الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير سلوك الدول العظمى إتجاه بعضها البعض و الدول الصغيرة، الدول العظمى مجبولة على العدوان، ما مواصفات الدولة المهيمنة؟

محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)

2023 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


"إن الحقيقة المرة هي ان السياسة الدولية كانت دوماً ميداناً قاسياً و خطراً، و من المرجح أن تظل كذلك. فرغم التقلبات في كثافة التنافس بين القوى العظمى، لا تزال إحدى هذه القوى تخشى الاخرى و تتنافس دوماً فيما بينها على القوة و لا يزال الهدف الأهم لكل دولة هو ان تزيد نصيبها من القوة العالمية، ما يعني ان تكتسب القوة على حساب الدول الأخرى، على ان القوى العظمى لا تسعى أن تكون القوة العظمى الاقوى و حسب. و إن كانت تلك نتيجة مرضية بل يمثل الهدف النهائي لكل منها في ان تصبح الدولة المهيمنة، أي القوة العظمى الوحيدة في النظام.
و لا يضم النظام الدولي قوى من نوع قوى الوضع الراهن، اللهم الدولة المهيمنة الحالية التي تسعى الى الحفاظ على مكانتها المهيمنة على المنافسين المحتملين. فالقوى العظمى لا ترضى أبداً عن التوزيع الحالي للقوة، و يسيطر عليها دائماً دافع الى تغييره لصالحها. فدائماً ما تكون نواياها تعديلية، و تستخدم القوة لتعديل توازن القوة، إذا رأت أنها تستطيع فعل ذلك بثمن معقول، ففي بعض الاحيان تكون تكاليف و مخاطر محاولة تغيير توازن القوة كبيرة جداً لدرجة تُجبر القوى العظمى على الإنتظار و تحين الظروف المواتية. لكن الرغبة في زيادة القوة لا تزول، إلا إذا حققت الدولة الهدف النهائي، و هي الهيمنة. و حيث أنه من غير المرجح أن تحقق أي دولة الهيمنة العالمية، فإن قدر العالم هو التنافس الدائم بين القوى العالمية.
يعني ذلك السعي الدؤوب وراء القوة، إن القوى العظمى تنزع الى البحث عن فرص لتغيير توزيع القوى العالمي لصالحها، و انها تغتنم هذه الفرص إذا توفرت لها القدرات اللازمة. معنى ذلك ببساطة ان القوى العظمى مجبولة على العدوان. بل ان القوى العظمى لا تسعى الى أكتساب القوة على حساب الدول الأخرى و حسب، و إنما تحاول أيضاً أن تحبط المنافسين العازمين على إكتساب القوة على حسابها. و لذلك تدافع القوى العظمى عن توازن القوة عندما يلوح في الأفق تغيير لصالح دولة أخرى، و تحاول أن تقوض ذلك التوازن عندما يكون إتجاه التغيير في صالحها.
ما يريد تمريره هنا كاتب الكتاب في هذه الجزئية، و هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو الأمريكية جون ميرشايمر، أن العالم شاسع و كبير و يستحيل على أي قوة من القوى العظمى السيطرة عليه عبر البحار الممتدة، الكاتب يطرح فكرة الهيمنة و يرى بأن الهيمنة هي "هيمنة إقليمية" بما أنه إستحالة على قوة عظمى أن تهيمن على النظام ككل، من بين الدول العظمى العديدة في النظام هنالك قوة وحيدة تٌعتبر قوة مهيمنة، وهذه القوة هي الولايات المتحدة الأمريكية بطبيعة الحال.
الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة التي تهيمن على أمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية (كفناء خلفي)، لا تسمح الولايات المتحدة لقوة أخرى في أي إقليم آخر من العالم بمناكفتها على هذا الجزء من العالم. تعمل الولايات المتحدة على دعم توازن القوى في الإقليم الواحد كي تقوض بروز قوة مهيمنة في ذلك الإقليم، و هذا يفسر لنا تحركات الولايات المتحدة إتجاه اليابان و الهند لكبح جماح الصين. يبرز السؤال هنا، ما الضير في أن توجد قوة مهيمنة في إقليم طالما هذه القوة بعيدة عن الإقليم الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة؟. الجواب حسب تعبير جون ميرشايمر هو، حالما تتمكن قوة من الهيمنة على الإقليم الذي تنتمي إليه سيكون لديها فائض من القوة للقدوم و العبث في حديقتك الخلفية (أمريكا الجنوبية) ، يقول جون ميرشايمر:ـ أننا محظوظون في كوننا نعيش في الولايات المتحدة حيث توجد كندا في الشمال و و المكسيك في الجنوب و السمك في الشرق و السمك في الغرب.
لماذا تتصرف القوى العظمى بهذه الطريقة؟ جوابي هو ان بنية النظام الدولي تجبر الدول التي تريد الامن وحسب على ان تتصرف إحداها بطريقة عدوانية إتجاه الأخرى. و هناك ثلاث خصائص للنظام الدولي تجتمع معاً لتدفع إحدى الدول للخوف من الأخرى: (1) عدم وجود سلطة مركزية أعلى من الدول تستطيع أن تحمي كلاً منها من الدول الأخرى، (2) أمتلاك الدول الدائم لقدرات عسكرية هجومية، (3) عدم إمكانية تثبت إحدى الدول من نوايا الأخرى. ولذلك تدرك الدول ، نظراً لأنها لاتستطيع أن تتخلص من هذا الخوف، أن قوتها كلما أزدادت نسبة الى منافسيها، تحسنت فرص بقائها. و أفضل ضمان للبقاء هو أن تصبح الدولة قوة مهيمنة، إذ لا يمكن لدولة أخرى أن تشكل تهديداً جدياً لمثل هذه القوة الهائلة.
و مع ان أحداً لم يستهدف هذا الموقف او يسعى عمداً إليه، فإنه موقف مأساوي. فمع ان القوى العظمى التي تهتم ببقائها و حسب لا تجد مبرراً بأن تحارب إحداها الأخرى، فلا مفر لها من السعي وراء القوة و محاولة السيطرة على الدول الاخرى في النظام. و قد عبر رجل الدولة البروسي أوتو فون بسمارك عن هذه المعضلة في تعليق صريح الى درجة موجعة في اوائل العقد السابع من القرن التاسع عشر حين بدا أن بولندا التي لم تكن دولة مستقلة في ذلك الحين قد تستعيد سيادتها، حيث قال "إن عودة مملكة بولندا بأي شكل يعني ظهور حليف لأي عدو يقرر أن يهاجمنا" ، ولذلك دعا لأن تقوم بروسيا بسحق أولئلك البولنديين حتى يفقدوا الأمل و يموتوا . و رغم انني متعاطف مع موقفهم فلا مفر لنا من إبادتهم ، إذا أردنا البقاء."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال