الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماعة الإحتماعية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كلما أٍرتجعنا امام الذاكرة معالم مجتمع القرية قديما و حاولنا مقارنتها بما صارت عليه في هذا الزمن تبين لنا أن تحولات جذرية طرأت توازيا مع تبدل نمط الإنتاج من مجتمع فلاحي مكتف ذاتيا إلى مجتمع استهلاكي يستورد أغلب احتياجاته ، حيث لم يعد يشكل السكان كما في السابق ، كيانا إجتماعيا واضح المعالم من خلال علاقات أقتصادية تربط بين أفراده و ملكيات مشتركة و حقوق عامة وخدمات تعاونية و توظيفات مالية وأعراف و عادات .
فلو أردنا وصف مجتمع القرية في الراهن ،بشيء من التبسيط لقلنا انه يكاد أن يكون "غير إجتماعي " ، المقصود هنا هو غياب نظام يلتزم به السكان ، " باستثناء " الروابط العائلية " و الحزبية ، ولاءً للزعيم الطائفي الذي أستولى على بعض دوائر الدولة " البائدة " ، لكي يستخدمها دعامة على رأس عصبته .
مجمل القول أن سكان القرية لا يشكلون في الراهن مجتمعا فلاحيا ، كما كانوا في الماضي ، و لا شك في أنهم يحاكون في ذلك المتغيرات الإجتماعية التي طرأت في البلاد ، فتسببت في توقف سيرورة نشوء المجتمع الوطني .
نكتفي بهذه التوطئة ، فليس من حاجة لأدلة و براهين على التراجع الإجتماعي خاصة و الثقافي على وجه العموم، تزامنا مع حملات الولايات المتحدة الأميركية العسكرية الدموية و التدميرية ، في إطار فرض حوكمتها المعولمة على البلاد ، التي تتوجت بتنصيب غوغائيين على رأس السلطة ، مقابل اسداء ما يطلب منهم من خدمات على الصعيد المحلي و الإقليمي .فما نحن بصدده في الواقع هو التفكر في إشكالِِ ترتب عن الغاء الدولة أو شبه الدولة ، على يد سلطة الغوغائيين ، و بالتالي إلغاء دورها كعامل جامع بين مختلف الفئات السكانية .
فمن الطبيعي ألا نكون متفائلين بزوال الغمة التي نحن فيها ،حيث أستطاع الغوغائيون ليس فقط تفكيك مؤسسات الدولة وأنما زرعو أيضا الكراهية و اسباب التنابذ فيما بين الناس سواء كانوا من طوائف مختلفة أو انتموا إلى نفس الطائفة ،وصولا إلى حد إغلاق الأسواق الشعبية في العاصمة على سبيل المثال منعا للإختلاط ، أضف إلى ذلك كله ، لا بد من أن نأخذ بالحسبان الإستنزاف السكاني المستمر منذ عدة عقود نتيجة أحساس الأجيال الجديدة بأن آفاق المستقبل مقفلة أمامهم .
من البديهي استنادا إلى هذا كله أن يخلص المرء إلى استحالة إلتئام الجراح و قيام الدولة الوطنية القادرة على إعادة توحيد المجتمع الوطني و تنظيم العيش المشترك.لا سيما و أن غوغائيي السلطة أستطاعوا اخماد الأنشطة الوطنية و إفراغ النقابات المهنية من التطلعات الإجتماعية التقدمية . لذا ينهض السؤال ،على المستوى الشخصي ، عن حال الفرد بعد انهيار المجتمع الوطني أو تعثر نشأته .
فمن المعروف أن المهاجر ، لا يجد في أحيان كثيرة ، حاضنة إجتماعية وطنية تساوي بينه و بين المواطنين الأصليين في الحقوق و الواجبات هذا من ناحية ، أما من ثانية فمن المعروف أيضا ، أن الإنسان صار منبوذا في بلاده الأصلية ، عندما يرفص التعصب للطائفة المنسوب إليها أو يعترض لصالح المجتمع الوطني ، على سياسة الغوغائي الذي يتزعم هذه الطائفة ، لا سيما عندما تكون الأحزاب و الحركات الوطنية محظورة و التعبير عن الرأي " جريمة يطالها القانون " . بكلام آخر أن الجماعة تمنح أعضاءها هوية ، أي جزء من إنسانيتهم.
ينبني عليه أنه ليس مستغربا أن يبحث المرء المطرود من المجتمع الوطني ، أو المثكول به ، و المفجوع ببلاده الأصلية التي جعلها المعسكر الغربي خرابا و ركاما ، عن انسانيته في حضن جماعة مهنية ، أو ثقافية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و