الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عارف دليلة كل عام وأنت بخير

محمد زكريا السقال

2006 / 10 / 24
حقوق الانسان


أن يمر العيد دون القاء التحية على الدكتور عارف دليلة ، الذي ما زال في المعتقل ولا يتمتع الى الآن بحريته ، شئ غير عادي وغير طبيعي ، مثل كل مناخات الحياة في بلدي سوريا ، فهي غير طبيعية ، وغير منطقية وضرب من العبث والجنون . شئ لايمكن أن يتصوره العقل في امتهان حياة الانسان وبخس قيمته لدرجة اللا قيمة . فالمواطن في بلدي حشرة ... صرصور يمكن هرسه وسحقه من قبل بساطير وجزمات لا ترى فيه فائدة ترجى غير العبودية والاسترقاق . اقطاعية ... مزرعة ... مملكة سمها ما شئت ، أي شئ يعطي هذه السلطة ، سلطة مطلقة ، وعلى الآخرين أن ينحنوا ويسَّبحوا بحمد ونعمة هذا السيد الرئيس... المعصوم ... الحكيم ... مقرر الأرزاق والنعم لمواليه وخدمه وحشمه . عليك كمواطن أن تختار الموقع الملائم والمناسب ، فإما تسبح بحمده وطاعته وإلا فأنت عاص ومارق ، خصصت لأمثالك مدارس لإعادة التربية والتأهيل .
زنازين ... معتقلات ... جلادين ... محققين ومختلف أدوات التعذيب ، ألمانية ... بريطانية ... أمريكية. أضابير ... ملفات ... أرشيف وكل ذلك من أجل أن تفقد إنسانيتك وآدميتك . عندها تصبح مواطنا صالحا - لاتكش ولا تنش - كما يقول العوام في بلدي ، أما أن تسأل عن أحوال البلد ...كيف تصرَّف الأمور وتساس ؟ كيف يهدر الدخل الوطني والاقتصاد ؟ كيف يتغلغل الفساد وينخر جسم الوطن وقوت المواطن ؟ كيف تعقد الصفقات وتخرب المؤسسات ؟ كيف يجابه العدو الذي يحتل ارضنا ويدنسها ؟ بطرحك كل هذه الأسئلة ، إذن أنت مدسوس ... مشكك ... تساهم في تخريب البلد... تتآمر عليه ويجب إعادة تأهيلك .
عارف دليلة ، دكتور الاقتصاد المعروف بعلمه ونزاهته ، هو مواطن عاق بِعُرف النظام ومخابراته وجلاديه . حاول أن لايغيب ضميره بعدما غيبه الكثيرون . لماذا يترك عارف دليلة الى اليوم حبيس السجون السورية ؟ أين هم الأكاديميون الذين يحترمون أنفسهم ؟ أين هم زملاءه وقراءه محاوريه ، أنداده وأضداده ، هل يعقل هذا الصمت حول وضعه ؟
كلهم... تركوه لسجنه ، لم يسألوا عنه وهو في تلك الظلمة وعسف الجلادين . أين هم طلابه الذين تخرجوا على يديه ... جماهيره الذين كانوا يحتشدون في محاضراته ؟ تركوه لمصيره ... المصير الذي ينتظر كل من يريد أن يكون مواطنا في وطن ديدنه وعقده وعرفه ان يكون للجميع ، الجميع سواسية أمام القانون والعدالة .
الدكتور صاحب الكفاءة ، الذي خدم الوطن علماً وفكراً وحاول أن يلتصق بهموم البلد ، في محاربة الفساد فيه وتطوير اقتصاده وتحديث نظامه والارتقاء به لينتج وطنا حراً كريماً ، يستمد كرامته وعنفوانه من كرامة وحرية إنسانه وشعبه . كان يدرك أن محاربة الفساد بقدر ماهي مسؤولية الدولة ذات المؤسسات الشرعية المنتخبة ، هي أيضا مسؤولية وعي المواطن . جدلية الوعي والمسؤولية هي المقدمة الأساسية التي انطلق منها الدكتور عارف دليلة ، هذه المعادلة المفقودة لغاية الآن . لا يمكن أن ندرك مجتمع الحرية والديمقراطية دون وعي انتمائنا لهذا الوطن . ولايمكن لهذا الوعي أن يتحرر ويتبلور وينتج دون الالتزام بقضايا الوطن وبالهم العام . مسؤولية الوعي المنتج ، المتحرر من عقدة الخوف والاستلاب ، وهذه هي تهمة عارف دليلة الذي كان نقيضاً للمعادلة التي فرضها النظام باستبداده وتسلطه . بالقدر الذي يكون فيه الثمن غاليا ومكلفا لحالة الشعور بالانسان المسؤول والمنتج ، بالقدر الذي يكون فيه التحرر من دائرة الحصار والانطلاق لفضاء اوسع وأكثر نقاء .
عارف دليلة اليوم هو أكثر حرية من الكثيرين الذين ينزون في بيوتهم وكل شئ يحاصرهم ... وجوه اطفالهم الجائعة التي لاتعرف الفرح ... شوارع مدينتهم التي تغص بالتلوث الأمني والطبيعي ... بالقانون الطارئ على العرف البشري ... بإسرائيل التي تحتل وتهدد ... بالعيد الذي هرب وترك ورائه زيفا ورواغا ونفاقا ... بالصمت الذي يلف كل هذا القطيع الذي لم يحرك ساكنا ، ولايعرف لماذا يعتقل دكتور جامعي أكاديمي، مواطن صالح اسمه عارف دليلة .
أعذرني أيها الدكتور ، أنا لا أعرفك شخصياً ولم أدرس الاقتصاد على يديك ، لكني كنت أتابع نشاطك ومحاضراتك وأتعلم منك كم هي الحرية غالية الثمن ، لكنها لا تقبل إلا الأحرار.
لك الصحة والعافية والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود


.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة




.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو


.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع




.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس