الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/ حرب بالوكالة؛ و أخرى على الدولار بالأصالة. 4/3

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية




لطالما أهملت الولايات المتحدة وجود منظمة شنغهاي للتعاون وتوسعها. تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والعضوين المؤسسين البارزين لمنظمة شنغهاي للتعاون—روسيا والصين—. يخاطر نظام التحالف الأمريكي المتجدد بشكل متزايد بعزل الصين عن الغرب؛ ففي مواجهة مخاطر العزلة المتزايدة عن الغرب، فإن المعنى الحقيقي لمنظمة شنغهاي للتعاون بالنسبة للصين لا يتعلق بعلاقتها مع روسيا ولكن حول كيفية جعل التجمع وسادة للأمن الجغرافي الاقتصادي للصين في حالة العزلة الغربية الشديدة.
ينطبق هذا المنطق على الأعضاء الآخرين المعرضين للعقوبات الغربية أو الذين يسعون إلى تقليل الاعتماد على الدولار، مثل إيران والهند. لا تستطيع الحكومة الأمريكية منع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون من محاولة السعي الجماعي وراء عملات بديلة للتجارة والاستثمار داخل الكتلة. ومع ذلك، فإنه يمكن بالتأكيد تحسين جاذبية النظام القائم على الدولار من خلال مقاومة إغراء الاستخدام المفرط للعقوبات، وتعزيز روابط السوق المالية الأمريكية مع الأسواق الصينية بدلا من التهديد بفصل الارتباط بقوة .(3)
و هذا ما حذا بالصين وروسيا على التحرك لتعطيل هيمنة الدولار و لم السعي للإطاحة به في أسواق النفط العالمية؛ فقد اتفقت شركات الهيدروكربون الروسية والصينية العملاقة، غازبروم ومؤسسة البترول الوطنية الصينية، على تحويل مدفوعات إمدادات الغاز إلى روبل. و لطالما اعتبرت الصين موقع عملتها في جدول العملات العالمي انعكاسا لأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية على المسرح العالمي.
واتخذت التوقعات التي طال طرحها لإنهاء هيمنة الدولار الأمريكي على أسواق النفط والغاز العالمية خطوة أخرى نحو تحقيقها مع الإعلان عن أن عمالقة الهيدروكربونات الروسية والصينية وجازبروم ومؤسسة البترول الوطنية الصينية قد اتفقوا على تحويل مدفوعات إمدادات الغاز إلى الروبل بدلا من الدولار كمرحلة أولى من نظام المدفوعات الجديد.
و من المناسب أن نلاحظ في هذه المرحلة أنه على الرغم من أن العقوبات الدولية المستمرة ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا فقد وفرت الزخم النهائي لهذا التغيير الحاسم في منهجية الدفع، فقد كانت استراتيجية أساسية للصين منذ عام 2010 على الأقل لتحدي موقف الدولار الأمريكي كعملة احتياطية فعلية في العالم.
كما كانت الصين منذ فترة طويلة تدرك تماما حقيقة أنها، باعتبارها أكبر مستورد سنوي للنفط الخام في العالم منذ عام 2017 (وأكبر مستورد صاف في العالم لإجمالي البترول وأنواع الوقود السائل الأخرى في عام 2013)، تخضع لتقلبات السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل عرضي من خلال آلية تسعير النفط للدولار الأمريكي. و هذا رأي الولايات المتحدة. فقد تم تعزيز الدولار كسلاح بقوة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المصاحبة التي قادتها الولايات المتحدة والتي أعقبت ذلك، والتي تتعلق أشدها-كما هو الحال مع العقوبات المفروضة على إيران من عام 2018 – بالاستبعاد من استخدام الدولار الأمريكي. و هذا ما دفع نائب الرئيس التنفيذي السابق لبنك الصين تشانغ يان لينغ إلى القول أن العقوبات الأخيرة ضد روسيا " ستسبب الولايات المتحدة فقدان الدولار لمصداقيته وتقويض هيمنته على المدى الطويل."واقترح كذلك أن على الصين أن تساعد العالم في التخلص من هيمنة الدولار عاجلا وليس آجلا.
لطالما تبنت روسيا ذاتها نفس الرأي حول مزايا إزالة هيمنة الدولار الأمريكي عن أسعار الهيدروكربونات العالمية، لكن؛و في حين أن الصين كانت غير راغبة في تحدي الولايات المتحدة علانية خلال ذروة حربها التجارية في ظل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي لا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير، فإنها لا تستطيع فعل الكثير حيال ذلك بمفردها. ومع ذلك، فقد كانت اشارة على نية روسيا بعد الولايات المتحدة مباشرة. لما أعادت فرض عقوبات في عام 2018 على شريكها الرئيسي في الشرق الأوسط، إيران، عندها قال الرئيس التنفيذي لشركة نوفاتيك الروسية، ليونيد ميخيلسون، في سبتمبر من ذلك العام إن روسيا كانت تناقش التحول عن التجارة التي تركز على الدولار الأمريكي مع أكبر شركائها التجاريين مثل الهند والصين، وحتى الدول العربية كانت تفكر في ذلك. وأضاف:" إذا كانت (الولايات المتحدة) تخلق صعوبات لبنوكنا الروسية، فكل ما علينا فعله هو استبدال الدولارات". في نفس الوقت تقريبا، أطلقت الصين بورصة شنغهاي للعقود الآجلة الناجحة للغاية الآن بعقود نفطية مقومة باليوان كما تم اختبار هذه الاستراتيجية في البداية على نطاق واسع في عام 2014 عندما حاولت جازبرومنفت تداول شحنات النفط الخام باليوان الصيني والروبل مع الصين وأوروبا.
عادت هذه الفكرة إلى الظهور مرة أخرى في أعقاب العقوبات الدولية الأخيرة المفروضة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا. فقد وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يطلب من مشتري الغاز الروسي في الاتحاد الأوروبي الدفع بالروبل عبر آلية جديدة لتحويل العملات أو المخاطرة بتعليق الإمدادات. كاد هذا التهديد أن ينجح في استغلال خطوط الصدع الحالية التي تمر عبر حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، حيث سارع كبار مستهلكي الغاز الروسي في الاتحاد الأوروبي إلى العمل على كيفية إرضاء مطالب بوتين بدفع الروبل، دون كسر أي عقوبات علنية. و بذلك تم تخريب الهيمنة على تسعير النفط والهيدروكربونات الأخرى بالدولار الأمريكي. و لحسن حظ الصين، ظهرت المملكة العربية السعودية زعيم آخر في عالم الشرق الأوسط الى جنبها فضلا عن إيران.
وبالنظر إلى أن الغالبية العظمى من الاقتراض الحكومي السعودي (بما في ذلك السندات الكبيرة وتسهيلات القروض المشتركة) في السنوات القليلة الماضية كانت مقومة بالدولار الأمريكي، فإن التحول عن التمويل بالدولار الأمريكي من شأنه أن يسمح للسعودية بمزيد من المرونة في هيكلها التمويلي العام. و مع توالي الأيام بدا أن هناك بالتأكيد تحول إضافي ملحوظ من قبل المملكة العربية السعودية نحو الصين. وكان آخرها التوقيع في أغسطس على مذكرة تفاهم متعددة الجوانب بين شركة النفط العربية السعودية - شركة النفط العربية الأمريكية سابقا - (أرامكو) والمؤسسة الصينية للبترول والكيماويات (سينوبك). فقد أكد رئيس الاخيرة عينه: "إن توقيع مذكرة التفاهم يقدم فصلا جديدا من شراكتنا في المملكة. فالشركتان ستتعاونان في تجديد الحيوية وإحراز تقدم جديد لمبادرة الحزام والطريق ورؤية المملكة العربية السعودية 2030." (4)
و عليه أصبحت السعودية شريكة لمنظمة شنغهاي للتعاون. فما دافع الرياض إلى التقارب مع روسيا والصين، وما مصلحة روسيا في ذلك؟ هنأت بكين الرياض على انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون كشريك في الحوار. لان بكين تسعى لتشكيل قطب جديد للقوة من شأنه أن يصبح بديلا للولايات المتحدة. بهذا المعنى، و التقارب مع الدول المنتجة للنفط، ولا سيما مع المملكة العربية السعودية، يشكل ضمانا لإمدادات الهيدروكربونات إلى السوق الصينية. و بالنسبة للرياض، هذا مهم أيضًا. وفي هذه الحالة، لا يتعلق الأمر بتصدير النفط بقدر ما يتعلق بضمان الاستقرار الداخلي في المملكة. كما يمكن لبكين أن تعمل كضامن أكيد لاستقرار المملكة. ومن المفيد لروسيا تعزيز التنسيق داخل منظمة شنغهاي للتعاون، وقبول أعضاء مثل المملكة العربية السعودية في المنظمة. لأنه يجري تشكيل مركز قوة جديد تحت رعاية الصين- مركز يعارض، بالدرجة الأولى، الولايات المتحدة؛ وجذب لاعب مثل المملكة العربية السعودية مهم للغاية. على الرغم من أنه لا يعني على الإطلاق أن المملكة العربية السعودية ستدير ظهرها لأمريكا لمصلحة الصين. و ستحاول المملكة اللعب على التناقضات بين الأمريكيين والصينيين من أجل الحفاظ على استقرارها الداخلي من دون الاعتماد على لاعب أو آخر. في الوقت نفسه، لا تزال هناك بعض المخاطر بالنسبة لموسكو. تصدّر المملكة العربية السعودية النفط، وسيتيح تقارب البلاد مع الصين لبكين تنويع إمداداتها من الطاقة. ما مدى فائدة هذا بالنسبة لروسيا سؤال كبير. يبرز، في هذا المثلث بين بكين والرياض وموسكو، خطر أن يضع الصينيون روسيا أمام حقيقة أنهم قد يلجؤون إلى موردين آخرين إذا لم يحصلوا على حسومات كبيرة على النفط.
و من منطلق على تطوير نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى و في ظل التغيرات العميقة والمعقدة الحاصلة في العالم. تعملان روسيا والصين على تعزيز التعاون مع الهند والمجتمع الدولي بأسره، و تعملان على تطوير نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى. فروسيا والصين تعملان على تشكيل نظام عالمي جديد لا مكان فيه للولايات المتحدة.و تحضان على تطوير نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى، تتسم بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المتبادل ؛ و لا تكفان ن إرسال رسائل إيجابية حول ضرورة الحفاظ على التعددية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف