-justice-and-the-conscience.pdf see also All
Things Considered, “Theodore Parker and the Moral Universe,” NPR, September 2, 2010,
accessed September 8, 2021, https://www.npr.org/templates/story/story.php?
storyId=129609461.
“trial by water”: “The Code of Hammurabi,” translated by L. W. King, Avalon Project, Yale
Law School, accessed December 20, 2021, https://avalon.law.yale.edu/ancient/hamframe.asp.
“Antonio Pigafetta’s eyewitness account”: Antonio Pigafetta, “Navigation,” in Magellan’s
Voyage: A Narrative Account of the First Circumnavigation, translated and edited by R. A.
Skelton (1519 New York: Dover, 1969), 147.
“The great tragedy”: “Address to the British Association for the Advancement of Science,”
delivered by the president, Thomas H. Huxley (Liverpool, September 15, 1870), accessed
December 21, 2021, http://aleph0.clarku.edu/huxley/CE8/B-Ab.html.
“Blackstone ratio declares”: William Blackstone, Commentaries on the Laws of England
(Oxford: Clarendon Press, 1765).
“lawful judgment of his peers”: “Magna Carta: Muse and Mentor (Trial by Jury),” Library of
Congress exhibition, 2014–15, accessed December 20, 2021,
https://www.loc.gov/exhibits/magna-carta-muse-and-mentor/trial-by-jury.html see also, The
Online Library of Liberty, accessed July 6, 2022, https://oll-resources.s3.us-east-
2.amazonaws.com/oll3/store/titles/2142/Blackstone_1387-02_EBk_v6.0.pdf.
“eyewitness testimony”: For example: Matthew J. Sharps, “Eyewitness Testimony, Eyewitness
Mistakes: What We Get Wrong,” Psychology Today, August 21, 2020, accessed December 14,
2021, https://www.psychologytoday.com/us/blog/the-forensic-view/202008/eyewitnesstestimony-
eyewitness-mistakes-what-we-get-wrong.
“The Innocence Project’s mission”: Innocence Project (website), accessed July 6, 2022,
https://innocenceproject.org/exonerate/.
“executed over that time”: Equal Justice Initiative, “Death Penalty,” accessed January 2, 2022,
https://eji.org/issues/death-penalty/.
“behind bars”: Innocence Project, “DNA Exonerations in the United States,” accessed
December 20, 2021, https://innocenceproject.org/dna-exonerations-in-the-united-states/.
“faulty forensic science”: National Research Council, Strengthening Forensic Science in the
United States: A Path Forward (Washington, DC: National Academies Press, 2009), accessed
December 20, 2021, https://doi.org/10.17226/12589.
“misidentifying him”: Alison Flood, “Alice Sebold Publisher Pulls Memoir After Overturned
Rape Conviction,” Guardian, December 1, 2021, accessed December 20, 2021,
https://www.theguardian.com/books/2021/dec/01/alice-sebold-publisher-pulls-memoiroverturned-
conviction-lucky-anthony-broadwater.
“prisoners in the US”: Ann E. Carson, “Prisoners in 2020,” US Department of Justice, Bureau
of Justice Statistics, December 2021, accessed March 6, 2022,
https://bjs.ojp.gov/content/pub/pdf/p20st.pdf.
“worldwide”: Roy Walmsley and Helen Fair, “World Prison Population List,” 13th Edition,
December 2021, accessed March 6, 2022,
https://www.prisonstudies.org/sites/default/files/resources/downloads/world_prison_population
_list_13th_edition.pdf Roy Walmsley, “World Female Imprisonment List,” 4th Edition,
November 2017, Institute for Criminal Policy Research, UK, accessed March 6, 2022,
https://www.prisonstudies.org/sites/default/files/resources/downloads/world_female_prison_4t
h_edn_v4_web.pdf.
“Y chromosome”: Medline Plus, “Y Chromosome,” accessed March 6, 2022,
https://medlineplus.gov/genetics/chromosome/y.
“Starmus science festival”: Starmus (website), accessed July 2, 2021,
https://www.starmus.com.
“headlines”: Robert F. Graboyes, “The Rationalia Fallacy,” U.S. News & World Report, July 18,
2016, accessed June 30, 2021, https://www.usnews.com/opinion/articles/2016–07–18/neildegrasse-
tyson-may-dream-of-a-rationalia-society-but-its-a-fallacy Jeffrey Guhin, “A Nation
Ruled by Science Is a Terrible Idea,” Slate, July 5, 2016, accessed June 30, 2021,
https://slate.com/technology/2016/07/neil-degrasse-tyson-wants-a-nation-ruled-by-evidencebut-
evidence-explains-why-thats-a-terrible-idea.html G. Shane Morris, “Neil DeGrasse
Tyson’s ‘Rationalia’ Would Be a Terrible Country,” Federalist, July 1, 2016, accessed June 30,
2021, https://thefederalist.com/2016/07/01/neil-degrasse-tysons-rationalia-would-be-a-terriblecountry/
“Sorry, Neil deGrasse Tyson, Basing a Country’s Governance Solely on ‘The Weight
of Evidence’ Could Not Work,” ArtsJournal, June 30, 2016, accessed June 30, 2021,
https://www.artsjournal.com/2016/07/sorry-neil-degrasse-tyson-basing-a-countrys-governancesolely-
on-the-weight-of-evidence-could-not-work.html.
“Physician’s Desk Reference”: Now available digitally, https://www.pdr.net.
“your beating heart”: Medical News Today, “How Long You Can Live Without Water,”
accessed November 29, 2021, https://www.medicalnewstoday.com/articles/325174.
“ligaments and tendons”: UpToDate, “Bones of the Foot,” accessed December 12, 2021,
https://www.uptodate.com/contents/image?
imageKey=SM%2F52540&topicKey=SM%2F17003.
“cells of our own bodies”: Zhi Y. Kho and Sunil K. Lal, “The Human Gut Microbiome—A
Potential Controller of Wellness and Disease,” Frontiers of Microbiology 9 (2018), accessed
November 28, 2021, https://doi.org/10.3389/fmicb.2018.01835.
“pass into your bloodstream”: Associated Press, “Chocolate Cravings May Be a Real Gut
Feeling,” NBC News, October 12, 2007, accessed November 28, 2021,
https://www.nbcnews.com/health/health-news/chocolate-cravings-may-be-real-gut-feelingflna1c9456552.
“behavior of hydrogen atoms”: K. D. Stephan, “How Ewen and Purcell Discovered the 21-cm
Interstellar Hydrogen Line,” IEEE Antennas and Propagation Magazine 41, no. 1 (February
1999), accessed November 29, 2021, https://ieeexplore.ieee.org/document/755020.
“professions not your own”: Martin Harwit, Cosmic Discovery: The Search, Scope, and
Heritage of Astronomy (New York: Cambridge University Press, 2019).
“heartbeat via ultrasound”: Healthline, “How Early Can You Hear Baby’s Heartbeat on
Ultrasound and by Ear?,” accessed April 5, 2022,
https://www.healthline.com/health/pregnancy/when-can-you-hear-babys-heartbeat.
“fifteen most religious states”: Michael Lipka and Benjamin Wormald, “How Religious Is Your
State?,” Pew Research Center, February 29, 2016, accessed December 12, 2021,
https://www.pewresearch.org/fact-tank/2016/02/29/how-religious-is-your-state/?state=alabama.
“greatly restrict abortion”: Guttmacher Institute, “Abortion Policy in the Absence of Roe,”
accessed December 12, 2021, https://www.guttmacher.org/state-policy/explore/abortion-policyabsence-
roe.
“the death penalty”: Death Penalty Information Center, “State by State,” accessed December
12, 2021, https://deathpenaltyinfo.org/state-and-federal-info/state-by-state.
“three out of four Republican voters”: Gallup, “Abortion Trends by Party Identification 1995-
2001,” accessed April 8, 2022, https://news.gallup.com/poll/246278/abortion-trends-party.aspx.
“a fetus thereafter until birth”: Healthline, “Embryo vs Fetus: Fetal Development Week by
Week,” Healthline, accessed April 8, 2022,
https://www.healthline.com/health/pregnancy/embryo-fetus-development.
“abort the babies”: See, e.g., Laura Ingraham (@IngrahamAngle), Twitter, December 27, 2012,
9:47 a.m., accessed April 9, 2022,
https://twitter.com/ingrahamangle/status/284309497294512128.
“5 million pregnancies”: Statista, “Number of Births in the United States from 1990 to 2019,”
accessed December 12, 2021, https://www.statista.com/statistics/195908/number-of-births-inthe-
united-states-since-1990/. Note further: Reported births in the US for 2019 = 3.75 million.
Add 630,000 medical abortions and at least 750,000 known spontaneous abortions, and you get
5.1 million pregnancies that year.
“medically aborted”: Katherine Kortsmit et al., “Abortion Surveillance—United States, 2019,”
Morbidity and Mortality Weekly Report (MMWR) 70, no. 9 (November 26, 2021): 1–29,
accessed December 12, 2021, https://www.cdc.gov/mmwr/volumes/70/ss/ss7009a1.htm.
“30 percent of all pregnancies”: John P. Curtis, “What Are Abortion and Miscarriage?,”
eMedicine Health, accessed April 11, 2022,
https://www.emedicinehealth.com/what_are_abortion_and_miscarriage/article_em.htm.
“physiological chauvinism”: Rosemarie Garland Thomson, Extraordinary Bodies: Figuring
Physical Disability in American Culture and Literature (New York: Columbia University
Press, 1997).
“Captain on the bridge”: Unpublished letter from Helen Keller to Captain von Beck, in the
private collection of the author.
"القبطان على الجسر": رسالة غير منشورة من هيلين كيلر إلى الكابتن فون بيك ، في المجموعة الخاصة للمؤلفة.
“legs, feet, and toes”: Matt Stutzman, interviewed for StarTalk Sports Edition, August 2021,
accessed November 24, 2021, https://www.youtube.com/watch?v=7NipfdwGTUs.
“Jahmani Swanson”: Jahmani Swanson, interviewed for StarTalk Sports Edition, December
2021, accessed January 5, 2022, https://www.startalkradio.net/show/globetrotters-guide-to-thegalaxy/.
“influential people in the world”: “The 2010 Time 100,” Time, 2010,
http://content.time.com/time/specials/packages/completelist/0,29569,1984685,00.
“until his death in 2018”: Stephen Hawking, interviewed for StarTalk, March 14, 2018,
accessed November 24, 2021, https://www.youtube.com/watch?v=TwaIQy0VQso.
“his own face in the mirror”: Oliver Sacks, interviewed for StarTalk, “Are You Out of Your
Mind?,” accessed November 24, 2021, https://www.startalkradio.net/show/extended-classicare-
you-out-of-your-mind-with-oliver-sacks/.
“but was never true”: Christian Jarrett, Great Myths of the Brain (Hoboken, NJ: Wiley-
Blackwell, 2014).
“no matter the stimulus”: Daniel Graham, “You Can’t Use 100% of Your Brain—and That’s a
Good Thing,” Psychology Today, February 19, 2021, accessed November 21, 2021,
https://www.psychologytoday.com/us/blog/your-internet-brain/202102/you-cant-use-100-yourbrain-
and-s-good-thing.
“20 percent of our body’s energy”: Nikhil Swaminathan, “Why Does the Brain Need So Much
Power?,” Scientific American, April 29, 2008, accessed November 29, 2021,
https://www.scientificamerican.com/article/why-does-the-brain-need-s/.
“unwelcome anomalies arise”: American Museum of Natural History, “Brains,” accessed
November 27, 2021, https://www.amnh.org/exhibitions/extreme-mammals/extremebodies/
brains see also “Brain-to-Body Mass Ratio,” Wikipedia, accessed November 27, 2021,
https://en.wikipedia.org/wiki/Brain-to-body_mass_ratio.
“bottle in the street”: “Genius Magpie,” YouTube, accessed November 27, 2021,
https://www.youtube.com/watch?v=xVSr22kqSOs.
“stars in the Milky Way Galaxy”: Bradley Voytek, “Are There Really as Many Neurons in the
Human Brain as Stars in the Milky Way?,” Brain Metrics (blog), May 20, 2013, accessed
November 29, 2021, https://www.nature.com/scitable/blog/brainmetrics/
are_there_really_as_many/.
“Rubik’s Cube in 0.25 seconds”: “Why It’s Almost Impossible to Solve a Rubik’s Cube in
Under 3 Seconds,” Wired, accessed November 28, 2021, https://www.youtube.com/watch?
v=SUopbexPk3A.
“traffic fatalities”: Centers for Disease Control and Prevention, “Road Traffic Injuries and
Deaths—a Global Problem,” accessed March 3, 2022,
https://www.cdc.gov/injury/features/global-road-safety/index.html.
“born every second”: “Number of Births,” The World Counts, accessed December 19, 2021,
https://www.theworldcounts.com/populations/world/births.
“two per second, on average”: Worldometer, “World Population,” accessed December 19, 2021,
https://www.worldometers.info.
“people in the year 1900”: Max Roser, Esteban Ortiz-Ospina, and Hannah Ritchie, “Life
Expectancy,” Our World in Data, 2013, last revised October 2019, accessed December 19,
2021, https://ourworldindata.org/life-expectancy.
“size of Mount Everest”: “Why Did the Dinosaurs Die Out?,” History, March 24, 2010,
updated June 7, 2019, accessed December 21, 2021, https://www.history.com/topics/prehistory/
why-did-the-dinosaurs-die-out-1.
“life on Earth almost ended entirely”: Hannah Hickey, “What Caused Earth’s Biggest Mass
Extinction?,” Stanford Earth Matters, December 6, 2018, accessed December 19, 2021,
https://earth.stanford.edu/news/what-caused-earths-biggest-mass-extinction#gs.ju3zsy.
“naturally occurs”: “The Holocene Epoch,” UC Museum of Paleontology, Berkeley, accessed
December 17, 2021, https://ucmp.berkeley.edu/quaternary/holocene.php see also Gerardo
Ceballos, Paul R. Ehrlich, and Peter H. Raven, “Vertebrates on the Brink as Indicators of
Biological Annihilation and the Sixth Mass Extinction,” Proceedings of the National Academy
of Sciences 117, no. 24 (June 1, 2020): 13596, https://www.pnas.org/content/117/24/13596
Daisy Hernandez, “The Earth’s Sixth Mass Extinction Is Accelerating,” Popular Mechanics,
June 3, 2020, accessed December 19, 2021,
https://www.popularmechanics.com/science/animals/a32743456/rapid-mass-extinction/.
“99.9 percent of them have gone extinct”: “Roundtable: A Modern Mass Extinction?,”
Evolution, accessed December 17, 2021,
https://www.pbs.org/wgbh/evolution/extinction/massext/statement_03.html.
“using many approaches”: W. Kip Viscusi, “The Value of Life in Legal Contexts: Survey and
Critique” (originally published in American Law and Economics Review 2, no. 1 [Spring
2000]: 195–222), accessed December 18, 2021,
https://law.vanderbilt.edu/files/archive/215_Value_of_Life_Legal_Contexts.pdf.
“Another sample calculation”: Sarah Gonzalez, “How Government Agencies Determine the
Dollar Value of Human Life,” NPR, April 23, 2020, accessed December 18, 2021,
https://www.npr.org/2020/04/23/843310123/how-government-agencies-determine-the-dollarvalue-
of-human-life.
“---$---233,000”: Elyssa Kirkham, “A Breakdown of the Cost of Raising a Child,” Plutus
Foundation, February 2, 2021, accessed December 18, 2021,
https://plutusfoundation.org/2021/a-breakdown-of-the-cost-of-raising-a-child/.
“twenty-one´-or-younger”: US Wings, “Vietnam War Facts, Stats and Myths,” accessed June 2,
2022, https://www.uswings.com/about-us-wings/vietnam-war-facts/ see also National
Archives, “Vietnam War U.S. Military Fatal Casualty Statistics,” accessed June 2, 2022,
https://www.archives.gov/research/military/vietnam-war/casualty-statistics.
“half million people per year”: World Health Organization, “Malaria,” December 6, 2021,
accessed January 2, 2022, https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/malaria.
“at least 1030 variations”: Likely a gross underestimate. See Quora discussion, accessed July 6,
2022, https://www.quora.com/What-is-the-maximum-number-of-genetically-uniqueindividuals-
that-human-genome-allows.
“never even be conceived”: A concept articulately conveyed in Richard Dawkins, Unweaving
the Rainbow: Science, Delusion, and the Appetite for Wonder (New York: Houghton Mifflin,
1998).
“I beseech you”: Horace Mann, commencement address at Antioch College, Yellow Springs,
Ohio, 1859.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد تأكيد مقتل هاشم صفي الدين.. ما تأثير ذلك على حزب الله؟
.. الجيش الإسرائيلي يرصد صاروخين في منطقة حيفا
.. سقوط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوب لبنان على منطقة روش بينا
.. استشهاد طفل إثر إطلاق الاحتلال صاروخا على مدرسة لنازحين بدير
.. كولومبيا وإسبانيا تجليان رعاياهما من لبنان