الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وضوح الرؤية بعد وصول اليمين الوسط إلى الحكم في السويد

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


وصل التحالف اليميني الوسط إلى الحكم في السويد في الإنتخابات التي جرت في سبتمبر هذا العام، بعد حكم الحزب الإشتراكي الديمقراطي لمدة 12 عاما . وقد كان للحزب الإشتراكي الديمقراطي الإصلاحي حصة الأسد في حكم بلاد السويد بحيث طبع هذا المجتمع بتقاليده السياسية والإجتماعية. وقد كان اليأس من إمكانية اقدام هذا الحزب على خطوات اصلاحية أخرى لصالح العمال والشرائح الفقيرة سببا أساسيا للتحول إلى التصويت لصالح التحالف اليميني.
وقبل عدة أيام أعلنت الحكومة الجديدة برنامجها الإقتصادي في رائحة ميزانية إقتصادية ، تعتبر خطوات تراجعية كبيرة عن المكاسب التي حققتها الشرائح الفقيرة في المجتمع السويدي طوال العقود الأخيرة . ومشروع الحكومة اليمينية يتضمن قرارات بتخفيض تعويض الباطلين عن العمل من صندوق تعويض الباطلين عن العمل. ورفع الرسوم لعضوية صندوق البطالة ، وتعقيد الروتين للحصول على تعويض المرضية ، بمنح الحق لأصحاب العمل بطلب التقرير الطبي من العامل والموظف المريض منذ اليوم الأول لإعلان مرضه. وتقرر العاء استرجاع الفائض من الضرائب و رسوم العضوية لأعضاء النقابات . وإن القرار الأخير يأتي لمحاربة النقابات واضعاف دورها في المجتمع تبقليل عدد أعضائها الذين ستشكل رسوم العضوية المرتفعة ثقلا اقتصاديا عليهم ما يؤدي بهم إلى الغاء عضويتهم.
ولن يبدو أي فارق جوهري بين الحكومتين البرجوازيتين ، الإشتركية الديمقراطية واليمينية فيما يتعلق بمصالح الشرائح الفقيرة والمهاجرين، أو دعم الرأسماليين ، لكن هناك فروق في وسائل العمل وأشكاله.

و في الفترة الأخيرة برزت فوارق طبقية فاحشة في السويد و الدانمارك ، و لا تزال في حالة اتساع دائم . و الجدير بالاشارة أن الفترة التي تقع بين انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى 1970 كانت فترة اعادة بناء ما دمرته الحرب ، إذ أطلقت عليها الرأسمالية " فترة ازدهار" ، ولم تكن الفوارق الطبقية في هذه الفترة محسوسة و واضحة المعالم . وقد سنّت الأنظمة الاشتراكية الديمقراطية قوانين لصالح العمال والكادحين ورفاهيتهم ، و ضمنت تلك القوانين الحقوق المدنية و الحريات الديمقراطية في أطارها البرجوازي. وكما نعرف أن الرأسمالية لابد لها من استغلال الأيدي العاملة وإلا ستموت .
ونرى أنه منذ العقد السبعيني من القرن الماضي 1970 انحسرت مصالح العمال وقامت الحكومات الإشتراكية الديمقراطية بالتراجع عن الكثير مما تحقق في المجتمع من رفاه وضمانات اجتماعية. وقد كان عصر العولمة منذ 1980_1990 عصر الركود و الأزمات بشكل غير متوقع.
إن الرأسمالية تعتبر الحقوق التي يتمتع بها الشعب في ظل سيادتها هدية من النظم البرجوازية الحاكمة مقابل اثرائها بما يتراكم لها من رأس المال الناتج عن استغلال العمال والشغيلة.
فأحزاب اسكاندنافيا الاشتراكية الديمقراطية تقف اليوم ومنذ أزمة الرأسمالية مع اليمين الرأسمالي في صف واحد في مواجهة مطاليب العمال والشغيلة في إعادة حقوقهم المغتصبة لهم وتوفير فرص العمل للعاطلين . ومنذ اشتداد أزمة الرأسمالية و بعد انتهاء الحرب الباردة تتم تجاوزات كبيرة على حقوق المواطنين المقيمين الأجانب و تضييقات على حرياتهم المدنية والشخصية بذريعة محاربة الإرهاب.
فالتذمر من سياسة الحزب الإشتراكي الديمقراطي - كما أسلفت - كان السبب الرئيسي لوصول اليمين الوسط إلى الحكم. ربما الإختلاف يكمن في أن حكومة اليمين ستخطو خطوات أسرع في اقرار القوانين المعادية لمصالح العمال والشرائح الفقيرة في المجتمع ، بينما كان الإشتراكي الديمقراطي – كما معروف عنه- ينافق ويلف ويدور ،ويتغنى بأمجاده الماضية ، إذ كان يجرد بهدوء الشرائح الفقيرة من مكاسبها التي حصلوا عليها بفضل نضال الطبقة العاملة ، وكان يدعم ما بوسعه الطبقة الرأسماية ، وأية سياسة تؤدي إلى قطع الدرب على محاولات تغيير المجتمع لصالح العمال والشرائح الفقيرة. وكانت سياسة الإشتراكي الديمقراطي موضع رضا اليمين العنصري المتطرف الذي حصل أحد أجنحته ، ديمقراطيو السويد في الإنتخابات الأخيرة على مقاعد كثيرة في البلديات والمحافظات، وسيحصلون على دعم مالي من الدولة كاستحقاق انتخابي حسب القانون السويدي ، لحصولهم على نسبة أكثر من 2 % من الأصوات.

واليوم ينتقد الإشتراكي الديمقراطي هذه الحكومة اليمينية التي لما تشرع بأعمالها بعد بأنها أنهت مجتمع الرفاه والضمان الإجتماعي، لكن الذي يعيش في السويد يدرك أن مجتمع الرفاه والضمانات انتهى في ظل حكم الإشتراكيين الديمقراطيين الإصلاحي في الشكل والمحافظ في المضمون . لقد أمست قيادات الإشتراكية الديمقراطية نبلاء عصر الرأسمالية ، باستغلالهم سلطاتهم للاثراء الفاحش على حساب المجتمع. وإن الحكومة الجديدة ستسارع بملائمة النموذج الأمريكي اقتصاديا وثقافيا في المجتمع السويدي.
ومن المزايا الإيجابية لوصول اليمين الوسط إلى الحكم ، و الظهور القوي لليمين العنصري المتطرف ، تصاعد موجة الاحتجاجات عل سياسة الحكم الجديد . وتسمع أصوات المعارضة الواسعة في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والصحف. ومن المتوقع تبلور حركات عمالية اجتماعية اشتراكية تنبذ تقاليد الإشتراكية الديمقراطية وتتخلى عنها نهائيا وتمتلك رؤية طبقية واضحة ، ورؤيتها الإنتقادية للاستغلال . هذه الحركات الإشتراكية الراديكالية ستثبت وجودها وتفرض أرادتها بأنها لن تعول على النقابات الصفراء المتساومة مع رأس المال ضد العمال مساومة أمست جزء لا يتجزأ من تقاليدها السياسية . فلا رجاء في هذه النقابات ، مثلما لم يبق أي رجاء في البرجوازية الفاسدة. ولا يمكن للحركات العمالية الإشتراكية أن تعول على نقاشات البرلمان التي لا تخرج أبدا من دائرة الحرص على مصالح الرأسماليين الكبار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟