الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لَمَّا تَمُوتُ آلْأُمْنِيَّااااتُ

عبد الله خطوري

2023 / 4 / 21
الادب والفن


ثم إن آلمسماة شهرزادُ رَوَتْ ذات حكاية قالت بلغني أنه كان في زمن ما من أزمان مُحال إنسان نكرة من النكرات بمجال غُفْل من مجالات هذه الدنى الفارغات يُقال له كذا وكذا من أسماء فلان المتعددة لا معنى لها إلا إشارتها الخاطفة لحياة مرت مر خبال هنا هناك أو في أي وبال لا يهم كل شيء في نهاية المطاف زوال غارق في زوااال ...
وهَا إنا هنا هناك هنالك عالقون في مكان لا مكان .. هائمٌ وَجْدُنا خامدٌ جَأشُنا تَلِفٌ مُصَفَّدٌ حُلْمُنا في زاوية ما نكرات كنا مازلنا نبحث كمخبولين عن لُحَيْظة ما شاردة يتخلخلُ فيها آلزمن لا يتقدمُ لا يتراجعُ لا يثبتُ في مكان ...
وآكتشفنا بعد حين من آلأعمار أن ما كنا نخاله وقتا فائضا عن آلحاجة نُضيعه كما آتفق في مقارعة ألعاب آلطفولة في آلساحات آلمتربة لاهين نُنقز نتسابق نناور شبَقَ فراشات بلهاء تصدق دموعَنا المتوسلة تستسلم لرغباتنا آلمُلِحة في أنْ نغدوَ قبل الرجولة رجالا بذكورة لا تحده حدود وفحولة لا تقيدها قيود .. متحمسين كنا نتعارك في قاعات آلخَيَالَة آلمعتمَة نتراشق بآلسباب زاعقين بأقذع آللعنات آلمفتعلة يحتج صِبانا في وجه صباه في قفاه لِمَ لا يكبر آلملعون بآلسرعة آلمرغوبة لا يبالي يظل تالفا في منعرجات زمن مطاط ثقيل عالق بين ثنايا أصابع أزمنة شاردة لا يتحرك إذا تحرك إلا لتذوب صهارتُه في حركة معجنة لازبة أو سَكَنات مضاعفة مسلوبة تستفز صبرَنا النافذ، نرشف تفاصيل آلعادة آللامحدودة معتقدين أن ما سيأتي سيخلصنا من أسْر طفولتنا ويجود بالجِدّي من الأوقات نغمس في قطافها آلناضجة أرواحنا تمتاح أخيرا من متع الحياة دون حسيب دون رقيب دون تهديد دون وعد أو وعيد .. فإذا بنا ..آه.. هوووف .. بقايا من زبد زُلال شفيف حبيس آلنَّفَسِ فَقَدَ طلاوته يبحث في أسف عن ملجإ ليس يَجُودُ، تطوق شهقاتِه أمواجٌ عاتية وأجاج وصخور جرداء وسُدودُ .. نغرق جميعنا في دوامة دواليب طاحونة عملاقة تَحُومُ على نفسها بلا فائدة يجرها ثور أهوكُ يجتر بتثاقل قميء أهون اللحظات .. هادي هي الدنيا تلكمُ هي آلحياة ..؟!.. سنون تعاد ودهر يعيد ..!؟.. (١) أتساءل الآن .. واشْ حْنَا هوما حْنَا واش هَدَا ما كان..؟؟.. (٢)

وفي صباح آلعيد آلأخير، لم يُوَقِّعْ لحنا، لم يترنم آلسيدُ سِينُ، ذاك المجهول ذاك المعلوم فينا، لم يَشْدُ كما كان مقررا أو منتظرا أو مرتقبا، لم يبتسم لم يضحك لم يتحرك لم يحرك حركة لم ينبس أنا موجود إذًا أنا هنا لم يتململ، فقط ظل في مكانه يتأمل في كل ما حصل أمسِ يحصل الآن سيحصل غدا، وتساءل ببلادة .. لِمَ يقع كل هذا..؟؟.. ولَمّا أعيا ذاك آلثاوي فينا الجواب، قرر أن يَلوذ إلى إغفاءة مبتسرة، فأبصر نفسه طائرا مجنحا يحلق كمخبول فويق صخرة سكة حديد (٣) يغتال ما شاء من الزايات المنبطحات على وجوههن المنتظرات ما لا يجيئ أبدا.بآسم وَهْمِ الحب أقعيْن في حسرة وأيديهن على رؤوسهن يقتاتهن الغيظ صباح مساء؛ومثل صاحبه (٤) المعتوه بَدَتْ له الفكرة سلسبيلا يسهل آمتطاؤه، فآمتطاه سابحا في الأجواء بلا رقيب، ثم راح يبصر نفسه قاتلا يتعمد آغتيال كل أجداده التعيسين، وآنتهى في اللارجوع.لقد فعلها أخيرا، ولم يقل .. صبرا جميلا .. ولم ينبس .. ما بأيدينا خلقنا تعساء .. بل آستلقى على ظهره، أراح رأسه على ذراعيه وطفق ينظر إلى الدماء تنهار راقصة من مسام تجاعيد صفاصفة عجوز لونُ أوراقها أخضرُ أدهمُ قاتم، فلم يبصر إلاّ نفسه؛ وعلى حين غرة، انبرت آبتسامة من بين شفتيه ..آه.. إنه يضحك أخيرا .. ربما هو الربيع إذن أو مجرد هلوسة من هلاوس أكاذيب نيسان أو .. لا يهم .. سيُجرب ألحياة كَرّة أخرى .. ثم دون تردد شرع يترنم بلازمة واحدة يمررها لسانه في عمق حَنجرته حتى أغمي عليه .. عيد سعيـد .. تَبـًّا..!!..
كنتُ غريرا مثلك يا آبنَ طفيل، أيها الجاحظ آلمعتوه، يا توحيدي المتوحد في وحدته، كنتُ مفرط السذاجة وبثقة مضحكة لما تمنيتُ في صغري العيش مع كينونات الأدغال كآبن يقظان وماوكلي وطرزان، تبا.. لقد تحققت آلأمنية، لكن مع مخلوقات من نيون ونحاس تمشي على رجليْن وتفكر برأس بلا رأس ..
ينبحُ آلكلبُ طويلا في آلصباح من أجل لقمة عيش بعد تقاعده من حراسة عوالم هاديس الأنام (٤) .. في آلمساء كمُخَلَّع (٥) لا عائل يعوله يعوي من أجل فوهة مثلجة في عمق بُركان ينوس في فراغ يمور .. وما بين مساء وصباح، ينام في حِضن حَمَلٍ وديع يُعزيه لَمَّا تَمُوتُ آلْأُمْنِيَّااااتُ ...

☆إشارات :
١_ قصيدة (هلال) لأحمد شوقي:
سُنونٌ تُعادُ وَدَهرٌ يُعيد
لَعَمرُكَ ما في اللَيالي جَديد
أَضاءَ لِآدَمَ هَذا الهِلالُ
فَكَيفَ تَقولُ الهِلالُ الوَليد
نَعُدُّ عَلَيهِ الزَمانَ القَريبَ
وَيُحصي عَلَينا الزَمانَ البَعيد
عَلى صَفحَتَيهِ حَديثُ القُرى
وَأَيّامُ عادٍ وَدُنيا ثَمود
وَطيبَةُ آهِلَةٌ بِالمُلوكِ
وَطيبَةُ مُقفِرَةٌ بِالصَعيد
يَزولُ بِبَعضِ سَناهُ الصَفا
وَيَفنى بِبَعضِ سَناهُ الحَديد
وَمِن عَجَبٍ وَهوَ جَدُّ اللَيالي
يُبيدُ اللَيالِيَ فيما يُبيد
يَقولونَ يا عامُ قَد عُدتَ لي
فَيالَيتَ شِعري بِماذا تَعود
لَقَد كُنتَ لي أَمسِ ما لَم أُرِد
فَهَل أَنتَ لي اليَومَ ما لا أُريد
وَمَن صابَرَ الدَهرَ صَبري لَهُ
شَكا في الثَلاثينَ شَكوى لَبيد
ظَمِئتُ وَمِثلي بَرِيٍّ أَحَقُّ
كَأَنّي حُسَينٌ وَدَهري يَزيد
تَغابَيتُ حَتّى صَحِبتُ الجَهولَ
وَدارَيتُ حَتّى صحبتُ الحَسود

_أحمد شوقي

_(٢)من أغنية لفرقة(ناس الغيوان):
وُشُوفْ الدّْنْيَا هَكْذا دَايْزَة
وُبْنَادْمْ كِيفْ المِيزَانْ
طَالْعْ مَرَّة هَابْط
يِعُوفْ الجَرْيَة لِيّامْ فـَايْزَة
وُالعَالَمْ يْدِيرْ مَارَاد . . .
حُكْمُه شَامَلْ شَرْفـَة وُمْرَابَط
شُوفْ عَزَّةْ بْنَادْمْ حَايْزَة
الشّقـَا وُالهْجْرَانْ سْعْدْ بْنـَادْمْ فِيهُمْ رَابْط
وُشُوفْ الفَرْحَة امْضَوْيَة عَلْ لُوْطـَانْ
وُالنّاسْ زَاهْيَة فـَرْحَانَة
غِيرْ لَطـْيَارْ فْ لِيلْهَا سَهْرَانَة
بَاكْيَة بَنْوَاحْ وُلْدَا تُو لَحْزَانْ
يَا زِينِي هَكْذَا مَا كَانْ
وَاشْ احْنَــا هُمَا احْنا
أَقـْلْبـِــــي وْلاَ مُحــَـــالْ
وَاشْ الدّنْيـَــــا هَكْـــــذَا
أقلبـِـــــي وْلاَ مُحـَـــــالْ

_(٣)مخبول سكة الحديد..إشارة الى بائع الجرائد في فيلم"سكة الحديد"ليوسف شاهين...
_(٣)صاحبه..إشارة إلى ما فعلته الشخصية الرئيسة في رواية "الرحلة" حيث قتل أحد أجداده عندما سافر إلى الماضي،ولم يستطع إثر ذلك العودة إلى حاضره لأنه ببساطة لم يعد موجودا...
_(٤) إشارة الى جعل الأساطير الإغريقية الكلب حارسا للعالم السفلي وأشهر هذه الكلاب على الإطلاق الكلب "سربروس" صاحب ثلاثة رؤوس، الذي يقوم بحماية بوابة العالم السفلي، ولقد وظفه الشعراء المحدثون رمزا للشر في قصائدهم، لعل قصيدة( سربروس في بابل)للسياب أشهرها ...
(٥)_إشارة إلى ذئب معلقة آمرئ القيس:
وواد كجوف العير قطعتُه
به الذئب يعوي كالخليع المُعيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غوغل تضيف اللغة الأمازيغية لخدمة الترجمة


.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي




.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا


.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR




.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-