الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لَا خيارَ لَدَيْنَا

عبد الله خطوري

2023 / 4 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بالأمسِ آلقريب، كنا نَدْرُسُ المدعو ”تاريخا” عبر روايات قيلَ قالَ مدونة في الوثائق والكُتب والكُتّاب وردهات المكتبات وحكايات آلخيال؛ أما الآن، متحركا نعاينه يأكل آلطعام ويمشي في الأسواق زاحفا في خرافات آلمُحال بلا رِجليْن يسعى يلعب البهلوان ينهش ما ينهش بلا أنياب بلا أضراس يفتك علنا يهدر ساخرا في أسواق آخر صيحات عُروض الخَيَالة غير مبال .. مَسخرة من دراما مسرح آلعبث، نعيشها، يمثلها عُرْجٌ يتراشقون بالقُبَل بصحبة عُمي لا يبصرون إلا غبش سواد في ملهاة مُبكية تراجيدية يتابع عتهها جمهورٌ حاشد من الحمقى والمغفلين .. هذا ما كان .. لا داعي للقلق .. لنستمر في آلبيات في آلحَجْر .. لِمَ لا .. في آلمنع في الحظر في الطوق في التطويق في التسييج فيما شئتم، فأسمج وقائع آلقهر أن تغدو لحظات الحبس الصحي أو الوقائي أو سَمِهِ بما يعن لك من مسميات أزمنة الكبس والضغط، أن تصبح فترات حرجة مزمنة تستغرق معيشك كله أو ما تبقى منه تفرض عليك شروط الاستثناء وشروطا أخرى أكثر جورا وقساوة لا قبل لك بها لم تك مطلقا تخمنها أو تخطر على بالك لتعد لها العدة وتواجه تبعاتها الفجائية .. ألم يجد “توماس” الطبيب في رواية التشيكي”ميلان كونديرا” (كائن لا تحتمل خفته) نفسَه وآخرين في وضعية متغيرة فرضت عليه تحولا إجباريا قاهرا لا يحتمل ثقله؛ فمن جَرًّاح مختص في عمليات الدماغ الى عامل نظافة ينظف يصقل زجاج الأبنية المغشاة بالسخام في دروب براغ ثم الى مُزارع عَرَضي في إحدى قرى الضواحي، ألَمْ يخطر على بال أحدنا أن مهنة ما آستغرقت أكثر من نصف حياته يمكن في لحظة عبور مارقة تمتد بقدرة قادر تُمْسي وَبالا مزمنا دائما، تُمسَخ الى ما لا يمكن أن يحتمل المرء بثقله وخفته معا، فما عسى الواحد يفعل إذْ تتقدم به سنون الأعمار تجبره على آمتهان مهن كيفما تأتي بها الصدف لسد رمق فيه وأفواه مَنْ يعول، هل تُرى فَكَّرنا في هذا الاحتمال الجهنمي الحالك الديستوبي السوداوي القميء، هل أعددنا العدة، هل زودنا ذواتنا بما يكفي من مهارات لتحمل مستجدات القهر، هل نحن على آستعداد لتحمل أكثر مما نطيق .. هل هيّأنا ذواتنا الهشة لمواجهة مثل هذا المستقبل المحتمل ؟
رواية كونديرا صاغت الاحتمال في تجليات جماعية كان إحدى أمثلتها ما عاشته الشخصية الرئيسة ”توماس” الذي تحول مزارعا وجوابَ آفاق في شوارع غرب أوروبا، والسفير التشيكي غدا نادلا في حان ووو … فهل أهَّلْنا أنفسنا بما يكفي من المهارات اليدوية وغير اليدوية من أجل تخفيف ثقل عبء مثل هذه السيناريوهات المشؤومة التي أنبأتنا بها أزمة كورونا وباقي أزمنة الطّوَاعين السابقة واللاحقة ...
الوباء في الأزمنة المعاصرة يتجلى في مظاهر شتى، يتشكل في أكثر من مظهر، لم يعد أوباء القرون الوسطى، لم يعد جائحة كامو في طاعونه، لن يقتصر على أيام معدودات ثم تنقشع سحب السماء .. ثمة أكثر من إشارة ولمحة وإرهاص تومئ بطريقة أو أخرى بضرورة تغيير آستراتيجيات تهييء مستقبل الأجيال اللاحقة، فالمسماة (وظيفة عمومية) في خطر الآن، والتغطية الصحية في مهب الريح، والشقي الملقب ب (التقاعد) تذروه رياح الإنهاك والإعدام من كل حدب وصوب، والضرائب في تصاعد قاهر، والعملات الوطنية تتناقص تتضاءل قدراتها التنافسية، والقدرات الشرائية في إنهاك حاد مستمر، والطبقات المفقرة أمست معدمة والوسطى طُمِستْ معالمها فهي آسم على غير مسمى، ولوبيات الاغتناء تزيد آغتناء، والصراع الطبقي أضحى أسطورة تجسدها كرنفالات فاتح أيار ببكائيات شقية .. بل ثمة خدمات ومهن ستؤول عما قريب إلى زوال أمام آنتهاء صلاحياتها وعدم جدواها في نظام العوالم الافتراضية المتناسلة التي حولت كائنات الأزمنة الخالية الى كينوانات لا لزوم لها .. تجاوزتهم بتقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence
التي لا تكف عن التحديث وتطوير قدراتها الفعالة المعتمدة على أنظمة آلية وروبوتات تحاكي وتقلد بإتقان كبير عمل مهارة ملايييين البشر بشكل لم يترك ولن يدع مجالًا وظيفيا إنسانيا إلا وستودي به .. فعلا، ياااا له من عالم عجييييب ينتظرنا .. فإما أن نكون أو لا نكون .. لا خيار لدينا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة.. اتفاق التهدئة | #غرفة_الأخبار


.. حزب المحافظين في بريطانيا... هزيمة تاريخية تلوح في الأفق| #غ




.. عام 2024 يشهد أكبر مصادرة للأراضي في الضفة منذ اتفاق أوسلو


.. مستوطنون يهاجمون بلدة بقضاء جنين ويشعلون النيران بمركبة




.. محللون إسرائيليون: هزيمة حماس في غزة ليست وشيكة