الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/ حرب بالوكالة؛ و أخرى على الدولار بالأصالة. 4/1

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حديث البيدق/ حرب بالوكالة؛ و أخرى على الدولار بالأصالة. 1/4
نورالدين علاك الأسفي

هل حظوة الدولار ولت من غير رجعة؟ و شان حاله؛ و غدا ورقة غير مدعمة إلا ما يؤثثها من أيقونات زعماء أمريكا المؤسسين ؟هل ترك الدولار ليواجه مصيره بعد ذكر جاب المعمور؟ كان فيه للورقة الخضراء سطوة على أمم؛ إذا أرادت بها سوءا لا يرده ظهير. و هي منه في صغار بلا نصير. أم أن الخيبات المتتالية ذهبت بصدقية الدولار و جعلته عملة مضروبة على غش يجري الجميع جهده للخلاص منها؛ و فشكلها بات موحشا لا يسر من كان لهم منقذا و لآمالهم راعيا؟ فالجميع شرع يجتهد في الفكاك من أسره الخانق؛ والتخلص منه خير حافل بأمجاده التي ولت. فقد ترك لعاديات الزمن تفعل فيه عملتها؛ كما هو الأمر مع عملات إمبراطوريات سبقته سادت ثم بادت.
تلكم أسئلة سهلة على امتناع؛ مرهونة بأحوال أيام تكر؛ و تبعات ما يجري في حرب الوكالة بأوكرانيا؛ بين الغرب مجتمعا و روسيا. سرعت النقلات على رقعة الشطرنج؛ و بات حديث البيدق يجوب أركان المعمور. و هذه المرة أكثر حدة؛ ترعاه تكتلات اقتصادية مستقطبة؛ تجري لنفض اليد منه؛ و الانتصار للعملات الوطنية.و عينها على الدولار بالأصالة لا تخفي السخط للإجهاز عليه.
و من التاريخ عبرة؛ فالدولار الأمريكي هو العملة الرسمية في الولايات المتحدة و من يدور في رحاها. صدر الدولار الأمريكي بموجب قانون الصك لعام 1792، وكان مساويًا للدولار الإسباني الفضي، ومنقسمًا إلى 100 سنت، ورخّص القانون صك عملات مقوّمة بالدولارات والسنتات.
كان الدولار أول الأمر معرّفًا بمقياس ثنائي المعدن، إذ كان يساوي 371.25 حبّة (أي 24.057 غرامًا) من الفضة الممتازة، أو، بعد عام 1837، 23.22 حبة (أي 1.505) من الذهب الممتاز، أو 20.67 دولارًا لكل أونصة. ربط أول قانون لمقياس الذهب الدولار بالذهب وحده عام 1900. في عام 1934 رُفع مقدار الدولارات أمام الأونصة إلى ---$---35. في عام 1971 أُلغيت كل روابط الدولار بالذهب.
أصبح الدولار الأمريكي عملة احتياطي عالمي مهمة بعد الحرب العالمية الأولى، وحل محل الجنيه الإسترليني في صدارة العملات الاحتياطي العالمية من نهاية الحرب العالمية الثانية. و غدا الدولار هو أوسع العملات استعمالًا في المعاملات العالمية. وهو كذلك العملة الرسمية لبلدان كثيرة والعملة المستعملة بحكم الواقع في بلدان أخرى.(1)
فالدولار هو القوة العظمى لأمريكا. إنه يمنح واشنطن قوة اقتصادية وسياسية لا مثيل لها. يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات على الدول من جانب واحد، وتجميدها من أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي. وعندما تنفق واشنطن بحرية، يمكن أن يكون من المؤكد أن ديونها، عادة في شكل أذون الخزانة، سيتم شراؤها من قبل بقية العالم.و لكن. و عند الاستدراك نذكر ما فاتنا.
فلولايات المتحدة و بطريقة أثيرة لديها تستغل العالم وتنهب ثرواته مقابل ورقة الدولار غير المدعومة بأي شيء. فقد زادت من طباعة أوراق الدولار النقدية في السنوات الماضية، وبهذه الأموال الجديدة اشترت خيرات وسلع الدول الأخرى. فقد كان لدى الولايات المتحدة، قبل أزمة العام 2008، حوالي 0.3 تريليون دولار في التداول، والآن أصبح لديها 8.7 تريليون دولار. بمعنى أن الولايات المتحدة طبعت خلال هذه الفترة 8.4 تريليون دولار من الفراغ، واشترت بها سلعا حقيقية من بلدان أخر.
ولاستيعاب حجم الأموال المطبوعة؛ يطرح الخبراء كمثال أن الولايات المتحدة، في 15 عاما، منذ العام 2008 وحتى اليوم، طبعت المبلغ الذي يمكنها من شراء كل ما سينتجه الاقتصاد المصري بالكامل، على سبيل المثال، في غضون 20 عاما. ليتأكد بحجة الواقع أن النظام الأمريكي نظام استعماري حديث، قائم على سرقة دول أخرى، و يتعيش على حسابها. و من أجله يقاتل روسيا في أوكرانيا، و من سعاره يحاول بغير هوادة يتهيأ اإثارة حرب مع الصين.إن الولايات المتحدة تمر بمرحلة وجودية، و كل جولة من جولات أزمة تدبيرها لهيمنتها تغدو أكثر تدميرا بعدة أضعاف من سابقتها. و الولايات المتحدة أمام خيار بسيط: إما أن تنهار في السنوات القليلة المقبلة وتنسحب من المشهد التاريخي كقوة عظمى، أو أن تحاول القضاء على الأعداء بقهر الحديد و النار.
فالعقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا إلى جانب نهج واشنطن التصادمي المتزايد تجاه الصين خلقت عاصفة مثالية؛ سرعت فيها كل من روسيا والصين الجهود للتنويع بعيدا عن الدولار. و بنكيهما المركزيين باتا يحتفظان باحتياطيات أقل من الدولار، ويتم تسوية معظم التجارة بينهما باليوان. كما أنهما يبذلان جهودا لجعل الدول الأخرى تحذو حذوهما.
فعقب قمة ثلاثة أيام مع شي جين بينغ؛ أقر بوتين في وصفه لمحادثاتهما :" نحن نؤيد استخدام اليوان الصيني للتسويات بين روسيا ودول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية." إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصدر للطاقة يحاولان بنشاط تقويض هيمنة الدولار كمرساة للنظام المالي الدولي. فهل تهيأت الظروف لما هو مأمول؟
و الحال أن إدارة بايدن رأت انها تعاملت مع الحرب الاقتصادية ضد روسيا بشكل فعال للغاية من خلال بناء تحالف لدعم أوكرانيا يضم جميع الاقتصادات المتقدمة في العالم تقريبا. وهذا يجعل من الصعب الهروب من الدولار إلى عملات مستقرة أخرى، لأن تلك الدول تواجه روسيا أيضا.
و اللافت أن ما كان حقيقا بأن يكون نقطة تحول أكثر حدة لدور الدولار هو قرار الرئيس دونالد ترامب في مايو 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وفرض العقوبات. كان الاتحاد الأوروبي يراقب هيمنة الدولار، الذي عارض بشدة هذه الخطوة، التي تعني استبعاد إيران على الفور من جزء كبير من الاقتصاد العالمي، بما في ذلك شركائها التجاريين في أوروبا. اقترح جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية حينها، تعزيز دور اليورو دوليا لحماية القارة من " الأحادية الأنانية.".
لم يحدث شيء من هذا؛ لا يزال و هناك شكوك كثيرة أساسية تحوم حول مستقبل اليورو نفسه. و هيمنة الدولار راسخة بقوة التاريخ. و الاقتصاد المعولم يحتاج ظرفا إلى عملة واحدة بسهولة وكفاءة. لذا الصين تجتهد لتوسيع دور اليوان دوليا. و إذا أرادت أن تسبب أكبر قدر من الألم للولايات المتحدة، فإنها ستحرر قطاعها المالي لتجعل اليوان منافسا حقيقيا للدولار، لكن ذلك سيأخذها في اتجاه الأسواق والانفتاح؛ و هو ما تعمل عليه الصين بحذر؛ و عينها حريصة على ما يجري.
ومع ذلك، فإن تسليح واشنطن للدولار على مدى العقد الماضي دفع العديد من الدول المهمة إلى البحث عن طرق للتأكد من أنها لن تصبح روسيا التالية.فيجري بناء أنظمة دفع دولية خارج نظام سويفت الذي يهيمن عليه الدولار. فالمملكة العربية السعودية تعاملت مع فكرة تسعير نفطها باليوان. و الهند تقوم بتسوية معظم مشترياتها النفطية من روسيا بعملات غير دولار. و العملات الرقمية، التي تستكشفها معظم الدول، قد تمسي بديلا آخر؛ في الواقع، أنشأ البنك المركزي الصيني واحدا. كل هذه البدائل تضيف تكاليف، لكن السنوات القليلة الماضية علمتنا أن الدول مستعدة بشكل متزايد لدفع ثمن لتحقيق الأهداف السياسية .(2). فقد بدأت أزمة مالية دولية تتدحرج كرة ثبجها؛ معها الدولار شرع يضعف بدل أن يعزز. و هذا علامة على أشياء حدثت و أخرى على الطريق قادمة.إذا كان الأمر كذلك، فان يأتي كنتيجة للعادات الجيوسياسية المتعسفة التي طورتها واشنطن بسبب ارتهانها لأحادية القطب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح