الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبراهيم

مختار سعد شحاته

2023 / 4 / 24
الادب والفن


لي قريب اسمه إبراهيم، كلما صنعوا في الدار لهم إلهًا من العجوة، واشتباه النخوة، أكله ثم نام، فصعد فوق سطوح البيت، وأمسك ديك أمه الرومي، وقال: إني أرى في منامي أني أذبحك...
وأوزع لحمك على فقراء الحي، هؤلاء الذين لا يحبون صوت "علي الحجار" أبدًا، ولا يمارسون العادة السرية مثل خالد النبوي في دور رام المهاجر...
وعلى الدوام يتركون أحلامهم في واد غير ذي زرع، عند زاوية الإمام في جانب البلدة الشرقية التي يحلو للناس أن يسموها بيت الله، حتى ولو فعلوا في ظلّه وستره الحرام، تظل الزاوية في عين الناس بيت الله...
إبراهيم، لم يطمح يومًا أن يكون نبيًا كالخليل، ولا تمنى أن يأتي من صلبه يومًا نبيٌ -حين تزعق السيارات على اللحوم المجمدة، والكبدة، والمومبار، والخضار، وجمبري الجامبو- يهدي العساكر إلى الثكنات لعلهم يرجعون...
لإبراهيم ولدان؛ الأول: اختار له اسمًا بسيطًا كأسماء الفقراء المعتادة، إلى الدرجة التي جعلت الناس تقسم إنه ناداه يومًا محمدًا، ويومًا أحمدًا، ويومًا جابرًا، ويومًا سعيدًا، وأسماء أخرى ككل أسماء الرجال في الحيّ، وحين عاتبوه كيف ينسى اسم ابنه البكري؟! قال: الفقراء كلهم عيالُ الله رماديون في الحياة، لا فرق بين اسم واسم، ما داموا سواسية أمام اللجان، والكراتين التي حملت مرةً رسم الهلال الذي حرفوه ليكون ثغرًا يبتسم...
في النهاية نادى إبراهيمُ ابنه إسحاق، واستراح من هم اختلاط البقر...
وأما ابنه الآخر، حين حملته "الدايةُ" بين يديها، وأقسمت إن الوليد يكلمُ الناسَ، وإنه مبروكٌ كمعجزةٍ لم ترَ القريةُ كلها مثله، فسجد شكرًا لله السميع العليم، الذي استجاب الدعاء، ونادى ابنه "حمامة"، ووهبه لمقام الإمام الولي في الزاوية التي صارت بيت الله، فخُدام الزوايا في الوصايا رجالٌ بِيضُ...
من يومها نبت للولد جناحان، وصار للناس آية حين مات صغيرًا، وأقسموا إن جسد "حمامة" طار، لكن إبراهيم المكلوم بعدها، لمحوه في شوارع القرية، وفي البرية القريبة، يصرخ في البيوت، وفي الشجر، والطير المهاجر: شُبّه لهم!! شُبّه لهم!!
إبراهيمُ الذي كلم الماء، ووزع الحلوى في عيد الفطر على الأطفال دون أن يخاف الشهر الفضيل في العشر الأواخر، كلما يضبطه الناس يجامع جنّية المقابر في وضح النهار، فيغضبون ويصرخون: يا صاحب الكفّارة المغلظة!! يا مخبول!! يجيبُ: يا ربُّ قومي لا يعلمون...
- يا قومي، إنكم لن تستطيعوا معيّ صبرًا، هذا فراقٌ بيني وبينكم...
الآن، غاب إبراهيم عن الحيّ، لم يُشاهد في موسم تزاوج الأسماك، ولا عاد مع الطيور المهاجرة، ولا وقف في الطوابير بعدها أبدًا، لكن الذي يؤمنُ به الناسُ، أنّ إبراهيم قريبي، صار خليلاً....
للساهرينَ،
ومن صلبه سيجيء نبيٌ يحملُ في يمينه هاتفًا رقميًا ذكيًا في خلفيته سرّ طعم القضمة الأولى من التفاح وبلا نقشة لفتح قفل الشاشة، وفي يُسراه يحملُ كودًا رقميًا صالحًا للمكالمات المجانية في أيام شوال "الستةِ البيض"، وكول تون مجانيًا بهجة العيد...
لإبراهيم قبرّ غير معروف، ورغم ذلك يقولُ كل الناس إنه مدفون في قبر عائلتهم سرًا، لكن الإفصاح عن المعلومات في قريتنا لا يجوز!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال


.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان




.. -مقابلة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ-.. بداية مشوار الفنان المغ