الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقلابات السودان الآن وثوراتنا السابقة

عماد عبد اللطيف سالم

2023 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يحدثُ في السودان الآن؟
ماهي المقدمات المنطقيّة لما يعانيه السودان الآن من ظروفٍ عصيبة؟
كانت السودانُ (في نيسان 2019) تستحِقُّ "زعيماً" جديداً أفضل من "المشير" عمر البشير، وليسَ جنرالاً أسمه أحمد عوض بن عوف، هو النائبُ الأوّلُ للبشير، ووزير دفاعه، ومطلوبُ مثلهُ للمحكمة الجنائية الدولية، واسمهُ مُدرَجٌ في "القائمة السوداء" للولايات المتحدة الأمريكية، لاتّهامهِ بارتكاب جرائم حربٍ، وجرائم ضد الانسانيّة، وانتهاكهِ لحقوقِ الانسانِ في بلده.
وتستحِقُّ السودان الآن "زعيماً" أفضل من الجنرال عبد الفتاح البرهان، ومن الجنرال محمد حمدان دقلو(الملقّب بـ "حميدتي")، وكلاهما كانا من أهم جنرالات "المشير" عمر البشير، وكلاهما أصبح "خلفاً" للجنرال أحمد عوض بن عوف.
البرهان، منذ أن أصبحَ رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، كان هو الرئيس الفعلي للسودان، بينما كان "حميدتي نائباً له، و" قائداً لقوات "التدخل السريع".. وهي مليشيات شبه عسكرية مكونة من قوى "الجنجويد"، كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية في عهد الرئيس الأسبق عمر البشير، خلال الحرب في دارفور، وتُتّهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في تلك الفترة، ناهيك عن استخدامها في قمع المعارضين واضطهادهم.
البرهان وحميدتي كلاهما شاركا في تنفيذ الانقلاب على حكومة السودان المدنية في أكتوبر 2021.
الآن .. "خليفتا" البشير، كلاهما، البرهان وحميدتي، يتصارعان على السلطة والثروة.
الآن كلاهما، البرهان وحميدتي، يُريدان أن يُمارسا ذات الدور، وذات الخراب، الذي مارسه عمر البشير في السودان طيلة ثلاثين عاماً من حكمه(1989- 2019).
كانَ عمر البشيرُ يشقُّ الجموع الغفيرة من مؤيدّيه، وهو يُهدّدُ و"يَزبِدُ"، ويتوَعّدُ، مُردّداً الكثير من الآيات القرآنيّة في خطاباتهِ المُرتَجَلة(حالهُ حالَ جميعِ الطغاةِ في العالَمين العربي والاسلامي)، وسط غُبارٍ كثيفٍ تثيرهُ سيّاراتُ موكبهِ وحماياته، وهرولةُ مئات الآلاف من الأقدامِ الحافيةِ من حوله.
كان يفعلُ ذلكَ كلّما ازداد ضغطَ المجتمع الدولي عليه لإجبارهِ على تسليم نفسه لمحكمة الجنايات الدولية.. وكان يفعلُ ذلك وبيدهِ "عصا" يلوّحُ بها في وجوه معارضيهِ، في الداخل والخارجِ على حدٍّ سواء .
كانَ البشيرُ يسرقُ كأيّ لُصٍّ عاديّ، ويقطعُ يدَ السُرّاقِ(وسطَ المجتمع الذي أفقرَهُ الى حدّ الجوع) بحدِّ السيف.. وكان"يزني" بالشعب كُلّه، ويَرجُمُ "الزناة" بأحجار "الشريعةِ" التي "كيّفَ" حزبهُ أحكامها كما يشاء، كما تفعلُ الأحزابُ الاسلاميّة "الحاكمة" في كُلّ مكانٍ وزمان.
ماذا سيفعلُ للسودانِ والسودانيّين، "خَلَفٌ" كهذا.. وهو كان نائباً أوّلَ للرئيس "السَلَف"، ووزير دفاعه، وشريكهُ في جميع "الأخطاء"، وجميع "الجرائم"؟
ماذا بوسعهِ أن يُقدّم للسودانيّين بعد ثلاثين عاماً من الاستبداد، و"حُكم الشريعة"؟
بماذا سيُقايِضُ المحكمة الجنائية الدولية التي تُطالِبُ برأسهِ، ورأسِ "سَلَفِه"؟
ها هو "الزعيم" الجديد، يُردّدُ في "بيانهِ الأوّل" الآياتَ القرآنية ذاتها التي كان سَلَفَهُ لا يمِلُّ من ترديدها في كلّ مناسبة، ليضحكَ بها على "الأتباع".. ويُشكّل "مجلساً للحُكم"، ويُنَصِّبُ نفسهُ "رئيساً" لمدةِ عامين، ويُعلِن حالة الطواريء، ومنع التجوال.. والأهمّ من هذا كُلّه هو اعلانهُ الاحتفاظ بـ "كنز" البشير، من خلال "اعتقالهِ في مكانٍ آمن" !!!!!.
لو لم "يسقط" البشير، لما فعَلَ شيئاً أفضل ممّا فعلهُ هذا "الجنرال"، في متاهة السودان الحاليّة.
لم يبقَ على "الزعيم" الجديد ، سوى أن يُعيدَ رفعَ العصا في الوجوه، ويرقصُ "العَرْضَةَ" من جديد، أسوةً بسلَفِه.
ما هو بالضبط هذا "النمط" الجديد من "الثورات"، الذي ينتهي بنا الى مصائر كهذه؟
لماذا لمْ تَعُدْ "المقدمات" المنطقيةِ لهذا النمط من الثورات، تؤدي الى "النتائج" المنطقية، التي تنتظرها الشعوبُ منها؟
هل يحدُثُ ذلكَ لأنَ "الثورة" لم تعُد ثورة، بل ديكوراً مُلحَقاً بالأنظمة الحاكمة، و "الشعوبُ" لم تَعُد شعوباً، بل قطيعاً من الاتباعِ الراكعينَ لسطوةِ السُلطة والثروة؟
هل يحدثُ ذلك لغياب "دالّةٍ" مُحدّدةٍ لأهداف "التشكيل الاقتصادي – الاجتماعي" القائم، ومعرفتهِ لما يُريدهُ من عملية التغيير، معرفةَ أكيدة؟؟
أمْ يحدثُ ذلكَ لغيابِ "الوعي" الجامعِ لـ "الطبقات" الثورية، ولتداخل "الخطابات" والوسائل اللازمة لتحقيق "الانتقالِ" لوضعٍ أفضل.. بحيث اختلَطَت "المادية الديالكتيكيّة"، و "تناقضات" انماط الانتاج وعلاقات الإنتاج، باستبداد "الزعماء" الثوريّين، وانتهازيّة "المُنَظّرين"، وطروحات "المُجاهدين"، و"السرديّات" المثيرةِ للأتباع "الموالين"، وبنادق الكلاشنكوف، وحدِّ السيف، وأحكام النَبْذِ للمارقينَ و"الخوارجَ"، وأحجارِ الرَجْمِ لـ "الزُناةِ" بالعقائد السائدة.. كلّها معاً؟
لستُ أدري، ولستُ مؤهَّلاً للإجابة عن أسئلةٍ كهذه.
وأتمنى أن يتصدى لذلك غيري.. لأعرفَ ما هذا الذي يحدثُ لنا، ولغيرنا، بالضبط .. والى أين سيقودنا ويقودُ غيرنا في نهاية المطاف، كلُّ هذا الفشل والخراب، وكُلُّ هذه الهزائمِ المُنكَرَة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح