الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك الدولة العلوية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


" بينما كنت بصدد معالجة هذه الدراسة ، وبتعليمات مدير البوليس السياسي الجلاد Le tortionnaire et le bourreau ، والمريض Psychopathe ، المدعو عبداللطيف الحموشي ، وبتعليمات رئيسه المباشر صديق ومستشار الملك المدعو فؤاد الهمة ، شرع البوليس السياسي في إطفاء شاشة الحاسوب ، وتم قطع الكونكسيون / الانترنيت في الحال عن منزلي ، مما سأضطر معه للخروج الى Cyber لإرسالها " .
الفصل الأول : تفكيك وتحليل الدولة العلوية .
الحديث عن الدولة العلوية ، هو حديث ذو شجون ، لأنه مجرد فقط النطق بالتسمية " الدولة العلوية " ، حتى نجد انفسنا امام دولة من نوع وشكل آخر ، ليس كبقية الدول التي استفاض في شرحها القانون الدستوري والأنظمة السياسية ، وتعمق فيها اكثر علم السياسة ، والعلوم السياسية ، وعلم الاجتماع السياسي ، لأنه يستحيل الالمام بالدولة في المغرب ، فقط بالاستناد الى القانون الدولي ، من دون الرجوع للبحث في اصل الدولة التي عمرت لما يزيد عن 350 سنة ، ولا تزال مستمرة ، دون ان تنجح حركة من الحركات المناوئة والرافضة لها في اسقاطها . فحتى الجيش الذي قام بانقلابات لتغيير وجه الدولة لصالح النظام الجمهوري ، فشل في اسقاطها بسبب خصوصيتها الفريدة ، وبسبب الطقوس المتبعة بدعوى الخصوصية ، وبسبب التمسك بالتقاليد المرعية التي تؤثث لأصل الحكم الثيوقراطي ، حتى نصل الى معرفة سبب فشل جميع محاولات اسقاطها ، وانها وبفضل الترسانة التي تستند اليها ، واغلبها الطقوس والتقاليد المرعية ، هي من اسقطت خصومها ، وجعلتهم يركعون لها ، كما تملي ذلك المراسيم ، والثرات الذي يشكل قوتها الضاربة ، ويجعلها تتميز بالمنطقة ، وبالعالم عن غيرها من الأنظمة السياسية الموجودة ..
ان نظام الدولة العلوية ، يحيلنا الى ارث الامبراطوريات التي عرفها المغرب في تاريخه ، من حيث وجود فقط الحاكم ، والحاشية التي تخدمه ، ولا تخدم الرعايا التي يبقى وضعها مجرد رعية لم ترتقي يوما الى مرتبة مواطن ، فبالأحرى ان تصبح شعبا ، لان القول بكلمة الشعب ، هو قول بنوع الدولة المعنية بالخطاب . أي هل نحن امام دولة ديمقراطية تستند في قراراتها الى صوت الشعب الذي يعبر عنه من خلال الاقتراعات والانتخابات ، المتمسك بحقوقه ، والمحترم لواجباته ، ام اننا امام دولة استبدادية طاغية ، تختزل الحكم في شخص الحاكم ، ليصبح هو الدولة لوحده ودون غيره .
واذا كانت الدولة العلوية قد تجنبت اطلاق وصف الإمبراطورية على دولتها ، فإنها ابتكرت وصفا اخرا جعل الخلط في الفهم عند الحديث عن طبيعة الدولة العلوية ، سيد التجسيد لدولة أصبحت تسمى بالسلطنة المخزنية ، والحاكم فيها كالحاكم الامبراطوري ، يسمى بلقب السلطان الجالس وحده على كرسي السلطنة ، الذي يعاونه رهط من الحاشية التي تتقن فن الدس ، لإعلاء شأن أو لانزال شأن ، فيما يتعلق بالحاشية التي ترتب كل ما يريده السلطان ويبتغيه .. اما خارج نظام السلطان والحاشية التي تحيطه ، فالباقي هم مجرد رعايا في خدمة السلطان وخدمة حاشيته ، التي تعيش من دون حقوق ، تخضع فقط للواجبات التي هي تأدية الضرائب المختلفة ، وتحضير الغلّة للسلطان ممثل الله في الأرض . فثورة القبائل البربرية ضد السلطنة العلوية التي كانت تتركز في فاس ، كان بسبب الرفض لنظام السلطنة الذي يركز العبودية بأشكالها المختلفة ، وكان طموحا لبناء النظام الجمهوري الذي جسدته في الريف الجمهورية الريفية الانفصالية ، وعملت على أساسه القبائل البربرية بالأطلس المتوسط وبالأطلس الكبير ، قبل مجيء نظام الحماية بطلب من السلطان عبدالحفيظ ، لحفظ عرشه ، والدفاع عنه من ثورات جمهورية لا تختلف في شيء عن الجمهورية الريفية ، التي لا تزال مطلبا ريفيا أباً عن جد ، ودون التنازل او التفريط في هذه الاختيار والبناء السياسي الذي يرفض الدولة السلطانية ..
طبعا وبما ان نظام المخزن معروف بتغير الآليات فقط ، الآليات والوسائل ، والاحتفاظ والتمسك بالجوهر ، وبمضمون السلطنة ، فانه لم يكتفي فقط بتغيير اسم الإمبراطورية الى سلطنة ، بل وفي وقت لاحق ، سيتم تغيير اسم السلطنة الى اسم الملكية ، وتغيير اسم السلطان الى ملك ، يحتفظ بكل نفود وقوة السلطة الاحتكارية للدولة السلطانية التي تغيرت في الشكل ، لكنها ظلت تحافظ على الجوهر الذي هو الخلط بين الدين ، وبين القانون الوضعي في حكم الدولة الجديدة ، التي لم تعد تحمل تسمية السلطنة والسلطان فيها سمي بالملك . ان هذه الميكيافيلية هي من جعلت معظم مؤرخي البلاط ، ومعظم المستفيدين من نعم القصر ، يصفون الحسن الثاني بباني الدولة العصرية التي دخلت التاريخ من بابه الواسع ، بالجمع بين الاصالة التي تعني المشروعية الدينية في الحكم ، وتعني في نفس الوقت الدولة العصرية على رأسها ملك عصري عندما كانت تخاطب الغرب .
ان النظام الذي بناه الحسن الثاني في خضم الصراع الدولي للسيطرة على العالم ، أعطاه شرعية مزدوجة ، شرعية دينية في علاقاته مع الرعايا وليس مع الشعب ، واساسها عقد البيعة الغير مكتوب ، والتحجج بنظام الإمارة والإمامة التي كانت تمثل الدولة السلطانية في غلافها الأكثر استبدادا وطغيانا ، ومن جهة توظيف عنوان النظام الملكي والملك عند التخاطب مع الغرب ، الذي رغم انه كان يعرف اصل الحكم ، وخاصة فرنسا والولايات المتحدة الامريكية ، فكان يفضل التعامل مع نظام بطريركي ، رعوي ، كمبرادوري ، ثيوقراطي ، مفترس ، وموال للغرب في الحرب الباردة الدائرة ، على ان يتعامل مع نظام موال للكتلة ( الاشتراكية ) التي كانت تخيفه قبل بزوغ الإسلام السياسي الفاشي الذي اخلط معيار وصف الأصدقاء ووصف الأعداء .
فالنظام الملكي الذي بناه الحسن الثاني ، بدعوى العصرنة ، ظل يحافظ من حيث الجوهر والمضمون ، على طبيعة الدولة السلطانية القديمة التي تختزل الحكم فقط في شخص السلطان ، والحاشية التي تخدمه ، والرعايا الذين كانوا على شكل عبيد دورهم السمع والطاعة ، لا الاستفسار وطرح السؤال .. فما الفرق بين الدولة السلطانية في حلتها القديمة ، والدولة السلطانية الجديدة باسم الملكية التي هندس لها الحسن الثاني ؟ . لا شيء . لان الجاري به العمل في ملكية الحسن الثاني يتمركز في شخصه لا غير . انا الدولة ، الدولة انا .. وهو نفسه النمط سرى مع محمد السادس الذي استأثر لوحده بالحكم ، والبقايا من وزراء وبرلمانيين ، وضعه القانوني كان يجسدهم كموظفين سامية بإدارة الملك ، يوظفون في تنزيل برنامجه الذي هو برنامج الملك الشخصي ، وليس ببرنامج الرعايا الغافلة ، التي تعيش يومها لغدها ، دون تغيير يكون قد مس وضعها الاجتماعي ، او الاقتصادي ، او حتى القانوني .. وعندما نقول بنظام الرعية ، فالراعي ، الامام ، والامير غير ملزم باستشارة الرعية ، ولو في القضايا الاستراتيجية التي تحكم وتهم مصير المغرب ، ومصير المغاربة . فالرعايا لا كلمة لهم في نظام كهذا ، فهم ملزمون بالطاعة ، والولاء ، والتصفيق ، والمباركة ، لأن الإمام ، والأمير ، والراعي ، مفوض عنهم بمقتضى عقد البيعة الغير مكتوب ، في التصرف باسمهم ومن دون الرجوع اليهم ، لانهم لا يساوون شيئا في نظام يكره حقوق الانسان ، ويكره الديمقراطية التي وحدها ستحد من جشعه ، ومن افتراسه لثروة المغاربة المفقرين ..
وحتى نفهم ونتعرف كثيرا عن نوع الدولة السائدة في المغرب ، سواء في شكل دولة سلطانية قديمة ، او في شكل دولة سلطانية حديثة ، أخدت وصف ، ونعت ، وتسمية الملكية ، التي تجمع بين متناقضين أساسيين لا يلتقيان أبداً ، وهما الاصالة والعاصرة ، يجب طرح السؤال الذي تم طرحه مرارا من قبل مُتلقّين مختلفين ، دون ان يملكوا ولا تملكوا الجرأة على النطق باسم الحاكم لوحده دون غيره . وبما ان الانتخابات هي انتخابات الملك لا انتخابات الرعايا ، والبرلمان هو برلمان الملك ، وبما ان الحكومة هي حكومته لا حكومة غيره ، وانّ الوزراء والبرلمانيين هم مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، ففوز أي حزب بالانتخابات التي هي انتخابات الملك ، يجعله خادما لأبواب القصر الملكي ، وظيفته هو تنزيل برنامج الملك للتطبيق ، حتى وانه لم يشترك في الانتخابات ، ولا صوت عليه الناخبون الذين صوتوا على برامج حزبية اختفت بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات .. وهنا . بما ان الجميع ومن دون استثناء يهرولون ويتسابقون لخدمة الملك ، ويتسابقون لكي يصبحوا موظفين سامين بمختلف اداراته ، فقد تطور ابداع النظام عند اجراء الانتخابات ، رغم انها ملكية ، في اختيار النظام الملكي ، الحزب او الأحزاب التي سيحصل لها شرف تنزيل برنامج الملك . وهنا . وبما ان الساحة السياسية أصبحت فارغة من المعارضة البرجوازية التي سادت طيلة ، الستينات ، والسبعينات ، والثمانينات من القرن الماضي ، وهي المعارضة البرلمانية ، لأنها كانت تشارك في الانتخابات في ظل دستور الملك الممنوح والغير الديمقراطي ، بحيث تحول الجميع الى مخزني سلطاني .. ، فان القصر الملكي الذي تفنن في اختيار المنفذين من نفس الأصل ، لانهم كلهم ملكيون بسبب مصالحهم الضيقة ، اصبح هو من يشترط بعد المواصفات للقبول بالحزب او بالأحزاب التي ستنزل برنامج الملك للتطبيق .. وهنا اذا كان التزوير في عهد الحسن الثاني ، يكون ضد أحزاب المعارضة البرجوازية ، وهي المعارضة البرلمانية ، ولصالح أحزاب وزارة الداخلية وأحزاب القصر ، فان افول واندثار هذه الأحزاب من الساحة في عهد محمد السادس ، جعلت مسطرة التزوير تعف بعض التغيير ، أي ان التزوير في عهد محمد السادس ، لم يعد الهدف منه المساس بالأحزاب البرجوازية ، المعارضة البرلمانية ، بل اصبح يشمل كل الأحزاب ومن دون استثناء . أي ان القصر هو من يختار الأحزاب التي ستنفد برنامجه ، والأحزاب التي ستلعب دور المعارضة البرلمانية للأحزاب المشكلة للحكومة الملكية .
والسؤال . لماذا لم يؤد اكثر من خمسين سنة من النضال البرجوازي ، الى تقليص تلك الظاهرة التزوير ، بل بالعكس هي لم تزدد الا تعمقا وترسخا ؟
ان القول بان مرد ذلك الى محنة الديمقراطية في بلادنا ، والى كون الجماهير الشعبية ، وأحزاب البرجوازية المعارضة ، لم تتمكن بعد من نقل الصراع من مواقع دفاعية صرفة الى مواقع هجوم ، ومن ثم فرض الديمقراطية على الخصم .. هو قول غير مقنع ، وتفسير غير كاف لظاهرة بهذا الحجم ، وهذا العمق . فهذا معناه ، ان المسألة ليست سياسية صرفة يمكن معالجتها في النطاق السياسي نفسه . انها تتعدى مجال السلطة السياسية ، ومجال نظام الحكم ، الى ما هو اكثر عمقا . فالمسألة في جوهرها هي مسألة طبيعة الدولة داخل البنية المجتمعية القائمة . إذ قبل ان نتحدث عن طبيعة نظام سياسي معين .. هل هو ديمقراطي ، ام دكتاتوري ، ام طاغية استبدادي أ او فاشي .. أي قبل ان نتحدث في السياسة " الخالصة " ، يجب مسبقا معرفة ما اذا كان الاطار السياسي الأصلي – الدولة – هو نفسه موجودا وجودا سياسيا . اذ لا سياسة بدون دولة سياسية . فالدولة السياسية معطى اول ، بينما النظام السياسي معطى ثان .
الأولى حقيقة اجتماعية جوهرية وثابتة ، خاصة في المجتمعات الطبقية والشبه طبقية ، والثاني ظاهرة سياسية متغيرة قد تتقمص هذا الشكل او ذاك .
اذن ماهي طبيعة الدولة المغربية ؟
هنا سنحاول تحليل وتفكيك موقع الدولة في البنية المجتمعية المغربية ، واستشفاف القانون الموضوعي الذي يضبط حركة التوازنات السياسية داخل المجتمع .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر