الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب شمس الرجاء (20) --- الفصل الثامن عشر --- القصة الثامنة عشر: رجاء الأبطال

توماس برنابا

2023 / 4 / 14
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


أمي العزيزة؛

أعرف مقدار التضحية التي تقدمينها فداءً للوطن.. فها أنت تُقدمين ابنك الوحيد، كل ما لديك في الدنيا بعد موت أبي، لفداء وطنك المُفدىّ ضد كل مُعتدي وكل غاصب وكل غاشم يطمع في ثروات ومُقدرات الوطن!

أعرف أنك رأيتي بعض صديقاتك، وأزواجهن، نجحن بطرق ملتوية غير مشروعة في إبعاد أبنائهن عن الجندية، أو على الأقل إبعادهم عن الخطر بقدر الإمكان، بالاستعانة بنفوذ بعض المسئولين.. ولكنك رفضتي أن تفعلي هذا، رغم أن هذا كان في وسعك، خاصة حينما رأيتي أنني أهوى تراب بلدي، بل أعشق كل شبر من أراضيها وأكره كل من يعاديها. لذلك سلمتينني عن طيب خاطر إلى شرف الجندية الذي أفخر به وسامًا على صدري.

شكرًا لك يا أمي لأنك دربتينني على الجَلَد، والاحتمال، والاستغناء، والصوم، والاستفضال، وعدم هدر الطعام أو الشراب منذ صغري. فها أنا الأن، ربما لا أتحصل حتى على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة مع ندرة الماء، وأنا أقف على الحدود للزود عن من أحب!

أني لا أندم على ذلك قط.. فجيشنا، زاد عدده أو قل، يحمي أرض الوطن ومواطنيه الذين يزيدون عن المائة مليون مواطن ومواطنة.. مستقبل وطني ماثل أمامي وهو خالي من تهديد الأعداء والأرهابيين!


زوجتي العزيزة؛

تزوجنا منذ عام، وهاأنت حامل في الشهر السادس بأبننا شريف.. أعلم أنك الآن تزرفين الدمع وأنت تقرأين هذا الخطاب الذي ربما يكون الأخير مني.. فوداعًا يا أحب من أحببت! وإن مت، فأنا أقدم نفسي طواعيةً حتى يكون لكِ ولابننا مستقبل كريم وشريف.. فلتُربي ابننا على الكرامة والشرف! ذَكْريه بمآثر الشهداء، علميه أن يفخر بأبيه، وليعش مرفوع الرأس كأبن لبطل من أبطال الوطن..

أستودعكما الله، وفي أمنه ورعايته أطمئن على نفسي وعليكما.. أما الآن فها أنا مُقدم على معركة ضد الأرهابيين قد اُستشهد خلالها!

فلتعش يا بلدي رغم كيد الأعادي.. وإن جارت الأعادي عليك بفيضان من التهديد والوعيد، سنكون نحن الجنود الرابضين على الحدود سدًا بل سدود، نَصد عنك كل أذىّ ونحن بذلك نفخر بكل مجد عتيد لوطننا الوطيد!

*****

قرأ مدحت هذه الرسالة وهو يشعر بالفخر لوجود مثل هؤلاء الأبطال يحرسون بلده من الأعداء على حدود البلاد.. وشعر بالأسف لأنه لم يحالفه الحظ للالتحاق بالعسكرية.. فربما كانت حياته غير ما هي عليه الآن تمامًا إذا ما أنضم للخدمة العسكرية بعد تخرجه.

ثم واصل مدحت، بعد ذلك، قراءته للكتاب الذي بدأ قراءته من الكتب التي أهداها إليه الأستاذ نشأت..

وفي تمام الساعة السابعة، كان اللقاء المرتقب بينه وبين الأستاذ نشأت:


حوار الليلة التاسعة عشر


- مساء الخير يا أستاذ نشأت


- فليسعد مساؤك يا صديقي العزيز دومًا!

- لقد انتهيت توي من إحدى الكتب التي أهديتها لي.. أخبرني يا نشأت يا صديقي؛ كيف تكتب؟ أعني من أين تأتيك هذه الأفكار؟!

- أني فقط أفكر يا صديقي.. ومن واقع خبراتي الشخصية وقراءاتي، أبدأ في الكتابة لتتوالى الأفكار على ذهني فأبدأ بكتابتها على هيئة كلمات وسطور..

- لا استطيع أبدًا أن أجاريك في هذا..

- يمكنك البدأ في كتابة ما يدور بخلدك من أمور أو ذكريات.. ولا داعي لنشرها أبدًا.. فقط احتفظ بها وربما فيما بعد تكتشف مقدرة أدبية لديك على الكتابة.. فلا شيء أبدًا يأتي فجأة دون مران وتدريب مع قدر من الموهبة..

- سأحاول يا صديقي.. وشكرًا على النصيحة!

- هل قرأت قصة اليوم يا مدحت؟

- بالطبع قرأتها يا صديقي.. نحن نعيش على حصاد ما قدمه هؤلاء الشرفاء من الشهداء الأبطال من تضحية..

- لا يُمكن أبدًا يا مدحت وضع ثمنًا لهذه التضحية! إنها أسمى وأثمن من أن يكون لها ثمن! وكل ما يُمكننا تقديمه لهؤلاء الشهداء الأبطال، وغيرهم ممن لا زالوا أحياء، هو إكرام الوطن الذي ضحوا بأنفسهم لفدائه وببذلنا كل ما هو نفيس وغالي من جهد ووقت ومال لنا من أجل رفعة شأنه وسمو مجده بين الأمم!

- ما أصعب الاستشهاد، يا نشأت، على قلب الأمهات والزوجات الذين يُقدمن فلذات قلوبهن فداءً للوطن حتى لا يُصبح مشاعًا رخيصًا تحت أقدام الأعداء بل شعاعًا للأمم يهتدوا به في أخلاقه وعلومه وأدابه!

- صدقت يا مدحت! فقد تُثبِط الأمهات والزوجات عزيمة الرجال في الزود عن الوطن.. لكن ما نراه هنا هو أنهم يشجعونهم على القتال والاقتتال حتى يرفعوا شأن وطنهم ليرفع أولادهم وأحفادهم رؤوسهم بين الأمم فخرًا وإعتزازًا بهذا المجد!

ولذا يجب أن يراعي المُجتمع أسر الشهداء من أُمهات وأباء وزوجات وأبناء. فلا يجب أن يشعر هؤلاء أبدًا بأنهم ثكالىّ أو أرامل أو أيتام بل كل رجل في المجتمع يجب أن يكون عونًا وسندًا وعضدًا وعصبًا لهم!

- لك كل الحق يا أستاذ نشأت.. بقي لي أن أسألك اللمحة المُرتقبة في كل ليلة عن قصة الغد..

- ستكون يا صديقي عن مُعلم ضاق به الحال ليعمل عملًا أخر.. فإلى اللقاء يا مدحت!

- إلى اللقاء يا أعز الأصدقاء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا