الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لجنة بيكر...والمسار السياسي العراقي

صباح قدوري

2006 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



في السابع من الشهرالقادم تجري الانتخابات النصفية للكونغرس الامريكي. ويتوقع المراقبون أن يفقد فيها الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش السيطرة على الكونغرس لأسباب أهمها القلق الشعبي العميق بخصوص الملف العراق. وقبل ثلاثة أيام صرح بوش: بانه سيقاوم الضغوط التي تقترن بفترة الانتخابات لاجراء تعديل كبير للاستراتيجية في العراق ،رغم تنامي الشكوك بين الامريكيين بشأن أسلوب ادارة الحرب". وقد أدت حرب العراق( التي لقي فيها 2750 جنديا أمريكيا ومئات الآلاف من العراقيين حتفهم) الى تدني شعبية بوش قبل هذه الانتخابات التي يسعى فيها حزبه الجمهوري الحفاظ على سيطرته في الكونغرس.
ومن مهازل السياسة الامريكية الديماغوجية في العراق والمنطقة ،ان الرئيس بوش يعترف بأن الوضع العراقي «صعب جدا»،رغم انه كان يشدد دائما على صموده وانتصاره في العراق. والجديد والمهم في الامر هو اعترافه بان ما يجري في العراق للامريكيين يشبه ما جرى لهم في فيتنام فقد قال: «ان التشابه بين الحالتين قد يكون صائبا ودقيقا»!!. و في تصريحات الى وكالة «اسوشييتد برس» قال :انه سيستشير القادة العسكريين ليرى إذا كان تغيير التكتيك ضرورياً لوقف العنف المتزايد،رغم تاكيده على عدم سحب قواته من ساحة المعركة والمضي في اكمال المهمة في العراق حتى تحقيق النصر. كما ان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت صرحت في حينه لصحيفة (نيو يورك تايمز ) قائلة: اعتقد ان العراق سيكون في نهاية الأمر واحدة من أسوأ الكوارث في السياسة الخارجية الأمريكية ". أما قائد الجيش البريطاني الجنرال سير ريتشارد دانات، فقد أعترف بان وجود القوات البريطانية في العراق (عددهم 7100 ) مسؤولاً عن اسالة الدماء في الداخل والخارج ونصح بسحبهم "قريبا". وقال البرتو فرنانديز، مدير مكتب شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الأمريكية السبت"حاولنا ان نقوم بالأحسن(في العراق)، لكن اعتقد ان هناك مجالأ كبيرا للأنتقاد الشديد ، لأنه من دون شك كانت هناك غطرسة وكان هناك غباء من الولأيات المتحدة في العراق". واضاف " يجب ان نمارس نوعا من التواضع في موضوع العراق، من دون شك وهناك اعتراف امريكي بذلك، وكانت هناك اخطاء في السياسة الخارجية في العراق".
جيمس بيكر وزيرالخارجية الأسبق، والذي يرأس لجنة (الحالة العراقية) مع الديموقراطي لي هاملتون يصف الوضع في العراق بأنه «كارثي» و يقترح انسحاباً منظماً بدلاً من الانسحاب المفاجئ لحفظ ماء الوجه الامريكي . الاقتراح تحت عنوان «انسحاب واحتواء» اي وضع ترتيبات داخلية عراقية وتفاهم مع دول الجوار (ايران وسوريا) . في الوقت الذي تؤكد وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس: بان ادارة الرئيس جورج بوش لا تعتزم اجراء مراجعة شاملة لاستراتيجيتها، بل تغيرات تكتيكية محتملة في العراق حيث يتزايد العنف الطائفي". ورغم كل هذا فان المؤشرات الميدانية تشيرالى،ان إدارة بوش تسعى الى الخروج من المستنقع العراقي بأقل خسائر ممكنة. ولعل اللجنة الديمقراطية ـ الجمهورية ( تضم أعضــاء بـــارزين من الحزبيــــن الجمهوري والديمقراطي) التي شكلها الكونغرس خير دليل على هذا المأزق العسكري والسياسي. وهدف هذه اللجنة هو انقاذ سمعة الولايات المتحدة وليس سمعة الرئيس بوش الذي أكد انه سيكون مرناً في التعاطي مع توصياتها التي ستقدم بعد فترة وجيزة من اجراء الأنتخابات، حتى لاتؤثر على نتائجها. ومنذ مارس/آذار الماضي فان هذه اللجنة تضع وتناقش مجموعة من الحلول والبدائل بخصوص تغيير المسار السياسي والعسكري في العراق.
خلال الفترة الماضية جرت عدة مقابلات مع جيمس بيكر(رئيس لجنة مجموعة دراسة الحالةالعراقية)، طرح فيها مجموعة من الأفكارحول هذا الموضوع، يكمن تلخصها في المحاور التالية:-

1ـ على الادارة الامريكية فتح الحوار المباشر مع المقاومة العراقية الوطنية ، التي هي ضد الاحتلال واشراكها في الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها بديلأ عن حكومة المالكي، التي تدل كل المؤشرات الى تحول الوضع في ظلها من السيئ الى الكارثي في حالة استمرارها، ومع ذلك تمنح لها فرصة الى نهاية هذا العام وبداية السنة الجديدة . وان مثل هذا الأجراء قد يساعد على عزل هذه الفئات عن مجاميع القاعدة والفصائل الأسلأمية الأرهابية الأخرى،ويعتقد بان معظم قادة هذه المقاومة هم من العناصرالقيادية لحزب البعث المنحل، والتي كانت لها مناصب عالية وبارزة في الجيش العراقي السابق المنحل.

2- في حالة تحقيق النجاح في المسالة الأولى، يمكن ان تباشر الأدارة الأمريكية في الانسحاب التدريجي من العراق تحت عنوان" انسحاب واحتواء" والقيام بانشاء قواعد عسكرية خارج العراق ، بهدف تقديم الدعم الكامل للحكومة الجديدة عسكريا وسياسيا، واعطاء دور لكل من ايران وسوريا وتركيا والاردن لكي تساهم بقسط في عملية تعزيز الأمن والأستقرار في العراق. ايران بحسب هذا التصور تستطيع التأثير في الموقف الشيعي من خلال «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية» . ومن خلال نفوذها لدى حزبي «الدعوة» و «الفضيلة» وتيار مقتدى الصدر. أما سورية فباستطاعتها مرة أخرى بحسب التصور الاميركي منع تسلل المقاتلين عبر حدودها والتأثير في موقف بعض القوى العشائرية والبعثية. وستمارس تركيا تاثيرها على الأكراد،أما الأردن فمن خلأل اعتدال دوره في المسار السياسي العراقي. لكن أحداً لا في هذه اللجنة ولا في خارجها مستعد للبحث في الثمن الذي يمكن ان تطلبه دمشق وطهران مقابل هذه الأدوار والخدمات السخية!

3ـ هناك آراء تدعوا الى تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم على اساس طائفي وعرقي ،الأكراد في الشمال ،الشيعة في الوسط والجنوب، والسنة في الغرب، بغية تفادي اندلأع حرب اهلية في العراق.حيث ان انفراد كل من الأكراد والشيعة في الحكم الحالي، ادت الي فقدان الثقة بها من قبل الشعب العراقي. يوجد في الساحة الأميركية والدولية من يسخر من فكرة تقسيم العراق، ان أصحاب فكرة التقسيم هم بالاساس المحافظون الجدد من الجمهوريين الذين ورطوا الولايات المتحدة في حرب العراق خدمة لاسرائيل، واعتبروا ان التقسيم هدف يخدمها لأنه يمزق دولة عربية اساسية في المعادلة الاستراتيجية العربية - الاسرائيلية، ومن ثم يؤدي الى تقسيم دول مجاورة وتفتيت تدريجي للمنطقة العربية. ويرى هؤلاء ان المصلحة الأميركية النفطية مضمونة أكثر من خلال تقسيم العراق ومحاولة شركات النفط الاميركية السيطرة على منابعه في المنطقة وصولا الى ايران. وهناك رأى آخريقول ان مصلحة الشركات النفطية والشركات العسكرية الكبرى ليست في التقسيم وانما في استمرار الوجود العسكري الأميركي هناك لغايات استراتيجية أمنية كما لغايات مالية. هؤلاء يعتقدون ان ادارة جورج بوش لا تجد التقسيم لمصلحتها لأنه يعطي ايران وتركيا فرص التهام أجزاء من العراق، ولذلك لن تسمح به. ويضيف أصحاب هذا الرأي ان بوش لن يوافق على سحب القوات الأميركية من العراق لأن ذلك يعني فسح المجال لإيران للسيطرة الكاملة على العراق وبالتالي ان ما تحتاجه الولايات المتحدة في هذا المنعطف هو اعتراف جورج بوش بفشل ما سماه مشروعه للديموقراطية والحرية في العراق كنموذج للتغيير في المنطقة. وفي الادارة الامريكية، ربما هناك من يدعو الى إحياء الديكتاتورية أو «الصدامية» في العراق عبر صدام آخر ومن بين شخصيات على نسق صدام ،لغرض الحفاظ على وحدة العراق وعدم تمزقه ،وفي هذا المجال هناك اخبار تتردد عن حوارات ولقاءات بين قادة عسكريين سابقين وبين أطراف امريكية.
وازاء السياسة الأمريكية في العــراق، وما يدورحــول الأنتخابات القادمة، هناك سؤال يطرح نفسه : هل ان بوش سياخذ بنصائح مجموعة دراسة العراق، اذا لحقت بحزبه هزيمة في الانتخابات، ام انه سينفرد في الأستمرار في نهجه السياسي الحالي حيال العراق والمنطقة(الشرق الأوسط الجديد) ؟.أم انه سيأخذ بنصايح الخبير السياسي المخضرم هنري كيسنجرالذي يلتقية في كل مرة عند تواجده في واشنطن ؟ .وكيسنجر (عراب الخارجية الامريكية سابقا ) معروف بنصائحه وتشجيعه للرئيس بوش على استمرارالسياسة الامريكية الحالية في العراق، لأن الأنسحاب سيؤدي الى فشل الولايات المتحدة في المنطقة على غرار ماحصل في فيتنام. وبالتالي فقدان نفوذها وهيبتها في المحافل الدولية ،ولاسيما انها تعتبر نفسها بانها تقود العالم نحو مايسمى بالنظام العالمي الجديد. وان مثل هذا الانسحاب يعتبر انتصارا كبيرا للأرهابيين من القاعدة والحركات الأسلأمية المتطرفة. ولكن حتى تتم الأجابة بشكل واضح على مثل هذه التسؤالات، يبقى الشعب الأمريكي يعيش في ظل الخوف والقلق وأنتصارالمجهول، بسبب فقدان الحماية الأمنية الكافية له من الهجمات الأرهابية المحتملة القادمة ، وكذلك من تفاقم حجم البطالة بسبب نفقات الحرب الباهضة التي تتكبدها امريكا من جراء حروبها في افغانستان والعراق. أما الشعب العراقي فهو الآخر ينتظر المجهول في السياسة الامريكية ، في ظل حكومة ومسيرة سياسية أبرز معالمها ، القتل والدمار والنهب والسلب والفساد والتخلف الأقتصادي والأجتماعي وتفكيك البناء الأنساني للمجتمع العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح