الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره...

محمد حمد

2023 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


بعض دول اوروبا الشرقية، بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا وبلغاريا، هاجت وماجت واعترضت بشدة على عملية استيراد حبوب اوكرانيا ومنتجاتها الزراعية التي غزت اسواقهم. وتسبّبت بخسائر مالية كبيرة للمزارعين المحليين واحدثت خللاً في الاسعار وقلقاً كبيرا خصوصا لدى الناس البسطاء من ذوي الدخل المحدود. وبلغ السيل الزبى لدى هؤلاء الناس. فبدأت ترتفع بشكل متزايد ، في مراكز القرار والحكم، عدة اصوات شريفة ومؤثرة ومن اكثر من طرف، مطالبة بوضع حد لهذا الغزو "الزراعي" من قبل اوكرانيا المدلّلة. والتي صارت تحلب البقرة الاوروبية بشكل يومي. ودون مراعاة لمصالح شعوب تلك الدول.
وبالنتيجة قامت بولندا وهنغاريا وبلغاريا وسلوفاكيا بمنع استيراد الحبوب والمنتجات الزراعية والغذائية الأخرى من اوكرانيا. ويقال ان بولندا قدّمت مقترحا الى الاتحاد الاوروبي لتوسيع الحظر على الاستيراد من اوكرانيا ليشمل ليس فقط الحبوب ولكن ايضا المنتجات الغذائية الاخرى بما في ذلك الدواجن والسكر والفواكه...الخ.
أن "دلال" اوكرانيا على دول أوروبا الشرقية، وهو دلال مفروض عليهم، لا يمكن أن يستمر الى ما لا نهاية. لان اقتصاد تلك الدول يعاني أصلا من ازمات وان اوضاعها السياسية قلقة وقابلة للانفجار في اية لحظة.
نحن في العراق عانينا، وما زلنا نعاني من الغزو الإقتصادي لجارة السوء إيران. وبفضل ميليشيات واحزاب "عراقية" بالاسم تابعة لها تحوّل العراق الى سوق بلا ضوابط لكل ما تنتجه إيران. بما في ذلك البضائع غير الصالحة للاستهلاك البشري. او المنتهية الصلاحية. مما نسبّب في اغراق السوق العراقية ببضائع لم يكن العراق بحاجة إليها ابدا. وكان بالامكان توفرها محليا لو توفرت الارادة الصادقة والاخلاص الوطني. فصرنا نستورد، وبملايين الدولارات، أصنافا مختلفة من الخضر والاعشاب. مثل الكرفس والثوم والبصل وما شابه. وكثيرة هي المناسبات التي راينا فيها المزارعين العراقيين وهم يرمون على الارض محاصيلهم التي كلفتهم شهور وشهور من الجهد والوقت والمال. وبما ان المافيات التي تعمل ضد مصالح بلدانها، سواء في اوكرانيا او في العراق، فإن الاقتصاد الوطني يكون والحالة هذه عرضة للأزمات والتردي. وبنعكس ذلك في النهاية على حياة المواطنين الأكثر عرضة لتقلبات السوق.
واذا كان بعض الساسة في دول أوروبا الشرقية رفعوا اصواتهم ضد غزو اوكرانيا الزراعي لبلدانهم وفرضوا حظرا "مؤفتا" ما صرحوا للحد من استفحال المشكلة ودرء مخاطرها على المجتمع. في المقابل، نجد ساسة العراق يعملون كل شيء من أجل إرضاء إيران. بدليل أنهم، بعد الغزو والاحتلال الأمريكي الايرانيةللعراق، قاموا بتخريب وبشكل منظّم ومقصود، قطاعي الزراعة والصناعة العراقية خدمة لاسيادهم من ذوي العمائم المجوسية ذات الاوزان الثقيلة...على المعدة !
ان النفاق الاوروبي بلغ عنان السماء في موضوع الحبوب وما حدث من ضجة عالمية حول مشكلة المجاعة في الدول الفقيرة والنامية. كان مجرد عملية ذر الرماد في عيون المغفّلين. وبعد ان تمّ الاتفاق بين روسيا واوكرانيا والامم المتحدة تبيّن لاحقا ان الدول المحتاجة فعلا الى تلك الحبوب والأسمدة مثل دول افريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا، لم تحصل الا على النزر اليسير من فحوى ذلك الاتفاق. بل طبّق منه الجانب الذي يخص اوكرانيا المدللة. والنتيجة التي نراها الآن وبدأت تطفو على السطح بشكل واضح جدا وفاضح هي: اغراق اسواق بعض الدول الاوروبية بالحبوب والمنتجات الزراعية الاوكرانية. على حساب ملايين البشر في دول افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية. مع العلم ان دول أوروبا لم تكن بحاجة ماسّة او تعتمد كليّا على منتجات اوكرانيا الزراعية. وهنا اتضّح جليا حجم النفاق والاكاذيب والزيف الذي تمارسه دول الاتحاد الاوروبي المتحضرة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟