الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الروح ضد ثروة القتل (1)

عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)

2023 / 4 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في الربع الاول من العام 2023 وبرمشة عين واحدة او اقل كانت الهزات الارضية تقتل عشرات الاف البشر وتصيب وتشرد الملايين وتضع كل من تركيا وسوريا ولم يعد احد عدوا لاحد فقد جاءت اليونان الى تركيا لتقديم المساعدة وفتحت تركيا بواباتها نحو دمشق لمن برغب بتقديم المساعدة ايضا وصار التعاون في مواجهة اهوال الطبيعة هو الاساس وتوقف فورا كل الاشتعال الذي كان على الحدود المشتركة وقبل الزلزال هذا كان زلزال المرض الاقسى منذ قرون وهو زلزال كورونا الذي منع التجول في معظم انحاء العالم واوقف كل شيء تقريبا وقد بلغ عدد الوفيات حتى مطلع نيسان 2023 ما يقارب 7 ملايين انسان واكثر من ثلاثة ارباع المليار من الاصابات وحسب دراسة اعدتها جامعة سيدني في الشهور الاولى لظهور الجائحة فان 147 مليون شخص فقدوا وظائفهم حول العالم وانخفض مستوى الاستهلاك العالمي حوالي 3,8 تريليون دولار.
قد يأتي الينا متحذلق ليقول ان هذا قضاء الله وقدرة ومع خالص اعتذاري لعلماء الدين والفقه فان الله الذي نعرف لا يصنع الشر وان الهة الشر هي من صناعة التخلف واصحاب المصلحة ومن المنطق القول ان التخلف لم يعد له وجود مع عالم المعرفة والتطور الحضاري والثورة المعرفية التي طالت العالم بل ووحدته بعد ان اصبحت المعرفة متاحة للجميع بلا حدود عبر الثورة الرقمية التي اختصرت العالم الى شاشة صغيرة يقل حجمها عن حجم راحة اليد صحيح ان الهزات الارضية والبراكين هي نتاج حركة الطبيعة لكن نتائجها الكارثية هي من صنع الفاسدين والمجرمين وتجار الشر على الارض والا لما كانت الحكومة التركية قد اعتقلت مئات المقاولين الذين اقاموا تلك المباني التي سقطت على رؤوس اصحابها بسبب الغش.
اليوم صار بإمكان العلماء ان يتوقعوا الاماكن المعرضة للكوارث الطبيعية اكثر من غيرها وبالتالي فان اختيار الاماكن التي تقام عليها المناطق السكنية الاكثر امانا بات ممكنا الى حد بعيد ولم تم نقل مدينة كاملة من مكانها الى مكان اكثر امانا لكانت التكلفة اقل بكثير من تلك الخسائر الكبيرة في المال والارواح.
يقول العلماء ان الزلازل والبراكين مفيدة للكرة الارضية ويعددون تلك الفوائد " الزلازل تساعد الجيولوجيين في الحصول على استنتاجات حول نوع المواد التي تمر بها الاهتزازات وبالتالي معرفة طبقات المياه الجوفية، ورواسب النفط والغاز الطبيعي وغيرها من الموارد الهامة بناءً على المعلومات التي يحصلون عليها من الزلازل كما تساعد الزلازل في تشكيل تضاريس الأرض المختلف " اما البراكين فان فوائدها كثير ومنها
" - الأراضي المحيطة بالبراكين تمتاز بخصوبة التربة بسبب المعادن الموجودة في الحمم البركانية
- الحفاظ على توازن الأرض واستقرارها نتيجة خروج الضغط الزائد
- تفجر الينابيع العلاجية الحارة الغنية بالكبريت
- تكوين الماس... فالماس يتكون من الكربون ونتيجة الضغط والحرارة ينتج الماس وقد وجد أن مناجم الماس توجد داخل الجبال البركانية... " وهو ما يعني ان بالإمكان الاستفادة من البراكين والزلازل اكثر بكثير من اخطارها لو ان العالم انشغل في حربه مع الطبيعة لا في حربه على ناسه وبينهم
اولئك الذين اخترعوا القتال والاقتتال ليس فقط للحرب بل ولرفع وتيرة الرغبة بالعنف حتى اخترعوا انواعا عديدة للعنف خارج الحروب فاخترعوا المصارعة بين الديكة والثيران والبشر ويجلس الجميع وعلى راسهم الطغاة من الحكام يراقبون الدم والقتل ويصفقون بل ويراهنون على من سيفوز ويحصل الفائز على الجوائز والشهرة والاعجاب والاطراء مع انه في واقع الامر ليس اكثر من قاتل بذيء قتل بدم بارد انسانا اخر ليحصل على مال ورضى السادة الساديون حتى النخاع.
في كل الحروب والصراعات هناك طرفان كل منهم اعد العدة اللازمة للموت والقتل عبر تبرير ذلك نظريا وكلا الطرفين له بطل وشهيد فالمقتول عند قومه شهيد والقاتل عند قومه بطل لكن جائزة الشهادة بمعناها الديني لم تمنح ابدا لقاتل بل منحت لدى الطرفين للمقتول وعادة ما يعبر الطرفان عن شهدائهم بانهم ذاهبون الى الجنة وقتلى الاخرين الى النار مع ان الامر في كلتا الحالتين مرهون بإرادة الله لدى الطرفين.
هو الله نفسه الذي يعبده جميع البشر لكنهم يحاولون امتلاكه كل الى نفسه وحتى في الاديان الواحدة فقد صنعوا لأنفسهم خلافات باسم الله واقتتلوا على هذه الخلافات وفي الطوائف الواحدة ايضا وجدوا لأنفسهم ما يبرر اقتتالهم ففي السودان يقتتل اليوم المسلمين السنة بالنار وحتى في الايام الاكثر قداسة لديهم وهي العشر الاواخر من رمضان ويوم العيد " عيد الفطر المبارك " ويتوسط كل الغرباء بينهم علنا بينما يذكون نار الفتنة سرا فالسودان الاضعف هو ما يريد الطامعين بثروات البلد جميعها ومصلحتهم تقتضي وجود سودان بلا سودانيين ليسهل نهب ثرواتهم ووجود اقتتال بينهم ليسهل بيعهم السلاح مقابل خيرات بلادهم.
على صفحتي على الفيس بوك سالت سؤالا واحدا بعنوان فزورة وقلت فيه " اقتتل اثنان ... طعن احدهما الاخر بسكين فمات ... اعتقل القاتل وصدرت اداة الجريمة ... من المستفيد " المقتول قطعا خسر بموته واهله والقاتل خسر بسجنه او اعدامه وظلت جهة واحدة سعيدة وهو صانع السكين وبائعها لانهم سيبيعون سكينا جديدة لذبح جديد وكلما زاد الذبح زاد بيع السكاكين والامر ينطبق على صانع الرصاص وادوات القتل والموت بكل اشكالها ولذا ترتبط صناعة الموت بصناعة النهب والسرقة للثروات فالدول التي تصنع السلاح هي الدول التي تسرق ثروات الدول المقتتلة والى ان يفهم البشر سيظل الموت وصانعي هذه الارض








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل