الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك الدولة العلوية ( 2 )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الفصل الثاني : الدولة والمجتمع .
هل الدولة المغربية دولة سياسية ؟.
تكون دولة ما دولة سياسية ، بقدر ما يكون المجتمع سياسيا . ويصبح المجتمع سياسيا ، حينما يكون قادرا على ضبط انقساماته وصراعاته ، داخل مؤسسة عليا موحدة ، تسمى جهاز الدولة .
ان الدولة بهذا المعنى وفي الوقت نفسه فوق المجتمع .. في صلب المجتمع ، وفي الوقت نفسه فوق المجتمع ..
في صلب المجتمع ، لأنها لا تمثل اطاراً تتمكن من خلاله التناقضات والمصالح ، من التعبير بشكل او باخر عن ذاتها ، وعن هويتها الخاصة . وفوق المجتمع ، لأنها تمثل أداة توحيد ، يتمكن المجتمع بواسطتها من تجاوز تناقضاته ، وانقساماته ، وصراعاته في المصلحة العليا العامة .
خلاصة القول . ان الدولة السياسية ، هي القادرة على حل التناقض بين الدولة والمجتمع ، في اطار وحدة عفوية ، تمكن من احتواء المصالح الاجتماعية الخاصة ، من اجل تجاوزها نحو المصلحة العليا العامة للشعب والأمة .
وحينما تتكسر تلك الوحدة العضوية ، او تكون غائبة أصلا ، يصبح الانفصال بين الدولة والمجتمع ، انفصالا تاما ، وتتحول بالتالي طبيعة الدولة من دولة سياسية الى دولة لا سياسية ، من دولة تحكم علاقاتها بالمجتمع اعتبارات ومعايير سياسية صرفة ، الى دولة تحددها اعتبارات ومعايير دون السياسية ، أي من مؤسسة اجتماعية عامة ، ومركزية ، ووطنية ، وقومية ، الى مؤسسة خاصة .. الى دولة طائفية او قبلية او أسدوية ( اسد ) .
الدولة السياسية اذن تشكل لحظة متقدمة من التبلور الطبقي ، والنضج المجتمعي ، والاندماج الوطني / القومي .
من هنا يبدو ان الدولة السياسية ، هي حصيلة اجماع عام ، ووفاق وطني / قومي ، يتوصل اليهما المجتمع عبر تناقضاته ، وانقساماته ، وصراعاته . فبهذا المعنى ، الدولة السياسية ليست هي الدولة الدستورية ، حتى وانْ كانت تستوعب حقيقتها الجوهرية لا الشكلية .
ان مفهوم الدولة السياسية ، اعمق واشمل من مفهوم الدولة الدستورية ، لان الأساس في الأولى هو الاجماع العام ، والوفاق المجتمعي القائمان على علاقة سياسية صرفة وفعلية ، تضبط الدولة بالمجتمع ، ولو ان تلك العلاقة في بعض الأحيان ، لا تحددها نصوص دستورية ديمقراطية .
اما الثانية ، فقد تكون دستوريتها زائفة وشكلية ، لان الدولة اللاّسياسية نفسها ، قد تلجأ الى النظام الدستوري لحماية مصالها الخاصة .. مصالح الطائفة ، او القبيلة ، او الاسرة على حساب مصالح المجتمع ككل .
وإذن . فبما ان الدولة ليست هي النظام السياسي ، وان الدولة السياسية ليست هي الدولة الدستورية .. فبالتالي فان الطريق المؤدي الى بناء الدولة السياسية ، التي هي بالضرورة قومية ، وقوية ، وحديثة ، قد يكون طريقا ديمقراطيا طوعيا يعتمد المشاركة الحرة للمواطنين ، وقد يكون طريقا فوقيا مركزيا . اما الذي يرجح هذا الطريق او ذاك ، فليست هي الرغبات الذاتية للقوى الاجتماعية الفاعلة داخل المجتمع ، ولكنها في نهاية المطاف ، شروط المجتمع المادية والثقافية ، وشروط العصر التاريخية المحيطة .
ان معظم تجارب التاريخ الحديث ، تؤكد على ان اغلب الدول السياسية التاريخية ، قد تم بناءه بطريقة فوقية مركزية : فرنسا الحديثة قامت في الأصل على اكتاف الدولة البونابارتية Bonaparte ، وألمانيا الحديثة تم بناءها على اكتاف البسماركية Bismarck ، واليابان الحديثة قامت على اكتاف الدولة " الميجية " ، وروسيا الحديثة قامت على اكتاف الدولة الستالينية . كما ان العديد من البلدان التي تتقدم اليوم جديا في بناء الدولة السياسية تسلك نفس الطريق .
في العالم العربي ، ان الذي أدى الى اختناق التجربة الناصرية ، ليس هو كون الدولة الناصرية كانت دولة فوقية مركزية ، بل لان أيديولوجيتها لم ترتق الى مستوى أيديولوجية عصرها الأكثر تقدما .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر