الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بالإبادة الأرمنية

علي ثابت صبري

2023 / 4 / 18
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


أخيرًا وبعد تمهيدات كثيرة وجهودٍ مضنية من اللوبي الأرمنى فى الولايات المتحدة الأمريكية ، اعترف الرئيس جون بايدن فى 24 أبريل 2021 ، بأن ما حدث للأرمن على يد الأتراك العثمانيين هي إبادة جماعية ، وترتكز قوة تأثير الاعتراف الأمريكي على أساس أنه شاهد الإثبات على هذه الجريمة الشنعاء .
تاريخيًا ، أسهمت الولايات المتحدة بامتياز فى توثيق مراحل الإبادة الأرمنية عبر صحفها ، وكذلك إرساليتها فى الدولة العثمانية ، أضف أيضًا دور القناصل والتقارير المرفوعة عن ما يحدث للأرمن لحكومة الولايات المتحدة ، لذا ، يُشَّكل الأرشيف الأمريكي أهمية كبيرة لتوثيق ما حدث للأرمن ، أما الجهود السياسية فقد أسهمت الولايات المتحدة بامتياز فى ترسيم حدود جمهورية أرمنية ذات حدود شبه عادلة ومقنعة للشعب الأرمني فى عام 1920 م ، وذلك بدعم من الرئيس الأمريكي ويلسون صاحب مبدأ " حق الشعوب فى تقرير مصيرها " ، وأعلن ويلسون تقريره فى 27 أبريل 1920 ، تزامنًا مع تأسيس الحكومة الوطنية (الكمالية) فى أنقرة – المُناهضة لحكومة الأستانة الشرعية آنذاك - ، دعا ذلك دول الوفاق المنتصرة فى الحرب العالمية الأولي إلى طلب الولايات المتحدة الأمريكية بقبول الانتداب على أرمينية . وعلى خط متوازٍ ، أعربت الحكومة الكمالية عن رفضها للترسيم الجديد للحدود الأرمنية ، ولإثبات جديتهم فى هذا الطرح صبوا جام غضبهم على قيليقية حيث عاد إليها وتجمع بها حوالى (150) ألف أرمني غداة توقيع معاهدة مودروس تحت الحمايتين البريطانية والفرنسية . وعند عرض مسألة الانتداب الأمريكى من قبل الرئيس ويلسون الذي وافق أن يسبح ضد التيار من أجل مساعدة أرمينية ، بيد أن الكونجرس رفض فى أول يونية 1920م فكرة الانتداب على أرمينية نهائيًا. ففى جميع الأحوال ، فإن انتدابًا أمريكيًا على أرمينية سيزج بالولايات المتحدة الأمريكية أتون الوضع المعقد فى الشرق الأوسط ، قد عارض شيوخ كثيرون مسألة الانتداب؛ لأنها انتهاك لمبدأ منرو .
لذا ، تُعد الوثائق و الصحافة الأمريكيتين نقطتي ارتكاز مهمة جدًا ، فى رسم صورة واقعية عما حدث للأرمن على يد الأتراك العثمانيين ، وتوصيلها للعقل الجمعي الأمريكي بل والعالمي أيضًا ، وترجع أهمية الوثائق والصحافة الأمريكية إلى أنها عاصرت وشاهدت ما حدث ، وتمثّل مصدرًا مهمًا لكتابة تاريخ القضية الأرمنية فى الدولة العثمانية .
وبعد مرور الزمن على القضية الأرمنية ، اعتقد الجاني التركي أن جريمته قد سقطت تاريخيًا ، وظن أن الذين أُبيدوا تحت ظروف قسرية فرضت عليه الموت قد ضاع حقهم ، إلا أن هذه الجرائم وفق القانون الدولي لا تسقط بالتقادم ، إلا بعد عودة الحقوق لأصحابها ودفع الجاني فاتورة ما اقترفه . وتزامنًا مع مئوية الإبادة الأرمنية بدأت الاعترافات تتوالي ، وذلك نتيجة جهود مضنية قام بها الأرمن ، تواصلوا فيها مع الرأي العام العالمي من خلال باحثين متميزين ، قدموا هذه القضية فى إطارها الإنساني والتاريخي ، مما ساهم فى توصيل ما حدث للشعوب ، كل هذا شكّل آليات ساعدت الدول التى عاصرت ما حدث للأرمن أن تعترف بالإبادة حتى يستعيد الشعب الأرمني حقوقه التاريخية .
أما سياسيًا، عند قراءة الأحداث والتمعن فيها ، نجد أن الحرب فى ناجورنو كاراباخ (آرتساخ) ، أوضحت بشكل كبير تقاربًا روسيًا تركيًا مصلحيًا فى آسيا الوسطي ، وتم توزيع الغنائم بين الجانبين ، دون الاكتراث بأن ما حدث على الأرض قد يتسبب فى إبادة أرمنية جديدة على أرض آرتساخ ، كذلك فإن هذا التقارب قد استغل انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية ، بل أكثر من هذا ، انشغال العالم بمواجهة جائحة كورونا ، وذلك لتخرج الولايات المتحدة الأمريكية أمام الأمر الواقع ، ألا وهو ضياع مصالحها فى هذه المنطقة الحيوية التى تُمثل مسرح الصراع العالمي الجديد .
وإذا عقدنا مقارنة بين الموقف الأمريكى تاريخيًا وحديثًا ، نجد أن الرئيس ويلسون قد عرض أمر الانتداب على أرمينية لمساعدة الأرمن على الكونجرس الأمريكي الذى رفض وقتها لاعتبارات سياسية ، أما حديثًا فقد اختلف الأمر وفقاً لاعتبارات يقتضيها الأمن القومي الأمريكي، فقد اعتراف الكونجرس بأغلبية للاعتراف بالإبادة ، وبعدها بعام اعتراف الرئيس جون بايدن. عند هذا الحد ، نستطيع القول أن الولايات المتحدة الأمريكية عادت إلى آسيا الوسطي والقوقاز عبر أرمينية ، بل إن هذه الخطوة قد أثبتت صحة وجهة نظر رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان فى عدم التعويل على روسيا التى أرادت عقابه وسقوطه شعبيًا فى الأزمة الأخيرة التى حدثت فى ناجورنو كاراباخ ، نظراً لعلاقاته الوثيقة مع الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية . وجاء تصريحات باشينيان لتؤكد هذه الرؤية حيث قال باشينيان في الرسالة التي نشرت على موقعه الرسمي اليوم السبت: " لقد رحب شعب أرمينية وأرمن العالم بحماس كبير بالاعتراف الرسمي الأمريكي بإبادة الإمبراطورية العثمانية للأرمن بين عامي 1915 و1923 وإدانتها". وأضاف باشينيان " أنه يقدِّر عاليا موقف بايدن المبدئي واصفًا هذا الموقف بأنه يمثل خطوة قوية على طريق الحق والعدل التاريخي ودعم أحفاد ضحايا الإبادة " .
وذكر رئيس الوزراء الأرمني أن الاعتراف بإبادة الأرمن مهم " ليس فقط من أجل إحياء ذكرى الـ1,5 مليون ضحية الأبرياء، بل ومنع تكرار مثل هذه الجرائم"، مضيفاً أن هذا الاعتراف يُعد بالنسبة لأرمينية " إقراراً للحقيقة والعدل التاريخي من جهة ، وقضية أمن من جهة أخرى، وخاصة في ضوء الأحداث التي شهدتها منطقتنا في العام الماضي". وهذا يُعطى رؤية إلى إمكانية نشوب الصراع مرة أخري في ناجورنو كاراباخ ، ولكن هذه المرة بدعم أمريكي وأوروبي ، ويؤكد صحة رؤية كاتب المقال في أن باشينيان لم يخُن ، بل حافظ على موطأ قدم للأرمن في ناجورنو كاراباخ لحين يتوافر الدعم في ظل تقارب روسي تركي .
وفي ختام رسالته وصف باشينيان اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة بأنه "رسالة مطلوبة إلى المجتمع الدولي تؤكد أولوية حقوق الإنسان والقيم في العلاقات الدولية. ومن هذه الناحية فإنه مثال مشجه وملهم للذين يريدون أن نبني معا مجتمعًاً دوليًاً عادلًا ومتسامحًاً ".
بيان نشره البيت الأبيض للرئيس الأمريكى جون بايدن في 24 أبريل 2021
"في كل عام في هذا اليوم، نتذكر حياة كل من ماتوا في الإبادة الجماعية للأرمن في العهد العثماني ونجدد التزامنا بمنع حدوث مثل هذه الفظائع مرة أخرى. اليوم، ونحن نحزن على ما فقد، دعونا نوجه أعيننا أيضًا إلى المستقبل - نحو العالم الذي نرغب في بنائه من أجل أطفالنا. عالم خالٍ من الشرور اليومية للتعصب والتعصب، حيث تُحترم حقوق الإنسان، وحيث يستطيع جميع الناس متابعة حياتهم بكرامة وأمان. دعونا نجدد عزمنا المشترك على منع وقوع الفظائع المستقبلية في أي مكان في العالم. ودعونا نسعى إلى الشفاء والمصالحة لجميع شعوب العالم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من